issue16703

تترقَّب األســواق ما سيسفر عنه املؤتمر السنوي للبنك 24 حتى 22 الفيدرالي األميركي، الـذي سيعقد في الفترة من أغسطس (آب)، في منتجع جاكسون هول بوالية وايومينغ. ويــشــارك فــي هـــذا امللتقى عـلـى مــا جـــرت الــعــادة قـــادة البنوك املركزية الرئيسية ونخبة من متخذي القرار واالقتصاديني، لـــتـــبـــادل اآلراء فـــي شــكــل نــــــدوات يـنـظـمـهـا الــبــنــك الــفــيــدرالــي لكانساس سيتي، حـول السياسات االقتصادية واملتغيرات املختلفة املحلية والعاملية التي تؤثر فيها وتتأثر بها. وتحظَى التصريحات املرتقبة لرئيس مجلس االحتياطي الفيدرالي جيروم بـاول عن توجهات السياسة النقدية باهتمام خاص بـعـدمـا شـهـدتـه الــبــورصــات الـعـاملـيـة، بـعـد االجــتــمــاع األخـيـر للفيدرالي األميركي، من تقلبات حادة. ومـــــع تـــنـــوع املــــوضــــوعــــات الـــفـــرعـــيـــة الـــتـــي سـيـتـنـاولـهـا املـــلـــتـــقـــى، فـــإنَّـــهـــا ســـتـــركـــز فــــي مـجـمـلـهـا عـــلـــى «إعــــــــادة تـقـيـيـم فاعلية وتأثير السياسة النقدية»، واملتوقع أن كلمة جيروم بـاول ستستعرض خريطة طريق أسعار الفائدة، مع حرص في انتقاء الكلمات التي لن ترصدها فقط أســواق املــال، لكن املتنافسان على مقعد البيت األبيض، كاماال هاريس ودونالد ترمب، مع اقـتـراب انتخابات الرئاسة األميركية في نوفمبر (تشرين الثاني). وتتوقع األسواق أن يكون الخفض بني ربع إلـى نصف نقطة مئوية في اجتماع سبتمبر (أيـلـول) املقبل، وتتبع ذلك تخفيضات أخرى خالل االجتماعات املقبلة حتى في املائة مع 4.75 نهاية العام املقبل، ليصل سعر الفائدة إلى في املائة 3.75 في املائة و 3.5 نهاية هذا العام ثم تتراوح بني .2025 في نهاية عام ولكل من املرشحني آمــال متعارضة فيما سيكون عليه قـــرار البنك الـفـيـدرالـي مـن حيث خفض أسـعـار الـفـائـدة. فمن الطبيعي أن تـأمـل هــاريــس أال يستمر الـبـنـك الـفـيـدرالـي في تـأخّــره فـي خفض أسـعـار الـفـائـدة، مـع ازديـــاد التخوفات من دخـــول االقـتـصـاد فــي حـالـة مــن الـــركـــود. بينما أفـصـح ترمب من قبل عن أمله في أن يصاب االقتصاد األميركي بصدمة، ذلـك لكي تتعلق به أصــوات الناخبني غير محسومة التوجه بعد، كمنقذ لالقتصاد بسابق أداء جيد في دفعه لالنتعاش . ولـكـن ال يملك املرشحان 2020 فـي فـتـرة حكمه املنتهية فـي شيئًا من أمر السياسة النقدية إال األمـل في أن تسهم قـرارات الفيدرالي، الذي يتمتع باستقالل سياسي، في تعزيز فرصهم االنتخابية. وقد رصد االقتصادي األميركي، بول كروجمان، الحائز جـائـزة نـوبـل، مـواقـف املـرشـحـ للرئاسة مـن حيث استقالل البنك املركزي. إذ عقبت هاريس على اقتراح ترمب بأن تكون للرئيس املنتخب سلطة في قــرارات أسعار الفائدة، بالرفض القاطع ملقترحه مؤكدة أن الفيدرالي جهة مستقلة، وأنَّها لن تتدخل مطلقًا في أي قرار يتخذه؛ وهي بهذا تعبّر عن الرأي السياسي املستقر. وقـــد شــرحــت أهـــــداف اســتــقــ ل الـبـنـك املـــركـــزي، وآلــيــات تحقيقها تفصيال فـي مـقـال سـابـق نشرته صحيفة «الـشـرق األوسـط» الغراء في شهر يونيو (حزيران) من العام املاضي؛ أكـــدت فـيـه أنـــه ال يـوجـد خـــ ف يـذكـر حـــول ضــــرورة استقالل البنك املركزي في وظيفته املتعلقة بالرقابة املالية الحصيفة على البنوك، وتحقيق االستقرار املالي، ولكن الخالف يظهر فيما يتعلق بهدف السيطرة على معدالت التضخم، وإذا ما كان من الواجب أن تترك إدارة السياسة النقدية للبنك املركزي وحده. واملــدافــعــون عـن اسـتـقـ ل الـبـنـوك املـركـزيـة يستشهدون بمؤشرات لالستقالل، مثل الصالحيات القانونية املمنوحة للبنك املركزي في تحديد أهدافه واستخدام أدواته، وحوكمته وسلطة تعيني محافظه ومجلسه، والشروط الواجب توافرها فيهم وفترات املجلس، والجهة املسؤول أمامها البنك املركزي ويقدم لها تقاريره. واالسـتـقـ ل فـي املـقـام األول هـو حماية للبنك املـركـزي، والـــجـــهـــاز املــصــرفــي مـــن ورائـــــه واملــــودعــــ واملــقــتــرضــ ، من التدخل السياسي في قــرارات فنية بطبيعتها، وعـدم تغليب األهـــــــــداف الـــســـيـــاســـيـــة قـــصـــيـــرة األجــــــل عـــلـــى هـــدفـــي تـحـقـيـق االســتــقــرار الـنـقـدي واالســتــقــرار املــالــي، وعـــدم مـنـح الحكومة رخصة لالقتراض التلقائي دون ضوابط. ويـبـقـى الـتـطـبـيـق الـعـمـلـي لـلـصـ حـيـات الــواســعــة التي يتمتع بها البنك املـركـزي محل اختبار مستمر للتحقق من جدارته بها. وقد تعرضت السلطات النقدية في بلدان متقدمة ملشكالت حادة في قدرتها على توجيه سياساتها بني البدائل املتاحة، بما عرض مصداقيتها للتساؤل، خصوصًا مع تأخر بعضها في اتخاذ قرار رفع الفائدة حني كان الرفع واجبًا فلم تحتو الضغوط التضخمية مبكرًا، كما تأخرت مرة أخرى في الخروج من حالة التقييد النقدي إلـى التيسير فيه بما هدد االقتصادات بالدخول في حالة ركود. جدَّد هذا الدعوة ملراجعة قواعد الحوكمة والصالحيات املمنوحة للبنوك املركزية - كسلطات مستقلة غير منتخبة - وحاجتها لضوابط، منها ما جاء في اقتراح االقتصادي بول تكر، نائب محافظ بنك إنجلترا السابق، عن تفعيل حصيف ملبادئ التفويض، ووضع فريق من املفوضني األكفاء ملتابعة قيام البنوك املركزية بواجباتها. ويشيد ستيفان غيرالتش، صاحب الخبرة العملية في السلطتني النقديتني في هونغ كونغ وآيرلندا، باألداء املتميز للسلطة النقدية فـي سنغافورة التي حافظت على متوسط فــي املــائــة سـنـويـ مـنـذ اعـتـمـاد إطــار 2 مـعـدل تضخم بـمـقـدار السياسة النقدية في مطلع الثمانينات. ورغم أن أربعة وزراء من الحكومة ممثلون في مجلس السلطة النقدية مع وجود ضمانات، أكدتها املمارسة الكفؤة، بعدم تدخل الحكومة في السيطرة على السياسة النقدية. إذن، فـــاالســـتـــقـــ ل الــشــكــلــي لـلـبـنـك املــــركــــزي أو املـظـهـر القانوني لالستقالل يـتـضـاءالن أهمية باملقارنة باملمارسة في تمكني البنك املركزي من القيام بعمله، وتحديده ألدوات السياسة النقدية دون تدخل، مع املساندة السياسية لتحقيق هدف السيطرة على التضخم بتنسيق محكم مع السياسات الـعـامـة. ولننتظر مـا ســوف تسفر عنه مناقشات «جاكسون هـــــول»؛ فـهـي سـتـتـجـاوز فـيـمـا سـتـسـفـر عـنـه حــــدود املنتجع الجبلي واالقتصاد األميركي. دائمًا ما يقال إن الشيطان في التفاصيل، ويبدو أن شيطان تفاصيل هـدنـة غــزة أعـقـد مما توقعت «حـمـاس» والـــوســـطـــاء، حـيـث ال اتـــفـــاق، أو بــــوادر اتــفــاق حـتـى كتابة املقال، بل إن ما صدر من تصريحات من شأنه تعقيد األمور أكثر. أعلن نتنياهو أن إسرائيل «لن تنسحب تحت أي ظرف مـن الــظــروف مـن مـمـري نتساريم وفيالدلفيا، على الرغم مـن الـضـغـوط الهائلة الـتـي تـمـارس عليها للقيام بـذلـك»، مضيفًا، حـسـب صحيفة «جــيــروزالــيــم بــوســت»، أن «هــذه أصول استراتيجية، عسكرية وسياسية». وقـــال نتنياهو: «لـسـت متأكدًا مـن أنــه سيكون هناك اتفاق». أيضًا قال الرئيس األميركي جو بايدن إن التسوية «مــــا زالـــــت مـــطـــروحـــة، لــكــن ال يـمـكـن الـتـكـهـن بــــأي شــــيء»، مضيفًا: «إسرائيل تقول إن بإمكانها التوصل إلى نتيجة... (حماس) تتراجع اآلن». وبـــالـــطـــبـــع ردَّت «حــــــمــــــاس»: «تـــابـــعـــنـــا بـــاســـتـــغـــراب واستهجان شـديـدَيـن التصريحات الــصــادرة عـن الرئيس األمــيــركــي جــو بـــايـــدن... هــي ادعـــــاءات مـضـلّــلـة (ونــعــدّهــا) ضــــــوءًا أخــــضــــر أمـــيـــركـــيـــ مــــتــــجــــدّدًا، لـــحـــكـــومـــة املــتــطــرفــ الصهاينة، الرتكاب مزيد من الجرائم بحق املدنيني العزّل». وعـلـيـه، فـهـل مــن اســتــغــراب مـمـا يــحــدث اآلن؟ األكـيـد ال. وقـد يقول البعض إن هـذه قد تكون إرهـاصـات ما قبل الوصول التفاق، وقد يكون ذلك، لكن الواضح أن نتنياهو ال يـــرى أي مصلحة بــالــوصــول التــفــاق اآلن، تـحـديـدًا قبل االنتخابات الرئاسية األميركية. فــ ضـغـوط حقيقية عـلـى نتنياهو اآلن إال مــن قبل أسر املحتجزين اإلسرائيليني في الداخل اإلسرائيلي، عدا ذلك فإن كل الضغوط هي على «حماس»، وباقي الفصائل، وقبلها إيران و«حزب الله». فال مصلحة لنتنياهو اآلن، مثالً، برفع الضغط عن إيران «املخنوقة» بحبل «الرد»، على اغتيال إسماعيل هنية في طهران، بل من مصلحة نتنياهو أن ترد إيران، وحينها لــن يـكـون بـوسـع الـرئـيـس بــايــدن إدانــــة نتنياهو انـتـصـارًا لطهران، وبهذا التوقيت االنتخابي. ولــذلــك وجـــد الــرئــيــس بــايــدن أنـــه مــن األســهــل انـتـقـاد «حـــمـــاس» اآلن، واتـهـامـهـا بــــ«الـــتـــراجـــع»، بــــدال مــن انـتـقـاد إســـرائـــيـــل أو نــتــنــيــاهــو، حــيــث لــيــس لــــ«حـــمـــاس» أنــصــار حـقـيـقـيـون ومـــؤثـــرون بــاملــوســم االنــتــخــابــي، وعــلــى عكس إسرائيل، وهذه ما يعيه نتنياهو جيدًا. ومــــن هــنــا فــلــيــس مـــن مـصـلـحـة نـتـنـيـاهـو تــقــديــم أي تـنـازالت، أو هـدن، اآلن، وهـو املسيطر على األرض، بينما دُمّرت غزة، ولم يتبق بها إال خنادق يقبع بها عدوه اللدود يحيى الــســنــوار، وكـلـمـا طـــال أمـــد الــحــرب والـحـصـار كلما خسرت «حماس» أوراق تفاوض أكثر. وبالنسبة لــ«حـزب الـلـه» فـ مصلحة اآلن لنتنياهو بــإبــرام اتــفــاق هـدنـة قــد تنجر عـلـى لـبـنـان وهـــو يستهدف قيادات الحزب الواحد تلو اآلخر، وبوتيرة متسارعة، حيث ال يمر يوم بدون اغتيال، أو ضربات جوية. وفـــوق هــذا وذاك، ال مصلحة لنتنياهو إلبـــرام اتفاق اآلن يلزمه بالخوض فـي تفاصيل الـيـوم التالي فـي غـزة، وهو ما يتطلب أثمانًا من تنازالت، وتسويات، واألكيد أن نتنياهو يريد إبرام هكذا صفقة مع الساكن الجديد للبيت األبيض، وليس الرئيس املغادر. هـــــذا هــــو شـــيـــطـــان تـــفـــاصـــيـــل غــــــزة، وعـــلـــى مــــن يــريــد االنتصار على هـذا الشيطان أن يأتي بخطة «شيطانية» تحرج نتنياهو، وليس شعارات. شـــهـــيـــرة كـــانـــت عــــبــــارة هــيــغــل حــــ ملـح نـــابـــولـــيـــون عـــلـــى حـــصـــانـــه فــــي مـــديـــنـــة يـيـنـا . فاإلمبراطور الفرنسي بدا 1806 األملانيّة عام للفيلسوف األملــانــي مـحـتـ ينقل إلــى أملانيا ) كــمــا أطـلـقـتْــهـا Zeitgeist( » «روح الـــعـــصـــر الـــثـــورة الـفـرنـسـيّــة. هــكــذا رســـم هـيـغـل صـــورة رأى أنّـــهـــا تـنـقـل مـــا اعــتــبــره عـــصـــارة الـتـاريـخ لــحــظــتــذاك: «الــــــروح الــعــاملــيّــة [تــجــلــس] على صهوة حصان». وإذا جــــاز ألهــــل املـــشـــرق الـــعـــربـــي الــيــوم أن يــرســمــوا صــــورة تـنـقـل عـــصـــارة تـاريـخـهـم وواقعهم قالوا: «إنّنا نرى الروح العامليّة قابعة فـــي نـــفـــق». فــإســرائــيــل وحــلــفــاؤهــا الـغـربـيّــون يـــســـيـــطـــرون عـــلـــى ســـطـــح األرض حـــيـــث قــــوّة الجيش النظامي وطاقته الـنـاريّــة مـا يحسم املعارك. وهم يسيطرون أيضًا على الجو حيث الكلمة الفصل لسالح الجوّ، وكذلك على البحر حيث اليد العليا للبوارج وحامالت الطائرات. وألن عنف هـؤالء كبير واستعدادهم اإلبــادي جــاهــز، لــم يـبـق إال الـهـبـوط إلـــى الـنـفـق، طلبًا للحماية من جهة، ومـن جهة ثانية، لتوجيه ضربات مُباغتة بني وقت وآخر. والحال أنّه بعد الحرب على غزّة، ولجوء قــادة «حـمـاس» إلـى األنـفـاق، صـار النفق أحد النُصُب الدالّة إلى الحياة املعاصرة في غزّة. وأصــــ ً، كــان مـمّــا يُــعـ على ذلــك أن التدمير اإلسرائيليّ، بتوحّشه املعهود، لم يترك على األرض أشياء كثيرة يُعاش تحت أسقفها أو في شوارعها. بـــيـــد أن خـــــوض الـــــصـــــراع، انـــطـــ قـــ مـن األنــفــاق، يـنـم عـن معضلة يتضاعف حجمها لـــــدى مــقــارنــتــهــا بـــــاألهـــــداف املـــضـــخّـــمـــة الــتــي يعلنها ساكنو األنــفــاق. فـاالضـطـرار املفهوم إلى االختباء، بعد التعرّض للطرد من األرض والـجـو والـبـحـر، يجعل الحديث عـن انتصار أمــــرًا صـعـبـ . فـمـن األنـــفـــاق يـمـكـن، فـــي أحـسـن األحول، الفوز بالسالمة الشخصيّة، أمّا إتيان االنــتــصــارات فـشـيء آخـــر. وإلـــى هـــذا، فـــإن من يقبع في النفق ال يرى الشمس، والشمس هنا ترمز إلى أشياء كثيرة تشمل العالَم ومساراته وتحوّالته. وهكذا، حني ال يحدث شيء «تحت الــشــمــس» يـــكـــون الـــكـــون فـــي جـــمـــود وتـــوقّـــف، وهذا مستحيل، أو يكون الناظر في غفلة عمّا يتعدّاه، وهذا ممكن. وإلـى تلك املعاني البائسة يضيف طول الــبــقــاء فـــي الــنــفـق بــؤســ أعـــظـــم، كــمــا يضيف قلقًا يــعــزّزه أمــــران: أن استراتيجيّة بنيامني نــتــانــيــاهــو املـــجـــرمـــة هـــي تــعــريــفــ إطـــالـــة أمــد الحرب، وأن عمر األنفاق املديد هو عمر قصير للبشر، خصوصًا أن ما من مالجئ تُبنى لهم فتقيهم أهـــوال الـجـنـود واملـقـاتـلـ . وفــي آخر املطاف فــإن ملجأ املـدنـي مضاد لنفق املقاتل مثلما نفق املقاتل مضاد مللجأ املدنيّ. وكان األدب واألسطورة قد أسبغا دالالت غــيــر مـــحـــمـــودة عــلــى مَــــن يـقـيـم فـــي الــنــفــق ثــم يطلع منه فيبدو طالعًا من زمن سحيق أغبر. وفيما يقال اليوم إن تقرير مصائر الشعوب سيأتي من تحت األرض، ال يملك واحدنا إال أن يتذكّر لوحة تعاونت األسطورة والخرافة على رسمها، مفادها أن الشياطني والجن من تحت األرض تأتي. ولــئــن لــم يـكـن جــديــدًا بــنــاء «حــــزب الـلـه» لــأنــفــاق، فــــإن افــتــخــاره بـهـا جــديــد، إذ يعلن «الــحــزب» االنـتـسـاب إلــى النفق بوصفه مثال أعــلــى، جــاعــ الـنـفـق أحـــد الـنُــصُــب الـــدالّــة إلـى الـــحـــيـــاة املـــعـــاصـــرة فـــي لـــبـــنـــان، وربّــــمــــا بـاقـي املشرق أيضًا. وهنا يُراد قلب املعنى، تسويقًا للسلعة الـكـئـيـبـة، بحيث يـغـدو الـنـفـق مكانًا ،»4 شــــامــــ ً، غـــنـــيّـــ ومـــضـــيـــئـــ . فــعــبــر «عــــمــــاد تـلـتـقـي املــيــثــولــوجــيــا بــالــتــقــنــيّــات الــبــصــريّــة الــحــديــثــة، مـثـلـمـا يـلـتـقـي الـتـهـديـد بـالـتـرفـيـه، واألعمال الخارقة للمقاتلني األشدّاء باألعمال الــتــي تـسـلّــي األطـــفـــال وتــخــصّــب مُــخـيّــ تـهـم. ومـن املؤكّد احتفاظ الطبيعة بمكان مركزيّ. »4 فالفيديو الـــذي اسـتـعـرض مُــنـشـأة «عـمـاد الواقعة «فـي باطن الجبال اللبنانيّة»، حمل عــنــوان «جـبـالـنـا خـزائـنـنـا». وأوّل مــا يُــ حَــظ انـــبـــعـــاث األدبــــيّــــات الـرومـنـطـيـقـيّــة الـلـبـنـانـيّــة القديمة عن «جبالنا» و»تفتيت الصخر». غير أن املُنتَج الجديد يوقف الفولكلور اللبناني على قدميه بعدما وقف طويال على رأسه (مع االعـــتـــذار مــن كـــارل مـــاركـــس). وهـــذا إنّــمــا جـاء معطوفًا على املشهديّة الحربيّة التي عُرفت بـ»الهدهد»، والتي ذكّرتنا بالهدهد األصلي الـذي كان دليل النبي سليمان في تعرّفه إلى الـطـبـيـعـة، أمّــــا «مــــدن تـحـت األرض» فـأمـرهـا يُترك للكرتون بأفالمه ومجالّته، مثلما يُترك للتوجّس السيكولوجيّ. بيد أن العنصر الـوحـيـد الـــذي ال يتّسع له النفق هو السكّان املدنيّون. وما دام إنزال الــشــعــوب لـلـعـيـش فـــي أنـــفـــاق أمـــــرًا مستبعدًا حــــتّــــى الـــلـــحـــظـــة، بــــــات الــــنــــفــــق، بـــمـــا فـــيـــه مـن حشرات ومياه مجارير وتلوّث ورطوبة، وعدًا استراتيجيًّا هو أعلى مراتب الحياة الحميمة فـــي بـــلـــدان املــــشــــرق. فــالــســيــاســة واالقـــتـــصـــاد والـحـرّيّــات وعـ قـات الجماعات في ما بينها ومـصـائـر األوطــــان املــهــتــزّة...، هـي كلّها طرق مــعــبّــدة إلــــى األنــــفــــاق. وفــــي هــــذا املــعــنــى، فـــإن «سِــمـة العصر»، بحسب التسمية الشيوعيّة الشهيرة، هي حصرًا وحكمًا ليست االنتقال مـــن الــرأســمــالــيّــة إلـــى اإلشـــتـــراكـــيّـــة، لـكـنّــهـا قد تكون انـتـقـاال مـن سطح األرض إلــى أنفاقها، أفـــــــــرادًا أو جــــمــــاعــــات، خــــيــــارًا أو اضـــــطـــــرارًا. وهناك سوف نرفل طبعًا بحياة من السعادة الخالصة ومــن االنــتــصــارات املـــــؤزّرة، يكفينا مجدًا أنّنا لم نستسلم وال نستسلم. OPINION الرأي 12 Issue 16703 - العدد Wednesday - 2024/8/21 األربعاء غزة وشيطان تفاصيل الهدنة عن «جاكسون هول» واستقالل البنوك المركزية إنّنا نرى روح العصر قابعة في نفق! وكيل التوزيع وكيل االشتراكات الوكيل اإلعالني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] املركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 املركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى اإلمارات: شركة االمارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 املدينة املنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب األولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية املوجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها املسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة ملحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي باملعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com حازم صاغيّة «حزب هللا» جعل النفق أحد النُصُب الدالّة إلى ًالحياة المعاصرة في لبنان وربّما باقي المشرق أيضا على من يريد االنتصار على هذا الشيطان أن يأتي بخطة «شيطانية» تحرج نتنياهو طارق الحميّد الملتقى سيركز على «إعادة تقييم فاعلية وتأثير السياسة النقدية» محمود محيي الدين

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==