issue16702

Issue 16702 - العدد Tuesday - 2024/8/20 الثلاثاء OPINION الرأي 14 هل تحتاج القضية الفلسطينيةرمزاً جديداً؟ في معظم تجارب التحرر الوطني كـان هناك دائـــمـــا رمــــز ســيــاســي تـلـتـف حــولــه غـالـبـيـة الــنــاس مــن أجـــل تحقيق الـحـريـة والاســـتـــقـــال، وكــمــا كـان نيلسون مانديل رمـزاً للتجربة الأقــرب لفلسطين؛ وهي تجربة الاستعمار الاستيطاني العنصري في جنوب أفريقيا، التي جسد فيها الرجل كفاح شعبه مـن أجــل التحرر وإنـهـاء نـظـام الفصل العنصري، فــإن الــســؤال يتكرر مـع القضية الفلسطينية: هل تحتاج رمزاً جديداً؟ لقد عرفت القضية الفلسطينية في فترة سابقة رمزها الكبير ياسر عرفات، الذي رغم أخطائه فإنه كــان تجسيداً وطنيا ودولــيــا للكفاح الفلسطيني بأشكاله المختلفة سواء المسلح أو السياسي، وهو الرمز الــذي امتلك شجاعة قيادة منظمة التحرير الفلسطينية لعقود نحو الكفاح المسلح، وامتلك فـي الـوقـت نفسه شجاعة الانـتـقـال لمسار سياسي سـلـمـي؛ حـــ دخـــل فـــي مــفــاوضــات مـــدريـــد، ووقـــع على اتفاق أوسـلـو، واعـتـرف بإسرائيل، واعترفت الأخـــيـــرة بالمنظمة مـمـثـاً شـرعـيـا وحــيــداً للشعب الفلسطيني. يقينا مسار «ما بعد أسلو» مملوء بإخفاقات كـــثـــيـــرة تــتــحــمــل مـعـظـمـهـا إســـرائـــيـــل الـــتـــي قـضـت عـــلـــى حــــل الــــدولــــتــــ بـــبـــنـــاء المـــســـتـــوطـــنـــات ونــشــر المستوطنين، وتحولت المنظمة إلى سلطة وعرفت الــســاحــة الـفـلـسـطـيـنـيـة «الانـــقـــســـام الــبـغــيــض» بين «فـــتـــح» و«حــــمــــاس»، وانــتــهــى الأمــــر بـغـيـاب الـرمـز الفلسطيني المـجـمـع فـــي الـــداخـــل والـــخـــارج يـاسـر عــرفــات الــــذي امـتـلـك قــاعــدة واســعــة مــن المـؤيـديـن، ووضــــع سـقـفـا لـخـافـة مـــع المــعــارضــ بـــصـــورة لا توصل أحداً إلى طريق «لا عودة». وقـــد دخـلـت القضية الفلسطينية عـقـب فشل أوسلو مرحلة جديدة أنتجت رئيسا جديداً للسلطة هو محمود عباس الــذي احتفظ ببعض شكليات هذه السلطة، لكنه عمليا لا يحكم ولا يدير الأراضي الفلسطينية في ظل هيمنة سلطة الاحتلل. وفـي مقابل خفوت منظمة التحرير المعنوي والسياسي، وتقلص شرعية السلطة الفلسطينية، وعجزها عـن بسط سيطرتها على أراضــي الحكم الـذاتـي، فذهبت غـزة إلـى أيــدي «حـمـاس»، وذهبت أجــــــــزاء كـــبـــيـــرة مــــن الـــضـــفـــة الـــغـــربـــيـــة إلــــــى سـلـطـة المستوطنين، أفـرزت «حماس» رمـوزاً وقـادة عبروا عـــن تــيــار داخــــل الـشـعـب الـفـلـسـطـيـنـي وجـــانـــب من الرأي العام العربي والإسلمي، فكان الشيخ القعيد أحــمــد يــاســ الــــذي اغـتـالـتـه إســرائــيــل أحـــد رمـــوز المــقــاومــة الفلسطينية «الإســـامـــيـــة»، كـمـا أصـبـح الـــراحـــل إسـمـاعـيـل هـنـيـة أحـــد رمـــوزهـــا أيــضــا بعد اغتياله واغتيال عدد من أبنائه وأحفاده، ويحيى السنوار وأبــو عبيدة، يـؤثـرون في جانب مهم من الرأي العام العربي والإسلمي، ويعدّون رموزاً في الشجاعة والصمود والتضحية في وجه آلة الحرب الإسرائيلية. ورغــــــم أن «حــــمــــاس» قـــدمـــت رمـــــــوزاً وشـــهـــداء لـلـقـضـيـة الـفـلـسـطـيـنـيـة، فــإنــهــم لـــم يـسـتـطـيـعـوا أن يكونوا رموزاً مجمعين للقضية الفلسطينية، فهم يختصرونها في البعد الديني العقيدي ويبتعدون بها عـن جوانبها الإنسانية والقانونية العادلة، صـحـيـح أن بــنــاءهــم الـعـقـائـدي الــديــنــي أســهــم في أن يكون حائط صـد أمــام البناء العقيدي الديني الصهيوني وواجه مشروعا دينيا آخر هيمن على النخبة والمجتمع في إسرائيل، إلا أن ذلك لا يجعل مـــن رمـــزيـــة «المـــقـــاومـــة الإســـامـــيـــة» رمـــزيـــة وطـنـيـة جـامـعـة، كما حــدث مـع عـرفـات ومنظمة التحرير، إنــمــا هـــي رمـــزيـــة لـفـصـيـل ولأنــــصــــاره وجـــانـــب من الـرأي العام الخارجي الـذي أعجب بهذا النمط من المقاومة والصمود، وليس بالنموذج «الحمساوي» في الحكم والإدارة. لـقـد كــانــت رمـــزيـــة مـنـظـمـة الـتـحـريـر وعــرفــات هـــي الــتــي اخــتــرقــت الــعــزلــة الــدولــيــة عـلـى القضية الفلسطينية، وفتحت مكاتب للمنظمة في معظم عــواصــم الـعـالـم، واستقطبت داعــمــ مــن مختلف الــــدول والــثــقــافــات لـصـالـح الـقـضـيـة الفلسطينية، وهـــــي أيـــضـــا الـــتـــي نــجــحــت فــــي اخــــتــــراق المـجـتـمـع الإسـرائـيـلـي ونـالـت دعــم بعض الـتـيـارات بداخله، وهي صاحبة الخطاب المدني الإنساني القادر على جذب متعاطفين من كل الدنيا وتحييد الخصوم. يبقى السؤال: هل تحتاج القضية الفلسطينية إلــى رمــز ومنظومة جــديــدة؟ الإجــابــة نـعـم، تحتاج الـقـضـيـة الفلسطينية لــرمــز جــديــد أقــــرب لـنـمـوذج عـامـا) 22( مــــروان الـبـرغـوثـي الــــذي يــذكــرك سـجـنـه بــســنــوات نـيـلـسـون مــانــديــا الـطـويـلـة فـــي الحبس عاما)، كما أنه حامل لعقيدة سياسية تحررية 27( ومدنية سبق لكل الدنيا أن تفاعلت معها، وحتى حـــ رفــضــتــهــا الـــقـــوى الاســـتـــعـــمـــاريـــة فـــي الــبــدايــة اضـطـرت أن تقبلها فـي النهاية، كما حــدث مـع كل تجارب التحرر الوطني شرقا وغربا، كما أنه رجل قـــــادم مـــن داخـــــل الــتــيــار الــرئــيــســي لــحــركــة الـتـحـرر الفلسطيني كــأمــ ســر ســابــق لـحـركـة «فــتــح» في الضفة الغربية ونائبسابق في المجلس التشريعي. إذا نجحت صفقة اتفاق تبادل الأســرى ونال مـــــــروان الـــبـــرغـــوثـــي حـــريـــتـــه ووعــــــي بـــــأن الـقـضـيـة الفلسطينية بحاجة إلــى «مـانـديـا» قــادر على أن يتسامح ويطوي مرارات شخصية ووطنية كثيرة لــصــالــح هــــدف أكـــبـــر وهــــو بـــنـــاء دولـــــة فلسطينية مستقلة، فسينجح. ورقــــــــــة «نـــــــمـــــــوذج الـــــبـــــرغـــــوثـــــي» إذا أحـــســـن اســتــخــدامــهــا فـــي حــــال خـــروجـــه يـمـكـن أن تضيف للقضية الفلسطينية عـامـل قــوة جـديـداً يـعـزز من حضورها الدولي وشرعيتها في الداخل والخارج، وتكون قــادرة على لملمة جـراح وانقسامات كثيرة في البيت الفلسطيني. عمرو الشوبكي «نموذج البرغوثي» فيحالخروجه ًمن السجن يمكن أن يضيف للقضية الفلسطينية عامل قوة جديدا ًالعمى والكحل... فلسطينياً وإسرائيلياً وأميركيا ،1993 فــي مـثـل هـــذه الأيــــام الصيفية الـــحـــارة مــن عـــام كانت المنطقة المثقلة بهموم واهتمامات تتصل بمجريات الصراع العربي - الإسرائيلي، وكيف أن المجتمع الدولي لا يعير هـذا الـصـراع من الاهتمام وبما يتجاوب مع خطوات عربية على مستوى أهل القمة... في مثل هذه الأيام حدثت خطوة لافتة بدت بعد اكتمال سائر الخطوات تترك انطباعا توحي ملمحه أن الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي يمكن أن ينتهي إلـــى تـسـويـة أولــيــة. ومـتـى تــحــدُث هـــذه التسوية فإنها تمهد الطريق أمــام تذويب ما استعصى تذويبه من جليد هذا الصراع. هنا يبدو جليا أن الإدارة الأميركية إذا أرادت تحقيق تسوية فلسطينية – إسرائيلية فإنها تبتكر من الصيغ ما يمهد الطريق أمـام هذه التسوية. وما فعلتْه أميركا بيل كلينتون (الـديـمـقـراطـي) ولــم يفعله جـو بايدن (الـديـمـقـراطـي) أنــه أنـجـز الـخـطـوة الأولـــى على طـريـق الحل الــذي باكتمال الـخـطـوات تُـطـوى مـبـررات الــصــراع. وتمثلت الــخــطــوة بــعــد مـــحـــادثـــات دولـــيـــة ﺒ«مـــؤتـــمـــر دولــــي لـلـسـام» ، شكّل 1991 استضافتْه إسبانيا في عاصمتها مدريد عام الحضور الفلسطيني – الإسرائيلي فيه ولقاءات الكواليس الأميركية - الفلسطينية - الإسرائيلية في أروقة مقر المؤتمر حــالــة اطـمـئـنـان لـلـرئـيـس الأمــيــركــي كـلـيـنـتـون الــــذي يتابع الــخــطــوات حــاثــا بــوســائــل وعـــبـــارات أبـلـغـهـا مَـــن يـمـثـلـه في المؤتمر إلـى كل من الجانبْ الفلسطيني والإسرائيلي. ثم نجد الرئيس كلينتون يتصرف على أساس أن تقطف إدارته وحدها الثمرة الأولى؛ إذ إنه بعدما اكتمل الاقتناع من جانب «فلسطين العرفاتية» و«إسـرائـيـل الرابينية» بفتح صفحة الــعــاقــات بــ الــطــرفــْ يُـعـمـل بـمـوجـبـهـا عـلـى ردم مـتـدرج لـلـصـراع بــ شـعـب محتل بـــــإرادة دولـــة غـيـر طيبة النيات وعصابات احتلت أرضصاحب الحق في هذا الكيان؛ ارتأى أن يدخل التاريخ من بوابة كان سبق أن دخلها جيمي كارتر، سبتمبر (أيلول) 13 فيرعى في حديقة البيت الأبيض يـوم توقيع عرفات ورابين اتفاق إعلن المبادئ الفلسطيني 1993 - الإسرائيلي. أوسلو وبحضور وزيرَي الخارجية الأميركي والروسي. لــم يـكـن ذلـــك الاتــفــاق نـهـايـة الـطـريـق لكنه بــالمــواد التي تضمّنها وجــــرى الـتـوقـيـع عليها اعـتـبـر أن كـــاً مــن عـرفـات ورابــــــ قـــدمـــا لـلـشـعـبـْ الـفـلـسـطـيـنـي والإســـرائـــيـــلـــي بــدايــة السلم بينهما، على أن يُكمل الذين سيتسلمون المسؤولية فــي «الـسـلـطـة الفلسطينية» أحـــد بـنـود الاتـــفـــاق، والحكومة الإسرائيلية التي سيتعاقب على رئاستها آخرون بعد رابين، إلا فــي حـــال ارتــــأى الـشـعـب الإســرائــيــلــي تـكـريـم هـــذا الأخـيـر بإبقائه رئيسا للحكومة لكي يسهر على اتـفـاق سـاهـم في إنجازه. رغم الاعتراض العربي النسبي المعلن على تلك الخطوة الشجاعة وبداية تشققات في الأوســاط الحزبية والمقاومات الفلسطينية المتحفظة على توقيع عرفات إلى جانب توقيع رابــــ ؛ كـــان يعني الـتـفـريـط بـمـكـاسـب الـقـضـيـة الفلسطينية وبـــــالـــــذات مــــا تــحــقــق لــلــقــضــيــة مــــن الـــقـــمـــم الـــعـــربـــيـــة والــقــمــة الإسلمية الأولى في الرباط... رغم ذلك بدت الخطوة بالنسبة إلـى الجانبْ عرفات بمن يمثل ورابــ بمن ينشد طمأنينة للشعب الإسرائيلي، أنها بمثابة الكحل الـذي هو أفضل من العمى على نحو ما توضحه معاني هذا المثل الشعبي. يـــــومـــــا بــــعــــد آخـــــــــر، الــــتــــقــــت بــــعــــض الأطــــــــــــراف الـــعـــربـــيـــة والفلسطينية فــي حــمــات مــن الــكــام الـكـثـيـر الــقــســاوة على مـــن بــــات رئــيــس الـسـلـطـة الـفـلـسـطـيـنـيـة، مـــع بــعــض الأطــــراف الإسرائيلية التي لا ترى أن الكحل أفضل من العمى؛ أي تفضل الــبــقــاء عـلـى عـمـى نـظـرتـهـا إلـــى فـلـسـطـ الـشـعـب الــــذي بـات لاجئا وبلده التي باتت محتلة. وهنا يبدأ التعامل المتوحش مــن جــانــب الـيـمـ الإســرائــيــلــي الــــذي يتمثل بــغــاة الـتـطـرف الصهيوني بجانبيْه السياسي والديني. يتم اغتيال إسحق رابين من جانب بني قومه جزاء مسعى ينفع بلده وشعبه من دون أن يضرهما بشيء، ثم تتم «إبادة عرفات صحيا». يبقى لا بد لليمين المتصهين الذي تستوقفنا هذه الأيام حالة التوحش فـي نفوس بعض رمـــوزه، مـن ضربة فـي حق المـتـبـقـي مــن مثلث اتــفــاق أوســلــو (كـلـيـنـتـون) الـــذي لا بــد من تــأديــبــه عـلـى مـسـعـاه المــســيء فــي نــظــرهــم. كــيــف؟ لا بــد لهذا اليمين المتوحش من تأديب كلينتون، لكن لا يشعل التأديب العلقة مع أميركا الحزب الديمقراطي ناراً. واستقرت الخطة الإبادية لهذا الرئيس الأميركي على تشويه سمعته وإحداث حـالـة انـشـقـاق داخـــل بيته وفـــي أوســــاط المـجـتـمـع الأمـيـركـي. وكــان إسـنـاد المهمة إلــى اللعوب مونيكا لوينسكي؛ تبهجه في مكتبه داخل البيت الأبيض من دون أن يأخذ في الاعتبار أن فـي الأمـــر مـكـيـدة. ثـم يضج المجتمع السياسي الأميركي ﺒ«فضيحة كلينتون - لوينسكي». ويأخذ من تله من الرؤساء «الديمقراطيين» باراك أوباما والرئيس الحالي جو بايدن في الاعتبار ما قد يصيبهما، فإذا هما في الموضوع الفلسطيني - الإسرائيلي أخذا بقاعدة العمى ولا الكحل، وهذه مواقفهما تدل على خيارهما المرتجف. مـا يــراد قوله هـو خطوة مماثلة لخطوة أوسـلـو وعلى قاعدة الكحل أفضل من العمى، فمأمول في حال فوز مرشحة الـــحـــزب كـــامـــالا هـــاريـــس أن تـــحـــذو حــــذو مـــا أقـــــدم عـلـيـه بيل كلينتون وتـجـري توقيعا على اتـفـاق مماثل لاتـفـاق أوسلو، حاملً اسم من يمثل فلسطين ومن يخلف نتنياهو في ترؤس الـحـكـومـة. وهــكــذا درهــــم وقــايــة للقضية فــي انـتـظـار الـعـاج الشافي... الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس إلى جانب دولة إسرائيل التي لا تعتدي ولا تبيد. فؤاد مطر المأمول اتفاق يحمل اسم من يمثل فلسطين ومن يخلف نتنياهو الفاكهة المحرمة واستهداف السعودية مـنـذ الـصـعـود الــســعــودي الـكـبـيـر مــع «رؤيـــة » هناك حالة من استثمار هذا الصعود بشكل 2030 عـكـسـي وبــشــكــل أصـــبـــح مـــبـــتـــذلاً ومـــتـــكـــرراً يـقـوي مـــن مـنـاعـة المـجـتـمـع الـــســـعـــودي، وأحــيــانــا يبعثه عــلــى الـشـفـقـة وهــــم يـــــرون مـنـجـزهـم بــــات «فـاكـهـة محرمة» تتسابق عليها الصحف والقنوات لكسب المــــشــــاهــــدات وتــحــقــيــق الأرقـــــــــام، ولـــــو بـالـتـضـلـيـل وتـــكـــرار الأنـــمـــاط نـفـسـهـا عـلـى مـسـتـوى الـتـوقـيـت أو الــضــيــوف أو المــحــتــوى مـــن أشـــخـــاص ربــمــا لم يزوروا السعودية من قبل. وهو ما ذكرني بإجابة لطيفة للراحل إدوارد سعيد في محاضرة له بعد الضجة التي أعقبت كتابه «الاستشراق» عما يجب على الـخـبـراء والأكـاديـمـيـ والصحافيين الذين لديهم تمثلت مغلوطة وربما ساذجة عن الشرق الأوسط فأجاب: «عليهم زيارة الشرق الأوسط». اليوم، الأمر يتجاوز الاستشراق إلى ما يمكن أن نصك لـه مصطلح «الاسـتـعـواد»، والمتمثل في مــحــاولات فـاشـلـة لاسـتـهـداف الـسـعـوديـة بأنماط مـــتـــكـــررة، وقـــيـــود تـصـوغـهـا رغــبــويــة لا عـقـانـيـة والتي لها ما يشبه السلوك المنظم على مستوى اخـتـيـار التوقيت والمـنـصـات المــروّجــة لــه، وهـــذا لا يعني أن التجربة السعودية مكتملة أو غير قابلة للملحظة والنقد الموضوعي، لكن ما يحدث هو تـجـاهـل تـــام لمـسـيـرة تــحــول لــم يـشـهـد لـهـا الـشـرق الأوســــط مـثـيـاً، ومــنــجــزات مـــلء الـسـمـع والبصر وربـــمـــا تــنــفــرد بــهــا الـــرؤيـــة الــســعــوديــة الــجــديــدة، وكـــان آخــرهــا نـظـام مكافحة الـفـسـاد، إضــافــة إلـى المساهمة الفعالة في تخفيف التوترات في المنطقة والـعـالـم، فـضـاً عـن قـــدرة السعودية على تخطي الـتـحـديـات بمختلف أنــواعــهــا مــن حـــرب الخليج سبتمبر (أيـــلـــول) إلـــى انــبــعــاث الـتـطـرف، 11 إلـــى وصـولاً إلى منجز الرؤية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وتسنّم ولي العهد الأمـيـر محمد بـن سلمان، مـشـروع الـرؤيـة، وينقله إلى مستوى مختلف أصبح اليوم أنموذجاَ للمنطقة وبوابة لمستقبل الشرق الأوسط. الـصـعـود الــســعــودي لــم يـكـن ولــيــد اللحظة، لـكـنـه فـــي الـلـحـظـات الــحــرجــة يـصـبـح أكــثــر لمعانا لـــدى الـعـقـاء واسـتـهـدافـا عـنـد فـئـات مــن أصـحـاب المشاريع التقويضية وبعض الصحف والمنظمات التي تحاول أن تعتاش على الفاكهة المحرمة التي تعني بلغة الصحافة الجديدة المحتوى الجاذب لـلـمـشـاهـدات فـــي زمـــن الإعـــــام الـــخـــاص والمـمـلـوك والمــدعــوم مـن جـهـات بعينها لـم تعد تخفى على أحد، ويكفي أن تقارن بين ثنائية الإهمال والتركيز في ملفات العالم وحروبه ونكباته وكوارثه لترى كيف يتم توجيه شـبـاك تـذاكـر الخبر الصحافي نحو الإثـارة وليس الموضوعية؛ وهو ما يجب أن يجعلنا نشعر بالفخر والمسؤولية ونُراكم مناعة الــســعــوديــ الـــتـــي تــراكــمــت مــنــذ انـــطـــاق الـــرؤيـــة بـــالـــتـــزامـــن مـــع الــتــشــكــيــك ثـــم الــتــســلــيــم ومــحــاولــة التشغيب الآن. بالأرقام، وبما تشهد السعودية من تحولات عـلـى الأرض بــاتــت مـتـاحـة لـــزيـــارة المـنـصـفـ من الــبــاحــثــ والـــخـــبـــراء والــصــحــافــيــ ، فــــإن «رؤيــــة » بــمــا تـحـمـلـه مـــن تــحــديــات وتـصـحـيـحـات 2030 كانت وما زالت أهم مشروع تحديثي للتحول نحو المستقبل شهدته منطقة الشرق الأوسط، وسيظل هـــذا المـــشـــروع إلـــى أن يـصـبـح واقــعــا مـعـاشـا شـأن كل التحولات التاريخية مثاراً للإعجاب والتأمل والفخر، كما هو الحال ستثير الرؤية موجات من الاستهداف واللغط والأوهام. الـــــقـــــراءة الأولــــيــــة لـلـتـسـلـسـل الـــزمـــنـــي، وهـــو مشروع يحتاج إلى توثيق تاريخي جمعي لمنجز الرؤية، مرت بمراحل من التشكيك والاستهداف ثم الاعتراف والإعجاب ومحاولة الاستثمار، ولاحقا بعد تحولات ساندت الرؤية باعتبارها مشروعا وطــنــيــا ســـيـــاديـــا عـــاشـــت مـــوجـــات مـــن «الاخــــتــــزال » المــرتــبــط بــالمــهــاتــرات الشعبوية Reductionism والـشـغـب الـشـوفـيـنـي المـقـنّـع بـالـسـيـاسـيـة، وحتى الـبـحـث عــن مكتسبات إمـــا لـحـمـات سـيـاسـيـة أو عقب فـوز بعض الأحــزاب السياسية التي تحاول أيضا أن تموضع حضورها في الشرق الأوسط من بوابة السعودية. الإعـــــــام الـــغـــربـــي الــــيــــوم بــشــكــل عـــــام يـعـيـش مـــرحـــلـــة ازدواجــــــيــــــة غـــيـــر مـــســـبـــوقـــة وتـــنـــاقـــضـــات طرحتها التحديات الدولية والقضايا التي كشفت عـن زيــف كثير مـن دعـــاوى الموضوعية والـحـيـاد، لـــكـــن أضـــيـــفـــت إلــــــى ذلــــــك أســـــبـــــاب فـــنـــيـــة مـتـصـلـة بــســيــاقــات صــنــاعــة المــحــتــوى وتـــحـــديـــات الـتـشـبـه بمنصات السوشيل ميديا وإهمال تقاليد المهنة جزءاً من محاولة ترحيل مشكلة الفشل لكثير من المـشـاريـع والمـؤسـسـات الـغـربـيـة، والتشغيب على الـتـفـوق والــصــعــود الــســعــودي الـــذي يعمل ضمن واقــع ومساحة مختلفة فـي المنطقة ومبنية على المـنـافـسـة والــعــرض والـطـلـب والمـصـلـحـة الوطنية والسيادة، وهي مسائل يدركها السعوديون الذين قال عنهم ولي العهد: «أنا واحد من عشرين مليون شــاب ســعــودي، ومنجز الــرؤيــة منجزنا جميعا، لا شـــيء يشغل الـسـعـوديـ الــيــوم مـثـل المستقبل وتخطي كـل تحدياته بثبات وعـــزم ومــا عــدا ذلك أوهام تذروها الرياح»! يوسف الديني الإعلام الغربي اليوم بشكل عام يعيشمرحلة ازدواجية وتناقضاتغير مسبوقة

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky