issue16702

لــيــس المـــقـــصـــود الــقــلــعــة الــتـــركــيــة، المـــعـــروفـــة تـاريـخـيـا وشعبيا باسم الـسـراي الحمراء، بل تلك التي تقع وراءهــا مباشرةً، وبناها الإيطاليون لتكون مقراً للحاكم الإيطالي الـــعـــام بــطــرابــلــس، وتــحــوّلــت بـعـد خــروجــهــم مـــن لـيـبـيـا في عهد الاستقلال إلـى مقر لمصرف ليبيا المـركـزي. وأقـــام بها كثيرون، إلا أن المحافظ الحالي الصديق عمر الكبير يعدّ أشـهـرهـم وأطـولـهـم إقـامـة وأخـطـرهـم، واسـتـحـق عـن جــدارة لقب «صانع ملك». المحافظ الحالي يتعرض حاليا لحرب موجهة ضده، مــــن جـــهـــات عــــــدة، بـــغـــرض تــنــحــيــتــه، وإزاحـــــتـــــه مــــن الـقـلـعـة التاريخية، والاستحواذ على مفاتيح خزائنها. لكنّه ليس سهل المنال، وتعلم من تجاربه العديدة، فـنّ إدارة المعارك، والخروج منتصراً. مضافا إلى ذلك، أنه لا يدخل حروبا من دون نصرة حلفاء أقوياء في صفه من الداخل والخارج. هذه الحرب لن تكون الأخيرة ضـده، ومن المتوقع جداً أن يخرج منها سالما منتصراً، لأنـه يحمل في يـده ورقتين رابحتين: الدعم الأميركي، ممثلاً في السفير ريتشارد نورلاند، ودعم رئـيـس مجلس الــنــواب المستشار عقيلة صـالـح. وبالطبع، هـنـاك أيـضـا جـمـاعـات مسلحة بمخالب وأنــيــاب مستعدة لحمايته. وعلى الضفة المقابلة والمناوئة يصطف المجلس الــرئــاســي ورئــيــس حـكـومـة الـــوحـــدة الـوطـنـيـة عـبـد الحميد الدبيبة وغيرهم. الذين منّا يتموضعون جالسين في مقاعد المشاهدين يــراقــبــون مـــا يـــحـــدث، لـيـس بـمـسـتـطـاعـهـم الـتـكـهـن بنوعية الشرارة التي أضرمت النار ومتى، لكنها، على ما يبدو، لا تختلف عن غيرها من سابق الشرارات. فالحروب في ليبيا، بين مختلف الأطراف، تنشب من أصغر الشرر، وتُخاض من أجل هدف واحد لا غير: نهب المال العام في خزائن المصرف المركزي. ومفاتيح الخزائن في يد المحافظ. وهو يـذود عن منصبه بـشـراسـة، وغـيـر مـعـروف عنه الــعــزوف عـن خوض المعارك. والقاعدة في الحروب بصفة عامة أن من يملك المال، أو التصرف فيه، لا يخسر حربا إن لم يكن الرابح. واشتهرت مقولة عسكرية قديمة تقول إن الجيوش تزحف في سيرها على بطونها. لكنّ المحاربين في ليبيا غيّروا تلك المقولة بأن استبدلوا بالبطون الجيوب. المجلس الرئاسي بأعضائه الثلاثة أصـدر يوم الأحد المــاضــي قــــراراً مفاجئا بـإقـالـة المـحـافـظ، وتـعـيـ بـديـل لـه. وفـي ضربة وقائية في اليوم السابق لذلك، ألغى مجلس بتعيين 2018 النواب قــراراً سبق إصــداره من المجلس عـام مـحـمـد الــشــكــري مـحـافـظـا لــلــمــصــرف، لانــقــضــاء المــــدة من دون مـبـاشـرتـه مـهـامـه. وفـــي الــيــوم الـتـالـي، أصـــدر رئيس المجلس بيانا باسم المجلس يندد فيه بالمحاولات الرامية إلى إقصاء المحافظ الكبير، بنيّة الاستحواذ على خزائن المال العام، وطالب النائب العام بالتدخل لحماية المصرف المركزي من العبث. كما طالب بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا باتخاذ موقف واضح وجاد مما وصفها بالمحاولات الـعـبـثـيـة، وطــالــب بـإحـاطـة مـجـلـس الأمــــن بـالمـخـاطـر التي تهدد مصرف ليبيا المركزي في مخالفةٍ صريحة للاتفاق الـسـيـاسـي. ومـــن جـانـبـه، أدان السفير الأمـيـركـي نـورلانـد مـا يـحـدث، وأكـــد رفـضـه اسـتـبـدال إدارة أو قـيـادة المصرف بالقوة. على مستوى آخر، قام أفراد مسلحون باختطاف مدير إدارة التقنية المصرفية من أمـام بـاب بيته، صباح الأحـد. وفـــي ردّ عـلـى عملية الاخــتــطــاف، أعــلــن مـحـافـظ المـصـرف إغلاق المصرف، وتعليق كل العمليات المصرفية، إلى حين عـــودة المـخـتـطـف إلـــى أهـلـه وعـمـلـه. وعـلـى الــفـــور، ارتفعت أسعار الــدولار في السوق المـوازيـة. وفـي مساء اليوم ذاته أُفــرج عن المختطف. لكن لا أحـد يعرف بما حـدث له خلال ساعات الاختطاف، وما نوعية المعلومات التي من المحتمل أن تكون قد انتُزعت منه. ويظل جديراً بالذكر أن محاولات عديدة جرت سابقا لإزاحــة المحافظ باستخدام القوة، إلا أنها بـاءت بالفشل. وأن الـعـ قـة بــ المـحـافـظ ورئــيــس حـكـومـة طـرابـلـس عبد الحميد الدبيبة قد وصلت إلـى أدنـى مستوياتها، وصار العداء بين الاثنين علنيا. ولعل هذا ما دفع بالمحافظ إلى المسارعة بالتحالف مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح في خطوة غير مسبوقة وغير متوقعة. وتظل إجابة السؤال عن دافع المجلس الرئاسي من هذه الحرب وتوقيتها غير واضـحـة حتى الآن. والأرجــــح أن الــدافــع لا عـ قـة لـه البتة بالأسباب التي ذكرها المجلس في قراره. لــو تــجــاوزنــا الـــفـــارقَ الــهــائــلَ فــي الـحـجـم الـجـغـرافـي والسياسي والاقتصادي، لأمكننا أن نسألَ التالي: لمـــاذا تــحــرّرت الـصـ نسبيا مـن أســر الآيديولوجيا ونــجــحــت فـــي إعــــــادةِ ابــتــكــار نـفـسِـهـا والـــتـــحـــول إلــــى قـــوةٍ اقتصادية وسياسية «بجسم رأسمالي ورأس شيوعي»، فيحين تظلّ إيرانُ غارقةً فيجمود عقائدي يجعل التغييرَ الجوهريّ محفوفا بالمخاطر ومدخلاً أكيداً للانهيار؟ قـــدّمـــت الـــصـــ ، لـــقـــرونٍ طــويــلــة، تــجــربــةً بـراغـمـاتـيـة فــــذة عــبــر قــدرتــهــا عــلــى الـتــكـيــف والــتــغــيــيــر، مـــن دون أن تفقد قبضتها على السلطة المـركـزيـة القوية التي أعطت الأولـويـة دومـا للاستمرارية والبقاء. ولعلّ الشعارَ الذي أطلقه الزعيم الصيني دينغ شياو بينغ بشأن إصلاحاتِه ، مفتتحا تجربة «إعـــادة تعريف» 1978 الاقتصادية عــام الشيوعية، ينطوي على خلاصة هذا النهج الذي اختصر شخصية الدولة في الصين. قال دينغ: «لا يهمّ ما إذا كانت الـقـطـة ســــوداء أم بـيـضـاء، طـالمـا أنّــهــا تـصـطـاد الــفــئــران»، مطلقا مساراً معقداً سمح للصين بتبني اقتصاد السوق مع الحفاظ على قبضة الحزب الشيوعي الحديدية على السلطة. كـمـا اســتــفــادت الــصــ عـلـى مـــر تـاريـخـهـا مـــن الإرث الكونفوشيوسي، الذي تؤكد قيمه الرئيسية على النظام والهرمية وأولوية الدولة، ما عزّز ثقافةَ الحكم البراغماتي في الصين. سهلت هذه الخلفية الثقافية على قيادة الحزب الشيوعي الصيني تبرير الإصلاحات الاقتصادية بحكم الـــضـــرورة لـبــقـاء الـــدولـــة، وصـــاغـــت تـبـنـيـهـا لـلـرأسـمـالـيـة كمجرد وسيلة لتحقيق الهدف الاشتراكي النهائي، وهو الازدهار للجميع. في مقابل هذه الاستمرارية في شخصية الدولة في التجربة الصينية، نعثر في إيران على انقطاع واضطراب 1978 - 1979 عـمـيـقـ . لـــم تــكــن الـــثـــورة الإســـ مـــيـــة عــــام مجردَ حدث سياسي كبير، بل كانت إعادة ترتيب عميقة للمجتمع الإيراني. فقد دمجت الخمينيةُ الدينيّ والمذهبيّ بالسياسي وألصقتهما بصمغ الحماس الثوري وبنظام سياسي يعرّف الدولة كولاية إلهية، يَعدّ أيّ انحراف عن مسارها خيانةً للأولوهة نفسها. ولئن كانت الدولة في إيـــــران لـيـسـت مــجــرد كــيــان ســيــاســي؛ بـــل تـجـسـيـد أرضـــي لمضامين سماوية غيبية، بـــدّد هــذا التصور الـقـدرة على توظيف المرونة البراغماتية كما فعلت الصين. فكل دعوة فـــي إيـــــران لـــإصـــ ح الاقـــتـــصـــادي أو الاجــتــمــاعــي لا تُـعـد فقط خطراً سياسيا، بل أيضا خطراً روحيا يرفع دعوات التغيير إلى مستوى الكفر. وإذا صـــحّ أنّ الـسـيـطـرة المــركــزيــة لـلـحـزب الشيوعي الصيني تماثل في الظاهر سيطرة نظام ولاية الفقيه على المجتمع الإيراني، إلا أن هيكل إيران السياسي أكثر تعقيداً وهشاشة. فالمكونات الدينية للنظام في إيــران تتعايش مع المكونات الجمهورية، والمكونات العسكريتارية وفق توازن دقيق، يجعل أي محاولة للصلاح مغامرةً محفوفة بالمخاطر. الأهـــم مـن ذلــك أنـــه، وخـ فـا للتجربة الإيــرانــيــة، وفر النجاح الاقتصادي الـذي انتهت إليه التجربة الصينية، للحزب الشيوعي مصدراً جديداً للشرعية، وقدرة حاسمة عــلــى تـحـيـيـد المـــعـــارضـــ وفــــرض نـــمـــوذج مــتــنــاقــض، أي اقتصاد رأسـمـالـي تحت حكم شيوعي، مـن دون الإخــ ل بالهوية الوطنية أو دفـع أثـمـان باهظة جــراء عـدم النقاء العقائدي للنظام. فإذا كانت كل من الصين وإيران ترتابان بالتهديدات الـخـارجـيـة، فـــإن ردود أفـعـالـهـمـا اخـتـلـفـت بشكل جـــذري. اســـتـــخـــرجـــت الـــصـــ حــصــانــتــهــا ومـــكـــانـــتـــهـــا مــــن الــنــمــو الاقتصادي والتحديث العسكري وسائل لمواجهة النفوذ الأجنبي، ووظفت القومية والنجاح الاقتصادي لتوحيد الـــبـــ د مـــن دون أي خــشــيــة مـــن آثـــــار الــتــغــيــيــر الـهـيـكـلـي . في المقابل، استخدمت 1978 العميق الذي تراكم منذ عام القيادة الإيـرانـيـة فكرة التهديدات الخارجية، خصوصا من الولايات المتحدة وحلفائها، ولا تزال كتبرير لموقفها الآيديولوجي الـصـارم المـانـع للتغيير، والمتوجس مـن أن يؤدي أي تعديل آيديولوجي إلى إضعاف قدرة إيران على مقاومة النفوذ الأجنبي وانهيار الدولة الثورية. أثبتت الشيوعية الصينية أنها قابلة للتكيف، وقادرة على التطور استجابة للظروف المتغيرة مع الحفاظ على جوهر قـوة الحزب الشيوعي. واستفادت من ثقل وزنها الاستراتيجي لبناء عـ قـات متوازنة مـع خصومها عبر بــنــاء الــجــســور والمــحــافــظــة عـلـى الـتـمـيـيـز والــتــنــافــس في الـوقـت نفسه. أمــا الآيديولوجية الدينية الإيـرانـيـة، فهي مـتـجـذرة بعمق فــي هـويـة مضطربة لــلــدولــة، تـعـدّ أن أي تغيير جوهري يهدد بتفكيك نسيج الثورة الإيرانية، مما قد يؤدي إلى انهيار النظام. تــجــدر المــ حــظــة أن بـــدء الـتـغـيـيـر فـــي الــصــ تـزامـن ، وبعد حكم للحزب 1978 مع ولادة الـثـورة الإيرانية عـام . فهل ما زال 1949 الشيوعي الصيني دام منذ خريف عام أمـــام إيـــران الـوقـت لتغيير اتـجـاه الأمـــور؟ يـبـدو أن طريق الإصـــــ ح، بـالـنـسـبـة لإيـــــران، لـيـس مــجــرد تـــحـــدٍ، بـــل تـحـدٍ وجودي، إذ إن بقاء النظام يعتمد على الحفاظ على نقائه الآيديولوجي، حتى مع ازدياد عزلته عن المجتمع الدولي وتبديده المستمر لإمكاناته الاقتصادية، وفي ظل افتقاره المريع للحدود الدنيا من القدرة على التكيف. تبدو إيران اليوم أقرب إلى تجربة الاتحاد السوفياتي منها إلـى الصين، كما يلاحظ رئيس الـــوزراء الإسرائيلي الأسـبـق نفتالي بينيت. كما روسـيـا السوفياتية تعاني إيـران الخمينية من التكلس العقائدي والفساد وانقطاع الصلة بالمجتمع، ومثلها قد تكتب نهايتها بنفسها. هل عاشت بريطانيا في أغسطس (آب) حربا أهلية؟ صاحب منصة «إكـــس»، إيلون ماسك، أكّدَ ذلك، وكذلك الوقائع على الأرض. جماهير من لون واحد، نساء وأطفال ورجال وكــبــار الــســن، نــزلــوا يـصـرخـون ويـشـتـمـون، ويـــقــذفــون بـــيـــوتَ مـسـلـمـ وأجـــنـــاس أخـــرى بـــالـــحـــجـــارة، ويـــهـــدمـــون ســـيـــاجـــاتِ المـــنـــازل، ثــــــم يـــســـتـــخـــدمـــونـــهـــا لمــــهــــاجــــمــــةِ المــــســــاجــــدِ والـشـرطـة. بعضُ هــؤلاء كتب على صفحات التواصل الاجتماعي: «احـرقـوا المهاجرين»، وبــعــضــهــم تــجــمّــع وأضـــــــرمَ الــــنــــارَ فـــي فـنـدق بسيط أوى إلـيـه مـهـاجـرون تعساء؛ كـل هذا والـــشـــرطـــة تـــحـــاول إنـــقـــاذ مـــا يـمـكـن إنـــقـــاذه، لـــكـــن المــحــتــجــ الـــغـــاضـــبـــ ازداد عـــددهـــم، وتـــوسّـــعـــت الاحـــتـــجـــاجـــات إلـــــى مـــــدن شــمــال بريطانيا ووصـلـت لآيـرلـنـدا الشمالية! هذا المــشــهــد لـــه صــــورتــــان: مــزيــفــة تـــؤكـــد الــحــرب الأهــلــيــة، وحـقـيـقـيـة تـثـبـت أن المـحـتـجـ هم نسبة ضئيلة مـن الـسـكـان، لديها تـصـور أن المسلمين، وبعض الأجناس الأخــرى، وحتى مـــن لـيـس أصــلــه إنـجـلـيـزيـا ولـــو كـــان أبـيـضَ الـــبـــشـــرة، يــخــطــفــون الــــبــــ دَ، وسـيـصـبـحـون مــع الــزمــنِ الأســيــاد، ويـتـحـول الـبـيـضُ أقليةً مــســتـضــعــفــة؛ ولــكــيـــ يــصــبــحــوا كـــذلـــك فــــإنّ الــحــل: إغـــ ق الـــحـــدود، والانـــدمـــاج الـقـسـري، وحتى الترحيل بحوافز. لكن الـسـؤال: لمــاذا هــذا الانفجار الآن؟! وهـــل هـــو مـسـتـجـد فـــي بـريـطـانـيـا؟ ومـــا هي الـحـلـول؟ لا شــك أن بريطانيا شـهـدت دائـمـا حوادث مشابهة، ولعل احتجاجات أغسطس كانت الأقل خطورة؛ لأنه في الستينات على ســبــيــل المـــثـــال كــــان الــــعــــداء الــعــنــصــري قـويـا لدرجة أن الملونين كانوا يخافون أن يسيروا فــــي الـــــشـــــارع، وكـــــانـــــوا ضـــعـــفـــاء اقـــتـــصـــاديـــا وسياسيا. الآن هم قوة اقتصادية، وممثلون في السلطة والقضاء، وليسوا مهاجرين بل أبناء البلد، يحملون حضارتها، وثقافتها؛ كمثال مساعد المدعي العام نزار أفضال الذي عـانـى الـعـنـصـريـة وهـــو تلميذ فــي المــدرســة، وتعرّض للضرب، أصبح مدعيا عاما يصدر اتــهــامــات عـلـى الـعـنـصـريـ أو الإرهــابــيــ ، ومـثـلـه وزراء ونــــواب ورجــــال أعــمــال. مــا هو مستجد أن العنصريين لـم يـعـودوا يركزون على اللون فقط بل على الدين أيضا، وتجلّى بسبّ الله في المظاهرات. فالتهجم على الدين أصبح موضةً عند العنصريين وظاهرةً خفية عـنـد نـخـب مـحـافـظـة ولـيـبـرالـيـة. وبـمـراجـعـة بسيطة لتصريحات مـسـؤولـ بريطانيين نرى وزيرة الداخلية سويلا برافرمان تصرح بــأنّ البلاد تتعرّض لطوفان من المهاجرين، وأن الإسلاميين يسيطرون على البلاد، ونرى نائبا انتقل لـحـزب الإصـــ ح يـقـول إن عمدة لندن المسلم يتحكم فيه الإسلاميون، ونسمع تهكما من رئيس الـــوزراء الأسبق جونسون بأنّ المرأة المنقبة شكلها مثل صناديق البريد فــــي الــــــشــــــوارع، ولــــصــــوص الـــبـــنـــوك. وكـثـيـر مـــن الـتـصـريـحـات الــتــي دفــعــت مـــديـــرة حـزب المـحـافـظـ والـــوزيـــرة الـسـابـقـة الباكستانية الأصــــل سـعـيـدة وارســــي لـتـقـول إن التنكيت على المسلمين أصـبـح مـقـبـولاً فـي المجالس؛ ولــعــلّ مــا شـهـدتـه الــبــ د بـعـد الـــحـــادي عشر من سبتمبر (أيـلـول)، والهجمات الإرهابية، كان له كبير الأثر على ترسيخ صورة ذهنية أسطورية بــأنّ المسلمين خطر مستجد على ثقافة الـبـ د. ولـعـلّ أحـــداث غــزة ومــا رافقها من ظهور إسلامي بـارز عـزّزت تلك المخاوف المـنـسـيـة فــي عـمـق الــتــاريــخ. لــهــذا لــم ينتظر المـحـتـجـون الــحــقــائــق، بـــل صـــدقـــوا فــــوراً بـأن حــادثــة مقتل الـبـنـات الــثــ ث قـــام بـهـا مسلم جاء بقارب لبريطانيا، وأنّ المخابرات كانت عــلــى عــلــم بــــه، وعــنــدمــا كـشـفـت الــشــرطــة أنّـــه بـــريـــطـــانـــي، ومـــــن أصـــــل أفـــريـــقـــي ولا عــ قــة لـإسـ م بـه، لـم يتوقفوا عـن ضـرب المساجد ولا مهاجمة المـحـجـبـات، بـل كــذّبــوا الشرطة واتهموها، على لسان زعيم حزب الإصلاح، بـأنّـهـا لــم تُـظـهـر الحقيقة؛ وذلـــك لأنّ الكذبة تتناسب مع قناعاتهم وأسطرتهم للمسلم. يبقى السؤال: ما هو الحل؟ أولاً: على النخب الليبرالية والمحافظة بالذات وقف حربها الثقافية المستترة، التي تصيب حرابُها الغرباءَ والمسلمين بالذات، وسن قانون معجل بتجريم فوبيا الإسـ م، لـحـرمـان العنصريين الـظـاهـريـن والمتخفين من الأكسجين، الذين يبثون سمومَهم يوميا في صحف وتلفزة ومقابلات. ثانيا: أن يفهم المــســلــمــون أنّـــهـــم أقــلــيــة، ولا يـمـكـنـهـم فــرض أجـنـدتـهـم، وبـالـتـالـي مسارعتهم لـ نـدمـاج قلبا وجسداً؛ فلا يمكن أن يعيشوا بجسدهم هــــنــــا وقــــلــــبــــهــــم هــــــنــــــاك، فـــقـــضـــيـــتـــهـــم رفـــعـــة بـريـطـانـيـا. هـــذا الـسـلـوك سـيـعـزز الـتـعـدديـة لأنّ الأغـلـبـيـة البريطانية ليست عنصرية، ولعلّ المظاهرات التي خرجت بعنوان «حب لا كـراهـيـة» وبـــــالآلاف، ثــم المـتـطـوعـ الـذيـن نظفوا الــشــوارع، وواجــهــوا العنصريين، ثم ما قاله رئيس الكنيسة البريطانية جاستن ويلبي في مقالة متميزة بـأن الاحتجاجات «عــنــصــريــة وتــســتــهــدف الأقـــلـــيـــات الـعـرقـيـة والمـــســـلـــمـــ والـــــ جـــــئـــــ ، وأنّ الــــشــــعــــارات المــســيــحــيــة الـــتـــي رفـــعـــهـــا الـــيـــمـــ المــتــطــرف هـــي إهـــانـــة لمـعـتـقـدنـا المــســيــحــي»، جميعها دلــيــل ســاطــع عـلـى نــجــاح الــتــعــدديــة. ثـالـثـا: عــلــى الــحــكــومــة أن تـعـيـد الــنــظــر فـــي قــانــون وســـائـــط الـــتـــواصـــل الاجــتــمــاعــي وتــشــديــده؛ لأنـــهـــا تـــحـــولـــت لمـــنـــصـــات تــنــشــر الـــكـــراهـــيـــة، وأداة لليمين المتطرف والإرهابيين لتفتيت المـجـتـمـع. رابـــعـــا: لا بــد مــن اهـتـمـام الساسة بـــــالاقـــــتـــــصـــــاد، وتــــحــــســــ أوضـــــــــــاع الــــبــــ د المــــتــــدهــــورة، ولـــيـــس تــغــطــيــة عـــجــزهـــم بــلـوم قـــــــوارب الـــهـــجـــرة أو الـــــخـــــروج مــــن الاتـــحـــاد الأوروبي؛ فالذين لا يجدون عملاً عليهم لوم الساسة وليس جيرانهم، فالفقر لا يميز بين لون وآخـر، وقضية الفقراء واحــدة، وعليهم أن يناضلوا سويا لا أن يتقاتلوا، وإلا فـإنّ نبوءة ماسك المخيفة ستتحقق على أيديهم. OPINION الرأي 12 Issue 16702 - العدد Tuesday - 2024/8/20 الثلاثاء لماذا تغيّرت الصين ولا تتغير إيران؟ ليبيا: حربعلىصاحب القلعة بريطانيا: الحرب الأهلية في عيون ماسك وكيل التوزيع وكيل الاشتراكات الوكيل الإعلاني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] المركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 المركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى الإمارات: شركة الامارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 المدينة المنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب الأولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية الموجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها المسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة لمحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي بالمعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com أحمد محمود عجاج نديم قطيش جمعة بوكليب

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky