issue16701

Issue 16701 - العدد Monday - 2024/8/19 الاثنين الإعلام 17 MEDIA د. ياسر عبد العزيز العمري: ثمة اختلافجليّ للتوجهات ًفي المنطقة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافيا ترند الأخبار الزائفة ليست مجرد «أداة روسية»! للأخبار الزائفة تاريخ طويل مع الحروب والصراعات وأعـمـال العنف، وفـي إحـدى صفحات هـذا التاريخ ستبرز عبارات تفيد بـأن المعلومات المُضلّلة كانت أداة من أدوات القتال فـي عديد الأحــيـان، ووسيلة لإشـعـال أعـمـال العنف والاضطرابات في معظمها. لا يتعلّق هذا التقييم بالبيئة الاتصالية المُعقّدة التي تسود راهـنـ ، ولكنه يتعلّق أيضاً ببيئات اتصالية كانت أكثر بساطة وأقل تعقيداً، فقد وجد الباحثون الذين درسوا تاريخ الحروب والنزاعات والاضطرابات وأعمال العنف، أن الأخبار الزائفة أو «الشائعات» كانت أحد عوامل إشعال تلك الأحداث، أو أحد مسوّغات توسعها وامتدادها. وربما يمكن القول إنه لم تكن هناك إرادة لخوضقتال، أو إشعال فتنة، أو إذكاء اضطراب، من دون إسهام واضح من الأخبار الزائفة، التي كان عليها تهيئة البيئة النفسية الـازمـة لفقدان الأمــل في الحل، أو الـذهـاب إلـى أقصى أفق للمواجهة، بما يضمن إدامة النزاعات وتأجيجها. ومـن بين القصص الأكثر دلالـة في هـذا الصدد، قصة انخراط الصين في الحرب العالمية الأولـى، التي يبدو أنها لم تكن لتحدث بيسر من دون استخدام حاذق لخبر زائف. إذ يعتقد الدكتور ديفيد كلرك، من جامعة «شيفيلد هالام» البريطانية، الـــذي بحث فـي القصص الـتـي خـدعـت العالم على مدى قرن من الزمان، أن خبراً «زائفاً» نُشر في الصحف ، لينتقل سريعاً إلــى الصحافة 1915 البريطانية فـي عــام الصينية الـتـي نشرته بوصفه خـبـراً «دقـيـقـ »، هـيّـأ الــرأي العام في الصين لقبول فكرة خوض الحرب العالمية الأولى، ويسّر للقادة الصينيين اتخاذ هذا القرار الصعب، في حين كانت المعارك تدور على بُعد آلاف الأميال في قلب أوروبا. قد بدأت تلك القصة المثيرة حين نشرت بعض الصحف المغمورة في بريطانيا أخباراً مُختلقة عن وجـود «مصنع غــلــيــســريــن» فـــي ألمـــانـــيـــا يــســتــخــدم جــثــث الـــجـــنـــود المــوتــى لاســـتـــخـــراج هــــذه المــــــادة المــطــلــوبــة فـــي المـــصـــانـــع الألمـــانـــيـــة. وســـرعـــان مــا تلقفت صـحـف كــبــرى ومــرمــوقــة هـــذا الـخـبـر، وأعــادت نشره بوصفه حقيقة، لتنقله الصحف الصينية، ويـــعـــلّـــق عــلــيــه مـــســـؤولـــون صــيــنــيــون بـــوصـــفـــه «مـــمـــارســـة إجرامية شائنة»؛ وهو الأمـر الـذي لاقى استهجاناً واسعاً وبلور مشاعر الغضب تجاه ألمانيا، بما سهّل إعلن الحرب عليها لاحقاً. ولدينا في العالم العربي عديد القصص التي لعبت فيها الأخبار الزائفة أدواراً محورية في اندلاع أعمال العنف والفتن أو حتى إشعال «الانتفاضات». وقد توصّل باحثون درســوا الأحــداث التي عُرفت في المنظور الغربي بـ«الربيع العربي»، خلل العقد الفائت، إلى دلائل قوية على استخدام البنية الاتصالية الـسـائـدة فـي عمليات تعبئة وتحشيد، بغرض إثـارة الاضطرابات والاحتجاجات وحتى الاقتتال الأهلي، اعتماداً على الأخبار الزائفة. سيكون لكل بلد من بلدان «التغيير العربي» المضروبة بتلك الانتفاضات قصة أو أكثر مع الأخـبـار الزائفة، التي ثــبــت أن لــهــا قـــــدرة كــبــيــرة عــلــى الانـــتـــشـــار والـــتـــأثـــيـــر، عبر «الشبكات الاجتماعية» ومنصّات «الإنترنت» الرائجة. وكـــمـــا فـعـلـنـا نــحــن فـــي الـــعـــالـــم الـــعـــربـــي، حـــ ركّـــزنـــا أنــظــارنــا عـلـى أصــحــاب المـصـلـحـة فــي إشــاعــة تـلـك الأخـبـار الزائفة، وصولاً إلى تحقيق أغراض الانتفاض والاحتجاج والاقتتال الأهلي، فإن البريطانيين يفعلون الأمر نفسه الآن. إذ يولون اهتماماً كبيراً لمحاولة ربط الاحتجاجات وأعمال العنف التي اندلعت أخيراً في مناطق من البلد، بالجانب الروسي، عوضاً عن الانتباه إلى هشاشة البنية الاتصالية السائدة نفسها، وتحليل قابليتها الكبيرة للتلعب. يــــبــــدو أن وســـــائـــــل إعـــــــام وســـــاســـــة ومـــــراكـــــز بـــحـــوث بريطانية وغـربـيـة عــديــدة تجتهد الآن لإثــبــات أن السبب فـي أحـــداث العنف الأخــيــرة الـتـي انـدلـعـت فـي شـمـال غربي بريطانيا تعود إلى خبر زائـف، ربط بين قتل ثلث فتيات ومهاجر مسلم، عوضاً عن حقيقة أن المشتبه فيه الأساسي مولود في كارديف، لأبوين من روانــدا. والأهـم من ذلك، أن تلك الجهود تفترض أن موقعاً يشتبه في أن أصله روسي يقف وراء هـذا الخبر الـزائـف، الـذي يُحمّل المسؤولية شبه الكاملة عن تلك الأحـــداث الـنـادرة التي لم تحدث منذ أكثر من عقد من الزمان. وفي ظل غياب الصوت الروسي عن التعليق على تلك الاتهامات، لا يوجد ما يكفي لنفي هذه الصلة على أي حال، لـكـن الأسـئـلـة مــع ذلـــك تـبـقـى صـالـحـة لـلـطـرح فـيـمـا يخصّ مسؤولية البنية الاتصالية الراهنة، وقابليتها الكبيرة لكي تـحـوّل خبراً زائـفـ مـفـرداً إلـى رافـعـة لأكبر وأخـطـر عمليات عاماً. 13 عنف أهلي تشهدها دولة مثل بريطانيا منذ إن البنية الاتصالية التي يعتمدها العالم راهناً تتّسم بقدر كبير من التفاعلية والإتاحة والنفاذ، في وقت تغيب فـيـه عمليات الـضـبـط والمــراجــعــة، أو تـتـضـاءل مفاعيلها، فـــي حـــ يــظــل الــجــمــهــور بــعــيــداً عـــن مـقـتـضـيـات «الـتـربـيـة الإعـامـيـة»، التي يمكن أن تحدّ مـن الاحـتـمـالات الكارثية، وهنا يكمن الخطر الأكبر. لحاجة أم لاختلاف في التوجّهات؟ قنوات إخبارية عربية جديدة تتنافسعلىحصصالخبر والرأي خــال أقــل مـن سنتين مـن إطـــاق «الـقـاهـرة الإخــــبــــاريــــة»، كـفـضـائـيـة تـبـحـث عـــن حــصــة من الحضور في مخاطبة العالم والرأي العام العربي والــــدولــــي، أطــلــقــت الـــكـــويـــت قــنــاتــهــا الإخـــبـــاريـــة الــخــاصــة، فـــبـــدأت هـــي الأخـــــرى بـحـجـز موقعها مــن فــضــاء عــربــي يـمـتـ بـالمـحـطـات الإخــبــاريــة، رغم ما يشاع من هجرة محتملة عن التلفزيون لـــصـــالـــح مـــنـــصـــات الــــتــــواصــــل الـــتـــي أزاحــــــــت مـا يوصف بالأشكال التقليدية للإعلم والتواصل. إنـه فضاء يـزدحـم بالقنوات الإخـبـاريـة، فـي ظل تـطـورات سياسية وتــحــوّلات اتصالية لا تهدأ، تشهدها المنطقة. ومـن ثـم، الـسـؤال مـطـروح عن دلالات هـذا الإقـبـال على إطــاق قنوات إخبارية جديدة، وما إذا كان ذلك يعكس حاجة وتنوّعاً مثرياً أم اختلفاً في توجهات المنطقة ومنصات التعبير عنها؟ ومـاذا عن مسألة الموضوعية؟ وهل تواجه تحدياً خاصاً، في ظل هذا النمط من الإطلقات والفضائيات التي تخاطب الــرأي العام العربي والعالمي؟ «الــــــــشــــــــرق الأوســــــــــــــــط» اســــتــــطــــلــــعــــت آراء مـــتـــخـــصـــصـــ فــــــي قـــــطـــــاع الإعـــــــــــام والــــدعــــايــــة الـــســـيـــاســـيـــة، عــــن تـــــطـــــورات المـــشـــهـــد الإعــــامــــي الــــعــــربــــي، وهـــــو يــســتــضــيــف مـــحـــطـــات جـــديـــدة، تـتـنـاول الأخــبــار والأحــــداث السياسية، وتضخ برامج إخبارية وثقافية وحوارية جادة. إنه تحدٍ كبير الــــدكــــتــــور ســـعـــد بــــن طـــفـــلـــة، وزيــــــر الإعـــــام الكويتي الـسـابـق، قــال إن «انـتـشـار الفضائيات الإخـــبـــاريـــة فـــي هــــذا الـــعـــالـــم الـــــذي يــشــهــد ثـــورة مـــنـــفـــعـــلـــة جــــــــداً، وثــــــــــورة رقــــمــــيــــة بــــركــــانــــيــــة فــي الاتــصــالات وعـالـم المـعـلـومـات بشكل عـــام، تحدٍ كــبــيــر... والـجـمـيـع يـــحـــاول أن يــوجــد مـكـانـة له في نشر الخبر. وبالتالي، التأثير على صياغة الأحداث وتوجيه الرأي العام المحلي والعالمي». وأشـــــــــار بـــــن طـــفـــلـــة إلــــــى أن «الــــتــــأثــــيــــر فـي المجتمعات المحلية أصبح مستحيلً، لأن العالم الـــيـــوم يـشـهـد قــــدرة الإنـــســـان الـــعـــادي عـلـى فتح نوافذ يطل منها إلى الأحداث والعالم، ويتابعها حيّة على الهواء»، لافتاً إلى أن «فكرة الفضائيات الإخــبــاريــة بشكل عـــام سـتـواجـه الـتـحـدّي نفسه الـــــذي تـــعـــرّضـــت لـــه الـــصـــحـــافـــة، وكـــذلـــك الإعــــام الــورقــي، فـي ظـل مـا يتمتع بـه إنـسـان الـيـوم من تقنيات حوّلته من مستهلك صامت، إلى وسيلة إعـــام متنقلة، بــــوزارة إعـــام متكاملة يحملها في جيبه، ويقوم من خلل هاتفه بنشر الأخبار وتسجيلها عبر الـبـثّ الـحـي أو النشر الـاحـق، بكل أشكال الوسائط المتاحة». وزيـر الإعــام الكويتي السابق رأى أن هذا الواقع سيضطر القائمين على هذه الفضائيات إلـى «التركيز على صيغة جديدة من المحتوى، تتجاوز الاعتماد على الخبر إلى الخبر المطوّر، بـمـعـنـى أن يـــركـــزوا عـلـى تـقـديـم بــرامــج تضيف إلى المشاهد الجديد، وتلبي احتياجات وذائقة مختلفة لدى الجمهور المتشبع بالأخبار». واسـتـبـعـد الــدكــتــور سـعـد أن يستقر شكل المـــشـــهـــد الإعـــــامـــــي الــــعــــربــــي والــــعــــالمــــي قـــريـــبـــ ، موضحاً: «كثيرة هي التحديات التي لا نستطيع أن نـحـكـم عليها الـــيـــوم، لأنــنــا فــي بـــدايـــات هـذه الـــثـــورة الــرقــمــيــة، ويـتـطـلـب الأمــــر الـتـمـهـل حتى يكتمل نمو الجيل الرقمي الحالي... أبناء هذا الـجـيـل هــم مــن يستطيع الإجــابــة عــن تـسـاؤلات راهنة بشأن المشهد الإعلمي وتحولاته، وقد لا نعثر على إجابة إلا بعد عقد أو عقدين من الآن». التلفزيون يتطوّر والمحتوى يتمدّد مــــــن جــــهــــتــــه، يـــســـتـــبـــعـــد الـــــدكـــــتـــــور غــــــازي العمري، الباحث في الإعــام السياسي ومؤلف كتاب «الدعاية السياسية»، أن يهجر الجمهور التلفزيون، ويــشــرح: «التلفزيون اخــتــراع قديم يــــتــــطــــور، وصـــحـــيـــح أنــــــه لـــــم يـــعـــد ذلــــــك المـــنـــتَـــج الـــحـــصـــري الـــــذي يـمـلـي عـلـيـنـا خــــيــــارات الــوقــت والمـــادة المـعـروضـة، لكن كـل مـن يملك شاشة أياً كــــان حـجـمـهـا، ولــــو كــــان بـحـجـم بــوصــة واحــــدة في ساعة اليد الذكية، سيصله محتوى القناة الجديدة، ما دامـت تتمدد في وسائل التواصل كناشر... وكل هذا علىصعيد الأحداث الساخنة والتنوع والإثــراء، ولا يمكن أن يهجر الجمهور وسـائـل الإعـــام الناطقة بـاسـم أرضـــه وسمائه، فالجمهور يستبدل الأجهزة فقط». وعــمّــا إذا كــانــت هـــذه الـفـضـائـيـات تعكس تــنــوّعــ أم هـــي تـعـبـيـر عـــن اخـــتـــاف الـتـوجـهـات السياسية الـتـي تشكل المنطقة، يـقـول الدكتور الـــعـــمـــري: «ثـــمـــة اخـــتـــاف جـــلـــيّ لـلـتـوجـهـات في المـــنـــطـــقـــة، ســـيـــاســـيـــ واقــــتــــصــــاديــــ واجــتــمــاعــيــ وثقافياً، ومحاولات الهيمنة باتت أكثر وضوحاً، فالكل يقفز وينوّع التحالفات، والسياسة تجلّت كمسألة متغيرة بل مواربة». ويضيف أن الإعلم المموّل حكومياً «يثبت يــومــ بـعـد آخـــر أنـــه المـــغـــذّي الــرئــيــس للجمهور المتابع للأخبار والإثراء المعرفي والآيديولوجي والــتــرفــيــهــي واتـــجـــاهـــات الـــعـــالـــم وســاكــنــيــه في التسلية والرياضة والطبخ، عبر تغذية منصات وســـائـــل الـــتـــواصـــل». ويــتــابــع: «لـــو أغـلـقـنـا هـذه الـــقـــنـــوات كــلــهــا، لمـــا بــقــي فـــي وســـائـــل الــتــواصــل إلا تــنــاحــر فـــئـــوي وجــمــاعــاتــي وردّي، وبـعـض فـيـديـوهـات مـتـنـاثـرة هـنـا وهـــنـــاك، وتـبـعـ لذلك فالقنوات الفضائية الجديدة تأتي فـي توقيت مناسب جداً، ما دام الحال كذلك». الدعاية السياسية... وتضرر الموضوعية أما ماجد الجريوي، الأكاديمي المتخصص في الإعلم، فيرى أن الاستمرار في إطلق قنوات إخبارية جديدة «يؤكد، بل يجدد أهمية الإعلم ودوره المـؤثـر كـقـوة ناعمة فـي تكوين وتشكيل الاتجاهات والآراء، والحرصعلى السيطرة على منابع الأخبار وطـرح الدعايات السياسية لكل كـيـان، ولا سيما أن معظم الكيانات الإخبارية مــمــولــة مـــن حـــكـــومـــات، والـــبـــعـــض الآخـــــر تـــؤول ملكيته إلـــى الـقـطـاع الـــخـــاص، إلا أن مـاّكـهـا لا تنقصهم الأهــداف السياسية التي يسعون إلى تحقيقها». ووفق الجريوي: «الاختلف في التوجهات وتـبـايـن الــدعــايــات الـسـيـاسـيـة مــن أهـــم الــدوافــع إلى تكوين أذرع إعلمية لكل مشروع أو توجه، يبني له منافذ إعلمية تضمن وصول أهدافه»، مـسـتـشـهـداً بــحــالــة الــتــبــايــن فـــي الـتـغـطـيـة الـتـي تبثها محطتا «ســـي إن إن» و«روســـيـــا الــيــوم» لــــ حــــداث الـــشـــرق أوســـطـــيـــة، والاخــــتــــاف الـــذي يظهر بينهما، ليس على مستوى الرأي فحسب، بل في إيراد المعلومة والتعاطي معها. ومن ثم، يعتقد الجريوي أن «الموضوعية تشهد تناقصاً ملحوظاً... وخصوصاً بعدما أصبح معظم تلك القنوات ليست أكثر من كيانات ومشاريع وأذرع دعــــايــــة، الأمـــــر الـــــذي يـجـعـل مــســاحــة الــحــيــاديــة والمـــوضـــوعـــيـــة تــتــنــاقــص فــــي فـــضـــاء الإعـــــــام». ويستطرد: «تضرر الموضوعية يعجّل من هجرة الجمهور عـن التلفزيون، ومـحـاولـة البحث عن مصادر تلقٍ مختلفة ومنفصلة عن تأثير ملّك المـــؤســـســـات... لـكـن هـــذا لا يـعـنـي أن الـتـلـفـزيـون بمحطاته الإخبارية الجديدة خسر الرهان في المنافسة الإعـامـيـة». ويختتم موضحاً: «حتى مــع ضـعـف الإقـــبـــال عـلـى الـتـلـفـزيـون، فـــإن حجم الـشـبـكـات الاجـتـمـاعـيـة الـتـابـعـة لـتـلـك الـقـنـوات، والأعداد المليونية التابعة لها، علوة على كثافة الآراء المـطـروحـة والمـعـلـومـات الـتـي تـمـرر فيها، كـل هـذا يـوفّـر لأي جهة تمتلك مشروعاً دعائياً الــفــرصــة لأن تـجـد فـــي الــقــنــوات الإخـــبـــاريـــة أهـم أدواته». سعد بنطفلة العجمي الرياض: عمر البدوي شعار «آر تي» (رويترز) شعار قناة «القاهرة الإخبارية» (قناة القاهرة الإخبارية) اتجاه الناشرين لـ«ريديت»... بين الترويج ومواجهة تراجع الأخبار دفع نمو عدد مستخدمي منصة «ريديت» أخـــيـــراً، الــنــاشــريــن لـتـعـزيـز حــضــورهــم وزيــــادة حــســابــاتــهــم عـــلـــى المـــنـــصـــة، مــــا أثــــــار تـــســـاؤلات بشأن دور ذلك في الترويج للمحتوى الإعلمي، خـصـوصـ مــع تــراجــع الاهــتــمــام بــالأخــبــار على مــنــصــات الـــتـــواصـــل الاجــتــمــاعــي الـــكـــبـــرى، مثل «فيسبوك»، و«إكس». هذا، وكان قد تضاعفعدد مرات، خلل الفترة 3 قراء منصة «ريديت» نحو وأبـــريـــل (نـيـسـان) 2023 ) مــا بــ أغـسـطـس (آب مــلــيــون زائـــــر شــهــريــ ، 346 لــيــصــل إلــــى 2024 وفــق بيانات مـوقـع «سـيـمـرش» المتخصص في حسابات زيارات منصات التواصل. أويـن فينسر، مؤسس وكالة «ريدفيسبل» لـحـسـاب الـنـمـو الــرقــمــي، أشــــار إلـــى أن «منصة ريديت نمت بشكل مطرد ومتزايد خلل الشهور الـتـسـعـة المــاضــيــة، وهـــو مــا دفـــع الـنـاشـريـن إلـى إعـــادة النظر فـي استراتيجيات تطوير وجـذب الــجــمــهــور، ومــحــاولــة الاســـتـــفـــادة مـــن (ريـــديـــت) فـــي جــلــب زيـــــــارات لــلــمــواقــع الإخــــبــــاريــــة»، وفــق تقرير نـشـره مـوقـع «أدويــــك» الأســبــوع المـاضـي. وبالفعل، أنـشـأت صحيفة «الـنـيـويـورك تايمز» حـسـابـ لـهـا عـلـى «ريـــديـــت» أخـــيـــراً، كـمـا أعـــادت مجلة «نـيـوزويـك» ووكـالـة «أسوشييتد بـرس» وصـــحـــيـــفـــة «الإنــــدبــــنــــدنــــت» وغــــيــــرهــــا، تـفـعـيـل حساباتها على المنصة. رامي الطراونة، مدير إدارة الإعـام الرقمي فـــي مـــركـــز الاتـــحـــاد لـــ خـــبـــار، قــــال فـــي لـــقـــاء مع «الـشـرق الأوســـط» إن «منصة ريديت باتت ذات تــأثــيــر واضـــــح إخـــبـــاريـــ ، خـــــارج نـــطـــاق المـنـطـقـة العربية، لما تتميز به من بنية حاضنة لمساحات الحوار بشكل أكثر تركيزاً وتخصصية، مقارنة ببقية منصات الـتـواصـل الـحـالـيـة». وأردف أن «شعبية (ريديت) ونموذجها النصي الحواري يـــــعـــــزّزان فـــكـــرة اســـتـــخـــدامـــهـــا لـــتـــرويـــج الأخـــبـــار وتداولها. وهو ما أثبتته فعلياً المؤشرات التي توضح تزايد تدفق المستخدمين إلى المنصة عبر مـحـرك الـبـحـث (غـــوغـــل)، الـــذي خـصـص تبويباً جديداً للمنتديات، ضمن مبادرات تعزيز انتشار المـــحـــتـــوى المـــفـــيـــد، الأمـــــر الـــــذي أنـــعـــش (ريـــديـــت) وعـدداً من المواقع المشابهة في الفترة الأخيرة». بيد أن الـطـراونـة يــرى أن «انـتـشـار الأخـبـار عبر (ريديت) لا يعني بالضرورة قدرتها على توجيه المستخدمين نحو المــواقــع الإخـبـاريـة الأخـــرى». وأوضـــــــح إلـــــى أن «(ريــــــديــــــت) كـــانـــت مــــن أوائـــــل المنصات التي أبرمت شراكة مع (أوبـن إيه آي)، مـا يعد عنصر جــذب إضافياً يشير إلــى دخـول المـنـصـة أجــــواء المـنـافـسـة، وفـقـ لأحـــدث الأدوات المتاحة». وللعلم، تصنّف «ريديت» التي أطلقت سنة باعتبارها «شبكة اجتماعية 20 قبل نحو تــســمــح لمـسـتـخـدمـيـهـا بــمــشــاركــة اهـتـمـامـاتـهـم وهواياتهم وخبراتهم»، بحسب موقع المنصة، مليون مستخدم 91 الذي يشير إلى «وجود نحو نشط يومياً على المنصة». أمـــــا مـــحــمـــد فـــتـــحـــي، الـــصـــحـــافـــي المـــصـــري المتخصص فـي شـــؤون الإعـــام الـرقـمـي، فأشار لـــــ«الــــشــــرق الأوســــــــط» إلـــــى أن «مـــنـــصـــة ريـــديـــت أصـــبـــحـــت إحــــــدى المـــنـــصـــات المـــهـــمـــة لـلـنـقـاشـات المــفــتــوحــة وتــــبــــادل المـــعـــلـــومـــات حــــول مــواضــيــع مـتـنـوعـة، حـيـث تـعـتـمـد عـلـى طـريـقـة الانـتـخـاب والــتــصــفــيــة لــلــتــعــلــيــقــات والمـــــنـــــشـــــورات، حـسـب صحة المـعـلـومـات وقـوتـهـا». وتـابـع أن «المنصة استطاعت جـذب المستخدمين من جميع أنحاء العالم ليقترب حجم الزيارات الشهرية من نصف مليار زيارة، بحسب تقارير عديدة». وأرجع ذلك إلــى «مـحـتـوى (ريــديــت) الغني والمـتـنـوّع، وكبر حجم مساحات النقاش والرأي، مثل مجتمعات الأخبار التي كانت تعتمدها بعض المؤسسات الصحافية في البداية أو منتديات الإنترنت في التسعينات». وأوضح فتحي أن «(ريديت) باتت منافساً قوياً لمنصات التواصل الاجتماعي، لأنها تعزّز حركة زيارات الناشرين، ما يجعلها مساعداً قوياً لجلب مـايـ الـــزيـــارات الشهرية إلــى الصحف الإلـكـتـرونـيـة والمــواقــع الإخـبـاريـة فـي ظـل بعض القيود على المحتوى في المنصات الأخرى». لكن رغم ذلك يرى الصحافي المصري أن «(ريديت) لن تستطيع أن تضاهي أو تقترب من مكانة أي من شركات التكنولوجيا العملقة... فهي وإن كانت تـنـمـو بـسـرعـة كـبـيـرة جـــداً فـــي كــنــدا والـــولايـــات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، لكنها تجد صعوبة في النمو ببعض المناطق من العالم، مثل منطقة الـــشـــرق الأوســـــط وشــــرق آســيــا وبــعــض مـنـاطـق أوروبــــا»، مشيراً إلـى أنـه «خــال الفترة الأخيرة تـلـقـت المــنــصــة اســتــثــمــارات كــبــيــرة مـــن شــركــات التكنولوجيا». مــــا يــــذكــــر أنـــــه يــــأتــــي الاهــــتــــمــــام بـمـنـصـة «ريـــــديـــــت» فــــي ظــــل تــــراجــــع اهـــتـــمـــام مـنـصـات الــــتــــواصــــل الاجـــتـــمـــاعـــي الـــكـــبـــرى بـــالأخـــبـــار، لصالح مقاطع الفيديو القصيرة. ولقد تراجع مـعـدل زيــــارات المــواقــع الإخـبـاريـة مـن الـروابـط في المائة 85 المنشورة على «فيسبوك» بنسبة ، وفقاً لبيانات موقع «تشارت 2018 منذ عـام بيت». وفي هذا السياق، أوضح رائف الغوري، المـــــــــدرب والــــبــــاحــــث المـــتـــخـــصـــص فـــــي الــــذكــــاء الاصـطـنـاعـي الـتـولـيـدي، لــ«الـشـرق الأوســـط»، أن «(ريــــديــــت) تــؤثــر بـشـكـل كـبـيـر فـــي انـتـشـار الأخبار والمعلومات من خلل آليات عـدة، ولا سيما أنها تعتمد على المحتوى الـذي ينشئه المـسـتـخـدم، وتـتـيـح بـابـ متنوعاً للمناقشات والـتـعـلـيـقـات، ونـظـامـ للتصويت يـسـمـح في رفــع الأخـبـار إلــى قمة الصفحة الرئيسة حال زاد التفاعل عليها». القاهرة: فتحية الدخاخني

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky