issue16699

13 حــصــاد األســبـوع ANALYSIS Issue 16699 - العدد Saturday - 2024/8/17 السبت ألوكرانية الساحل األفريقي... جبهة جديدة للحرب الروسية ــ ا يمكن الـقــول إن أوكـرانـيـا كسبت في مـالـي أول مـعـركـة دعـمـت فيها املـتـمـرّديـن الــــــطــــــوارق، الــــذيــــن دمّـــــــــروا وحـــــــدة كــامــلــة مـــن الــجــيــش املـــالـــي ومـيـلـيـشـيـا «فــاغــنــر» الروسية، وراح ضحيتها عشرات املقاتلني الـــروس قبل أسـبـوعـ . ولـكـن هـل يـا ترى ستكسب الحرب في منطقة يقول التاريخ إن حروبها تنتهي من دون منتصر؟ «صدمة تينزواتين» ساهمت ميليشيا «فاغنر» الروسية الـــخـــاصـــة، بـشـكـل واضـــــح فـــي انـــتـــصــارات الــجــيــش املـــالـــي ضـــد املــتــمــرديــن الـــطـــوارق والعرب، وسيطرته على مدن شمال مالي، مــا مـنـحـه الـكـثـيـر مــن الـثـقـة وهـــو يـشـاهـد املـتـمـرديـن ينسحبون دون اسـتـمـاتـة في القتال طيلة األشهر املاضية. بيد أن الـصـدمـة وقـعـت حـ حاولت وحــــــــدة مـــــن الــــجــــيــــش املـــــالـــــي و«فــــاغــــنــــر» اإلطــــــبــــــاق عــــلــــى بــــلــــدة تــــيــــنــــزواتــــ ، آخــــر معاقل املتمردين، على الحدود بني مالي والـــجـــزائـــر. فـهـنـا واجـــهـــت كـمـيـنـ مُحكمًا انتهى بتدمير الوحدة العسكرية، ومقتل مئات الجنود واعتقال العشرات، وكانت تـــلـــك الــــخــــســــارة األولـــــــــى واألقـــــســـــى الـــتـــي تتعرض لها «فاغنر» في منطقة الساحل والصحراء. والـــــواقـــــع أن املـــتـــمـــرديـــن لــــم يـكـتـفـوا باالنتصار العسكري فقط، بل حوّلوه إلى انتصار إعالمي ودعائي، إذ انتشرت على مواقع التواصل االجتماعي مقاطع فيديو وصور تظهر حجم الخسائر الفادحة التي تعرضت لها امليليشيا الروسية الخاصة تــــحــــديــــدًا، ولــــــم تــــتــــرك أي مــــجــــال إلخـــفـــاء الـهـزيـمـة أو تــبــريــرهــا، األمــــر الــــذي كشف بوضوح أن املتمردين خططوا لكل شيء. الالعب الجديد مــبــاشــرة بـعـد «مــعــركــة تــيــنــزواتــ »، ومــــا أثــــارتــــه مـــن ردود فــعــل واســـعـــة عبر الــعــالــم، خـــرج مــســؤول فــي االسـتـخـبـارات الـــعـــســـكـــريـــة األوكــــــرانــــــيــــــة اســــمــــه أنــــدريــــه يــــوســــوف، لــيــلــمــح إلـــــى أن كــيــيــف قـــدّمـــت معلومات إلى املتمردين لكي يتمكنوا من اإليقاع بمقاتلي «فاغنر» والجيش املالي. وأضــــــــاف املـــــســـــؤول االســـتـــخـــبـــاراتـــي األوكــرانــي أن بـــ ده قـدمـت إلــى املتمردين «كل املعلومات الضرورية التي يحتاجون إليها، وليس املعلومات فقط التي سمحت لهم بـإجـراء عملية عسكرية ناجحة ضد مرتكبي جرائم الحرب الروس». ومن ثم، ذهب هذا أبعد من ذلك، حني قـــال فـــي تـصـريـحـات صـحـافـيـة: «ســتــرون املزيد من هذا في املستقبل». ومن جانبه، نشر يوري بيفوفاروف، السفير األوكراني لـــدى الـسـنـغـال، مقطع فـيـديـو ذكـــر فـيـه أن كييف «لعبت دورًا» في املعركة التي هُزمت فــيــهــا قــــــوات الـــجـــيـــش املــــالــــي و«فـــاغـــنـــر»، ودعمت املتمردين الطوارق والعرب. هـــــــــذه الـــــتـــــصـــــريـــــحـــــات أســـــــفـــــــرت عـــن اســـتـــدعـــاء الــســفــيــر األوكـــــرانـــــي مــــن طـــرف الـــســـلـــطـــات الــســنــغــالــيــة لـــ حـــتـــجـــاج عـلـى تــــصــــريــــحــــاتــــه، كــــمــــا أوفـــــــــــدت الـــســـلـــطـــات السنغالية وزيـرهـا األول عثمان سونكو إلــى العاصمة املـالـيـة بـامـاكـو ليؤكد أمـام الصحافيني أن «الـسـنـغـال لـن تسمح بأن تكون أراضيها معبرًا للمساس بأمن دولة جارة مثل مالي». وأيــضــ ، أعـلـن كـل مـن مـالـي والنيجر وبوركينا فاسو قطع عالقاتها مع حكومة كييف، في محاولة واضحة ملحاصرة أي دور محتمل ألوكرانيا في الحرب الدائرة فـي منطقة الـسـاحـل، وهــي حــرب يـبـدو أن روسيا تريد الهيمنة عليها وحدها، دعمًا لألنظمة العسكرية املتحالفة معها. الساحل المشتعل لــــقــــراءة أي دور مــحــتــمــل قــــد تـلـعـبـه أوكــرانــيـــا فــي مـنـطـقـة الــســاحــل األفــريــقــي، يـــعـــتـــقـــد عـــبـــد الـــصـــمـــد مـــــبـــــارك، األســــتــــاذ بـجـامـعـة نــواكــشــوط والـخـبـيـر فــي الـشـأن األفــــريــــقــــي، أنـــــه ال بــــد مــــن «فـــهـــم الـــوضـــع الـــخـــاص الــــذي تــمــر بـــه املــنــطــقــة»، مـشـيـرًا إلـى أن «دول الساحل عمومًا تعيش أزمة أمــنــيــة تــتــجــلّــى فـــي الــــحــــروب والـــنـــزاعـــات املسلحة. وهـــذه أدّت بــدورهــا إلــى انـعـدام االســـتـــقـــرار الـسـيـاسـي الــنــاجــم عـــن تـــداول ظــــاهــــرة االنــــقــــ بــــات الــعــســـكــريـة، وفــــرض حالة االستثناء والطوارئ في عموم بلدان الساحل األربـعـة: مالي، وبوركينا فاسو، وتشاد، والنيجر». ويــضــيــف مــــبــــارك، خــــ ل حـــديـــث مع «الــشــرق األوســـــط»، أن الــوضــع الـقـائـم في منطقة الساحل «فرض سياقًا جديدًا بفعل تنوّع املواقف وتعدّدها من حالة الساحل بصفة عامة، خصوصًا بعد تطوّر صراع الـنـفـوذ بــ الــقــوى العظمى إزاء األنظمة الــعــســكــريــة فـــي دول (تــحــالــف الــســاحــل). وهو التحالف الذي أسّس أخيرًا بني مالي والنيجر وبوركينا فاسو ملواجهة املخاطر فـــي الــســاحــل األفـــريـــقـــي، وكـــذلـــك الـتـصـدي للمجموعة االقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)». من جانب آخـر، يعتقد األكاديمي والخبير في الشأن األفريقي أن الوضع ازداد تعقيدًا «بعد تنامي صراع النفوذ بـــ الـــحـــضـــور االقـــتـــصـــادي الـصـيـنـي واألطــــمــــاع الــدبــلــومــاســيــة األمــيــركــيــة واملـــد األمــنــي الـــروســـي، مـقـابـل تـراجـع النفوذ الـفـرنـسـي... مـع أن فرنسا هي الحليف االستراتيجي للدول األفريقية منذ فترة ما بعد االستقالل». الحل العسكري عبد الصمد مبارك يرى أن التطورات األخيرة في شمال مالي «نتيجة طبيعية» لـــلـــقـــرار الـــــذي اتـــخـــذه املــجــلــس الـعـسـكـري الحاكم في مالي، حني تخلّى عن «اتفاقية مـع الحركات 2015 الـجـزائـر» املوقّعة عـام املسلحة الساعية إلى إنشاء «حكم ذاتي» أو «نظام فيدرالي» في شمال مالي. وكانت سنوات 10 هذه االتفاقية قد نجحت قرابة في تحقيق سالم بني باماكو واملتمردين. جـــديـــر بـــالـــذكـــر أن الــعــســكــريــ الــذيــن يحكمون مالي الـيـوم مؤمنون بــأن الخيار العسكري هو الـذي سيمكنهم من استعادة الــســيــطــرة عــلــى مــنــاطــق واســـعـــة مـــن شـمـال مـــالـــي، ظــلــت لــســنــوات كــثــيــرة خــــارج دائــــرة نفوذ الجيش املالي. وبناء على ذلك، أطلق املجلس العسكري الحاكم قبل سنتني عملية عسكرية هدفها إعادة «توحيد» مالي. وهــنــا يــقــول الـخـبـيـر مـــبـــارك إن قـــرار بـــامـــاكـــو أطـــلـــق «مــــواجــــهــــة مـــيـــدانـــيـــة بـ املتمردين والسلطات العسكرية الجديدة فــي دولــــة مــالــي، الــتــي تـعـيـش أصــــ أزمــة شرعية في الحكم. وهذا ما جعلها تلتفت مـــبـــكـــرًا نـــحـــو روســــيــــا عـــبـــر قـــــوة (فـــاغـــنـــر) لضمان تـعـزيـزات أمنية لتوفير الحماية العسكرية بعد انسحاب القوات الفرنسية وتالشي الدفاع العسكري لـدول منظومة دول الساحل». ويستطرد شارحًا أنه مع هذا الوضع «دخلت سلطات مالي في مواجهة جديدة مع جبهة من دول امليدان بقيادة الجزائر، وكــذلــك أفـسـحـت املــجــال أمــــام التنظيمات الـــتـــحـــرريـــة فـــي أزواد الســـتـــجـــ ب حـلـفـاء جــــدد. هُــنــا تـسـلّــلـت أوكـــرانـــيـــا عــبـر بـوابــة حـاجـة املـتـمـرديـن للمساندة فـي مواجهة (فاغنر). وبالتالي، فتحت أوكرانيا جبهة جـديـدة مـن الــصــراع خـــارج حلبة الـصـراع الحقيقية على الحدود مع روسيا». ماذا تريد كييف؟ يـعـتـقـد مــبــارك أنـــه «مـــن الطبيعي أن تصبح أوكـرانـيـا هـي الـ عـب الـجـديـد في منطقة الساحل األفريقي من أجل مواجهة الـــنـــفـــوذ الـــــروســـــي... وهــــي مـــن خــــ ل ذلــك تـسـعـى لتحقيق عـــدة أهــــــداف». ويضيف مـن ثـم «أن أوكــرانــيــا، وهــي تـدخـل منطقة الـــســـاحـــل األفـــريـــقـــي، تـحـتـمـي بـاملـنـظـومـة الغربية فـي الخلفية، وذلـــك وفــق مقاربة ثنائية جديدة هدفها الواضح هو إضعاف زخـــم الـــحـــرب فـــي الــســاحــة األوروبــــيــــة بني روســـيـــا وأوكـــرانـــيـــا، وإبـــعـــاد الـــنـــيـــران عن الدول األوروبية». وهــــنــــا، يـــتـــابـــع مـــوضـــحـــ أنــــــه خـــ ل الـسـنـوات املـاضـيـة كـانـت أوكـرانـيـا خـارج «لــــعــــبــــة الـــــنـــــفـــــوذ» فـــــي مـــنـــطـــقـــة الـــســـاحـــل األفـــريـــقـــي «غـــيـــر أنـــهـــا الــــيــــوم تــــحــــاول أن تـــدخـــل مــــن بـــــاب الـــتـــأثـــيـــر عـــلـــى مــجــريــات الحرب في دولـة مالي. وبالتالي، تحاول أن تخلق منافذ لتأزيم الوضع وتعقيده أمــــام الــنــفــوذ الــــروســــي». وهـــكـــذا، يـتـوقـع األكــــاديــــمــــي والـــخـــبـــيـــر أن أوكــــرانــــيــــا، فـي الــبــدايــة، «لـــن تـكـثـر مــن خـلـق األعـــــداء، بل ستركّز جهودها على تفادي تشتت القوة وانــدثــار مـحـدوديـة التأثير املـبـاشـر على عـدوهـا الـروسـي، ممثال فـي قـوة (فاغنر) من خـ ل حضورها في الساحل، قبل أن تـتـوسـع مــجــريــات األحـــــداث حـسـب تـعـدد األطماع وتقدّم جبهات القتال العسكري في منطقة، أصبحت اليوم مفتوحة على قـــوى الـنـفـوذ وتـبـعـات مـتـغـيـرات الـصـراع الدولي». علبة كبريت حــقــ، يـمـكـن وصـــف منطقة الـسـاحـل اآلن بأنها غدًا علبة كبريت (عيدان ثقاب) مفتوحة على جميع االحـتـمـاالت، وقابلة لــ نــفــجــار فـــي أي وقـــــت. وهـــــذا مـــا يصفه مبارك بأنه «تأزيم املتأزم أصــ ً»، ويلفت إلى أن دخول سلطات كييف - املدعومة من الغرب - على الخط وفتح جبهة جديدة في الساحل ملواجهة روسيا «سيفاقم الوضع املــتــأزم أصــــ ً». ثـم يشير فـي هــذا السياق إلــــى أن مـنـطـقـة الــســاحــل «تــحــمــل خلفها تــاريــخــ طـــويـــ مـــن الـــصـــراعـــات املسلحة الــدامــيــة، وتــعــدد الـ عـبـ فيها يـزيـد من الخطر». هـــــذا الـــجـــانـــب يـــشـــرحـــه الـــخـــبـــيـــر فـي الــشــأن األفـريـقـي بـالـقـول إن «مـــا تحتاجه املنطقة أكثر من أي شيء آخر هو سياسة األمــــر الـــواقـــع، مــن أجـــل مـواجــهــة املـخـاطـر املــــحــــدقــــة بـــاملـــنـــطـــقـــة بـــمـــا فـــيـــهـــا الــــحــــروب بـــالـــوكـــالـــة، والـــجـــريـــمـــة املــنــظــمــة الــعـــابـــرة للحدود، واإلرهــاب والتطرف، وعصابات تهريب البشر والشبكات املنظمة للهجرة غـيـر الـشـرعـيـة... وكـلـهـا ظــواهــر أصبحت عــمــلــة مـــتـــداولـــة فـــي جُـــــل بـــلـــدان الــســاحــل الخمسة، باستثناء موريتانيا». كذلك، يضيف أن كل ما سبق «يخلق حـــالـــة مـــن انــــعــــدام االســـتـــقـــرار الـســيـاسـي، مــمــزوجــة بـالـعـمـل الــعــســكــري فـــي منطقة مـفـتـوحـة عــلــى كـــل االحـــتـــمـــاالت»، قــبــل أن يشير إلى أن هذه «تحديات وجودية ذات طـابـع أمـنـي وتـنـمـوي، قـد تعصف بكيان هــذه الـــدول التي يهددها الفقر والتخلف االقـتـصـادي، زيـــادة على الهاجس األمني وعدم شرعية األنظمة السياسية القائمة». تفادي األسوأ فـــي الـحـقـيـقـة، ال يـــعـــول الـــخـــبـــراء في الشأن األفريقي على استنباط حل ناجع من املنظومة الدولية، وهذا بسبب الصراع الـــدائـــر بـــ املـنـظـومـة الـغـربـيـة واملـعـسـكـر الشرقي، وبسبب فشل التجارب السابقة الـتـي قـادتـهـا فـرنـسـا واالتـــحـــاد األوروبــــي سنوات... وكلها لم تفض 10 على امتداد إلى أي نتيجة في دول الساحل. بناء عليه، يتجه الخبراء نحو البحث عـــن حـــلــول مـحـلـيـة، ولـكـنـهـا هـــي األخــــرى تـــواجـــه مــشــاكــل كــبــيــرة بـسـبـب الــخــ فــات والـــصـــراعـــات وغــيــاب اإلرادة الـسـيـاسـيـة. وهـنـا يـــرى مــبــارك أن «املـشـهـد السياسي الوليد فـي الساحل األفريقي لـه تداعيات خـــطـــيـــرة عـــلـــى املــنــطــقــة بــصــفــة عــــامــــة، مـا يـتـطـلـب عــمــ مـحـكـمـ واسـتـبـاقـيـ يـمـكّــن مـن تـفـادي انـــزالق املنطقة نحو املجهول، فــــي ظــــل تـــنـــامـــي الــــوضــــع األمــــنــــي املــغــلــق ودخــول فاعلني جـدد لهم أجـنـدات خاصة وحسابات خارج السياق األفريقي املتأزم أصالً». ميليشيا «فاغنر»... تتحرك على أرض مالي ومنطقة الساحل (رويترز) ال تـــتـــوقّـــف مـنـطـقـة الـــســـاحـــل األفـــريـــقـــي عـــن اسـتــيـاد املـفـاجـآت، وهـي التي تعيش على وقـع حـرب أهلية طاحنة سنوات، إال أنها حرب تجذب إليها يومًا 10 منذ أكثر من بعد يوم العبني جددًا. وآخر هؤالء اللعبني كانت أوكرانيا، الساعية ملنافسة النفوذ الروسي إثر انهيار النفوذ الفرنسي والــغـربــي فــي منطقة ظـلـت ألكـثـر مــن قـــرن حـديـقـة خلفية للمنظومة الغربية. أوكرانيا التي تخوض منذ سنوات حربًا شرسة ضد روسيا، تحاول راهنًا فتح جبهة جديدة لهذه الـحـرب تبعد آالف الكيلومترات مـن سـهـول شــرق أوروبـــا وصقيعها، وتتأجج وسط لهيب الصحراء الكبرى... فهل تنجح في أن تُعيد للمنظومة الغربية نفوذها املتصدّع في الساحل األفريقي؟ «قنبلة موقوتة» في مالي: «فاغنر» تدعم الجيش ... وكييف مع المتمردين نواكشوط: الشيخ محمد عقبات دون توسّط «دول الجوار»... الجزائر وموريتانيا بالذات يعتقد عبد الصمد مــبــارك، األكـاديـمـي الخبير فـي الشأن > األفريقي، أن «الوضع القائم في مالي ومنطقة الساحل يتطلب دورًا محوريًا لدول الجوار األفريقي، وبخاصة تلك التي تمتلك مستوى معينًا من التأثير العسكري واألمني والسياسي على دول الساحل؛ على غرار الجزائر وموريتانيا». ويضيف أن دوال مثل الجزائر وموريتانيا تستطيع أن تلعب دورًا في «انتشال املنطقة من مستنقع الصراعات الضيقة املدمرة، التي قد تكون لها تداعيات جد خطيرة على مستقبل بقاء الدولة املركزية في مالي، وغيرها من الكيانات املماثلة». في املقابل، يبقى احتمال تحرك الدولتني مستبعدًا، أوال ألن عــ قــات الـحـكـمـ فــي الــجــزائــر ومــالــي تــمــر بـفـتـرة مــن الـتـوتـر غير املـسـبـوق. إذ اتهمت بـامـاكـو السلطات الـجـزائـريـة بـدعـم املتمردين الطوارق والعرب، بينما ترفض الجزائر هذه االتهامات، وتأخذ على ، الذي ترى 2015 باماكو االنسحاب من اتفاق السالم، املوقع فيها عام الجزائر أنه السبيل الوحيد للخروج من األزمة األمنية في مالي. أما بالنسبة ملوريتانيا، فهي األكثر إحراجًا. ذلك أنها تستقبل ألف الجئ مالي على أراضيها، ولقد تضرّرت خالل 200 حاليًا قرابة األشهر األخيرة من الحرب الـدائـرة في مالي بشكل مباشر، بسبب اقتحام ميليشيا «فاغنر» عدة قرى موريتانية في املنطقة الحدودية املشتركة، ما أسفر عن قتل عشرات املوريتانيني وتهجير املئات من هذه املنطقة. هذا، ومع أن نواكشوط حافظت على عالقاتها جيدة مع الحكام العسكريني في باماكو، فإنها بعثت إليهم برسائل عسكرية، وأجرى الجيش املوريتاني مناورات عسكرية على الحدود مع مالي، وأعلن عن اقتناء أسلحة جديدة، من ضمنها مسيرات مسلحة. وأكد أيضًا الرئيس املوريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، في عدة مناسبات خـــ ل األســابــيــع األخـــيـــرة، أنـــه «لـــن يـتـسـامـح مـــع أي تـهـديـد لـ مـن املوريتاني». وبالتالي، ليست نواكشوط في موقع يمكّنها من محاولة لعب أي دور دبـلـومـاسـي فـي األزمـــة الـتـي تعيشها جـارتـهـا مـالـي، وهي التي تـعـارض بصمت قــرار باماكو االستعانة بميليشيا «فاغنر» والسماح لعناصرها باالقتراب من حدودها. ASHARQ AL-AWSAT حكام مالي مؤمنون بأن الخيار العسكري سيمكنهم من استعادة السيطرة على مناطق واسعة من شمال البالد

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==