issue16696

«حفلة»، عـنـوان مـرح ومضياف، ينبئ عن لقاء يجتمع فيه أطياف من الأصدقاء، هو العنوان الذي تجمّلت به دار سوذبيز بمقرّها اللندني، انطلاقاً من المدخل للقاعات وانتهاءً بــالمــقــهــى، كـــل الأمــــاكــــن اتّـــشـــحـــت بـــالـــزخـــارف الـشـرقـيـة، وتــنــاثــرت المـلـصـقـات الــتــي تحكي بالإنجليزية والعربية عن تعاوُن جميل بين مــبــدعــ ومـــؤســـســـات عــربــيــة ودار المـــــزادات العالمية. فـــمـــا هــــي قـــصـــة «حــــفــــلــــة»؟ الــــحــــدث هـو نــتــيــجــة مـــجـــهـــودات عـــــدد مــــن الـــعـــامـــلـــ فـي مـــجـــالات الــفــنــون والمـــجـــوهـــرات والـتـصـمـيـم، من السعودية والبحرين، لعرض نماذج من الثقافة العربية الغنية، نرى من خلال جولة في الدار بعضَها، منها معرضضخم لأعمال فنية مــن الـسـعـوديـة سـنـعـود للحديث عنه، هناك أيضاً عـرض للمجوهرات ذات الطابع الـشـرقـي. ولمحبي الـخـط العربي هـنـاك قاعة مـنـفـصـلـة بــهــا نـــمـــاذج مـــن أهــــم المـخـطـوطـات الـــعـــربـــيـــة، وبـــمـــا أن الـــعـــرض مــتــشــعّــب، وقــد يــحــتــاج الــــزائــــر إلــــى الـــتـــوقـــف قــلــيــً مـــا بين الـــقـــاعـــات المـخـتـلـفـة، وجــــد المــنــظّــمــون فـرصـة لإبقائه أطـولَ فترة ممكنة من خلال اجتذابه للمقهى الــذي ارتــدى الثوب الشرقي بــدوره، مـــن خــــ ل ديـــكـــور لـطـيـف مـــزخـــرف، وقـائـمـة طعام تغلب عليها النكهات الشرقية. نظرة على الفن السعودي تـــــدور الـحـفـلـة حــــول مـــعـــرض لخمسين عـــمـــً تـــغـــزل مـنـظـومـة الـــفـــن الـــســـعـــودي منذ الـــســـتـــيـــنـــات حـــتـــى الــــوقــــت الــــحــــالــــي، وتـــأتـــي الأعــــمــــال فـــي هــــذا المـــعـــرض المـــهـــم مـــن جميع أنحاء المملكة، كما تشير الخبيرة كريستيز ألـكـسـانـدرا روي. تتحدث روي عـن دور قيّم الـعـرض قـسـورة حافظ -وهــو صاحب صالة فنية فـي جــدة تحمل اســم عائلته- فـي جمع الـــقـــطـــع المــــعــــروضــــة، بــعــضــهــا اســـتـــعـــاره مـن الفنان أو من عائلته، كما استقى أعمالاً من الفنانين أنفسهم، أو من مقتنين آخرين، مثل المقتنية بسمة السليمان. يــجــب الـــقـــول هــنــا إنّ حـــافـــظ نــجــح في تــنــســيــق الــــعــــرض حـــســـب الـــفـــتـــرة الـــزمـــنـــيـــة، وألــقــى الــضــوء مــن خـــ ل الـلـوحـات المـخـتـارة على فترات من الفن السعودي قد لا يعرفها الكثيرون. وفــي لقاء مـع خبير الـــدار أشكان بـــاغـــســـتـــانـــي، لـــيـــلـــةَ افـــتـــتـــاح الــــعــــرض، أشــــار قــــســــورة حــــافــــظ إلــــــى الــــفــــتــــرة مــــن مـنـتـصـف بوصفها فترة شهدت 1979 الستينات إلــى بـزوغ حركة فنية سعودية، تمثّلت في جيل الــــروّاد عبد الحليم رضــوي ومحمد السليم ومنيرة موصلي وصفية بن زقر، وجميعهم لهم لوحات في المعرض. الفترة الثانية من تطور الفن السعودي تـــزامـــنـــت مـــع أحــــــداث مـحـلـيـة وعـــربـــيـــة ألـقـت بظلالها على المجتمع السعودي، وأثّـرت في الإنــتــاج الـفـنـي، حـيـث انـتـشـر الـفـكـر المـتـشـدّد الــرافــض لأنــــواع الــفــن، مــن تـلـك المـرحـلـة نـرى أيـضـ أكـثـر مـن عمل لفنانين عملوا فـي تلك الفترة، بعضهم لـم يعرض أعماله، واكتفى ببيع بعضها على نحو خاص. الـفـتـرة الـثـالـثـة فــي الـتـسـعـيـنـات، حيث عـــــــــادت بــــعــــض الـــــحـــــيـــــاة لــــلــــحــــركــــة الـــفـــنـــيـــة، وأصبحت أكثر قوةً في بداية الألفية الثانية، حيث ظهرت أصــوات فنية شابة نجحت في خلق حركة فنية معاصرة، ظهرت في أعمال لفنانين أمثال: أحمد ماطر ومنال الضويان وراشد الشعشعي ومساعد الحليس ولولوة الــحــمــود، وغـيـرهـم مــن الـفـنـانـ الــذيــن نـرى بعض أعمالهم هنا أيضاً. تأخذنا روي في جولة بين أهم الأعمال المـــعـــروضـــة فـــي أكــثــر مـــن قـــاعـــة، وتــشــيــر إلــى أن فــــكــــرة المــــعــــرض كــــانــــت مــــن بــــنــــات أفـــكـــار قـــســـورة حـــافـــظ، الـــــذي قــــام بـجـهـد كـبـيـر في جمع وتنسيق الأعــمــال، لتبرز أهــم الأسماء والاتــــجــــاهــــات الــفــنــيــة فــــي الـــفـــن الـــســـعـــودي. وتــنــطــلــق الـــجـــولـــة مــــع جـــيـــل الــــــــــروّاد، تــقــول روي: «نـــعـــرف أنـــهـــم ســــافــــروا لــــدراســــة الـفـن فـي الــخــارج، فمنهم مـن سـافـر إلــى إيطاليا، وآخـــــرون لـفـرنـسـا ومــصــر والــــعــــراق، وأيـضـ روســيــا، مثلما فـي حــال الـفـنـان عبد الستار الموسى. ومع عودتهم كان من المهم أن يعثروا على الأسلوب الذي يميّزهم بصفتهم فنانين مــن الـسـعـوديـة، والـــوصـــول إلـــى لـغـة بصرية تميّزهم». وبـالـنـظـر إلـــى الأعـــمـــال نـــرى أن الـفـنـان محمد السليم نجح في خلق أسلوب خاص به، سمّاه لاحقاً بـ«الآفاقية»، وكذلك تميّزت لــوحــات الـفـنـان عـبـد الحليم رضــــوي، ونــرى ،1989 هـنـا مـنـهـا لــوحــة نــفّــذهــا الــفــنــان عـــام وتتميّز بألوانها الحية، والحركة التي تمثّل حــيــاة المــديــنــة. وتــــرى روي أن مــن العناصر الـتـي مـيّـزت أعـمـال جيل الــــروّاد كـانـت تأثير المشهد الطبيعي وعناصر الـتـراث، الظاهرة عــبــر الــنــقــشــات والألــــــــوان مـــمـــيـــزة. والــثــقــافــة المــحــلــيــة أيـــضـــ ظـــهـــرت حــتــى مـــع اســتــخــدام أسـلـوب غـربـي، كما يظهر فـي لـوحـة الفنان عـــبـــد الـــرحـــمـــن الــســلــيــمــان «الــــــقــــــارئ»، الــتــي ، وجمع فيها بين الشخصية 1980 نفّذها عام المحلية المتمثّلة في رجل بالرداء العربي يقرأ القرآن والأسلوب التكعيبي في الرسم. ومــن الـلـوحـات المهمة هنا أيـضـ لوحة «الزبون» للفنانة صفية بن زقر، وهي لوحة أيـــقـــونـــيـــة، وربـــمـــا يــمــكــن عَــــدّهــــا أكـــثـــر لـوحـة معروفة في الفن السعودي، وتشير روي إلى أن اللوحة المعروضة أمامنا ليست الأصلية، بــل هــي نـسـخـة تـحـمـل تـوقـيـع الـفـنـانـة، ومـن المهم ملاحظة أن لوحات الفنانات الـرائـدات مـــنـــيـــرة مـــوصـــلـــي ونـــبـــيـــلـــة الـــبـــســـام تُـــعـــرض بجانب لـوحـة صفية بـن زقـــر، وكأنها تمثل تحية للرائدات في المملكة. المجوهرات العالمية بلمسة شرقية في مدخل الدار يقع مجلس أنيق لعرض المـــجـــوهـــرات الـــراقـــيـــة، واســـتـــعـــداداً لــ«حـفـلـة» ارتـــــدى رداءً مـــن الــنــقــوش الــعــربــيــة المــلــونــة، وفي داخله امتزجت المجوهرات مع الأعمال الفنية المشرقية. الصالون يقدّم مجموعة من » للاستشارات الفنية، A2Z« مختارات شركة الـتـي أسّـسـهـا مقتني الـفـنـون المـــعـــروف عبد الرحمن الزياني. يــــقــــول الــــزيــــانــــي إنــــــه أراد أن يـــعـــرض مجموعة منتقاة من المجوهرات المميّزة في صالون سوذبيز، وهو مساحة أنيقة افتُتحت حديثاً. وبالنسبة إلى العرض والمكان يشير الــزيــانــي إلـــى أن الــعــرض سيحمل إحساساً شــرقــيــ بــــاذخــــ ، فــهــو حـــريـــص عــلــى إضــافــة لــــوحــــات اســـتـــشـــراقـــيـــة مــــن مـــجـــمـــوعـــة الــــــدار لمساحة العرض، مكملاً المشهد الشرقي بقِطع مـمـيـزة، مثل الـصـنـاديـق الخشبية المزخرفة وغــيــرهــا، يــقــول: «أردت أن أعــطــي إحـسـاسـ للزائر بأنه يخطو داخل لوحة استشراقية». ومـــن الـقِـطـع الــتــي يـعـرضـهـا يـشـيـر إلـى عِـــقـــد مـــن الـــلـــؤلـــؤ يـحـمـل الـتـصـمـيـم الـهـنـدي الـــبـــاذخ، ويـشـيـر إلـــى أن غـلـبـة التصميمات الــــهــــنــــديــــة المـــــعـــــروفـــــة بـــــالأحـــــجـــــار الـــثـــمـــيـــنـــة وبــــالألــــوان، يـتّـسـق مــع الأجـــــواء هـــذه الأيــــام، خصوصاً مـع إقـامـة حفلات الـزفـاف الهندي لابن الملياردير موكيش أمباني. وبــالــنــســبــة إلــــى الــقــطــع الأخــــــرى يـقـول إنّ تصميماتها تـتـقـاطـع مــا بــ الـتـأثـيـرات الـشـرقـيـة والــهــنــديــة، مـشـيـراً إلـــى أن المنطقة الـــعـــربـــيـــة مــــا زالـــــــت تـــحـــب وتـــهـــتـــم بــاقــتــنــاء المـــجـــوهـــرات الـفـخـمـة أكــثــر مـــن أي مــكــان في العالم. حقائب إنجليزية بطابع سعودي تـــــعـــــرض الـــــــــــدار أيـــــضـــــ مــــجــــمــــوعــــة مــن الـــحـــقـــائـــب الـــنـــســـائـــيـــة مـــــحـــــدودة الإصـــــــــدار، صممَتها الأمـيـرة نــورة الفيصل مستوحيةً التراث السعودي، وقد ابْتُكِرت هذه التصاميم بالتعاون مع دار آسبري الإنجليزية وعلامة «نــون» التجارية الخاصة بالأميرة، لتكريم المـــنـــاطـــق الـــخـــمـــس الـــرئـــيـــســـيـــة فــــي المــمــلــكــة، وتــعــرض المـصـمّـمـة تــنــوّع المـنـاطـق وثــراءهــا عبر الألوان والزخارف المميزة لكل منطقة. روائع الخط العربي في قاعة مغلقة نخطو داخل غلالة من الروحانية والإبــداع الـذي تخطّى القرون، فـــهـــنـــا مـــجـــمـــوعـــة مـــــن أهــــــم المـــخـــطـــوطـــات العربية، والنماذج لروائع الخط العربي، يـصـحـبـنـا إدوارد غــيــبــز رئـــيـــس مـجـلـس إدارة الـــدار بـالـشـرق الأوســـط والـهـنـد، في جولة سريعة، منطلِقاً مـن أهـم قطعة في المـــعـــرض، وهـــي مـخـطـوطـة مــن «المـصـحـف الأزرق» الــــنــــادر، يـــقـــول غـيـبـز إن الـقـطـعـة «اســتــثــنــائــيــة فـــي تــصــويــرهــا لــنــقــطــةٍ في خطّ تطوّر فن الخط العربي، هي متفردة فـــي أنــهــا مـكـتـوبـة بــالــذهــب عــلــى رقــــع من الـــجـــلـــد المـــصـــبـــوغ بـــالـــلـــون الأزرق، وهـــي عـمـلـيـة مـكـلّـفـة جــــداً، وهـــو أمـــر يـشـيـر إلـى رفعة نسب هـذه القطعة»، وبالنسبة إلى القِطع الأخـرى المعروضة يشير غيبز إلى أن عـمـلـيـة الاخـــتـــيـــار أخـــــذت فـــي الاعــتــبــار الجودة، ولكن تحديداً الخط والخصائص المميّزة للنص، وموقعها في رحلة تطوّر عـــام، 1400 فـــن الــخــط الــعــربــي عـلـى مـــدى ومن القطع اللافتة في المعرض مخطوطة قرآنية من الصين تتميّز باستخدام طرق الكتابة بالخط الصيني، يـبـرز فيها أثر الـــفـــرشـــاة فــــي كـــتـــابـــة الأحـــــــرف «كــالــشّــعــر الممشّط» كما يعلّق غيبز. يوميات الشرق الثقافة المحلية ظهرت أيضاً حتى مع استخدام أسلوب غربي، كما يظهر في لوحة الفنان عبد الرحمن السليمان لرجل يقرأ القرآن ASHARQ DAILY 22 Issue 16696 - العدد Wednesday - 2024/8/14 الأربعاء تحتضن الحدث دار سوذبيز «حفلة»... فنسعودي ومجوهراتشرقية وخطعربي في لندن مخطوطة «المصحف الأزرق» النادر (سوذبيز) لندن: عبير مشخص جانب من عرضالمجوهرات فيصالونسوذبيز (سوذبيز) لوحة الفنان عبد الحليمرضوي (سوذبيز) عمل للفنانة لولوة الحمود (سوذبيز) عمل للفنان محمد الفرج (سوذبيز) سلسلة من أعمال للخطاط السعودي عبد الرحمن الشاهد (سوذبيز)

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky