issue16696

حـتـى وإن ادّعــيــنــا مــعــرفــةً بــالــتــاريــخ، وأكــثــرنــا من الـحـديـث عـنـه، والاسـتـشـهـاد بــأحــداثــه فــي أحـاديـثـنـا أو كتاباتنا، يظل ادعـاؤنـا شبيهاً بحبل غسيل معلق في فناء بيت مهجور. إذ لو كان زَعمُنا بالمعرفة بالآلية التي يتحرك بها التاريخ صحيحاً، فمَن يـا تـرى يجرؤ على تقديم تفسير لما حـدث مؤخراً في أميركا وبنغلاديش، من خـ ل تحليل مقنع للآلية التي تدخل بها التاريخ، في آخر لحظة، في تغيير مجرى حياة رجلين وبلدين في ضربتين متتاليتين؟ في أميركا، وللمرّة الأولى، يقرر الرئيس الانسحاب مـــن الــتــرشــح ثــانــيــة لانــتــخــابــات الـــرئـــاســـة، أو بــالأصــحّ اضــــطــــروه لــفــعــل ذلــــــك، بـــــأن مــــارســــوا عــلــيــه ضــغـــوطـــ لا يحتملها جبل، فـأذعـن مستسلماً، وتــرك الساحة آسفاً حزيناً، عملاً بالمثل: «مجبرٌ أخاك لا بطل». الـتـفـسـيـرات السياسية لـذلـك الـفـعـل تـبـدو واضـحـة وصـــحـــيـــحـــة. إذ تـــمـــحـــورت حـــــول حــقــيــقــة ظــــل يـــرددهـــا مَـــن مـــارســـوا الــضــغــوط، مــن داخـــل الــحــزب الـديـمـقـراطـي وغيرهم، بأن الرئيس جو بايدن بلغ من العمر عتيّاً، ولم يعد قـادراً على الإيفاء بمتطلبات المنصب، بعد الخيبة والـفـشـل الـلـذيـن استحقهما فــي المـنـاظـرة الـرئـاسـيـة مع منافسه على الرئاسة. عاماً. 81 الرئيس الحالي جو بايدن يبلغ من العمر والـتـقـاريـر الطبية المكتوبة والمـوقـعـة مـن أعـضـاء فريقه الـطـبـي تــؤكــد أنـــه فــي صـحـة جــيــدة، وقــــادر عـلـى الـقـيـام بمهام المنصب. الفرقُ بين السياسي والطبيب، أن الأول يعمل وفقاً لمقولة قديمة ومـجـرّبـة تـؤكـد أن الـغـايـة تـبـرر الوسيلة. وأن يـومـ واحــــداً فــي الـسـلـطـة، أفـضـل مــن الـجـلـوس لمـدة عـــام عـلـى مـقـاعـد المــعــارضــة، حسبما صـــرح مـــرّة رئيس الـحـكـومـة الـبـريـطـانـيـة الأســـبـــق، الـــلـــورد حــالــيــ ، ديفيد كاميرون. في حين أن الثاني منهما، يعمل وفقاً لما تعلمه فـي كليات الطب ومختبراتها، ومـا اكتسبه مـن خبرات وتــجــارب بالمستشفيات والــعــيــادات وغـــرف العمليات. وعلى عكس السياسي، فـإن تنبؤاته مبنية على نتائج الفحوص والتحاليل التي قدمتها له خبرته والأجهزة الطبية العالية التقنية. لذلك، لا بدّ أن يختلف الاثنان في التحليل النهائي، لاختلاف المصالح. مصلحة السياسي تتمثل في الـوصـول إلـى السلطة، مهما كانت الوسيلة، ومهما دفع من أثمان. ومصلحة الطبيب تتجسد في ألا يخسر سمعته الطبية ويفقد المريض حياته، بحرصه عــلــى تــقــديــم تـشـخـيـص طــبــي صـحـيـح لــحــالــة المـــريـــض، وتوفير ما يلزم من علاج وأدوية. في بنغلاديش تحرك التاريخ بآلية معاكسة. وعلى عكس ما حـدث في أميركا، حيث أغلقَ الباب عمداً أمام الـرئـيـس بــايــدن، ودفـــع بـه إلــى خـــارج المــســرح، ذهــب إلى بنغلاديش، وشــرع الأبـــواب على مصاريعها أمــام رجل أعوام من 3 عاماً، أي أكبر بـ 84 مصرفي، يبلغ من العمر الرئيس بايدن، اسمه محمد يونس، وأحضره على وجه السرعة من منفاه في باريس، ووضعه في بؤرة الضوء على المسرح السياسي، في بلد شهد لتوّه ثورة طلابية وشعبية، أفضت إلـى تخلي رئيسة الحكومة عـن مهام منصبها، ومــغــادرة الــبـ د على عـجـل، فـــراراً بحياتها! والمطلوب منه وفي أسـرع الآجـال أن يعيد وضع عربات القطار على قضبان السكة الحديد، ويقوده بنفسه إلى محطة السلام والاستقرار والازدهار. هل لاحظتم المفارقة؟ عـامـ ، يـؤتـى به 84 محمد يـونـس البالغ مـن العمر عـلـى عـجـل مـــن قــــارة أخـــــرى، ويــنــصّــب رئـيـسـ لحكومة مـؤقـتـة، مكلفة إعــــادة الاســتــقــرار لـبـلـد يـقـف عـلـى حافة هـــاويـــة الــســقــوط فـــي الـــفـــوضـــى، ويــمــر بـــأزمـــة سياسية لـم يعرفها منذ استقلاله. وبالمقابل، جـو بـايـدن البالغ عاماً، يُدفع قسراً خـارج الحلبة وبفظاظة 81 من العمر لــم نـشـهـدهـا مــن قـبـل لـيـس لاقــتــرافــه فــعــً يـعـاقـب عليه القانون، بل بسبب تقدمه في العمر. لأن قـيـادات حزبه وصلت إلى قناعة بأنه غير قادر على هزيمة خصمه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مما يعني خـروج الحزب من السلطة. هل هو اختلاف في الحسابات بين الديمقراطيين فـي أميركا والـثـائـريـن فـي بنغلاديش؟ وعـلـى سبيل التوضيح، يعلم قادة الثورة الطلابية في بنغلاديش أن السيد محمد يونس رجـل بلغ مـن العمر مـا بلغ. وأن وجوده خارج البلاد، في بلد بعيد جغرافياً، ربما زاد في وهن قدراته وأرهقه نفسانياً. ويعلمون أيضاً، أنــه رجــل لـم يـتـولّ فـي حياته منصباً سياسياً، وكل عمله اقتصر على الــشــؤون المـالـيـة، وخـــارج دواويـــن الحكومة. فمن أين حصلوا على اليقين بأنه سيكون المنقذ، وسيقودهم إلـى بـرّ الأمـــان، وهـو على مسافة زمــنــيــة قــصــيــرة مـــن المـــــوت بــحــســاب ســـنـــوات عــمــره؟ وكــل ذلــك يفضي إلــى حقيقة، وهــي أنـهـم لـجـأوا إلى المقامرة. وهي مغامرة غير محسوبة النتائج، وبُنيت عـلـى الــعــاطــفــة. وكــــون الـــرجـــل غـيـر مــلــوث بـالـفـسـاد، ويـــحـــظـــى بـــشـــهـــرة عـــالمـــيـــة لــــفــــوزه بـــجـــائـــزة نــــوبــــل، لا مليون مواطن من أزمات 170 يؤكد استطاعته إنقاذ معيشية وسياسية معقدة، والأمـــل ألا يكون مصير بنغلاديش مثل مصائر بلدان «الربيع العربي». لـــو كـنـت رســــام كـاريـكـاتـيـر لـرسـمـت مـديـنـة مـدمـرة تُلقى عليها «سجائر السنوار» فـوق «تجمع غاضبين» يناقشون «الـــرد على رد مـا بعد الـــرد» بينما تمر على سواحلهم حاملة الطائرات «لينكولن»، ويـد تخرج من الأرض تـحـمـل عـلـمـ أبــيــض مــرســومــ عـلـيـه ســـ ح بيد يحيى السنوار. هذا هو المشهد الآن، من إيران إلى غزة، ومن سوريا إلـــى لـبـنـان وحــــدود الـبـحـر المـتـوسـط، وحـتـى كـتـابـة هـذا المقال. وهذا ليس تهكماً، وإنما انعكاس لصورة واقعية لا يمكن أن يجسدها إلا الكاريكاتير. طهران و«حــزب الله» أغرقا وسائل الإعــ م، وكذلك وســائــل الــتــواصــل، بـبـوربـاغـنـدا «الــــرد عـلـى رد مــا بعد الـرد»، والبحث عن «الشرف المفقود» باغتيال إسماعيل هنية بطهران، وكما قال حسن نصر الله بخطابه الأول الـــذي نـاقـضـه بـخـطـاب بـعـدهـا بــيــوم، و«خــفــف» المطالب على إيران! ويحيى السنوار، الذي أصبح الآن هو «حماس» بكل أطيافها الدعائية، أول قرارته كزعيم للحركة هو البحث عن الهدنة، ووقف إطلاق النار، ووفق الشروط القديمة، وليس لديه استعداد لجولة أخرى من المفاوضات. ولذلك قلت: علم أبيض مرسوم عليه سلاح! وتــنــاســى، أو يـتـنـاسـى، الــســنــوار أن المـشـهـد تغيّر جذرياً بعد انسحاب بايدن من سباق الرئاسة، واغتيال إســمــاعــيــل هـنـيـة بـقـلـب طـــهـــران، وتــحــت رقـــابـــة الــحــرس الثوري، بإيران التي تمر بمرحلة انتقالية «دقيقة»، بين رئيس جديد، واستعداد لمرشد آخر. والأمــــــــر لا يـــقـــف عـــنـــد هـــــذا الــــحــــد، حـــيـــث يــــبــــدو أن الـــســـنـــوار تــنــاســى أيـــضـــ أن نــتــنــيــاهــو، وبــســبــب كـــل ما سـبـق، والـحـقـائـق على الأرض، قـد بــات صـاحـب الـقـرار، وحتى الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) بالتوقيت الأميركي للانتخابات. ولا يـهـم كـيـف نـنـظـر إلـــى نـتـنـيـاهـو، فـــإن شـئـت هو المجرم القاتل المدمر، ورجل الحروب، وعدو السلام، لكن الـحـقـائـق عـلـى الأرض تتغير، وهـــا هــي إسـرائـيــل تقوم بـإلـقـاء مناشير فيها سـجـائـر، وتــحــرض عـلـى الـسـنـوار بخان يونس ومحيطها. وقـــــد يـــقـــول قـــائـــل إن هـــــذه عــمــلــيــة دعـــائـــيـــة، وهــــذا صحيح، لكنها تظهر حاجة الـغـزاوي التي وصلت إلى درجة أن سعر السجارة الواحدة بلغ عشرين دولاراً، فما بالك بباقي الاحتياجات الإنسانية، والأساسية، في غزة. لذلك لا أبالغ إذا قلت بأن كل ما سبق أعلاه لا تصفه إلا رسمة كاريكاتورية، لكن الـسـؤال الآن: هـل تجاوزنا الحلول؟ الأكيد لا، لكنها صعبت، بتغير قيادة «حماس»، التي قيدت نفسها بهذا التغيير، ولم تعد تستطع لعب لعبة الحمائم والصقور بتولي السنوار للقيادة. الـيـوم صعبت عملية المصالحة الفلسطينية، فمن سـيـتـعـامـل مـــع الـــســـنـــوار؟ ومـــن يـضـمـن أن إســرائــيــل لن تغتاله الآن، أو بعد إتمام وقف إطلاق النار فوراً، والأكيد أن السنوار لن يحظى بحصانة لم يحظ بها هنية. كما دمرت غزة، وضعف الموقف السياسي الأميركي بـضـعـف الــرئــيــس الـــــذي يـقـضـي آخــــر أيـــامـــه الـسـيـاسـيـة كـــضـــيـــف بـــالـــبـــيـــت الأبـــــيـــــض. وتــــأخــــر الــــســــنــــوار مـــطـــولاً بــالــتــفـــاوض، وأضـــعـــف أوراقـــــــه، وتـــحـــديـــداً المـــقـــدرة على المناورة. لذا المطلوب اليوم ليس مزيداً من القفزات للمجهول، وإنــمــا إدراك الـــواقـــع، وحـجـم الــربــح والــخــســارة، وليس بعدد التفضيلات وإعـادة الترويج في «إكـس»، «تويتر» ســابــقــ ، وإنـــمـــا بـــمـــراعـــاة حــجــم الــــدمــــار، والأرواح الـتـي أزهقت، والخرائط التي تغيرت. ربّما كانت مجتمعاتنا كلّها بحاجة إلى قدر من الشعور بالذنب. ذاك أنّ شعوراً كـــهـــذا هــــو وحــــــده مــــا يـــدفـــع إلـــــى مــراجــعــة الأذى الـــذي أنـزلـه الـقـويّ مـنّـا بالضعيف، ولا يـــزال يُـنـزلـه، ومـراجـعـة الـتـواطـؤ الـذي أبـدتْـه تراكيبنا الاجتماعيّة، وتُبديه، مع أنظمة دمويّة باطشة لم تسقط علينا من سماء صافية. فـإذا كان الاعتراف بالذنب طــريــقــ إلــــى الـــشـــعـــور بـــالمـــســـؤولـــيّـــة، ومــن ورائها التمدّن، فإنّ إحالة الخطأ إلى طرف خارجيّ هي بالضبط طريق التنصّل من كلّ مسؤوليّة والتحلّل من كلّ تمدّن. وقـــــــــد يــــــكــــــون مـــــــن الأســــــــبــــــــاب وراء إصــــابــــتــــنــــا بـــــهـــــذا الــــــعــــــارض فـــــائـــــضٌ مــن الـــشـــعـــور بـــالمـــظـــلـــومـــيّـــة، الأمــــــر الــــــذي عــــزّز لدينا نرجسيّةً أعدمت المراجعات النقديّة والـنَـصّـيّـة لمُـكـوّنـات أساسيّة فـي تاريخنا الــثــقــافــيّ. ولا شـــكّ أنّ قـطـاعـ عـريـضـ من مثقّفينا رفدَ الوجهة هذه إلى الأمام، عبر تسمين المظلوميّة وردّهـا إلى طرف أوحد هـو الاسـتـعـمـار والإمـبـريـالـيّـة، أو بتقديم روايـــــة لـلـتـاريـخ تــبــدأ بـمـوجـبـهـا الـعـثـرات والنكسات والنزعات الطائفيّة والتفتيتيّة مـع قــدوم «الـغـرب» إلـى «الــشــرق». والحال أنّ هــــجــــاء الاســـــتـــــشـــــراق، الـــــــذي بــــــدأ قـبـل عقود على إدوارد سعيد واشتغاله على الـــنـــصـــوص الأدبـــــيّـــــة، إنّـــمـــا بــــدأ اعــتــراضــ عـلـى مــحــاولات دارســــ غـربـيّـ إخـضـاعَ مواضينا وعقائدنا لـلـدراسـة التاريخيّة ولــــلــــتــــفــــحّــــص الــــــنــــــقــــــديّ. وبــــــــــــــدوره وفّــــــر التصلّبُ في الموضوعين الدينيّ/الطائفيّ والفلسطينيّ/الإسرائيليّ، وأغلبه تصلّبٌ لفظيّ، ذاك المسحوقَ الذي يغسل تجاهلنا واجباتِنا وحقوقَ غيرنا على السواء. لـــكـــنْ إذا كـــــان هـــــذا الافـــتـــقـــار شـــامـــً وعامّاً، فهو أفدح ما يكون في العراق. فذاك البلد المعذّب شهد من التجارب ما يصعب المرور عليه مرور الكرام. ولا نبالغ إذا قلنا -1968( إنّ سنوات الحكم البعثيّ المـديـدة ) كــانــت لـتـسـتـحـقّ تــحــويــل الـثـقـافـة 2003 الــعــراقــيّــة إلـــى ورشــــة عـمـل ضـخـمـة تنقّب في الذاكرة وفي الضمير وتسائل قضايا فــي حـجـم جـــرّ الــعــراق إلـــى حـــروب كـارثـيّـة مـتـتـالـيـة طـحـنـت مـــئـــات الآلاف، وتـبـديـد ثــــروة نـفـطـيّـة جــــبّــــارة، وضــــرب المــواطــنــ الـــكـــرد بــالــســ ح الـــكـــيـــمـــاويّ فـــي حـلـبـجـة، وتـوسـيــع الـــهـــوّة الـطـائـفـيّـة تـبـعـ لتكوين السلطة الطائفيّ... بـيـد أنّ المــراجــعــة، بـاسـتـثـنـاء حــالات فــرديّــة، لـم تحصل. وبـــدل محاكمة صــدّام على نحو يوفّر مدرسة لتعليم المواطنين معنى المواطَنة، وإطلاعهم وإطـ ع العالم معهم على أهوال نظامه، انعقدت محكمة مـحـلّـيّـة تـفـتـقـر إلـــى مــواصــفــات الـصـدقـيّـة والـــجـــدّ، ثـــمّ أُعــــدم صــــدّام فــي طـقـس ثـــأريّ صنعتْه طائفيّة طافحة. وانتقل الـعـراق إلــى بـنـاء ديمقراطيّة مــا لـبـثـت أن تـكـشّـفـت مــطــيّـةً للاستقطاب الطائفيّ المرفق بتأجير البلد لإيران، وهو تأجير تـحـوّل، بعد الانسحاب الأميركيّ، إلى ما يشبه التملّك. ومرّت سنوات كانت فـيـهـا أخــبــار الـفـسـاد والمــحــاصــصــات أهــمّ الأخبار التي تصلنا من بغداد، لا تنافسها فــــي الـــــــــرواج إلاّ الــــفــــتــــاوى الــتــلــفــزيــونــيّــة الــعــجــائــبــيّــة المــصــحــوبــة بـتـحـكـيـم أمــزجــة شـخـصـيّـة مَـــرَضـــيّـــة فـــي حـــيـــاة الــعــراقــيّــ وسياستهم. وهـكـذا اسـتـمـرّت الـحـال إلى أن ظهرت حركة داعـش باختزانها الكثير مــن الـعـفـن المـتـراكـم والمـسـكـوت عـنـه، فكان الردّ عليها عبر الإمعان في إضعاف دولة ضعيفة أصـــ ً، وذلــك بتأسيس ميليشيا «الـــحـــشـــد الـــشــعـــبــيّ» الـــتـــي تـــراقـــب الـــدولـــة وتـتـحـكّـم بـــقـــرارهـــا. وكــــان لــــذاك الـعـفـن أن بلغ أقـصـاه مـع مـأسـاة إيـزيـديّـة ترقى إلى ، قضى فيها 2014 َ إبـــادة جماعيّة صـيـف خمسة آلاف شخص، في عدادهم عائلات بــأكــمــلــهــا، واخـــتُـــطـــف عــــدد مـــمـــاثـــل، فيما شُـــــرّد مــئــات الآلاف، كــمــا سُــبــيــت وبـيـعـت نساء تعرّضت كثيرات منهنّ للاغتصاب الجماعيّ. فـــإذا كـــان الإيــزيـــديّــون أقـلـيّـة صغيرة مُستضعَفَة، فـــإنّ نـسـاءهـم أشـــدّ ترشيحاً لاستضعاف الـتـوحّـش الـداعـشـيّ الـــذي لم يـــتـــورّع، ومــنــذ بـــدايـــاتـــه، عـــن إعــــ ن المـــرأة عدوّاً أوّل له. لكنْ مرّةً أخرى، بدل الانكباب عـــلـــى مـــراجـــعـــة هـــــذه الـــتـــجـــربـــة الـشـنـيـعـة، والــــحــــفــــر عـــمـــيـــقـــ فـــــي الــــنــــفــــس «الأمّــــــــــــارة بالسوء»، فاجأَنا العراق بانبعاث مشروع ، قبل أن يجمّده 2014 القانون الذي ولد في احتلال داعش مدينة الموصل، ثمّ انتفاضة الإصلاحيّة. فبدل التوقّف مليّاً عند 2019 ما حلّ بالنساء الإيزيديّات، جاء مشروع القانون هـذا يستهدف النساء العراقيّات جميعاً، وهو يستهدفهنّ منذ طفولتهنّ، أي منذ وقــت سـابـق على تـحـوّلـهـنّ نساءً بـــالـــغـــات. فــــإذا حــظــي قـــانـــون مُـــجـــرم كـهـذا بـــالإقـــرار بـــات مـبـاحـ تــزويــج الطفلة لـدى بلوغها التاسعة. وهــو مـا تسعى القوى السياسيّة الشيعيّة إلـى تقديمه بوصفه اقـــتـــراحـــ مــشــتــركــ يـلـتـقـي عــلــيــه الـشـيـعـة والــســنّــة ويـحـظـى بـغـطـاء مـذهـبـيّ جـامـع. ،1959 وهـذا، للتذكير، في بلد عـرف، منذ أكثر قـوانـ الأحـــوال الشخصيّة العربيّة تقدّماً وإقراراً بحقوق المرأة وحرّيّاتها. أمّا التجربة الوحيدة التي كان يمكن أن تـعـطـي الـــعـــراق وجــهــ آخــــر، وتُــخــرجــه مــــــن غـــــرقـــــه المـــــتـــــواصـــــل فــــــي الـــــــوحـــــــل، أي ، فتعاونت الأجهزة الأمنيّة 2019 انتفاضة والميليشيات على خنقها، مخلّفةً مئات القتلى وآلاف الجرحى. هــكــذا عــولــج نــظــام صــــدّام بـصـدّامـيّـات مـفـتّـتـة مــعــكــوســة، وعـــولـــج اضــطــهــاد المــــرأة الإيــــزيــــديّــــة بــاضــطــهــاد المــــــرأة الـــعـــراقـــيّـــة من دون استثناء، كما يُعالَج الآن حـال التفكّك الـــعـــراقـــيّ والارتــــهــــان لإيـــــران بـــالانـــضـــواء في جبهة المـمـانـعـة وسـاحـاتـهـا. أمّـــا إذا أصــاب الــــصــــداع عـــراقـــيّـــ فــالــســبــب مــــعــــروف، وهـــو الاحتلال الأميركيّ قبل واحد وعشرين عاماً. OPINION الرأي 12 Issue 16696 - العدد Wednesday - 2024/8/14 الأربعاء سلام السنوار... وكاريكاتير المنطقة! التاريخ وألعابه العراق: خطايا لم يرتكبها أحد منّا! وكيل التوزيع وكيل الاشتراكات الوكيل الإعلاني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] المركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 المركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى الإمارات: شركة الامارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 المدينة المنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب الأولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية الموجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها المسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة لمحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي بالمعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com حازم صاغيّة إحالة الخطأ إلىطرف خارجيّ هي بالضبط طريق التنصّل من كلّ مسؤوليّة المطلوب اليوم ليس مزيداً من القفزات للمجهول وإنما إدراك الواقع طارق الحميد الأمل ألا يكون مصير بنغلاديشمثل مصائر بلدان «الربيع العربي» جمعة بوكليب

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky