issue16695

Issue 16695 - العدد Tuesday - 2024/8/13 الثلاثاء OPINION الرأي 14 مجزرة الفجر في مسيرة نتنياهو الدموية فـــي فــجــر الــعــاشــر مـــن أغــســطــس (آب) الـــجـــاري، استيقظ العالم على فاجعة مدرسة «التابعين» في غزة التي قصفتها إسرائيل. تذكرت الشاعر الـراحـل علي محمود طه المهندس، وقصيدته «نــداء الـفـداء»، التي يبدأها بـ«أخي جـاوز الظالمون المــدى»، ويا للمفارقة، ، بعد أيـام 1948 فقد نَـظَـم الشاعر تلك القصيدة عــام قليلة من النكبة وفي بواكير المأساة الفلسطينية، التي كانت قد بـدأت من قبل مع اقتراح بريطانيا العظمى إمكانية تقسيم فلسطين بين العرب واليهود. كـــانـــت قـــد وقـــعـــت مـــذابـــح لــلــعــرب الفلسطينيين على أيــدي العصابات الصهيونية المختلفة، وسمح التواطؤ البريطاني بهجرة اليهود، ونزْع أملاك العرب الفلسطينيين، وتوطين المهاجرين اليهود. الآن فـــي مــذبــحــة مـــدرســـة «الـــتـــابـــعـــ » فـــي غـــزة، تتلخص مـسـيـرة دمــويــة جـــديـــدة، تـــجـــاوزت مـــدى كل الإبــادات التي جرت في أماكن أخـرى من العالم وعبر التاريخ، ولا تشكل قطرة من مذابح الفلسطينيين على أيدي الإسرائيليين منذ بداية القرن الماضي حتى الآن. إن مـــذبـــحـــة مــــدرســــة «الـــتـــابـــعـــ » جــــــاءت وســـط أجواء تشي بمحاولة تفكيك التعقيدات التي تصاحب مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، واللافت للنظر أن هـذه المذبحة وقعت بعد اغتيال قـيـادات كبرى في لبنان وفلسطين، وبعد البيان الثلاثي الموقّع من مصر والــــولايــــات المــتــحــدة الأمــيــركــيــة وقـــطـــر، كـــأن بنيامين نتنياهو يتحين الفرص، ويدعو قواته لارتكاب مجزرة قبل أي تـقـارب أو اقـتـراب مـن أجـل وقـف إطــ ق النار. هذا الرجل المتطرف يريد الإقامة الدائمة في خيالات الردع، والزعامات المصطنعة، لأنه يدرك جيداً أن نهاية الــحــرب تــســاوي نهايته الـسـيـاسـيـة، بــل ربـمـا يعيش ورطـــة الـيـوم الـتـالـي لنتنياهو. هــذه الـكـوابـيـس التي يخشاها رئيس حكومة إسرائيل باتت الدافع الأكبر وراء رقصته مع الإبـادة والمجازر، فهو يريد تحصين نفسه بـمـزيـد مــن إراقــــة الــدمــاء والـــهـــروب إلـــى الأمـــام، ويدرك أخطار النهاية، ويحاول إغلاق كل الدروب التي تقود إلى نهاية وقف إطلاق النار. يريد تكرار نكبة القرن العشرين بأدوات وأساليب القرن الحادي والعشرين الدموية، من حيث استخدامه السلاح الفتاك المطعّم بأسلحة الدمار الشامل الذكية والقنابل الـتـي تــزن أكـثـر مـن ألـفـي رطـــل، والـصـواريـخ الـحـارقـة والمـسـيّـرات الانتحارية فـي مواجهة مدنيين عزل، يقطنون بنايات متهالكة، وخياماً لا تمنع ضوء الـشـمـس، بـهـدف تصفية وتهجير الفلسطينيين من غزة. إن ثقافة نتنياهو لم تكن سوى ميراث طويل، تم تناقله من جيل إلى جيل لدى المتطرفين الإسرائيليين، وما أشبه اليوم بالبارحة. كـــنـــت أقـــــــرأ فــــي مـــــذكـــــرات ديـــفـــيـــد بــــن غــــوريــــون، فــاســتــوقــفــنــي أنــــه لا يــــرى فـلـسـطـيـنـيـ فـــي بـــ دهـــم، بــــل يـــكـــاد لا يـــذكـــرهـــم، وتـــجـــاهـــل وجـــــودهـــــم، ويـــدعـــو إلـــــى طـــــرد أي فــلــســطــيــنــي مـــمـــا يــــدّعــــي أنـــهـــا الأرض الموعودة لليهود، وقد ارتكبت بإيعاز منه العصاباتُ الصهيونيةُ عـشـرات المــجــازر والإبـــــادات، فـمَـن ينسى عصابة «الـهـاغـانـاه»، وعصابة «شـتـيـرن»، وغيرهما من العصابات الدموية التي شكّلت فيما بعد عصب الجيش الإسرائيلي الـذي أكمل مهمة التصفية بطرد ؟1948 ألف فلسطيني عام 750 إن بن غوريون هو صـورة ضمن ألبوم انتقامي يــضــم عـــشـــرات الـــصـــور، واحـــــدة مـنـهـا غـــولـــدا مـائـيـر، رئيسة وزراء إسرائيل السابقة، فقد حملت مذكراتها صــــــورة بـــاهـــتـــة وســلــبــيــة عــــن الــفــلــســطــيــنــيــ ، الـــذيـــن غيّبتهم عـن عمد طـــوال مـذكـراتـهـا الـتـي كتبتها بعد هزيمتها في حرب السادس من أكتوبر (تشرين الأول) . فـرغـم أنـهـا كـانـت مـهـاجـرة مـن بــ د غلاف 1973 عــام روسيا، فإنها لم ترَ أي فلسطيني في تلك الأرض التي لـجـأت إلـيـهـا، كـــأن الأرض كـانـت فــارغــة مــن سكانها، في تزييفٍ وخـداعٍ غير مسبوقين، وهي التي اعترفت بأنها كانت تحمل جــواز سفر فلسطينياً، ورغــم ذلك أنكرت كل الحقوق الفلسطينية. إن مـــدرســـة المـــجـــازر والإبـــــــادة والإنــــكــــار مـمـتـدة، لا تـــــزال مــفــتــوحــة الـــفـــصـــول، وعـــلـــى جــــــدران الــتــاريــخ تتدلى صور هؤلاء، من بينهم أيضاً إسحاق شامير، وشارون، وليفي أشكول، ورابين، وبيريز، وصولاً إلى بنيامين نتنياهو، الذي يمثل حاصل جمع كل هؤلاء، ويعتقد أنه ملك إسرائيل المتوج، وأنه المؤسس الثاني بعد بن غـوريـون، ويؤمن كما كـان يؤمن بن غوريون بأن أي أرض يصل إليها أي جندي إسرائيلي بالقوة والـسـيـطـرة والـــســـ ح والـــنـــار، هــي أرض إسـرائـيـلـيـة، وكان يعني أنه لا حدود للخريطة الإسرائيلية. فليس غـريـبـ أن يـقـف نتنياهو فــي الكونغرس الأمـــيـــركـــي ويـــطـــالـــب بــتــكــويــن تــحــالــف دولـــــي تــقــوده الـولايـات المتحدة، ويـشـارك إسرائيل في الحرب على الفلسطينيين وعلى جوارهم، من أجل تصفية القضية الـفـلـسـطـيـنـيـة مــــن جــــانــــب، وزعــــزعــــة خــــرائــــط الـــشـــرق الأوسط من جانب آخر. إن هــــــذه الـــفـــلـــســـفـــة لا وجـــــــود لـــهـــا إلا فــــي ذهـــن نتنياهو، وإنه في نهاية المطاف سيجد نفسه وحيداً، فلا شك أن الساسة الغربيين، سيخرج من بينهم من يرى أنه آن الأوان ليتوقف هذا الجنون. جمال الكشكي مدرسة المجازر والإبادة والإنكار ممتدة لا تزال مفتوحة الفصول مخاطر الانشطار اللبناني في اللحظات المصيريّة الانـــــشـــــطـــــار الــــســــيــــاســــي والإعــــــ مــــــي الــلــبــنــانــي الـــراهـــن الـــــذي يـعـكـس نـفـسـه في أشــــكــــال ومــــواقــــع مـــتـــعـــددة يـــنـــذر بــعــواقــب وخــيــمــة، ويـــكـــاد يــكــون غـيـر مـسـبـوق حتى 1975( قياساً بحقبة الحرب الأهلية المقيتة ) التي انتصبت فيها الحواجز بين 1990 - المـــنـــاطـــق الـــجـــغـــرافـــيـــة وقــســمــتــهــا بـحـسـب الـــطـــوائـــف ومــــواقــــع الـــنـــفـــوذ. إنـــمـــا فـــي تلك المـرحـلـة، بقيت ثمة خـطـوط اتـصـال خلفيّة حتى بين القوى التي تتقاتل على الجبهات. الـــــيـــــوم، الاتـــــصـــــالات مـــقـــطـــوعـــة بــشــكــل تـــام تقريباً. بلدٌ يعاني من شلل مؤسساتي وتعثر دستوري وانهيار اقتصادي وتردٍ اجتماعي وتضخم وبطالة، فضلاً عن حرب مشتعلة فـــي المــنــاطــق الــجــنــوبــيّــة مــرشــحــة للتوسع فــي أي لحظة لـتـتـحـوّل إلـــى حـــرب إقليميّة مستعرة؛ ومع كل ذلك، ترى قواه السياسيّة لا تــتــحــاور ولا تـتـخـاطـب فـيـمـا بـيـنـهـا، بل جـل مـا تـقـوم بـه هـو تـراشـق يـومـي وتـبـادل للاتهامات في كل القضايا والملفات. ولــقــد أخــــذ هــــذا الانـــشـــطـــار منعطفات خـــطـــيـــرة فـــــي الأشـــــهـــــر الـــقـــلـــيـــلـــة المـــاضـــيـــة، لأنـــه سـعـى إلـــى إبــــراز تــمــايــزات اجـتـمـاعـيّـة وسلوكيّة بين اللبنانيين وذهب لتصويرها عــلــى أنـــهـــا بــمــثــابــة انـــقـــســـامـــات غــيــر قـابـلـة لـــلـــمـــعـــالـــجـــة، كــــأنــــهــــا تـــجـــعـــل الــــعــــيــــش بــ اللبنانيين لا يُحتمل ولا يُـطـاق. ولعل هذا المنطق هـو الـــذي يـدفـع فـي اتـجـاه انتعاش الطروحات التقسيميّة التي ازدهــرت أثناء مرحلة الــحـرب الأهـلـيّـة اللبنانيّة مــن دون أن تشق طريقها إلــى التنفيذ، فاستعادت البلاد وحدتها فـور توقف المدفع وسقطت كـل الحواجز المصطنعة التي أقيمت قسراً بين المناطق المختلفة. وهـــنـــا تــكــمــن المــــفــــارقــــة الـــخـــطـــيـــرة: أن يـتـجـاوز شـعـب مــا فــي أوج حقبة الاقـتـتـال الداخلي خطر تقسيم البلاد إلى كانتونات طائفيّة ومذهبيّة ويذهب مجدداً في اتجاه وحدته الداخليّة، مقابل أن تتعالى الأصوات التي تدعو إلى «الطلاق» أو التقسيم في عز حقبة السلم الأهلي والاستقرار (حتى ولو كان هشاً). المــهــم الآن هـــو نــقــاش كـيـفـيّـة الــخــروج مــن هـــذا المــــأزق المستحكم بـالـبـ د، فــي ظل شـــغـــور رئــــاســــي تــــجــــاوزت مـــدتـــه هـــوامـــش «الــدلــع» السياسي الـــذي يفترض ألا يكون مــوجــوداً أصـــً فـي بــ د تعاني مـا تعانيه مـــن أزمــــــات مــتــراكــمــة ومــتــفــاقــمــة. فــفــي ظل عــــــدم امــــتــــ ك أي جـــهـــة ســـيـــاســـيـــة أكـــثـــريـــة مريحة في المجلس النيابي الحالي تمكنها مـــن انـــتـــخـــاب رئـــيـــس جـــديـــد لــلــجــمــهــوريّــة، لا مـفـر مــن حــــوار أو تــشــاور أو تــبــادل آراء (وليست مهمة التسمية)، للخروج من عنق الزجاجة والـذهـاب فـي اتـجـاه إحـــداث خرق سياسي ودستوري يعيد إحياء المؤسسات الدستوريّة ويجعل عملها منتظماً ومنتجاً وفعالاً. لبنان وجنوبه يعانيان منذ ما يزيد على تسعة أشهر من اعـتـداءات إسرائيلية تــــطــــال الـــبـــشـــر والــــحــــجــــر، فـــثـــمـــة قــــــرى فـي الـجـنـوب اللبناني لـم تعد صالحة للسكن بعد أن دُمــر كثير مـن المساكن فيها، وثمة أراضٍ زراعيّة أيضاً لم تعد قابلة للاستثمار الــزراعــي بسبب الـحـرائـق والـتـلـوث المتعمد الــذي قامت بـه إسرائيل التي لـم تـتـوانَ عن رمي قنابل فوسفوريّة وانشطاريّة وقذائف كثيرة أخرى محرّمة دولياً. إن تطويق الانقسام اللبناني وإعادته إلى حدوده «الطبيعيّة»، إذا صح التعبير، أي إلـــى الـــحـــدود المــتــاحــة فـــي إطــــار اللعبة السياسيّة التي تجيز التمايز في وجهات النظر انطلاقاً من ديمقراطيّة النظام (على هـــشـــاشـــتـــه)، هــــو مـــســـؤولـــيـــة كــــل الأطــــــراف السياسيّة الـتـي يمكن لها تأجيل تأجيج الانقسامات حـول المواضيع الخلافيّة إلى مــرحــلــة لاحـــقـــة، ريــثــمــا تـــهـــدأ الـــنـــيـــران في الجنوب اللبناني، من دون أن تتخلى عن المـجـاهـرة بوجهة نظرها، ولكن أن تراعي ربـمـا حــراجــة المــوقــف الــراهــن وحساسيته الـشـديـدة، لعل ذلــك يعكس نفسه فـي إطـار مـــن الــتــضــامــن الـــوطـــنـــي المـــطـــلـــوب فـــي هــذا الوقت. مـن الـضـروري جـداً أن تترفع الأطــراف السياسيّة اللبنانيّة كـافـة ودون استثناء عــن الـصـغـائـر، وأن تــذهــب فــي اتــجــاه بناء واقـع سياسي جديد تكون البلاد مستعدة لـه بعد انتهاء الـحـرب، التي ســوف تنتهي عاجلاً أم آجلاً. رامي الريّس من الضروريجداً أن تترفع الأطراف السياسيّة اللبنانيّة كافة ودون استثناء عن الصغائر المقاربات الأميركية: جحيم النيات الحسنة «جـحـيـم الــنــيــات الـحـسـنـة» كــتــاب مـثـيـر لـ هـتـمـام والــقــراءة والاطـــ ع كتبه ستيفن م. والـــت، وهــو أستاذ الـــشـــؤون الـــدولـــيـــة، ومـــديـــر بــرنــامــج الأمـــــن الـــدولـــي في مركز بيلفر التابع لكلية كينيدي في جامعة هارفارد، وعنوانه الفرعي: «نخبة السياسة الخارجية الأميركية وانحدار التفوق الأميركي». يـتـحـدث الــكــاتــب عـــن تـــاريـــخ الـهـيـمـنـة الـلـيـبـرالـيـة، وأدلـجـة نشر الديمقراطية، ومفهوم الأســـواق الـحـرة... وباقي مفردات قائمة الليبرالية. ومع وجود الكثير من الأسئلة المتعلقة بهذه المقاربة الأميركية، إلا أنها وُضعت تحت سهام النقد مع مسألة غزة والتطورات التي رافقت الـدعـم الـ مـحـدود لـإبـادة الجماعية والانـتـهـاك المــروع لأرواح الأبـريـاء والمدنيين، وهـو ما وضـع أسئلة نقدية حول هذه المقاربة التي لا تنتمي للمفاهيم المعلنة حتى بــ المـنـتـمـ لـلـثـقـافـة الـلـيـبـرالـيـة فــي الــشــرق الأوســــط، والأجيال الجديدة المعجونة بالثقافة الأميركية والتي تعيش حالة «عدمية»، ستكون لها تداعيات كبيرة جداً، فضلاً عن انتشار ثقافات بديلة خطرة تستغل التعاطف الـكـبـيـر مـــع مــخــرجــات الـــحـــرب خــــارج شـــاشـــات الـتـلـفـزة وأقواس الإعلام الرسمي. بــالــعــودة إلـــى سـتـيـفـن والـــــت، فـهـو قـــد أجــــرى لـقـاءً مطولاً على أعقاب حرب غزة أكد فيه أنها تشكل منحى كـــارثــيـــ لـــلـــولايـــات المــتـــحـــدة فـــي عــ قـتــهــا مـــع إســرائــيــل والمــنــطــقــة؛ إذ لا يـمـكـن أن تـنـتـهـي مـــــآلات هــــذه الــحــرب الوحشية إلـى ما تأمله إسرائيل ولـو في الحد الأدنــى، كما أنها تطرح أسئلة الشرعية الأخلاقية لإدارة بايدن والـديـمـقـراطـيـ حـيـث الأداء المــــروع فــي إدارة الــحــرب، مـن الكميات الهائلة للأسلحة إلـى التعنت فـي وصـول المساعدات الإنسانية والفشل حتى في لعب أوراق ضغط أو نقد حقيقي للسلوك الإجــرامــي لإسـرائـيــل، وهــو ما شكّل، وفقاً لوالت، فراغاً كبيراً ومبرراً لخطاب الممانعة، وضغطاً كبيراً لحلفاء الولايات المتحدة، وتحدياً كبيراً للقانون الـدولـي ومؤسساته وقيم حقوق الإنـسـان في حدها الأدنــى، وبحسب عبارته: «الخطأ الاستراتيجي الأكبر والكارثة الأخلاقية». انتخاب الرئيس الأمـيـركـي السابق دونـالـد ترمب لن يغير من المعادلة كثيراً وفقاً للخبراء الأميركيين في المنطقة، ومنهم والــت الــذي يميز بـ ترمب فـي الفترة الأولى والثانية، حيث لم يكن مخضرماً، لكنه اليوم إن فـاز فستكون السيطرة عليه أكثر صعوبة بسبب ثقته واستعداده بفريق ممن يشاطرونه وجهة نظره، كما أن تحدي بناء شراكات وعلاقات أكثر قوة مع دول الاعتدال بـالمـنـطـقـة، وفــــي مـقـدمـتـهـا الــســعــوديــة، يـعـنـي ضــــرورة التحرّك بشكل أكثر فاعلية في الملفات العالقة. الــ فــت فــي هـــذا الــجــدل هــو ربـــط معضلة المـقـاربـة الأميركية بسياق أكبر من الانسحاب الكبير من المنطقة، وسياسات التخلي التي أحدثت فراغاً هائلاً لا يمكن إلا أن تملأه المشاريع التقويضية والحضور البديل لقوى تجد في المنطقة فرصاً هائلة، إضافة إلى سياق تراجع مفهوم «الديمقراطية»، كما هو حـال «العولمة المفرطة» ومــا تبعها مـن قـيـود على الـتـجـارة الــحــرة، واستيقاظ الهويات الصغيرة، وحرص كل الدول على إعادة النظر في مسائل السيادة والبدائل. التحول الكبير في الداخل الأميركي على مستوى قــراءة المقاربات لــإدارة السياسية تجاه ملفات الشرق الأوسط بحاجة إلى الكثير من التأمل، ووفقاً لوالت في مقابلته هـنـاك تـحـول على مستوى الكتابة أو الـحـوار والنقاش حول اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، خـصـوصـ مــع ظـهـور أصــــوات فــي الــحــزب الـديـمـقـراطـي تتحدث بنقد صـريـح وبلغة غير مــواربــة عـن أن الدعم غير المشروط من قبل الولايات المتحدة لإسرائيل يضر بها قبل أي اعتبار آخر، خصوصاً مع موجة «المنصات البديلة» التي تنقل الكثير مما لا يمكن احتماله بالنسبة للجيل الـجـديـد؛ فالشباب الـيـوم فـي الــولايــات المتحدة لـديـهـم نــبــرة صـــوت مختلفة عـــن الأكـــبـــر سـنـ تــجــاه ما يجري، بما فيهم اليهود الأميركيون الذين، كما يصف والـــت، لا يـــرون «فــي إسـرائـيـل نـمـوذج إلــهـام، وبعضهم يرى أن سلوكها فيه خيانة كبيرة للقيم اليهودية». هــــذه الــحــيــويــة فـــي إعـــــادة تـقـيـيـم المـــواقـــف تـحـتـاج إلـــى مــراجــعــات نـقـديـة مـمـاثـلـة فـــي سـيـاقـنـا الــعــربــي، لا ســيــمــا مـــع دول الاعــــتــــدال وفــــي مـقـدمـتـهـا الــســعــوديــة، حيث أنتجت خطاباً عقلانياً مـتـوازنـ بعيداً عـن ردود الفعل، وفيه إدانة صريحة وواضحة، وتحميل المجتمع الدولي والدول الكبرى عواقب هذا التحيز وعدم إيقاف الحرب. ويبقى التحدي في قطع الطريق على المزايدين والمشاريع التقويضية وثقافات الميليشيات والتطرف والـشـعـارات الـتـي تـريـد استغلال القضية الفلسطينية لتمرير أجندتها الخاصة والضيقة. يوسف الديني التحدي هو قطع الطريق على ثقافات الميليشيات والتطرف التي تريد استغلال القضية الفلسطينية

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky