issue16690

Issue 16690 - العدد Thursday - 2024/8/8 الخميس كتب BOOKS 17 ظلّت طويلاً أقرب لاشتغال مهني مركون في المكاتب الهندسية وعالم المقاولات حداثةٌ وما بعد حداثة من بوّابة العمارة لا يمكنُ للمشتغل في تاريخ الثقافة وفلسفات الـحـداثـة ومــا بعد الـحـداثـة في عالمنا العربي إّ أن يدقق كثيراً وطويلاً فـــــي الـــحـــقـــيـــقـــة الــــتــــالــــيــــة: كــــانــــت الـــعـــمـــارة )، إلـــى جـانـب بـعـض ألـــوان Architecture( الأدب «الــــــروايــــــة بـــالـــتـــخـــصـــيـــص» والـــفـــن الــتــشــكــيــلــي والمــــســــرح، إطــ لــتــنــا المــبــكّــرة عــلــى عـــالـــم الـــحـــداثـــة ومــــا بــعــد الـــحـــداثـــة؛ لـــكـــنْ بـــرغـــم هــــذه الــطــ ئــعــيــة الـــحـــداثـــويـــة ظــــلّــــت الــــعــــمــــارة أقـــــــرب لاشــــتــــغــــال مــهــنــي مـــركـــون فـــي مــثــابــاتــه الــوظــيــفــيــة الـعـالـيـة (المكاتب الهندسية وعالم المقاولات)، ولم تتحوّلْ نسقاً ثقافياً فاعلاً. هذا ما تعزّزه حــقــيــقــة الــنــقــص الــــفــــادح فـــي المــطــبــوعــات الــتــي تـتـنـاول تـأثـيـر الــعــمــارة فــي تشكيل السياسات الثقافية. ظـلّ المعمار العربي أســـيـــر الــــرؤيــــة الــضــيــقــة الـــتـــي لا تــــرى فـي العمارة سوى طريق نحو تحقيق نوع من الحظوة الاجتماعية بفعل الانضمام إلى المجتمع المعماري الكلاسيكي الذي تشيع فــيــه أخـــ قـــيـــات «الأرســـتـــقـــراطـــيـــة المــالــيــة» المـتـوقـعـة. كـانـت النتيجة فـقـراً مـزمـنـ في المـنـشـورات التي تـؤكّـد على «دور المعمار في حضارة الإنـسـان»، وهـو عنوان كتاب مــثــيــر لــلــمــعــمــار الــــعــــراقــــي الــــراحــــل رفــعــة الجادرجي. كـــانـــت الـــعـــمـــارة تَــــــرِدُ فـــي مــقــروءاتــنــا كــــمَــــنْــــشــــط إنــــســــانــــي مـــلـــحـــق بـــالـــفـــعـــالـــيـــات البشرية. هــذا مـا حصل معي - وكـثـرةٍ من مُـجـايـلـيّ - طـيـلـة ســنــوات الـسـبـعـيـنـات من الـقـرن العشرين. أذكـــرُ أنـنـي قـــرأتُ فـي عدد مـــن مجلة 1978 شــهــر مــــارس (آذار) لــعــام «آفـــــاق عــربــيــة» الــعــراقــيــة مــوضــوعــ مـثـيـراً عــنــوانــه «أســـرجـــة الــفــن المــعــمــاري الـحـديـث الـثـ ثـة»، ترجمه المعمار الـعـراقـي محمود حـــــمـــــنـــــدي. تــــــوفّــــــر المـــــــوضـــــــوع عــــلــــى مـــيـــزة استثنائية وهــي أنــك كـنـت تـقـرأ فـيـه نتاج عــقــل مــهــجــوس بـــالـــوضـــع الـــبـــشـــري ولـيـس بــنــطــاق مـهـنـي ضــيــق فـــيـــه، وظـــهـــر الـكـاتـب أقــرب لمشتغل متمرّس بـالأنـسـاق الثقافية امتدّ بصره خارج أنطقة المكاتب المعمارية وســـيـــاقـــات عــمــلــهــا الـــوظـــيـــفـــيـــة الـــصـــارمـــة. عــــزمــــتُ بـــعـــد تـــلـــك الـــــقـــــراءة الـــكـــاشـــفـــة عـلـى أن أتـــابـــع قـــراءاتـــي فـــي الـثـقـافـة المـعـمـاريـة، وكــــان بــعــضُ مـــا عــــزّز هـــذه الانـــدفـــاعـــة لـــديّ هــو أنّ بـعـض مُـنـظّـري ثـقـافـة الـحـداثـة ومـا بــعــد الـــحـــداثـــة فـــي الــعــالــم كـــانـــوا مـــن أكــابــر المعماريين العالميين، وأخصّ منهم تشارلز ) الــــذي يمكنك Charles Jencks( جـيـنـكـس أن تــرى فـي بعض كتاباته آثـــاراً مـن الآبــاء المـؤسـسـ لمــا بـعـد الــحــداثــة الـثـقـافـيـة مثل إيهاب حسن. تحفة بصرية حـصـل مـعـي بــدايــة ثمانينات الـقـرن الـعـشـريـن أن قـــرأتُ كـتـابـ صـغـيـراً بعنوان «حـــديـــث فـــي الـــعـــمـــارة» نُـــشِـــر فـــي الـــعـــراق ضمن سلسلة الموسوعة الصغيرة. مؤلف الـــكـــتـــاب هـــو الـــدكـــتـــور خـــالـــد الــســلــطــانــي، الأستاذ في قسم العمارة بجامعة بغداد، والمقيم حالياً في الدنمارك. منذ ذلك الحين حرصتُ على متابعة منشورات السلطاني فـي مـقـالاتـه الـغـزيـرة أو فـي كتبه العديدة التي جــاوزت العشرات. خالد السلطاني، كـــمـــا أرى، هــــو أحـــــد الأضـــــــ ع فــــي المــثــلــث المــــعــــمــــاري الــــعــــراقــــي (رفــــعــــة الــــجــــادرجــــي، مــعــاذ الآلـــوســـي، خــالــد الـسـلـطـانـي) الـــذي عمل على تكريس العمارة اشتغالاً نسقياً ثقافياً مـؤثـراً فـي طبيعة المعيش اليومي وحـركـيـاتـه المــتــطــورة سعياً نـحـو تثويره وتـــحـــفـــيـــزه لـــ رتـــقـــاء الــحــثــيــث بـالمـجـتـمـع فـي كــلّ جـوانـبـه. آخِـــرُ كتب السلطاني هو الكتاب المعنون «عمارات: لمحةٌ إلى عمارة الحداثة... وأخرى إلى ما بعدها». الكتاب .2023 من منشورات أواخر عام أربع خصائصمميزة يمكن تنسيبها لهذا الكتاب: * أولاً، قَــصَــدَ المـؤلـف أن يـكـون الكتاب تــحــفــةً بـــصـــريـــةً يــــرى فــيــهــا الــــقــــارئ أعــاظــم المــــنــــجــــزات المـــعـــمـــاريـــة لأســــمــــاء كـــبـــيـــرة فـي عالم الـعـمـارة. أراد المـؤلـف إحـــداث انعطافة مفصلية عن سياق مؤلفاته السابقة فعمد إلى تحريك الحواس كاملةً بدلاً من الاكتفاء بــالــجــهــد الـــذهـــنـــي والـــتـــفـــكّـــر المـــعـــقـــلـــن. أنـــت هـنـا «تــــرى» الـحـداثـة ومـــا بـعـد الـحـداثـة في سياق تشكلات صُـوَريـة معمارية غاية في الـجـاذبـيـة ولا تكتفي بــالــقــراءة المـوغـلـة في الـتـنـظـيـر الـفـلـسـفـي لــأفــكــار. مـــن المـــؤكّـــد أنّ الإخراج الفني البديع ساهم في تعزيز قصد المؤلف. وثـــانـــيـــ ، الــكــتــاب لــيــس تــرتـيــبــ زمـنـيـ خـطـيـ رتـيـبـ (كــرونــولــوجــيــ ) يُــشــتــرطُ فيه الـــقـــراءة الـسـيـاقـيـة المـنـتـظـمـة. يكفي الـقـارئ أن يطّلع على قائمة محتويات كلّ فصل ثم ينتقي مـا يـشـاء مـن عـمـارة مــحــدّدة أو اسم مـعـمـار عــالمــي أو مــدرســة مـعـمـاريـة عـالمـيـة. الكتاب فـي النهاية ليس مـقـرراً دراسـيـ ولا كتاباً توثيقياً شاملاً لأفكار عمارة الحداثة وما بعد الحداثة بقدر ما أراده المؤلف خلوة محببة مع بعض منتجات الحداثة وما بعد الحداثة المعمارية. كان المؤلف واضحاً منذ البدء في إشارته إلى أنّ خياراته للشواخص المـعـمـاريـة فــي الـكـتـاب إنّــمــا تـعـكـس ذائـقـتـه الشخصية وليس من المفيد أن تترتب عليها أي تقييمات على صعيد الجودة التنفيذية أو الأمثلية المعمارية. وثالثاً، مع أنّ المؤلف لم يشأ بقصدية واضــحــة تـقـديـم أطــروحــة تنظيرية مغالية فــي أكـاديـمـيـتـهـا؛ كـانـت المـقـدمـة المختصرة التي كتبها مثابة مميزة حقاً لأنه استطاع فــــي صـــفـــحـــات قــلــيــلــة ضـــغـــطَ خـــبـــرة مـــديـــدة وتكثيفها وتقديمها لقارئ لم يتمرّس في دروب العمارة ومتاهاتها حتى لو كانت له حصيلة ثقافية عامة معتبرة. وأخـيـراً، عهد المؤلف في التفاتة لمّاحة إلــــى إنـــاطـــة كــتــابــة تـمـهـيـد الـــكـــتـــاب بـشـاعـر وإعـــــ مـــــي عــــراقــــي لــــه صـــيـــتـــه الـــجـــمـــيـــل فـي الـسـاحـة الثقافية الـعـراقـيـة. وهـــو (المــؤلــف) في هذه الالتفاتة يؤكّد على كسر النخبوية المـــعـــمـــاريـــة الــضــيــقــة والـــعـــمـــل عــلــى انــفــتــاح الـفـضـاء المـعـمـاري على أنسقة ثقافية أكثر اتــســاعــ مـــن حــــدود الـــقـــاعـــات الـجـامـعـيـة أو المكاتب المعمارية المهنية. نظرية العمارة الـــكـــتـــاب بــســيــط الـــتـــرتـــيـــب ولا تـعـقـيـد فـــيـــه مــــن جـــهـــة المــــحــــتــــويــــات، وهـــــــذه بــعــضُ فـضــائـلــه. ثــمــة مــقـدمـة (أؤكّــــــد أنــهــا عظيمة الـفـائـدة) مــوجــزة، يعقبها فـصـ ن يختص الأول بنماذج من عمارة الحداثة، ويختص الثاني بنماذج من عمارة ما بعد الحداثة، ثــــم يــخــتــتــم الـــكـــتـــاب بــفــصــل قــصــيــر أوجــــز فـيـه المـــؤلـــف رؤاه الـسـابـقـة (تـسـمـى إيــجــازاً ). يرد في خاتمة الكتاب قائمة Summing Up مـــوجـــزة ومــهــمــة بـــالمـــصـــادر والمـــــراجـــــع، مع ملحق قصير بالإنجليزية. يؤكّد المؤلف أنّ مفاهيم الحداثة وما بعد الحداثة المعمارية كانت سابقاً تـدرّسُ كنُتَفٍ مفاهيمية مبعثرة في منهاج «تاريخ الــــعــــمــــارة»؛ لــكــنّــه عــمــل بــجــهــد حــثــيــث على التأكيد عليها وتضمينها في منهج دراسي منفصل هـو «نـظـريـة الـعـمـارة» متمايز عن تاريخ العمارة. يكتب المؤلف واصفاً بعض تفاصيل الحداثة المعمارية: «اعــــتــــمــــدت الــــحــــداثــــة المـــعـــمـــاريـــة عـلـى التقدم الصناعي والنجاحات الجديدة التي حدثت فيه، وتبنت الأفكار الطليعية المنادية للتغيير، كما اهتمت بالجانب الاجتماعي لــــلــــعــــمــــارة...» ، ثــــم يــــــــوردُ صـــفـــات مـــحـــددة للحداثة المعمارية: الـنـزعـات العقلانية في إيــجــاد حــلــول المــعــضــ ت المــعــمــاريــة، رفـض الـــطـــرز الــتــاريــخــيــة لـلـمـبـانـي، وإهـــمـــال لغة الذاكرة التاريخية المحلية. شـــاعـــت عــــمــــارة الـــحـــداثـــة فــــي الــفــتــرة المـــمـــتـــدة مــــن أوائـــــــل الــــقــــرن الـــعـــشـــريـــن حـتـى سبعيناته، ثم بدأت طلائع ما بعد الحداثة المـــعـــمـــاريـــة تــقــتــحــمُ حـــصـــون الـــحـــداثـــة مـنـذ أواسط ستينات القرن العشرين بفعل تأثير ثلاثة أساطين معماريين. يكتب المؤلف في بعض هذا الشأن: Robert «مــعــلــومٌ أنّ روبـــــرت فــنــتــوري )، المـعـمـار الأميركي 2018 -1925( Venturi المــــــــعــــــــروف، الــــــــــذي ارتــــــبــــــط اســـــمـــــه كــــأحــــد المـــنـــظّـــريـــن الــــ مــــعــــ لــــظــــاهــــرة عــــمــــارة مـا بـعـد الـــحـــداثـــة، قـــد ألّــــف كـتـابـ ونـــشـــره عـام بـــعـــنـــوان (الــتــعــقــيــد والـــتـــنـــاقـــض فـي 1966 Complexity and Contradiction الــعــمــارة ) يــــتــــنــــاول مــــســــوّغــــات in Architecture الـتـغـيـيـر وضـــرورتـــه فــي الــذائــقــة الجمالية لــلــعــمــارة، ويــــــروّجُ لأطـــروحـــة تـقـف بـالـضـد مـــــن عـــــمـــــارة الـــــــحـــــــداثـــــــة...». لــــقــــي الـــكـــتـــاب الـتـأسـيـسـي لـفـنـتـوري رواجــــ واســعــ عقب لغة عالمية، وقامت 16 نـشـره، وتُــرجِــم إلــى المعمارية العراقية سعاد مهدي بترجمته ،1987 إلــى العربية ونـشـره فـي بـغـداد عــام ثم أعقبت هذا الكتاب بكتاب تاريخي مهم عـــنـــوانـــه «عـــصـــر أســـاطـــ الـــعـــمـــارة». نجد في كتاب فنتوري تأكيداً صارماً لفكرة أنّ الــعــمــارة نـظـام نـسـقـي مـعـرفـي مـتـكـامـل مع المعرفة البشرية: «الفعالية المعمارية ما هي سوى شكل مـن أشـكـال المعرفة حالها حـال الرياضيات والفيزياء والأدب، ولتوسيع شكل المعرفة هـــذا ينبغي الـنـظـر إلـــى عـ قـتـهـا بالأنظمة الأخرى...». يــشــيــرُ المـــؤلـــف فـــي انــتــبــاهــة شــديــدة الأهمية إلى جملة من العوامل التي تدفع الارتــــقــــاء الــحــثــيــث لــلــمــمــارســة المــعــمــاريــة المعاصرة؛ فيذكر من هذه العوامل: تطور تــقــنــيــات المـــحـــاكـــاة الـــحـــاســـوبـــيـــة، الــعــلــوم الـجـديـدة (عـلـم الـكـونـيـات الـحـديـث، علوم التعقيد)، توظيف المعلوماتية والعولمة، الاســــتــــفــــادة مــــن المــــــــواد الــــنــــانــــويــــة فــائــقــة الصغر. عقب الاستفاضة في الحديث عن عمل فنتوري يتناول المؤلف مُنظّراً معمارياً آخر ) وكتابه 2019 - 1939( هو تشارلز جينكس .1977 «عمارة ما بعد الحداثة» المنشور عام يعجب المرء لقلّة مترجمات أعمال جينكس الـــكـــثـــيـــرة إلـــــى الـــعـــربـــيـــة، وربــــمــــا مــــن المـفـيـد الإشــــارة إلـــى عمله المــوســوم «عــمــارة الـكـون الوثاب» الذي تُرجِم قبل بضع سنوات. ،)Peter Eisenman( بـيـتـر آيــزيــنــمــان ، هو المنظّر الثالث لما بعد 1933 المولود عام الـــحـــداثـــة المــعــمــاريــة، الــــذي تــنــاولــه المــؤلــف. تــنــاغــمــت أفــــكــــار هـــــذا المـــنـــظّـــر مــــع الـفـلـسـفـة التفكيكية للفيلسوف الفرنسي جاك دريدا، وهــــــذه المـــقـــاربـــة نــــراهــــا واضــــحــــة فــــي كـتـبـه العديدة. بعد الــقــراءة المـدقـقـة للمقدمة المكثفة لــلــمــؤلــف يــمــكــن لـــلـــقـــارئ الـــتـــرحّـــلُ بــتــجــوال بـــصـــري حـــر فـــي عـــوالـــم مــنــتـقــاة مـــن عــمــارة الحداثة وما بعد الحداثة. للقارئ أن يحلّق كما يشاء ويحطّ أنّى يشاء؛ فالمؤلف يبتغي إمتاعه أولاً وقبل كل شيء من غير ضواغط فكرية أو منهجية ثقيلة. عـالمـنـا يتفجّر بــألــوان مــن المــعــارف كـلّ يوم حتى بات المرء مثقلاً بعبء البحث عن الجديد مع عدم إغفال المعرفة القديمة. وَسْطَ شواغل ومثيرات حسية لا تنتهي قلما يجد الـــقـــارئ (حــتــى الــشــغــوف) وسـيـلـة مناسبة لــــقــــراءةٍ مُــصــمــمــة لإثــــرائــــه وتـــوفـــيـــر الـجـهـد والـــزمـــن لـــه مـــع عــــدم الاخـــــ ل بالخصيصة الفكرية التي تشتغل فـي الجبهات العالية للمعرفة. أعتقد أنّ كـتـاب السلطاني أوفـى بمتطلبات هـــذا الاسـتـحـقـاق الــــذي سـيـقـدّمُ خـدمـة كـبـرى لـكـثـرة مــن الـــقـــرّاء المهجوسين بالمعرفة المعمارية والإنسانية الشاملة. لطفية الدليمي خالد السلطاني روبرت فنتوري هناك نقصفادح في المطبوعات التي تتناول تأثير العمارة في تشكيل السياسات الثقافية «نحو تفكير كرديجديد» صـدر حديثاً عن «دار الـزمـان» كتاب جديد للباحث الـــكـــردي الـــســـوري حـــواس مـحـمـود بـعـنـوان «نـحـو تفكير كردي جديد». وجــــــاء فــــي الـــتـــقـــديـــم: «الــــكــــتــــاب جـــهـــد فـــكـــري جــديــد يعالج الأزمـة السياسية في روج آفا كردستان، ويتناول الحركة السياسية الــــكــــرديــــة بــالــنــقــد والـتـحـلـيـل ويـقـدم عـــــــــدة مــــقــــتــــرحــــات لــــلــــحــــل، ويــــعــــالــــج أيـــــــــــــضـــــــــــــ واقــــــــــــــــع المــــثــــقــــفــــ الـــــكـــــرد ومــــــوقــــــعــــــهــــــم فـــي المــيــدان السياسي الــــــكــــــردي هــــنــــاك». ويــــتــــألــــف الـــكـــتـــاب مــــن ثــــ ثــــة أبــــــواب وعدد من الفصول التي تناولت الفكر الـكـردي المعاصر والمــبــادرة الثقافية الـكـرديـة، وتسييس المــثــقــف وتــثــقــيــف الـــســـيـــاســـي، والــــكــــردي المــثــقــف والــقــهــر المـكـثـف، والــكــرد والـفـكـر الـديـمـقـراطـي، والـحـركـة الـكـرديـة وعقلية التخوين والتبرير، والثنائيات الكردية المتضادة، والـنـاقـد والمـنـقـود فــي السيكولوجيا الــكــرديــة، والــكــردي التائه بين الأنانية الفردية والطموحات الكبرى، والكرد ومرحلة الفوات السياسي، ونحو مفهوم الوطنية الكردية العميقة، كما تضمن الـكـتـاب ثـ ثـة حــــوارات مـع المـؤلـف، وملحقاً تضمّن أربعة موضوعات. صفحة من القطع المتوسط. 155 جاء الكتاب في بيروت: «الشرق الأوسط» «القراءة بالأذنين» توازي «القراءة بالعينين» نمو قياسي لـ«الكتاب الصوتي» بفضل «الذكاء الاصطناعي» تـــتـــطـــور المـــنـــتـــجـــات الـــصـــوتـــيـــة بـــشـــكـــل غـيـر مـسـبـوق، بفضل الـــذكـــاء الاصـطـنـاعـي، الـــذي بـات يوفّر آلياً ساعات من النصوص المسموعة، بكلفة منخفضة. وهــو مـا سـمـح، فـي الـسـنـوات الخمس الأخـيـرة، بتسريع إنـتـاج الكتب الصوتية بأعداد كبيرة وجودة عالية. تدل الأرقــام على أن الكتب الصوتية الرقمية ، ارتفعت 2023 هي أسرع القطاعات نمواً. ففي عام في المائة، 9 إيراداتها في الولايات المتحدة بنسبة مـلـيـار دولار. فيما ارتـفـعـت الإيـــــرادات 2 وحـقـقـت فـي المـائـة خــ ل الفترة نفسها في 24 بما نسبته بريطانيا، وهذا يحصى من خلال عمليات تنزيل 17 الكتب، التي ارتفعت في المملكة المتحدة بنسبة .2023 و 2022 في المائة، بين عامي يبقى أن رصد نمو الكتب الصوتية العربية أكــثــر صــعــوبــة، لــكــن الـقـيـمـ عـلـيـهـا يـــؤكـــدون أن الإقبال يتزايد، لكن الغالبية الساحقة تستفيد من الكتب المجانية والمقرصنة، التي تنتشر كالنار في الهشيم، مما يجعل فهم مدى الإقبال أكثر صعوبة. وهي مشكلة تطول المنتجات الرقمية الصوتية، لا سيما الكتب في مختلف اللغات، مما يعيد أزمة حقوق المؤلف إلى نقطة الصفر، مضافاً إليها هذه المـرة حقوق الناشر، الـذي يـرى كتابه الـذي صرف عليه أمــوالــه، يـــوزّع صوتياً، بعد أن كــان يُقرصَن إلكترونياً وورقياً، دون أي اعتبار. كما أن شكوى الناشرين تتصاعد؛ بسبب عدم شفافية المنصات التي لا سبيل للتأكد من حساباتها، أو مراقبة عدد مرات التنزيل عليها. الترويج على قدم وساق وتقدّر منصة «سبوتيفاي» أن نمو صناعة فــي المـائـة 20 الـكـتـب الـصـوتـيـة يـمـكـن احـتـسـابـه بـــــ . لـكـن الــظــاهــرة ليس 2022 سـنـويـ بـــدءاً مــن سـنـة متروكة للظروف. فهناك عمل حثيث على الترويج للكتب الصوتية بلغات أجنبية عديدة، من خلال إقــنــاع الـــقـــارئ بـأنـهـا وسـيـلـة أخــــرى لـلـمـعـرفـة من خـ ل الـقـراءة بـالأذنـ ، التي لا تختلف كثيراً في فائدتها، عن القراءة بالعينين. ويـــســـتـــعـــان مــــن أجـــــل دعـــــم هـــذه الأفـكـار بـدراسـات متتالية تــــــظــــــهــــــر جـــــــــــــــدوى أن تـسـتـمـع لـلـكـتـب إن كــنــت لا تــقــرأهــا، أو أن تــــقــــوم بــــــــالأمــــــــريــــــــن مـــــعـــــ . فــثــمــة دراســـــــــــــــــــــــــــــــة نــــــــــــشــــــــــــرت مـــــــــؤخـــــــــراً تـــــــبـــــــ أن الاســــــــتــــــــمــــــــاع لا يـــــــــــقـــــــــــل أهــــمــــيــــة وتــــأثــــيــــراً عـــلـــى الـــشـــخـــص مـن الـقـراءة نفسها. وثمة ترويج للكتب الصوتية، من خـ ل دراســات أخـرى حـول العلاقة الجدلية بين الاستماع للكتب وتحفيز بعض السلوكيات. ثــمــة دراســــــة بــيــنــت أن الاســـتـــمـــاع لــكــتــاب يـعـ عـلـى الــنــوم، والاســتــغــراق الــســريــع، مــع توصية باعتماد السير الـذاتـيـة، والقصص البوليسية حين لا تكون عنيفة، باعتبارها من بين الأفضل لجلب الـنـعـاس. ولتسويق أكبر تربط إعلانات بعض المـنـصـات الأمـيـركـيـة، وبينها «أوديــبــل»، بـــ ريـــاضـــة الـــركـــض والاســـتـــمـــاع إلـــى نـصـوص الكتب المقروءة، وكذلك اقترحت المنصة عناوين معينة، اعتبرت أنها تحفّز على النشاط وتزيد مـن متعة الـذيـن يـمـارسـون هــذا الـنـوع من الرياضة. أســـــــــــــــــالـــــــــــــــــيـــــــــــــــــب تـسـويـقـيـة تـتـزامـن مــــــــــــــــــــع ظــــــــــهــــــــــور دراســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــات تـــــــــدعـــــــــمـــــــــهـــــــــا وتــــمــــنــــحــــهــــا المــصــداقــيــة، عــــــــــــلــــــــــــمــــــــــــ بـــــــأنـــــــه مـــن الــــــــصــــــــعــــــــب مـعـرفـة مـــدى دقـة المـــعـــلـــومـــات فـي كــــــل مــــــــــرة، أو جـــــــــــدّيـــــــــــة هذه الدراسات. كــل هـــذا يــأتــي بـعـد أن أصــبــح إنــتــاج الـكـتـاب الــصــوتــي مــتــاحــ بــســرعــة مــذهــلــة، بـفـضـل الــذكــاء الاصـــطـــنـــاعـــي الـــتـــولـــيـــدي. وإن كـــانـــت الـــشـــركـــات المــــنــــتــــجــــة لا تــــتــــحــــدث بـــــصـــــراحـــــة ووضـــــــــــوح عــن استغلالها لبيانات أصوات موجودة لديها لإنتاج كتب جــديــدة، فمن المــرجّــح، حسب الـتـقـديـرات، أن آلاف الكتب أصبحت مــوجــودة، فـي الأســـواق عبر استخدام الذكاء الاصطناعي، باستغلال أصوات بشرية دون أن يُدفَع لأصحابها أي مقابل. ألف 40 ومؤخراً أعلنت «أمـــازون» عن وجـود كتاب صوتي على منصتها «أوديبل» المتخصصة بالبودكاست والكتب الصوتية، التي تم إنتاجها بواسطة الذكاء الاصطناعي. وقــــد أطــلــقــت فـــي نــوفــمــبــر (تـــشـــريـــن الــثــانــي) خدمة تتيح للكتّاب نشر أعمالهم صوتياً، 2023 عبر الذكاء الاصطناعي. وهو ما سمح لكثير من المؤلفين تحويل كتبهم إلى صيغة جديدة بتكلفة وجهد مغريين. وكان تسجيل الكتاب يحتاج لأيام وأسابيع وجهود كبيرة، وتكاليف عالية، إذا ما لجأ الكاتب لمــن يــقــوم عـنـه بــهــذه المـهـمـة. أمـــا الـــيـــوم، فيتحدث المؤلفون الذين قاموا بتسجيل كتبهم عبر القراءة الآلية، عن حاجتهم إلى ساعة واحـدة فقط لإتمام فـــي المــائــة 40 المــهــمــة. وتـــقـــدم «أمــــــــازون» لـلـمـؤلـف مــن مــدخــول مــا تـسـوقـه، وإن كـــان بـعـض المؤلفين يشككون في صدقية تعاطي المنصات معهم، نظراً للمداخيل المتواضعة التي يجنونها. بيروت: سوسن الأبطح

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky