issue16689

4 تحقيق FEATURES Issue 16689 - العدد Wednesday - 2024/8/7 الأربعاء ASHARQ AL-AWSAT (أ.ف.ب) 2022 أبريل 30 قادة عسكريون من كتائب «عز الدين القسام» يستقبلون يحيى السنوار في غزة (غيتي) 2023 أبريل 14 يحيى السنوار لدى وصوله إلى احتفالية إحياء «يوم القدس» في غزة » يرويها «رفاق الزنزانة» 1 يحيى السنوار... حكاية «الرقم نــشــأ الـــســـنـــوار فـــي مـخـيـمـات الـصـفـيـح بــغــزة وبـــن أزقــتــهــا الـضـيـقـة بـعـدمـا نـزحـت .»48 عائلته مـن مدينة المـجـدل عقب «نكبة طــالــه نـصـيـب مـــن شـظـف الـعـيـش وقـسـوتـه. طــبــعــت الــــظــــروف الــقــاســيــة عــامــاتــهــا على شـخـصـيـة الــطــفــل الـــــذي وقــــف شـــاهـــداً على ». راكـــمـــت الـــســـنـــوات الـــتـــي تلت 67 «نــكــســة رصـــيـــداً مـــن الــغــضــب والــســخــط فـــي صــــدره، فاقمتها يوميات البؤس في غزة ومخيماتها مخلّفةً «رغبةً ملحّة بالانتقام» لازمته لعقود تلت. كـان في حديثه ونظرته للصراع دائم الحديث عن «النكبة» وما تركته من معاناة ممتدة لأهـلـه، كــان لديه تطلع دائــم لإحــداث «صــدمــة وتـغـيـيـر فــي مـــوازيـــن الـــقـــوى»، كما يقول من عرفه. تـــلـــقّـــى يـــحـــيـــى الــــســــنــــوار تــعــلــيــمــه فـي مــــدارس مخيم خـــان يـونـس وأكــمــل دراسـتـه بــعــدهــا بـالـجـامـعـة الإســـامـــيـــة الــتــي تـخـرج فـيـهـا بــشــهــادة فــي الـــدراســـات الـعـربـيـة. بـدأ نشاطه بالعمل الطلبي والتنظيمي حينذاك تحت مظلة «الكتلة الإسلمية» ومنها شق طــريــقــه إلــــى أدوار أوســــع تـكـلـلـت بتأسيس جـــهـــاز «المــــجــــد»، الـــجـــهـــاز الأمـــنـــي الــداخــلــي لـ«حماس» المضطلع بأدوار حساسة أبرزها ملحقة الـعـمـاء والمرتبطي بـأجـهـزة الأمـن الإسرائيلية. قـاد نشاطُه الأمـنـي إسرائيل لاعتقاله أواخــــــــر الـــثـــمـــانـــيـــنـــات. اتـــهـــمـــتـــه الــســلــطــات الإســـرائـــيـــلـــيـــة بـــقـــتـــل أربــــعــــة «مـــتـــعـــاونـــن» فحكمت عليه بأربعة أحـكـام مــدى الحياة. تـــنـــقّـــل بــــن الـــســـجـــون الإســـرائـــيـــلـــيـــة شـــمـــالاً وجـــنـــوبـــا وقـــضـــى فـــتـــرات طــويــلــة فـــي غــرف العزل. قــاد «حــمــاس» داخـــل الـسـجـون، وحـمَـل «هاجسه الأمني» معه. أتقن اللغة العبرية، ودرّس النحو الصرف لرفاقه، وقاد إضرابات ومفاوضات، وربح جولات وخسر أخرى. بدا الوقت ثقيلً داخل السجن فيما دارت عجلة الصراع خـارج أســواره؛ انتفاضات وحروبا وســرابــات ســام. أكثر مـن عقدين فـي الأسـر لم ينالا من قناعة الرجل بقرب نيل حريته. خــطــف شـقـيـقـه جــنـديــا إسـرائــيــلــيـا وبــادلـتــه «حماس» بألفِ أسير فلسطيني. كان يحيى على رأسهم. خرج ليلعب أدواراً بارزة شكّلت معالم جديدة للصراع. فــــي أعــــقــــاب الـــســـابـــع مــــن أكـــتـــوبـــر، مـأ اسم السنوار الدنيا وشغل كثيراً من دوائر الأمـــن والسياسية فـي إسـرائـيـل وخـارجـهـا. أثـــــار الـــرجـــل عــاصــفــةً مـــن الـــتـــســـاؤلات حــول شخصيته وأفـكـاره ورؤيته للصراع وكذلك الدوافع وراء قراراته وحسابات تكاليفها، لا سيما لما أحدثته من انعكاسات وما خلّفته من تبعات كبيرة وثقيلة. اللقاءات الأولى يــســرد عـصـمـت مـنـصـور، أســيــر سابق كان ينتمي لـ«الجبهة الديمقراطية» وأمضى ســـنـــوات فـــي الـــســـجـــون الإســرائــيــلــيــة الـتـقـى خــالــهــا الـــســـنـــوار، جــانــبــا عـــن انــطــبــاعــاتــه الأولــــــــــى بــــعــــد لــــقــــائــــه فـــــي ســــجــــن عـــســـقـــان أواخـــــر تـسـعـيـنـات الـــقـــرن المـــاضـــي: «حينما تلتقي السنوار تـرى إنسانا عـاديـا، بسيطا ومــتــديــنــا»، بــيــد أنــــه يـحـمـل أيــضــا «صــفــات الـــقـــســـوة والـــــحِـــــدّة فــــي الـــتـــعـــامـــل. هــــو رجـــل متدين لكنه ليس خطيبا ولا منظّراً. تحضر الخلفية الـديـنـيـة فــي تشكيل عــاقــاتــه، ولا يـمـكـن أن يـتـعـامـل مـعـك بـمـعـزل عـــن موقفه المسبق». تَظهر تجربة السنوار فـي صغره قبل دخوله السجن مبكراً وقضائه فترة طويلة فـــيـــه، جــلــيّــة فـــي ســلــوكــه ونــظــرتــه لمـــا حـولـه وتــعــامــلــه مـــع الآخــــريــــن. يـــقـــول مــنــصــور إن طــفــولــتــه الــقــاســيــة رســـمـــت مــعــالــم «حـــقـــده» وصاغت توجهاته السياسية، مضيفا: «هو لا يقبل المساومة، ولا يرى إمكانية للحلول أو إمكانية للتوصل إلى صيغ واتفاقيات إلا في إطار التكتيك». عبد الفتاح دولــة، أسير سابق ينتمي لحركة «فـتـح» أمـضـى سـنـوات فـي السجون الإسرائيلية، كان قد التقى السنوار أول مرة . سبقت انطباعاته عن الرجل اللقاء 2006 عام معه، إذ تناقل الأسرى «صيت السنوار» من ســجــن إلــــى آخــــر ورســــمــــوا صـــــورة عـــن رجــل «حاد الطباع وصاحب قرار». تـلـك الانــطــبــاعــات عـــززهـــا الــلــقــاء الأول الـــــــــذي جـــمـــعـــهـــمـــا فــــــي ســــجــــن بــــئــــر الـــســـبـــع الــصــحــراوي. يـقـول دولــــة: «يـحـيـى الـسـنـوار الشخص الاجتماعي الإنساني يختلف عن الـقـيـادي الـحـمـسـاوي. يحيى الـسـنـوار الـذي تتناقش معه فـي قضايا عـامـة يختلف عن الـــــذي تــخـــوض مــعــه فـــي قــضــايــا فـصـائـلـيـة. هنا يكون اجتماعيا وهناك يكون متعصبا، تشعر كأن الرجل بشخصيتي». أمـا صـاح الـديـن طـالـب، أسير سابق يـنـتـمـي لـحـركـة «حـــمـــاس» وكــــان قــد قضى ســنــوات فــي الـسـجـون مــع الــســنــوار وأُفـــرج عــنــه مـــع الـــســـنـــوار ضــمــن صـفـقـة الــتــبــادل، يـسـتـذكـر لـــقـــاءه الأول مـــع «أبــــو إبــراهــيــم» فيقول: «يلفتك تواضعه، وعلقته المرحة مـــع الـــشـــبـــاب». بــيــد أن رفــيــق الأســــر يلفت إلـــــــى أن طـــبـــيـــعـــة الـــــقـــــيـــــادي الـــحـــمـــســـاوي الأمنية جعلته مختلفا عن قيادات الحركة الآخــريــن، فـهـو «لـيـس داعــيــةً، هــو مؤسس جــهــاز (مـــجـــد) الأمـــنـــي وهــــذا يـنـعـكـس إلــى حــد كبير عـلـى شخصيته. فـرغـم علقاته الاجتماعية القوية فإنه في الجانب الأمني كان شديداً وقاسيا». «هوسأمني» في السجون داخـــــــــــــل الــــــســــــجــــــون كـــــمـــــا خـــــارجـــــهـــــا، ظــــل الــــســــنــــوار رجــــــل الأمـــــــن الأول. أواســــــط التسعينات تلقّت حركة «حماس» وخلياها في الضفة والقطاع ضربات موجعة متتالية تمثلت في اغتيال أجهزة الأمن الإسرائيلية عـــدداً مـن قادتها كــان أبـرزهـم يحيى عياش وعماد عقل، وتنفيذ عمليات اعتقال واسعة لـنـشـطـاء الـــحـــركـــة، وإحـــبـــاط عــــدد كـبـيـر من الخليا العسكرية. أحـدثـت هــذه التطورات هــــزات كـبـيـرة داخــــل أركـــــان الــحــركــة وبعثت بــــارتــــدادات عـمّـقـت المـــخـــاوف مـــن اخــتــراقــات أمنية واسعة. ألقى هذا بظلل ثقيلة وقاتمة على أحـــوال الـحـركـة داخـــل الـسـجـون ودشـن «مـــرحـــلـــة الــــهــــوس الأمــــنــــي» فــــي تــاريــخــهــا. كـــان الــســنــوار مــحــرك هـــذه المـرحـلـة وضـابـط إيقاعها. يستذكر طالب هذه «المرحلة الصعبة» الــتــي اضـطـلـع خـالـهـا بـــــأدوار أمـنـيـة برفقة الـــســـنـــوار داخـــــل المـــعـــتـــقـــات. اتــســعــت رقـعـة «الـــــــــهـــــــــوس» وطـــــــالـــــــت تــــنــــظــــيــــم «حــــــمــــــاس» فــــي كــــل الــــســــجــــون، «كــــــان هـــنـــاك تـحـقـيـقـات واستجوابات، كانت الملفات الأمنية تنتقل بي السجون ومنها إلى الخارج. خلّف ذلك حــالــة هـــوس أمــنــي فـكـانـت هــنــاك اخـتـراقـات واغــــتــــيــــالات واعــــتــــقــــالات ولـــــم تـــكـــن الــحــركــة جــــاهــــزة أمـــنـــيـــا أو لـــديـــهـــا تـــجـــربـــة نـاضـجـة للتعامل مع ذلك بطريقة مثالية». تــحــوّلــت غـــرف حــركــة «حـــمـــاس» لمـراكـز لـاسـتـجـواب والـتـحـقـيـق. طـالـت الاتـهـامـات بالعمالة الكثيرين. يقول طالب إن بعضهم «ثـــبـــتـــت عـــمـــالـــتـــه» بـــيـــد أن كــثــيــريــن وقـــعـــوا ضـحـيـة لـــ«فــوبــيــا الأمــــــن»، مـضـيـفـا: «كــانــت مرحلة صعبة لم يخرج منها أحد بسلم». ويشير عبد الفتاح دولة إلى أن عمليات الـتـحـقـيـق كـــانـــت تـــجـــري مـــع «كــــل مـــن تـــدور حوله أي شكوك»، ما خلّف تبعات مأساوية، «أشــــــرف الـــســـنـــوار عــلــى عـــديـــد مـــن عـمـلـيـات التحقيق الداخلي. ربما كان يفلح بالوصول إلـــى بـعـض المـتـسـاقـطـن هـنـا أو هــنــاك، لكن الـبـعـض قُــتــل تـحـت الـتـعـذيـب وتــبــن لاحـقـا أنهم من أفضل أبناء الحركة». السنوار و«القسّام» كــــــــــــان الــــــــســــــــنــــــــوار داخــــــــــــــل الـــــســـــجـــــون الإسـرائـيـلـيـة مطلع التسعينات حـن بـرزت إلـــــى الـــواجـــهـــة «كـــتـــائـــب الــــقــــســــام»، الــجــنــاح العسكري لحركة «حماس»، وشرعت بتنفيذ سلسلة مـن العمليات ضـد أهـــداف للجيش الإسرائيلي والمستوطني. ورغم أن السنوار كان منخرطا في الجانب الأمني فإنه اعتُقل مبكراً بينما كـان العمل العسكري فـي طور الإعــداد والتطوير. بـدأت علقة السنوار مع شخصيات من الجناح العسكري لـ«حماس» تنشأ وتتطور أكثر داخــل الـسـجـون، إذ بدأ عــــدد مـــن الأســــمــــاء الــــبــــارزة بـــالـــوصـــول إلــى السجون والمعتقلت. يــقــول مــنــصــور: «الــســنــوار مــن الـبـدايـة ذهـــنُـــه وعـقـلـيـتـه أمــنــيــة؛ عــنــده هــــوس أمـنـي ونظرة أمنية للمحيط ويعيش هذا الهاجس كــــل الـــــوقـــــت. حـــتـــى قــــــراءاتــــــه عــــن إســـرائـــيـــل غـــالـــبـــيـــتـــهـــا أمـــنـــيـــة وعــــــن تـــركـــيـــبـــة الــجــيــش والمـــخـــابـــرات. لــذلــك هـــو لــديــه هــــذه الخلفية والقابلية للنخراط مع الجناح العسكري». هــــذه الــعــاقــة الــتــي تـشـكـلـت ونـضـجـت مــع الـجـنـاح الـعـسـكـري دخــلــت لاحــقــا فصلً جديدة بعد إتمام «صفقة شاليط» وخروج «أبــــــو إبــــراهــــيــــم» ورفـــــاقـــــه مــــن الـــســـجـــن عـــام . كـــان مـحـمـد الــســنــوار، شـقـيـق يحيى 2011 الأصغر، مسؤولاً بارزاً في الجناح العسكري ومــــــشــــــاركــــــا فــــــي عـــمـــلـــيـــة أســــر الـــجـــنـــدي الإســـرائـــيـــلـــي جـلـعـاد شاليط والاحتفاظ به لسنوات قـــبـــل إطــــــاق ســــراحــــه بــمــوجــب أشهر من الحرب (أ.ف.ب) 9 السنوار «عُقدة» لإسرائيل بعد لشهر أكتوبر (تشرين الأول) في فصول حياة يحيى السنوار «أبــو إبـراهـيـم» المليئة بالمحطات الصعبة والمثيرة والـشـائـكـة، حـصـة خــاصــة. فـيـه وُلـــد فــي أزقـــة مخيم خـان يونس قبل ستة عقود ونيّف، وفيه نال حريته من السجون الإسـرائـيـلـيـة بـعـد أكـثـر مــن عـقـديـن أمـضـاهـمـا فـيـهـا، وفـي الشهر ذاته أطلق «الطوفان» نحو غلاف غزة مخلّفاً وراءه ارتدادات كبرى هزت أرجاء المنطقة والعالم. تحدثت «الشرق الأوسط» إلى «رفاق القيد» ممن عاشوا معه وعرفوه واقتربوا منه خلال سنوات الأسر في السجون الإسرائيلية. يرسم الأسـرى السابقون من مشارب سياسية وفكرية متنوعة أكـتـوبـر وأفــكــاره 7 «صــــورةً طـبَـقـيّـة» عــن «الـعـقـل المــدبــر» لــــ وقــيــادتــه لـحـركـتـه داخـــل الـسـجـون وعـ قـتـه مــع الفصائل الأخرى وصولاً إلى الدوافع التي أوصلته إلى ساعة الصفر صبيحة الـسـابـع مــن أكــتــوبــر، وحــســابــات الــحــرب المـمـتـدة ومآلاتها. أكتوبر» 7« أسرى سابقون يرسمون «صورةً طبَقيّة» للعقل المدبر لـ لندن: بهاء ملحم تحوّلتغرف«حماس» إلى مراكز تحقيق وطالت الاتهامات بالعمالة الكثيرين ولم ينج أحد صورة للسنوار الذي تتوعده إسرائيل بالتصفية إلىجانبصور كبار مسؤولي «حماس» الذين تمت تصفيتهم بالفعل (الشبكات العربية)

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky