issue16687

عن العقيدة االستراتيجية األميركية لم يكتب ملادة السياسات العمومية وجودُها في مصاف العلوم والتخصصات الـتـي تـــدرس فــي الـكـلـيـات واملـعـاهـد العليا عـلـى شـاكـلـة سوسيولوجيا الـعـاقـات الدولية والنظريات السياسية إال في العقود األخـيـرة، وبـاألخـص في الجامعات الفرنكفونية. والسبب هو أن هاته األخيرة ظلت حبيسة املنطق القانوني - الفلسفي والتقاليد الفكرية املوروثة، ابتداء من هيغل إلى ماكس ويبر، مرورًا بماركس، الذين أعطوا األولوية ملفهوم الدولة، أي أنه تم التأكيد على كيان يستحوذ على املجتمع، يرسم حــدوده ويقوم بتوجيهه، وهكذا ظلت املــدارس الفرنكفونية، وعلى رأسها فـرنـسـا، ملــدة طـويـلـة، تـقـدس مسألة الـتـوجـهـات القانونية والفلسفية، إلــى درجـة أنها رفضت إحــداث تفرقة بني علم السياسة والقانون الدستوري مثلً، في حني عرفت العلوم السياسية استقلليتها مبكرًا في الواليات املتحدة، وتكونت مدارس مـتـعـددة، وكـثـر أعـــداد املـنـظـريـن، وتــطــورت فـروعـهـا، بما فـي ذلــك علم السياسات » الفضل فـي تـطـور هــذا العلم، government« العمومية، حيث كــان لطغيان مـبـدأ وألفت عنه الكتب، وظهرت نظريات كثيرة تؤصل للمصالح الجماعية والفردية التي تقوم بصياغة سياسات «هادفة» تنطلق من قاعدة أساسية، وهي كيف يجب تحقيق التنمية بذكاء وبمصاريف معقولة متبوعة بمبدأي املحاسبة واملساءلة، ألن األموال العمومية هي أموال الشعب. هذا االختلف بني املدرستني الفرنكفونية واألنغلوساكسونية يذكرني أيضًا بـاالخـتـاف املـوجـود داخـــل علم السياسة، هـل هــذا العلم هـو علم الـدولـة أم علم السلطة؟ فـإذا تتبعت أقاويل املنظرين القانونيني والفلسفة الفرنسيني األوائـل فسيقولون هو علم الدولة، خلفًا لزملئهم األميركيني الذين سيقولون لك منذ البداية إنه علم السلطة، وهذا ما يجعله يأوي مجاالت متعددة، من قبيل املجتمع املدني واألحزاب السياسية والنقابات واللوبيات حتى األفراد... ونتذكر ما قابل قـرار حكومة بوش االبـن عندما أرادت التدخل العسكري في ، من رفض لدى الدول األوروبية الغربية، وباألخص فرنسا، التي 2003 العراق سنة تزعمت معسكر الرفض هـذا باسم الشرعية القانونية والشرعية األممية التي ال تجيز مثل هـذا التدخل العسكري لعدم وجــود األدلـــة التي تسطرها مــواد ميثاق «األمم املتحدة». ويكفي الرجوع إلى املذكرات التي كتبت عن تلك الفترة، بما في ذلك مذكرات كولن باول، لفهم املسألة جيدًا. كان كل من ديك تشيني، ودونالد رامسفيلد، وكـولـن بـــاول، يقومون بـرحـات مكوكية إلــى الـعـواصـم األوروبــيــة (عــدا بريطانيا حليفة أميركا التقليدية) إلقـنـاع رؤسـائـهـا، ولكن دون جـــدوى. ونتذكر الخطاب الشهير لكولن باول في قبة «األمم املتحدة»، وهو يحمل قنينة صغيرة يقول فيها ألعـضـاء مجلس األمـــن: لـو أنــه قــام بتفجير هـاتـه القنينة، ألضـحـت مساحات من األرض حصيدًا كــأن لـم تغن بـاألمـس، وهــو مـا يستطيع صــدام فعله لتوفره على أسلحة الـدمـار الـشـامـل، وهــو مـا أنـكـره عليه وزيـــر الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيلبني في نفس االجتماع لعدم وجود أي حجة... هذا البون الشاسع بني االتجاه الفقهي القانوني الفلسفي الصرف، واالتجاه االستراتيجي، أو بعبارة أخرى بني الحفاظ على الشرعية القانونية الدولية والقضاء على نظام صدام وأهله، مزّق في تلك الفترة قواعد التفاهم حول محددات النظام العاملي، إلى درجة أن ديك تشيني وصف أوروبا الغربية بأوروبا العجوز... وتشيني من خلل كلمه هذا كان يشير إلى انتهاء صلحية اإلملءات القانونية والفلسفية الفرنسية، وأن لكل مرحلة تكييفاتها، وأن هاته املرحلة تتطلب الواقعية االستراتيجية اللقانونية بغطاء شبه قانوني... فوقع التدخل العسكري األميركي - البريطاني، وجعل الحلفاء أعزة العراق أذلة، وعاليها سافلها، رغم الرفض الفرنسي دولة في الجمعية العامة لألمم املتحدة... 200 - الغربي والقوانني األممية، ووجود وهاته العقيدة السياسية دائمًا ما تضع مصالح أميركا ومصالح حلفائها، بما في ذلك إسرائيل، فوق مصالح الديمقراطية والقانون الدولي وحقوق اإلنسان، وقد الحقت مثل تهمة «مجرم حرب» الراحل هنري كيسنجر، وتعالت الدعوات إلى محاكمته فيما جــرى مـن حــرب فـي فيتنام وكمبوديا، وتـآمـره على عــدد مـن دول أميركا اللتينية في سبعينات القرن املاضي مع وكالة املخابرات املركزية لإلطاحة بـسـلـفـادور ألـيـنـدي بـعـد انـتـخـابـه رئـيـسـ لتشيلي، ودعــــم الـديـكـتـاتـور العسكري ، وغزو تيمور الشمالية 1976 بينوشيه، ودعم االنقلب العسكري باألرجنتني عام ... ولكن كل هذا لم يتم، ألن أميركا من خلل سياستها العمومية الدفاعية 1975 عام والخارجية تقوم على عقيدة غلبة العوامل االستراتيجية على العوامل القانونية والقواعد الدولية، وال يمكن أن تحاسب على ذلك، ألنها دركي العالم، وتملك مفاتيح املؤسسات الدولية والنظام العاملي، حتى إذا ضاعت منها، فإن لها نسخًا من تلك املفاتيح وأبوابًا ونوافذ أخرى تدخل منها وتخرج كيف تشاء، وهاته العقيدة تفسر انتهاك سـيـادات دول من حليفة أميركا، وأعني بذلك إسرائيل، وتفسر ما يجري اليوم في املنطقة، وسياسة ازدواجية املعايير التي تحير املبتدئني في مجال علم السياسة والعلقات الدولية. من رهائن مخطوفة إلى منطقة مختطفة لـــم يــكــتــف بـنـيـامـ نـتـنـيـاهـو بـخـطـف إســـرائـــيـــل نفسها وفلسطني ولبنان وربما سوريا، فقرَّر قبل أن ينتهي من حرب غــزة خطف املنطقة بأسرها إلــى حيث ال تـريـد. منذ سـنـة، لم يكن يخطر ببال أحــد مـن متابعي وخـبـراء شــؤون املنطقة أن تصل إسرائيل إلـى قلب طهران وتتمكن من اغتيال شخصية فلسطينية رفيعة. تمكَّنت في السابق من تنفيذ عمليات اغتيال وتخريب كثيرة في إيران، إنَّما هذه العملية مختلفة لكونها في سياق تصعيدي مستمر موجه ضـد إيـــران ولـم يعد مقتصرًا عـلـى «حـــمـــاس» وقــادتــهــا داخــــل فلسطني أو لـبـنـان وســوريــا. قبل سبع سـاعـات مـن اغتيال إسماعيل هنية، رئـيـس املكتب السياسي لحركة «حماس»، قتلت إسرائيل وفي قلب ضاحية بيروت الجنوبية قائدًا بارزًا يعد من رموز «حزب الله»، ولعب دورًا محوريًا في التخطيط لتفجير ثكنات املارينز 1983 عام في بيروت، هو فؤاد شكر، واغتالت قبله بأشهر وفي املنطقة نفسها القيادي في «حماس» صالح العاروري. يـصـعـب تـجـاهـل تـوقـيـت الـتـصـعـيـد ونــوعــيــتــه، فـقـد كـان مـتـوقـعـ بــعــد خــطــابــه فـــي الــكــونــغــرس إبـــــان زيـــارتـــه األخـــيـــرة لـواشـنـطـن. لــم يحجب التصفيق الــحــاد لنتنياهو مـقـاصـده، إذ أعـلـن بالفم املـــآن أن ال مـفـاوضـات وال تهدئة، بـل اإلصـــرار على القضاء على «حماس» واملضي في الحرب ضد ما سماه «محور اإلرهـــاب»، وعلى رأسـه إيــران دفاعًا عن الغرب برمته، عـــادًّا أعــــداء أمـيـركـا أعــــداء إسـرائـيـل، واملـعـركـة واحــــدة، والـدعـم األميركي إلسرائيل دعم أميركا لنفسها! عـــــاد نــتــنــيــاهــو مــــن واشـــنـــطـــن مــصــمــمــ عـــلـــى رفـــــع وتـــيـــرة التصعيد خــال الفترة املتبقية مـن واليـــة الرئيس جـو بـايـدن، وذلك لسببني رئيسني يكملن بعضهما: األول إدراكه أن الرئيس السابق دونالد ترمب ال يريد إبان واليته حروبًا وعليه االنتهاء مـــن حـــروبـــه قـبـل وصـــولـــه (تـــرامـــب) إلـــى الـحـكـم فـــي حـــال فـــوزه، والثاني ارتفاع حظوظ فوز املرشحة الديمقراطية كاماال هاريس بعد انسحاب بايدن، وأخْذ حملتها زخمًا غير مسبوق وفي وقت قياسي قصير جـدًا أنقذ الحزب من تخبطه. بالطبع، لن تكون هاريس في موقفها من إسرائيل والفلسطينيني كترمب، وليست أيــضــ نـسـخـة مــن بـــايـــدن، ومـهـمـة نتنياهو فــي الـتـعـامـل معها قـد تـكـون أصـعـب مـن التعامل مـع تـرمـب وبــايــدن. واألهــــم، رغم الحفاوة التي استقبل بها في الكونغرس، فإن لقاءاته الثنائية، كما توجهات الـــرأي الـعـام، أثبتت أن الطيف األمـيـركـي لـم يكن موحدًا في الترحيب به. لـــم يــتــرك نـتـنـيـاهـو مـسـاحـة لـلـشـك فـــي نـيـاتـه االســتــمــرار بـالـحـرب وتوسيعها لتشمل إيــــران، إذ يعتقد أنـهـا ستنتهي لصالحه سياسيًا وشخصيًا وتنقذه مما يواجهه في الداخل اإلسرائيلي امللتهب واملنقسم والغاضب منه، ألنه جعل أولوية الـعـمـل الـعـسـكـري كـمـا الـسـيـاسـي تـدمـيـر «حـــمـــاس»، وليست سلمة الرهائن وإعادتهم. ال يستطيع نتنياهو خوض حرب كهذه من دون واشنطن، لكنه يدرك أنه لن يجد من يؤيد انخراط أميركا فيها سواء من غلة الصهاينة حول ترمب أو من أقصى اليسار الليبيرالي حول بايدن وهاريس، فتراه يسعى لجرها إليها رغمًا عنها. لن تنجر واشنطن لهذه الحرب مهما اشتدت الضغوط، إال إذا بلغ تهور نتنياهو حدودًا غير متوقعة تشكل خــطــرًا فعليًا عـلـى مـصـالـحـهـا. يُــخـشـى مــن نتنياهو الـشـديـد الـــذكـــاء الــــذي يـضـع مـصـالـحـه فـــوق مـصـالـح بـــــاده، والـشـديـد الـقـسـوة الـــذي ال يـأخـذ فـي االعـتـبـار الضحايا البريئة مـن أي جهة كانت، أن يتهور تهور اليائس املحبط. وهـا هو يقوّض مفاوضات روما ويغير قواعد االشتباك مع «حزب الله» وإيران، باغتيال هنية وشكر وقصف ضاحية بيروت. في املقابل، إيران أيضًا ال ترغب في حرب مباشرة وترتاح أكـثـر إلــى الــحــروب بالوكالة الصغيرة القابلة لـاحـتـواء على غـــرار مــا يـجـري فــي غـــزة وســوريــا ولـبـنـان ومـــع الـحـوثـيـ في اليمن وبعض امليليشيات العراقية الحليفة. املأزق هو أن درجة التصعيد اإلسـرائـيـلـي ترتفع يوميًا ولــم يعد بمقدور «حـزب الله» االمتناع عن الرد على ما يتعرض له بوتيرة شبه يومية، وال بـمـقـدور إيــــران الـتـي تعتمد الـصـبـر االسـتـراتـيـجـي هضم االســتــفــزازات املـتـمـاديـة بالتعدي على سيادتها بـهـذا الشكل الـسـافـر. وبــ الـــرد والـــرد على الـــرد، تقف املنطقة على فوهة بركان. أكتوبر (تشرين األول)، لم تعد واردة عودة 7 بعد عملية الـــرأي الـعـام اإلسـرائـيـلـي بـعـامـة، وحـكـومـة نتنياهو والحلقة املـحـيـطـة بـهـا، إلـــى الــوضــع الـــذي كـــان قـائـمـ قـبـلـهـا، وإذا قــدّر لـ سـرائـيـلـيـ الـقـضـاء عـسـكـريـ عـلـى «حـــمـــاس» فــي غـــزة فلن يستكينوا إلى «حزب الله» في لبنان، ولم تعد الحلول املتداولة (املعدل) مقبولة 1701 من األميركيني والغرب بعامة مثل القرار لديهم. املخرج إلسرائيل - نتنياهو هو العمل العسكري، ما يعني أن وتيرة العنف ستزداد، ووسط استحالة حرب مباشرة بني إسرائيل وإيران من دون أميركا، سيكون لبنان وربما جزء من سوريا هما الساحة املرشحة لهذه الحرب البديلة واملتنفس الــــذي ال يـجـد نـتـنـيـاهـو غــيــره إلطـــالـــة أمـــد الــقــتــال. فالتسوية السياسية الشاملة مع الـحـزب، أي تسوية أميركية – إيرانية - إسرائيلية تنقذ لبنان وفلسطني وإسرائيل من الحال التي وصـلـت إلـيـهـا املنطقة املـخـطـوفـة، تـحـتـاج إلـــى شخصية غير نتنياهو... فكيف بنتنياهو منفلت العقال؟! يوفّر الغرب لإلسلمجية ما يمكن أن نطلق عليه ثقل طبقي ًا ومظهريًا. وهـذا جناح ثـان لسياسة بدأتها دول راعية فهمت هـــذا الـعـامـل الـنـفـسـي، ومـنـحـت اإلسـامـجـيـة مـنـذ التسعينات استديوهات وأضواء. واآلن أمدَّتهم بمراكز أوروبية العناوين، وقنوات تبدأ برامجها بـ«غود مورنينغ» و«بونجور»، ومقاعد فـي جـامـعـات مـرمـوقـة، وعـوامـيـد فـي صحف كـبـرى تـصـدر في واشنطن ولندن وباريس. والنتيجة نراها اآلن. بعد التضييق على منافذ اإلخـوان املسلمني في منطقتنا، صار إلسلمجية الغرب دور محوري في مشكلة التطرف اإلسلمي العاملية. ولم يعد ممكنًا أن نتعامل مع املشكلة هنا، دون أن نتعامل معها هناك. التفاهمات السياسية بني اإلسلمجية وتـيـارات يسارية عــامــل ثـــان حـــوَّل مـركـز ثـقـل الـتـطـرف اإلســامــي إلـــى الــغــرب؛ إذ منح حركات اإلسلم الصدامي فرصة شَغْل حصة املسلمني في سياسات التنوع الوظيفي، وقوائم مرشحي املجالس البلدية. والـــعـــامـــل الـــثـــالـــث الـــديـــمـــقـــراطـــيـــة. بــعــضــنــا يــتــهــم الـــغـــرب بالتواطؤ مع حركات اإلسلم الصدامي. صحيح. لكن املوضوع أعــقــد مــن ذلــــك. هـــذه الــحــركــات، مــع الــدعــم اإلعـــامـــي مــن الـــدول الراعية، وسياسات الهجرة املنفلتة، عظّمَت منذ التسعينات سلطتها على القرار في أوســاط املسلمني، وهـم نسبة معتبرة باملائة في فرنسا، 10 باملائة في اململكة املتحدة، و 6 ، من السكان تصوت غالبًا في اتجاه واحد. كما أنها مؤهلة للفوران بالنظر إلـى فئاتها العمرية، ومستواها االجتماعي. حركات اإلسـام الـــراديـــكـــالـــي العـــبـــت حـــكـــومـــات الـــغـــرب لـعـبـة الـــشـــرطـــي الـسـيـئ والشرطي الطيب، ملوّحة بعصا اإلرهاب وجزرة الوسطية، كما استغلت ثغرات الديمقراطية، واستغلت سياسات اإلعاشة. بعد أن شحنت آيديولوجيًا بطارية االستحلل، والعداء للمجتمع الغربي، والبغض للمختلفني، والوعد بالتمكني. ولم يكن يسيرًا عـلـى الــغــرب فــي مواجهتها التخلي عــن نـمـط حـيـاتـه ونظامه االجتماعي والقانوني. وهنا أسمع أصواتًا تقول للغرب: «اشربوا، ألم نحذركم؟!»، اعتقادًا أن املشاكل التي تواجهها دول غربية حاليًا ستبقى بني جنباتها. وليس هذا صحيحًا. أوالً: ألن أي مواجهة أهلية عنيفة مع مسلمني في الغرب ستتحوَّل إلى قضية تجييش جديدة لصالح التطرف عندنا. ثـانـيـ : هـــذا الــنــزاع املحتمل أحـــد أهــــداف حــركــات اإلســـام الـــصـــدامـــي، تـنـتـظـره وتـسـتـعـد لـــه وتـــعـــول عــلــيــه. هـــي سـيـاسـة الفسطاطني التي تحدث عنها بن الدن، ثم أضاف إليها اليسار اإلســـامـــي قـنـاعـ مــن الــرطــانــة يــــؤدي إلـــى نـفـس املـعـنـى. وهــذه الحركات ذات خبرة طويلة في التنظيمات املسلحة. وأفرادها مدربون على ذلك. ثـــالـــثـــ : الــــــــدول الـــغـــربـــيـــة ال تـــتـــحـــمَّـــل نـــــزاعـــــات أهـــلـــيـــة مـع آيــديــولــوجــيــا انــتــحــاريــة. وتـفـضـل املـــســـاومـــات. تـــذكـــروا أن ما حدث في الربيع العربي كان مقايضة مفادها أن أقصر طريق إلـى تهدئة في الغرب هو دعـم وصــول إسلمجية إلـى السلطة عندنا. في النهاية يعتقد الغرب أن احتواء دولـة عدوانية في الشرق األوسط أرخص ثمنًا من التعامل مع عنف أهلي داخلي، وسيرسل املشكلة على طائرة خمينية أو قطار بلشفي. مــن الــواجــب إذن أن نـتـرك الـشـمـاتـة، وأن نفكر قـبـل فــوات األوان: ما العمل؟ اإلعلم أكثر األدوات السياسية رشاقة وأسرعها، ويمنحك سياقًا لكل إجـراء آخر. ال بد من إعلم يخاطب مسلمي الغرب. وهـــذا يـحـتـاج إلـــى فـهـم الـــواقـــع، وتـحـديـد الـجـمـهـور املستهدف وفرص االختراق، وصياغة الرسالة. لـنـبـدأ بـــالـــواقـــع: اإلســامــجــيــة ســيــطــروا عـلـى املجتمعات املسلمة في الغرب، وتحالفوا مع اليسار، وتسللوا إلى لوبيات النسوية والهويات الجندرية. لكن هذه الصورة العامة ال تخلو من تشققات. لدينا شريحة من املسلمني الراغبني في االندماج، من أبناء الجيل الثالث واملتضررين من الضغوط االجتماعية، والـــذيـــن ال يـــجـــدون مــنــفــذًا ألصـــواتـــهـــم فـــي إعــــام املـيـنـسـتـريـم. ولدينا مسلمون متدينون محافظون يعارضون أجندة حلفاء اإلسلمجية في شقها الثقافي. كـمـا يـجـب أن نـتـذكـر أن إضـــعـــاف اإلســامــجــيــة سياسيًا يتطلب إضعاف اليسار املتحالف معهم. في هذا السياق، لدينا الجيل الـسـابـق مـن الـنـسـويـات الـــذي يتعرض لـ لـغـاء على يد اليسار الحالي. ولدينا خصوم اليسار واإلسلمجية من القوى اليمينية، وبعضه يحظره إعلم املينستريم باعتباره متطرفًا. هذا الطرف بالذات يحتاج إلى سعة أفق وبراغماتية في التعامل معه؛ ألن تَفَهُّم جمهور مسلم للجزء العادل من رسالته يسهم في تقليص فرص صراع محتمل. ويحقق مصلحة مشتركة في كبح جماح اإلسـام الصدامي. كما يساهم في توجيه الغضب نحو السياسات الحكومية املشجعة للمتطرفني اإلسلميني، وليس املسلمني العاديني. تـــذكـــروا أنــنــا نـتـحـدث عـــن طـــرح إعـــامـــي، ولــيــس تحالفًا سـيـاسـيـ. تبقى الــرســالــة. ال بــد أن ننسى الـجـمـل املعلبة عن نشر اإلسلم الوسطي أو الصحيح. ليست هذه رسالة اإلعلم. نتحدث هنا عـن الـحـيـاة اليومية ملسلمي الــغــرب، وعــن وضع سياسي. الرسالة يجب أن تكون واقعية بسيطة. إعـام يفتح أفقًا للمعرفة والرؤية في عالم واسع متعدد األصوات والثقافات، ويـتـحـدث إلـــى املـشـاهـد بـوصـفـه إنـسـانـ لــه حـيـاة وطـمـوحـات، وليس إنسانًا برتبة مناضل، ويوفر منافذ ألصـوات يتجنبها إعلم املينستريم الخاضع لهيمنة اليسار. OPINION الرأي 12 Issue 16687 - العدد Monday - 2024/8/5 االثنني وكيل التوزيع وكيل االشتراكات الوكيل اإلعالني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] املركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 املركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى اإلمارات: شركة االمارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 املدينة املنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب األولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية املوجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها املسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة ملحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي باملعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com عبد الحق عزوزي سام منسى خالد البري لسنا بمنأى عن التطرف في الغرب

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==