issue16686

كــان مـن ضمن قائمة المــصــادر العربية في رسالة الإسلامي السعودي عبد الحميد أبو سليمان للدكتوراه «النظرية الإسلامية للعلاقات الـدولـيـة: اتـجـاهـات جـديـدة للفكر والمــنــهــجــيــة الإســـ مـــيـــة» الـــتـــي أنـــجـــزهـــا في ، كتاب «الجهاد 1973 جامعة بنسلفانيا عام في سبيل الله» لأبي الأعلى المودودي وحسن الـــبـــنـــا وســـيـــد قـــطـــب الــــــذي أصـــــــدره الاتـــحـــاد الـــعـــالمـــي لــلــجــمــعــيــات الـــطـــ بـــيـــة فــــي طـبـعـتـه .1970 الثانية هــــذا الــكــتــاب أصــــــدره هــــذا الاتـــحـــاد في ، وقد ضم فيه كتيب 1969 طبعته الأولى عام المـــــودودي «الــجــهــاد فــي سبيل الــلــه» المـعـرّب عــــن الأرديــــــــة والـــصـــغـــيـــر جــــــداً، الــــصــــادر عـن ،1950 لجنة «الشباب المسلم» بالقاهرة عـام ســم، وضــم فيه رسالة 5.15x5.11 بمقياس لحسن البنا فـي الـجـهـاد، وفـصـً مـن كتاب «مـــعـــالـــم فـــي الـــطـــريـــق» لـسـيــد قــطــب عـنــوانــه «الجهاد في سبيل الله». كان أول متأثر ومتبنّ في العالم العربي لــرؤيــة المـــــودودي الـجـديـدة لفريضة الجهاد فــي الإســــ م، سـيـد قـطـب، وقـــد ظـهـر ذلـــك في الطبعة الثانية المزيدة والمنقحة لكتاب «في ، وفي كتاب 1961 ظلال القرآن» الصادرة عام «مـــعـــالـــم فــــي الـــطـــريـــق» المـــســـلـــوخ مــــن بـعـض أجـزاء من كتابه «الظلال» في طبعته المزيدة في 1964 والمنقحة. الكتاب المسلوخصدر عام طبعات متعددة في ذلك العام! رؤية المـودودي الجديدة للجهاد، كانت أن البلاد الإسلامية هي «دار حرب» وليست «دار إسلام»؛ لذا فاستئناف الجهاد يجب أن يـبـدأ بـهـا، وذلـــك بـالانـقـ ب على حكومتها، لــتــكــون «دار إســــــ م». وبـــعـــد أن تـــكـــون «دار إسلام» يمتد الجهاد إلى أنحاء المعمورة. وحــــن صــــدر ذلــــك الــعــمــل الـتـجـمـيـعـي، كانت تلك الرؤية متخمرة لدى الشباب المسلم بـفـضـل كــتــاب «مـعـالـم فــي الــطــريــق» الــواســع الانــتــشــار فـــي الـسـتـيـنـات المـــيـــ ديـــة، وكـتـاب «واجــــب الـشـبـاب المـسـلـم الــيــوم» لـلـمـودودي، وكـتـاب «ردّة ولا أبــا بكر لـهـا» لأبــي الحسن الندوي، الصادرين في تلك الآونة. لــنـــرَ فـــي أي مـــوضـــع مـــن رســالــتــه أحـــال الإســــــ مــــــي الـــــســـــعـــــودي عــــبــــد الـــحـــمـــيـــد أبــــو سليمان إلـى كتاب «الجهاد في سبيل الله» للمودودي والبنّا وقطب. أحــــــــال إلــــيــــه بـــعـــد قــــولــــه فـــــي رســـالـــتـــه: «كما أخفق المنهاج الليبرالي هـو الآخــر في الإصــــــ ح الـــداخـــلـــي لـلـحـكـومـة وفــــي تـكـويـن مجتمع ديـمـقـراطـي حـــر، وفـــي إيــجــاد نظام دولــــي تــحــدد فـيـه الــعــ قــات بــن الــــدول على أسس من السلام والتعاون بينهم وبصورة خاصة مع القوى الغربية». أحـال إليه مع كتابي منشورين باللغة الـــعـــربـــيـــة؛ الأول لـــإســـ مـــي مــحــمــد المـــبـــارك «الــــفــــكــــر الإســـــ مـــــي الــــحــــديــــث فـــــي مـــواجـــهـــة الأفـــكـــار الــغــربــيــة»، والآخـــــر لـلـيـسـاري نـايـف حواتمة «أزمـــة الـثـورة فـي الجنوب العربي: نــقــد وتــحــلــيــل»، ومــــع تـسـعـة كــتــب مـنـشـورة بــالــلــغــة الإنـــجـــلـــيـــزيـــة، هــــي: «الـــفـــكـــر الــعــربــي فــــي الـــعـــصـــر الـــلـــيـــبـــرالـــي» لألــــبــــرت حــــورانــــي، و«نـــشـــأة تـركـيـا الــحــديــثــة» لــبــرنــارد لـويـس، و«ردة الـــفـــعـــل فــــي الــــشــــرق الأوســــــــط تــجــاه الثقافة الغربية» لهاملتون جيب، و«الحرب والسلام في قانون الإسـ م» لمجيد خدوري، و«مصر تسعى بحثاً عن مجتمع سياسي» لنداف سفران، و«إطـار وأسس الدبلوماسية – 1789 الـعـثـمـانـيـة فـــي عــهــد سـلـيـم الــثــالــث » لتوماس ناف، و«الإسلام في التاريخ 1807 الــحــديــث» لـولـفـريـد كـانـتـويـل سـمـيـث، و«مــا هو الإسـ م؟» و«الفكر السياسي الإسلامي» لمونتجمري وات. مــا الـــذي جـعـل أبـــو سليمان يحيل إلـى كـتـاب «الــجـهــاد فــي سبيل الــلــه» لـلـمـودودي والــبــنــا وقــطــب لـلـتـوسـع فـــي مــعــرفــة أســبــاب إخفاق الليبرالية في العالم الإسلامي؟! مــــا الـــــــذي جـــعـــلـــه يـــحـــيـــل إلــــيــــه فــــي غـيـر موضوعه؟! ســــــــــؤال بــــوســــعــــك أن تــــعــــيــــده بــصــيــغ متعددة، لكن – مع كل تغيير لصيغته – لن تفلح في الإجابة عنه! إذا نظرنا في العام الـذي أنجز فيه أبو ،1973 سليمان رسالته للدكتوراه، وهو عام فـإنـه فـي هــذا الـعـام وفــي السني الـتـي قبله، بوسعنا القول إن الليبرالية أخفقت في دول عربية، كمصر والـسـودان والعراق وسوريا. ويـــصـــعـــب إطـــــــ ق هــــــذا الــــقــــول عـــلـــى الـــعـــالـــم الإسلامي. 1946 تــركــيــا الــحــديــثــة كـــانـــت إلــــى عــــام مـــحـــكـــومـــة بـــنـــظـــام الــــحــــزب الــــوحــــيــــد؛ حـــزب الـشـعـب الـجـمـهـوري. وكـــون هـــذا الــحــزب هو الحزب الوحيد لا يعني أنـه غير ديمقراطي وغير ليبرالي أو حزب شمولي، على شاكلة الــــحــــزب الاشــــتــــراكــــي الـــوطـــنـــي فــــي ألمـــانـــيـــا، والـــــحـــــزب الـــفـــاشـــي فــــي إيـــطـــالـــيـــا، والــــحــــزب الوحيد فـي البلدان الشيوعية. ومـع انتقال تـــركـــيـــا الـــحـــديـــثـــة مــــن الــــحــــزب الـــوحـــيـــد إلـــى الـتـعـدديـة الـحـزبـيـة، حـدثـت ثـ ثـة انـقـ بـات عسكرية، واحـد منها فشل. وفي العام الذي حــــاز فــيــه عــبــد الـحـمـيـد أبــــو سـلـيـمـان درجـــة الـدكـتـوراه، رُفعت الأحـكـام العرفية وأجريت انتخابات نيابية عامة. إندونيسيا منذ استقلالها إلى انتهائه من كتابة رسالته، ثم مناقشتها، كانت دولة ســلــطــويــة. ومـــالـــيـــزيـــا كـــانـــت دولـــــة مـسـتـقـرة عـلـى ديـمـقـراطـيـة تـوافـقـيـة. وبـاكـسـتـان منذ تأسيسها لم تكن دولة ليبرالية – علمانية. إن الإسلامي عبد الحميد أبـو سليمان كــان يخلط عـن قصد وبتضليل متعمّد بي الحداثة أو العلمانية وبي الديمقراطية في المجال السياسي! بــــعــــد فـــــراغـــــه مـــــن الــــحــــديــــث عـــــن عــصــر الـــلـــيـــبـــرالـــيـــة فــــي الـــعـــالـــم الإســـــ مـــــي، تــحــدث عــن عـصـر الـيـسـار فـيـه، فـقـال: «عـمـلـت الــدول الإســ مــيــة، وخــاصــة الـــــدول الـعـربـيـة منها، عقب ظهور الاتـحـاد السوفيتي بعد الحرب الــــثــــانــــيــــة كـــــقـــــوة عــــظــــمــــى، عــــلــــى اســــتــــخــــدام المساعدات الاقتصادية والتقنية والسياسية السوفيتية لصالح قضيتهم. وهكذا فليس غـــريـــبـــ مـــــن هــــــذا المــــنــــظــــور أن أبـــــــــرزت هـــذه الــتــطــورات الـجـديـدة وأفــــرزت بـعـضجـوانـب الـــنـــظـــريـــة المـــاركـــســـيـــة أوفـــدتـــهـــا إلـــــى مـحـيـط الـفـكـر الإســـ مـــي، وخــصــوصــ مـفـهـوم حـرب التحرير (وهــي الصيغة العصرية للجهاد) بيد أن المصطلحات والمفردات الأيديولوجية المــاركــســيــة تـنـبـع مـــن فـلـسـفـة تـــتـــعـــارض، بل وتـــتـــنـــاقـــض مــــع الأيـــديـــولـــوجـــيـــة الإســـ مـــيـــة التقليدية». هل – فعلاً – حرب التحرير الشعبية هي الصيغة العصرية للجهاد؟ إن حــروب التحرير الشعبية مـن أنــواع الحروب في الماركسية. وهي تخالف المقولة الماركسية التقليدية التي تضمن الحصول على النصر مع توفر «الحالة الثورية»، التي يعقبها كفاح حـاد قصير الأمــد؛ لأنها تقوم على الحرب الطويلة المــدى أو الكفاح الممتد الـــشـــاق الــــذي يـخـلـق «الــحــالــة الـــثـــوريـــة»، ولا ينتظر حلولها أو مجيئها. يـــعـــرّفـــهـــا الـــجـــنـــرال الــفــيــتــنــامــي جــيــاب بأنها: «تحول مستمر وتدريجي يتبع خطاً مستقيماً مــن حـــرب الـعـصـابـات إلـــى الـحـرب المتحركة مـــروراً بمرحلة انتقالية هـي حرب المواقع». وللحديث بقية. هـل الـسّـ مُ سَـــرابٌ؟ ســؤالٌ مشروع مـــن حـقّـنـا ســـؤالـــه، فـــي عــالــم لا يتوقف عـن التقاتل والــحــروب. إلا أن حقّنا في الــســؤال لا يعني ضمنياً ضـمـان حقّنا في الحصول على إجابة، لعدم توفّرها حتى الآن. الــــــــسّــــــــ مُ اســــــــــمٌ مــــــن أســــــمــــــاء الـــلـــه الــحُــســنــى، وصـــفـــةٌ مـــن صـفـاتـه تـعـالـى. والمـــــعـــــاجـــــمُ الـــــلـــــغـــــويـــــةُ، الــــقــــديــــم مــنــهــا والــجــديــد، تــزدحــم بــالمــفــردة، بمختلف الألــــســــنــــة والأبــــــجــــــديــــــات. والــــحــــركــــات السياسية والمنظمات الـدولـيـة المهتمة بالسلام تكاد لا تخلو منها دولة، حتى الـفـقـيـرة والــصــغــيــرة مـنـهـا. وكـثـيـر من الأحــــزاب السياسية تجعل مــن الـسّـ م اسماً، وترفعه شعاراً تزيّن بها راياتها. وحــــمــــامــــة الــــفــــنــــان الإســـــبـــــانـــــي بـــابـــلـــو بيكاسو البيضاء المشهورة التي تطير فـي الــهــواء، حاملة فـي منقارها غصن زيـتـون مبشّرة بالسلام، مـا زالــت تذكر الإنـــســـان، أيـنـمـا كـــان وحــــلّ، بـمـا يفتقد ويشتهي. الـــسّـــ م، فـــي الـــواقـــع الــبــشــري منذ آلاف الــســنــن، وهــــمٌ مـــن أوهـــــامٍ كـثـيـرة، اخــتــرعــتــهــا الـــبـــشـــريـــة بـــأمـــل تـحـقـيـقـهـا وبـــــهـــــدف الـــتـــنـــعّـــم بـــحـــيـــاة خـــالـــيـــة مـن الـخـوف والـقـلـق الـــذي تسببه الـحـروب، وضلت الطريق نحوه. ويبدو مستحيل التحقق. ومـا يظهر منه قصير زمنياً، ولا يختلف عن هدنة راحـة قصيرة في حرب طويلة الأمد. ويكاد يشبه طريدة مراوغة، في أحراش غابة، أو في شعابٍ جـبـلـيـة وعــــــرة، أو بـــن كــثــبــان صــحــراء مهلكة، تظهر للصائدين خـطـفـ ، مثل إيــمــاضــة حــلــم جــمــيــل، وتـخـتـفـي بمثل الـسـرعـة الـتـي ظـهـرت بـهـا، فـيـسـارعـون بــالمــطــاردة. وفــي نهاية الـيـوم يـعـودون إلــــى بـيـوتـهـم خــــاوي الــــوفــــاض. ورغــمــ عن ذلك، يبدأون النهار التالي بمغادرة بيوتهم ومعاودة المطاردة، باقتفاء أثر الطريدة. وفي لحظة أشبه ما تكون بي نـــوم ويـقـظـة تظهر لـهـم ثـانـيـة. فتحيي فــي قلوبهم مــا احـتـضـر يـأسـ مــن آمــال وأحلام. لا أحـد بمقدوره التكهن بإمكانية حـــــصـــــول الــــصــــائــــديــــن عــــلــــى الــــجــــائــــزة المـأمـولـة. إلا أنّ الـكَـرّ والـفَـرّ لا يتوقفان. وكأن الحلم الإنساني بإمكانية تحقيق ســــــ م نـــهـــائـــي لا تـــــصـــــدّه حــــــــــدودٌ، ولا تحجزه موانع أو مصاعب، ولا يعترف بــإجــهــادٍ وتــعــبٍ وإرهـــــاق. الـــســـؤال: إلـى متى؟ الـــــتـــــطـــــورُ الإنـــــســـــانـــــي فــــــي مـــجـــال العلوم والتكنولوجيا أحدث ثورة غير مــســبــوقــة فــــي مــــجــــالات الـــحـــيـــاة كـــافـــة. إلا أنّــــه بــــدلاً مــن تـقـريـب المــســافــة بيننا وبــن الــسّــ م فـي الـعـالـم وتحقيقه، زاد فــي تعميق الــهــوّة واتــســاع المـسـافـة. إذ بقدر ما ضيّقت التكنولوجيا المسافات بـن دول العالم وأمـمـه وشعوبه، حتى أضـحـى قـريـة كـونـيـة، عملت فـي الوقت ذاتــــه عـلـى تــزايــد تــوالــد الـتـوتـر والـقـلـق والخوف في القلوب. إذ لا أحد في عصر الأسلحة التكنولوجية المتطورة بمأمن من شرور الحرب، حتى القبائل البدائية الــصــغــيــرة المـــســـالمـــة فـــي أقـــصـــى غــابــات الأمـــــــــازون. بـــل إن الــــصــــراع بـــن الــــدول الكبرى انتقل مؤخراً إلى كواكب أخرى. الـتـقـاريـر الإعــ مــيــة هـــذه الأيــــام لا تكفّ عـن الحديث حـول آخـر التطورات فـي الــصــراع الأمـيـركـي - الصيني حول استعمار القمر والمريخ. الصراع المقبل فـــــي كـــــواكـــــب بـــعـــيـــدة يــــذكــــر بـــالـــصـــراع الاستعماري الأوروبي للاستحواذ على أمم وشعوب أفريقيا وآسيا والاستيلاء عـلـى ثــرواتــهــا، ومـــا سـبّـبـه مــن كــــوارث. وهذا يعني أن إمكانية الحياة البشرية في كواكب أخرى، لو تحققت، لن تكون مختلفة عـن الـحـيـاة الأرضــيــة. أي أنّها لن تعرف السّلام. وهو ما سيقودنا إلى متاهة جديدة، تضاف إلى ما عرفنا من مـتـاهـات بـ مـخـارج قـد تـقـود الإنـسـان إلــــى تـحـقـيـق حـلـمـه وأمـــلـــه فـــي الـعـيـش فــي كـــون خــــالٍ مــن الـــحـــروب. وكــــأن قـدر الإنــــســــان، مــنــذ إطـــ قـــه صـــرخـــة المــيــ د الأولى إلى الغرغرة الأخيرة من أنفاسه، أن يعيش مسكوناً ومهجوساً بالقلق وبالخوف من حروب، تحول بينه وبي السكينة والاطمئنان، بتهديد متواصل لحياته. الانتخابات الأميركية ومأزق التدخلات الخارجية تبدو الولايات المتحدة، وكأنها تعيش مائة عام من الفوضى، قبل الـوصـول إلـى الخامس من نوفمبر (تـــشـــريـــن الــــثــــانــــي)، ومـــــا مــــن أحـــــد قــــــادر عــلـــى الـتـنـبـؤ بمسارات الأحداث، ومساقات المفاجآت. فــي هـــذه الأجــــواء المـثــيــرة، يـتـسـاءل الـبـعـض؛ هل هــذه هـي أفـضـل أوقـــات الـتـدخـل الـخـارجـي، خصوصاً من جانب أعداء أميركا الظاهرين والخفيّي، على حد سواء؟ تاريخياً، تم استخدام المعلومات، كأداة من أدوات التحكم في الآخرين، خصوصاً إذا كانوا على الجانب الآخر من النهر. عدّ الخبير العسكري الصيني الأشهر، صن تزو، في مؤلفه الأشهر «فن الحرب»، أن «إخضاع العدو دون قتال» هو أعلى درجات المهارة في الحروب، ولتحقيق هـذه الغاية يمكن للمعلومات التأثير على الــخــصــم وتـشـتـيـت انــتــبــاهــه، أو فـــي أضـــعـــف الإيـــمـــان إقناعه بأنّه ليس من مصلحته القتال. مـــن الـبـعـيـد إلـــى الــقــريــب، فـفـي ثـمـانـيـنـات الـقـرن المــاضــي، عـلـى سبيل المــثــال، بـــدأ الاتــحــاد السوفياتي الترويح لما عـرف بـ«عملية الـعـدوى، أو عملية دنفر»، بــهــدف نـشـر أخـــبـــار، مــفــادهــا أن مـــرض نـقـص المـنـاعـة «الإيدز» تم تصنيعه في الولايات المتحدة. الـــيـــوم، ومـــع ظــهــور الــفــضــاء الــســيــبــرانــي، تتسع عملية الـتـأثـيـر هـــذه فــي الــنــطــاق والــحــجــم والــســرعــة، ولم يعد هذا النوع من التدخلات الخارجية يستهدف الآلات والمـــــعـــــدات فـــحـــســـب، بــــل الـــبـــشـــر خـــلـــف لـــوحـــات المـفـاتـيـح، بـهـدف تغيير تفكير الجماهير وإدراكـــهـــم، وتعديل سلوكياتهم في نهاية المطاف. يقطع كبار مسؤولي مجمع الاستخبارات والأمن القومي الأميركي بأن كل الأسباب متوافرة لقيام جهات .2024 أجنبية بالتدخل في الانتخابات الرئاسية ما هو هدف التدخلات، بدايةً؟ بــــاخــــتــــصــــار غــــيــــر مـــــخـــــل، تـــقـــلـــيـــل مـــصـــداقـــيـــة الـديـمـقـراطـيـة الأمــيــركــيــة فـــي عــيــون مــواطــنــي الــبــ د، وبـــالـــتـــالـــي المـــســـاهـــمـــة فــــي تــفــكــيــك الـــثـــقـــة فــــي قـــــدرات وصـ حـيـات الـحـكـومـة الاتــحــاديــة، مــا ينعكس حكماً على مستقبل أميركا، ويفتح المجال واسعاً لصراعات داخلية، ليس أقلها العودة إلى حديث الكونفيدرالية، ومــن ثـم تشتيت انتباه واشـنـطـن، وإلـهـاؤهـا بقضايا بــيــنــيــة، وإبـــعـــادهـــا عـــن الــــــدور الــســيــاســي الـــخـــارجـــي، وتحويل السياسة لصالح مصالح القوى المعادية. تدرك استخبارات أميركا القلقة أن مشهد التدخل فــي الانــتــخــابــات هـــذه المــــرة قـطـعـ ســـوف يختلف عما ، ومــرد ذلك 2016 جـرت بـه المقادير فـي انتخابات عـام الـتـقـدم التقني على صعيد الــذكــاء الاصـطـنـاعـي، ذاك الذي فتح الباب واسعاً أمام ما بات يعرف بـ«التزييف الـعـمـيـق»، حـيـث مــن اليسير مـحـاكـاة أصــــوات وصــور وحركات وكلمات المرشحي المتنافسي، وبقية أطراف حملتيهما، ووضــع تصريحات مثيرة وخطيرة على ألسنتهم. تبدو روسيا على الأرجح اللاعب الرئيس في محاولات التدخل، وخاصة في ظل مشاعر سلبية تلف القيصر بوتي، الـذي يعيش عزلة دبلوماسية، لعبت إدارة بايدن فيها دوراً كبيراً وفاعلاً. مــن هــنــا، يـمـكـن أن يــكــون الـتـدخـل الـــروســـي إلـى جانب المرشح الجمهوري دونالد ترمب. بوتي ليست له مصلحة في مرشح يؤمن كثيراً جداً في الناتو، وراغب في حشد حلفاء واشنطن للدفاع عــن أوكــرانــيــا، فيما يـــرى فــي تـرمـب المـنـقـذ والمـخـلـص، الـــراغـــب فـــي إنـــهـــاء الـــحـــرب، وفــتــح دروب جـــديـــدة بي واشنطن وموسكو، تمهيداً لحصار بكي. تبدو الصي هذه المرة في قلب مشهد التدخلات، فـــفـــي فــــبــــرايــــر (شـــــبـــــاط) المـــــاضـــــي، قـــــــدّم مــــديــــر مـكـتـب الاستخبارات الوطنية تقييماً للتهديدات، جـاء فيه: «إن بكي تـوسـع نـطـاق نـفـوذهـا الـسـري الـعـالمـي لدعم أهـداف الحزب الشيوعي الصيني بشكل أفضل»... ما الذي تسعى إليه الصي؟ من دون تردد، بثّ الشكوك حول القيادة الأميركية الـــعـــالمـــيـــة، وزعـــــزعـــــة الـــثـــقـــة فــــي الـــهـــيـــاكـــل الــتــكــتــونــيــة الديمقراطية الراسخة منذ أزمنة التأسيس، وتوسيع دائــــرة نــفــوذهــا الـجـيـوسـيـاسـي فــي أمــيــركــا اللاتينية وكندا لحصار أميركا، ولو بدا الأمر رمزياً. أي جانب ستقف فيه بكي، ناحية كامالا هاريس أم دونالد ترمب... تدرك رئاسة شي جينبينغ أن المرشحي يمثلان «وعـــاء مـن الـسـم» بالنسبة للصي، ومــن هنا يتحتم عليها الاختيار بينهما. يـــمـــيـــل الـــبـــعـــض فـــــي واشــــنــــطــــن إلــــــى أن الـــصـــن تعتقد أن الرئاسة الثانية لترمب من شأنها أن تخدم مصالحها بشكل أفضل، سواء لأن ترمب سيكون أكثر انفتاحاً على إبـــرام صفقة، أو أقــل احتمالية لامتلاك سياسة خارجية فعالة، وميله الغالب لمناقشة الملفات الداخلية، وجعل أميركا عظيمة في ثناياها وحناياها أولاً، ما يأخذنا إلى شروحات وطروحات السياسات الانعزالية. هل إيران بعيدة عن هذه التدخلات المرتقبة؟ الاثــنــن المــاضــي، كـشـف مــســؤول كبير فــي مكتب مدير الاستخبارات الوطنية عن أن طهران تعمل على التأثير على الانتخابات الرئاسية. ليسسراً يذاع أن عودة ترمب إلى المكتب الأبيض أمر لا يشكل خبراً مفرحاً للملالي، ولهذا ربما يتجهون لدعم كامالا هاريس. ماذا عن كوريا الشمالية وأطراف أخرى منافسة؟ الحديث ممتد في أزمنة الزيف العميق. Issue 16686 - العدد Sunday - 2024/8/4 الأحد الإسلامي أبو سليمان كان يخلطعن قصد بين الحداثة أو العلمانية وبين الديمقراطية في المجال السياسي! التطور الإنساني في مجال العلوم والتكنولوجيا أحدث ثورة غير مسبوقة في مجالات الحياة كافة علي العميم إميل أمين OPINION الرأي 14 تدرك استخبارات أميركا أن مشهد التدخل في الانتخابات هذه المرة سوف يختلفعما 2016 جرى عام الإنسان بين السكينة والحروب أسلمة حرب ماركسية! جمعة بوكليب

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky