issue16684

فتح االغتياالن (إسماعيل هنية في طهران، وفـؤاد شكر فــي ضـاحـيـة بــيــروت الـجـنـوبـيـة) أبــــواب الــشــرق األوســــط على مـصـاريـعـهـا؛ فـمـن اتــخــذ قــــرار تصفيتهما اتــخــذ قـــــرارًا بـدفـع 2023 ) الصراع املفتوح منذ السابع من أكتوبر (تشرين األول في املنطقة نحو النهاية أو الحسم، والحسم في استراتيجيته (أي نتنياهو) لم يعد مرتبطًا بحربه على غـزة، أو محاوالته تصفية القضية الفلسطينية، بل هو يدفع الجميع أو بالجميع نـحـو حـسـم إقـلـيـمـي يــرفــض أن تـنـتـهـي نتيجته بـقـيـام دولـــة فلسطينية، أو بمعادلة رابح - رابح نسبيًا، أي تسوية تفضي إلـى فـك االشتباك والـذهـاب إلـى قـواعـد جـديـدة للصراع، وفي طريق الطرفني نحو الحسم أو تحقيق النصر أو فرض قواعد جديدة للصراع قد تجاوزا حتمًا معادلة الرد والرد على الرد أو االلتزام بما كان يُسمى بقواعد االشتباك، بعدما نقل أحدهما املـــواجـــهـــة نــحــو احــتــمــال حــــرب إقـلـيـمـيـة شــامــلــة بـــا ضــوابــط استراتيجية أو حدود جغرافية. قبل العملية املـزدوجـة فـي بـيـروت وطـهـران، كـان اإلقليم والعالم يحاوالن احتواء تداعيات ضربة إسرائيلية انتقامية ضد لبنان بعد حادثة مجدل شمس، كان صانعو القرار الدولي يشددون على ضبطها من دون التركيز على حجمها، وكانت الــوعــود وااللـــتـــزامـــات بتحييد بــيــروت وتحييد تــل أبـيـب من الرد على الرد، ولكن ما حدث خلل ساعات رفع التكهنات من احتمال توسُّع رقعة املواجهة إلـى احتمال حـرب مفتوحة في لبنان تكون ذريعة لحرب إقليمية شاملة. هــي ليست املـــرة األولــــى، ولـــن تـكـون األخــيــرة الـتـي يدير فيها رئيس وزراء إسرائيل، بنيامني نتنياهو، أذنـه الصماء إلى العالم؛ فهو لم يستجب للحد األدنى املطلوب مراعاته في غزة، وخدع جميع مَن فاوضه قبل رده االنتقامي، وبدأ حربه من النقطة التي وعد بااللتزام بها، ولكنه لم يلتزم، وأغار على ضاحية بيروت الجنوبية، وبعدها بساعات على طهران، في رسالة مزدوجة لجهة واحدة؛ بأن كل شيء بات ممكنًا. كـــل شـــيء مـمـكـن أو مــبــاح فـــي عـقـلـيـة نـتـنـيـاهـو. لـــم يكن مفاجئًا، لكن املـفـاجـأة أن املعنيني بـاملـواجـهـة لـم يــأخــذوا في االعــتــبــار مــا نقله شخصية أمـنـيـة أوروبـــيـــة رفـيـعـة املستوى زار تل أبيب في الشهر األول للحرب اإلسرائيلية على الشعب الفلسطيني، وانتقل منها إلـى عواصم إقليمية أخــرى، منها بيروت، ونقل ملن التقاهم في هذه العواصم ما وصفه حرفيًا بـ«الجنون اإلسرائيلي». وقال في بيروت تحديدًا إنه لم يجد إال «مــجــانــ » عــرضــوا أمــامــه خـريـطـة لـبـنـك أهــــداف يــبــدأ من جنوب لبنان وينتهي في شماله، ونيات عدوانية حينما تحني الفرصة لجعل املدن اللبنانية شبيهة بمناطق قطاع غزة التي تُسوَّى باألرض، وأوضح في أجوبته عمن سأله من اللبنانيني أن تل أبيب اتخذت قرارها بحرب طويلة ومدمِّرة مهما كانت كلفتها داخليًا وانعكاساتها الخارجية. مـوقـف مشابه نقله املبعوث األمـيـركـي الـخـاص بلبنان، آموس هوكشتاين، في زيارته األخيرة إلى بيروت. هوكشتاين الــــذي فـشـل فـــي إقـــنـــاع الـلـبـنـانـيـ بـفـك االرتـــبـــاط مـــا بـــ غـزة والـجـبـهـة الـجـنـوبـيـة قـــال أمـــام مَـــن زارهــــم كـامـ مقتضبًا عن احتمال االنزالق إلى حرب مفتوحة، وإلى خطأ في التقديرات يـــؤدي إلـــى مقتل مـدنـيـ ، خـصـوصـ األطـــفـــال، قــد يـــؤدي إلـى تغيير كامل في مستوى الصراع. كان واضحًا منذ اليوم الثاني لعملية «طوفان األقصى» أن طهران وواشنطن ال تريدان توسيع املواجهة، وأن طهران قـــــادرة عـلـى ضـبـط عـمـل فـصـائـلـهـا، ولــكــن واشــنــطــن املـرتـبـكـة واملشغولة باالنتخابات لم تكن من اليوم األول للحرب قادرة عـلــى ضــبــط نـتـنـيـاهـو، وهــــو يـسـتـغـل أي فــرصــة أو خـطـأ من أجل دفع املنطقة نحو املواجهة، وهو ما يفعله اآلن من خلل ممارسة أقصى أنواع االستدراج واإلحراج. سياسيًا، املوقف اإلسرائيلي األول بعد اغتيال فؤاد شكر كان أقرب إلى عرض تسوية على غرار تسوية ما بعد اغتيال قائد «فيلق الـقـدس»، الجنرال قاسم سليماني، وحصر الـرد اإليراني بقاعدة عني األسد األميركية في العراق، التي جنَّبت طهران مواجهة قاسية مع واشنطن، وهذا ال يبدو مقبوال من قبل «حزب الله» وقوى املحور، خصوصًا أن إيران ال يمكن أن تتجاوز عملية اغتيال زعيم حركة «حماس»، إسماعيل هنية، على أراضيها، وهي ملزمة بالرد؛ فهل الرد سيكون أشبه بالرد على ضرب قنصليتها في دمشق؟ وهل «حزب الله» سيكتفي بتوسيع جبهة الجنوب كمًّا ونوعًا، أم أن تل أبيب باتت هدفًا مشروعًا؟ يقول الكاتب واملفكر االقتصادي توماس سويل إنـه في شبابه كــان يسير وحـيـدًا فـي الليل فـي حـي هـارلـم فـي مدينة نيويورك، وينام في الحدائق من دون أن يشعر بالخوف. لو فعلها اآلن سيتعرض للسرقة أو القتل. مـا الــذي تغيَّر خلل الـعـقـود األخــيــرة، وحـــوّل هــذا املـكـان الــــوادع املـسـالـم إلــى مكان خطير؟ يــنــاقــش ســويــل أن الــســبــب ثــقــافــي، ولـــكـــن بـفـعـل أخــطــاء الحكومة وانتهازية الساسة. في وقت كانت العنصرية عنيفة فـي النصف األول مـن العقد املــاضــي، إال أن العائلة الـسـوداء كانت متماسكة. معدالت الطلق منخفضة، والتزام في التعليم والـعـمـل رغـــم كــل املــضــايــقــات. نـسـبـة املـدمـنـ عـلـى املــخــدرات قليلة، ونسبة القتل منخفضة، واألب موجود مع العائلة. درجة البطالة كانت في بعض األوقات أعلى بني البيض من السود. ما الــذي تغيَّر وقلب كل هـذه الـصـورة الجميلة؟ كيف تفككت العائلة، وارتفعت معدالت البطالة والجريمة واملخدرات؟ السبب كما يـقـول، تـدخـل الحكومة فـي الستينات بسن قـوانـ أضــرت العائلة الـسـوداء بشكل كبير. قـوانـ البرامج االجتماعية والدعم املالي التي عملت في البداية بنيات طيبة لتعويض الـسـود عـن مرحلة االضـطـهـاد. هــذه الـبـرامـج قتلت الــرغــبــة فـــي الــعــمــل، وأضــعــفــت االلـــتـــزام بـقـيـم الــكــد واإلنـــتـــاج، وهــــزّت تـمـاسـك الـعـائـلـة، بحيث سـهّــلـت عملية الــطــاق وعــدم رعـايـة األطــفــال. ومــع عـوائـل مفككة، وقيم عمل ضعيفة، وأب غائب، وعدم احترام للقانون، ينتشر الفقر، وتزدهر الجريمة، وتتحول املخدرات إلى وباء. وينشأ األطفال على هذه الحال، ويتوارثون الثقافة والعادات نفسها جيل بعد جيل. ويــقــول سـويـل الـــذي هــو نفسه أســــود، إن هـــذه الجريمة بـحـق الــســود تــؤكــد أن األعـــــراق والـجـيـنـات ال عــاقــة لـهـا أبــدًا على عكس ما يقول العنصريون. السبب هو التحول الثقافي الـكـبـيـر الـــــذي حــــدث فـــي املـجـتـمـع األســــــود، بـسـبـب سـيـاسـات الحكومة الخاطئة. ما جرى بعد ذلك أسـوأ. في البداية كانت النيات طيبة، ولكن النتائج سلبية، وهـذا يحدث، ولكن ملاذا لم تُعدل وتصلح هـذه السياسات الخاطئة إذا كانت النتائج كـارثـيـة؟ ألنـهـا دخـلـت فـي لعبة السياسة. مـن أجــل أن يكسب الساسة أصوات السود يجب أن يقولوا لهم بأنهم مضطهدون ومــحــاربــون ومـظـلـومـون بـسـبـب لـــون بـشـرتـهـم، ويـتـعـرضـون للعنصرية املؤسسة، على الرغم من أنها انتهت منذ عقود. زرع إحـسـاس الضحية واملظلومية أسهل طــرق لكسب األصـــوات، ولـــهـــذا يــكــســب الـــديـــمـــقـــراطـــيـــون أصــــــوات الـــســـود فـــي غـالـبـيـة االنتخابات؛ ألنهم يــرددون هـذه النبرة التي تعيد انتخابهم ملناصبهم، حتى لو أضــرت باملجتمع األســود نفسه. املشكلة دائـمـ فـي الـخـارج ولـيـس الــداخــل. فـي الـشـرطـة، وفــي املجتمع األبيض العنصري، في القوانني الظاملة، وفـي االضطهاد في أماكن العمل، في أي شيء ما عدا املجتمع األسود نفسه، الذي كان قبل عقود متماسكًا وصاعدًا، قبل أن تتسلل هذه األفكار املضرة إلى ثقافته وطريقة تفكيره. سـويـل يـقـول باختصار غــيِّــروا الثقافة يتغير املجتمع، وقبل ذلك غيِّروا هذه السياسات وخطاب املظلومية الخانق. وهناك مثقف آخر من أصول سوداء أيضًا، يحاول أن يحارب هذا الكابوس الذي حطّم مجتمعه؛ وهو الكاتب شلبي ستيل، الذي يقول في كتابه «عقد الذنب البيضاء» إن شعور البيض بــالــذنــب مـمــا فـعـلـه أســافــهــم فـــي املـجـتـمـع األســـــود مـــن فصل عـنـصـري وتــفــرقــة، دفــعــه لـتـقـديـم تـــنـــازالت وخـــطـــوات عــديــدة، ليبعد عن نفسه تهمة العنصرية املشينة، ولكنها في النهاية أضرت قبل ذلك بالسود قبل غيرهم. من هذه التنازالت، البرامج االجتماعية التي طرحت في الستينات ملـحـو الـفـقـر، وصــرفــت عليها مـلـيـارات الـــــدوالرات، ولكنها أخفقت ليس فـي القضاء على الفقر، بـل ساهمت في ترسيخه أكـثـر؛ ألن هـذه البرامج كانت عـبـارة عـن تعويضات مالية عما حدث في السابق، وتكفير عن الذنوب، ولكنها أدّت إلى قتل الطموح والعزيمة في األجيال الجديدة التي اعتمدت عليها، ورسَّخت لديها اإلحساس باملظلومية. وهــــنــــاك نـــخـــبـــة مــــن املـــفـــكـــريـــن والــــكــــتــــاب الــــســــود الـــذيـــن يريدون تحطيم مثل هذه التصورات التي تخنق مجتمعهم، وتجعلهم يعيشون فـي أوضـــاع متراجعة، ويـلـومـون غيرهم على مشاكلهم. ويتعرض هؤالء املثقفون للهجوم بحجة أنهم يحتقرون عرقهم، ويدافعون عن العنصرية، وفي الوقت ذاته ال يحظون بوقت كاف للظهور على محطات شاشات التلفزيون املعروفة (لن تجدهم على شاشة «سي إن إن») ألن سرديتهم املباشرة تتصادم مع سردية وسائل اإلعـام التي تعزز فكرة العنصرية واالضطهاد. نـحـن أيــضــ نـعـانـي مـــن األفـــكـــار نـفـسـهـا الــتــي يـواجـهـهـا املجتمع األسود، الذي سيخرج منها مستقبل بفضل شجاعة كتّابه ومثقفيه. األفكار نفسها تقريبًا، املظلومية واالضطهاد مـن االستعمار والـغـرب واليهود والخونة والـعـمـاء، وقائمة طويلة من األعـداء الهوائيني. زرعنا في الثقافة فكرة خاطئة؛ وهـي أننا مستهدفون فـي ديننا وثقافتنا وهويتنا. أورثنا فـكـرة الـكـراهـيـة لـأجـيـال الــجــديــدة، الـتـي بـــدل أن تـــرى العالم بصورة إنسانية أصبحت ترى خريطة العالم ملونة باأللوان الشوفينية واملـذهـبـيـة والـديـنـيـة. ومـــن الــصــادم بــ األجـيـال الصغيرة في الـدول العربية االعتقاد بأن هناك حربًا عليهم، وبـأنـهـم ضـحـايـا ومـسـتـهـدفـون ومـظـلـومـون، وهــنــاك مـؤامـرة تحاك ضدهم. املشكلة في الثقافة وليست فيهم، فهم يرثون األفكار التي تتشكل في عقولهم منذ الصغر، وتصبح جزءًا من طريقة تفكيرهم وهويتهم، ويصعب تغييرها بعد ذلك. وكما حدث مع املجتمع األسود، هناك مَن يستفيد مــــن تـــعـــزيـــز هــــــذه الـــثـــقـــافـــة، وتـــــرويـــــج فــــكــــرة الــضــحــيــة واملـظـلـومـيـة بــهــدف الـسـيـطـرة عـلـى الــعــقــول والــقــلــوب، ومــــن يـنـتـقـدهـا فــهــو خــائــن وعــمــيــل أو صـهـيـونـي كما بـــات يُـــــردَّد مـــؤخـــرًا. وهــنــاك أيــضــ ســاســة يـــــرددون هـذا الـخـطـاب لتعزيز شرعيتهم، وتثبيت حكمهم، وبسط نفوذهم، حتى لو أضروا مجتمعاتهم وأغرقوها بالفقر. فاالنتهازية السياسية في الغرب نفسها هي االنتهازية السياسية في الشرق، مع تغير أنظمة الحكم واألساليب، والشواهد حولنا كثيرة. ولكن السؤال األهم اآلن: يسعى املثقفون الـسـود مثل سويل وستيل وغيرهما لتغيير مجتمعاتهم، ولكن هل نتعلم منهم؟ عــادة ما يقترن الحديث عن األمومة بالعاطفة دون سـواهـا، وننسى أن هناك أيـضـ أبــعـــادًا أخـــرى مــن شـأنـهـا أن تيسّر عملية األمـومـة وحـالـة األمـومـة وتجعلها أكـــثـــر تـحـقّــقـ عــلــى الــنــحــو الـــــذي يــجــب أن تكون عليه. وفـــــي الــحــقــيــقــة مــــن املـــهـــم جـــــدًا طـــرح هــــذه املــســألــة فـــي عـــالـــم أصـــبـــح غـــارقـــ في املــاديـــات الـتـي أثـــرت سلبًا عـلـى الـعـاقـات االجتماعية ووضعت نقاط شك واستفهام حول علقات على غرار الصداقة، وعلقات الــقــرابــة وحــتــى الــحــب بـــ الـــرجـــل واملــــرأة وغـــيـــر ذلـــــك مــــن الـــعـــاقـــات ذات املــنــســوب العاطفي األخلقي الوجداني في املخيال االجــتــمــاعــي اإلنـــســـانـــي، بـدلـيـل مـــا تركته اإلنـــســـانـــيـــة عـــبـــر الـــحـــقـــب الـــتـــاريــخـــيــة مـن قـــصـــص مــــؤثــــرة وأمــــثــــال وإبــــــــداع وشــعــر يـــتـــغـــزل ويـــتـــغـــنـــى بــــالــــقــــرابــــة والــــصــــداقــــة والحبّ. فـــي خـــضـــم هــــذا الـــتـــراجـــع فـــي مـتـانـة الـــعـــاقـــات االجــتــمــاعــيــة نــجــد أن عــاطــفــة األمـومـة ال تــزال صـامـدة وظـلَّــت نـافـورة ال تنضب، وملجأ اإلنـسـان في زمـن القسوة واملــــاديــــة. وفـــي ســيــاق انـــطـــاق املـجـمـوعـة الدولية أمـس في إحياء األسـبـوع العاملي للرضاعة الطبيعية، فإنَّنا نعتقد أنَّه حان الوقت كي تتم مقاربة مسألة األمومة من منظور متعدد األبعاد، حيث إن الرضاعة الطبيعية والتشجيع عليها والـدفـاع عن حـق الطفل فـي املـنـاعـة الصحية، كـل هذه الــنــقــاط وغــيــرهــا إنَّـــمـــا تـــنـــدرج فـــي جـوهـر األمومة. وبـــمـــراجـــعـــة اإلحـــصـــائـــيـــات األمــمــيــة فـإنَّــنـا نُــصــدم بــواقــع الــرضــاعــة الطبيعية اليوم، حيث إن أقل من نصف الرضّع دون أشـهــر يـرضـعـون رضــاعــة طبيعية 6 ســن حصرية. وهي نقطة تمس حتى العاطفي الوجداني من منطلق أن العلقة بني األم ووليدها تأخذ منعرجًا جديدًا منذ حدث الوالدة وتكون الرضاعة هي الجامع األوَّل بينهما. من ناحية ثانية فـإن الطفولة تعاني الــــيــــوم مــــن أمــــــــراض عـــــدة مـــســـتـــجـــدة رغـــم اإلنجاز الهائل في عالم التلقيح، والسبب هـــــو تـــــراجـــــع مــــــدة الــــرضــــاعــــة الــطــبــيــعــيــة الحصرية إلـى درجـــات تبعث على القلق. فنصف األطفال محرومون من هذا الحق، نـــاهـــيـــك بـــــــأن املـــنـــفـــعـــة لـــلـــولـــيـــد مــــن خـــال الرضاعة الطبيعية الحصرية كبيرة جدًا، وهي التي تؤسس ملناعته الصحية. ولكن الواقع يؤكد تراجع هذه املمارسة الجيدة وتـــقـــلّـــص مـــدتـــهـــا فــــي صــــــورة تــواصــلــهــا. وهناك بلدان تراجعت فيها نسب الوالدة إلى أقل من الربع. إذن الـحـق فـي الصحة الـــذي تضمنه كـل التشريعات هـو مـهـدد بمجرد تراجع الــرضــاعــة الـطـبـيـعـيـة الــحــصــريــة، ويـفـسَّــر هــذا الـتـراجـع بعمل األم الـتـي تضطر إلى الــتــضــحــيــة بـــرضـــاعـــة طــفـلــهــا العـــتـــبـــارات تتصل بالتشريعات التي ال تساعد على تأمني هذا الحق للطفل. لذلك فإنَّنا نعتقد أن مختلف تـشـريـعـات عـطـل األمـــومـــة من املفروض أن تتقيَّد بتأمني هذا الحق وفق املـــدة الدنيا الــازمــة، وال نعتقد أن الــدول وهي تضمن هذا الحق ألطول مدة ممكنة، ستجابه أثـــرًا ماليًا كـبـيـرًا، ألن مـا تدفعه الدول على األمراض التي باتت تهدد حياة األطـفـال أكـثـر بكثير مما لـو أنَّــهـا اتجهت ملقاربة ليست مكلفة. واضــــح جـــدًا أن هــنــاك عــاقــة سببية بــــ تــــراجــــع املـــنـــاعـــة الـــجـــســـديـــة لــلــرضــع بحكم حـرمـانـهـم مــن الـرضـاعـة الطبيعية الـــحـــصـــريـــة أو لــضــعــف املــــــدة املـخـصـصـة لـذلـك، وبــ هــذه األمـــراض الـتـي أصبحت تــمــس فــئــة األطــــفــــال الـــتـــي تــمــثــل بـــدورهـــا األجيال القادمة. وطبعًا حدة هذا املشكل تـخـتـلـف مـــن بــلــد إلــــى آخـــــر، الـــشـــيء الـــذي يـجـعـل مـــن الــخــطــط الــوطــنــيــة ملعالجتها متعددة. غير أن األكيد أن الجميع مطلوب منه سن التشريعات وتوفير كل ما ييسر تأمني حق الوليد في الرضاعة الطبيعية الحصوية ألطول وقت ممكن. إلـى جانب األثــر اإليجابي للرضاعة الـطـبـيـعـيـة الـحـصـريـة عـلـى صـحـة الطفل وتـعـزيـز مـنـاعـتـه الــذاتــيــة، إضـــافـــة إلـــى ما يــمــكــن أن تـتـجـنـبـه الــــــدول مـــن مــصــاريــف عــاجــيــة ألمــــــراض هـــي نـــتـــاج االســتــغــنــاء عـن هــذه املـمـارسـة الطبيعية الـجـيـدة فإن املـــرأة ذاتـهـا مستفيدة صحيًا، خصوصًا أن العلقة بني الرضاعة الطبيعية للوليد والوقاية من سرطان الثدي كبيرة وقوية ،2022 وأثــبــتــتــهــا الــــــدراســــــات. وفـــــي عـــــام مليون امرأة بسرطان 2.3 شُخصت إصابة ألف حالة وفاة بسببه 670 الثدي وسُجلت فـــي الـــعـــالـــم. بـمـعـنـى آخـــــر، فــــإن الــرضــاعــة الطبيعية الحصرية للطفل هي أيضًا عامل وقـايـة ويمكنه أن يقلص عــدد اإلصـابـات والوفيات بمرض سرطان الثدي. كما أنه يـسـاعـد الـــــدول عـلـى تـخـفـيـض املـصـاريـف الهائلة التي يستوجبها العلج خصوصًا أن عدد اإلصابات في ازدياد. مـــــــن املــــــهــــــم رســـــــــم اســــتــــراتــــيــــجــــيــــات وطـــنـــيـــة خـــاصـــة بـــكـــل بـــلـــد هـــدفـــهـــا إعـــــادة الرضاعة الطبيعية الحصرية إلى سالف مـــمـــارســـاتـــهـــا فــــي املـــجـــتـــمـــعـــات والــــرهــــان عليها كآلية متعددة األرباح بالنسبة إلى األطفال واألمهات معًا. OPINION الرأي 12 Issue 16684 - العدد Friday - 2024/8/2 اجلمعة لماذا ال نتعلم من المجتمع األسود؟ ًالمنطقة بين اغتيالين األمومة... تشريعات أيضا وكيل التوزيع وكيل االشتراكات الوكيل اإلعالني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] املركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 املركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى اإلمارات: شركة االمارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 املدينة املنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب األولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية املوجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها املسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة ملحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي باملعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com آمال موسى من المهم رسم استراتيجيات وطنية خاصة بكل بلد هدفها إعادة الرضاعة الطبيعية ممدوح المهيني مصطفى فحص

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==