issue16683

Issue 16683 - العدد Thursday - 2024/8/1 الخميس OPINION الرأي 14 أي نهاية لحرب «المشاغلة» من لبنان؟ قــامــت كـــل الـــحـــروب الإسـرائـيـلـيـة عـلـى مــبــدأ شـنّ حـرب خاطفة سريعة، وعلى تأكيد قـدرة الــردع. وكان لها دومـــ أهـدافـهـا السياسية، ونسبياً استراتيجية الـــخـــروج. يـقـول الـرئـيـس الإسـرائـيـلـي الـسـابـق أولمـــرت »؛ كانت الاستراتيجية 2006 ) عن «حرب يوليو (تموز 7« تثبيت قـــدرة الـــردع وتحقق ذلـــك. تـبـدل الـزمـن بعد أكــتــوبــر (تــشــريــن الأول)» لــكــن الإصــــــرار الإســرائــيــلــي عـلـى إســـقـــاط مـــبـــادرات وقـــف الـــنـــار، لا يـعـنـي تخبطاً مطلقاً كما يتردد. صحيح أن نتنياهو يقدم مصالحه الشخصية، لكن على الأرض تتقدم رؤية المتطرفين في إسرائيل التي تضع الغزاويين أمام أخطر ترانسفير ما يشطب الكابوس المتمثل بموقع غزة في قلب القضية الفلسطينية! أشـهـر على بــدء «حـــزب الـلـه» حرب 10 بعد نحو «مشاغلة» الـعـدو «إســنــاداً» لـغـزة، بـات كـل لبنان أمـام كرة نار تهدد المتبقي من الأخضر واليابس. فـ«الحزب» الذي أخذ البلد منفرداً إلى حرب مدمرة، ربط نهايتها بنهاية حـرب التوحش على غــزة، وجمّد كل القضايا الداخلية مـن شغور وفـــراغٍ وأولـويـة لـإصـاح إلـى ما بعد هـذه الـحـرب، لـم يخبر الـنـاس عـن رؤيـتـه لـ«اليوم التالي» ولا عن الأهداف الحقيقية لحربٍ أعطى الإشارة لـبـدئـهـا نـــظـــام الـــولـــي الــفــقــيــه، ولا عـــن اسـتـراتـيـجـيـتـه للخروج منها. إنها حرب قرارها ليس بيد نصر الله ولا «حــمــاس» ولا المــرشــد، بـل بيد الـعـدو الإسرائيلي الممسك بالمبادرة. طــبــيــعــيٌ أن يـــكـــون «حـــــزب الـــلـــه» قـــد أراد لـحـرب «المشاغلة» تعزيز هيمنة النظام الإيراني وتمكنه من فرض أهدافه على الداخل. لكن بعد دمار غزة واقتلع أهلها والإبـادة الجماعية سقطت المبررات غير المقنعة التي تذرع بها لأخذ لبنان المنهوب والمنهك اقتصادياً واجتماعياً ومعيشياً واستشفائياً إلـى هـذه الحرب. أكثر من ذلك وصل الوضع، بعد صاروخ مجدل شمس، إلــى مـا يشبه نقطة الـتـحـول فـي هــذه الــحــرب، رغــم أن الـحـزب نفى مسؤوليته عـنـه، فــإن المنطقة أمـــام وضع ســريــالــي: قـاتـل أطــفــال غـــزة، مـجـرم الــحــرب نتنياهو، يـتـوعـد بـالانـتـقـام لمقتل الأطــفــال والـفـتـيـان الــعــرب في مـجـدل شـمـس، المـديـنـة الـسـوريـة المحتلة الـتـي تحدت الاحتلل مع شعارها: «المنية ولا الجنسية»! من الشهر الفائت يعيش لبنان 27 منذ ليل السبت مرحلة فزعٍ كبير، وبرزت خشية كبيرة لدى «حزب الله» من أن يتحمل تبعات استهداف فتيان مدنيين من أبناء الجولان المحتل؛ فبادر إلى إخلء مواقعه في الجنوب والضاحية والبقاع كما في القلمون السوري. أما بقايا السلطة المربكة فقد استنكرت المجزرة وأعلنت «إدانـة كل أعمال العنف والاعـتـداءات ضد جميع المدنيين»... لأنها «انتهاك للقانون الدولي وتتعارض مع المبادئ الإنـسـانـيـة». لكنها فـوّتـت فـرصـة إعـــان رفــض الحرب والتمايز عن «حزب الله»؛ لأن في ذلك ممر حماية البلد وحياة اللبنانيين. الـيـوم، وقـد أوصـلـت حـرب «المشاغلة» لبنان إلى دركٍ خطير، تحولت عشرات البلدات الجنوبية ركاماً، والناس المتروكة لمصيرها أمام الخطر الزاحف ضحية لـشـائـعـات وقــلــق وخـــــوف. ومـــا زال فـــي الـــذاكـــرة علقم وحــرب تموز 1982 ، واجـتـيـاح عــام 1978 اجتياح عــام . مفيد إعمال المخيلة وقليل من التبصر لرؤية رد 2006 فعل كل مواطن وهو تحت وطأة تهديدات إسرائيلية. وتـــوازيـــ ، تـطـالـب الــســفــارات رعـايـاهـا بـالمـغـادرة، بينما المــطــار الـــدولـــي شـبـه مـقـفـل، والـخـسـائـر تتراكم قبل بدء العدوان، فإلى أين يمكن أن يخلي هذا المواطن موقعه؟ وإلــى أيـن يمكن أن يلجأ؟ وقمة السخرية ما يعمم دون تعليق من جانب الطبقة السياسية وبقايا الـسـلـطـة بـــأن الـــعـــدوان الإسـرائـيـلـي حـاصـل لا محالة، لكن الضغوط الأميركية تضمن عدم الذهاب إلى حرب مفتوحة! أوصــــلــــت حـــــرب «المــــشــــاغــــلــــة»، لـــبـــنـــان إلـــــى حــافــة الانــتــحــار، واتــســاع الــركــام لــن يـتـرك شيئاً لـ«الثنائي المذهبي» القابضتعسفاً على السلطة لأن يعزز تسلطه وتـشـاوفـه. ألــف بــاء المـوقـف الـوطـنـي يتطلب مجاهرة ســيــاســيــة تـــدعـــو إلــــى رفــــض الـــحـــرب ووقـــفـــهـــا ورفـــض اللبنانيين لها والإصرار على الخروج منها، والتشديد عـلـى تسليم أمـــن الـجـنـوب لـلـقـوى المسلحة الشرعية. سـاح الموقف، إن وجـد رجـال دولــة، كـافٍ لتعرية نهج الدويلة وفضح الأجندة الخارجية التي حولت لبنان ســاحــةً وأرضــــ مـحـروقـة. كـمـا أنـــه يـحـرم الــعــدو، الــذي يـتـصـيـد الــســقــطــات وانــــعــــدام الـــرؤيـــة الــســيــاســيــة، من التأييد الخارجي! حنا صالح ألف باء الموقف الوطني يتطلب مجاهرة سياسية تدعو إلىرفضالحرب أفكار التجديد وسياسات التحديث كـتـب الأســـتـــاذ تـوفـيـق الـسـيـف مقالةً بـــهـــذه الـــجـــريـــدة تــحــت عــــنــــوان: «الـــحــداثـــة الـــتـــي لا نـــــراهـــــا»، وفـــيـــهـــا يـــعـــلّـــق عـــلـــى مـا وصــــفــــه الــــشــــاعــــر مـــحـــمـــد الـــــحـــــرز بـــجـــدال الـحـداثـة وتصنيف الـحـداثـي والتقليدي، وهـــذا نـقـاش مثير لـلـنـقـاش؛ وآيـــة ذلـــك أنّ الــنــقــاش حـــول الــحــداثــة لــم يـنـتـه بــعــد، بل ثمة قراءات متجددة في الغرب كُتب عنها حول امتداد الحداثة بعد ضمور فلسفة ما بعد الحداثة، وذلك بسبب صعود التقنية العليا الصاعدة التي نقضت نسيج فلسفة مـــا بـعـد الـــحـــداثـــة، ولـــم يـعـد أحـــد يتحدث عنها إلا قلة، وذلك لأنّ الحداثة قائمة على نـظـريـة عميقة مـتـمـاسـكـة، عـلـى عـكـس ما بعد الحداثة والتفكيكية التي تركز على النقض والتدمير كما فـي التفكيكية، من دون إنـتـاج بـديـلٍ قـــويّ بـل تـعـدّ التحديث أساس بناء الأفكار، لهذ بقيت. لكن يذكر لما بعد الحداثة أنها أيقظت إنتاج الحداثة؛ بـدلــيــل أنّ الــحــديــث والــــــدرس حــــول كـانـط أعلى منه حول جاك ريدا حتى اليوم. وأعــلــق عـلـى مـقـولـة الأســـتـــاذ توفيق الــســيــف: «الـــحـــداثـــة بقطبيها تــــدور حـول الــعــقــل لــكــونــه مـهـيـمـنـ عــلــى الـــعـــالـــم، هي ليست نظاماً محدد الأطــراف، بل مشروع بـــنـــهـــايـــات مــفــتــوحــة لــلــتــطــور والـــتـــحـــول. وكـــلـــمـــا بــلــغــت مـــرحـــلـــة انــكــشــفــت أمــامــهــا مــــســــارات جــــديــــدة. لــــذا لا يـنـبـغـي اعـتـبـار المــســتــوى الـفـعـلـي لمـجـتـمـع مــعــ (الــغــرب مثلً) معياراً نهائياً تقارَن به المجتمعات الأخــــرى. مــا هــو مـهـم فــي الحقيقة هــو ما ذكره د. حسن النعمي في حديث مسجل: محورية العقل وكون نتاجه معياراً وحيداً لمـا يُقبل أو يُـرفـض. ولا أرانـــا بعيدين عن هـذا، حتى لو قبلنا بعض التحفظات من هنا أو هناك». وقــــــد أجـــــريـــــت مـــــن قـــبـــل مـــقـــابـــلـــةً مـع أســــتــــاذنــــا الـــــراحـــــل مــحــمــد ســـبـــيـــا، وهـــو مؤلف عن الحداثة وما بعدها العديد من المؤلفات، وما يهمنا من قوله أن «اصطدام الــتــقــلــيــد بـــالـــحـــداثـــة هــــو أشـــبـــه مــــا يــكــون باصطدام كوكبين اصطداماً انفجارياً؛ لأن التقليد كـون والـحـداثـة كـون آخـر أو كيان آخـــر. إنـــه اصـــطـــدام فــي غـايـة الـعـنـف لكنه بـــطـــيء وعــمــيــق المـــفـــعـــول. هــــذا الاصـــطـــدام الانـــفـــجـــاري الــهــائــل هـــو الــــذي نـشـهـد منذ القرن الثامن عشر الميلدي نتائجه المهولة عــلــى اقـــتـــصـــاديـــات وســـيـــاســـات وثــقــافــات وتقنيات البلدان المتأخرة تاريخياً، حيث تـــحـــدث تــخــرمــات وتـــشـــوهـــات وتـــداخـــات عنيفة وتـفـاعــات رمــزيــة اسـتـعـاريـة على كافة المستويات». ويضيف: «أنــا مدين فـي إبـــراز ذلــك - خاصة على المستويَين النفسي والثقافي - للفيلسوف الإيراني داريوش شيغان في معظم كتاباته وبـخـاصـة فــي كتابيه، ما هـي الـثـورة الدينية، وكما عاشت أوروبــا فــــي بــــدايــــات انــــطــــاق الـــحـــداثـــة صـــراعـــات دموية عنيفة وتمزقات اجتماعية وثقافية فــي حـالـة فـصـام وجـــدانـــي وثــقــافــي، وهـي صـــــراعـــــات تـــغـــلّـــبـــت فـــيـــهـــا الــــبــــورجــــوازيــــة المستنيرة المـتـحـررة مـن هيمنة الكنيسة، والـــتـــي كـــانـــت قــــــادرة عــلــى تــطــويــر ثـقـافـة دنيوية عقلنية ونقدية، فـإنّ المجتمعات والثقافة العربية مـنـذورة لتعيش حالات تـمـزق وفـصـام أقـــوى وأعـمـق بسبب عمق ورسوخ التقليد وهيمنة التراث، أو تصور ارتــــــدادي لــلــتــراث عـلـى المـجـتـمـع والـثـقـافـة والفرد العربي والمخيال العربي». الـخـاصـة أن الــحــداثــة لــم تنته بعد، وحتى أفكار ما بعد الحداثة هي بمثابة تـنـويــع فـــي الـتـطـويــر والــتــحــديــث، ولـذلـك فإنها مثل نقد على النقد، وهــذا يحسب لــــهــــا. إن الــــحــــداثــــة هـــــي أســـــــاس الـــتـــطـــوّر ولـــو تـأمـلـنـا بـالـتـنـمـيـة، أو الاقــتــصـــاد، أو رأس المــــال الـــرمـــزي الـثـقـافـي، أو المـسـتـوى الاجـــتـــمـــاعـــي فــــي الــــتــــطــــوّر، فـــإنــهـــا مـديـنـة لأفكار التحديث. والحداثة ليست بعبعاً حتى نخاف منها، إنها تقول لنا تطوروا، غيّروا القديم وانطلقوا للجديد من الأفكار والفنون والعلوم. لـكـل أمـــةٍ حـداثـتـهـا الــخــاصــة، للصين حــداثــتــهــا، ولــلــغــرب حــداثــتــه، وعـلـيـه فـإن تـشـويـه الـحـداثــة بـحـد ذاتـــه مـوقـف مـفـاده أن نـتـوقـف عــن الــتــطــوّر؛ بـدلـيـل أن الـــدول حين تأسست ووضعت النظم وقوانينها ثمة من عارضها، وإلــى الآن نراهم عياناً ونـــبـــاشـــر ونـــتـــابـــع مـــواقـــفـــهـــم إلـــــى الـــيـــوم، نستطيع أن نــقــول إن الــحــداثــة انـتـصـرت على أفكار ما بعد الحداثة. فهد سليمان الشقيران الحداثة لم تنته بعد وحتى أفكار ما بعد الحداثة هي بمثابة تنويع في التطوير محاولة اغتيال البرهان... التوقيت والتداعيات! مـــحـــاولـــة اغـــتـــيـــال الـــفـــريـــق عــبــد الـــفـــتـــاح الـــبـــرهـــان، قائد الجيش رئيس مجلس السيادة الانتقالي، أمس، خـــال حــضــور حـفـل تــخــرج عـسـكـري فــي مـديـنـة جبيت بولاية البحر الأحمر، شمال شرقي البلد، هي محاولة واضحة لخلط الأوراق في هذا التوقيت. المحاولة ليست الاسـتـهـداف الأول للفريق الـبـرهـان الـــذي سعت «قــوات الـــدعـــم الــســريــع» لاعـتـقـالـه أو تصفيته مـنـذ الـلـحـظـات الأولـــى لانـــدلاع الـحـرب، لكنها تأكيد جديد على حجم التعقيدات الداخلية والخارجية المتزايدة لهذه الحرب، والمـخـاطـر المحيطة بالبلد فـي ظـل وضــع أمـنـي هـش لا يحتمل إرباكاً بحجم حدوث فراغ في القيادة، وتغييرات يمكن أن تـقـود إلــى صــراعــات تضعف تماسك الجيش بكل ما يعنيه ذلك من تداعيات في مسار الحرب، وعلى البلد. الاستقطاب الشديد فـي المشهد الـسـودانـي يجعل الـتـأويـات والاتـهـامـات جـاهـزة، بمجرد وقــوع الحدث، وقبل انتظار أي بيان أو روايات شهود عيان تلقي شيئاً مــن الــضــوء عـلـى المــابــســات. فمثلما رأيــنــا فــي عملية استهداف حفل «كتيبة البراء»، في مدينة عطبرة، أبريل (نــيــســان) المـــاضـــي، الــتــي ســــارع الـبـعـض إلـــى الـتـرويـج بـــأن الـجـيـش مــســؤول عـنـهـا، فــي ظــل صـــراع بينه وبـ الإسـامـيـ وكتائبهم، فإننا نــرى الـيـوم هــذه الجهات نفسها تدفع بنظرية أن الحركة الإسلمية هي التي تقف وراء محاولة اغتيال البرهان، بسبب رفضها لأي مسار تفاوضي لإنهاء الحرب. الـــغـــريـــب أن المــــروّجــــ لـــهـــذه الــنــظــريــات لا يــأتــون عـلـى ذكــر «قــــوات الـدعــم الـسـريـع» الـتـي بـاتـت تستخدم المـسـيـرات بكثافة وتـسـتـهـدف مـقـار الـجـيـش والمــــدن في عـــدد مــن الـــولايـــات، وهــــدّدت مــــراراً وتـــكـــراراً باستهداف قيادات الجيش، ومنهم البرهان والفريق ياسر العطا على وجـه التحديد، وهـي المستفيد الأكـبـر بـا شـك من تصفية القيادات العسكرية وإضعاف الجيش وإحداث هـــــزة كـــبـــيـــرة فــــي الـــبـــلـــد الــــــذي يــــواجــــه ضـــغـــوطـــ هـائـلـة ووضعاً هشاً، ولا يمنع انهياره سوى تماسك الجيش واستمراره في القتال. الذين يفسرون محاولة اغتيال البرهان على أنها كـانـت لـضـرب المـسـار الـتـفـاوضـي، يـقـفـزون على حقيقة أن الــبــرهــان ذاتــــه حـتـى الـلـحـظـة يـتـبـنـى خـطـ مـتـشـدداً وواضحاً في شـروط استئناف التفاوض؛ ففي خطابه بجبيت كرر مواقفه السابقة المتمثلة في أن الجيش لن يتفاوض وأن «الحرب لا يمكن أن تتوقف، بينما العدو مَـــوجـــود فــي بــيــوت المــواطــنــ ، ويـحـتـل قـــرى الـجـزيـرة، ويــحــاصــر بـابـنـوسـة والـــفـــاشـــر». وتـــحـــدث عـــن مــؤامــرة كبيرة تستهدف الــســودان، وأن الجيش لا خيار أمامه سوى مواصلة الحرب، قائلً إن مَن يدعون لاستئناف المـفـاوضـات عليهم أن يـأتـوا أولاً للتفاكر والتفاهم مع الحكومة بشأن كيفية استئنافها. هـــذا المـوقــف لــم يـخـرج أيـضـ عــن الإطــــار الـــذي ورد فــي بـيـان الـخـارجـيـة الــســودانــيــة، أول مــن أمـــس، بشأن مـــفـــاوضـــات ســـويـــســـرا الـــتـــي دعـــــت الـــــولايـــــات المــتــحــدة لـعـقـدهـا، فـــي مـنـتـصـف الـشـهـر الــحــالــي، الــــذي عـبـر عن الاســتــعــداد لــانــخــراط فــي المــفــاوضــات، لكنه ربـــط ذلـك بتنفيذ ما اتفق عليه في إعـان جـدة الصادر في مايو ؛ فالواضح أن الحكومة السودانية لا تريد 2023 ) (أيــار أن تـكــون مــحــادثــات جـنـيـف بـمـثـابـة مــســار جــديــد يبدأ بالمفاوضات من نقطة الصفر، ويرسخ لـ«الدعم السريع» مـكـاسـب مِـــن تــمــدده فــي الـــولايـــات، ويـضـع الـجـيـش في موقف الطرف الضعيف. هـذا ما يفسر كـام البرهان المتكرر عن أن الجيش لا خيار أمامه سوى مواصلة القتال، وأن الأطراف التي تـدعــوه لاسـتـئـنـاف الـتـفـاوض عليها أولاً إلــــزام «الـدعـم الــســريــع» بــوقــف تـــمـــدده وعـــدوانـــه المـسـتـمـر عـلـى المـــدن والقرى، وفك الحصار عن المدن، وفتح الطرق، على حد ما ورد في بيان الحكومة. هــذا المـوقـف مـن الـبـرهـان وحكومته يضعف حجة الــــذيــــن يـــفـــســـرون مـــحـــاولـــة الاغـــتـــيـــال فــــي جــبــيــت عـلـى أنـهـا تـمـت بسبب خـــاف مــع جـنـاح مـتـشـدد يـريـد قطع الـطـريـق عـلـى المــفــاوضــات، فــالــواضــح أن المــوقــف الـعـام فـي الجيش وفـي الحكومة يتبنى خطاً متشدداً لجهة شــــــروط ومـــــحـــــددات الــــذهــــاب إلـــــى جـــنـــيـــف. وإذا كــانــت «قوات الدعم السريع» تتهم الجيش بالمراوغة والتهرب مــن المـــفـــاوضـــات، وفــقــ لـبـيـانـهـا الأخـــيـــر، فـإنـهـا تـحـاول التشويش على حقيقة أنها استخدمت المفاوضات ورقة للمناورة في كل جولاتها السابقة، ولم تلتزم بما وقّعت عليه، بل عملت على التمدد، وتوسيع دائرة عملياتها، وعدوانها المستمر على المواطنين وممتلكاتهم. في تقديري أن «الدعم السريع» أكثر من أي طرف آخــــر هـــو المـسـتـفـيـد مـــن مـــحـــاولـــة اســـتـــهـــداف الـــبـــرهـــان، وزعــــزعــــة الأوضـــــــــاع، وإضــــعــــاف الـــجـــيـــش بــاســتــهــداف قائده الأعـلـى، وخلق فــراغ، على أمـل أن يـؤدي ذلـك إلى انقسامات وصراعات داخله، سواء على السلطة أو حول المــســار الـــذي يـجـب أن تسير فـيـه الأمــــور لجهة الـحـرب والتفاوض. والعملية بعد فشلها قد تـؤدي إلـى عكس مـــا كـــان يـــريـــده المــخــطــطــون، إذ إنــهــا سـتـجـعـل الجيش والـــبـــرهـــان أكـــثـــر تـــشـــدداً فـــي مـوقـفـهـم وشـــروطـــهـــم إزاء التفاوض. عثمان ميرغني المحاولة ستجعل الجيش والبرهان أكثر تشدداً في موقفهم وشروطهم إزاء التفاوض

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky