issue16683

كـــان إسـمـاعـيـل هـنـيـة تـلـمـيـذاً نـجـيـبـا لمـؤسـس «حـــــمـــــاس» الـــشـــيـــخ أحــــمــــد يــــاســــن، وإذا جـــــاز لـنـا تصنيف الإسلام السياسي الفلسطيني بي معتدل ومــتــشــدد، فـإسـمـاعـيـل هنية يصنف مــن المعتدلي الذين ينظر إليهم حتى من جانب خصومهم على أنــهــم جــــزءٌ مــن الــحــل، ســــواء عـلـى صـعـيـد الانـقـسـام الفلسطيني أو الجهود المبذولة للوصول إلى وقفٍ لإطلاق النار في غزة، وصفقة تبادل، حتى أن أقوالاً كـثـيـرةً ظــهــرت، أشــــارت إلـــى أن الــرجــل لــم يـكـن على عــلــمٍ بعملية الــســابــع مـــن أكــتــوبــر (تــشــريــن الأول)، ولـم يكن من الذين اتخذوا القرار بتنفيذها، وحي كانت «حـمـاس» بحاجة لإظـهـار مـرونـة فـي أمـر ما، فلم تكن لتجد أفضل مـن إسماعيل هنية للتحدث فــي هـــذا الاتـــجـــاه، أمّـــا فــي اسـتـطـ عـات الــــرأي حـول الرئاسة الفلسطينية المستقبلية، فلم يرد اسم غيره ليقترح مرشحا للرئاسة، إذ كان يحتل المركز الثاني بعد مـروان البرغوثي الـذي احتكر المركز الأول منذ دخوله السجن وحتى الآن. التوقيت: تزامن مع الهجوم والاغتيال الذي تم في الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث المعقل المركزي لــــ«حـــزب الـــلـــه،» وأنــــصــــاره مـــن كـــل أطـــيـــاف معسكر الممانعة، كان التوقيت مدروسا؛ إذ ليس سوى عمل كــهــذا، فــي بــيــروت وطـــهـــران، يــــوازن حــالــة الإحــبــاط التي نجمت عن مذبحة مجدل شمس، وموقعة بيت ليد، التي أظهرت خللاً بيّنا في المؤسسة الحكومية الإسرائيلية، السياسية والعسكرية، مضافا إلى ذلك ازديـــاد الأقـــوال مـن داخـــل إسـرائـيـل وخـارجـهـا حول التراجع الذي أصاب قدرات الردع لديها. هــــذه الأقــــــوال يـــجـــري الـــــرد عـلـيـهـا بـاسـتـخـدام كـــل الإمــكــانــيــات المــتــوفــرة لإظـــهـــار أن قـــوة الـــــردع لا تـــزال عـلـى حـالـهـا الــقــديــم، ولـقـد ظـهـر ذلـــك بـأوضـح الـصـور فـي عملية الـحـديـدة، الـتـي أُعـلـن أن عشرات الــطــائـــرات الإسـرائـيـلـيـة الــقــاذفــة والمــقــاتــلــة شـاركـت فيها، وبمقارنة بي الاستعراض العسكري الذي تم، والحاجة الفعلية للردع، فطائرة أو اثنتان تكفيان لإنجاز مهمة إشعال صهاريج الوقود في الحديدة. المـكـان: طـهـران... هي عاصمة المعسكر الشرق أوسـطـي ذائــع الصيت والمسمى بمعسكر الممانعة، وهي الجسم المركزي لأذرع الأخطبوط الطويلة التي تصل إلى أي مكان في الشرق الأوسط، ويقال أحيانا في العالم، بما في ذلك عبر الخط المباشر بي طهران والنقب. لــقــد اخـــتـــار المــســتــوى الــســيــاســي الإســرائــيــلــي العاصمتي طهران وبيروت ليقنع الجبهة الداخلية فـي إسـرائـيـل بـأنـه لا يـوجـد مـكـان آمــن «لمــن يعتدي عليها» ولا أمـــان لأي قـائـد أو كـــادر فــعّــال مــن قــادة وكوادر الحرب التي يصفها نتنياهو بالوجودية. إن مــغــزى اخـتـيـار المــكــان مــن جــانــب المـسـتـوى السياسي وأذرعــه العسكرية هو الذهاب إلـى أعلى مستويات التحدي للخصم في عقر داره، ثم إن أقرب مسافة بـن نقطتي الـوضـع الــراهــن على الجبهات وجرّ أميركا إلى دعم توسيعها حتى لو وصلت إلى حرب إقليمية هو ضرب إيران مباشرة واستدراج رد يبرر التوسع في الحرب، والتدخل الأميركي المباشر فيها فإن لم تكن إقليمية فلتكن واسعة. الأسئلة... بعضها بديهي وتلقائي مـثـل: كيف سيكون الــــــــرد؟ ومــــــن الـــــــذي ســــيــــرد؟ وبـــعـــضـــهـــا يُــــثــــار دون الـــتـــوصـــل إلــــى أجـــوبـــة عــنــه مـــثـــل: مـــا هـــو مستقبل الجهد التفاوضي المواظب الذي يؤديه الأميركيون والقطريون والمصريون لإنجاز صفقة وقـف إطلاق نار وتبادل، حتى ولو في أضيق نطاق؟ هل ستواصل العملية دورانها داخل الحلقات المفرغة ولو سـراً، هل لا يـزال هنالك منطق لانتظار مبعوثي نتنياهو وتـعـديـ تـه واشـتـراكـاتـه بينما عبوّات الاغتيال تحمل على الطائرات من المسيّرات ؟F35 إلى الـ أسئلة كثيرة هي من النوع الذي لا يقوى أعتى المنجمي على الإجابة عنها؛ لأن الإجابة الشافية لن يوفرها غير الميدان الذي يحمل كل يوم وكل ساعة مــفــاجــأة، ونــحــن فـــي الـــشـــرق الأوســـــط نـعـيـش زمـنـا المفاجآت فيه أقوى تأثيراً من الحسابات. اغتيال هنية... التوقيت والمكان كان النشاط العسكري الإيراني، ودعم الإرهاب، والتقدم في القدرات النووية، محور التركيز الرئيسي في اجتماع «المجموعة الاستشارية الاستراتيجية» يونيو 16 الأمـيـركـيـة - الإسـرائـيـلـيـة، الــــذي عـقـد فــي (حـزيـران) الماضي بالبيت الأبيض، حيث استضاف مـسـتـشـارُ الأمــــن الـقـومـي الأمــيــركــي جـيـك سـولـيـفـان، ووزيــــرُ الـخـارجـيـة أنـتـونـي بلينكن، مـسـتـشـارَ الأمــن القومي الإسرائيلي تزاتشي هناغبي، ووزيرَ الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر. توصل جميع الأطراف إلى توافق في الآراء على وجوب اتخاذ خطوات لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية. إيران عضو في «معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية»، وبينما تدعي الوفاء بالتزاماتها بموجب هـــذه المــعــاهــدة، فـقـد اتـهـمـت الـوكـالـة الـدولـيـة للطاقة الــذريــة إيــــران بـانـتـهـاك الـضـمـانـات عــن طـريـق إخـفـاء أجـزاء من برنامجها النووي وعـدم معالجة الأسئلة المتعلقة بالأبعاد العسكرية المحتملة. أدى ذلـك إلى فرضعقوبات من مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة، ، تـهـدف إلـــى إجــبــار إيــــران عـلـى تقديم 2010 فــي عـــام البيانات الـ زمـة وتعليق جميع أنشطة التخصيب ، بدأت إيران 2019 غير المصرح بها. ومع ذلك، في عام خرق حدود «خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق الـــنـــووي)» رداً عـلـى انـسـحـاب الـــولايـــات المـتـحـدة من الصفقة النووية في العام السابق، مما مثّل تصعيداً كبيراً في أنشطتها النووية الحساسة. وفـي الوقت نـــفـــســـه، خــفــضــت طــــهــــران وصــــــول مــفــتــشــي الـــوكـــالـــة الدولية للطاقة الذرية إلى المنشآت النووية ورصدهم لها، مما خلق ثغرات كبيرة في الرقابة. استأنفت إيـــران الأنشطة فـي منشأة «فـــوردو». كــانــت هـــذه الإجــــــــراءات، عـلـى الـــرغـــم مـــن أنــهــا مثيرة للقلق، قابلة للتراجع عنها. ومــع ذلــك، فقد اتخذت إيــــــران مــنــذ ذلــــك الـــحـــن خـــطـــوات أكـــبـــر أهـــمـــيـــة، مثل فـي المـائـة؛ أي 60 تخصيب الـيـورانـيـوم إلــى مستوى أقـــل بـقـلـيـل مـــن درجــــة الأســلــحــة، واســـتـــخـــدام أجـهـزة طرد مركزي أعلى كفاءة. جربت طهران أيضا إنتاج مـــعـــدن الــــيــــورانــــيــــوم، وهـــــو أمـــــر ضـــــــروري لـلـتـسـلـح، وتحسي التصاميم المتتالية لإجـراء تغييرات أسرع في مستوى التخصيب. وفقا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، فمن الممكن تقنيا تصنيع قنبلة ذرية تحتوي كيلوغراما من اليورانيوم المخصب بنسبة 42 نحو في المائة. 90 في المائة إذا رُفع تخصيب المادة إلى 60 ، كشفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية 2020 منذ عام عـن أدلـــة كبيرة على الـتـطـور الــنــووي الإيـــرانـــي، مما يشير إلى أنها تقترب من تطوير أسلحة نووية. ، عـثـرت الـوكـالـة الـدولـيـة للطاقة 2023 فــي عـــام الذرية على جزيئات اليورانيوم بمواقع غير معلنة مثل «فـــارامـــن» و«تـــوركـــوز آبــــاد»، مما أثـــار مخاوف بشأن الأنشطة النووية الخفية. بحلول مايو (أيـار) كـــيـــلـــوغـــرام إضـــافـــي من 20.6 ، جــمــعــت إيــــــران 2024 فـــي المـــائـــة من 60 الـــيـــورانـــيـــوم المــخــصــب إلــــى نـسـبـة النقاء، منذ التقرير الفصلي الأخير للوكالة الدولية كيلوغرام مـن اليورانيوم 142.1 للطاقة الــذريــة. مـع في المائة، يمكن لإيران إنتاج ما يكفي 60 بنسبة نقاء من الوقود لثلاثة أسلحة نووية إذا خُصّبت لدرجة أعلى. رغم ادعـاءات طهران بالتطبيقات المدنية، فإن من الواضح أنها تتبع طريقا نحو التسلح. أبريل (نيسان) على إسرائيل، 13 يشير هجوم صاروخ وطائرة من دون طيار، 300 حي أطلقت إيران إلى أن إيران أكثر استعداداً للمخاطرة بإشعال حرب، مما يزيد من التحول المحتمل نحو الأسلحة النووية إذا تـعـرضـت لـلـهـجـوم. قـــد يــــؤدي ذلـــك إلـــى تصعيد الصراع مع الولايات المتحدة وإسرائيل. رداً عـــلـــى الـــتـــوســـع الــــنــــووي الإيـــــرانـــــي، اتـفـقـت الولايات المتحدة وإسرائيل عبر «الفريق الاستشاري الاســتــراتــيــجــي» عـلـى الـــتـــعـــاون. سـيـشـرف مستشار الأمن القومي الإسرائيلي هناغبي على مبادرة تشمل ســت مـجـمـوعـات مــن «المـــوســـاد» (مــعــاد تنشيطها)، ووكــــالــــة الأمـــــن الإســـرائـــيـــلـــيـــة، وفـــريـــقـــا مـخـتـصـا في مجالات الاستخبارات والإنترنت. سـتـركـز مـجـمـوعـات «المـــوســـاد» عـلـى الـبـرنـامـج الـــنـــووي والــتــســلــح، فـــي حـــن ســتــواجــه وكـــالـــة الأمـــن الإسرائيلية حملات النفوذ الإيراني داخل إسرائيل، وسيكافح فريق الاستخبارات والإنترنت التهديدات السيبرانية من «حزب الله» والحوثيي. كان الرؤساء الأميركيون المتعاقبون؛ بمن فيهم الرئيس الحالي جو بايدن، هددوا بالعمل العسكري لمــنــع إيــــــران مـــن الـــحـــصـــول عــلــى أســلــحــة نـــوويـــة مع الإعراب عن تفضيلهم الدبلوماسية. ومع ذلك، داخل حكومة الــولايــات المـتـحـدة، هـنـاك دعـــوات متصاعدة لضربات وقائية، لا سيما وسط التوترات المتسارعة مــع إســرائــيــل. أصـبـحـت بــراعــة إيــــران التقنية الآن لا رجعة عنها، وبنيتها التحتية النووية أكبر مرونة، فالتشتت والقدرة على تقليل إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية يزيدان من مخاطر الانتشار. مــــن جـــهـــة أخـــــــرى، حــــث رئـــيـــس لــجــنــة الـــشـــؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي، مايكل مكول، وأعــضــاء آخــــرون، وزيـــر الـخـارجـيـة أنـتـونـي بلينكن، عـلـى إنــهــاء الإعـــفـــاءات مــن الـعـقـوبـات عـلـى الـتـعـاون الــــنــــووي مــــع إيــــــــران. يـــجـــادلـــون بـــــأن اســـتـــمـــرار هـــذه الإعـــفـــاءات يـقـوض «عـــدم الانــتــشــار» والأمــــن القومي فـــي الـــولايـــات المــتــحــدة، فَــــــدُون الإعــــفــــاءات، يـمـكـن أن تواجه إيران صعوبات أكبر في النهوض ببرنامجها الـــنـــووي؛ لأنـهــا سـتُـحـرم مــن المـــــوارد والـــدعـــم التقني الخارجيّي اللذين تستفيد منهما حاليا. على كـلّ؛ كـان أول نشاط دبلوماسي يجريه الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان هو بحث الاتفاق النووي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. تخصيب اليورانيوم في إيران على قدم وساق OPINION الرأي 13 Issue 16683 - العدد Thursday - 2024/8/1 الخميس نبيل عمرو ا ن أ ا م و Ghassan Charbel ‚ ا ƒ „ ر † ‡ ن ˆ‰ ƒ „ و ر ˆ ‚ ا ا روس ‹ †Œ ز ƒ د ا ’ Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ ª« ¬ˆ أ ١٩78 ª« ¬ˆ أ ا ن أ ا م و Ghassan Charbel ‚ ا ƒ „ ر † ‡ ن ˆ‰ ƒ „ و ر ˆ ‚ ا ا روس ‹ †Œ ز ƒ د ا ’ Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ ª« ¬ˆ أ ١٩78 ª« ¬ˆ أ ا ن أ ا م و Ghassan Charbel ‚ ا ƒ „ ر † ‡ ن ˆ‰ ƒ „ و ر ˆ ‚ ا ا روس ‹ †Œ ز ƒ د ا ’ Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١ ٨٧ ª« ¬ˆ أ ١٩78 ª« ¬ˆ أ ا ن أ ا م و Ghassan Charbel ‚ ا ƒ „ ر † ‡ ن ˆ‰ ƒ „ و ر ˆ ‚ ا ا روس ‹ †Œ ز ƒ د ا ’ Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ ª« ¬ˆ أ ١٩78 ª« ¬ˆ أ ا ن أ ا م و Ghas an Charbel ‚ ا ƒ „ ر † ‡ ن ˆ‰ ƒ „ و ر ˆ ‚ ا ا روس ‹ †Œ ز ƒ د ا ’ Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidro s Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ ª« ¬ˆ أ ١٩78 ª« ¬ˆ أ ا ن أ ا م و Ghassan Charbel ‚ ا ƒ „ ر † ‡ ن ˆ‰ ƒ „ و ر ˆ ‚ ا ا روس ‹ †Œ ز ƒ د ا ’ Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zai Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ ª« ¬ˆ أ ١٩78 ª« ¬ˆ أ ا ن أ ا م و Gha san Charbel ‚ ا ƒ „ ر † ‡ ن ˆ‰ ƒ „ و ر ˆ ‚ ا ا روس ‹ †Œ ز ƒ د ا ’ Editor-in-Chief A istants Editor-in-Chief Aidr os Abdula iz Zaid Bin Kami S ud Al Rayes ١٩٨٧ ª« ¬ˆ أ ١٩78 ª« ¬ˆ أ الرئيس التنفيذي جماناراشد الراشد CEO Jomana Rashid Alrashid نائبا رئيس التحرير زيد بن كمي ssistant Editor-in-Chief Deputy Editor-in-Chief Zaid Bin Kami مساعدا ئي التحرير محمد هاني Mohamed Hani هدى الحسيني إســمــاعــيــل هــنــيــة كــــان يـــــدرك أنّـــــه عــلــى رأس قــائــمــة المـــوســـاد لتصفيته، رغـــم أنّ الإسـرائـيـلـيـن يـعـلـمـون أن لاعــ قــة لــه بهجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول). هنية لسنوات لم يكن على وفاق مع السنوار، وقيادة حماس الحالية، وتمّ إقصاؤه من قيادة الحركة .2017 حتى 2006 التي تولى رئاستها من عام يحيى السنوار الذي جاء من سجونِ إسرائيل، وكان قد أمضَى فيها عشرين عاما، كسب ثقةَ المجموعة العسكرية في التنظيم. من خلالهم سيطر على القيادةِ وفاز في انتخاباتها، وعمل على إبعادِ هنية ورجالاته، الذي اتّهمه بالتخاذل وتغليب الحلول السياسية والسير مع الضغوط الإقليمية. وهــذا لا يضع هنية فـي تـاريـخ القضية على أنّــه مـن الحمائم ودعاة السلام، لكنه عرف بأنه أكثرُ براغماتية وأقلُ مغامرة. وحتى فـي مـفـاوضـات الــدوحــة خــ ل الأشـهـر المـاضـيـة، خــ ل السعي لحل يـنـهـي حـــرب غــــزة، حــــاول هـنـيـة وفــشــل فـــي الـضـغـط عـلـى الـسـنـوار الذي قوّض كلّ ما عمل عليه وحققه هنية في أشهر من المفاوضات الصعبة. إذن لماذا اغتاله الإسرائيليون؟ اغتيل لأنّـه رئيس حركة «حـمـاس» وأكـثـرُ قادتها شهرة. ولو نجح هنية قبل بضعة أشـهـر فـي وقــف الـحـرب وفــق الاتــفــاق الـذي كانَ المتفاوضون يسعون إليه لربما حقن دماء آلاف الفلسطينيي، وهنية واحد منهم. الــتّــخــلــصُ مـنـه يــخــدم المـتـطـرفـن داخــــل «حـــمـــاس»، وبـالـطـبـع حكومة نتنياهو، التي حقّقت أحد أهم وعودها، وهو القضاء على قادة «حماس»، حتى لو لم تستطع الإمساك بالسنوار. مستقبل «حماس» قضى عليه نتنياهو والسنوار، وأصبحت الـحـركـة وكــذلــك قــطــاع غـــزة ضـحـيـة لـحـسـابـات المـتـطـرفـن، ومعهم طهران التي قـرّرت في أواخـر العام الماضي أن تجرّبَ تغييرَ قواعد اللعبة الفلسطينية ومنع قطار المصالحات الإقليمية. جـاء الثمن مكلفا لكل من إسرائيل وإيران، والثمن الأعلى دفعه الفلسطينيون، وهنية واحد من نحو أربعي ألفا حتى الآن. قـــد يــســتــغــرب الـــبـــعـــضُ أنّـــنـــا نـــرثـــي هــنــيــة بــعــد أن كـــنّـــا نكيل لــه الاتـــهـــامـــات، وهــــذا صـحـيـح ووقــــع تـمـامـا مــا كــنّــا نـخـشـاه. هنية وجمهور «حماس» استمروا يراهنون على أنّ طهران ومشروعَها السياسي سيحققان لهم مـشـروع الــدولــة الفلسطينية، مـن خلال سـيـاسـة الـضـغـط الـعـسـكـري الـتـي تنتهجها طــهــران عـبـر شبكتها الواسعة من الوكلاء. هذا السراب لم يحقق سوى مزيد من الخسائر المخيفة والتراجعات لصالح إسرائيل. مع هذا نعلم أنّ هنية، بخلاف الــســنــوار، بحكم خـبـرتـه السياسية كـــان الـــقـــادرَ عـلـى تغيير مسار الـحـركـة واسـتـغـ ل الأزمــــة للتوصل إلـــى حـــل، ربـمـا أبـعـد مــن وقـف إطلاق النار وحتى أبعد من غزة نفسها. هـــذا الـفـشـل الـسـيـاسـي والـــفـــرص الـضـائـعـة والأرواح البريئة المفقودة لا يمكن تبريرها، ليس لنا سوى أن ندعو لهنية بالرحمة، وأن يــعــوّض الفلسطينيي بـقـيـادة رشــيــدة تـنـقـذ هـــذا الـشـعـب من التجبّر الإسرائيلي والغوغائية العربية والاستغلال الإقليمي. هنية ضحية للسنوار عبد الرحمن الراشد

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky