issue16683

OPINION الرأي 12 Issue 16683 - العدد Thursday - 2024/8/1 الخميس وكيل التوزيع وكيل الاشتراكات الوكيل الإعلاني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] المركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 المركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى الإمارات: شركة الامارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 المدينة المنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب الأولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية الموجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها المسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة لمحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي بالمعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com استغلال الأولمبياد حتماً، جاءت النتائج عكسية... ورغم إحــــســــاس الـــقـــيّـــمـــن عـــلـــى تــنــظــيــم الـــعـــرض ، المثير 2024 الفني لافتتاح أولمبياد باريس للجدل، بالزهو والانتصار، فإنّ هذا الحفلَ تسبب فـي أذى بـالـغ، وقـــدّم خـدمـة مجّانية لليمي المتطرف والمتشددين في كل مكان، على عكس ما كان يتمناه أصحاب المشروع. لـــم يُـــخـــفِ المـــديـــر الــفــنــي تـــومـــا جــولــي، أنّـــــه اســتــفــاد مـــن الــفــرصــة الـــتـــي سـنـحـت له (وهـــي حتماً ذهـبـيـة)، ومـــن فسحة الحرية التي يمنحه إياها القانون الفرنسي، وهي فـــضـــفـــاضـــة، لـــيـــقـــدّم «الــــحــــب عـــلـــى أنــــواعــــه» و«الـــتـــعـــدديـــة» الــتــي تـعـكـس قـيـم مجتمعه. وفـــــي رأيـــــــه كـــمـــا وُجـــــــد فــــي الــــعــــرض بـيـض وســود، ورجــال ونـسـاء، ونحاف وبدينون، كذلك هناك في المجتمع متحولون ومثليون، ويجب أن يكونوا جميعاً حاضرين، كي لا يُستثنى أحد، كنوع من رفض الإقصاء. لكنّ الـسـيـد جــولــي، الــــذي نـعـتـرف لــه بعبقريته الإبداعية الاستثنائية، فاته أن المبالغة تجرّ مثيلتها، والاسـتـفـزاز أقصر وسيلة لإثــارة الرأيضدك، وتوحيد المختلفي وتجييشهم لمحاربتك. فــــاضــــت كـــــــأس مـــجـــمـــوعـــة وازنــــــــــة مــن الجمهور بالجرعات المتتالية التي قدمها. ولـــو أنـــه اكـتـفـى بـبـعـض الـتـلـمـيـحـات، لمـــرّت مخططاته بسلام، لكنه سقط حي استفاد أيضاً، وهـو الـذي يحب انتهاز الفرص، من واحـدة من أشهر اللوحات الفنية، وأكثرها تــــأثــــيــــراً فـــــي المـــســـيـــحـــيـــن، وهــــــي «الـــعـــشـــاء الأخـــــيـــــر»، لــيــحــمّــلــهــا رغـــبـــاتـــه، وتــمــنــيــاتــه، والبعض قـال إنـه سخر، واستهزأ بملايي المسيحيي، حتى قامت الدنيا ولم تقعد. لم تنفع كل التبريرات بـأنّ القصد هو تـمـثـيـل عــيــد وثـــنـــي، لإلــــه الــخــمــر الإغــريــقــي ديونيسوس أو باخوس، فما رآه الناس، هو ذاك «العشاء الأخير»، المستوحى من لوحة لـيـونـاردو دافـنـشـي، بتفاصيلها وألـوانـهـا، وروحها... وللجمهور الكلمة الفصل. ومـع أنّ الفرنسيي لا يـزالـون يركزون عـــلـــى الـــنـــجـــاح الـــبـــاهـــر الــــــذي حـــقـــقـــوه، فــــإنّ الــلــجــنــة المـــنـــظّـــمـــة اضــــطــــرت إلـــــى الاعــــتــــذار. والمغني فيليب كاترين، الذي رأيناه مطلياً بـــــــــالأزرق، وشـــبـــه عـــــــارٍ، طـــلـــب الـــســـمـــاح، لـو تسبب فــي أذى للمتديني مــن دون قصد، لأن الدين المسيحي يقوم على المغفرة. علماً بـأنـه قبل الاعـتـراضــات، كــان يتحدث بفخر عن دوره، معتبراً أننا جئنا عراة وسنذهب كـــذلـــك، والــــعــــاري مــســالــم لأنّـــــه لا يستطيع إخفاء سلاح. وزاد الطي بلّة حي تم إقحام طفل بـن المتحولي والمثليي، ليبدو الأمـر في غاية الغرابة. أمــا منسّقة الموسيقى بـربـاره بوتش، الـتـي كـانـت تتوسط مشهد الـلـوحـة، وعلى رأســــهــــا الـــــتـــــاج، ورســــمــــت بـــيـــديـــهـــا الــقــلــب، فــتــشــتــكــي مــــن تــلــقــيــهــا تــــهــــديــــدات مــعــاديــة للسامية لأنّها يهودية، وأخرى لأنّها مثلية، ومن تنمّر بسبب البدانة، لمجرد أنّها مثّلت بـــ دهـــا بـتـنـوعـهـا وفــنـــونـــهـــا، ولـــجـــأت إلــى القضاء لمعاقبة من يتجرأ عليها. فـــنـــانـــو الـــــعـــــرض، بـــســـبـــب مـــغـــالاتـــهـــم، اسـتـثـاروا تطرفاً أكـبـر مـنـه، وفشلوا فـي أن يـوحـوا للمتفرجي بالتسامح والتعايش، ولــــربــــمــــا أرادوا شـــيـــئـــ لـــكـــنـــهـــم حــــصــــدوا غيره. فلو راقـبـتَ ردود الفعل على انقطاع الـكـهـربـاء فــي بـعـض مـنـاطـق بــاريــس، الــذي لم يدم سوى بضع دقائق، في اليوم التالي لـلـعـرض، لَـهـالَـك كـــمّ الـشـمـاتـة الـتـي تـعـرّض لها الفرنسيون، والكراهية، والتشفي، من أميركيي وإسبان وإيطاليي. وتــرددت في تعليقات الـشـامـتـن، عــبــارات مـثـل «صفعة الـرب لم تتأخر»، و«التطاول وجد جـزاءه»، أو «إنه عقاب السماء». حتى رئيس مجلس الـنـواب الأميركي مــايــك جــونــســون، تــدخّــل ووصــــف مــا حـدث بـــ«الــســخــريــة المـهـيـنـة لـلـمـسـيـحـيـن فـــي كل العالم». ورئيسمسلم مثل التركي إردوغان، هدد بأنه سيتصل بالبابا ليشتكي «من قلة الأخلاق المرتكَبة تجاه العالم المسيحي». من أجل «نشر التسامح»، وهذا ما قاله الفنانون، فُتح صـنـدوق الكراهية والنقمة على مـن أراد جـولـي الــدفــاع عنهم. أُعطيت له باريس بكنوزها من اللوفر إلى نوتردام، وبــــرج إيــفــل بـبـهـائـه، وجـــادّاتـــهـــا العظيمة، وجـــســـورهـــا الــــســــاحــــرة، ونـــهـــرهـــا الــــدفّــــاق، مسرحاً بطول ستة كيلومترات من الجمال، ليحلّق بخياله ويبتكر مـا لـم تــره عـن من قبل. وقد فعل، وأذهل وسحر، وركّب «بَزِلاً» حيّاً مثيراً، مستخدماً الأسطح والعمارات وبهاء العمران. غــرقــنــا فـــي مـتـعـة المـــشـــاهـــدة. كـثـيـرون انـشـغـلـوا عــن الـنـسـاء المـلـتـحـيـات، والــرجــال بـالـفـسـاتـن، لــكــنّ ثـمـة مـــن رأى شـيـئـ آخـــر، وصوّره، وحلّله، وشعر بالمهانة. وهـــــــــؤلاء هـــــم بـــيـــت الـــقـــصـــيـــد. فـــشـــرط الــعــروض الفنية الأولمـبـيـة أن تــراعــي مــذاق غـــالـــبـــيـــة الــــــنــــــاس، ولـــــيـــــس أقــــلــــيــــة بــيــنـــهــم، وأن تـــنـــأى بـنـفـسـهـا عـــن الآيـــديـــولـــوجـــيـــات، والـرسـائـل السياسية. الـريـاضـة تجمع ولا تُــفــرّق، ويُـفـتـرض أن تبعث المحبة والـفـرح، لا أن تكون محركاً لبث الضغائن والأحقاد، التي شبعنا منها في يومياتنا الكالحة. كلام لم يكن له من مبرر لو أن المسألة قـد انقضت. لـكـنّ السيد جـولـي نفسه الـذي يحب اقتناص المناسبات للترويج لأفكاره، ســـيـــكـــون هــــو المــــشــــرف كــــذلــــك عـــلـــى الــحــفــل الختامي، الذي اختار له أن يحلّق في تصور المــســتــقــبــل. عــنــدهــا تـــقـــول لــنــفــســك: إن كــان الــعــرض المـسـتـوحـى مــن الــتــاريــخ قــد أنجب ما رأينا وسمعنا، فما الذي سيأتي به عمل يستقرئ ما لم يأتِ بعد؟ شرط العروض الفنية الأولمبية أن تراعي مذاقَ غالبية الناس سوسن الأبطح حداثة تلبسعباءة التقاليد تعقيباً على حديث الأسبوع الماضي حـول تطبيقات الـحـداثـة الـتـي بـاتـت جـــزءاً مــن حياتنا الـيـومـيـة، قـــال أحـد الزملاء إنّ السلوك العقلاني في المجالات التي ذكرنا أمثلة عنها، أداة مـحـدودة الأثـــر. ومـقـصـودُه أنّ المجتمعَ يعيش فـي ظـلّ الحداثة ويمارسها؛ لكن مـن دون أن تُغيّرَ بنيتَه الذهنية التقليدية. هـــذا مـــثـــالٌ عـــن إشـــكـــالات رائـــجـــة تُـــطـــرح فـــي سـيـاقـات متفاوتة. وهي تشير إلى مشكلتي، أظنهما مصدرَ التباين فـي آراء الـنـاس ومـواقـفِـهـم حـيـال الـحـداثـة. المشكلة الأولــى هي المسافة بي ثقافتِنا المـوروثـة وبـن المضمون الثقافي للحداثة، المخالف لما ورثـنـاه وألفناه. أمـا المشكلة الثانية فتتعلّق بما يبدو مساراً أحادياً لا خيارَ فيه: إما الحداثة وإما العيش على هامش العصر. سوف أتعرّض لهاتي المشكلتي في السطور التالية. لكن يهمني أولاً التأكيد على ما سبق أن طرحتُه، وهو أنّ الحداثة ليست قصراً على النتاج الأدبي؛ بل يسعني القول إنّ أبـرزَ تجلياتِها تقع في الحياة المادية اليومية، وذكرتُ مـن بـن جوانبها الـسـوق والتعليم والصحة، وأحـسـب أن هذه القطاعات تشكل الجانب الرئيسي من الحركة اليومية للفكر والـبـشـر والمــــال، فـي أي مجتمع فـي شــرق الـعـالـم أو غربه. صحيح أن الحداثة ما زالــت غير مكتملة، إلا أن ما نـراه من تطبيقاتها التي تـزداد يوماً بعد يـوم، يؤكد على نـحـو قــاطــع أنــهــا بــاتــت سـمـة رئـيـسـيـة لـحـيـاتـنـا الـيـومـيـة وتفكيرنا في المستقبل. بــالــعــودة إلـــى المـشـكـل الأول الــــذي زعـــمــتُ أنـــه مـصـدر للتباين فــي مــواقــف الــنــاس تـجـاه الــحــداثــة، فـالـواضـح أن كــل مجتمع يتخذ مـوقـف المتشكك تـجـاه أي وافـــد جـديـد؛ خصوصاً لو رآه معارضاً لمألوفه الحياتي أو الثقافي، أو العناصر المؤلّفة لهويته. وقـد ذكـــرتُ فـي حديث الأسبوع المـاضـي أن العقل هـو مـحـور الـحـداثـة، ونـتـاجـه -أي العلم البشري- هو مصدر شرعية الأفعال، ومعيار التمايز بي ما يصنّفصحيحاً وما يصنّف خطأ أو فاسداً. ثم إنّ الحداثة لا تقيم وزنــ للماضي؛ بـل تعدّ فعل الإنـسـان فـي حاضره موضوعاً وحيداً للنقاش والتقييم، وأن قيمته مرتبطة بما ينتج عنه الآن، أو ما يترتب عليه في المستقبل. الماضي –في الثقافة الحداثية- مخزن للمعرفة، يرجع الإنسان إليه إن شاء، يعمل فيه من أجل معرفة أدق وأعلى، مرتبطة بزمنها الــراهــن. بـعـبـارة أخـــرى فـإنـه ليس للزمن سلطة فوق العقل، كما أن الماضي على وجه الخصوص لا يتمتع بأولوية أو فوقية على الحاضر. بل العكس تماماً هو الصحيح، فقد يكون العلم نتاجاً صرفاً للحاضر، أو قد يكون امتداداً متطوراً عن علم بدأ في الماضي ولم يكتمل. في كلتا الحالتي، فإن علم الحاضر أعلى قيمة من نظيره القديم. هـذه الفكرة -أي غلبة الجديد على القديم في القيمة والاعـتـبـار- أقــوى مـن أن تـقـاوم؛ لأن الـنـاس يــرون ثمراتها الواقعية. وهــذا بالضبط هو سر المشكل الثاني، أي كون الـحـداثـة طريقاً جبرياً لا خـيـار فـيـه. هــذه مشكلة عسيرة فعلاً؛ لكننا لا نملك خياراتٍ إزاءها. إن اعتزال العالم ليس خياراً. وقد ابتُلينا خلال نصف القرن المنصرم بطائفة من الـنـاس اتـخـذوا التخويفَ مـن الـحـداثـة عـمـً يومياً، حتى ترسخت قناعة لـدى شريحة واسـعـة مـن الـنـاس، فحواها أن تقبّل الحداثة يعني تسهيل هيمنة الغرب وزوال الدين والهوية. هذا الخطاب الذي جرى تسويقه على نطاق واسع جـــداً، زرع مــا يمكن وصـفـه بـعـقـدة ذنـــب فــي أنـفـس الـنـاس الــذيــن يــــرون بعقولهم فـضـائـل الــحــداثــة؛ لكنهم يخشون ارتكاب الخطيئة. ربـمـا لـهـذا السبب نــرى مـن الـشـائـع فـي مجتمعنا أن يـعـيـش الــنــاس حقيقة الــحــداثــة ويـمـارسـونـهـا كــل سـاعـة؛ لكنهم يُلبسونها عباءة التقاليد. هذا لا يعني أنّ ذهنيتهم غارقة في التقليد، كل ما في الأمر أن الحداثة ما زالت غير مكتملة، وليست –بعد– خطاباً مهيمناً. غلبة الجديد على القديم في القيمة والاعتبار أقوى من أن تقاوم توفيق السيف حال الفتىخراشالذي يشبه حال ترمب يــبــدو الــرئــيــس الأمــيــركــي الــســابــق دونـــالـــد تـــرمـــب، وهـو يخوض معركته في السباق إلى البيت الأبيض، وكأنه الفتى خراش في بيت الشعر القديم. ذلك أن ترمب بدأ معركته مطمئناً إلى أنه يخوضها مع الرئيس جو بايدن بمفرده، وأنـه صيد سهل، وأن الفوز عليه سـوف يكون أمـراً ميسوراً، ولـن يتطلب منه كثيراً من الجهد، ، وإذا 2020 ليس هو بايدن في سباق 2024 فبايدن في سباق كـان قد اقتنص المكتب البيضاوي في السباق المنقضي، فلن يقتنصه هذه المرة مهما حاول. كان ذلك لا يخلو من وجاهة منطقية خلال مرحلة زمنية بعينها، وكان جائزاً إلى ما قبل الحادي والعشرين من يوليو (تــمــوز) الـــذي أعـلـن فـيـه بــايــدن انـسـحـابـه مــن الـسـبـاق لصالح نـائـبـتـه كـــامـــالا هـــاريـــس، ولـــكـــن الـــشـــيء نـفـسـه لـــم يــعــد جــائــزاً بـعـد الانــســحــاب؛ لأن مــا كـــان قـائـمـ فــي المـعـركـة بــن الـحـزبـن الديمقراطي والجمهوري قبل ذلك اليوم، لا يمكن القول إنه هو نفسه قائم بعده، وإلـى أن يجري حسم الأمـر في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. قبل يوم الانسحاب، كان ترمب مرشح الحزب الجمهوري يـواجـه بـايـدن مرشح الـحـزب الديمقراطي، رأســ بـــرأس، وكـان يرى هزيمته سهلة وممكنة، وكانت استطلاعات الرأي ترسخ هـذا الظن عنده، كما أن الصخب الـذي يمارسه في كل مؤتمر انـتـخـابـي يـذهـب إلـيـه كـــان يــزيّــن لــه ذلـــك ويـجـمّـلـه فــي عينيه، وكانت الحالة الصحية لمرشح الحزب الديمقراطي وعثراته في الحركة وفي الحديث تغذي الشعور بالنصر المؤكد لدى المرشح الجمهوري. ولكن ما إن تسلّمت هاريس راية السباق من بايدن، حتى بدا الأمـر وكـأن ملامح المعركة قد تبدلت، أو كأن ترمب أصبح عليه أن يعيد حساباته ويراجع نفسه فيما عاش يظن ويعتقد. صـــحـــيـــح أن كـــــامـــــالا لـــــم تـــحـــصـــل عــــلــــى تــــزكــــيــــة الــــحــــزب الديمقراطي رسمياً بعد، وصحيح أن ذلك مؤجل إلى التاسع عشر من هذا الشهر، ولكن المسألة لن تختلف كثيراً بالنسبة لترمب، سواء كانت هي التي حصلت على تزكية الحزب، كما هو متوقع مما نراه من شواهد أمامنا، أو قرر الديمقراطيون الــدفــع بـمـرشـح آخـــر فــي مـكـانـهـا، فـفـي الـحـالـتـن يتبي لـنـا أن الــديــمــقــراطــيــن يـــحـــشـــدون ويـــحـــتـــشـــدون فـــي مـــواجـــهـــة تـرمـب بالذات، كما لم يحشدوا أو يحتشدوا من قبل. فـمـنـذ الـلـحـظـة الــتــي انـسـحـب فـيـهـا بـــايـــدن، ظـهـر لمرشح الحزب الجمهوري أنه لا يواجه كامالا وحدها، ولكنه يواجه معها ثلاثة من قـادة الحزب الديمقراطي ورمـــوزه، وجميعهم يـــدخـــلـــون المـــعـــركـــة وهُـــــــم عـــلـــى يـــقـــن مــــن أن هـــزيـــمـــة المـــرشـــح الجمهوري فرض عي على كل واحد فيهم، بقدر ما هي فرض كفاية على الديمقراطيي من أولهم إلى آخرهم. يواجه ترمب الرئيس بايدن رغم انسحابه؛ لأن الرئيس لــن يـنـسـى أن احـتـفـال الـجـمـهـوريـن بـعـثـرات الـحـركـة والــكــ م عنده، كان في مقدمة الأسباب التي أدت إلى الانسحاب، وهذا سبب يكفي وحـده ليقاتل بايدن مع المرشح الـذي سيأتي في مكانه، كما كان سيقاتل لنفسه وأكثر. ويـواجـه ترمب نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الـسـابـقـة الــتــي تــعــاديــه كـمـا لا تــعــادي سـيـاسـيـ فــي الــولايــات المـتـحـدة كلها، ولــو شئنا لرجعنا إلــى الــصــورة الشهيرة لها وهي تستقبله ليلقي خطاباً في المجلس، وقت أن كان في البيت الأبيض. فالصورة كاشفة إلى حد بعيد، وفيها تبدو بيلوسي وهـي تكيد للرئيس بحركة من يديها كانت في غاية الغرابة والعجب، وكانت أقرب ما تكون إلى حركات «سيدات الحواري» الـ تـي يستخدمن مـن حـركـات الـيـد وبقية أعـضـاء الجسم ما ينال من اعتبار الخصم على مرأى من أهل الحارة! ويــواجــه تـرمـب بــــاراك أوبــامــا الـــذي أعـلـن تـأيـيـد هـاريـس يدعو شخصياً لبايدن، 2020 صـراحـة، والــذي كـان في سباق وكــــــان يــفــعــل ذلـــــك وكــــأنــــه يـــدعـــو لــنــفــســه. كـــنـــا وقـــتـــهـــا نـتـابـع الــفــيــديــوهــات الـــتـــي تـــصـــوره وهــــو يـتـصـل بــــأرقــــام تـلـيـفـونـيـة عشوائياً، فإذا رد أصحابها أخبرهم أنه أوباما، وأنه يدعوهم إلى أن يصوتوا لصالح بايدن لا ترمب. سوف يكون على ترمب وهو يواجه هاريس، أو أي مرشح ديمقراطي آخــر فـي مكانها، أن يـواجـه معها أو مـعـه: بـايـدن، وبيلوسي، وأوبـامـا. وفـي المقابل لا يبدو أن أيـ من القيادات المماثلة في الحزب الجمهوري تؤيد ترمب، أو تزكيه، أو تقف إلـــى جــــــواره. فـهـو يـقـف وحـــيـــداً، ويـــخـــوض مـعـركـتـه بــصــدره، ويـتـطـلـع إلـــى الـجـبـهـة المـقـابـلـة، فــــإذا بــه أمــــام أربــعــة مــن رمــوز الديمقراطيي، وإذا بكل واحد منهم يتصرف كأنه هو المرشح لا سواه! فــــإذا أضـفـنـا إلـــى هــــؤلاء كـلـهـم، أن الـرئـيـس الـسـابـق بيل كلينتون أعلن هو وزوجته هيلاري تأييدهما لهاريس، تبي لنا أن الحزب الديمقراطي يحشد بكل ما يستطيع لإبعاد ترمب عن البيت الأبيض. أما ترمب نفسه فيبدو وكأنه الفتى خراش الذي خرج يوماً يصطاد الظباء فوجدها كثيرة، إلى درجة أنه لم يعرف أيها يصطاد وأيها يترك، ومن يومها قيل عنه وعن كل فتى يقف في موقف مشابه ما يلي: تكاثرت الظباء على خراش... فما يدري خراش ما يصيدُ! ولكن ترمب يقف في الموقف المعاكس للفتى خراش طبعاً؛ لأن الخصوم في الحزب الديمقراطي هُم الذين يتكاثرون عليه، وهُم الذين يتفننون في البحث عن الطريقة المثلى التي تضمن اصطياده في آخر السباق! الديمقراطيون يتفننون في البحثعن الطريقة المثلى التي تضمن اصطياد ترمب في آخر السباق سليمان جودة

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky