issue16681

5 تحقيق FEATURES Issue 16681 - العدد Tuesday - 2024/7/30 الثلاثاء ASHARQ AL-AWSAT الـــذي سيتحمل المـسـؤولـيـة. مسؤولية حياتك ومسؤولية حياة عائلتك. عندها أوعزنا إلى أحد الضباط بأن يطلق فـــــوق الـــقـــصـــر بـــضـــع طـلـقـات مدفعية. عندما سمع عارف دويّ القذائف أدرك أنــه لا مـجـال للمساومة فـبـادر إلى الاتصال هذه المرة للتفاوض على عملية الـتـسـلـيـم. عـنـدهـا ذهـبـت أنـــا وأنــــور عبد الــــقــــادر الــحــديــثــي إلــــى الـــبـــاب الـرئـيـسـي لـلـقـصـر. خـــرج عــــارف فـاصـطـحـبـنـاه في سيارة عسكرية صغيرة إلـى مقر كتيبة الدبابات. كــــان الـــرجـــل خــائــفــا ومـــرعـــوبـــا. راح يـــرتـــجـــف ويـــطـــلـــق كــــامــــا مـــبـــهـــمـــا. ربــمــا لــــم يـــكـــن واثــــقــــا أن ســـامـــتـــه مــضــمــونــة. عـامـلـنـاه بـاحـتـرام لـكـنّ موقفنا لــم يبدد قلقه. كنا قد اتفقنا سابقا على أن يغادر عـــارف الــبــاد، إذ لا حـاجـة إلـــى اعتقاله. وبانتظار تحضير الطائرة التي ستُقلّه إلى الخارج طرح اقتراحا بأخذه إلى بيت حــــردان الـتـكـريـتـي. قـــاد حــــردان الـسـيـارة وفي داخلها عارف وأنا. كان الرجل قلقا بالفعل. لم يصدق أن طائرته قيد التحضير. كان يعتقد أننا نقتاده إلى مكان ما لقتله. ولأنـنـي كنت مرتديا المـابـس العسكرية ومسلحا كان عارف يزداد قلقا كلما قمت بـــأي حــركــة عـــاديـــة. وعــلــى مـــدى الـطـريـق كـــان يـــردد مــا مـعـنـاه أنـــه ابـتُـلـي برئاسة الجمهورية وأنــه نــادم على قبولها. في النهاية أكدنا له أن سلمته مضمونة وأن باستطاعته أن يـأخـذ مـعـه عائلته وكـل ما يحتاج إليه. وهـذا ما حصل صباحا وأعتقد أن الطائرة أقلّته إلى تركيا. طـبـعـا فـــي بـــدايـــة الـعـمـلـيـة تـوجـهـت مجموعة واعتقلت رئيس الــوزراء طاهر يحيى من منزله وهكذا عاد (البعث) إلى السلطة ومن دون إراقة دماء». شجاعة صدام... وقسوته ســألــت الـعـلـي عــن ســلــوك صــــدام في تـلـك الــســاعــات فـــأجـــاب: «تـــصـــرف تماما كــمــا تـــصـــرف الآخـــــــرون؛ ارتـــــدى المــابــس العسكرية وحـمـل رشـاشـه أســـوةً بسائر أعضاء القيادة القطرية. إن عـمـلـنـا لإســـقـــاط صــــدام يـجـب ألا يدفعنا إلـى تزوير الوقائع. يمكن اليوم اتهام صـدام بأشياء كثيرة لكن لا يمكن القول إنه غير شجاع. صدام رجل اعتاد المواقف الصعبة. شجاعته لا تحتاج إلى دليل وقسوته كذلك. يجب هنا أن نتنبه إلى مسألة أن العمل الحزبي كان صعبا وشاقا وأن صـدام لم يكن في تلك الفترة نجما ولم يصادر القرار. أستطيع القول إنه كان حزبيا وملتزما قرارات الحزب». تسلم «البعث» السلطة لكنّ قيادته كانت تنظر إلى رئيس الحكومة النايف، ووزيـــر الــدفــاع الــــداود كجسمين غريبين قابلين للنفجار في أي لحظة. كانصلح عمر العلي شريكا في مكيدة القصر التي استهدفتهما، وهــا هـي روايــتــه: «عقدنا اجتماعا للقيادة القطرية لمراجعة بعض الــقــرارات التي اتخذناها سابقا وبينها قرار إزاحة النايف والداود. تحدث البكر، وقــال: اضطررنا إلـى إشــراك النايف لأنه اكتشف خطتنا وتخوفنا أن يتسبب في ذبـحـنـا إذا تـجـاهـلـنـاه. وعــدنــاه برئاسة الـــــــوزراء ونـــفّـــذنـــا الـــوعـــد، وهــــو لـــم يـغـدر بـنـا سـاعـة التنفيذ. حــ قــررنــا إشـراكـه قررنا أيضا إزاحته في أسـرع وقـت. لكن بين 1963 الـيـوم أريــد أن أقــول إن أحـــداث (الـــبـــعـــثـــيـــ ) والـــشـــيـــوعـــيـــ لا تــــــزال فـي ذاكـــرة الـنـاس بسبب مـا رافقها مـن سفك دماء. أخشى إذا أطحنا النايف اليوم أن نُتهَم بالغدر ويتعزز اقتناع الناس بأن الـتـصـفـيـات قـــادمـــة. مــــاذا لـــو اسـتـمـر في الــتــعــاون مـعـنـا؟ ومـــا الــــذي يــدعــونــا إلـى الإطاحة بـه؟ فلنعطه فرصة. كلنا لدينا أخطاء. أنا أقترح أن نستمر في التعاون وإذا وجدنا منه سلوكا مختلفا نقرر في حينه. وافقناه وبدأ النايف يمارس عمله رئيسا للوزراء. بـعـد أيـــام دعــانــا الـبـكـر إلـــى اجتماع طــــارئ لـلـقـيـادة الــقــطــريــة. قــــال: تــذكــرون جــيــداً مـــا قـلـتـه عـــن الــنــايــف فـــي اجـتـمـاع ســــابــــق. أنـــــا الآن أدعــــوكــــم أن تــتــحــركــوا وبــأســرع وقــت لـإطـاحـة بــه. سـألـنـاه عن الـــســـبـــب، فـــأشـــار إلــــى تـــقـــاريـــر تــفــيــد بــأن رئيس الـــوزراء الجديد يتحرك وبسرعة جـنـونـيـة لـإطــاحــة بـحـكـم الـــحـــزب. وقــال إن النايف اتصل بعسكريين لتجنيدهم ضــــد الــــحــــزب ولـــــم يـــكـــن يـــعـــرف بــانــتــمــاء بعضهم إلى «البعث». وأضـاف: أسرعوا يــا رفــــاق قـبـل أن يُـطـيـح بــنــا. هـــذا كــل ما أريد قوله وقبل أن يأتينا إلى هذه الغرفة ويذبحنا جميعا. سأغادر الآن. اجتمعوا وخططوا للخلص منه وأنا موافق على ما تقررون. في اليوم التالي، اجتمعنا في منزل صـــالـــح مـــهـــدي عـــمـــاش الـــــذي كــــان وزيــــراً للداخلية، وفـي غياب البكر، إذ تخوفنا مـــن أن يـطْـبـق الــنــايــف عـلـى الـجـمـيـع في مكان واحد. وضعنا الخطة واتفقنا على التنفيذ الذي أُوكل إلى اثنين، أنا وصدام. وكـــانـــت الــخــطــة تــقــضــي بــالــتــخــلــص من الـنـايـف والـــــداود، أي مــن رئـيـس الــــوزراء ووزير الدفاع. كـــانـــت لــديــنــا قــطــعــات عـسـكـريـة في الأردن. فــقــررنــا أن يــذهــب وزيــــر الــدفــاع إبـراهـيـم الــــداود لتفقدها على أن نرسل سـراً فـي الـوقـت نفسه أعـضـاء مـن المكتب العسكري فـي الـحـزب لاعتقاله وإرغـامـه عــلــى الـــتـــوجـــه إلــــى إســـبـــانـــيـــا. وفــــي هــذا الـــوقـــت نــنــفّــذ الـــشـــق الـــثـــانـــي مـــن الـخـطـة المتعلق بالنايف وبالتزامن مع ما يجري في الأردن. تــــمــــوز، أُلــــقــــي الـــقـــبـــض عـلـى 30 فــــي الـــداود وأُرســـل عنوة إلــى إسبانيا. وفي الـــوقـــت نــفــســه تـــم إنـــهـــاء قــصــة الــنــايــف. كــان مـن عـــادة رئـيـس الــــوزراء الجديد أن يـأتـي إلـــى الـقـصـر لـتـنـاول الـــغـــداء. وبعد الغداء يتوجه مع البكر إلى مكتب الأخير لـــتـــدارس بـعـضشـــؤون الـــدولـــة. فــي ذلـك الـــيـــوم وبـــعـــد الــــغــــداء، دخــــا إلــــى المـكـتـب وكـــــــان مـــعـــهـــمـــا صــــالــــح مــــهــــدي عـــمـــاش. ووفقا للخطة دخلتُ وصـدام وفي يد كل واحـد منا رشـاش وطلبنا من النايف أن يستسلم. في البداية كان شرسا وحاول أن يسحب مسدسه فلم يتمكن. بعدها راح يـــتـــوســـل ويـــــقـــــول: أنـــــا لـــــــديّ عــائــلــة وأطفال. كـــــان لا بــــد مــــن اســـتـــكـــمـــال الـتـنـفـيـذ سريعا. النايف عسكري ورئـيـس وزراء ولا بــد مــن إخـــراجـــه مــن الـقـصـر مــن دون لفت نظر حــراســه. أبلغناه بــأن عليه أن يخرج كأن شيئا لم يحدث وأننا سنقتله لــو أرســـل إلـــى مـرافـقـيـه والـعـسـكـريـ أي إشــــارة بــحــدوث شـــيء مـــا. صـعـد النايف إلـــى ســـيـــارة ورافـــقـــه صــــدام الــــذي كـــرر له أنه سيقتله إذا أبدى أي مقاومة. خرجت السيارة من باب خلفي للقصر واستسلم النايف لقدره وكانت الطائرة في انتظاره وغادر البلد إلى المغرب». مرارات الداود كان إبراهيم الداود يهرم مع المرارات حــــ الــتــقــيــتــه فــــي الـــــريـــــاض. أصــــــرّ عـلـى تـــمـــوز وقـــد 17 الــــقــــول: «أنــــــا قـــائـــد ثــــــورة سرقها (البعث) مني... كنت مسؤولاً عن أمن القصر ولو لم أُسقطه أنا ََا تجرأ أحد على الاقتراب». كـــان أحــمــد حـسـن الـبـكـر أســـتـــاذاً في نصب المكائد. خلل اجتماع للقيادة طرح اقــتــراحــا أن يتفقد وزيــــر الـــدفـــاع الـجـديـد الــقــوات الـعـراقـيـة الـتـي كـانـت مـرابـطـة في الأردن. أُعطي الداود طائرة رئاسية ورافقه وفد من الضباط. لم يخطر بباله أنه وقع فـي الـــشّـــرَك. قــال إنــه طلب طـائـرة للعودة فأُعطي طائرة صغيرة لكن بعد دخولها الأجـواء العراقية، قال الطيار إن طائرتين حـربـيـتـ تـــهـــددان بــإســقــاط الـــطـــائـــرة إن هبطت في بغداد. وهكذا هبطت الطائرة » في الأنبار. 3 في قاعدة «إتش مــن الــقــاعــدة حـمـلـت الــطــائــرة الــــداود إلى روما. استقبله السفير العراقي هناك، «وأبـــلـــغـــنـــي أنـــهـــم حــــجــــزوا لــــي فــــي فــنــدق ليوناردو دافنشي. لم يكن لديّ جواز سفر ولا مــال ولا بيجامة. وكـانـت التعليمات مـن بــغــداد: لا تعطوه جـــوازاً إلا إذا وافـق شهراً على 11 على العمل سفيراً. أمضيت هذه الحال وتحملت السفارة النفقات». بعد إلحاح من عائلته، وافـق الـداود على عرض الحكومة فتسلم جوازه وغادر إلــى مـدريـد سـفـيـراً. يـقـول: «بقيت سفيراً إلـــى أن قـتـلـوا أخـــي عـبـد الـــوهـــاب. بعثت ببرقية تقول إنني أرفض أن أكون سفيراً لحكومة خائنة عميلة يقودها اليهودي ميشال عفلق (مؤسس حزب البعث)». اسـتـفـسـرت مـنـه عــن مـابـسـات مقتل أخـيـه فــأجــاب: «كـــان أخـــي ضـابـطـا وعمل ســابــقــا مـــعـــاونـــا لـلـمـلـحـق الــعــســكــري في بــاكــســتــان. تــألــم مـــن قـصـتـي وغـــــدْر البكر والظلم الذي لحق بي. أُقيمت حفلة تخرج في كلية الأركان وكان أخي حاضراً. شَهَرَ مسدسه محاولاً اغتيال البكر فنام عليه المرافقون. اعتقلوه وعذّبوه وقتلوه. كان .»1971 ذلك في قال الداود إن البكر غدر به «كما غدر عبد الكريم قاسم بعبد السلم عارف الذي ». وروى أنــــه بعد 1958 كــــان قــائــد ثــــورة عودة «البعث» إلى السلطة رفض، كوزير لـلـدفـاع، طلبا عـرضـه عليه البكر لإعطاء مجموعة رتبة ضـابـط، وكــان اســم صـدام حسين بين تلك الأسماء. استسلم إبراهيم الــداود لمصيره في المــنــفــى لـــكـــنّ عــبــد الــــــرزاق الــنــايــف الــشــاب مـــع الـضـابـط 1969 لـــم يــفــعــل. شـــــارك فـــي الـــعـــراقـــي الـــصـــاخـــب عــبــد الــغــنــي الـــــراوي فــي إعــــداد عملية انـقـابـيـة بــدعــم إيــرانــي التقى خللها الرجلن الشاه محمد رضا بـهـلـوي. لـكـن الـنـايـف الــــذي أقـلـقـه «تـهـور الــــــراوي» انـسـحـب مــن الـخـطـة الــتــي نجح صــدام حسين فـي اختراقها. وبعد كشف المــــؤامــــرة قــضــت مـحـكـمـة عــراقــيــة بـــإعـــدام الراوي والنايف. لــــم يــغــفــر صــــــدام لــلــنــايــف مــحــاولــتــه الــتــآمــر لإطــاحــة نــظــام «الــبــعــث». تـعـرّض لمـــحـــاولـــة اغـــتـــيـــال فـي 1972 الـــنـــايـــف فــــي لــــنــــدن أُصــــيــــبــــت خـــالـــهـــا زوجـــــتـــــه. لـكـنـه يوليو 9 سيلتقي فـي فندق فـي لندن فـي مـــســـؤولاً عـراقـيـا تــقــول عـائـلـتـه إنـه 1978 سعدون شاكر الذي تولى إدارة المخابرات الـعـراقـيـة ولاحــقــا حقيبة الـداخـلـيـة. ودّع المسؤول النايف الذي قُتل برصاص شاب كـــان ينتظر أمــــام مــدخــل الــفــنــدق. وغـــادر «المسؤول العراقي» آمنا إلى بغداد. أثـــارت قصة النايف المثيرة فضولي الصحافي. زرت عائلته وتكرمت أرملته بــاســتــقــبــالــي. فــتــشـت فـــي حــقــائــب تـركـهـا وتـــحـــدثـــت إلـــــى نــجــلــه عـــلـــي. أكـــــد عــلــي أن البكر نصب الفخ لوالده وألح عليه لتناول الغداء قائلً: «لدينا غـزال ولحم الغزال لا يُفوّت». وقال إن صدام المسلح هدده بجعل أولاده أيتاما إن فكر في المقاومة ورافقه في السيارة حتى المطار. وكشف عن أن والده استقبل خــال إقـامـتـه فـي عـمـان بضيافة الملك حسين زائراً عراقيا، هو طارق عزيز، مـلـيـون دولار فــي مقابل 40 عـــرض عـلـيـه الامتناع عن أي نشاط سياسي. ليس من الحكمة في شيء أن ترفض عرضا قاطعا وسخيا وأخيراً حين يقدمه رجـــــل اســـمـــه صــــــدام حـــســـ . والـــدلـــيـــل أن رصاصة صدام طـاردت النايف طويلً ثم أدركته. 1968 يوليو 17 النايفمترئساً أول اجتماع للحكومة بعد عبد الرحمن عارف يصافحضابطاً من الحرسالجمهوري وبينهما الداود صلاح عمر العلي سقط الداود > في مكيدة فاعتُقل في الأردن ودُفع إلى المنفى صدام شاهراً سلاحه: > لديك أولاد فلا تجعلهم أيتاماً ضباط يؤدون التحية العسكرية للنايفقبل إطاحته

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky