issue16681

OPINION الرأي 12 Issue 16681 - العدد Tuesday - 2024/7/30 الثلاثاء وكيل التوزيع وكيل الاشتراكات الوكيل الإعلاني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] المركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 المركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى الإمارات: شركة الامارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 المدينة المنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب الأولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية الموجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها المسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة لمحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي بالمعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com رئاسة كامالا هاريس مشكلة دولية أياً يكن الفائز في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، بعد خـــروج الـرئـيـس جو بايدن من السباق، إنما يعلن انطلاق حقبة رئـــاســـيـــة جـــديـــدة تـــمـــامـــ .‏فـــكـــامـــالا هــاريــس ودونــــالــــد تـــرمـــب،‏كـــل لأســـبـــابـــه وخـلـفـيـاتـه، مرشحان غير عـاديـن. تمثل هـاريـس، على نــحــو أدق مـــن بـــايـــدن، الــتــيــار الــتــقــدمــي في الحزب الديمقراطي، في حي يختزل ترمب نــقــطــة تـــحـــول كــبــيــرة فـــي تـــوجـــهـــات الــحــزب الجمهوري، تميل إلـى المحافظة السياسية والأخـــ قـــيـــة وفـــائـــض الــوطــنــيــة الأمــيــركــيــة. ولأن انــتــخــابــات مـــن هــــذا الـــنـــوع يــتــقــرر في ضـوء نتائجها الكثير من مصائر القضايا والملفات في العالم، فهي تسلط الضوء على عـيـب رافــــق الـديـمـقـراطـيـة الأمــيــركــيــة بـتـنـامٍ مـطـرد مـنـذ منتصف الــقــرن الـعـشـريـن. فهي الانتخابات الأكثر ديمقراطية داخـل أميركا والأقــل ديمقراطية بالنسبة لبقية الكوكب، مليون أميركي فقط سيقررون 250 لأن نحو هوية الرئيس المقبل، الـذي إلى جانب كونه رئــيــس أمــيــركــا والأمـــيـــركـــيـــن، فــهــو أو هــي، رئيس العالم برمته أيضاً. وعـــلـــيـــه، هــــل الأولـــــويـــــة هــــي لـتـسـجـيـل سبق هوياتي في الانتخابات الرئاسية عبر إيصال أول امرأة من أصول هجينة أفريقية وآســيــويــة، أم الأولـــويـــة لإيــصــال مــن يتمتع بكفاءة قيادية لمعالجة التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية على الصعيد العالمي؟ ‏لا يمكن الزعم بسهولة الإجابة عن هذا الـسـؤال، لا سيما أن كل السياسة في نهاية المـــطـــاف هـــي الــســيــاســة المــحــلــيــة. ومــــا يـــدور السجال حوله ليس مـن تـوافـه الأمـــور، أكـان مـرتـبـطـ بـالـجـنـس أو الــلــون أو الأقــلــيــات أو الإجـهـاض أو المهاجرين. بيد أن المحلي في أمـيـركـا مـا كــان يـومـ بـهـذا الانـفـصـال الحاد عــــن الأولــــــويــــــات الاســـتـــراتـــيـــجـــيـــة الــخــطــيــرة والــضــاغــطــة عــلــى المــلــفــات الـسـيـاسـيـة حــول العالم. لـنـتـوقـف لـحـظـة عــنــد تــصــاعــد الـنـفـوذ الـــصـــيـــنـــي فـــــي آســـــيـــــا، وتــــحــــديــــات روســـيـــا المتعددة لأمن واقتصاد أوروبا، والصراعات المستمرة في الشرق الأوسط برعاية مباشرة من إيران وميليشياتها. في هذا العالم الذي شهد الأســبــوع الـفـائـت أول مــنــاورة روسية صينية مشتركة على تخوم ألاسكا، وتحدث فيه الدوليون قبل الإيرانيي عن تقدم طهران الـــنـــووي، وقـصـفـت ميليشيات الـحـوثـي تل أبـــيـــب بـــمـــســـيّـــرة مــفــخــخــة، تـــثـــور صـــراعـــات ثقافية وقيمية فـي أمـيـركـا عنوانها أمومة هـــاريـــس أو لــونــهــا أو طــريــقــة لــفــظ اسـمـهـا لتشكل صلب «القضايا» التي ستقرر هوية ساكن البيت الأبيض المقبل! لاشك أن ترشيح كامالا هاريسمتجذرٌ في الحلم الأميركي ووعوده بمستقبل دائم الـتـقـدم نـحـو عــدالــة أكـثـر وشـمـولـيـة أوســـع. ويعد وصولها كأول نائبة رئيس من أصول أفــريــقــيــة وآســـيـــويـــة، ثـــم تــصــدرهــا تـرشـيـح الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية، إنجازاً تاريخياً للسياسة الأميركية. بيد أن الخطر يكمن في تحقيق هـذا المنجز بشأن العدالة والمـسـاواة على حساب الحاجة إلى قـــيـــادة ســيــاســيــة قـــويـــة ومـــتـــوازنـــة تـعـتـرف بالتحديات العالمية وتمتلك إرادة التصدي لــهــا بـفـاعـلـيـة، لـتـحـقـيـق الأمــــن والاســـتـــقـــرار الدوليي. ، إذن، 2024 الانتخابات الرئاسية لعام لـيـسـت مــجــرد مـسـابـقـة بــن كــامــالا هـاريـس ودونالد ترمب؛ إنها لحظة محورية ستشكل مستقبل النظام العالمي في لحظة يتعرض فـيـهـا هـــذا الــنــظــام لـشـتـى أنـــــواع الـتـحـديـات والابــــــتــــــزاز والاســـــتـــــنـــــزاف. ومـــــا يــنــبــغــي أن يــخــيــفـنــا فــــي الــــشــــرق الأوســـــــط تـــحـــديـــداً أن ترشيح هاريس، بأهميته التاريخية ووعده التقدمي، لا يرتقي إلـى مستوى التحديات المـلـحـة الاقـتـصـاديـة والـجـيـوسـيـاسـيـة التي تزنر العصر الحالي. يـتـرافـق هــذا الإفــــراط فـي التركيز على ســــيــــاســــات الــــهــــويــــة مـــــع تـــنـــامـــي مــــؤشــــرات التفسخ في المجتمع الأميركي، وزيادة حال الغربة بي الأميركيي على نحو بات يهدد وحــدتــهــم الــداخــلــيــة، ويــعــطــل قــــدرة الإدارة الأميركية على توفير مـا يلزم مـن رأسمال سياسي ومؤسساتي للتصدي للتحديات الخارجية. وبهذا المعنى، فإن الإغـراق في التركيز عــلــى ســيــاســات الــهــويــة مـــرشـــح لأن يشكل أيــــضــــ خــــطــــراً كـــبـــيـــراً عـــلـــى الــــــــدور الـــعـــالمـــي لـــلـــولايـــات المـــتــحـــدة وتــحــالــفــاتــهــا الــدولـــيــة، ويــــهــــدد بـــصـــرف الانــــتــــبــــاه عــــن الـــتـــحـــديـــات العالمية الملحة التي تؤثر بشكل مباشر على الأمـن والمصالح الاقتصادية الأميركية، في وقت تستمر فيه القوى المنافسة مثل الصي وروسيا في تعزيز نفوذها وتحدي هيمنة واشنطن. تـــــقـــــول هــــــاريــــــس إنـــــهـــــا تـــشـــكـــل خـــيـــار المــســتــقــبــل فــــي حــــن يــشــكــل دونــــالــــد تــرمــب المـــاضـــي. بـيـد أن المـسـتـقـبـل الــــذي تـعـدنـا به المـــرشـــحـــة الــديــمــقــراطــيــة مـــاثـــل أمـــامـــنـــا ولا تخطئه الـعـن. فالعالم بقيادة ديمقراطية مـــنـــذ بـــــــاراك أوبــــامــــا بـــولايـــتـــيـــه وحـــتـــى جـو بايدن،‏شاهد على رثاثة القيادة الأميركية الـدولـيـة الـتـي فتحت الــبــاب أمـــام مـغـامـرات تعديل ميزان القوى الدولي من قبل لاعبي كالصي وروسيا وإيـران وفنزويلا وكوريا الشمالية وغـيـرهـا،‏على نحو زاد مـن حدة الاستقطاب وتردي الاستقرار. لا شـــيء يــوحــي بـــأن هـــاريـــس ستكون أفــــضــــل، لا ســيــمــا وأنــــهــــا ســـتـــكـــون مـهـتـمـة بالتعبير الأمــــن عــن المــوجــة الـديـمـقـراطـيـة الـــتـــقـــدمـــيـــة الــــتــــي قــــد تــحــمــلــهــا إلــــــى الــبــيــت الأبــــيــــض، مــــع مــــا يــعــنــيــه ذلـــــك مــــن تـكـريـس الـطـ ق بـن أولـويـات صناعة السياسة في أميركا والأولويات السياسية في العالم. نديم قطيش مشهد صادم في الأولمبياد: «المسيح» الأزرق! أكثر الـردود على المشاهد الصادمة في افتتاح أولمبياد بـاريـس تـقـول إن هــذا دلـيـل على انـهـيـار الــغــرب. وهـــذا أيضاً مــا قــالــه رئــيــس وزراء المــجــر فـيـكـتـور أوربـــــان. ولــكــن إذا كـان ذلــك صحيحاً لمـــاذا ظـهـرت اعـتـراضـات كثيرة وانــتــقــادات من الفرنسيي أنفسهم من المعتدلي والعوائل وآلاف التغريدات، خصوصاً من اليمي الفرنسي الذين وصفوا ما حدث بالمقزز والمهي. أما بالنسبة لرئيس وزراء المجر، فإن دافعه واضح. الـخـ ف السياسي مـع الأوروبــيــن حــول الـحـرب مـع روسـيـا، حيث رأى ذلك فرصة مواتية لتلطيخ صورتهم بالوحل. ولـكـن إذا مـا ظـهـرت المشاهد مستفزة للبعض، إلا أننا بتنا نعرف هذه الظاهرة التي سمّاها الملياردير إيلون ماسك الفيروس، وتعهد بالقضاء عليها. وحديث ماسك عن خسارة ابـنـه بعد تحوله الجنسي كــان محزناً ومــؤثــراً، وهــو يتذكر كيف خُدع ووقّع على أوراق كانت بمثابة شهادة وفاة لابنه. إلا أن مـــوقـــف مـــاســـك والمـــعـــارضـــن لمــشــاهــد الأولمـــبـــيـــاد يـــرد عـلـى مــن يــقــول إن هـــذه تـعـكـس قـيـم الــغــرب المـنـحـلـة، بل على الـعـكـس. فـي الــواقــع نحن نــرى تحالفاً أكـبـر للمعتدلي العقلانيي الذين يعارضون هذه التوجهات الموتورة من تعدد الأجناس، ومشاركة الرجال مفتولي العضلات في المسابقات النسائية والدخول في دورات مياه النساء. إلى قضايا أكبر تتعلق بالتعليم وتعريف الذات. حالة أشبه بالجنون والذهان تجعل شخصاً يستطيع أن يصنف نفسه كـمـا يــريــد، بأنه رجل أو امرأة وما بينهما طيف واسع من الهويات الجنسية السائلة أو حتى قطة! (كما ادعــت فتاة تقول إنها ولــدت في الجسد الخطأ). هذا الفيروس الذي تحدث عنه ماسك لا يعكس الثقافة الـغـربـيـة، ولـكـنـه مظهر مــن مـظـاهـرهـا. وفـــي فـرنـسـا تحديداً بـسـبـب الـــثـــورات ضــد قـمـع الكنيسة تــم تــجــاوز كــل الــحــدود، وفي الدستور الفرنسي تعبير صريح عن الحرية الفردية في التعبير والإيمان والهرطقة ولا يمكن مسه. هذا مفهوم، ولكن هذا ليس الوجه الوحيد، وهو ما أغضب الكثيرين الذين عدوا ما حصل في الأولمبياد معبراً عن الأمة الفرنسية كلها. ولكن يجب ألا ننسى أنه في التاريخ الفرنسي بزغ كبار الفلاسفة مـن فولتير وجــان جـاك روســو وديـكـارت وغيرهم. حــطــمــوا جـــمـــود الأصـــولـــيـــن وأعــــلــــوا قــيــمــة الـــعـــقـــل، ولـكـنـهـم أيضاً كانوا مؤمني ويجمعون بي العقل والـديـن الأخلاقي الــــروحــــانــــي. مـــن أقـــ مـــهـــم الــجــريــئــة انــبــثــق الــفــكــر المـسـتـنـيـر واستمرت إشعاعاته على البشرية حتى هذا اليوم. ومعروفة كلمة فولتير المعبرة حينما حضرته المنية، حيث قــال على سرير الموت جملته المعبرة: «أعبد الله وأكره الخرافات وأحب أصدقائي ولا أكره أعدائي». أحـــفـــاد هــــذا الــفــكــر الــعــقــ نــي الإنـــســـانـــي المــســتــنــيــر هم جموع الفرنسيي المعترضي على ما حـدث في الافتتاح مع إيمانهم بحرية النقد والتعبير، إلا أنـه لا يعكس روح الأمة وشخصيتها وتاريخها. ولكن ربما يعكس مرحلة تفكير ما بعد الـحـداثـة، حيث لا حرمة ولا قـداسـة لـشـيء. ونــرى الفكر نـفـسـه فــي الـــولايـــات المـتــحــدة أو الـــصـــراع نـفـسـه تـقـريـبـ ، بي المحافظي على التصور الأخلاقي الروحاني الفلسفي للدين وبعضهم لا يؤمن به، ولكن يفهمونه بوصفه ظاهرة سياسية واجتماعية، وبــن آخـريـن يـــرون أن كـل التقاليد القديمة في الــــزواج والـجـنـس والـجـنـدر والـعـائـلـة والإيـــمـــان مــن مخلفات المـاضـي. يجب أن تحطم وتُبنى مـن جـديـد. قطيعة تامة مع المـاضـي الــذي يجيز السخرية والتهكم منه. ولـو لاحظنا أن سخونة الصراع السياسي في الانتخابات الحالية بي نائب الـرئـيـس الأمـيـركـي كـامـ هـاريـس والـرئـيـس الـسـابـق دونـالـد ترمب تشتعل حول الأفكار الثقافية الخلافية وليس فقط عن الهجرة والاقتصاد. فـي الـفـوضـى الـتـي يعيش فيها عالمنا الـخـيـار الأفـضـل، بتقديري، هو خيار العقلانيي المعتدلي في الغرب والشرق. وهم المؤمنون بقيمة الدين العميق وفهمه فلسفياً وإنسانياً، وقيمة الحياة، والسعادة، والأمل. وقد انعكست بعض المشاهد فـي افـتـتـاح الأولمـبـيـاد بشكل جمالي وراقٍ. لمـــاذا هــذا الخيار الأفضل؟ لأن الناس يحتاجون للبعد الروحاني، ويرتبطون بالعالم المـاورائـي، ولـم تستطع أي حركة أن تقضي على هذا الجانب؛ لأنها لا تجيب عن الأسئلة الكبرى. جزء من سعادة الإنـسـان فـي المــاديــات، ولكن أيضاً فـي الـروحـانـيـات. الإنسان كـائـن مفكر ومتخيل ويعيش بذهنه فـي عـوالـم أخـــرى طـوال الوقت. لا يمكن بتر هذا الجانب من شخصيته. ولهذا تستعيد الأديـــــان والـــروحـــانـــيـــات زخـمـهـا كـلـمـا انــحــســرت. وفـــي عالمنا الحديث يشعر كثيرون بالتوحش والإحباط والكآبة وبأنهم تروس في ماكينة لا تعرف التوقف، ويبحثون عن يد روحانية حانية تكسر عزلتهم، وتبعث فيهم الطمأنينة والأمــل. ولكن مـا فعل الفلاسفة هـو أنهم أخـــذوا مـن الأديـــان جوهرها الـذي يبث السعادة والطمأنينة في قلب الإنسان، وبالوقت ذاتـه لا يتعارض مع الحياة المعاصرة ولا العلوم الحديثة. وهــــي طــريــقــة تـفـكـيـر المــعــتــرضــن الــفــرنــســيــن ومــاســك والـــجـــمـــهـــوريـــن فــــي أمـــيـــركـــا وشـــريـــحـــة واســــعــــة فــــي الـــغـــرب. يجمعهم هــذا التفكير ويعترضون على مقولة انهيار المُثل والأخـــــ ق فــي الـــغـــرب. ولــكــن لمــــاذا تــكــرر هـــذه المــقــولــة؟ لهدف ثقافي وسياسي، وهو القول بأن الغرب الذي يدّعي التسامح، ويقدس العقل وأنتج المدنية منهار فلا يمكن التعلم منه. ولا يمكن الاقتداء بالأمم المنهارة. حيلة من الحيل الكثيرة لوضع قطرات السم في أكواب الماء التي يتجرعها اليافعون. ولكن الملاحظ، والمفارقة، أن جماعات الإسلام السياسي فـي فرنسا لـم ترفع أصواتها ولـم تغضب هـذه المـــرة، رغـم أن قــادتــهــا يــحــرضــون عـلـى دولـــنـــا المـعـتـدلـة لأنــهــا فـقـط تسعى لتجديد الفكر الـديـنـي. السبب بسيط: المصلحة السياسية فــــوق كـــل شـــــيء. حــلــفــاؤهــم مـــن الـــيـــســـار هـــم المــــؤيــــدون لـهـذه الاحتفالات، وأعداؤهم من اليمي هم الغاضبون منها. ولكن بالنسبة إليهم إذا خيرتهم بي العقيدة والمصلحة السياسية، أيهما يتفوق؟ الجواب معروف، السلطة والمصلحة أولى حتى لو جسّد شخصية المسيح مثلي الجنس، لطخ جسده العاري بالأصباغ الزرقاء! ممدوح المهيني ليبيا... الرقصعلىحافة الهاوية كشفت وسائل إعـ م ليبية، في الآونــة الأخـيـرة، عن قيام 95 الـسـلـطـات الأمـنـيـة فــي جـنـوب أفـريـقـيـا بالقبض عـلـى عـــدد مواطناً ليبياً، وُجدوا في معسكر تدريب بولاية «مبومالانغا»، الجمعة الماضية، ومثل المتهَمون أمـام محكمة جزئية الاثني الماضي. واستناداً إلى موقع صحيفة «بوابة الوسط» الليبية، التي تصدر بالقاهرة، فإن المتهمي دخلوا البلاد بتأشيرات طلابية مزوّرة صادرة من تونس. وأوضـحـت أن المعسكر فـي جنوب أفريقيا كـان يُستخدم للتدريب على الشؤون الأمنية، إلا أن السلطات الجنوب أفريقية لـدى مداهمتها المعسكر وجــدت بـه مـعـدات وأجـهـزة مثل التي تستخدم في التدريب العسكري، وتتولى التدريب شركة جنوب أفريقية، قيل إنها رفضت القيام بالتدريب في ليبيا، وأصرّت على حـضـور المـتـدرّبـن إلــى مقر معسكرها فـي منطقة «وايــت ريفر». المصادر الإعلامية ذاتها أكّدت أن حكومة بنغازي المعترَف بها مـن مجلس الـنـواب اعـتـرفـت، على لسان وزيــر خارجيتها عــبــد الـــهـــادي الـــحـــويـــج، بـتـبـعـيـة المـــتـــدرّبـــن لـــهـــا، وأنـــهـــا تـقـوم بمتابعة القضية. والأهم من ذلك، استناداً إلى المصادر نفسها، أن السلطات في جنوب أفريقيا لم تكن على علم بالأمر، وأنها أُبلغت من قِبل الولايات المتحدة. وأضــــافــــت أن الـــشـــركـــة المـــســـؤولـــة عــــن الـــتـــدريـــب اسـمـهـا «ميليتس دي سيكوريتي»، ومسجّلة لدى هيئة صناعة الأمن الــخــاص بـجـنـوب أفـريـقـيـا، وأن الـجـهـة الأخــيــرة أمـــرت الشركة بالتوقف فـوريـ عـن أعـمـال الـتـدريـب، وقـامـت بـإرسـال مراقبي لها لتفقّد مباني المعسكر، والتأكد من مدى امتثالها للقواني. وتــؤكــد الــحــادثــة المـــذكـــورة أن لا شـــيء الآن، وبـعـد كــل ما حدث في ليبيا، بقادرٍ على إثـارة الدهشة والعجب، وأن توالُد وتكاثُر الأسئلة كل يوم يظل عالقاً في الهواء مثل غبار من دون إجابات، وفي بلد تختلط فيه الأمور، وتتداخَل فيه الصلاحيات والمـصـالـح محلياً وخـارجـيـ ، ويـتـم فيه الـلـجـوء إلــى استخدام الـسـ ح لحل الـخـصـومـات بـن مختلف الأطــــراف، فــإن الكشف عـن معسكر تـدريـب فـي بلد لا تربطه بليبيا حـــدود، وتحويل التدريب الأمـنـي إلـى عسكري، كما ذكــرت الجهات الأمنية في جنوب أفريقيا، لا يبشّر بخير، ولا يدعو إلـى تـفـاؤل، في بلد يزخَر بمخازن الأسلحة من كل الأنــواع، ومن مختلف البلدان، ويـمـتـلـئ بـجـمـاعـات مـسـلّـحـة تَـــدِيـــن بـــالـــولاء لمـصـالـح قـادتـهـا، ومـرتـبـطـة فــي الــوقــت ذاتـــه بمصالح بــلــدان أجـنـبـيـة، وكـــل ذلـك يحدث علناً، وأمام أعي بعثة الأمم المتحدة. الجدير بالذّكر، أن كل المسلحي في غرب البلاد وشرقها وجنوبها يتقاضون مرتباتهم من مصرف ليبيا المركزي، ومن المحتمل أن تكون الميزانية المرصودة لعملية التدريب في جنوب أفريقيا مدفوعة هي الأخرى من المصرف نفسه. الـــحـــادثـــة تـكـشـف أن الـــتـــدافـــع نــحــو الـتـسـلـيـح والـتـجـنـيـد والـتــدريــب مــن قِـبـل مختلف أطــــراف الــصــراع عـلـى السلطة في لـيـبـيـا مـــؤشـــرٌ عــلــى أن الـــبـــ د لـــن تـنـعـم بـــالأمـــن فـــي المستقبل الــقــريــب، وأنــهــم يـرقـصـون جميعاً عـلـى حــافــة الــهــاويــة، وكــأن كل الـحـروب التي شهدتها خـ ل السنوات الماضية، ومـا نجم عنها من ضحايا ودمـار وكــوارث ليست كافية، وأن المصالحة والتوافق والسلام لا مكان لها حتى الآن على أجندة كل الأطراف المتصارعة، وأن القوى الأجنبية المتورطة في الصراع الليبي ما زالــت هي الأخــرى لم تحسم الخلافات فيما بينها، وتزيد في تعميق الهوة الفاصلة بي المتصارعي المحليي. أضـــف إلـــى ذلـــك تـــزايـــد المـــخـــاوف مـــن الــتــواجــد الـعـسـكـري الروسي في شرق البلاد، والتركي في الغرب، وأن الأول منهما تسبّب فـي تـزايُـد المـخـاوف فـي واشنطن وعـديـد مـن العواصم الأوروبية، خصوصاً المقابِلة للساحل الليبي. ويظل من المفيد الإشــــارة إلــى الــزيــارات الـعـديـدة الـتـي يـقـوم بها مـسـؤولـون من رئــاســة الاتـــحـــاد الأوروبــــــي، وتــلـك الـــزيـــارات المـتـتـالـيـة مــن قِبل رئيسة الحكومة الإيطالية وغيرها. الـــزيـــارات المـتـتـالـيـة تــأتــي تـعـبـيـراً عــن خـــوف مــشــروع في الـــعـــواصـــم الأوروبـــــيـــــة المُـــطِـــلّـــة عــلــى جـــنـــوب الــبــحــر المــتــوســط، مــن امــتــداد عـسـكـري روســـي فــي الــقــارة الأفـريـقـيـة يــهــدّد أمنها ومصالحها، يبدأ من الشرق الليبي، ويتّجه جنوباً نحو بلدان الساحل والصحراء. والأيام المقبلة ستكشف بالتأكيد عن الكثير من التفاصيل حـــول الــحــادثــة، وسـتـطـفـو بــالــضــرورة عـلـى الـسـطـح عـديـد من أسماء الوسطاء المتورطي في العملية؛ من ليبيا، ومن جنوب أفريقيا، وربما من دول أخرى. جمعة بوكليب

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky