issue16678

هـــل أمــيــركــا مـسـتـعـدة لــرئــاســة امـــــرأة؟ غــالــب الــظــن أن هــذا الـتـسـاؤل يشغل عـقـول مـايـن الأمـيـركـيـن، خصوصاً بعد انسحاب الرئيس بايدن من سباق انتخابات الرئاسة ، ودعـمـه الـواضـح لنائبته كـامـالا هاريس 2024 الأميركية للترشح عوضاً عنه. ، حي حاولت 2016 تبدو أوضاع المرأة الأميركية منذ هيلري كلينتون الوصول إلى البيت الأبيض، أفضل كثيراً، فـقـد نـمـت قـــوة الـعـمـل لـلـمـرة الأولــــى لتشمل عـــدداً أكـبـر من النساء من خريجات الجامعات، مقارنة بعدد الـرجـال من خريجي الجامعات. » المـــضـــادة لامــتــهــان الـنـسـاء Me Too« نـجـحـت حــركــة بأميركا في تعزيز وضعية المرأة، فقد أطاحت برجال أقوياء، فيما ألغت المحكمة العليا الحق الفيدرالي في الإجهاض. امرأة مناصب سياسية فيدرالية 140 تشغل أكثر من عـــضـــواً فــــي مـجـلـس 25 فــــي الـــــولايـــــات المـــتـــحـــدة، مــنــهــن عـــضـــواً فـــي مـجـلـس الــــنــــواب، وتـسـاهـم 120 الـــشـــيـــوخ، و الــنــســاء مـــن الــحــزبــن كـلـيـهـمـا فـــي صــيــاغــة الـتـشـريـعـات الرئيسية المتعلقة بحقوق الإنــجــاب والـهـجـرة والتنوع والمساواة والإدماج. هل يعني ذلـك أن طريق كامالا هاريس بـات مُعبداً للوصول إلى البيت الأبيض؟ تبدو تركيبة هـاريـس مثيرة، فهي ليست أميركية اعــــتــــيــــاديــــة مـــــن نـــســـل «الــــــواســــــب الــــقــــديــــم ولا الـــيـــانـــكـــي التاريخي»، إنها أول امـرأة من جنوب آسيا، وأول امرأة أميركية من أصل أفريقي من أبوين مهاجرين. لا تـمـتـلـك هـــاريـــس الإرث الــســيــاســي، ولا الـشـبـكـات المجتمعية المــاورائــيــة، الـتـي حـازتـهـا هـيـاري كلينتون، ومــع ذلــك تقتضي المـوضـوعـيـة الـقـول إن هـاريـس لديها عدد من المميزات الظاهرة، فهي أصغر من بايدن بعقود من الزمان، ومعتادة على متطلبات المنصب العام، ومن المـرجـح أن تتمتع بالطاقة والــقــدرة على خــوض الحملة سنوات رئاسية، وينظر إليها كذلك 4 الانتخابية، وخدمة باعتبارها أول امـــرأة تنتخب نائبة للرئيس مـن جـذور جندرية غير أميركية. على أن الـتـسـاؤلات المعمقة تشاغب قضايا الجندر بـنـوع خــاص فـي هــذه الأوقــــات المــأزومــة، فعلى الـرغـم من أن هـاريـس تتمتع بالفعل بـقـدر مـن الــذكــاء الاجتماعي، ومارست عملً عاماً كمدعية عامة، فإن مليي من الرجال البيض المتقدمي عمراً، يريدون إيقافها لأنها امرأة. يـعـنّ لـرجـل الــشــارع الأمــيـركــي أن يـتــسـاءل: هــل من حظوظ حقيقية لهاريس في مواجهة الحضور الطاغي لترمب، والشريحة التي تعد بالمليي التي تدعم عودته إلى البيت الأبيض؟ هناك من يهمسون بشأن ما إذا كانت هاريس قادرة بالفعل على الإبـحـار بسفينة أميركا فـي ظـل هــذا المناخ السياسي الـعـالمـي القلق والمـضـطـرب، عطفاً على أحــوال أميركا المحتقنة والمتردية مجتمعياً على الأقل. جـزئـيـة أخـــرى تختصم مـن رصـيـد هــاريــس كـامــرأة، وتتعلق بانعدام أي خبرة عسكرية أو سياسية لها خارج حدود الولايات المتحدة، ومن هنا كيف لحرسها الخاص أن يوقظها الـثـالـثـة فـجـراً بتوقيت واشــنـطـن، لإخـبـارهـا بـغـزو صيني لـتـايـوان، أو هـجـوم إيـرانـي على إسرائيل، وربـــمـــا قــيــام الـقـيـصـر بــمــغــامــرة جـــديـــدة فـــي إحــــدى دول البلطيق؟ غالب الظن أن مثل هذا الطرح لن تخلفه حملة ترمب وراءها، بل ستنفخ فيه النار ليشتعل، ما يضيف مليي من الأميركيي المترددين في تقديم الدعم للنساء بشكل عــام فـي الانـتـخـابـات المقبلة، ناهيك عـن الاقــتــراع لسيدة «خلسية» على المستوى الوطني. ولعله مـن نافلة الـقـول إن عقبة كبيرة فـي طريق هــاريــس الـجـنـدريـة، تتمثل فــي مـواجـهـة ذكـــر أبـيـض، يــؤمــن أتـبـاعــه بـــأن الـســمـاء قــد أعــدتــه لإنــقــاذ أمـيـركـا، خاصةً بعد نجاته العجيبة في بنسلفانيا، الأمر الذي يقاربه الـيـوم أنـصـاره وأشـيـاعـه، بـأن شأنه مماثل لما جرى مع الرئيس الجمهوري رونالد ريغان في أواخر ، الـــذي أنـقـذتـه قـــدرة قــــادر، ليكون 1981 ) مـــارس (آذار الرجل الذي يقضي على إمبراطورية الشر في تقديره، المتمثلة في الاتحاد السوفياتي. تـــكـــاد الــديــمــقــراطــيــة الأمـــيـــركـــيـــة تـــدخـــل فـــي اخــتــبــار ديمقراطي «جـنـدري وعـرقـي» حقيقي، متعلق بالتفريق مـن جديد بـن النساء والــرجــال، فعلى المستوى الوطني هـنـاك قــدر كبير مـن الاهـتـمـام الإعــامــي الـــذي يعمل ضد النساء السود، بالإضافة إلى قدر أكبر من التحيز، وصور نمطية تلعب دوراً في إيـذاء النساء السود بشكل خاص، ولا يـزال هناك شعور بـأن النساء غير لائقات للمناصب بشكل عام، فما بالنا بمنصب الرئاسة. هل لهاريس أن تستفيد من إرث باراك أوباما؟ صحيح أن انتخابه بشّر بـ«عصر ما بعد العنصرية»، لكن على الجانب الآخر، أجّج من مشاعر اليمي الأميركي، والـجـمـاعـات الـبـيـضـاء، خـصـوصـ فــي ظــل اتـهـامـه بدعم الفكر الاشتراكي، واليسار الذي انحرف وانجرف بأميركا، وهــدم هياكلها المتدينة الأخـــرى، ما يعني أنـه ليس إرثاً إيجابياً بامتياز. هاريسحجر عثرة أم زاوية بناء لأميركا؟ المؤكد أنها اختبار لديمقراطية أميركا الجندرية بصورة أو أخرى. مـــع اقــــتــــراب بـــدايـــة عـمـلـيـة الـــتـــفـــاوض بـــن الـجـيـش السوداني و«قوات الدعم السريع»، أيّاً كان المنبر الذي يتم التفاوض فيه، فـإن قضية الترتيبات الأمنية ومستقبل الــجــيــوش المـــتـــعـــددة والمـيـلـيـشـيـات والـــحـــركـــات المسلحة ستبقى القضية الأصعب والأكثر تعقيداً. فـــي بـــدايـــة الـــثـــورة الـشـعـبـيـة الــتــي أســقــطــت الـنـظـام الــســابــق كــــان هــنــاك شــعــار بـسـيـط وواضـــــح تـتـفـق عليه القوى كلها، التي شاركت في الثورة، «العسكر للثكنات والجنجويد ينحل»، وهي دعوة واضحة لابتعاد العسكر عن العمل السياسي وعودتهم لممارسة مهامهم المحددة فـي الدستور والـقـوانـن، مـع الحفاظ على وحــدة القوات المــســلــحــة عــبــر حـــل «قــــــوات الـــدعـــم الـــســـريـــع»، الـــتـــي تتم تسميتها شعبياً «الجنجويد». وهو شعار رفضته قيادة الـجـيـش وقـــيـــادة «الـــدعـــم الــســريــع» أيــضــ ، ويـــا لسخرية الأقدار. البساطة لم تكن في الشعار فقط، وإنما في إمكانية تنفيذه فــي ذلـــك الــوقــت، فـقـد كـــان المـــطـــروح، والمـمـكـن في الوقت نفسه تنفيذ ذلك بطريقة سلمية وبترتيبات متفق عليها، يتم عبرها حل «قوات الدعم السريع» عبر عملية الـدمـج والتسريح المعروفة دولـيـ ، التي تـم تنفيذها في الــســودان أكـثـر مـن مـــرة، بـطـرق ووســائــل مختلفة. كانت التجربة الأولى التي تم تطبيقها هي عملية دمج وتسريح قـــوات حـركـة «أنـيـانـيـا» فـي جـنـوب الــســودان، الـتـي كانت تحمل السلح ضد الحكومة المركزية، وذلك بعد اتفاقية . وقد تم تطبيق العملية أكثر 1972 سلم أديس أبابا عام من مرة بعد ذلك عبر اتفاقات متفرقة مع الحركات التي كانت تحمل السلح في دارفور ومناطق أخرى. الـوضـع الآن ليس كما كـــان، تعقدت الأمــــور، ومـرت مـيـاه ومــيــاه تـحـت الـجـسـر، وفــوقــه أيــضــ ، صـــارت هناك جـيـوش مـتـعـددة، وتـــدور حــرب كـبـيـرة، وداخـلـهـا حـروب صــغــيــرة، حـــدث انــقــســام كـبـيـر فـــي المـجـتـمـع الــســودانــي، وتوسّعت التدخلت الإقليمية والداخلية. مع انخراط القوات والميليشيات المتعددة في الحرب، صـــارت هـنـاك مــواقــف متشنجة وعـدائــيــة تجعل أطـرافـ لا تقبل بـأطــراف أخـــرى، وتـرفـض أن يتم التعامل معها بـالـتـسـاوي، وحـتـى داخـــل الكتلة الـــواحـــدة فـــإن اخـتـاف الــتــصــورات قــد يـــؤدي لتناقض فــي المـــواقـــف. فـقـد صــرّح رئـيـس حـركـة «تـحـريـر الــســودان» مني أركـــو مـنـاوي مرة بـأنـهـم يــريــدون مـقـعـداً لـهـم فــي منبر الــتــفــاوض: «فنحن جيشوهم جيش». وربما تظهر مواقف أخرى من «كتائب الــحــركــة الإســـامـــيـــة»، المـتـحـالـفـة مـــع الــجــيــش، قـــد تصل لرفض مبدأ التفاوض. وفي داخل «قوات الدعم السريع» هناك كتلة الـقـوات الرسمية، ثم هناك مجموعات قبلية انضمت لها خلل الحرب، ومن الممكن أيضاً أن تبرز لها مواقف تختلف مع مواقف «قوات الدعم السريع»، مثلما هو حادث الآن مع الجنرال جلحة الذي دخل في ملسنات مع بعض قادة «الدعم السريع» قد تقود لانشقاقه. بهذه الصورة فإن أمر ووضع قوات الجيش و«قوات الــدعــم الــســريــع» وكـيـفـيـة الـتـعـامـل معها ضـمـن اتـفـاقـات وقــف إطــاق الـنـار والاتــفــاق المتوقع لفصل الــقــوات، رغم صعوبته، سيبدو ممكناً بالاسترشاد بتجارب إقليمية ودولية مماثلة، مثلما حدث في ورش الاتفاق الإطـاري، الـــتـــي نــاقــشــت الإصــــــاح الأمـــنـــي والـــعـــســـكـــري، ووضــعــت أساساً يمكن استنساخه ومن ثم تعديله. الــصــعــوبــة الـحـقـيـقـيـة ســتــكــون فـــي مــنــاقــشــة وضــع الحركات المسلحة والميليشيات المتعددة، خصوصاً إذا قامت بفك ارتباطها بالطرف المتحالفة معه، وبالتالي يستلزم الوضع مناقشتها في جلسات منفصلة. بالنسبة إلــى الـحـركـات المسلحة التي وقّـعـت اتـفـاق جوبا للسلم ، فإن هناك اتفاقاً موقعاً 2021 ) في أكتوبر (تشرين الأول للترتيبات الأمنية ناقش بالتفصيل عملية دمج وتسريح الـــقـــوات والـــجـــدول الــزمــنــي لـــذلـــك، وحــتــى آلـــيـــات تحديد حجمها وتسليحها. لكن لم يتم تنفيذ هـذا الاتـفـاق في حـيـنـه؛ لأن ذلـــك لــم يـكـن مــن أولـــويـــات المــكــون الـعـسـكـري (الجيش، والدعم السريع)، حيث كانت الأولويةُ الانقلبَ على القوى المدنية واتخاذ هذه الحركات حليفاً مرحلياً حـتـى انــتــهــاء هـــذه المــهــمــة. المــتــوقــع الآن أن هـــذا الاتــفــاق الـقـديـم لــم يـعـد صـالـحـ للتطبيق، وأنـــه يـحـتـاج تعديلً يـسـتـوعـب الـــتـــطـــورات الـــجـــديـــدة، ومـــن ضـمـن ذلـــك أيـضـ تـوقـعـات قــيــادات هــذه الـحـركـة بمكافأتهم على وقوفهم مـع قـيـادة الجيش فـي معاركها السياسية والعسكرية. ثم هناك أيضاً ميليشيات تكونت خلل الحرب في شرق السودان، وربما مناطق أخرى تنتظر لحظة ما للإعلن عن نفسها ومطالبها. الـــتـــجـــارب الــســودانــيــة الــســابــقــة فـــي تــســريــح ودمـــج القوات والميليشيات لن تكفي وحدها في معالجة الوضع المـعـقـد وغــيــر المـسـبـوق الــــذي تعيشه الـــدولـــة الـسـودانـيـة حــالــيــ ، لــذلــك لا بـــد مـــن تـوسـيـع آفــــاق الـــحـــوار مـنـذ الآن، والنظر في التجارب الإقليمية والدولية، والأهم من ذلك الاســـتـــعـــداد لـتـبـنـي رؤى جـــديـــدة تــتــجــاوز الكليشيهات ونـمـاذج المـؤسـسـات القديمة الـتـي ثبت أنـهـا عـاجـزة عن التعامل مع واقع التعدد والتنوع السوداني. OPINION الرأي 14 Issue 16678 - العدد Saturday – 2024/7/27 السبت معضلة الترتيبات الأمنية أميركا واختبار «الديمقراطية الجندرية» وكيل التوزيع وكيل الاشتراكات الوكيل الإعلاني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] المركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 المركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى الإمارات: شركة الامارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 المدينة المنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب الأولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية الموجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها المسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة لمحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي بالمعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com فيصل محمد صالح إميل أمين يختلف بعضنا مع بعض في الأمور الـسـيـاسـيـة والاجـتـمـاعـيـة حـتـى الـديـنـيـة، لأنـنـا لـم نتفق على المصطلح و«اخـتـاف المصطلح» في اللغة العربية وافــر، فحي يــغــيــب فـــهــم مــشــتــرك عــلـــى المــصــطــلــح فـي المناقشة يحدث الاختلف، والتنافر. فـــي كـــتـــاب قـــديـــم (مـــتـــاح الـــيـــوم على الشبكة العالمية مجاناً) أصـــدرت سلسلة عـــالـــم المـــعـــرفـــة، الـــتـــي يـــصـــدرهـــا المـجـلـس الــوطــنــي لـلـثـقـافـة والـــفـــنـــون فـــي الــكــويــت، بعنوان «التفكير السليم 1979 كتاباً عام والــتــفــكــيــر الأعــــــــوج» مــــن تـــألـــيـــف روبـــــرت شــــــاولــــــي، تــــرجــــمــــه إلـــــــى الــــعــــربــــيــــة شــيــخ المترجمي حسن سعيد الكرمي، صاحب أشهر برنامج للعربية فـي وقته بمحطة «بي بي سي العربية»، وهو برنامج «قول على قول»، وهو ضليع في اللغة العربية. فــــي مــقــدمــتــه لــلــكــتــاب مـــــسّ المــتــرجــم عـــصـــبـــ لا يــــقــــربــــه كـــــثـــــيـــــرون، وبـــخـــاصـــة المـتـحـمـسـون لـلـغـة الــعــربــيــة، أنــهــا تفتقر لـلـمـصـطـلـحـات الــحــديــثــة، وبــــرر ذلــــك بــأن الــعــالــم الــــذي تــقــدم فـــي الـــــدول الصناعية الـحـديـثـة ابـتـكـر مـصـطـلـحـات حـديـثـة في لــغــاتــه، بـسـبـب الــتــطــور الـتـقـنـي، الــــذي لم تواكبه اللغة العربية. رجــــعــــت إلــــــى تـــلـــك الــــفــــكــــرة الــشــامــلــة مــؤخــراً، حـيـث شــاهــدت حــــواراً فــي إحــدى محطاتنا التلفزيونية اشترك فيه «فقيه» كـــــان وزيـــــــراً لـــــأوقـــــاف فــــي إحــــــدى الـــــدول العربية، ولأنه معتاد على «حديث المنابر» أخذ موضوع النقاش لمكان يفضله، وهو أن الإرهابيي اليوم الذين يفجرون تقريباً في كل مكان ليسوا من المسلمي. والتفكير العلمي يقول لنا إننا من أجل حلّ المشكلة، أي مشكلة، يتوجب الاعتراف بها أولاً، ثم البحث عن حلول، أما نفيها فذلك يضفي ضبابية على الحلول المتوخاة. الـــحـــقـــيـــقـــة أن كـــــل المــــجــــرمــــن الـــذيـــن يفجرون في المسالمي في العواصم الكثيرة في العالم، سـواء أكانت عواصم إسلمية أم غـيـر إســامــيــة هـــم فــي الــغــالــب، ولـيـس حصراً، من المسلمي الذين يعتمدون على «نـصـوص» يجري تفسيرها على هواهم فـــــي لـــبـــس واضـــــــح لــلــمــصــطــلــحــات الـــتـــي يتبنونها! مستلة من كتب ألّفت في عهود الظلم. ذهـــــــــب الـــــــرجـــــــل لــــلــــتــــدلــــيــــل عـــــلـــــى أن «الــــغــــرب مــتــعــصــب» بـــالـــقـــول إن «فــرنــســا تمنع الـحـجـاب للنساء» فـي مؤسساتها الـتـعـلـيـمـيـة، مـــن أجــــل أن يـــأخـــذ المــشــاهــد إلــــــى الاقــــتــــنــــاع أن فـــرنـــســـا «تـــعـــمـــل عـلـى عـكـس مــا تــدعــي مــن حـــريـــات»، لـسـت هنا للدفاع عن فرنسا أو غيرها في موضوع حقوق الإنــســان، فهي كغيرها فـي الغرب الليبرالي ليست امـرأة قيصر!! ما يهمني أن الافـــتـــراض الـــذي أقــامــه ذلـــك الشخص، وهــو افـتـراض يقول بـه كثيرون، ضبابي في «المصطلح نفسه»، والسؤال المنطقي: مــا شـكـل الـحـجـاب الإســـامـــي؟ مــن قـــال إن طريقة المـابـس، بالشكل هـذا أو ذاك، هي من صلب الإسلم؟ هل الحجاب الإسلمي مــا تـقـولـه «طــالــبــان» فــي أفـغـانـسـتـان إنـه مــا تلبسه المــــرأة الـطـالـبـانـيـة؟ «أي شبكة على الوجه والجسم» تسدل حتى لا أحد يعرف ما بداخلها، هل هو نفس الحجاب الــذي تلبسه المـــرأة التونسية فـي لباسها الـتـقـلـيـدي مـــثـــاً، أو مـــا تـلـبـسـه الإيــرانــيــة أو الإنـــدونـــيـــســـيـــة أو الـــتـــركـــيـــة؟ مــابــس المـــرأة، هـي كما الـرجـل، فـي الغالب «تـراث اجتماعي وتقاليد موروثة، كما أنه أيضاً متغير الشكل» يتطور مع الزمن، ولا يوجد لــديــنــا يــقــن قــاطــع أن المـــــرأة فـــي الــتــاريــخ الإســـامـــي كــانــت مـقـيـدة بــنــوع واحــــد من الملبس، بل استخدم المظهر الخارجي في بعض الأوقات كسلح سياسي، كما حدث آخـر أيــام حكم الـشـاه محمد رضـا بهلوي فـي إيــــران، وقتها كــان لبس الـحـجـاب في الغالب صورة احتجاجية على السياسات الــــتــــي اتـــبـــعـــهـــا الـــــشـــــاه، فـــقـــد قــــــرر أشـــكـــال المـابـس بـقـوة الـقـانـون «أي فـرضـ ». وفي الـسـنـوات القليلة الـسـابـقـة، أصـبـح رفض اســـتـــخـــدام الـــحـــجـــاب فـــي إيــــــران نـــوعـــ من الاحـتـجـاج الـسـيـاسـي، كـمـا شـاهـدنـا قبل عـامـن فـي الأحـــداث الـتـي تمت بعد مقتل .2022 مهسا اميني في عام الإســـــام الــحــركــي أقــنــع كــثــيــرات بـأن الحجاب من أصول الدين، لسبب سياسي، حيث تعرف الأخت الإخوانية بذلك المظهر، وعـنـدمـا ينتشر «تُـــرهـــب الـسـلـطـة»، ولأن الـثـقـافـة الـديـنـيـة الـحـقّـة بـاهـتـة فــي عقول الــكــثــرة، فـمـن الـسـهـل أخـــذ الـجـمـهـور إلـى مكان له شكل التقوى ومخبر السياسة! في وقـت ليس ببعيد حـرم في مصر فـــي بـــدايـــة الـــقـــرن المـــاضـــي لــبــس الـبـنـطـال للرجل، حتى العمل في الصحافة، على أن المظهرين مخالفان للدين! وبيننا اليوم من «يفتي» بأن لبس المـرأة للبنطال «محرم» لأنـــه «لا يـسـتـر الــــعــــورة»!! بـــل الـبـعـض قد لا يعرف أن اسـتـخـدام المطبعة فـي العالم الإســـامـــي قــد «حــــرم» لـثـاثـة قــــرون، بعد اختراعها في العالم، أمـا المذهب الحنفي تـاريـخـيـ فـهـو الــوحــيــد الــــذي أفــتــى بعدم حــــرمــــة الــــــوضــــــوء مـــــن الــــصــــنــــبــــور، لـــذلـــك ســمــيــت فــــي مــصـــر «الـــحـــنـــفـــيـــة»! فــــي حـن حرمت مذاهب أخـرى ذاك الوضوء، يقول لنا التاريخ إن المماليك في مصر حرموا استخدام البارود، لأنه «بدعة»! وهـــــكـــــذا فـــــي غـــــيـــــاب تــــحــــديــــد دقـــيـــق للمصطلحات فــي الـلـغـة، بسبب تجاهل التطور التاريخي، نجد أنفسنا في شقاق وخـاف اجتماعي وسياسي حتى ثقافي محتدم. آخر الكلم... ملبس البشر أياً كانت مـــقـــبـــولـــة، مــــن بـــــاب الـــحـــريـــة الـشـخــصـيـة، ولــيــس الـــفـــرض، ومـــن غـيـر المــعــقــول عـقـاً ربطها بالتراث!! ملابسالبشر أياً كانت مقبولة من باب الحرية الشخصية وليسالفرض محمد الرميحي إنها أزمة مصطلحات!

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky