issue16675

لا شــــك أن أمـــيـــركـــا فــــي مــــــأزق تـــاريـــخـــي، تـكـتـمـل فصوله فـي الأمـتـار الأخـيـرة التي شهدت أحـداثـا غير مسبوقة في السياسة الأميركية في عام الانتخابات. من بين هذه الأحـداث الصادمة انسحاب الرئيس الأميركي الديمقراطي جو بايدن في الحادي والعشرين من يوليو (تموز) الحالي من السباق الانتخابي، عبر تغريدة على منصة «إكـــس»، وليس عبر بيان معتاد من البيت الأبيض. الـكـوارث لا تأتي فـــرادى. صـدى الانسحاب تـردد بــقــوة داخــــل قـــواعـــد الـــحـــزب «الــديــمــقــراطــي» الــــذي بـدا وكـأنـه تفاجأ، رغــم المطالب الـحـادة مـن كـبـار أعضائه بانسحاب بـايـدن بعد مناظرته البائسة مـع المرشح الجمهوري دونالد ترمب على قناة «سي إن إن». الــــحــــزب «الـــديـــمـــقـــراطـــي» نــفــســه لــــم يـــكـــن جـــاهـــزاً بخليفة قــــوي، وتـمـلـمـل مــن تـوصـيـة بــايــدن بترشيح كـــمـــالا هــــاريــــس، نـــائـــب الـــرئـــيـــس دون إشــــــارة أعــضــاء الحزب. بعض أعضاء الحزب النافذين، نظروا إلى الأمر مـــن زاويـــــة مـخـتـلـفـة، تــقــوم عـلـى اخــتــيــار تــوافــقــي حـر، لمـرشـح قـــادر على مواجهة دونـالـد تـرمـب ونائبه جي يـــدي فــانــس، يـأتـي عـلـى رأس هـــؤلاء الـرئـيـس الأسـبـق بــــاراك أوبـــامـــا الـــذي قـــال، بـعـد إعـــان انـسـحـاب بـايـدن بقليل: «سـوف نبحر في المجهول»، مطالبا باجتماع شامل، يختار فيه الحزب مرشحا يتم التوافق عليه من بين الأعضاء ذوي الثقل السياسي. كان غريبا أن تنهال أموال التبرعات الديمقراطية بعد إعـان انسحاب بايدن وترشيح هاريس، وكأنها رســــالــــة تـــفـــيـــد بــــــأن الــــحــــزب «الــــديــــمــــقــــراطــــي» يـعـيـش انــشــقــاقــات بـــ تـــيـــارات مـخـتـلـفـة، ربـــمـــا تـــطـــول حتى يتعافى. انعكاس الانـسـحـاب والارتــبــاك الأمـيـركـي تجاوز جغرافيا الولايات المتحدة، وعبر المحيط الأطلنطي إلى الأراضي الأوروبية، فالانسحاب، وإن كان متوقعا، فإن أوروبا ستواجه حالة دونالد ترمب وحيدة، وهو الذي يؤمن بالتخلي عن حماية أوروبـا التقليدية، ويهاجم حلف «الناتو»، ويطالبه بدفع حصته المطلوبة، وبدا الهجوم واضحا في تغريدة إيلون ماسك، الداعم الأكبر لترمب، عندما قال: «على (الناتو) أن يدفع حصته». في اعتقادي، أوروبـــا ستشكل خلية أزمـة تبحث كيفية التعامل مع نتائج الأحـداث الأميركية المتدافعة والمـتـسـارعـة، فــأول مـرة تكتشف أوروبـــا أنـه يمكن أن تصبح عارية من الحماية الأميركية، بعد ثمانية عقود من التحالف القوي، أي منذ الحرب العالمية الثانية. صـــدى انـسـحـاب بــايــدن تـــردد أيـضـا فــي الساحة الأوكرانية، وانعكس في تحركات وتصريحات ساسة كييف، والـخـوف مـن وصــول دونـالـد ترمب إلـى البيت الأبيض الذي يطالب بإيقاف الحرب على الفور. وكان من المفترض أن تكون أميركا الدولة الراعية للسلم بحق، لكن فريق بايدن تصور أن الاستثمار في الحرب هو الأفضل، مما شكل عبئا على قواعد الحزب «الديمقراطي». كــانــت مــحــاولــة اغــتــيــال دونـــالـــد تــرمــب فــي ولايــة بنسلفانيا، وسط تجمع انتخابي، تأكيداً على الشكوك العميقة حول مستقبل أميركا بالكامل. للمرة الأولى منذ إعلن الاستقلل الأميركي عام رئيسا آخرهم جو بايدن، تعيش أميركا 46 ، وبعد 1776 مأزقا تاريخيا، تغيب فيه الحيوية الأميركية المعتادة، وتختلط حسابات واشنطن في التعامل مع المؤسسة الأهــــم فــي الـــولايـــات المــتــحــدة، مـؤسـسـة الــرئــاســة، بما تحمله من استراتيجية نافذة في الولايات الخمسين، وعـبـر قـــارات الـعـالـم، وأكـــاد أقـــول إن انـتـخـاب الرئيس الأميركي لا يتم من أفراد الشعب الأميركي وحدهم، بل ينخرط فيه العالم، نظراً للتداخلت الأميركية العميقة فـي السياسة الـدولـيـة، على الأقــل منذ مـا بعد الحرب العالمية الثانية. نـوفـمـبـر (تـشـريـن الــثــانــي) المقبل 5 الـطـريـق إلـــى ليس ممهداً، بل مليء بالعقبات الكبرى، فمن جانب الـحـزب «الـديـمـقـراطـي» لا يـوجـد يقين مـن هـو المرشح الــفــعــلــي، رغــــم الاتـــفـــاق الـضـمـنـي عــلــى تــرشــيــح كـمـالا هاريس نائب الرئيس المنسحب بايدن، وسيكون في المواجهة دونـالـد ترمب بـإرثـه الثقيل الصاخب، الـذي بات قويا بعد محاولة الاغتيال. الشاهد أن أميركا ما بين انسحاب بايدن، وبين مــحــاولــة الاغــتــيــال وظـــهـــور امـــــرأة تـنـافـس عـلـى مقعد الـرئـيـس فــي الـــدولـــة الأهــــم، تـبـدو وكـأنـهـا تـدخـل نفقا سـيـاسـيـا طـــويـــاً أو مـظـلـمـا، تـتـشـابـه فــيــه مـــع الـعـالـم الثالث. كـل هــذا يـضـرب بالسياسة الأميركية التقليدية في العمق، ويفقدها مساحة التأثير العالمي، وهو أمر يرفضه الليبراليون الأميركيون، وعلى رأسهم جماعة بـــــاراك أوبــــامــــا، الــتــي تــؤمــن بـــالـــدور الــقــائــد لــلــولايــات المتحدة الأميركية في إدارة العالم. إذن، المــأزق التاريخي في أميركا، يتمحور حول انشقاق داخـل الديمقراطية الليبرالية، بحثا عن وجه جديد، يستعيد الحيوية داخل الحزب «الديمقراطي». مـــن المـمـكـن أن تـجـد أمــيــركــا نـفـسـهـا خــــارج رقـعـة الشطرنج إذا استمر انقسامها بهذا الشكل، وفي ظل زئـيـر قــوى أخـــرى، تقف على الـشـاطـئ الآخـــر، تستعد للوثوب على الميراث الأميركي المتراجع وراء المحيط. لا أحــد يستطيع التنبؤ بما سـتـؤول إلـيـه الأيــام الأميركية المقبلة، لكن المؤكد أن هناك مأزقا تاريخيا إما الخروج منه، وإما الإقامة فيه. تــــطــــرقــــت مــــــن قــــبــــل إلـــــــى أن الاســـــتـــــشـــــراق الكلسيكي انتهى بـمـوت بــرنــارد لـويـس، غير أن السجال حول المجال برمته وتنوعه لم ينته عــنــدنــا. الاســـتـــشـــراق بـكـل أثـــــره، ومـــا حـمـلـه من معانٍ ومناهج ومفاهيم لا يزال موضع اهتمام المــؤلــفــ رغـــم عـــدم ضـــرورتـــه، فــالمــجــال أعـــم من تسميته، إذ تظل الدراسات بين الأمم والثقافات أساسية، ولا يشترط معها وجود خطط هيمنة، أو إرادات تـوسـع، كما فـي المـفـهـوم الأكـثـر حدة للستشراق الـذي طرحه الراحل إدوارد سعيد، الــــذي لا يـــزال 1978 » فـــي كــتــابــه: «الاســـتـــشـــراق مـوضـع نـقـاشٍ وســجــالٍ وبـخـاصـة فـي منهجه، ونتائجه الحاسمة، ومعه كتابه المتمم: «الثقافة .1993 » والإمبريالية قرأت قبل أيام في مجلة «حكمة» موضوعا يستحق التعليق لإنجريد هارفولد كفانجرافن وتـرجـمـهُ: الزبير عبد الله الأنــصــاري، بعنوان: «مــا وراء المـركـزيـة الأوروبـــيـــة» وأحـسـب أن أهم نقطة في البحث إشـارتـه إلـى أن «كتاب إدوارد سعيد (الاســـتـــشـــراق) أحـــدث تــحــولاً فــي دراســـة تــــاريــــخ الـــعـــالـــم المــــعــــاصــــر، وذلـــــــك مــــع تــقــديــمــه تبصُرات حول الطريقة التي عملت من خللها الخطابات العنصرية على خلق الإمبراطوريات الأوروبـــيـــة والمـحـافــظـة عـلـيـهـا. وإلــــى حــد كبير بــســبــب أنــشــطــتــه الـــســـيـــاســـيـــة، اســـتـــثـــار سـعـيـد وكـتـابـه نقد عــدد مـن مفكري الـيـمـ ، قـد يكون أبرزهم برنارد لويس». وتعليقي: أن هذا صحيح بدليل أنه كتاب أشعل النقاش حـول الاستشراق حتى اللحظة، وأحــــــدث الــكــتــب فـــي نــقــد إدوارد سـعـيـد لــوائــل حــــاق «قـــصـــور الاســــتــــشــــراق» الـــــذي أخــــذ على إدوارد سـعـيـد اســتــغــراقــه بــالــنــقــد الــســيــاســي، فـــــ«الــــبــــدء بـــالـــســـيـــاســـة والانــــتــــهــــاء بـــهـــا كـحـقـل تقليدي... يؤدي إلى إغفال المقدمات التي يمكن نــقــد مــفــهــوم الــســيــاســي نـفـسـه بــمــوجــبــهــا»، ثم يسبب لذلك الاستغراق: «بأن سعيد ظل يحرث حقولاً سياسية تقليدية إن لم تكن بدائية وذلك لأن ســـرديـــتـــه الــنــقــديــة افـــتـــرضـــت وجـــــود الــفــرد السياسي نفسه أي الفرد الحداثي وأبقت عليه باعتباره القالب الصلد لتلك الأنماط ومحلها». وانتقده حلق على مقولة: «كل أوروبي كان في كل ما قاله عن الشرق عنصريا وإمبرياليا ومـــتــمــركـــزاً بــالــكــامــل حــــول إثــنــيــتــه الـــخـــاصـــة». يحاجج حلق بأن: «هذا الحكم جارف وشامل، إذ لا يميز بـ كـل مـن تـحـدث عـن الــشــرق، بـدءاً من إيسخيلوس ووصولاً لبرنارد لويس... وإذا أخذنا في الاعتبار نظرية التشكلت الخطابية المــحــددة تـاريـخـيـا وثـقـافـيـا عـنـد فــوكــو، الـتـي لا يذهب بها أبعد من القرن السابع عشر، واعتراف سعيد بـتـأثـره بـفـوكـو، فـــإن سـيـاحـة سعيد في اليونان القديمة وفيينا في بدايات القرن الرابع عـشـر تثير الـشـك فــي مـــدى فهمه لمقصد فوكو بالتشكل الخطابي». وبـــالـــعـــودة إلـــى بـحـث المــركــزيــة الأوروبـــيـــة فــإنــه يـتـطـرق لنقد سمير أمـــ لإدوارد سعيد فـــيـــكـــتـــب: «ويـــشـــتـــهـــر بـــــدرجـــــة أقــــــل فـــــي الـــغـــرب سمير أمـــ ، الاقــتــصــادي المــصــري الـــذي ابـتـدع مصطلح (المركزية الأوروبــيــة) في كتابه (نحو نظرية للثقافة نقد التمركز الأوروبي والتمركز ، الـذي 1988 الأوروبــــي المـعـكـوس) الــصــادر عــام انــتــقــد مـــن وجـــهـــة نــظــر الـــيـــســـار تـــصـــور سعيد للإمبراطورية، وقـدّم وجهة نظر بديلة لا تقوم عــلــى الــثــقــافــة أو الـــخـــطـــاب، وإنـــمـــا عــلــى الـفـهـم المــــادي لـلـرأسـمـالـيـة والإمــبــريــالــيــة. لـقـد أمضى سعيد معظم حياتِه المهنيَة في الشمال العالمي، وتــحــديــداً فـــي مـديـنـة نـــيـــويـــورك، أمَــــا أمـــ فقد قضى غالب حياته المهنية في أفريقيا محاولاً بـنــاء مـؤسـسـات أكـاديـمـيـة وسـيـاسـيـة أفريقية لـتـحـدي الـتـبـعـيـات الــتــي خلقتها الإمـبـريـالـيـة. لإجراء مقابلة، 2016 وعندما التقيت أمينا عام كـان مع عمره الــذي بلغ الخامسة والثمانين لا يزال منخرطا بنشاط». الخلصة؛ أن الحديث عن الاستشراق بات جــــزءاً مـــن المـــاضـــي، وكـــتـــاب إدوارد سـعـيـد كـان مــوضــة لــهــا ظـرفـهــا الـشـخـصـي لـــه والــهــويــاتـي والـسـيـاسـي، وفـــي رأيــــي، فـــإن قيمة الـكـتـاب في إثـارتـه للنقاش أكثر من كونه مهما بـذاتـه، لقد تحيّز ضـد الـغـرب، مـع أنـه استخدم فـي الكتاب المــنــهــج الـتـحـلـيـلـي الأركـــيـــولـــوجـــي وهــــو منهج أوروبـي بامتياز، وعليه فإن إعادة الحديث عن الاسـتـشـراق فـي هــذه المرحلة لغو مـن الحديث، لأن الــعــالــم فـــي كـــل تـركـيـبـتـه قـــد تــغــيّــر وانـــــزاح إلــى استراتيجيات نفوذ معرفية أخـــرى، وإلـى وسائل هيمنة مختلفة. تــــبــــدو الأقـــــــــــدار كــــأنــــهــــا تــــعــــانــــد رئــــيــــس الــــــــــوزراء الإسـرائـيـلـي بنيامين نـتـنـيـاهـو، حـيـث يـــزور واشنطن وســط عاصفة سياسية غير مسبوقة، ربـمـا منذ عام ، حين رفض الرئيس جونسون ترشيح حزبه له، 1968 واليوم ينسحب بايدن قبل ساعات من وصـول الرجل الذي يحاول أن يُظهر نفسه كأنه «أسد يهوذا» المعاصر، كما اعتادوا في تل أبيب أن يطلقوا على «بن غوريون». فــارق شاسع بـ صــورة نتنياهو فـي آخــر زيــارة له لواشنطن، قبل أربع سنوات، وتحديداً في سبتمبر ، حين جرى التوصل إلى اتفاقية للسلم 2020 ) (أيلول مـــع الإمـــــــارات الــعــربــيــة المــتــحــدة والــبــحــريــن، حــيــث بــدا وقتها كزعيم قوي وشعبي نسبيا، لحكومة وحدة يمين الوسط، وبين مظهره اليوم بعد عشرة أشهر تقريبا من الحرب على غزة، حيث سانده العم سام مساندةً مطلقة أول الأمـــر، غير أنــه لـم يلبث المشهد أن تغير، ليصبح الـزعـيـم الضعيف المـخـتـلَـف عليه فــي الـــداخـــل، والـرجـل الـــــذي يــفــضّــل مــصــالــحــه الــســيــاســيــة عــلــى عــقــد صفقة لإطــاق ســراح الأســـرى لــدى «حــمــاس»، مما جعله غير مـحـبـوب، وغـالـبـا غـيـر مــرغــوب أمـيـركـيـا، لا سيما بعد أن بـاتـت تكاليف دعـمـه الأدبــيــة، تُختصَم مـن الرصيد الأمــيــركــي عـنـد كـثـيـر مــن الـحـلـفـاء المــقــربـ فــي الـشـرق الأوسط. مــن جـانـبـه، يـولـي نتنياهو اهـتـمـامـا بـالـغـا لهذه الــزيــارة، فهو يـريـد جبر الكسر الـــذي حــدث مـع أميركا الرسمية، وهو أمر غالب الظن سوف يحدث، وبخاصة في ظل العلقة العضوية بين واشنطن وتل أبيب، ذات الشقين، النسبي والدوغمائي. أما الأول فلن إسرائيل هي الحليف الأوثق، ولهذا وصـــف الـرئـيـس المـنـسـحـب حـديـثـا مــن الـتـرشـح لـولايـة رئاسية جديدة، نفسه بأنه صهيوني، وليس شرطا أن يكون يهوديا ليتسم بهذه السمة. أمّــــــا الآخـــــــر، فـــــأن الـــــــروح الـــيـــهـــوديـــة ســـاكـــنـــة فـي البيت الأبيض منذ التأسيس، والأمـر مـردّه إلى إيمان المــهــاجــريــن الأوروبــــيــــ الأوائــــــل بــــأن هــــذه الأرض هي الـصـنـو لكنعان الـتـي كـانـت يـومـا المــــراد والمـشـتـهـى من العبرانيين الغابرين. غير أن هناك شيئا ما تغيّر بالفعل في العقدين المــاضــيــ ؛ فـقـد تـجـرأ كـثـيـرون عـلـى تـوجـيـه الـنـقـد إلـى إسرائيل، على صعيدين، شعبويا ونخبويا. وقـت كتابة هـذه السطور، تقول الأنـبـاء المتواترة من واشنطن، إن المئات وربما أكثر، يتجهزون لملقاة نتنياهو في ساحة الكونغرس بالمظاهرات الغاضبة، الــرافــضــة لــزيــارتــه ولـسـيـاسـاتـه مــعــا، ومـــن بـــ هـــؤلاء أصوات يهودية أميركية، بعضها تكشفت لديه الرؤية بـأن ما يفعله نتنياهو يضر إسرائيل أكثر مما فعلت «حــــمــــاس» فــــي الـــســـابـــع مــــن أكـــتـــوبـــر (تـــشـــريـــن الأول) المنصرم. حقيبة نتنياهو فـي واقـــع الـحـال مليئة بالملفات الحساسة والخطيرة في ذات الوقت، وفي مقدمها ملف المـفـاوضـات الـخـاص بتحرير الأســـرى، ومـبـادرة بايدن الأخيرة لحلحلة الأزمة. هناك كذلك بعض القضايا المشتعلة، التي تمثّل برميل بارود قابلً للنفجار في أي لحظة، والبداية من عند جنوب لبنان، والصراع التدريجي القائم مع «حزب الـلـه»، الــذي يمكن أن يتحول بين عشية وضحاها إلى مواجهة شاملة. أخــطــر الــقــضــايــا الــتــي تـــــؤرّق نـتـنـيـاهـو، فـــي حله وتـرحـالـه، صـحـوه ومـنـامـه، هـي قنبلة إيـــران النووية، وهــو يـــدرك أن واشـنـطـن القلقة والمـضـطـربـة ليست في حـال يمكنها مـن أن تحسم هـذا الملف حسما عسكريا، ليس قبل ستة أشهر على الأقل، وبشرط وصول ترمب لــلــرئــاســة الأمــيــركــيــة، وهــــي فــتــرة كــافــيــة لأن تستعلن طهران ذاتها قـوة نـوويـة، وهـو ما لا يمكن أن تقبل به تل أبيب. مضى نتنياهو إلـى واشنطن، والـرؤيـة النهائية لليوم التالي للحرب في غـزة، غائبة، والــدروب غائمة، مـمـا يفتح الــبــاب واســعــا لـلـقـول إنـــه سـيـكـون مــن قبيل الرفاهية الفكرية والاستراتيجية القول إن أحـداً هناك لديه متسع من الوقت للحديث عن حل الدولتين، والذي تبشر بـه واشنطن شفاهيا، وإن كــان قلبها بعيداً كل البعد عن تحقيقه. السؤال الجوهري والأهم هو: هل هناك في الداخل الأميركي وفي هذه الأوقات الحرجة مَن لديه الرغبة في التفرغ لنتنياهو وقضاياه؟ مـؤكّـد سنشاهد خــال الـسـاعـات القليلة القادمة صـوتـا وصــــورةً، أعـضـاء الـكـونـغـرس بغرفتيه، يقفون مـرات عـدة تصفيقا لنتنياهو، غير أن الحقيقة هي أن الديمقراطيين، لن يطيقوا صبراً إلى حين نهاية الكلمة، فشغلهم الـشـاغـل هـو معركتهم الـداخـلـيـة المتمثلة في الـبـحـث عــن خـلـيـفـة لــبــايــدن، لا سـيـمـا فــي ظـــل الـشّـقـاق الـواضـح حـول كامالا هـاريـس، حيث يبدو جليا رفض كثيرين، منهم تشاك شومر، وربما باراك أوباما، اعتبار ترشحها أمراً مفروغا منه. أما الجمهوريون فيقلبون دفاتر هاريس القديمة، بحثا عـن مثالب، وبمعنى أدق فضائح، لاستدعائها ضدها لقلب الموازين وتأكيد الفوز المؤزّر لترمب. الخلصة: غالبا لن يفي الحظ لنتنياهو أميركيا هذه المرة. Issue 16675 - العدد Wednesday - 2024/7/24 الأربعاء OPINION الرأي 14 مضى نتنياهو إلى واشنطن والرؤية النهائية لليوم التالي للحربغائبة جمال الكشكي إميل أمين فهد سليمان الشقيران من الممكن أن تجد أميركا نفسها خارجرقعة الشطرنج إذا استمر انقسامها بهذا الشكل الحديثعن الاستشراق باتجزءاً من الماضي نتنياهو في واشنطن المضطربة عن المركزية الأوروبية وأحاديث الاستشراق أميركا... ارتباك الأمتار الأخيرة

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky