issue16673

الثقافة CULTURE 18 Issue 16673 - العدد Monday - 2024/7/22 الاثنين أمضى سنةً مدرساً بجامعة محمد الخامس أثر رولان بارت على التعليم الجامعي المغربي يـأتـي كـتـاب «رولان بـــارت فـي المــغــرب» (دار توبقال ) للمعطي قـبـال، ليضيء جانباً مـن سيرة الناقد 2024 - )، بالتحديد المتعلقة 1980 - 1915( الفرنسي رولان بارت بالسنة التي أمضاها مدرساً بجامعة محمد الخامس بين ) بدعوة من الشاعر والروائي الفرانكفوني 1970 - 1969( مـرسـي زغـلـول الـــذي رأس قسم الآداب والـلـغـة الفرنسية بهذه الجامعة مدة عشر سنوات. ويتألف الكتاب من مجموعة من المقالات التي يبدو أنها كُتِبَت على مراحل متباعدة، بحكم التكرار الذي وسم بعضها، وكان يمكن تفاديه في سياق المراجعة النهائية والشاملة. على أن الوحدة الناظمة لهذه المقالات شخصية رولان بارت وما تركه من أثر مدرساً في هذه الجامعة، إذ أحــدث نقلة فـي منهجية التدريس وطريقة قـــراءة النص الأدبـــي وفهمه وتـأويـلـه معتمداً المنهج النقدي البنيوي مذهباً جديداً ناهض الأساليب الكلاسيكية القديمة في تحليل النصوص. والواقع أن هذا التوجه الجديد، على الــرغــم مــن فـتـرة الـغـلـيـان الـسـيـاسـي الـتـي طبعت الحياة الاجتماعية والثقافية في المغرب، ظل حاضراً وإلى اليوم، وهو ما تحقق توثيقه في هذا الكتاب، سواء في الحوار الذي أجراه الكاتب المغربي عبد الله بونفور الذي يعد من أوائـــل الطلبة الـذيـن درســـوا على يـد بـــارت ولازمــــوه على امـتـداد المرحلة الـتـي أمضاها فـي المـغـرب، وضــم كملحق فـي آخــر الـكـتـاب، إضـافـة إلــى ترجمة مجموعة مـن آثــاره ومـقـالاتـه النقدية مـن طــرف أدبـــاء وكـتـاب مغاربة عرفوا بكفاءتهم في حقل الترجمة. وبذلك، فإن كان كتاب «رولان بارت في المغرب» يذهب - كما سلف - إلى تدوين سيرته في المغرب، فإنه ينفتح نسبياً على تفاصيل أخرى تــرتــبــط بـــهـــذه الـــســـيـــرة، إن لـــم يكن بحياة بــارت وشخصيته المتعددة الاهتمامات الأدبية والنقدية. المتوسطي والعابر إن أول مـــــــا يــــطــــالــــعــــنــــا فـــي شــخــصــيــة بــــــارت الــــولــــع بــالــســفــر، ســـواء إلـــى دول غـربـيـة أو عربية، بــحــكــم الــــوظــــائــــف الـــتـــي تــقــلــدهــا، أو بحثاً عـن المتعة وتقصياً للعلامات التي تتفرد بها المجتمعات وتشكل خصوصيتها. ويذهب المعطي قبال إلى أن ولع السفر ارتبط بفضاء المتوسط. ولذلك وُسم بارت بـ«المتوسطي والعابر»: «المتوسط بحر، وهـو أيضاً ينطق بتاريخ البداية ومــنــشــأ الأســـاطـــيـــر، الــــديــــانــــات، الـــحـــكـــايـــات، الـــحـــروب. المــتــوســط هـــو أيــضــ مـشـهـد يـطـفـح بـالـعـنـف وبـالـشـعـر. والمــــتــــوســــط مــــولــــد الــــتــــراجــــيــــديــــا بـــمـــعـــنـــاهـــا الــفــلــســفــي ) على أن مـن الـــدول الغربية التي 13/ والمـلـحـمـي». (ص حظيت باهتمام رولان بارت كانت اليونان. ويعود ذلك لشغفه بالحضارة الإغريقية القديمة، وتكريس جانب من الممارسة النقدية لفن المسرح. على أن ما يضاف لهذا الاهـتـمـام الأدبــــي الــوقــوف عـلـى الـهـوامـش الـتـي تتشكل منها البنية الاجتماعية: «لــــذا يـبـقـى الإغـــريـــق بحسبه هــم أســيــاد الــتــاريــخ، وفي كتاب أسطوريات يستهل الكتاب بنصوص تعرض علينا مشاهد مسرحية مثل لعبة الـكـاتـش، التصوير أو الــفــوتــوغــرافــيــا، بـــل حــتــى كــــ م الأســــطــــورة هـــو كــ م )31/ ممسرح». (ص وأما إيطاليا فحصر عنايته بها في عصر النهضة، فـركـز على مختلف الأجـنـاس الأدبـيـة والـفـنـون: الشعر، المــوســيــقــى، الـــرســـم والــتــشــكــيــل. بـمـعـنـى آخــــر كــمــا يــرى المعطي قـبـال إن عنايته توقفت عند جمالية المتوسط دون أن تمتد لإيطاليا المعاصرة: «... وبكلمة واحـــدة، إيطاليا الفنون والآداب قبل أن تترك مكانها لإيطاليا المعاصرة: أمبرتو إيكو، ماريا كــــالاس، فيلليني، أنـطـونـيـونـي، بـيـرانـدلـلـو، بازوليني )31 / وسواهم». (ص بيد أن صورة بارت المتوسطي، تقتضي عدم الغفل عــن زيــارتــه لـلـيـابـان الـتـي تـــردد عليها ثـــ ث مـــرات منذ . وتعد المرجعية التي اعتمدها في قــراءة وتأويل 1966 العلامات التي يتشكل منها فضاء الاجتماعي والثقافي. والأصـــــل أن الــتــوجــه هـــو مـــا حــــذا بـــه إلــــى ربــــط الــيــابــان بالكتابة، إذ لما سئل: «لمـاذا اليابان؟»، رد بالقول: «لأنه .)33 / بلد الكتابة» (ص وأمـا عربياً، فيشير المؤلف إلـى زيــارة بـارت لمصر، حـيـث اشـتـغـل مـوظـفـ بمكتبة الإســكــنــدريــة، بينما زار عابراً الجزائر وتونس. توظيف اللسانيات لـــم تـكـن الـسـنـة الــتــي أمــضــاهــا رولان بــــارت أســتــاذاً بجامعة محمد الخامس بالرباط، وحدها الفرصة التي أتيحت بغاية التعرف على المغرب، بل نجده يتردد عليه بهدف السياحة والتعرف على 1977 وإلى غاية 1960 منذ أصـدقـاء. من ثـم زار أكثر من مدينة مغربية، وبالضبط طنجة التي ضمت فـي تلك الفترة جماعة «البيت» التي 1964 تشكلت من أمريكيين وأنجلوساكسونيين. وأما في فـسـيـزور مــراكــش بـرفـقـة ميشيل فــوكــو، كـمـا تـعـرف على أزمور والجديدة. على أن السياق الذي دُعي فيه رولان بارت للتدريس الجامعي اتسم بأحداث بعضها سياسي، وآخر اجتماعي. هذه الأحداث رسمت صورة عن مغرب تلك المرحلة. يقول المعطي قبال: «المـغـرب المقصود هنا هو مغرب الستينات وبداية مـــن شــهــر يــونــيــو عــام 30 الــســبــعــيــنــات. شــهــد الــبــلــد فـــي تسليم إسـبـانـيـا منطقة إفــنــي، حـــدوث زلــــزال، بـدء 1969 المـفـاوضـات مـع المجموعة الأوروبـــيـــة، تحقيق قـفـزة على مـسـتـوى التعليم الابــتــدائــي والــثــانــوي، تـكـريـس الـدرهـم )9 / كعملة رسمية». (ص والواقع أن هذه الصورة لم تؤثر على مسار الدرس الجامعي الجديد الذي أحدث كما سلف نقلة في التعامل مع النصوص العالمية قراءةً وتأويلاً. فإذا كان هدف هذا الدرس اتسم فيما مضى بتقليديته حيث ركز أساساً على تاريخ اللغة الفرنسية، إلى استنطاق المعاني اللاهوتية والقومية، فإن توظيف اللسانيات وعلم العلامات أسهم في تقريب النص من المتلقي الذي لم يكن يمتلك مرجعية تخوله تجديد آليات القراءة ومسايرة مستجدات التحليل الــذي أرســى بــارت أسـسـه، حيث درس مارسيل بروست، جـــول فـيـرن وإدغــــار آلان بـــو. يـقـول عـبـد الـلـه بـونـفـور في الحوار الملحق بالكتاب: «أديـــــــــن لـــــــــرولان بــــــــارت كـــونـــه لــقــنــنــي وجـــــــود عــــ قــــة بــــ المــتــعــة والقراءة بصفتها اشتغالاً». (ص/ )94 والــواقــع أن تأثير بـــارت الـذي راكم في تلك المرحلة أو ربما قبلها أكثر من أثر أدبي ونقدي، بل خاض صراعات أدبية في فرنسا (نموذج صراعه مع ريمون بيكار المثبت في كتابه «نـقـد وحقيقة») قـد قــاد إلى ترجمة نـمـاذج مـن هـذه الآثـــار على يد مترجمين مغاربة أكفاء: «الــــــدرجــــــة الـــصـــفـــر لــلــكــتــابــة» ترجمه محمد بــرادة، «علم الأدلــة» و«س/ ز» وترجمهما محمد البكري، «درس السميولوجيا» عبد السلام بنعبد الـعـالـي، «الـغـرفـة المضيئة» إدريـــس الـقـري و«لـــذة النص» فؤاد الصفا. ولم يكن أثر بارت مباشراً وحسب من حيث كـونـه الأســتــاذ الجامعي المــــدرس، وإنـمـا غير مباشر في حال نقل وترجمة آثــاره، علماً بأن المترجمين المغاربة لم يتفردوا بترجمته، وإنـمـا أسهم الـسـوريـون والعراقيون والمصريون أيضاً في التعريف بآثار بارت. على أن التلقي الفاعل والمنتج كـان مغربياً، حيث عُــرف عن المغاربة في أكثر من محفل أدبي كونهم نقاداً وليسوا مبدعين. يقول قبال: «كــــان رولان بــــارت إذن، بـالـنـسـبـة لـجـيـلـنـا ولـجـيـل بأكمله من الطلبة العرب، أيقونة فكرية وأدبية دامغة في )6 / المشهد الثقافي المغربي والعربي بشكل عام». (ص وانعكست النقلة النقدية في القراءة، الفهم والتأويل على الـلـغـة، وكـمـا يــرى المـؤلـف جــرى تـــداول معجم نقدي جـديـد تشكل مــن مفاهيم ومـصـطـلـحـات لــم تـكـن مألوفة على مستوى الـخـطـاب الـنـقـدي، مـثـل: «الــلــذة»، «المـتـعـة»، «الـــنـــص»، «الـــتـــنـــاص»، «الــخــطــاب الـــعـــاشـــق»، «الــعــ مــة» و«الدلالة». مفارقة تتمثل المفارقة التي يثيرها الأستاذ المعطي قبال في كون بارت لم يهتم بـالأدب المغربي الحديث المكتوب بـالـلـغـة الـفـرنـسـيـة لأســـمـــاء وازنـــــة كـــإدريـــس الـشـرايـبـي، ومحمد خير الدين ومصطفى النيسابوري، على الرغم من أن هذه الأسماء فرضت قوة حضورها داخل الوسط الأدبي بفرنسا. وبذلك فإن ما أولاه عناية الفضاء الأدبي الضيق الذي عاش فيه، والمتمثل في طلابه ومن ربطته بهم علاقة؛ مثل عبد الله بونفور، عبد الكبير الخطيبي، محمد عـزيـز الحبابي وزغـلـول مـرسـي. وقــد يـعـود عدم الاهــتــمــام إلـــى الــحــظــوة الــتــي كـرسـهـا بــــارت للنصوص العالمية. وأعتقد - كما يرى المؤلف - أن الخطيبي نفسه لم يحتف ببارت، كما يجدر، وإنما أولى الاهتمام لجاك دريدا. يقول المؤلف: «لـــم يتسن للخطيبي الاحـتـفـاء بــــرولان بـــارت كما احتفى بجاك دريدا لما نظم بالرباط مناظرة حول (الهبة )65 / والزمن) التي كان جاء دريدا منشطها». (ص ومثلما لم يهتم بارت بالأدب المغربي الحديث، فإنه لم يكتب عن السنة التي أمضاها في المغرب. ويـبـقـى كــتــاب «بـــــارت فــي المـــغـــرب» كـتـابـ توثيقياً لمرحلة في حياة علم من أعلام فرنسا في الأدب والثقافة والفكر. صدوق نور الدين لم يهتم بارت بالأدب المغربي الحديث كما لم يكتبعن السنة التي أمضاها في المغرب استطاعت المرأة في سنوات قليلة أن تخرج من ثوب الوصاية وتمثّل نفسها وبناتجيلها بحرّية تامة الكاتبة القطرية لا تتخفّى وراء الأقنعة وهي تكتب سيرتها الذاتية هدى النعيمي: التاريخشائك... وليسهناكمساحة آمنة للكتابة *فــــي روايــــتــــك الـــجـــديـــدة «زعـــفـــرانـــة» تـعـوديـن لـلـتـاريـخ مــن بـــاب الــحــرب فــي «ظـــفـــار»، عـبـر حقبة زمنية تكاد تغطي قرناً من الزمان، وتتنوع مكانياً ما بين الخليج ودول أخرى، ما مبرّرات هذه العودة؟ - الـتـاريـخ مـغـلّـف بـــالأســـرار والــغــمــوض، وإذا تحدثنا عن «حرب ظفار»، سنجد أنه كان من شبه المحرّمات الحديث عنها، أو تناولها في أي مرجع لـسـنـوات طـويـلـة، فـقـد غـابـت عــن كُـتـب الـتـاريـخ في المنطقة، فخرج جيلي، وجيل بعدي لا يعرف عنها شيئاً، رغم أنها استمرت أكثر من عقد من الزمان. فــــي الـــســـنـــوات الأخــــيــــرة فـــقـــط خـــرجـــت بـعـض المـــراجـــع الـــجـــادّة لـــتـــؤرّخ لتلك الــفــتــرة، كـمـا خرجت روايــــات عُمانية تتحدث عـن «حـــرب ظـفـار» أيضاً. وجاءت روايتي «زعفرانة» لتطرح بعض الإجابات، والـكـثـيـر مــن الأسـئـلـة أمــــام الـــقـــارئ، الــــذي يـجـب أن يــعــرف مــا حـــدث فــي تــاريــخ مـنـطـقـتـه، وإذا أراد أن يعرف أكثر فليبحث عن المزيد من القراءات. تــنــتــمــي روايــــتــــك «زعــــفــــرانــــة» لمــــا يــســمــى «روايــــــة > الأجيال»... كيف ترين الرأي القائل بأن هذا الشكل الأدبي بات مستهلَكاً؟ -لا أتفق بالطبع مع هـذا الـــرأي، ستظل روايـة الأجيال شكلاً أدبياً جاذباً للقراء، لكن على الكاتب أن يُــحــســن قـــــراءة تـــاريـــخ روايــــتــــه، ويُــحــســن رصــد التغيرات التي مرّت بها أجيال عمله الروائي، فلكل حقبة تاريخية خصوصية في جوانبها السياسية والاجـــتـــمـــاعـــيـــة، وتـــتـــطـــوّر الــشــخــصــيــات وتـتـشـعّـب اهتماماتها، بل تتغيّر جذرياً أحياناً من جيل إلى جـيـل، وعـلـى مـن يتصدى لـروايـة الأجـيـال أن يـدرك هـــذا، وأن يـطـوّر تصوير شخصياته مـن جيل إلى جيل. ما تفسيرك لظاهرة اتجاه أدباء الخليج إلى الغوص > في تاريخ المنطقة، وطرح أسئلة الهوية والمستقبل من خلال هذا الشكل الأدبي؟ -أشُـدّ على يد هـؤلاء الذين يتصدّون للغوص في تاريخ المنطقة، فالتاريخ لدينا لم يوثّق بشكل قـــوي، نـعـم هـنـاك كــتــابــات، ولـكـن الأديــــب أو المـبـدع قــادر على قـول مـا لا يجرؤ الباحث أو المـــؤرّخ على أن يقوله، لكن الرواية في صورتها الأدبية تحكي ما لم يُحكَ، وهذا لا ينطبق على الخليج فقط، بل على عوالم عربية وغير عربية حول العالم. الـبـعـض ينتقد مــا يسمى بــــ«الـــروايـــة الـتـاريـخـيـة» > فـي تجلياتها العربية عموماً، ويـقـول إنها تعكس الرغبة فـي البحث عـن مساحة إبـداعـيـة «آمـنــة»، مـن خــ ل العودة للماضي الذي تتوفر فيه الأحداث والتفاصيل والشخصيات بكثافة، كيف ترين الأمر؟ - أختلف مع هذا الاتجاه في النقد، فالتاريخ منطقة شـائـكـة، ولـيـسـت آمـنـة لـلـكـاتـب كـمـا يعتقد بعض النقاد، بل هو حقل ألغام يجب التحرك خلاله بحذر شـديـد؛ لأن المـاضـي لا بـد أن يكون موصولاً بـــطـــريـــقـــة مــــا مــــع الــــحــــاضــــر. وتـــســـتـــدعـــي الــــروايــــة التاريخية الكثير من القراءات والبحث والمراجعات، وعند استدعاء شخصية تاريخية، فإن ذلك يحتاج إلـــــى شـــجـــاعـــة، فـــأغـــلـــب الـــشـــخـــصـــيـــات الــتــاريــخــيــة شـــخـــصـــيـــات جـــدلـــيـــة تــــحــــوم حـــولـــهـــا الأســــاطــــيــــر، والحكايات المتناقضة، فكيف تكون مساحة آمنة؟ أثــــار قـــــرارك بـكـتـابـة سـيـرتـك الــذاتــيــة «حـــن يـبـوح > الـنـخـيـل» وأنـــت فــي هـــذه الـسـن المـبـكـرة اسـتـغـراب كثيرين ممن اعتادوا على قراءة السير الذاتية، حي يكون صاحبها شارَف محطته العمرية الأخيرة، ماذا كانت مبرّراتك؟ - سيرتي هـي سيرة بلد فتيّ هـو بلدي قطر، لقد سجّلت فـي كتابي هــذا انـعـكـاس تـطـور البلاد عـلـى سـيـرة امــــرأة مـثـلـي، وأوجــــدت بـــ دي لنفسها مــكــانــة دولـــيـــة فـــي خــــ ل سِـــنِـــي عـــمـــري، وأوجـــــدت لنفسي بحمد الله مكانة عربية ودولية في مجال العلوم الذي تخصصت به، والكتاب لا يتحدث عن شخصي فقط، لكنه يتحدث عن دولة حصلت على ، ثم صارت اسماً عالمياً 1971 استقلالها حديثاً عام عاماً فقط، ولي أن أفخر أن أكون ابنة هذه 50 خلال الـبـ د، فسجّلت سيرة تنهض على التماس بيني وبين بلدي. لمـاذا لم تلجئي إلـى الحل الأسـهـل، وهـو أن تكتبي > ســيــرتــك مـــن خــلــف قـــنـــاع شـخـصـيـة رئـيـسـيـة فـــي روايـــــة، وتتجنّبي المواجهة الصريحة المباشرة مع القارئ، كما تفعل معظم الكاتبات العربيات حالياً؟ - لم أحتَج إلى قناع في كتابة سيرتي الذاتية، نعم هذا يحدث كثيراً مع كاتبات وكُتّاب عرب أيضاً، بخاصة عند الخوض في مناطق المحرّمات السائدة أو «التابوهات»، أو عند تصوير علاقات إنسانية يشوبها الاخــتــ ل. يـرفـع الكاتب أو الكاتبة نفسه عن الأحداث التي عاشها وينسبها إلى شخصيات روائية، ولا ضيرَ في ذلك، ولكنني بالفعل لم أحتَج إلى التخفّي أو إلى الأقنعة وأنـا أكتب «حين يبوح النخيل». مـا الــذي يجمع بينك وبـن «النخيل» الــذي تصدّر > غلاف سيرتك؟ - الـنـخـلـة شــجــرة مـــعـــطـــاءة، كــريــمــة وفـيـاضـة العطاء، وهي تأخذ القليل، ويُسعدها العطاء أكثر من الأخذ، النخلة تهب السعف وتهبنا رُطَباً ندياً. وحـــ أردت أن أكــتــب ســيــرتــي، وجــــدت أنـــي أشـبـه النخلة في الرضا والعطاء، أو أحاول أن أتشبّه بها في رضاها وفي عطائها. أما الشموخ الذي تتمتع بـــه الـنـخـلـة فــهــذه حـكـايــة أعـشـقـهـا وأدور حـولـهـا، نـعـم أعـشـق شـمـوخ الـنـخـيـل، الـــذي يصعد بسعفه إلى السماء، وأتشبّه به في غَـرس جـذوره بالأرض الطيبة. حــصــلــتِ عــلــى الـــدكـــتـــوراه فـــي الــفــيــزيــاء الــنــوويــة، > وتعملي في تخصصات علمية دقيقة، كيف يتقاطع عملك سلباً أو إيجاباً مع عوالمك الإبداعية؟ -العمل في المجال العلمي شـاقّ، ويحتاج إلى تركيز ورعاية دقيقة، والإبداع أو الكتابة الإبداعية أيـضـ عمل جميل وشـيـق، لكنه يحتاج مـن المبدع التدقيق في كتاباته والعناية بها، وعدم التصريح أو الإفــــراج عـن الكتابة لـلـقـراءة إلا بعد الكثير من التدقيق، والحرص على جماليات اللغة والمعني. أما التقاطع فهذا صحيح، لقد أخذ العمل مني الكثير من الزمن، الذي ربما كنت قد أنتجت خلاله أعمالاً أدبية كثيرة، لكن إدارة الوقت لم تكن تسمح بأكثر مما كـان، في ذات التوقيت قد زادت خبرتي في الحياة، من خـ ل الانـخـراط في العمل مع عالم متنوع من البشر، والكثير من التضاربات بينهم، وهــذا ينعكس على أعمال إبداعية قد تصدر يوماً بـــإذن الـلــه، خـصـوصـ أنـنـي تـفـرغـت حـالـيـ لـلـقـراءة والكتابة. كيف تنظرين إلى الإسهام النسائي في الرواية على > الساحة الخليجية؟ وهل رفعت المـرأة المبدعة أخيراً شعار «لن أعيش في جلباب الوصاية أياً كان مصدرها؟». - حــقــقــت الـــكـــاتـــبـــة الــخــلــيــجــيــة فــــي الـــســـنـــوات الأخـــيـــرة الـكـثـيـر مـــن الأهـــــــداف، دون أن أقـــــارن بين الكاتب والكاتبة في الخليج، لكن المرأة التي عاشت لوقت طويل خاضعةً لوصاية الرجل، ممثّلاً في الأب أو الأخ أو الزوج أو المجتمع بأسره، استطاعت في سنوات قليلة أن تخرج بالفعل من ثوب الوصاية، وتـمـثّـل نفسها وبـنـات جيلها بحرية تـامـة، أيضاً جيل ما قبلها. استطاعت أن تعبّر عن قضايا عامة على عكس الـوصـايـة، ورفـضـت إحـكـام القبضة على حياتها، كما حــدث مـع كـتـابـات كثيرة فـي الـسـابـق. الكاتبة الخليجية اليوم تخوض في إبداعها عوالم كانت مظلِمة، فتكتب عما حولها كما يكتب الرجل، وربما أفضل كأيّ كاتب حر. أخيراً، برأيك ما سر ظهور فن الرواية على الساحة > القطرية متأخّراً مقارنةً ببقية بلدان الخليج العربي؟ - ربـــمـــا يـــعـــود الــســبــب إلــــى عــــدم وجـــــود دُور نشر في قطر لتشجّع على نشر الرواية، فقد غابت هــــذه الـــــــدّور لـــوقـــت طـــويـــل، الأخــــتــــان دلال وشــعــاع خليفة قامتا بطباعة أول روايـتـ قطريتين لهما فــي بــيــروت مـطـلـع الـتـسـعـيـنـات، وهــــذا عـمـل شـــاقّ، ليس بمقدور الكثيرين القيام بـه، واكتفى الكاتب والـــكـــاتـــبـــة الـــقـــطـــريّـــ بــنــشــر الـــقـــصـــص الــقــصــيــرة والشعر في المجلات المحلية التي تستقبل الإنتاج الأدبي، مثل «العهد» و«العروبة» و«الدوحة»، ولكن ما إن نُشرت روايات دلال وشعاع حتى فتح المجال واسعاً للكُتّاب الروائيين، وبدأ نشر الرواية القطرية خــجــولاً، ثــم ازدهــــر بـعـد ذلـــك بــوجــود عـــدد مــن دُور النشر المحلية فـي قطر حالياً، ومنها دار «الـوتـد» التي أصدرت رواية «زعفرانة». هدى النعيمي القاهرة:رشا أحمد تتميز التجربة الإبداعية للكاتبة القطرية هدى الـنـعـيـمـي بــالـــصـــدق مـــع الــــــذات والآخـــــــر، وتـصـويـر تــحــوّلات الإنــســان الـعـربـي فـي منعطفات تاريخية مهمة منذ التسعينات وحتى الآن، ورغم أنها كثيراً مـا تجعل هـواجـس المـــرأة وأسئلتها الحائرة همّها الأول وخيارها الرئيسي، فإنها تصنع ذلك في إطار إنساني عريض، وليس تعصباً للنوع، أو انتصاراً أعمى للمرأة في مواجهة الرجل. يتنوع إنتاجها ما بي الـروايـة والسيرة الذاتية والقصة القصيرة ومسرح الطفل، ومن أبرز أعمالها «المـــكـــحـــلـــة»، «أنــــثــــى»، «عــــن تــــــرى»، «عـــنـــدمـــا يـبـوح النخيل»، و«زعـــفـــرانـــة»... وبــمــوازاة أدبــهــا، واصلت هـــدى النعيمي مسيرتها عـلـى المـسـتـوى العلمي، فحصلت على الدكتوراه في الفيزياء النووية، وهي تشغل حـالـيـ مــديــرة إدارة الـصـحـة والـسـ مـة في مؤسسة «حمد» الطبية بقطر. هنا حوار معها حول روايتها الجديدة وتجربتها الأدبية:

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky