فـي اآلونـــة األخــيــرة، اسـتـحـوذت على اهتمامات الرأي العام في ليبيا قضيتان. األولى تمثّلت في إعالن . والثانية قضية فساد 2024 املوازنة التسييرية لعام كُشف عنها عبر برنامج تلفزيوني عنوانه «فلوسنا»، مهتم بالكشف عــن قـضـايـا الـفـسـاد، ويـتـولّــى إعـــداده وتـقـديـمـه صـحـافـي اســمــه أحــمــد الـسـنـوسـي، تـعـرّض بعدها للخطف واالعـتـقـال فـي طرابلس مـن قبل أحد األجهزة األمنية، ثم أُفرج عنه فيما بعد من قِبل مكتب النائب العام. فيما يـخـص قضية املـــوازنـــة، فـإنَّــهـا كـمـا اتَّــضـح جاءت نتيجة اتفاق ثنائي بني رئيس مجلس النواب املــســتــشــار عـقـيـلـة صـــالـــح، ومـــحـــافـــظ مـــصـــرف ليبيا املـــركـــزي الــصــديــق الــكــبــيــر. وهــــي املـــــرّة الــثــانــيــة الـتـي يتفقان فيها على قضايا مالية مثيرة للجدل. كانت املـرّة األولـى حني -فجأة- اتفق االثنان، في قضية رفع في املائة، لتغطية ما قيل إنه 27 سعر الـدوالر بنسبة عـجـز فــي املـيـزانـيـة، تـــم إنـفـاقـه مــن دون مـوافـقـة، ومـن دون ذكر اسم الجهة التي أنفقت. وهي جهة معروفة بــالــطــبــع، وتـــحـــديـــدًا، الــحــكــومــة الــثــانــيــة فـــي املـنـطـقـة الشرقية برئاسة أسامة حماد، واملعترف بها من قِبل الـبـرملـان. الـزيـادة تلك فُــرضـت حتى نهاية هـذا العام. دينار 6.15 إلــى 4.80 ورفـعـت سعر شــراء الـــدوالر مـن ليبي. أي أن املواطن الليبي أُجبر على تغطية العجز املالي، وهذا أمر طبيعي ما دامت في البالد حكومتان وامليزانية جُعلت، وهـذا من املنطقي لحكومة واحـدة. فال يمكن أن تكون امليزانية لحكومتني في بلد واحد!! قضية امليزانية التسييرية بــرزت فجأة مؤخرًا، ونتيجة تفاهم ثنائي بني املستشار واملحافظ. وفيها أُقرت للمرة األولى موازنة تسييرية لحكومة بنغازي مليار ديـنـار ليبي، 88 ، بقيمة تصل إلــى 2024 لـعـام مليار 180 من إجمالي ميزانية تسييرية تُقدّر بنحو دينار ليبي. وهي -حسب آراء املختصني- أكبر ميزانية تسييرية في تاريخ ليبيا. علمًا بأنه لم يبق من عام سوى أشهر قليلة. 2024 املـــيـــزانـــيـــة املــمــنــوحــة لــحــكــومــة بـــنـــغـــازي، تعني اعــتــرافــ صـريـحـ مــن حـكـومـة طــرابــلــس املــعــتــرف بها دولــيــ بـالـحـكـومـة الـثـانـيـة، وكــذلــك اعـــتـــراف بانقسام لـيـبـيـا. مـــا يـمـيّــز االنــقــســام الـلـيـبـي أن مــصــرف ليبيا املركزي يتولّى اإلنفاق على الحكومتني. ما كان أمرًا واقعًا، فُرض بقوة السالح وال يُالقي قبوالً، صار أمرًا واقعًا مقبوال ومعترفًا به. الحديث عن وحدة األراضي الليبية، وترديد القول إن ليبيا واحدة ال تقبل الـقـسـمـة... إلـــخ، مـن املــقــوالت املــكــررة، لـم يعد لها معنى أو مكان. الحقيقة الوحيدة وشديدة املرارة هــي أن ليبيا مـقـسـومـة فعليًا بــحــدود وبـحـكـومـتـ ، وأن الحديث عـن انتخابات نيابية ورئـاسـيـة لـم يعد لـه معنى، وال يجد مـن يـصـدّقـه، وأن الـذيـن يمتلكون السالح والرجال في شرق ليبيا وغربها هم من يقرّرون ويفعلون. وما تتناقله األخبار عن لقاءات بني أعضاء في مجلسي الدولة والبرملان، في عواصم عربية، ليس إال وسيلة لتبرير وجـود مجلسني فقدا صالحيتهما ومـصـداقـيـتـهـمـا. ووســيــلــة مـقـرفـة الســتــنــزاف خزينة املـــال الــعــام بــرواتــب ومـصـاريـف ومــزايــا ألشــخــاص ال يستحقونها. الـــحـــكـــايـــة بـــبـــســـاطـــة -حــــســــب مـــــا نـــقـــلـــتـــه مـــواقـــع التواصل الليبية- أن صحافيًا اسمه أحمد السنوسي كـــــان يـــتـــولـــى بـــــث بـــرنـــامـــج اقـــتـــصـــادي أســـبـــوعـــيـــ مـن استوديو في مدينة تونس، لصالح قناة تلفزيونية ليبية هـي «تلفزيون الـوسـط». البرنامج كـان ناجحًا وتميّز بمتابعة ما يحدث من قضايا فساد والكشف عنها. ويبدو أن البرنامج كشف مؤخرًا عن مستندات رسمية تؤكد قضية فساد في وزارة االقتصاد، وتشير إلـى تــورّط الـوزيـر. الـــوزارة، ووفقًا ملا تناقلته وسائل الــتــواصــل الـلـيـبـيـة، أبـلـغـت األجـــهـــزة األمــنــيــة مطالبة بالقبض على الصحافي املذكور؛ ملعرفة املصادر داخل الوزارة التي سرّبت املستندات. الطريقة التي أُحـضـر بها الصحافي مـن تونس لم تتضح خيوطها بعد، لكنه اعتُقل من أمام بيته في طرابلس يوم وصوله، من قبل جهة أمنية غير معروفة أيضًا. خبر االختطاف انتشر كالنار في الهشيم على اإلنــتــرنــت، وتــدافــع الـصـحـافـيـون والـكـتـاب واملثقفون واملـــواطـــنـــون فـــي حـمـلـة إعــ مــيــة؛ لـلـمـطـالـبـة بمعرفة الـــجـــهـــة املــخــتــطــفــة واإلفـــــــــراج عــــن املـــعـــتـــقـــل. وتـــواصـــل كثيرون مع منظمات دولية حقوقية؛ ما زاد من حجم الـــضـــغـــوطـــات عــلــى الــجــهــة الـــتـــي اعــتــقــلــتــه، فــســارعــت بتسليمه إلــى مكتب النائب الـعـام، وهـنـاك أُفـــرج عنه ملخالفة إجراءات القبض للقانون. الــــجــــهــــة األمـــــنـــــيـــــة، خـــــــ ل فــــتــــرة االعـــــتـــــقـــــال غــيــر القانوني، استجوبت الصحافي وانتزعت اعترافات منه، وسجلت شريطًا مصورًا له، وعُرض الشريط على اإلنترنت بهدف التغطية، بتحويل القضية من قضية فـسـاد، وتـــ ه خطف غير قـانـونـي، إلــى قضية تتعلّق بما ذكره الصحافي من أقوال ذات صلة باملبالغ التي يتسلّمها شهريًا من قناة «تلفزيون بوابة الوسط»، لـــقـــاء بـــث الـــحـــلـــقـــات. وبـــالـــطـــبـــع، نــجــحــت فـــي تحقيق الهدف. القضية أبانت أن منظومة الفساد في ليبيا قد تضخمت، وصارت لها أنياب ومخالب. وأبانت أيضًا أن تحالف املصالح بني مختلف من يعملون داخلها قد شيّد حائطًا من أسمنت مسلح؛ إلخفاء ما يحدث من صفقات وتجاوزات ونهب للمال العام. وأن السجن الـــــذي مـــن املـــفـــتـــرض أن يـــطـــول الـــســـارقـــ والــنــاهــبــ واملـــجـــرمـــ ، أضـــحـــى مــصــيــرًا يـنـتـظـر كـــل مـــن يــحــاول الكشف عن الفساد. نظرة الفقيه السوري وهبة الزحيلي في رسالته ، ملجيد 1963 لـــلـــدكـــتـــوراه املــطــبــوعــة فـــي كـــتـــاب عــــام خدوري ولكتابه «الحرب والسلم في شرعة اإلسالم»، مختلفة جـذريـ عـن نـظـرة محمد البهي فـي تقريره «املــســتــشــرقــون واملـــبـــشـــرون ومـوقـفـهـم مـــن اإلســــ م» إلــيــهــمــا، وهــــي الـــتـــي أوردنــــاهــــا فـــي املـــقـــال الــســابــق، املشحونة باالفتراء والتضليل لسبب طائفي يتعلّق بـديـانـتـه املـسـيـحـيـة الــتــي يـجـب مــن وجــهــة نــظــره أن تمنعه من أن يدرس شأنًا من شؤون الدين اإلسالمي! الفقيه السوري وهبة الزحيلي استمد معلومات مــــن كـــتـــاب خـــــــدوري فــــي بـــعـــض مـــواضـــيـــع رســـالـــتـــه، بـــاعـــتـــبـــاره مـــصـــدرًا مـــن مـــصـــادرهـــا، مـــع أنــــه خـالـفـه وعارضه في املسائل التالية: - قول مجيد خدوري: إن الجهاد حرب دائمة مع غير املسلمني. - وقوله: إن قوانني القانون الدولي في اإلسالم ال تقوم على أساس الرضا املتبادل بني أعضاء الجماعة الدولية، ولكن على أساس تفسير املسلمني وفهمهم ملصالحهم السياسية والخلقية والدينية. - وقــــولــــه: أن تــعــلــن الــــدولــــة بــمــحــض إرادتــــهــــا حـيـادهـا نـحـو قــوتــ أو أكــثــر مــن الــقــوى املـتـحـاربـة ليس مسموحًا به لدى فقهاء املسلمني، ألنهم قرروا أن اإلســـ م ينبغي أن يـكـون فـي حــرب دائـمـة مـع أية دولة ترفض أن تذعن لشروطه، إما بالخضوع للحكم اإلسالمي، أو بقبول تسوية سلمية مؤقتة، ألن الدنيا قسمان: دار إسالم ودار حرب. فـــي مـــعـــرض مــنــاقــشــة الــزحــيــلــي لــــخــــدوري في املسألة الثالثة، قال: «مع اعترافنا بأن الحياد لم يكن في عهد اإلســ م قد ظهر كنظام قانوني؛ إذ لم يكن هناك إدراك ملعنى الحياد نتيجة قيام شبه عالقات وديـــــة، فـإنـنـا نــقــدر لــأســتــاذ خـــــدوري مـحـاولـتـه في التعرف على حــاالت في اإلســ م تشبه عمليًا وضع املــحــايــديــن الـــيـــوم، وإن لـــم يـكـن لـهـم وضـــع قـانـونـي يحدد لهم واجباتهم وحقوقهم، ولكننا نختلف معه فـي تأصيل هــذه الــحــاالت وإرجـاعـهـا إلــى مصدرها الشرعي، فهو يعتبر وجود فكرة الحياد - على أنها واقـعـة مـاديـة فـي إثيوبيا والـنـوبـة وقـبـرص - مبنيًا على اعتبارات واقعية، وليس بناء على أصل شرعي (أي أن الشرع في تقديره ال يقرها)». في مفتتح مناقشة الزحيلي لـرأي خـدوري بأن الجهاد حرب دائمة، والذي عدّه األول «تهمة»، أدرجه ضمن الكاتبني الغربيني! وإجـــمـــاالً، مـنـاقـشـة الـفـقـيـه وهــبــة الـزحـيـلـي مع مجيد خــــدوري فــي املـسـائـل الــثــ ث الـتـي مــر ذكـرهـا كــانــت مـنـاقـشـة عــالــيــة املــســتــوى بـــ فـقـيـه ومــــؤرخ. والذي سيقرأ كتابهما - إن لم يكن سبق له أن قرأهما - ســيــخـرج بـحـصـيـلـة مـعـلـومـاتـيـة غـنـيـة عـــن قضية الحرب والسالم في اإلسالم. نــظــرة اإلســـ مـــي الــســعــودي عـبـد الـحـمـيـد أبـو سليمان في رسالته للدكتوراه «النظرية اإلسالمية للعالقات الدولية: اتجاهات جديدة للفكر واملنهجية اإلسالمية» التي أنجزها في جامعة بنسلفانيا عام ، إلـى مجيد خــدوري وإلـى كتابه، نـأى بها أن 1973 تكون متأثرة بنظرة البهي إليهما في تقريره، رغم أن كـتـاب البهي «الفكر اإلسـ مـي الحديث وصلته ) كان 1964( باالستعمار الغربي» في طبعته الرابعة من ضمن قائمة مراجعه. وهذه الطبعة - كما ذكرت فـي مـقـال سـابـق - كـانـت هـي أول طبعة جعل فيها مؤلفه تقريره من مالحق هذا الكتاب. تصدى عبد الحميد أبو سليمان للرد على آراء مجيد خـــدوري فـي الـجـهـاد اإلســ مــي، ومــا يتصل بــه مــن قـضـايـا، مــن خـــ ل كـتـابـه «الــقــانــون الــدولــي اإلســـ مـــي: كــتــاب الـسـيـر لـلـشـيـبـانـي»، الــــذي نشره ، ومن خالل كتابه الذي تقدم 1966 باإلنجليزية عام ذكره. قال أبو سليمان بعد أن عرّف بدار الحرب في اإلسالم: «يعتبر بعض الكتاب، وبشكل بارز مجيد خدوري، مسؤولني عن قدر كبير من الخلط واإلرباك الناتج عن ميل هؤالء في االختيار املفرط لتفسيرات بعض الفقهاء املجتهدين دون غيرهم». ومن القضايا املتصلة بالجهاد اإلسالمي التي رد أبـــو سـلـيـمـان عـلـيـهـا، قـــول خـــــدوري: «وبـحـسـب الــشــريــعــة اإلســـ مـــيـــة يـمـكـن لــلــدولــة اإلســـ مـــيـــة أن تمنح سكان دار الحرب فترات هدنة قصيرة األجل، إما بعقد معاهدة سالم أو بعهد أمان تقطعه لهم، ال تزيد مدة الواحدة على عشر سنوات». رد أبــــو ســلــيــمــان عــلــيــه، فـــقـــال: «ولـــنـــأخـــذ في البداية النقطة األخيرة التي تعرض إليها خدوري ونـعـنـي بـهـا مـفـهـوم املـــدة الـقـصـوى املــحــددة بعشر ســنـــوات ملــعــاهــدات الـــســـ م، فـيـظـهـر أنـــه اعـتـمـد في هذه املسألة على اجتهاد اإلمـام الشافعي املتشدد، وتجاهل رأي اإلمـام أبي حنيفة الجدير باالعتماد، ألنـه عقد يجوز في العشر، فجازت الـزيـادة عليها، وهو أن املصلحة قد تكون في الصلح أكثر منها في الحرب». ويـــزيـــد عــلــى هــــذه املــحــاجــة الـفـقـهـيـة، فـيـقـول: «ويـعـزو كـل مـن ابــن قـدامـة وابـــن رشــد آراءهــمــا إلى اإلمامني مالك وأبي حنيفة، وفي رواية أخرى لإلمام ابــن حنبل مـا يفيد أن مــدة املـعـاهـدة قـد تـكـون غير مــحــددة تـبـعـ للمصلحة الــتــي تــدرهــا عـلـى الــدولــة اإلسـ مـيـة، وهـــذا يـوضـح التباين فـي آراء الفقهاء املـجـتـهـديـن، وفـــي هـــذه األحــــــوال فـلـيـس هــنــاك رأي واحـــد يمكن إفــــراده أو تخصيصه عـلـى أنـــه املعبر بعينه عن الشرع اإلسالمي». وللحديث بقية. الـبـريـطـانـيـة جـسـتـ روبـــرتـــس تـحـتـل مــركــزًا مـتـقـدمـ فــي قـائـمـة املــائــة ســيــدة األكــثــر تــأثــيــرًا في الحياة العامة، ومع زميلة دراستها (من أكسفورد) كـــــــاري لـــونـــغـــيـــتـــون، تـــمـــتـــلـــكـــان غـــالـــبـــيـــة مــؤســســة 8 «مـــامـــزنـــت» (شـبـكـة األمــــهــــات)، وتـــقـــدر قيمتها بــ ألف جنيه. أطلقت موقعًا إلكترونيًا في 600 ماليني و م بشعار «مـن األمهات واآلبــاء إلـى أنفسهم»، 2000 كساحة لـقـاء وتــبــادل نصائح بـــدأت بمشاركة بني األمهات في مجاالت كتدبير املنزل والصحة ورعاية األطفال ومدارسهم ومشاكل املراهقني. الكل يطرح مشاكله واستفساراته، واملتخصصون أو أصحاب الـحـلـول يـتـبـادلـون املــعــلــومــات. انـهـالـت الـتـبـرعـات واملنح من أقسام الحكومة، وحتى البلديات، وأيضًا من شركات منتجات األسرة على «شبكة األمهات»، بعد أن أشادت الحكومة العمالية السابقة برئاسة ،)2009( ) بجهودها 2010-2007( غــــوردون بـــراون وأنعمت امللكة إليزابيث الثانية عليها بلقب «ديم» (املقابل النسائي للقب «فارس» أو «سير»). شــــاركــــت روبــــرتــــس قـــبـــل يـــومـــ فــــي بــرنــامــج «الـــيـــوم» الـصـبـاحـي فـــي «بـــي بـــي ســــي»، وهـــو أهـم برامج شؤون الساعة اإلخبارية في اململكة املتحدة؛ إذ يحدد أهم نقاط األجندة السياسية واالجتماعية الـتـي تهم الـــرأي الـعـام فـي الــبــ د. معظم مـا يثيره الـــبـــرنـــامـــج، يـــتـــحـــول إلـــــى أســـئـــلـــة يــنــاقــشــهــا نــــواب مجلس العموم، وكتّاب األعمدة في صفحات الرأي، ويتحول إلى قضايا الرأي العام. شكوى روبـرتـس، وغالبًا ستجد طريقها إلى ساحة القضاء، موجهة ملؤسسات عمالقة من وادي السليكون، لكنها قانونيًا وماليًا متعددة الجنسية، تــوظــف بــرامــج الـــذكـــاء االصـطـنـاعـي مـثـل «غــوغــل» و«ميكروسوفت». الـــتـــوســـع فـــي األعـــــــوام األخــــيــــرة فـــي اســتــخــدام بـــرامـــج الــــذكــــاء االصـــطـــنـــاعـــي، خـــاصـــة الـــتـــي تـديـر مـــحـــركـــات الــبــحــث فـــي املــــواقــــع املــعــرفــيــة فـــي شكل األســئــلــة واألجــــوبــــة الــســريــعــة، أثـــــار أســئــلــة ملحة ومطالب بضرورة تدخل قانوني في انتهاك حقوق التأليف واإلبـداع من جانب طرف ثالث. قبل تطور لــوغــاريــتــمــات مــحــركــات الــبــحــث، كـــان مـــن الـسـهـل، نسبيًا، أن يعثر محامي دار النشر أو أسطوانات املوسيقى، على أدلة مادية تثبت سرقة بعض أو كل أجـزاء عمل فني أو أدبـي، ويقدمها للقضاء للحكم بتعويض املتضرر من انتهاك حقوق التأليف. فما العمل الـيـوم مـع سـرقـة األعــمــال والـبـحـوث واللص برنامج أو جهاز إلكتروني وليس إنسانًا عاقال له عنوان يمكن للمحكمة أن ترسل طلبًا الستدعائه؟ هــذه باختصار املشكلة الـتـي تـواجـه صاحبة «شبكة األمــهــات»؛ فمحركات البحث التي تديرها برامج الذكاء االصطناعي توفر للسائل أو الباحث معلومات حصلت عليها البرامج من مصادر مثل موقع السيدة روبرتس، بال استئذان أو أي إشارة لــلــمــصــدر لـــ حــتـــفــاظ بــحــقــوق الـــنــشـــر والــتــألــيــف. شـــكـــاوى مـمـاثـلــة مـــن أفــــــراد ومـــؤســـســـات فـــي عـالـم النشر واملوسيقى، والفنون، والصحافة، وخاصة أن الجيل الثاني من برامج الذكاء االصطناعي تعيد برامج أخـرى برمجته عبر شبكات سلسلة طويلة معقدة من إعادة البرمجة واملعادالت اللوغاريتمية بحيث ال تفيد القوانني الحالية بشأن حقوق النشر والتأليف وإعــادة النشر في تحديد املسؤول الذي يمكن مقاضاته. قـــضـــيـــة «شــــبــــكــــة األمـــــــهـــــــات» مــــــع مـــؤســـســـات اإلنــتــرنــت الـعـمـ قـة بمثابة نقطة فــي نـهـر متدفق مـقـارنـة بصحف ومـؤسـسـات نـشـر عـمـ قـة تتاجر بمليارات الجنيهات وتريد الحصول على حقوقها عند تدوير أو اقتباس املحركات ملا تنشره ودفعت فيه حقوقًا للمؤلف أو الباحث األصلي، فما أهمية قـضـيـة الــســيــدة روبـــرتـــس ضـــد مــؤســســات الـــذكـــاء االصطناعي؟ ألــف 40 مـــحـــرك بــحــث مــثــل «غــــوغــــل» يــتــنـــاول مليون 500 مليارات و 3( بحث في الثانية الواحدة في املائة) من 57( بحث في اليوم) أكثر من نصفها تليفون ذكـــي؛ أي يصعب تـحـديـد املــكــان جغرافيًا والـــشـــخـــص املــســتــفــيــد، قـــانـــونـــيـــ ، مـــن املــعــلــومــات. وبـــخـــ ف االعــتــقـــاد بــــأن أولـــويـــة مــواضــيــع الـبـحـث هي مجال العمل، خاصة األبحاث األكاديمية، فإن موضوع البحث األول هو الطقس، وتليه الحاجات الـفـرديـة واألســـريـــة عـلـى مـوقـع «أمــــــازون»، وأخـبـار مسابقات الرياضة (خاصة كـرة الـقـدم)، واإلسكان (بحثًا عـن بـيـوت لـلـشـراء أو الـتـأجـيـر)، ومتعلقات الــســكــن وإصــــــ ح املــــنــــازل، والــــديــــكــــور، واملـــ بـــس، ومـــســـتـــحـــضـــرات الـــتـــجـــمـــيـــل، ووصـــــفـــــات األطـــعـــمـــة والـحـلـويـات، ومــعــدات املـــدرســـة. «شـبـكـة األمــهــات» تشمل كـل هــذه األمـــور، إضـافـة إلــى أفضل املــدارس حسب املنطقة الجغرافية، ومالبس األطفال، وأيضًا شهادات التأمني... باختصار كل ما يتعلق باألمور املعيشية واالستهالكية وحاجات األسرة. الـقـضـيـة فـــي حــــال نــظــرهــا غــالــبــ ستستغرق وقـــتـــ طــــويــــ ً، لــكــن الـنـتـيـجـة أو الــحــكــم قـــد يشكل سابقة قانونية تكون حافزًا للحكومات وتجمعات إقليمية، كاالتحاد األوروبــــي، للتوصل إلـى اتفاق دولي فعال بشأن حقوق املؤلفني واملبدعني والنشر في عالم الغد الـذي يتقلص فيه دور اإلنـسـان أمام دور اآللة ولوغاريتمات الذكاء االصطناعي. Issue 16672 - العدد Sunday - 2024/7/21 األحد الفقيه السوري وهبة الزحيلي استمد معلومات من كتاب خدوري في بعض مواضيع رسالته الحقيقة الوحيدة الشديدة المرارة هي أن ليبيا مقسومة فعليا بحدود وبحكومتين جمعة بوكليب علي العميم عادل درويش OPINION الرأي 14 الحاجة إلى اتفاق دولي فعال بشأن حقوق المؤلفين والمبدعين في عالم يتقلص فيه دور اإلنسان األمهات والذكاء االصطناعي ليبيا وتضخّم منظومة الفساد ردَّان على مجيد خدوري
RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==