issue16669

5 إسرائيل وغزة...حرب جديدة NEWS Issue 16669 - العدد Thursday - 2024/7/18 اخلميس ASHARQ AL-AWSAT تجنيد فلسطينيين عاديين وناشطين في الفصائل وأشخاص في بيئة المستهدفين باالغتياالت ما دور المتعاونين في العمليات اإلسرائيلية داخل غزة؟ أعادت محاولة اغتيال محمد الضيف، القائد الـعـام لــ «كتائب الـقـسّــام» فـي قطاع عــقــود مـــن املـــطـــاردة 3 غــــزة، بــعــد أكــثــر مـــن املعقدة، وهـي محاولة لم تُحسم نتائجها بعد... تسليط الضوء على مسلسل طويل مــــن االغــــتــــيــــاالت الـــتـــي نـــفّـــذتـــهـــا إســـرائـــيـــل خـــــارج األراضـــــــي الـفـلـسـطـيـنـيـة وداخـــلـــهـــا، وطـالـت حتى اآلن قائمة طويلة مـن القادة الفلسطينيني مـن كـل الفصائل، باإلضافة إلى شخصيات من جنسيات مختلفة. ولـعـقـود طـويـلـة عـنـدمـا كــانــت قـواعـد الــــثــــورة الـفـلـسـطـيـنـيـة فــــي الــــخــــارج تـمـكّــن جهاز «املوساد»، االستخبارات الخارجية اإلسرائيلية، من اغتيال العديد من القادة الفلسطينيني فـي عـواصـم مختلفة. ومنذ قـيـام السلطة الفلسطينية عـلـى األراضـــي الفلسطينية، في بداية التسعينات، نجح جهاز «الشاباك»، املكلف الحفاظ على األمن الــداخــلــي فــي إســرائــيــل، فــي اغـتـيـال قائمة أخــرى طويلة مـن الـقـادة الفلسطينيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، في حرب بدت اليد العليا فيها إلسرائيل. ونجاح إسرائيل في الوصول إلى قادة «حــمــاس» و«الــقــسّــام» فـي قـطـاع غـــزة، بعد أشـهـر مـن الـحـرب الحالية، ال يــزال محل 9 نـــقـــاش. فـهـنـاك مـــن يـــرى أن عـــدم الــوصــول إلـــى شـخـصـيـات وازنــــة مــن «حـــمـــاس» بعد أشـهـر مــن الــحــرب، يشير إلـــى إخـفـاقـات، 9 إذ لم يتأكد حتى اآلن أن إسرائيل نجحت فعال في اغتيال الضيف، كما أنها لم تصل إلى قائد «حماس» في غزة يحيى السنوار وال إلى شقيقه محمد. لكن آخرين يرون أن اغتيال الضيف، إذا ما صحّ، ونائبه مروان عيسى، وقادة ألوية في «القسّام»، يُمكن أن يُعد إنجازًا كبيرًا إلسرائيل. وقـــبـــل أيـــــــام، نــــفّــــذت الــــدولــــة الــعــبــريــة هـــجـــومـــا ضــخــمــا اســـتـــهـــدف قـــتـــل الـضـيـف 30 الـــذي ظـل شبحا تــطــارده منذ أكـثـر مـن عـــامـــا، فـــي عـمـلـيـة مــعــقــدة تــدفــقــت خـ لـهـا مــعــلــومــات يـصـفـهـا اإلســـرائـــيـــلـــيـــون بـأنـهـا «ذهبية» نظرًا إلـى قيمتها الكبيرة، حول مـــكــان وجـــــوده قــــرب خــــان يـــونـــس بـجـنـوب قطاع غزة. وهي قتلت قبل ذلك نائبه مروان عيسى، كما قتلت قائد لواء خان يونس في «الـقـسّــام» رافــع سالمة (فــي الضربة ذاتها الــتــي اسـتـهـدفـت الــضــيــف)، وأيـــمـــن نـوفـل، قائد لـواء الوسطى، وأحمد الغندور قائد لــــــواء الـــشـــمـــال، إلـــــى جـــانـــب قـــائـــد الـــوحـــدة الصاروخية أيمن صيام، وعضوي املكتب السياسي لـــ «حــمــاس» فـي غــزة زكــريـا أبو معمر وجواد أبو شمالة، وآخرين. ومما ال شـك فيه إن إسرائيل نجحت في الـوصـول إلـى أماكن كثيرين من القادة الــبــارزيــن واملــيــدانــيــ ، بعضهم قُــتـل فعال وبعضهم نجا أو أُصيب. فـــكـــيـــف تــــصــــل إســـــرائـــــيـــــل إلـــــــى قــــــادة الفصائل في غزة؟ تــــــتــــــنــــــوع مــــــــصــــــــادر أجــــــــهــــــــزة األمــــــــن واملـخـابـرات اإلسرائيلية فـي الـوصـول إلى قيادات «حماس» والفصائل األخــرى. أحد هــــذه املــــصــــادر هـــو الـــعـــامـــل الـــبـــشــري الـــذي يساعد بشكل كبير في تشخيص األهداف وتــتــبــعــهــا، ويـــعـــ عـــلـــى تـــحـــديـــد األمـــاكـــن ووقت تنفيذ الهجمات. وتستخدم إسرائيل عـــمـــ ء لــهــا عــلــى األرض مــنــذ عـــقـــود، وقــد بنت «جيشا منهم»، حسب بعض املصادر التي تقول إن هــؤالء قـدَّمـوا لإلسرائيليني «خدمات كبيرة ساعدت في تعقّب مطلوبني وتسهيل عمليات اغتيالهم». وكشفت تحقيقات مستفيضة أجرتها الـسـلـطـة وفــصــائــل فـلـسـطـيـنـيـة، ســــواء في الضفة الغربية أو قطاع غـزة في السنوات املاضية، عن أن كل عملية اغتيال في الضفة أو غزة شارك فيها بصورة أو بأخرى عمالء فلسطينيون، حتى إن بعضهم شــارك في تنفيذ هذه االغتياالت. وقالت مصادر ميدانية في قطاع غزة لـ«الشرق األوسط» إن العامل البشري يعد أحد أهم العوامل في عملية التجسس ألي جــهــاز اســتــخــبــاراتــي، مـــؤكـــدة أن املـقـاومـة واألجــــــهــــــزة األمـــنـــيـــة الـــحـــكـــومـــيـــة فــــي غـــزة ضبطت على مدار سنوات مئات املرتبطني باألجهزة األمنية اإلسرائيلية وكان هؤالء يقدمون معلومات متفاوتة القيمة للجهات التي تشغلهم. وتابعت املصادر أن إسرائيل نجحت أحيانا في تجنيد أشخاص حتى داخـل التنظيمات الفلسطينية، وفـي بيئة الشخص املستهدف، تنظيميا وعائليا، أو من خالل عالقاته االجتماعية (مثل األقارب والجيران). وكـشـفـت املـــصـــادر عـــن أن قـــيـــادات من الـــصـــفـــ الـــثـــانـــي والــــثــــالــــث ونـــشـــطـــاء فـي الفصائل كُشفت عالقتهم بإسرائيل بعدما ساهموا في تحديد مواقع قيادات ومواقع تصنيع أسلحة وصواريخ وحتى أنفاق. وحسب تفاصيل اطّلعت عليها «الشرق األوســــط» فــإن (أ.ش)، وهــو فلسطيني من ، كــان ناشطا 2021 مدينة غــزة وأُعـــدم عــام بــارزًا في أحـد األجنحة العسكرية لفصيل صــغــيــر مـــقـــرب مــــن «حـــــمـــــاس»، وكــــانــــت لـه عــــ قــــات واســــعــــة جـــــدًا مــــع قــــيــــادات بـــــارزة ووازنـــة داخــل األجنحة العسكرية األخـرى للفصائل وليس فقط داخـل الفصيل الذي كان ينشط فيه، واعترف بأنه قدّم معلومات خطيرة أوصلت إلى أماكن تصنيع أسلحة وصواريخ وكذلك الوصول إلى شخصيات تعمل فـي هــذا املــجــال. ولـيـس واضـحـا هل قدّم اعترافاته املزعومة تحت الضغط. أمـــــا (ص.د) وهـــــو أيـــضـــا مــــن ســكــان مـــديـــنـــة غـــــزة ويـــنـــشـــط فــــي مـــجـــال تـصـنـيـع الـــصـــواريـــخ، فـقـد اكـتُــشـف وهـــو يـحـمـل في مفتاح مركبته الخاصة كاميرا صغيرة جدًا قام من خاللها بتوثيق مكان مهم يُستخدم فــــي عـــمـــلـــيـــات الــتــصــنــيــع وتــــعــــرض الحــقــا للقصف، حسبما قالت املصادر ذاتها. ونـجـحـت املــخــابــرات اإلسـرائـيـلـيـة في إحـــدى املــــرات فــي تجنيد نـاشـط عسكري، وأوصــــلــــت لـــه حــــــذاء ريـــاضـــيـــا تـــبـــ الحـقـا أنـــه يــحــوي شـــرائـــح إلـكـتـرونـيـة تجسسية ساعدت في مسح األنفاق التي كان يدخلها فـــي مــنــاطــق مـخـتـلـفـة مـــن شـــمـــال الــقــطــاع، وجـــرى اعتقاله، لكنه نجح فـي الـفـرار إلى خارج القطاع. وساعد آخر يعمل في مجال حفر األنـفـاق، إسرائيل على تحديد أماكن هـــــذه األنـــــفـــــاق، وأظــــهــــرت الــتــحــقــيــقــات أنـــه ارتبط بمشغليه عن طريق اإلنترنت. وفي قصة مثيرة، أكدت مصادر أمنية 2015 لـ«الشرق األوســط» اعتقال فتاة عـام تـــبـــ أنـــهـــا ســــاعــــدت جـــزئـــيـــا فــــي مــحــاولــة اغـــتـــيـــال قـــائـــد «الـــقـــسّـــام» مـحـمـد الـضـيـف، داخـــــــــل مـــبـــنـــى فـــــي حـــــي الــــشــــيــــخ رضـــــــوان بـمـديـنـة غــــزة. وأدت املــحــاولــة حينها إلـى مقتل زوجته واثنني من أطفاله، لكنه نجا. وأوضـــحـــت املـــصـــادر أن ضــبـاط املـخـابـرات أوصــــلــــوا إلــــى الـــفـــتـــاة مــعــلــومــات تـقـريـبـيـة حول شكل الضيف املفترض، وطلبوا منها بعد أن جنّدوها سابقا، التوجه إلى الشقة الـسـكـنـيـة الــتــي تــوجــد بـهـا زوجــــة الضيف ومعرفة ما إذا كان بداخل الشقة أي رجل، قبل أن تعطي إشـارة لهم بسماعها صوت شخص داخل الشقة غير الزوجة واألطفال، وبعدها قصفت إسرائيل املكان. وقـــبـــلـــهـــا قـــتـــل نــــاشــــطــــون فــــي فـصـيـل مـسـؤوال أعـلـى منهم اتـضـح أنــه سـاهـم في اغتيال قادة في الفصيل. ولـــــعـــــل آخــــــــر مــــــا كُـــــشـــــف عــــــن «حــــــرب الجواسيس والعمالء» في الحرب الحالية على القطاع، هو تورط ناشط من القائمني عـــلـــى حــــراســــة األســـــــرى اإلســـرائـــيـــلـــيـــ فـي كـــشـــف مـــكـــانـــهـــم بـــعـــد تـــجـــنـــيـــده مــــن جــهــاز الشاباك. ولم تُكشف تفاصيل كل ما قام به بعد، خصوصا أنـه تمكن من الفرار خارج الـــقـــطـــاع، حـسـبـمـا تـــقـــول املـــصـــادر األمـنـيـة ذاتها في غزة. لـكـن مـعـلـومـاتـه ســـاعـــدت، كـمـا يـبـدو، عــــلــــى نـــــجـــــاح قــــــــوة إســــرائــــيــــلــــيــــة خـــاصـــة أســــــرى إســرائــيــلــيــ 4 فــــي الــــوصــــول إلـــــى واستعادتهم من مخيم النصيرات (وسط غـزة)، حيث كان املشتبه به، بالتعاون مع جـهـاز األمـــن اإلسـرائـيـلـي، يـعـرف تفاصيل عن طريقة حراسة األسيرة نوعا أرغماني. وما زالـت «حماس» تحقق في ظـروف هذا الخرق األمني. وكانت إسرائيل قد عرضت دفع أموال طــائــلــة بـــدايـــة الـــحـــرب مــقــابــل اإلبــــــ غ عن أماكن قادة «حماس» أو املختطفني. لكن املال ليس بالتأكيد الدافع الوحيد لبعض الفلسطينيني. وتعتمد إسـرائـيـل على أسـالـيـب عدة فـي تجنيد العمالء لصالحها، مـن بينها اإلسقاط الجنسي، الذي نجح في كثير من الـحـاالت، حيث أُجبر هــؤالء على التعاون خـوفـا مـن الفضيحة. كما تعمل إسرائيل على استغالل الـوضـع االقـتـصـادي، ودفـع أمـــوال، أو تمويل مشاريع صغيرة مقابل الـــتـــعـــاون، إضــــافــــة إلــــى اســـتـــغـــ ل ظـــروف اجـــتـــمـــاعـــيـــة مــــــحــــــددة، قـــــد تـــشـــمـــل حـــاجـــة البعض إلى الحصول على تصريح للعمل أو تـــصـــريـــح تــــجــــارة أو الـــســـفـــر أو حـتـى للعالج. وقال مصدر مطلع لـ«الشرق األوسط» إن تحقيقات سابقة كشفت عن تجنيد ما ال من املسافرين عبر معبر «إيرز» 30 يقل عن إلـــى الـضـفـة أو إســرائــيــل، وقـــد طُــلـب منهم جمع معلومات عن «حماس» مقابل إصدار التصاريح. وال تــعــتــمــد إســــرائــــيــــل عـــلـــى الــعــامــل البشري فحسب، بل تستخدم أيضا الذكاء االصطناعي، وأدوات تكنولوجية مختلفة. وتعمل طـائـرات تجسسية فـي سماء قـطـاع غــزة مـن دون تـوقـف، وهــي طـائـرات متصلة بـالـذكـاء االصـطـنـاعـي ويـمـكـن من خـــ لـــهـــا الـــتـــعـــرّف عـــلـــى وجــــــوه وأصــــــوات قيادات على مدى كيلومتر واحد في مربع جـــغـــرافـــي مـــــا، كـــمـــا تـــقـــول مــــصــــادر أمـنـيـة فلسطينية فـي غــزة. وهــذا مـا حصل، كما يبدو، مع القيادي في «الجهاد اإلسالمي» إيـاد الحسني الـذي اغتيل في مايو (أيـار) املـــاضـــي، حـيـنـمـا كـــان يـتـحـدث عبر 2023 خط يوصف بأنه «آمـن»، ليتبني من خالل تحقيقات معمقة جـرت الحقا أن إسرائيل نجحت في تحديد بصمة الصوت، وقتلته فورًا. وأكـــدت إسـرائـيـل أنها تستخدم فعال الـذكـاء االصطناعي فـي حربها ضـد غـزة، وهي مسألة أثارت الكثير من الجدل. ومـعـروف أن اإلسرائيليني يتتبعون أجهزة االتصال الخليوي وكذلك الالسلكي فـــي غـــــزة، وقــصــفــوا الــعــديــد مـــن الـنـشـطـاء خــــ ل اســتـــخـــدام هــــذه األجــــهــــزة، مــمــا دفــع «حماس» في السنوات األخيرة إلى إنشاء شبكة اتصال أرضية خاصة بها. وأدخــلــت إسـرائـيـل التكنولوجيا في مسألة تحديد وتحييد األنفاق كذلك. واالعـــتـــمـــاد عـلـى املــتــعــاونــ مستمر فـــــي الـــــحـــــرب الــــحــــالــــيــــة رغـــــــم الــــعــــديــــد مــن الـــحـــمـــ ت الـــتـــي أطــلــقــتــهــا «حـــــمـــــاس» فـي السابق ضدهم، وقادت إلى إعدام بعضهم و«توبة» بعضهم. واعـــــتـــــرفـــــت مـــــصـــــادر فـــــي «حـــــمـــــاس» بوجود خروقات دائما. وقـالـت املــصــادر لــ«الـشـرق األوســـط»: «ال يُعد ذلك إنجازًا إلسرائيل. نعمل وفق قـــاعـــدة أن ذلــــك (االخــــتــــراق) مـمـكـن فـــي كل لحظة، ونتخذ تـدابـيـر. نتبع نهجا أمنيا معقدًا، وال يوجد مكان واحـد فوق األرض أو تحتها يمكث فيه أي شخص (قيادي) لـفـتـرة طـويـلـة. الــخــروفــات األمـنـيـة واردة، ولـيـس فقط داخـــل الفصائل الفلسطينية وخــــارجــــهــــا. نـــحـــن نـــتـــحـــدث عــــن مـنـظـومـة أمــنــيــة اســتــخــبــاراتــيــة تـمـتـلـك الــكــثــيــر من الـــقـــدرات. فــي الـنـهـايـة كــل قــيــادي ومــقــاوم عندما ينخرط في مشروع املقاومة يعرف املصير املمكن أو يواجهه في النهاية. وال تـتـوقـف مـسـيـرة تنظيم عـلـى شـخـص هنا أو هناك. املقاومة تعلّمت الدروس ولديها هرم تنظيمي متدرج يستطيع قيادة العمل وفق أصول محددة». يوليو (أ.ف.ب) 11 فلسطينيون في حي الشجاعية شرق مدينة غزة يوم غزة: «الشرق األوسط» نجحت المخابرات اإلسرائيلية في تجنيد ناشط عسكري وأوصلت له حذاء رياضيا تبيّن الحقا أنه يحوي شرائح إلكترونية تجسسية ساعدت في مسح األنفاق شمال غزة زعيم حركة «حماس» في غزة يحيى السنوار (رويترز) محمد الضيف (صورة أرشيفية) القيادي في «حماس» مروان عيسى (متداولة)

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==