issue16669

مـــن أمـــيـــركـــا إلــــى كـــل أنـــحـــاء الـــعـــالـــم تــتــســارع خــــــطــــــوات الــــتــــمــــوضــــع عــــلــــى خـــلـــفـــيـــة رصـــــاصـــــات بنسلفانيا. نجا الرئيس السابق دونالد ترمب من املوت بأعجوبة، لكن تلك الرصاصات أدمت الرئيس بايدن كما حزبه. وسيرتد بقوة صدى فشل محاولة االغتيال على الصراع السياسي املرتبط بالسباق الرئاسي، فأمام املرشح ترمب فرصة هائلة للملمة قواعد الحزب الجمهوري من حوله... وما بدر عنه من مواقف إثر تلك الرصاصات يشي بأن أميركا قد تكون عشية موجة حمراء، وربما زلــزال سياسي، مــع تــوافــق عمليات قـيـاس الــــرأي عـلـى مـنـح ترمب % من نوايا التصويت. 69 نحو قـبـل الـــرابـــع عـشـر مــن يـولـيـو (تـــمـــوز) الـحـالـي كانت تسود املنطقة أجــواء تفاؤل حـذر بالتوصل إلـــى هــدنــة فـــي الـــحـــرب عـلـى غــــزة، وتـنـسـحـب على لبنان. بدأ ذلك عندما وافقت «حماس» على انطالق املفاوضات حول الرهائن من دون وقف إطالق نار دائم. كما لم تقاطع املفاوضات، رغم جريمة اإلبادة الجماعية في املـواصـي في رفـح، وتـجـاوزت رفض إسـرائــيــل تـقـديـم أي جـهـة ضـمـانـات بـشـأن الهدنة وعمليات التفاوض... إلى ذلك تمكن رئيس وزراء إسرائيل بنيامني نتنياهو من فرض أجندته عندما تمسك بالسيطرة على كامل املنطقة الحدودية بني القطاع ومصر. أمــــــا مـــــا بـــعـــد مــــحــــاولــــة االغـــــتـــــيـــــال، وعــشــيــة زيـــارة نتنياهو إلــى واشـنـطـن إللـقـاء خـطـاب أمـام الـــكـــونـــغـــرس، فـــقـــد ارتـــفـــعـــت أســـهـــم نــتــنــيــاهــو، مـا سيمكنه من التصلب أكثر، مع امتالكه حرية أوسع في حربه على غزة ولبنان. وبالتأكيد فإن الفرصة مؤاتية له للمضي بعيدًا في التفاوض للتفاوض، وفــي التوقيت املناسب يطيح بمساعي التوصل إلـــــى الـــهـــدنـــة. مــبــتــغــاه اســـتـــمـــرار الــــحــــرب والــقــتــل واستمرار التدمير واالقتالع، وكل ذلك تحت شعار تقويض قدرات «حماس» العسكرية، وهو العنوان املقبول أميركيًا وأطلسيًا! صحيح أن غـــزة قـاتـلـت واسـتـبـسـلـت وعـرفـت صـــمـــودًا فـــي حــــرب ضـــــروس تـــكـــاد تـنـهـي شـهـرهـا العاشر، ما أعـاد طـرح قضية الدولة الفلسطينية عـــلـــى املـــســـتـــوى الـــعـــاملـــي، لـــكـــن حــصــيــلــة «طـــوفـــان األقصى» ثقيلة جـدًا. لقد أعـاد العدو احتالل غزة وإحــكــام حــصــاره لـهـا، والــقــطـاع أمـــام نكبة تفوق . ومــــع أكــثــر مـــن مليوني 1948 مـــا كــــان فـــي الـــعـــام فـلـسـطـيـنـي ال ســقــف يـــؤويـــهـــم وال يـــجـــدون قــوت يـــومـــهـــم، فــــإن كُـــثـــرًا مـــن بـيـنـهـم ســـيـــجـــدون مـنـافـذ تأخذهم إلى املنافي في أخطر ترانسفير، لم يكن في املخيلة الفلسطينية وال الحلم اإلسرائيلي. هذا الترانسفير، الــذي سيحقق هدفًا صهيونيًا وهو الحد من الكثافة السكانية الفلسطينية في غزة، سيصبح كمالذٍ، ألن املواطن الفلسطيني على بينة أن القطاع، وفق ما يتداول، مغطى بركام يصل إلى مليون طنٍّ، واألرض محروقة وملوثة باألوبئة 40 نـتـيـجـة تـحـلـل ألـــــوف الــجــثــث. ولــــو تــوقــفــت حــرب التوحش اآلن وعاد السالم، فإن رفع الركام يتطلب 40 سنة ومثلها إعـادة اإلعمار بتكلفة تفوق الـ 15 مليار دوالر! تــوازيــ ستشتد الـعـدوانـيـة الصهيونية ضد لبنان، فإسرائيل تمتلك املبادرة، ومطلبها تغيير املـشـهـد وقـــوبـــل بــدعــم أطـــــراف دولــيـــة والــوســطــاء. «حـــــزب الـــلـــه» مـــســـؤول عـــن فــتــح الــجــبــهــة، عـنـدمـا بـــادر إلـــى إطـــ ق الــنــار عـبـر الـخـط األزرق، فكانت الحصيلة إلـــى كــارثــة غـــزة، أن دمــــارًا واســعــ طـال قرى وبلدات جنوب الليطاني التي هُجرت قسرًا، وفرضت إسرائيل بالنار حزامًا أمنيًا نتيجة رؤى قاصرة استخف أصحابها بواقع استدعائها إلى مثل هذه الحرب! املـــ حـــظ أنــــه فـــي الـــوقـــت الـــــذي يـــبـــرز الـــتـــروي اإليراني بعد مقتل رئيسي، والتمعن باالحتماالت، فــتــقـدم طـــهـــران لـلـعـالـم الــرئــيــس الــجــديــد مـسـعـود بزكشيان، الذي أعادت أحاديثه التذكير بطروحات الــــوزيــــر مـحــمــد ظـــريـــف. ويــــنــــدرج ذلــــك فـــي سـيـاق محاوالت استيعاب إعصار ترمب، الرئيس الذي اتـخـذ قـــرار قتل قـاسـم سليماني ونــفــذه. فــإن زمن «حــــزب الـــلـــه» مـغـايـر ألزمـــــان اآلخـــريـــن، يـقـفـز فـوق تأثيرات الصورة التي ترتسم عامليًا، لتبرز الخطب األخــــيــــرة لـلـشـيـخ نـعـيـم قـــاســـم أنــــه مـــا زال ممكنًا الـتـغـاضـي عـــن أولـــويـــة فـصـل جـبـهـة الــجــنــوب عن غـزة، ويعلن: «بدأنا مرحلة تهيئة الظروف إلزالة إسرائيل»! واألمر السوريالي أن هذا الطرح تزامن مع ما رشح عن «الحزب» من أنه بعد االستهداف الـواسـع لـكـادراتـه باشر «تعديل تكتيكاته: سعاة يبلغون الرسائل شفهيًا وكلمات مشفرة لألسلحة ومواقع االجتماعات»! قرار «حزب الله» بدء الحرب فاقم االنهيارات الـــعـــامـــة فــــي لـــبـــنـــان وحــــمّــــل الــجــنـــوبـــيــ مــــا فـــوق قــدرتــهــم، ورفـــضـــه احــتــمــال الــتــوصــل إلـــى تسوية بشأن النقاط الحدودية املختلف عليها مع العدو هو رضوخ إلمالءات 2000 منذ انسحابه في العام طهران التي ال ترى في دمار البلد أكثر من خسائر جانبية. وما تكرار مقوالت عن «تـوازن الـردع» إال تعبير عن إنكار للوقائع وغربة كاملة عن هموم املــــواطــــنــــ وأوجــــاعــــهــــم، ورفــــــض تــســلــم الــجــيــش مدعومًا بـ«اليونيفيل» زمام األمور تطبيقًا للقرار .1701 أمـــــــــام الـــــكـــــارثـــــة تــــفــــتــــرض الـــحـــكـــمـــة تـــحـــديـــد الـخـسـائـر، وتــكــون الـشـجـاعـة فــي حـمـايـة األرواح ودرء الخطر املحدق بـــاألرض. كل ذلـك مفقود ألن قـــرار «حـــزب الــلــه» فــي إيــــران، فيما بـقـايـا السلطة اكتفت بدور البوق وساعي البريد، وانعدم تأثير «معارضة» نظام املحاصصة! Issue 16669 - العدد Thursday - 2024/7/18 اخلميس فـي ظــل الـعـصـاب اليميني الـــذي يطل على العالم، تتوجه األنظار نحو املؤسسات الدينية وعالقاتها بالدولة. بعد محاولة اغتيال ترمب تعهّد الـطـرفـان املتنافسان بــأن يـكـون الخطاب أهدأ من ذي قبل. دائمًا ما تمثّل املؤسسات الدينية الرسمية بكافة الديانات ركيزة أساسية في بعث التسامح وتفكيك أسـس االنـغـ ق، وآيــة ذلـك أن املـبـادرات التي قادتها الدول املعتدلة في املنطقة ساهمت فــــي تـــعـــزيـــز الــــــحــــــوار، ونــــحــــن فــــي شـــهـــر مــحــرم والــشــيــعــة لــديــهــم مـنـاسـبـتـهـم الـــخـــاصـــة، وهــي مرعيّة ومؤسسة ومنظّمة ضمن القانون وأسس االنــضــبــاط. بـحـث الكثير مــن املتخصصني عن عـــ قــة املــؤســســة الــديــنــيــة اإلســـ مـــيـــة بــالــدولــة، وإنما البحث في املؤسسة املسيحية معها كان شحيحًا، لـذلـك كـــان لــزامــ عـلـى الـــدارســـ إلـقـاء الضوء على هذا املجال املهمل. وقـــــد اطـــلـــعـــت عـــلـــى كـــتـــاب أصــــــــدره «مـــركـــز املسبار للدراسات والبحوث» قبل أيام بعنوان: «الكنيسة الـروسـيـة، سـجـاالت الـتـاريـخ» يـدرس الكتاب مـع جمع مـن الباحثني الـسّــجـاالت حول تـاريـخ الكنيسة الـروسـيـة األرثـوذكـسـيـة، بـدايـة مـــن الــعــ قــة بـــ الـكـنـيـسـة والـــدولـــة فـــي روسـيـا )، وتــحــديــات الـكـنـيـسـة بعد 1917 - 1700( بـــ إصــــ حــــات بـــطـــرس األكـــبـــر الـــتـــي أدخـــلـــت قيمًا غربية غريبة عن التقاليد الروسية. تطرّق إلى انقسام املسيحية الروسية بعد حقبة رومانوف وانبثاق طوائف مثل املؤمنني القدامى رافضي التحديث. وعرض لعالقة الكنيسة باليهود منذ . سلّط 1905 ، ودورها في مرسوم التسامح 1721 الـضـوء على نظرية «مـوسـكـو - رومـــا الثالثة»، بــعــد ســقــوط الـقـسـطـنـطـيـنـيـة، واعـــتـــبـــار روســيــا وريثة البيزنطية وحامية لألرثوذكسية، وآثار ذلـك على السياسة الخارجية. وسـأعـرض أبـرز الدراسات. عرض الباحث األوكراني أندريه ميخااليكو للسجاالت الدينية بـ كييف ومـوسـكـو، حول انتشار املسيحية في املنطقة السالفية الشرقية، والتطوّر الكنسي التاريخي للمناطق السالفية الشرقية بعد انهيار دولة كييف [كييف - روس] التاريخية. يبني الباحث نظريته حول الصراع بـــ كـيـيـف ومـــوســـكـــو، عــلــى الــشــرعــيــة ألســبــاب سياسية، الفتًا إلــى أن االخـتـ ف بـ املؤرخني مـحـدود، ويمكن بسهولة تبيان حقيقته، وهو مــا عُــنــي بـشــرحـه، مـشـيـرًا إلـــى اعــتــنـاق الـسـ ف الـــشـــرقـــيـــ املـــســـيـــحـــيـــة زمـــــن األمــــيــــر فــ ديــمــيــر األول، ثـــم يـــمـــر عــلــى املـــتـــغـــيـــرات الـــطـــارئـــة على الـنـظـام الـسـيـاسـي بـعـد الــغــزو املـغـولـي، ووقـــوع أوكــرانــيــا تـحـت الـحـكـم الـبـولـنـدي - الـلـيـتـوانـي، والـفـوارق السياسية والدينية، الجوهرية، بني الثقافتني، مع الحكم الـروسـي، واآلثـــار املترتبة ، وكيف 1453 على سـقـوط القسطنطينية سنة فسّرت الكنيسة الروسية هذا الحدث، وتبنّيها ملصطلحات جــديــدة تـبـدو مـغـرقـة فــي الغيبية، مقابل الـحـوارات والسجاالت التي انخرط فيها األوكرانيون مع بقية الطوائف األخــرى، في ظل االنفتاح الــذي تميّز بـه الكومنولث البولندي - الليتواني. ثم يناقش الباحث املفاهيم الدينية الروسية، وانعكاسها على السياسة، وانتقاداته لها، مجسّدًا االنقسام. أمـــا وجـــه الـنـجـاح فـكـان فــي تعميم سـرديـة ديـنـيـة عـمـيـقـة، قـابـلـة لـشـحـذ اإليـــمـــان، تناولها الـبـاحـث الــروسـي بـاڤـل كوزينكوڤ فـي دراسـتـه املعنونة «موسكو - روسيا... خليفة البيزنطية ونشأة معقل األرثوذكسية الجديد»، تطرّق فيها لعالقة الكنيسة مـع اإلمـبـراطـوريـة الـتـي نشأت بني الطرفني منذ تبنّي اإلمبراطورية الرومانية، وعـــاصـــمـــتـــهـــا رومــــــــــا، املـــســـيـــحـــيـــة، ووريـــثـــتـــهـــا اإلمــبــراطــوريــة الــرومــانـيــة الـشـرقـيـة «بـيـزنـطـة»، وعــاصــمــتــهــا الـقـسـطـنـطـيـنـيـة، ومـــركـــزيـــة فـكـرة اإلمبراطورية الراعية للدين والكنيسة في الفكر املـسـيـحـي، وانــتــقــالــه إلـــى روســـيـــا، بـعـد سـقـوط الـقـسـطـنـطـيـنـيـة، والـــــذي أدّى لــظــهــور مصطلح «موسكو - روما الثالثة» بوصفها وريثًا شرعيًا ووحـــيـــدًا لــهــذا الـتـتـابـع اإلمـــبـــراطـــوري، والــدولــة الـعـاملـيـة األخــيــرة الـتـي ستشهد املــجــيء الثاني للمسيح. الخالصة، أن املؤسسة الدينية بمسيحييها ومسلميها ويهودييها من الـضـروري أن تكون مناسقة ضـمـن املـعـنـى الـعـام لـلـمـشـروع الديني والـــدنـــيـــوي فـــي خـــط مـسـتـقـيـم، وســـبـــب ذلــــك أن تكون شريكة في مشاريع التطوّر والتنمية، ومن دون ذلك ستكون مترهلة ال تقوى على مواجهة الـــــنـــــوازل مــــن األحــــــــــداث. إن املـــؤســـســـة الــديــنــيــة ضـــروريـــة لـخـلـق الــتــســامــح وتــأســيــس مـفـاهـيـم جـــديـــدة، وتــحــديــث املــعــانــي الــتــي تــحـــث عليها كــل ديـــانـــة، بـغـيـة الــتــقــارب بــ األمــــم والـشـعـوب والثقافات والحضارات، وكما قال اإلمام النووي: «كل البشر إخوة»، لنمض بهذا الطريق. أرســــل لــي أحـــد أصــدقــائــي قـبـل يــومــ تسجيالت صوتية لناشط تشادي يتحدث فيها عن مشروع عرب الـشـتـات األفـريـقـي الــذيــن يـنـظـرون إلـــى الــحــرب الــدائــرة فـــي الــــســــودان عــلــى أنـــهـــا فـــرصـــة لـتـحـقـيـق حـلـمـهـم في إقامة دولة تجمعهم. ويدعو املتحدث إلنشاء صندوق لجمع التبرعات املالية لصالح «قـوات الدعم السريع»، وحملة لتجنيد املزيد من الشباب والدفع بهم للقتال في صفوف هذه القوات. الـرجـل الــذي كــان يخاطب مشاركني فـي مجموعة على وسائل التواصل االجتماعي يبدو أنها منخرطة في هذا التفكير ومؤيدة لـ«قوات الدعم السريع» وحربها فـــي الــــســــودان، تــحــدث بـحـمـاسـة عـمـا وصــفــه بـمـشـروع للقومية العربية املتناثرة في عدد من الدول األفريقية، وفرصة جمعهم في دولة تضمهم. ومضي محذرًا عرب تشاد من أن فشل مشروع «الدعم السريع» في السودان سيعني نهاية حلم دولة عرب الشتات، زاعمًا أن مذابح انـتـقـامـيـة ســتــحــدث ضـــد الـعـنـصـر الــعــربــي فـــي تــشــاد، وإبادة للقبائل الداعمة لـ«قوات الدعم السريع». هـــــذا الــــكــــ م لـــيـــس جــــديــــدًا، بــــل تــــــردد كـــثـــيـــرًا عـلـى ألــســنــة شـخـصـيـات مـــن تـــشـــاد بـــوجـــه خـــــاص، تــــرى في الـحـرب الـسـودانـيـة بـوابـة ملـشـروع هــذه الــدولــة، لكنه ال يجد نصيبه مـن االهـتـمـام الـكـافـي ال عـربـيـ، وال حتى ســـودانـــيـــ ؛ ألن الـــقـــوى الــســيــاســيــة فـــي بـــلـــدي املـنـكـوب مـشـغـولـة بـصـراعـاتـهـا الـسـيـاسـيـة الـضـيـقـة عــن الخطر الكبير الذي يهدد السودان. املتأمل لخريطة تمدد «قوات الدعم السريع» سيرى بوضوح أن سيطرتها على إقليم دارفـــور ومناطق من كـردفـان ثم اندفاعها من إقليم الجزيرة جنوبًا وشرقًا وصوال إلى مناطق متاخمة إلثيوبيا، يعنى أن مشروع عـــــرب الـــشـــتـــات األفــــريــــقــــي الـــــــذي يـــتـــحـــدث عـــنـــه بـعـض نشطائهم، لو نجح سيكون على حساب أغنى مناطق الثروات الحيوانية واملعدنية في غرب البالد، وأخصب األراضــي الزراعية في الوسط والشرق، مع حـدود على عـــدد مــن الــــدول الــتــي يـتـعـاطـف بعضها جــهــرًا أو سـرًا مـع «قـــوات الـدعـم الـسـريـع»، وربـمـا مـع مـشـروع تقسيم السودان. هناك من يقول لك إن «قوات الدعم السريع» تحارب ،2018 ) لتحقيق شـعـارات ثــورة ديسمبر (كـانـون األول وضد «الكيزان» ومن أجل الديمقراطية، وهذا كالم أقل ما يقال عنه إنه مضحك إن لم يكن مبكيًا. فأي ديمقراطية هذه التي ستأتي بها هذه القوات التي شاركت في قمع الثورة وفي مذبحة فض اعتصام القيادة، وفي االنقالب عـلـى حـكـومـة الــفــتــرة االنـتــقــالــيــة، بـــل وكـــانـــت جــــزءًا من نظام البشير ومطرقة في يــده، وفـي صفوفها عناصر من «الكيزان» الذين تدعي محاربتهم؟ مشروع «الدعم الـسـريـع» مـنـذ انــطــ ق هـــذه الــحــرب هــو الـسـيـطـرة على البالد والسلطة، وهو ما ظهر في تحركات األيام األولى، وفي تصريحات موثقة ملنسوبيها الذين كانوا يرددون «سيطرنا على السودان». الـحـسـابـات الـسـيـاسـيـة الـضـيـقـة هــي الــتــي تجعل الـبـعـض يـتـعـامـون عــن حقيقة «الـــدعـــم الــســريــع»، وعـن حمالت التجنيد والتجنيس الواسعة التي قامت بها، والتي ربما تصب اآلن في املشروع الذي يروج له عرب الــشــتــات األفـــريـــقـــي. أضــــف إلــــى ذلــــك أن قـــيـــادة «الـــدعـــم السريع» لم تعد تملك اآلن السيطرة الكاملة على قواتها التي تـمـددت جغرافيًا، وبـاتـت تعتمد على املــدد اآلتـي مـن عـرب الشتات بـأعـداد ضخمة لتعويض خسائرها في القتال. في هذا الوقت العصيب تتواصل الهجمة املنسقة من البعض على الجيش، ومنها ما يجري تـداولـه عن أنـــه بـــدأ يـسـتـعـ بـمـرتـزقـة مـــن قــــوات إقـلـيـم الـتـيـغـراي اإلثــــيــــوبــــي، أو مــــن مـــنـــاطـــق أخـــــــرى. الــــ فــــت أن الـــذيـــن يتداولون هذا الكالم، يغضون الطرف عن عشرات اآلالف من املرتزقة الذين أتوا للقتال في صفوف «قوات الدعم السريع»، وعن الكميات الهائلة من السالح التي تنقل عبر الحدود، وهو أمر وثقته تقارير دولية عدة. هـــــؤالء الـــذيـــن يـــثـــيـــرون هــــذه الـــزوبـــعـــة هـــم ذاتــهــم الـذيـن كـانـوا قـد هـاجـمـوا الجيش وحـمـ ت االستنفار والتجنيد الشعبي ملواجهة الحرب املتمددة التي تشنها «قـــوات الـدعـم الـسـريـع». فهم ال يــريــدون للمواطنني أن يهبوا للوقوف إلـى جانب جيشهم دفـاعـ عـن أنفسهم وممتلكاتهم وأعـــراضـــهـــم، وملـــؤازرتـــه فــي الــوقــت الــذي يـخـوض فـيـه حـربـ عـلـى جـبـهـات عـــدة، ويــواجــه أخطر مـؤامـرة يتعرض لها الـسـودان. واآلن تتواصل الحملة بـالـتـرويـج للكالم عـن استعانته بـمـرتـزقـة، وهــو كـ م، حتى لو صح، فإن الجيش السوداني لن يكون قد أتى ببدعة فـي الــحــروب، والـتـاريـخ القديم والحديث يثبت ذلــك منذ عـهـود الــرومــان واإلغــريــق وحـتـى يومنا هـذا. أمــيــركــا اســتــعــانــت بـمـقـاتـلـي شـــركـــة «بـــــ ك ووتـــــر» في الــعــراق، وروسـيـا تستخدم مقاتلي «فـاغـنـر» فـي حرب أوكرانيا وفـي جبهات عـدة في أفريقيا، وفرنسا كذلك استخدمت مرتزقة في عمليات خارجية وبشكل خاص في أفريقيا، وغير هؤالء كثير. مـــا يــحــتــاج إلـــيـــه الــــســــودان الـــيـــوم لــيــس انـــخـــراط البعض في حملة لكسر الجيش، بل صد الخطر الكبير املحدق بالبلد، فهذه أولوية مقدمة على كل الحسابات والـــصـــراعـــات الـسـيـاسـيـة الــتــي دفــعــت بـالـبـلـد إلـــى هـذه الهاوية. ما يحتاجه السودان اليوم ليس انخراط البعض في حملة لكسر الجيش بل صد الخطر الكبير المحدق بالبلد المؤسسة الدينية ضرورية لخلق التسامح وتأسيس مفاهيم جديدة وتحديث المعاني التي تحث عليها كل ديانة فهد سليمان الشقيران عثمان ميرغني حنا صالح OPINION الرأي 14 ما يريده «عرب الشتات» في السودان! الكنيسة الروسية وسجاالت التاريخ المنطقة ما بعد رصاصات بنسلفانيا! قرار «حزب هللا» بدء الحرب فاقم االنهيارات العامة في لبنان وحمّل الجنوبيين ما فوق قدرتهم

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==