issue16669

11 تحقيق FEATURES Issue 16669 - العدد Thursday - 2024/7/18 اخلميس ASHARQ AL-AWSAT في الثالث عشر من يوليو (تـمـوز) الـجـاري، وفـي تمام الـسـاعـة الـسـادسـة والــربــع مـسـاء بتوقيت واشـنـطـن، تــردد طنني األخبار العاجلة في كل أرجاء البالد، والعالم: الرئيس السابق دونالد ترمب أُصيب بإطالق نار في حدث انتخابي في بنسلفانيا. ترمب املدمم الـوجـه، وقـف مُحكمًا قبضته أمام الكاميرات، ومشى بثبات برفقة أعضاء الخدمة السرية املــســؤولــ عـــن حـمـايـتـه، فـاسـتـقـل ســيــارتــه مـتـوجـهـ إلـى مستشفى محلي لتلقي العالج. لحظات صدمت الشارعني األميركي والـدولـي. فمحاولة اغتيال رئيس أميركي سابق هي لحظة مخيفة، وتاريخية في الواليات املتحدة، تعيد إلى األذهــــان مشاهد اغـتـيـال رؤســـاء سابقني كـجـون كينيدي وأبراهام لينكولن، ومحاولة اغتيال رونالد ريغان، الرئيس الــجــمــهــوري الـــســـابـــق، وتــعــد تـــكـــرارًا لــســوابــق خــطــيــرة من اإلخفاقات األمنية لعناصر الخدمة السرية كادت تودي في هذه الحالة بحياة رئيس سابق ومرشح رئاسي. عن تاريخ من اإلخفاقات آخرها محاولة اغتيال ترمب أمنيون تحدّثوا لـ «أكبر اختراق» يطارد «الخدمة السرية» األميركية بمجرد اتضاح الـصـورة بعد مغادرة الـــرئـــيـــس الـــســـابـــق واملـــــرشـــــح الـــجـــمـــهـــوري دونــــالــــد تـــرمـــب ســـاحـــة الـــجـــريـــمـــة، صُــعــق الجميع لدى رؤية ما جرى: منفّذ االعتداء، عامًا ماثيو 20 األميركي البالغ من العمر كروكس، متسلال بوضوح فوق سطح أحد املباني القريبة من موقع الخطاب، وبيده .»15 بندقية «آر كـــروكـــس تــمــكــن مـــن االقــــتــــراب بشكل مــثــيــر لــلــعــجــب مــــن تـــرمـــب املـــــوجـــــود عـلـى مـتـرًا مـنـه، وإطــــ ق الــنــار قبل 140 مـسـافـة قـنـصـه مــن أحـــد عـنـاصـر الـخـدمـة الـسـريـة، فيما وُصف بأكبر خرق أمني منذ محاولة اغتيال ريغان. ويتحدث مارك هيريرا رقيب الشرطة السابق ومدير األمن املسؤول عن املنشآت الــتــجــاريــة الــتــابــعــة لــــــوزارة األمــــن الـقـومـي عن اإلخفاقات األمنية املحيطة بالحادثة، فيقول في حديث مع «الشرق األوســط» إن أحــد أســبــاب الـقـلـق األسـاسـيـة هــي املحيط األمــنــي. وأوضــــح: «لـقـد تمكن مطلق النار من الوصول إلى موقع مشرف على الحدث، مـمـا يـــدل عـلـى تـقـصـيـر شــديــد فـــي حماية املحيط بشكل فعّال». ويـــــــؤكـــــــد هـــــيـــــريـــــرا أهـــــمـــــيـــــة تـــوســـيـــع املناطق املحمية قــدر املستطاع خصوصًا فـــي املــنــاطــق املـرتـفـعـة الــتــي تــوفــر «مـوقـعـ استراتيجيًا»، ويـقـول مـحـذرًا: «مـواقـع من هذا النوع تسمح لطلقات البندقية بإصابة أهدافها بدقة مدمرة»، على غرار ما حصل جـــون 35 فــــي عــمــلــيــة اغـــتـــيـــال الـــرئـــيـــس الــــــــ كينيدي الـذي قضى بعد إصابته بطلقات نارية وهـو في سيارته إلـى جانب زوجته .»1963 جاكلني في والية تكساس في عام العميلة السابقة في مكتب التحقيقات الــفــيــدرالــي (إف بـــي آي) كــاثــريــن شــوايــت، تــلــفــت إلــــى وجـــــود «ثــــغــــرات» مـحـتـمـلـة في خـــطـــة عـــنـــاصـــر الـــخـــدمـــة الـــســـريـــة لـحـمـايـة ترمب، وتفسر قائلة في حديث مع «الشرق األوسط»: «سيتم النظر على وجه التحديد فيما إذا كان املحيط األمني للمكان ضيقًا بـمـا سـمـح ملـطـلـق الــنــار مــن االقـــتـــراب. كما ســـيـــتـــم تــقــيــيــم الـــتـــقـــاريـــر عــــن رؤيــــتــــه قـبـل إطــــ ق الـــنـــار لـتـحـديـد مـــا إذا كــانــت هـنـاك فرصة ضائعة للتدخل قبل ذلك». وذلك في إشارة إلى شهادات شهود عيان في موقع الحادثة قالوا إنهم نبهوا العناصر األمنية إلـــى وجـــود مسلح عـلـى سـطـح املـبـنـى قبل إطالق النار بدقائق، كهذا الشاهد الذي قال لشبكة (بي بي سي) إنه رأى املسلح قبل أن يطلق النار: «كنت أفكر، ملاذا ال يزال ترمب يـتـكـلـم؟ ملـــاذا لــم يـسـحـبـوه مــن املـنـصـة؟ ثم رصاصات...». 5 سمعنا ويـسـلّــط هـيـريـرا الــضــوء عـلـى مشكلة أخـــــــرى وهـــــي ردة فـــعـــل عـــنـــاصـــر الــخـــدمـــة السرية بعد إصابة ترمب، فيرى أن إخراجه مـــن مــوقــع الــحــادثــة كـــان غـيـر مـنـظـم «مـمـا مناسبات 3 أدى إلـى تعريضه للخطر في منفصلة»، ويـشـدد على ضـــرورة أن يكون الرد على هذه التهديدات سريعًا وحاسمًا لضمان سالمة الرئيس، وهـو ما لم يظهر فــــي الـــــــرد عـــلـــى هــــــذه الــــحــــادثــــة، عـــلـــى حـد تعبيره. تحقيقات واتهامات عـــلـــى ضــــــوء هــــــذه املــــعــــطــــيــــات، تـــواجـــه الخدمة السرية ومديرتها كيمبرلي تشيتل، املـــرأة الثانية الـتـي تتسلم هــذا املنصب في الــتــاريــخ األمــيــركــي، انــتــقــادات حـــادة بسبب هــــذه اإلخـــفـــاقـــات األمـــنـــيـــة، وصـــلـــت إلــــى حد فتح تحقيقات تشريعية بهذا الخصوص، واســـتـــدعـــاء تـشـيـتـل لـــــإدالء بــإفــادتــهــا أمـــام الكونغرس في مواجهة دعوات الستقالتها. ويـقـول الـنـائـب الـجـمـهـوري جايمس كومر، رئـيـس لجنة املـراقـبـة واإلصــــ ح الحكومي، الـــــذي اســـتـــدعـــى تــشــيــتــل: «هـــنـــاك كــثــيــر من األسئلة يطالب الشعب األميركي بالحصول على أجوبة عنها». وال تــــقــــتــــصــــر هـــــــــذه الـــــــــدعـــــــــوات عـــلـــى الجمهوريني فحسب، بل تتخطاها لتشمل الديمقراطيني على رأسهم الرئيس األميركي جــــو بـــــايـــــدن، الـــــــذي أوصـــــــى بــفــتـــح تـحـقـيـق مستقل بشأن األمن القومي لتقييم ما جرى مــتــعــهــدًا بــــ«مـــشـــاركـــة نــتــائــج الـتـحـقـيـق مع الشعب األميركي». وبـانـتـظـار هـــذه الـتـحـقـيـقـات املـتـفـرقـة، فـتـح مكتب التحقيقات الـفـيـدرالـي (إف بي آي) تحقيقه الــخــاص فــي عملية االغـتـيـال، وهذا ما ذكرته شوايت، مشيرة إلى أن «إف بـــي آي»، الــتــابــع لــــــوزارة الـــعـــدل، والــخــدمــة الــــســــريــــة، الـــتـــابـــعـــة لـــــــــوزارة األمــــــن الــقــومــي «سيعمالن معًا مع وكــاالت فيدرالية أخرى للغوص فـي تفاصيل مـا جــرى وتشخيص نــقــاط الــضــعــف». وأضـــافـــت: «هــــذا يتضمن مراجعة الخطط وإجراء مقابالت مع عناصر األمن وقوات األمن املحلية». وتـــفـــســـر شــــوايــــت، الـــتـــي شـــمـــل عـمـلـهـا التنسيق مـع الشرطة املحلية للتحقيق في حـــــوادث إطـــــ ق الـــنـــار والـــــرد عـلـيـهـا، مهمة مـكـتـب الـتـحـقـيـقـات الــفــيــدرالــي املـــســـؤول عن الـــحـــوادث الــداخــلــيــة فـــي الـــواليـــات املـتـحـدة، فـــتـــقـــول: «يـــعـــمـــل عـــنـــاصـــر (إف بــــي آي) مـع الــخــدمــة الــســريــة بـشـكـل مــتــواصــل ملـشـاركـة االســـتـــخـــبـــارات حـــــول الـــتـــهـــديـــدات املــحــدقــة بــــاألشــــخــــاص الــــذيــــن يــتــطــلــبــون الـــحـــمـــايـــة، ويـــــشـــــارك املـــكـــتـــب بـــالـــتـــعـــاون مــــع عــنــاصــر الــــشــــرطــــة املـــحـــلـــيـــة بـــالـــتـــخـــطـــيـــط لــــأحــــداث العامة»، لكنها تستطرد مشيرة إلى أن «إف بـي آي» هـي الوكالة الوحيدة املسؤولة عن التحقيق فــي كــل مـــرة يحصل فيها اعـتـداء على مـسـؤول فـيـدرالـي، وتعطي مـثـاال على ذلـــــك بــالــتــحــقــيــقــات فــــي مـــــحـــــاوالت اغــتــيــال الرئيسني السابقني رونالد ريغان وجيرالد فــــــورد قـــائـــلـــة: «(إف بــــي آي) تــجــمــع األدلـــــة وتـحـلـلـهـا وعــنــاصــرهــا ســيــجــرون مـقـابـ ت مع الحاضرين لوضع جدول زمني وصورة كاملة ملن كان متورطًا في االعتداء. وفي حال اتضحت ضرورة توجيه تهم جنائية يطلب املكتب من وزارة العدل النظر في توجيه هذه التهم». وبـانـتـظـار هـــذه الـتـحـقـيـقـات، تُــجـري الخدمة السرية تحقيقاتها الخاصة حول الـثـغـرات األمنية املحتملة، واإلصـ حـات التي يجب أن تُفرض للحؤول دون تكرار حــوادث من هـذا النوع. ويقول فيريرا إنه من الضروري جدًا تعزيز تدريبات القوى األمنية فـي الخدمة السرية املسؤولة عن حماية شخصيات بـارزة، معتبرًا أنه كان مــن الــواضــح مــن خـــ ل رد فـعـل العناصر املوجودين حول ترمب أن بعضهم يفتقر للتدريب الكافي. ويفسر ذلـك قائالً: «لقد رأيــنــا فــريــق الــخــدمــة الــســريــة يــتــردد عـدة مــــرات ويـــعـــرّض الـــهـــدف (تـــرمـــب) للخطر. يــــجــــب تــــحــــديــــد األدوار واملــــســــؤولــــيــــات بــــوضــــوح لـــكـــل عـــضـــو فــــي الــــفــــريــــق. هـــذا يخفف من التردد ويضمن اطّالع الجميع على مهامهم املحددة في حال الطوارئ». ويـــضـــيـــف فــــيــــريــــرا، املـــــســـــؤول عــــن تــأمــ الـــحـــمـــايـــة األمـــنـــيـــة ملـــنـــشـــآت وزارة األمــــن الـقـومـي الــتــجــاريــة: «يــجــب أن تـمـر الـفـرق بتمارين مكثفة، مما يعني إجراء تدريبات مـــنـــتـــظـــمـــة وواقــــعــــيــــة تـــحـــاكـــي مــجــمــوعــة متنوعة مـن التهديدات املحتملة لضمان سرعة التصرف. كما يجب التركيز بشكل أساسي على التدريب في أجـواء ضاغطة ملـــســـاعـــدة الـــعـــنـــاصـــر عـــلـــى الـــحـــفـــاظ عـلـى ربـــاطـــة جــأشــهـم واتـــخـــاذ قــــــرارات سـريـعـة تحت الضغط». إخفاقات سابقة تـــكـــرَّر عــلــى لــســان الـكـثـيـريـن مـقـارنـة بـــ حــادثـــة إطــــ ق الــنــار عـلـى ريــغـــان في الــعــاصــمــة األمـــيـــركـــيـــة واشـــنـــطـــن فـــي عــام الــتــي أُصـــيـــب خـ لـهـا بـــجـــروح أدت 1981 يـومـ ، 12 إلـــى مـكـوثـه فــي املستشفى ملـــدة وحادثة إطـ ق النار على ترمب من حيث اإلخـفـاقـات األمـنـيـة. وهــذا مـا قاله النائب الـديـمـقـراطـي روبـــن غاليغو، الـــذي تحدث عن «أكبر فشل أمني على أعلى املستويات منذ محاولة اغتيال الرئيس ريغان». يتفق عنصر الخدمة السرية املتقاعد تيم مكارثي مع توصيف ما جرى بـ«الفشل األمـنـي»، ويقول مكارثي الــذي كـان ضمن العناصر املكلفني بحماية ريغان، وأُصيب بـطـلـقـة نـــاريـــة فـــي صـــــدره جـــــراء مــحــاولــة االغــتــيــال: «عـنـدمـا يُــصــاب شـخـص تحت حماية الخدمة السرية، فهذا يعد فشال ألن هذا يجب أال يحصل». ويتابع مكارثي في مقابلة مع شبكة (إن بي سـي): «قد يكون األمـــر فـشـ فــرديــ أو مــن نـــوع آخـــر، لكنه فشل من دون أدنى شك. إن محاولة اغتيال ريــــغــــان كـــانـــت فـــشـــ أمـــنـــيـــ ألنـــــه أُصـــيـــب بجراح. وما جرى مع ترمب هو فشل أمني ويجب أن ننظر إلى أسبابه». وهـــــذا مـــا تـعـهـد بـــه الـــنـــائـــب غـالـيـغـو الــــذي قـــال فــي رســالــة إلـــى مــديــرة الـخـدمـة الــســريــة: «ال يـمـكـن تـــكـــرار مـــا جــــرى، وأنـــا أطالب بتحمل املسؤولية». وهي ليست املـرة األولـى التي تواجه فيها تشيتل انتقادات من هذا النوع، فقد سـبـق أن تـعـرضـت ملــوجــة مـــن االنــتــقــادات جــــــــراء أحـــــــــداث اقــــتــــحــــام الـــكـــابـــيـــتـــول فـي ،2021 ) السادس من يناير (كانون الثاني وذلك بعد أن أصدر تحقيق فيدرالي تقريرًا قــال فيه إن الـوكـالـة محت رسـائـل هاتفية لعناصرها خالل األحـداث، كان من املمكن لـــهـــا أن تـــســـلّـــط الــــضــــوء عـــلـــى اإلخـــفـــاقـــات األمــنــيــة فـــي ذلــــك الـــيـــوم. وبـــــررت الـخـدمـة السرية سبب محو الرسائل بـ«تغيير في تقنيات النظام الهاتفي» في الوكالة. وواجــهــت الـوكـالـة انــتــقــادات متكررة كــــذلــــك بــــعــــد دخــــــــول مـــتـــســـلـــل إلـــــــى مـــنـــزل مستشار األمـــن القومي جـايـك سوليفان، الــــــذي يــتــمــتــع بــحــمــايــة عـــنـــاصـــر الــخــدمــة .2023 السرية في عام 90 تأخر عناصر الوكالة 2021 وفـي دقــيــقــة فـــي إجـــــ ء نــائــبــة الــرئــيــس كــامــاال هـــاريـــس مـــن مـــوقـــع وجـــــود قـنـبـلـة خـــارج اللجنة الوطنية الديمقراطية. فقد تمكن متسلل من 2014 أما في عام القفز فـوق سـور البيت األبيض والدخول من الباب األمامي قبل إلقاء القبض عليه في عهد الرئيس السابق باراك أوباما. ناهيك بفضيحة دعارة في كولومبيا على هامش قمة األميركيتني 2012 في عام امـــــرأة فـــي فـــنـــدق في 20 شـمـلـت أكـــثـــر مـــن «كـــارتـــاخـــيـــنـــا» تــــــورط فــيــهــا عـــنـــاصـــر مـن الوكالة ولطخت سمعتها. واشنطن: رنا أبتر عناصر من جهاز الخدمة السرية يحيطون المرشح الجمهوري دونالد ترمب وهو على المنصة إثر تعرضه لمحاولة اغتيال (أ.ب) «لقد رأينا فريق الخدمة السريّة يتردد عدّة مرّات ويعرّض الهدف (ترمب) للخطر»

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==