issue16667

لمسات LAMASAT 21 Issue 16667 - العدد Tuesday - 2024/7/16 الثالثاء ستيفان روالن يحيك النعومة واإلثارة بخيط رفيع.. ومحمد آشي يحكي قصة رحلة روحانية تتشابك فيها الظلمة بالنور إذا كــان هـنـاك شــيء واحــد تـخـرج بـه بعد عــرض ستيفان ، الــذي قـدمـه ضمن أسبوع 2025 وشـتـاء 2024 روالن لخريف باريس للـ«هوت كوتور»، فهو أن الوفاء من شيمه؛ إنه عاشق وفـي لباريس، صديق وفـي لعارضته املفضلة نيفيز ألفاريز، الــتــي افـتـتـحـت الـــعـــرض كـــالـــعـــادة، وكـــأنـــه يــتــبــرك بــهــا، ووفــــي ألسـلـوبـه املـطـعـم بـالـشـاعـريـة والـفـنـيـة. قــد يجنح أحـيـانـا إلـى املسرحي، لكنه مسرحي يغذي كل الحواس. اقــتــصــرت تشكيلته عـلـى لــونــن يـتـيـمـن هـــذه املــــرة، هما األســـود واألبــيــض. كـانـا كـل مـا يحتاج إلـيـه ليكتب سيناريو مــســرحــيــة، قــــال إنــــه اسـتـلـهـمـهـا مـــن غـــمـــوض وســـحـــر بــاريــس فــي لـيـالـي الــشــتــاء، عـنـدمـا تـكـون األشــجــار عــاريــة، واألحــجــار املرصوفة بالحصى تتألأل بمياه األمـطـار. صـورة استلهمها مــن بـــراســـاي، املــصــور الـفـوتـوغـرافـي، مــجــري األصــــل، املفتون بليالي باريس وخطاياها. كان يسهر الليل يجوب بكاميرته شوارعها املظلمة والخفية، يلتقط صورها وهي تستيقظ بعد أن ينام الناس لتعيش حياة موازية. ستيفان روالن ترجم هذه الصور، أو باألحرى الحياة، في قطع أزيـاء باللون األسـود تخترقها إشعاعات بيضاء، تلعب على املستور واملكشوف، فــتــحــوَّل تـنـاقـضـهـمـا إلــى تـــنـــاغـــم مــفــعــم بـــاألنـــوثـــة. بـــــن اإلطــــــالــــــة واألخــــــــرى كان يضيف عليها بعض الــــــبــــــريــــــق، بـــتـــرصـــيـــعـــهـــا بـــأحـــجـــار الــكــريــســتــال أو الـــــزجـــــاج أو الـــســـفـــيـــر أو األونـــــيـــــكـــــس. وعــــنــــدمــــا ال يـــكـــفـــيـــه األمــــــــر يــســتــعــمــل «بـــــــــــروش» يُـــشـــبـــكـــه عــنــد الــــخــــصــــر أو الــــكــــتــــف، أو حــزامــا يُــزيِّــن الـخـصـر من تـحـت الــتــول أو املـوسـلـن عوض أن يحدد الفستان. وإذا كــــــــان األســــــــود واألبـــــــــــــيـــــــــــــض الـــــبـــــطـــــلـــــن الرئيسيي، فـإن األقمشة أيـــــــضـــــــا كـــــــــــان لــــــهــــــا دور أسـاسـي فـي هــذه الحبكة املـــســـرحـــيـــة. تــبــايــنــت بـن صــــوف الــكــريــب واملـخـمـل والـتـول والـسـاتـان واملـوسـلـن. أول مـا يتبادر إلـى الـذهـن أنها أقمشة تتميز بقوام ناعم يخدم التصاميم التي تنسدل على الـجـسـم، لـكـن سـتـيـفـان نـجـح فــي تشكيلها بـهـنـدسـيـة، أضفت عليها قواما صلبا جعلها تبدو كأنها منحوتات. تتوالى اإلطلالت في قاعة «بليل» الواقعة بباريس على نغمات موسيقية 8 بـالـجـادة وأبيات شعر تتغنى بباريس للشاعر جاك بــريــفــيــر، صـــديـــق املـــصـــور بــــراســــاي ورفــيــق دربـــــه فـــي بــعــض جـــوالتـــه الــلــيــلــيــة، فـنـتـذكـر مـــــهـــــارة املـــصـــمـــم فـــــي الـــتـــفـــصـــيـــل، وإعــجــابــه الـقـديـم الـــذي ال يــزال ســــاكــــنــــا وجـــــــدانـــــــه، بــــأســــتــــاذه كــــريــــســــتــــوبــــال بـــالـــنـــســـيـــاغـــا. ظـهـر هـــذا الـتـأثـيـر فـــي بعض األحجام الضخمة واألكتاف الـــــعـــــريـــــضـــــة والــــتــــفــــاصــــيــــل الهندسية املبتكرة. مــــن بــــن هـــــذه اإلثــــــارة البصرية ال ينسى املصمم مــنــبــع إلـــهـــامـــه، فـــيـــعـــود إلـــى قـــــصـــــص الـــــلـــــيـــــل والــــــنــــــهــــــار: مــــن خـــــال األبــــيــــض واألســـــــود والــــســــمــــيــــك والــــــشــــــفــــــاف. يـــتـــرك املوسلي أو التول ينسدالن على شكل تــنــورة، أو بنطلون مـن تحت جاكيت توكسيدو كاشفا عـن الخصر للتخفيف مــن صــرامــة تفصيل الـجـزء العلوي أو إلبراز فنيته. يـــقـــول ســتــيــفــان: «إنـــهـــا تـصـامـيـم (غرافيكية لكن ناعمة)»، ويتابع كأنه يــريــد تـرسـيـخ الــفــكــرة أو تصحيحها: «هـنـاك الكثير مـن النعومة».تصريحه ال يُبدِّد اإلحساس الطاغي بأنها نعومة مربوطة بـاإلثـارة الحسية. كـان واضحا تـأثـره بـصـور بــراســاي الليلية. ترجمها مــــن خــــال فـــتـــحـــات ديــكــولــتــيــه مـنـخـفـضـة لـــلـــغـــايـــة، وفـــتـــحـــات جـــانـــبـــيـــة تـــظـــهـــر كــامــل الساق وما فوقها، وال يغطيها سوى ستارة خفيفة مـن املوسلي أو األورغــنــزا، ال تنجح فـي إخـفـاء املـسـتـور بـقـدر مـا تُــبــرزه وتزيد من سحره. كـــانـــت هـــنـــاك أيـــضـــا إطـــــــاالت بــظــهــور مكشوفة، وخصور لم يُخف منها املصمم ســـوى الـــســـرة. حـــرص عـلـى إخـفـائـهـا، إما بحزام مرصع باألملاس وأحجار الكريستال أو بقطعة قماش صغيرة بــحــجــم صــفــحــة الــــيــــد، كـــــان دورهـــــــا أن تـربـط الــصــدر بـتـنـورة مـنـسـدلـة، حـتـى يبقى جـزء كـبـيـر مــن منطقة الـخـصـر مـكـشـوفـا. تُــفـاجـئـنـا جُــرأتـه بعض الشيء، ثم نتذكر أننا هنا في عرض مسرحي، وفـــــــي قــــاعــــة مـــــســـــرح، وهـــــــو مـــــا يــــحــــتــــاج إلـــــــى بــعــض الـبـهـارات املـثـيـرة. نـتـذكـر أيـضـا أن التشكيلة تنتمي لـخـط الـــ«هـــوت كــوتــور»، وهـــذا يعني أن الـزبـونـة من حقها أن تطلب إجـــراء تـعـديـات طفيفة عليها، مثل إضــافــة بـطـانـة تستر املـكـشـوف، أو أكــمــام ومـــا شابه من تفاصيل، وإن كانت الكثيرات من زبونات الجيل الجديد سيُقبلن عليها كما هي. سحرها بالنسبة لهن يكمن في إثارتها، إضافة إلـــى فنيتها الـتـي تـعـززهـا الـتـفـاصـيـل الـهـنـدسـيـة تــارة واإلكسسوارات تارة أخرى. ويبدو أنه أخذ بعي االعتبار هـذه الشريحة. وأضــاف إلـى القطع ذات الياقات العالية واألكمام الطويلة سحابات يمكنهن فتحها للحصول على مبتغاهن حسب الزمان واملكان. باريس: جميلة حلفيشي محمد آشي، مصمّم آخر قدّم لنا وجهة نظره عن علقة > الـظـام بـالـنـور، بــاألســود وقليل جــدا بــألــوان فـاتـحـة، مـع تأثّر مــلــمــوس بـكـريـسـتـوبـال بـالـنـسـيـاغـا. تــفــنّــن أيــضــا فـــي تـحـويـل الخامات واألنسجة إلى منحوتات، إال أنه وخلفا لغيره، حقق فـي هــذا األسـبـوع الـخـاص بــاألزيــاء الـراقـيـة أهـدافـا أخـــرى. ففي مـسـاء نـفـس الــيــوم قـــدّم مجموعة أزيــــاء وإكــســســوارات أبدعها لطاقم طيران الـريـاض، قـال إنـه استلهمها من الحقبة الذهبية لقطاع الطيران العاملي في خمسينات وستينات القرن املاضي. صــبــاحــا، ضـــرب لـنـا مـوعـدًا 11:30 قـبـلـهـا وفـــي الــســاعــة الــــــــ . اختلفت مـن حيث 2025 - 2024 مـع تشكيلته لخريف وشـتـاء التفاصيل عما قـدّمـه لطاقم الـطـيـران، وتشابهت معه فـي أنها حلّقت بنا بي الغيوم وفوق السُّحب. فقد يكون عنوانها «الغيوم املنحوتة» مـن بــاب الـصـدفـة، لكن هــذا ال يمنع مـن التخمي أن التحليق كان في باله عند تصميمها. ، بـــدأ الـحـضـور فــي الـــوصـــول، كانت 10:30 عـلـى الـسـاعـة الـــــــ األجــــواء خـــارج مبنى «مـونـيـه دو بــاغــي»، الـــذي ال يبعد سوى بــضــع دقـــائـــق عـــن مــتــحــف الـــلـــوفـــر، يــضــج بـــالـــحـــركـــة. عــــدد من املـؤثـرات والضيفات يلتقطن صـورًا بتصاميمه، منحَتنا ملحة بسيطة عما يمكن أن نتوقعه من عرضه، أو هذا ما توهّمناه. نـدخـل الـقـاعـة فتختلف األجـــــواء، وتنمحي مــن الــذهــن أي فكرة مسبقة تكوّنت لدينا في الخارج. فجأة يختفي نور الشمس، وتحل محله ظـــلـــمـــة لـــــم يـــكـــن يُــــبــــدّدهــــا ســــــوى ضــــــوء الـــكـــامـــيـــرات عـنـد الــتــقــاط صـــور نجوم الصف األول، مثل ميشيل ويليامز، وســـادي سينك، وتــوم هولندر، وكاليستا فــــلــــوكــــهــــارات. كـــانـــت هـــذه أول مرة تحضر فيها هذه األخـــيـــرة عـــــروض بــاريــس لـــلـــمـــوضـــة عـــلـــى اإلطــــــاق. كــــانــــت تــتــجــنــب األضـــــــواء ســــابــــقــــا، لـــكـــنـــهـــا تـــحـــتـــاج إلـــيـــهـــا بـــعـــد عـــودتـــهـــا إلـــى الـــــســـــاحـــــة الــــفــــنــــيــــة بـــطـــلـــة ملـــســـرحـــيـــة ســــــام شـــيـــبـــارد الـــشـــهـــيـــرة «لـــعـــنـــة الـطـبـقـة الــــجــــائــــعــــة»، الــــتــــي حــــازت على جـائـزة «أوبــيــي» عام ، ويتم إحـيـاؤهـا في 1977 برودواي حاليا. من جوانب ممشى العرض كان يتسرّب دخان لتعزيز حالة الغموض واإلثارة، بينما تناثرت نباتات تولّد االنطباع بأننا انتقلنا إلى كوكب آخر. يــشــرح مـحـمـد آشـــي هـــذا الــغــمــوض قــائــا أنـه اختار «الغيوم املنحوتة» عنوانا لهذه التشكيلة؛ لـــكـــي يُـــدخـــلـــنـــا إلـــــى عـــالـــم ســـريـــالـــي «مــفــعَــم باملشاعر والـتـجـارب اإلنـسـانـيـة الـدافـئـة». فـكـرتـه لــم تـكـن أبــــدًا االنــفــصــال الــتــام عن الـــواقـــع، بــل فـقـط االبــتــعــاد «بــأرواحــنــا وجــــــوارحــــــنــــــا» عـــــن إيـــــقـــــاع الـــحـــيـــاة الــســريــع الـــــذي نـعـيـشـه الـــيـــوم. من هـــذا املـنـظـور تـخـيّــل عــاملــا مــوازيــا أراده أن يكون مثاليا وواقعيا في الـوقـت ذاتـــه، يعكس مـا نعيشه من صراع بي الظلمة والنور. بــــــدأ الـــــعـــــرض، وتــــوالــــت اإلطـــــــــــــاالت تـــــفـــــوح مــــــن بــن طياتها وثنياتها وعناقيدها املـــــــتـــــــدلـــــــيـــــــة وشــــــراشــــــيــــــبــــــهــــــا املــــنــــســــدلــــة، فــــنــــيــــة تــســتــعــرض قـــــدراتـــــه عـــلـــى الـــتـــفـــصـــيـــل، كـمـا تـــســـتـــكـــشـــف خـــــامـــــات وتـــقـــنـــيـــات ضـخّــهـا بــجــرعــات ال بـــأس بـهـا من الشاعرية. فساتي هندسية عديدة رصّــعــهــا بــاألحــجــار، وأخــــرى تـمـيّــزت فيها التنورات بثنيات وطيّات ال تعرف بـدايـتـهـا مــن نـهـايـتـهـا. أمـــا الـقـطـعـة التي افــتــتــح بــهــا الــــعــــرض، فـــجـــاءت كــأنــهــا درع يحمي صدر صاحبته من عاديات الزمن، وقد جسّدت هذه القطعة كل معاني القوة والنعومة، مــــن خـــــال شـــفـــافـــيـــة مــنــطــقــة الــــصــــدر وســـمــاكـــة التنورة. أمر تعمّده آشي في كل التشكيلة؛ ألنه وجّــهــهــا وفـــق قـــولـــه: «المـــــرأة تُـــــدرك تـمـامـا أنـهـا تـسـيـر نـحـو مستقبل مــجــهــول، لـكـنـهـا مستعدة ملواجهته بثقة». فـــي مـنـتـصـف الـــعـــرض تــقــريــبــا، يُــدخــلــنــا هــذا الـــعـــالَـــم املــجــهــول بـقـطـعـة تـصـيـب بــالــحــيــرة مـــا إذا كانت مستوحاة من ملكة أفريقية، أو من محاربة أمـازونـيـة، يـأخـذ فيها شعر الحصان شـكـا عابثا وفـــوضـــويـــا يـــغـــطّـــي كــــل الـــجـــســـم، بــاســتــثــنــاء جـــزء بــســيــط يــظــهــر مـــنـــه كـــورســـيـــه بــنــفــس الــــلــــون. وفـــي لــحـــظــة االنـــــدهـــــاش واالســـــتـــــغـــــراب تــلــك، تتغير املوسيقى، ويتناهى صوت يشبه القهقهة، وكـــأن صاحبته تـريـد أن تحكي قصتها وجموحها للهروب من عبثية الواقع. بـعـد الــعــرض عـلَــقـت املمثلة فـلـوكـهـارت: «كنت مبهورة طـوال العرض، لقد كان رائعا بغموضه ورومانسيته، ورغم سوداويته التي أثارت بعض الخوف». لكنها لم تنس أن تشير إلى أن غالبية القطع كانت رومانسية، ويمكنها أن تظهر بها بسهولة، مثل معطف بيضاوي يحضن الجسم، ومعطف مشابه طرّزه بالكامل، وفستان أسود منحوت بفتحة عنق غير متماثلة مع أكتاف حـــــادة، وهــلــم جــــرًّا مـــن الـتـفـاصـيـل املــبــتــكــرة. مـيـلـه الــواضــح لألشكال الهندسية التي تقارب فنون العمارة أو النحت، ذكّرنا بالراحل كريستيان ديور، والفرنسي ستيفان روالن، وغيرهما من املصمّمي، الذين تأثروا بكريستوبال بالنسياغا، أو على األقل اعترفوا به كأستاذ. محمد آشـي، وبعد أكثر من عشر سنوات على إطلقه أول تشكيلة لــه، ورغـــم تـوهّــج نجمه فـي سـاحـة املــوضــة؛ كـونـه أول سعودي ينضم إلى فيدرالية املوضة لـ«الهوت كوتور»، ال يزال يدين له بالكثير من اإللهام. ... واقعية وسريالية 2025 وشتاء 2024 تشكيلتان لخريف افتتح العرض بهذه القطعة التي لعب فيها على القوة والنعومة وشكّل فيها الصدر وكأنه درع واق (آشي استوديو) قوته في التفصيل ال تخفى في كل قطعة عرضها رغم التفاصيل (آشي استوديو) يبدو تأثره بأستاذه كريستوبال بالنسياغا واضحا في األحجام واألشكال الفنية (ستيفان روالن) لعب على األسود واألبيض فقط وكانا كافيين لينسج منهما قصات مثيرة (ستيفان روالن) استلهم ستيفان روالن تشكيلته من ليل باريس وخطاياها كانت فكرة محمد آشي االبتعاد عن إيقاع الحياة السريع لم ينس محاولة إرضاء من يردن المحافظة والحشمة أكثر (ستيفان روالن) معطف بيضاوي يُبرز شغف المصمم باألحجام الهندسية الضخمة (آشي استوديو)

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==