issue16651

بـــقـــيـــت مــــــائــــــة وســــــبــــــع وعــــــشــــــرون لــــيــــلــــة عــلــى االنتخابات األميركية، ويبدو أنَّها طويلة هذه املرة بـمـا قــد تـحـمـلُــه مــن مــفــاجــآت. أمـسـيـة املــنــاظــرة هـذا األسبوع ليست مفاجئة تمامًا سوى أنَّها قد قضت على حـظـوظ جـو بــايــدن، إن لـم يتم تـرتـيـب انـقـاب داخل الحزب الديمقراطي للتَّخلّص منه، فإن دونالد تــرمــب سـيـقـضِــي عـلـيـه فــي االنــتــخــابــات نـهـايـة هـذا العام. فــي الــسّــبــاق إلـــى الـبـيـت األبــيــض أكــثــر مــن ألــف مرشح حتى اآلن، أهمُّهم بايدن وترمب. ويُــقــال فــي نـظـام االنـتـخـابـات األمـيـركـي أن كـل مواطن يستطيع أن يحلم وينافس ويصبح رئيس جمهورية أقــوى دولـــة فـي العالم. نظريًا هـذا القول صحيح، يستطيع أي فـــرد الـتـقـدم وتسجيل اسمِه لـــلـــرئـــاســـة، لــكــن فـــي الــــواقــــع املــــعــــاش أن يـــفـــوز غـيـر أحـــد املـرشـحـن االثـنـن مـن الـحـزبـن الـجـمـهـوري أو الديمقراطي، هو من رابـع املستحيلت الثلث، كما تقول العرب: «... الغول والعنقاء والخل الوَفِي». للفوز ال يكفي جـمـع األصــــوات والـفـائـز عدديًا يكسب، كما يبدو للوهلة األولى، بل عليه أن يحصل على أكبر عــدد مـن املمثلي الفائزين عـن كـل واليــة. الدليل على استحالة حكم أميركا من خارج املنظومة أنَّه في القرن املاضي وهذا القرن، لم يفز أي مرشحٍ، على كثرتهم، غير ديمقراطي وجمهوري! اليوم، الديمقراطيون في ورطـة، ألن حصانَهم بايدن يبدو خاسرًا، فهل بمقدور الحزب أن يغيّرَه ويتدارك أمرَه، خاصة أن بايدن يرفض التنازل؟ قـــــواعـــــد الــــحــــزب تـــجـــعـــل فــــكــــرة االنـــــقـــــاب عـلـى املرشح شبه مستحيلة، وصُمّمت كذلك حتى تمنع االنــشــقــاقــات واملــــؤامــــرات. لـكـنَّــهـا لـيـسـت مستحيلة تـمـامـ. كـسـب بــايــدن تقريبًا كـــل ممثلي الــحــزب من أنـــحـــاء أمـــيـــركـــا، وهــــم مــلــتــزمــون الـــتـــصـــويـــت لـــه في مؤتمر الحزب املقبل في أغسطس (آب). وإن رفض بايدن التنازل فاألرجح أن يُطرح اسـم مرشح بديل له في املؤتمر الثاني للحزب، عملية طويلة ومعقدة وستتسبَّب في معركة في كواليس الحزب حتى يتم خلع بـايـدن. وهناك ثلثة مرشحي سبق أن وضع ،2028 قادة الحزب عينَهم عليهم لتأهيلهم النتخاب وجميعهم أصغر أيضًا من ترمب بعقد ونصف. هــل قــضــت املــنــاظــرة عـلـى بـــايـــدن؟ تــقــول مجلة «تايم» إن قادة الحزب مقتنعون أنَّه سقط بالضربة الـــقـــاضـــيـــة، لــكــن املــــوالــــن لـــبـــايـــدن ســــارعــــوا لـتـرقـيـع الـــوضـــع. فـقـد كـثَّــفـت نـائـبـة الــرئــيــس كــمــاال هـاريـس رسائلَها بعد املـنـاظـرة، تـحـاول درء أي انـقـاب من نشطاء الـحـزب إلبـعـاد بــايــدن، وربَّــمــا إبـعـادهـا هي أيـضـ. وادعـــى فريقُه للصحافيي أن األمـــور بخير، وهـي مجرد ليلة أخــرى مـن مئات الليالي املتبقية، وبايدن باق ألربع سنوات أخرى. لتأكيد ذلك ملناصريه وأنَّه بخير، أرسلوا بايدن مباشرة بعد املناظرة إلـى فندق «حـيـاة ريجنسي» دقيقة، وسمحوا للحضور بتصوير سيلفي 45 ملدة معه. وعند منتصف الليل أخـذوه إلى مطعم «وافل هاوس» في طريقهم إلى املطار. في الليلة نفسها، رغـم الهزيمة، حرصوا على أن يلتزم جدولَه وأخـذوه إلى مدينة رالي، في والية نورث كاروالينا، حيث هبطت الطائرة الرئاسية في الثانية ليلً، ليقود حملة انتخابية في الصباح! إنَّــمـا الـوضـع سيئ إلــى درجـــة أن بـــاراك أوبـامـا هـمـس لـحـلـفـائـه بــالــتــراجــع والــتــخــلّــص مـــن بــايــدن، قائلً: «لقد كانت املناظرة سيئة، أنا خبير في ذلك». التخلّص من زعيم الحزب عملية صعبة، وقد تتطلَّب مؤامرة انقلب يدبرها قادة الديمقراطيي. الـــــســـــؤال، ملــــــاذا زجُّــــــــوا بـــبـــايـــدن الـــضـــعـــيـــف فـي املناظرة أمـام ترمب العملق؟ ألـم تكن هناك طريقة للتهرّب من النقاش؟ وإذا كان وال بد، ملاذا ظهر بهذا الضعف بعكس ظهوره الحقًا في مدينة رالي؟! طبعًا، هناك صــراع ٌداخـــل املعسكر، فهل كانت املــنــاظــرة «مــــؤامــــرة» لـفـضـحِــه والـتـخـلـص مـنـه ومـن حلفائه أصحاب املصالح؟ فـــي جـمـيـع األحــــــوال، الـــرابـــح الــوحــيــد مـــن بـقـاء بايدن، شخص واحد فقط هو ترمب. تقول مجلة «تايم» إن بايدن حَظِي بكل ما يمكن ليستعد للمناظرة، لكن قدراته لم تسعفه. لتجهيزه للمناظرة نقل إلى االستراحة الرئاسية، كامب ديفيد فــي جـبـال مــاريــانــد ملـــدة سـتـة أيـــام كـامـلـة، وأجـــروا لــه بــروفــة كـامـلـة للمناظرة ملـــدة يـومـن فــي حظيرة الطائرات ومسرح السينما. مع هذا كان واضحًا أنَّه فاقد للذاكرة، ومنهك جدًا. مسلسل االنتخابات يعكس الوضع السياسي املنقسم على نفسه فـي الــواليــات املـتـحـدة، ووجــود االثني بايدن وترمب ال شك أنَّه زاد البلد انقسامًا. حـتـى الـــحـــزب الـجـمـهـوري لـيـس راضــيــ عــن تـرمـب، يخافُه ويحتاجُه ومضطر لدعمه. هل يتم االنقالب على بايدن؟ OPINION الرأي 13 Issue 16651 - العدد Sunday - 2024/6/30 األحد عبد الرحمن الراشد اﻷﻣﻴﺮ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺎن ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﻌﺰﻳﺰ ﻫﺸﺎم وﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺣﺎﻓﻆ Ghassan Charbel رﺋﻴﺲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻏﺴﺎن ﺷﺮﺑﻞ ﻣﺴﺎﻋﺪو رﺋﻴﺲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻋﻴﺪروس ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ زﻳﺪ ﻓﻴﺼﻞ ﺑﻦ ﻛﻤﻲ ﺳﻌﻮد اﻟﺮﻳﺲ Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ أﺳﺴﻬﺎ ﺳﻨﺔ ١٩78 أﺳﺴﻬﺎ ﺳﻨﺔ اﻷﻣﻴﺮ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺎن ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﻌﺰﻳﺰ ﻫﺸﺎم وﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺣﺎﻓﻆ Ghassan Charbel رﺋﻴﺲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻏﺴﺎن ﺷﺮﺑﻞ ﻣﺴﺎﻋﺪو رﺋﻴﺲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻋﻴﺪروس ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ زﻳﺪ ﻓﻴﺼﻞ ﺑﻦ ﻛﻤﻲ ﺳﻌﻮد اﻟﺮﻳﺲ Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ أﺳﺴﻬﺎ ﺳﻨﺔ ١٩78 أﺳﺴﻬﺎ ﺳﻨﺔ اﻷﻣﻴﺮ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺎن ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﻌﺰﻳﺰ ﻫﺸﺎم وﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺣﺎﻓﻆ Ghassan Charbel رﺋﻴﺲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻏﺴﺎن ﺷﺮﺑﻞ ﻣﺴﺎﻋﺪو رﺋﻴﺲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻋﻴﺪروس ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ زﻳﺪ ﻓﻴﺼﻞ ﺑﻦ ﻛﻤﻲ ﺳﻌﻮد اﻟﺮﻳﺲ Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ أﺳﺴﻬﺎ ﺳﻨﺔ ١٩78 أﺳﺴﻬﺎ ﺳﻨﺔ اﻷﻣﻴﺮ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺎن ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﻌﺰﻳﺰ ﻫﺸﺎم وﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺣﺎﻓﻆ Ghassan Charbel رﺋﻴﺲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻏﺴﺎن ﺷﺮﺑﻞ ﻣﺴﺎﻋﺪو رﺋﻴﺲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻋﻴﺪروس ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ زﻳﺪ ﻓﻴﺼﻞ ﺑﻦ ﻛﻤﻲ ﺳﻌﻮد اﻟﺮﻳﺲ Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ أﺳﺴﻬﺎ ﺳﻨﺔ ١٩78 أﺳﺴﻬﺎ ﺳﻨﺔ اﻷﻣﻴﺮ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺎن ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﻌﺰﻳﺰ ﻫﺸﺎم وﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺣﺎﻓﻆ Ghassan Charbel رﺋﻴﺲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻏﺴﺎن ﺷﺮﺑﻞ ﻣﺴﺎﻋﺪو رﺋﻴﺲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻋﻴﺪروس ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ زﻳﺪ ﻓﻴﺼﻞ ﺑﻦ ﻛﻤﻲ ﺳﻌﻮد اﻟﺮﻳﺲ Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ أﺳﺴﻬﺎ ﺳﻨﺔ ١٩78 أﺳﺴﻬﺎ ﺳﻨﺔ اﻷﻣﻴﺮ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺎن ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﻌﺰﻳﺰ ﻫﺸﺎم وﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺣﺎﻓﻆ Ghassan Charbel رﺋﻴﺲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻏﺴﺎن ﺷﺮﺑﻞ ﻣﺴﺎﻋﺪو رﺋﻴﺲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻋﻴﺪروس ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ زﻳﺪ ﻓﻴﺼﻞ ﺑﻦ ﻛﻤﻲ ﺳﻌﻮد اﻟﺮﻳﺲ Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ أﺳﺴﻬﺎ ﺳﻨﺔ ١٩78 أﺳﺴﻬﺎ ﺳﻨﺔ اﻷﻣﻴﺮ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺎن ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﻌﺰﻳﺰ ﻫﺸﺎم وﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺣﺎﻓﻆ Ghassan Charbel رﺋﻴﺲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻏﺴﺎن ﺷﺮﺑﻞ ﻣﺴﺎﻋﺪو رﺋﻴﺲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻋﻴﺪروس ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ زﻳﺪ ﻓﻴﺼﻞ ﺑﻦ ﻛﻤﻲ ﺳﻌﻮد اﻟﺮﻳﺲ Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ أﺳﺴﻬﺎ ﺳﻨﺔ ١٩78 أﺳﺴﻬﺎ ﺳﻨﺔ الرئيس التنفيذي جمانا راشد الراشد CEO Jomana Rashid Alrashid نائبا رئيس التحرير زيد بن كمي Assistant Editor-in-Chief Deputy Editor-in-Chief Zaid Bin Kami مساعدا رئيس التحرير محمد هاني Mohamed Hani في جميع األحوال الرابح الوحيد من بقاء بايدن شخص واحد فقط هو ترمب مـــن أجــمــل مـــا قــــرأت تـعـلـيـقـ عـلـى املـنـاظـرة التلفزيونية الرئاسية بي الرئيس األميركي جو بايدن، والرئيس السابق دونالد ترمب، تغريدة جـــــاء فـــيـــهـــا: «مــــشــــاهــــدة تـــرمـــب وبـــــايـــــدن تـشـبـه متابعة السنوات األخيرة من عُمر اإلمبراطورية الرومانية»! بليغة هـذه التغريدة. وحـقـ، العظمة التي بـلـغـتـهـا الــــواليــــات املـــتـــحـــدة غــيــر مــســبــوقــة في تاريخ الغرب، بل كثيرون يجادلون بأنه ال مثيل لـهـا عـبـر الـتـاريـخ بـاملـطـلـق. إذ لــم يـعـرف العالم إمـــبـــراطـــوريـــة تـهـيـمـن عــلــى الـــكـــرة األرضـــيـــة بــرًا وبحرًا وجوًا وفضاء وسيبرانيًا... مثل الواليات املتحدة. أســاطــيــلــهــا تـــجـــوب الـــبـــحـــار واملـــحـــيـــطـــات، وقواعدها العسكرية تنتشر في عموم القارات وجـــــل املـــيـــاه اإلقــلــيــمــيــة لـــدولـــهـــا، وصــواريــخــهــا الباليستية قـــادرة على اسـتـهـداف أي بقعة من األرض، وأقـــمـــارهـــا االصــطــنــاعــيــة الـتـجـسّــسـيـة وتــقــنــيــاتــهــا «الـــســـيـــبـــرانـــيـــة» تـــرصـــد خـلـجـاتـنـا وسكناتها في أي لحظة... أيـــضـــ ، هــــذه الـــدولـــة الــجـــبـــارة تــحــوي آالف معاهد التعليم العالي ومراكز األبحاث، بينها جامعات يزيد حجم وقفيات الواحدة منها على ميزانيات دول، وكذلك األمر بالنسبة لصناديق التقاعد والتعويضات في أي والية من والياتها الكبيرة. أمـــا عـــن نــظــام أمــيــركــا الــســيــاســي، فيُجمع العدو والصديق على أنه من أرقى ما استنبطه العقل اإلنساني وأدق ما توصلت إليه التجارب الـعـمـلـيـة لــتــأمــن الـتـمـثـيـل الــشــعــبــي الـصـحـيـح واملتوازن بي املكوّنات التي تضمّها تلك البلد. إذ حـرص «اآلبــاء املؤسّسون» ومَــن جـاء بعدهم على ضـمـان الــتــوازن بـن السلطات التشريعية والـــتـــنـــفـــيـــذيـــة والـــقـــضـــائـــيـــة، والـــفـــصـــل بــيــنــهــا، والحرص على أال تهيمن إحداها على السلطتي األخريي. والخلصة، أن القوة العظمى، نظريًا على األقل، تجربة سياسية فذّة قبل أن تكون فردوس اقـتـصـاد وواحـــة حـريـات وقـــوة حـــرب، وطـبـعـ ... مختبر علوم وأبحاث واختراعات وتطوير. مع كل هذا، رأى عشرات املليي عبر العالم مناظرة أزعم أنها ال تمثّل أفضل ما في أميركا. إذ ال يُعقل أن يفشل نـظـام سياسي ديمقراطي يـــقـــوم، نــظــريــ ، عـلـى االخــتــيــار الـــحـــر فـــي إنـتـاج قائدَين أفضل من بايدن وترمب. ال يُــعــقــل أن تـــكـــون هــــذه األمـــــة عـقـيـمـة إلــى درجة استحالة إيجاد مرشح ديمقراطي حالته الذهنية والصحية أقل سوءًا من حالة بايدن... ومـرشـح جـمـهـوري سجلّه القضائي واملسلكي أقل سوءًا من سجل ترمب! يستحيل أال يكون في هذه البلد الشاسعة، النابضة بالحياة والشغوفة باللياقة والرياضة، جيل شبابي منفتح يرفع الشعلة الحزبية بثقة، ويــجــدّد دمـــاء الـحـزبَــن، ويـطـرح أفــكــارًا رؤيـويـة خلّقة بعيدًا عن الرشاوى االنتخابية (وبالذات، الخفض الضريبي) والوعود الكذابة واملناكفات الــفــئــويــة واملـــــزايـــــدات الــشــعــبــويــة، وصــــــوال إلــى انـهـيـار املنطق عند الديمقراطيي فـي التعامل مــع املـسـألـة «الــجــنــدريــة»، وانـهـيـار الـخـجـل عند الجمهوريي في املوضوع العنصري. بـــــشـــــيء مــــــن الـــــنـــــفـــــاق، كــــمــــا أزعـــــــــــم، أبــــــدى بـــعـــض الـــســـاســـة الـــديـــمـــقـــراطـــيـــن اســـتـــغـــرابـــهـــم «العلني» لــأداء املتعثر البائس لبايدن، مع أن «االســـتـــغـــراب» هـــو األمــــر املــســتــغــرَب فـــي ظـــل ما رأيناه من تراجع وضعه خلل السنوات األخيرة. مـع هــذا، وعلى الـرغـم مـن التعقيدات اإلجرائية الكبيرة، ال أستبعد شخصيًا أن تتزايد الجهود في الكواليس إليجاد مَخرج الئق يحفظ لبايدن البقية الباقية من كرامته. أعــتــقــد أن غـالـبـيـة الــديــمــقــراطــيــن، سـاسـة ونــــاخــــبــــن، يـــــدركـــــون اآلن أن خـــيـــار «الــــهــــروب إلــــى األمـــــــام» غــــدا انـــتـــحـــاريـــ . وبـــالـــتـــالـــي، ال بد مـــن الــتــوصّــل إلـــى صـيـغـة عـاقـلـة تـخـتـار «فـــرس ســبــاق» رابــحــ ، وتـتـجـاوز عـقـدة نـائـبـة الرئيس كماال هـاريـس - املخيّبة جـدًا لـآمـال منذ تولّت منصبها -، وتتجنّب فـي الـوقـت عينه إغضاب قاعدة الحزب السوداء. أما على الضفة الجمهورية، فمن شأن سوء أداء بــايــدن أن يــزيــد صَــلَــف تــرمــب، ويـــعـــزّز ثقة مناصريه بـالـذهـاب أبعد فـي سياسة شعبوية صـــدامـــيـــة وإلـــغـــائـــيـــة. إذ كـــانـــت تـــجـــربـــة تــرمــب الــرئــاســيــة قـــد عـلـمـتـنـا أن مــواقــفــه ال تــمــيّــز بي الصديق والعدوّ، وال تعترف بمبادئ وضوابط، وال تـلـتـزم بـمـواثـيـق وأنــظـــمـــة... وهــــذا فــي عالم يجنح بصورة خطرة نحو مزيد من التطرف في كل مكان. حتى معاقل الديمقراطية املؤسساتية في أوروبـــــا الـغـربـيـة، مــا عــــادت بـمـنـأى عــن صعود الــبــلــطــجــيــة الـــشـــعـــبـــويـــة، والـــعـــنـــصـــريـــة الــفــجــة، واملزايدة الوقحة في التطرف... فرنسا املتجهة في هذه الساعات إلى مراكز االقتراع قد تكون أولى الثمار الساقطة إذا قُيّض لغلة «التجمع الوطني» الفوز في االنتخابات الــــعــــامــــة. أمـــــا فــــي بـــريـــطـــانـــيـــا وأملــــانــــيــــا - حـيـث الديمقراطية أكثر رصانة وأقـل «شخصانية» - فــإن املـنـاخ السياسي أخــذ يـجـرّد قــوى االعـتـدال فـــي مـعـسـكـرَي الـيـمـن والــيــســار مـــن أرصــدتــهــا، وهـــذا بـعـدمـا جـرّدتـهـا «حـــرب تهجير غـــزة» من صدقيتها. فـــي بــريــطــانــيــا، مـــا عــــاد الـــنـــاخـــب الـيـمـيـنـي املتطرف مضطرًا للتستر برداء حزب املحافظي، بـعـدمـا كـسـر الـــخـــروج مـــن أوروبـــــا (الـبـريـكـسـت) «حــــــرم» الــخــجــل مـــن تــهــمــة «الـــعـــنـــصـــريـــة». وهــا هــم الـعـنـصـريـون و«الـفـاشـيـون الــجــدد» يدلفون اآلن إلــى حــزب اإلصـــاح اليميني، الـــذي تعطيه استطلعات الرأي في انتخابات األسبوع املقبل نـسـبـة تــأيــيــد تــــــوازي نـسـبـة املـــحــافـــظــن. وعـلـى الـضـفـة املـقـابـلـة، عـلـى الــرغــم مــن تــوقّــع تسجيل حـــــزب الـــعـــمـــال تـــقـــدّمـــ طـــيـــبـــ ، فـــــإن كــثــيــريــن مـن محازبيه الساخطي على قيادته الحالية املناوئة لـــلـــيـــســـار... إمـــــا ســيـــعـــزفــون عــــن الـــتـــصـــويـــت، أو سيواجهونه في معارك انتقامية، أو سينتقمون بالتصويت تكتيكيًا لصالح حزبَي الديمقراطيي األحرار (وسط)، و«الخضر» (بيئة). وأمــــا فــي أملــانــيــا، فـقـد صـــار حـــزب «الـبـديـل ألملـــانـــيـــا» الـيـمـيـنـي املــتــطـــرف، الــــذي يستنهض خطابه مشاعر «النازية الجديدة»، قوة يحسب حسابها، وال يبدو أن الديمقراطيي املسيحيي (يمي الوسط) قادرون على كبحه. وفي املقابل، تتلشى بسرعة الفتة صدقية القوى اليسارية والــلــيــبــرالــيــة األخــــــــرى... وعـــلـــى رأســـهـــا الــحــزب الديمقراطي االجتماعي (االشتراكي) الذي يقود ائتلف يسار الوسط الحاكم. واقــــع كــهــذا، سـيـغـدو أســــوأ وأخــطــر بكثير بعد انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) املقبل في أميركا إذا ظلّت األمور على حالها. أساتذتَنا في الغرب... ما درسكم الجديد لنا؟ «مشاهدة ترمب وبايدن تشبه متابعة السنوات األخيرة من عُمر اإلمبراطورية الرومانية» إياد أبو شقرا

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==