issue16650

يستدعي قرار «حلف شمال الأطلسي (الناتو)»، الأربعاء الماضي، اختيار رئيس الــوزراء الهولندي مـارك روتـه، أميناً عاماً جديداً للحلف، خلفاً للأمين الحالي، ينس ستولتنبرغ، طــــرح تـــســـاؤلات جــوهــريــة حــــول مـسـتـقـبـل الــحــلــف فـــي قـــادم الأيـــام، لا سيما فـي الأوقـــات العصيبة الحالية، حيث سيف ديموقليس يهدد البشرية بشتاء دموي. خمسة وسبعون عاماً هي عمر «الناتو» اليوم؛ فهل تراه يبلغ المائة، أم أن المتغيرات الإقليمية والدولية، ستعدل من أوضاعه، وتبدل من طباعه، وربما تأذن له بالانصراف؟ لعلها مـن متناقضات الــقــدر، أنــه قبل فـبـرايـر (شـبـاط) ، اعتقد الجميع، لا سيما الجانب الأوروبي، أن «الناتو» 2022 مـات «سـريـريـ »، وأن الوقت قد حـان لتشكل أوروبـــا جيشها الـخـاص، وهـي الـدعـوة التي وقـف وراءهـــا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشكل خاص. وإن كانت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، قد اعتبرت قبلة الحياة للحلف المــنــازع، وسلطت الأضـــواء من جديد على معاهدته وأهمية عضويته، فإن ذلك كله لا ينفي أن هناك تحديات خطيرة تواجهه، وعثرات كبيرة تجابهه... ماذا عن ذلك؟ بـــدايـــة يــمــكــن الــقــطــع بــــأن الـــدعـــم الــشــعــبــي لــلــحــرب في الأوســــــاط الأوروبــــيــــة قـــد انــخــفــض بـشـكـل مـــتـــزايـــد، لا سيما بعد أن ساد يقين معروف مسبقاً؛ بأنه لا يمكن هزيمة دولة نـــوويـــة، وأن الــبــديــل هـــو مـحـرقـة عـالمـيـة ثــالــثــة، وعـلـيـه بـات الأوروبيون يفضلون صفقة تقود لسلام مع روسيا، عوضاً عن العنتريات المطولة، خصوصاً في ظل الخسائر الفادحة الـــتـــي حـــاقـــت بـــالاقـــتـــصـــادات الأوروبـــــيـــــة، وأدت إلــــى ارتـــفـــاع تكاليف المعيشة. يعن كذلك للباحث فـي شــؤون وربـمـا شجون «الناتو» أن يتساءل عـن مستقبله، لا سيما بعد نتائج الانتخابات الأوروبــــيــــة الأخــــيــــرة، ومــــا أفـــرزتـــه مـــن جــنــوح لـجـهـة الـيـمـ المتشدد، وبالتبعية سوف تظهر قيادات وزعامات سياسية أوروبـــيـــة تـحـمـل أفـــكـــاراً مـخـتـلـفـة، يمكنها أن تـشـكـل تحدياً لتماسك الـحـلـف وقــدرتــه عـلـى الـحـفـاظ عـلـى الإجــمــاع بشأن السياسات المختلف حولها تجاه مستقبل الأزمة الأوكرانية. على الجانب الآخر من الأطلسي، يتساءل كثيرون: «هل نـتـائـج انـتـخـابـات الــرئــاســة الأمـيـركـيـة فــي نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، يمكنها أن تؤثر في سيرة ومسيرة «الناتو»؟ حـكـمـ فـــي حــــال فــــوز الــرئــيــس الــحــالــي جـــو بـــايـــدن، لن يستشعر الـطـرف الأوروبـــي تغيراً كبيراً، فهامش الخلافات بين أميركا وأوروبـــا في ولايــة سيد البيت الأبيض الحالي، ضيق للغاية، غير أن الويل والثبور وعظائم الأمـور تنتظر روتــــه و«الـــنـــاتـــو»، حـــال فـــوز مـنـافـسـه دونـــالـــد تـــرمـــب... لمــاذا وكيف؟ لا يوفر كثير من المراقبين الأوروبيين الشكوك في ميول ترمب لصالح فلاديمير بوتين، ورغبته في احتوائه ليكون معيناً له في مواجهة الصين، حتى وإن كلف الأمر الأوروبيين مخاوف جمة. وصول ترمب إلى سدة الحكم في البيت الأبيض ثانية قد يفتح الباب واسعاً أمـام فكرة انسحاب الولايات المتحدة من عضوية «الناتو»، وهي فكرة مستبعَدة حالياً، لكن ترمب رجل غير متوقّع، وغير المتوقّع عنده يحدث بشكل كبير. انــســحــاب أمــيــركــا مـــن «الـــنـــاتـــو» يـعـنـي مــبــاشــرة فـقـدان الحلف للمساهمة المالية الأكبر التي تقدمها الولايات المتحدة الأمــيــركــيــة، فــضــً عــن قــــدرات الـنـقـل الـــجـــوي، وتكنولوجيا المــراقــبــة والاســـتـــطـــ ع الــتــي لا يـمـكـن لــ عــضــاء الأوروبـــيـــ استبدالها بسهولة. هناك كذلك أمر إداري وتنظيمي يمكن أن يصاب بخلل؛ فقد جـرى الـعـرف أن يكون القائد الـعـام لــ«الـنـاتـو» أميركياً؛ ما يعني أن القيادة الجديدة ستكون أوروبية، وهو أمر غير يسير في ظل الخلافات المؤدلجة بين اليمين واليسار. أحـــد الأسـئـلـة المختلف عليها حـــول «الــنــاتــو»: هــل كـان السبب فيما جرى لأوكرانيا؟ يحاجج الـبـروفـسـور جــون ميرشايمر، عـالـم السياسة الأمـــيـــركـــي الــشــهــيــر أســـتـــاذ الـــعـــ قـــات الـــدولـــيـــة فـــي جـامـعـة شيكاغو، بأن «قرار فلاديمير بوتين بغزو أوكرانيا يرجع إلى حد كبير إلى توسع (حلف شمال الأطلسي) شرقاً، والرغبة في إقامة مواقع عسكرية على بوابات روسيا الغربية». لكن أصــواتــ أميركية مـن عينة عـضـوي «الـكـونـغـرس» جيري كونولي، ومايك تورنر، تدافع عن مثل هـذا التوسع، ويعتبران أن «الناتو» هو الذي يضمن بقاء إستونيا وفنلندا وغـيـرهـمـا مــن دول البلطيق بـعـيـدة عــن قبضة بــوتــ ، وأن الـفـارق بين ما حـدث لأوروبـــا على يد هتلر، في الثلاثينات، والــتــهــديــد الــــذي تـفـرضـه روســـيـــا فـــي عـهـد بــوتــ هـــو حلف «الناتو»، والخطوط الحمراء التي يرسمها حول أراضيه. أهيَ دعوة لمزيد من عسكرة «الناتو» في زمن رُوتَهْ؟ تتعالى أصوات كثيرة مطالِبة بأن يمارس «الناتو» في عهد أمينه العام الجديد دوراً سياسياً يتمحور حول حماية الديمقراطية في مواجهة الاستبداد، لكن الإشكال هنا كيف له أن يفعل ذلك من دون قوة عسكرية؟ تغيب الإحصاءات المدققة حول الانتشار السوري ما بين الداخل وبلدان الشتات، التي يقال إن عددها وصل إلى نحو دولة في قـارات العالم الخمس. ولأن الإحصاءات العامة 130 المدققة غائبة، فإنّ التقديرات هي الأكثر حضوراً، لكن الرجوع إليها يحتاج إلـى مستوى من التدقيق والمقارنة وخــروج من نفق الاسـتـخـدام السياسي الـــدارج فـي واقــع الـصـراع بسوريا وعليها. تميل أكثر التقديرات شيوعاً إلى قول إن أكثر من نصف سكان سوريا غادروها، وهذا تقدير مقبول في محصلة صراع عـامـ ، وتـــرك بصمات كـارثـيـة فـي حـيـاة السوريين 13 تـجـاوز الإنسانية والمادية وفي مختلف مجالاتها وأنشطتها، وتدعم وقــائــع الــوجــود الــســوري الكثيف فــي بــلــدان الــجــوار التقدير الرائج للسوريين في الشتات، إذ يقدر عددهم في بلدان الجوار مــ يــ فـــي تـركـيـا 4 مــ يــ نـسـمـة مـنـهـم نــحــو 6 بــأكــثــر مـــن وحـــدهـــا، وتــضــم الـحـلـقـة الـثـانـيـة مــن الـــجـــوار الـــســـوري، التي ملايين نسمة، 4 تشمل دول الخليج وشمال أفريقيا أكثر من ملايين في عشرات الـدول، بينها دول غرب 5 وينتشر حوالي أوروبا، التي يتجاوز السوريون فيها مليون نسمة. ويدلل الخروج السوري الكثيف من بؤرة الموت والدمار الشامل، في أحد جوانبه، على قدرة السوريين في التغلب على ظـــروف الــصــراع بعد أن فشلوا فـي حسمه لصالح مطالبهم بالحرية والعدالة والمساواة والحياة الأفضل لكل السوريين، وسط تقاعس المجتمع الدولي عن مساعدتهم في التغيير. واخـــتـــرق الــحــشــد الـــواســـع فـــي طـــريـــق الــشــتــات الـــحـــدود والإجــــــراءات المـانـعـة لـ نـتـقـال الـحـر حـسـب الــقــانــون الــدولــي، وتــحــايــل عـلـى الإجـــــــراءات فـــي بـعـض الأحـــيـــان، وقـــــدّم أثـمـانـ إنسانيةً كـبـيـرةً، مــات وفقد خلالها عـشـرات الآلاف منهم في مياه البحار، وآخرون عبر الحدود نتيجة ممارسات عصابات إجرامية، وانتهاكات ارتكبتها أجهزة رسمية في الطرق إلى الشتات، ليصيروا لاجئين أو مقيمين. ورغـــم أن الـ جـئـ الـسـوريـ تـعـرضـوا لقيود قانونية وإداريــــــة فـــي بـــلـــدان الــشــتــات عـلـى نـحـو مـــا يـحـصـل عـــــادةً مع لاجئين آخرين، وقد أخضعت الدول الأوروبية، لا سيما ألمانيا وفرنسا والنمسا، اللاجئين إلى نظام الاندماج عبر تعلم اللغة للسير نحو التعليم والانــخــراط فـي ســوق العمل، فــإن الـدول الأخـــرى انقسمت مـا بـ حـركـة مـقـيـدة، كما فـي لـبـنـان، وإلـى حرية حركة أوسع، كما في تركيا والأردن ومصر، وقد تفاوتت بينها مساحة حركة السوريين في مراحل مختلفة. وبطبيعة الــحــال، فقد نجح الـشـبـاب وصـغـار الـسـن في تعلم اللغات في البلدان الأوروبية، وانفتحت أمامهم الأبواب نحو التعليم العام والتخصصي، والانخراط في سوق العمل، مما شكّل بداية نجاح وتميز لبعض السوريين في تلك البلدان. وهناك، كما في بلدان أخـرى، أضاف جزءٌ من السوريين نجاحات التعليم إلى التوجه لبدء مشروعات عملهم الخاص، التي ظهرت فيه ثلاثة أنواع من المشروعات: شركات استثمارية وتجارية من الأولى الصناعات النسيجية في مصر وشركات الصرافة وتحويل الأموال في تركيا، ومن الثانية تجارة المواد الغذائية وتجارة السيارات في أغلب البلدان، والنوع الثاني العمل في قطاع الخدمات، منها المطاعم والمخابز ومؤسسات التعليم العربي، التي غدت بين أهم مظاهر الوجود السوري في بلدان أوروبـا والبلاد العربية وتركيا، والنوع الثالث من نشاطات السوريين يمتد في قطاع الخدمات الحرفية، التي تــعــددت مـجـالاتـهـا ومـسـتـويـاتـهـا مــن المــشــاريــع الـكـبـيـرة إلـى المشاريع الفردية، وهـذه النشاطات موجودة في أغلب بلدان الشتات في ضـوء الحاجة والإمكانية. ولا يحتاج إلـى تأكيد أن مـا تقدم يمثل نجاحاً عاماً للسوريين فـي بـلـدان الشتات، لكنه يقوم أساساً على المبادرة الفردية وعلى جهد شخصي في التعليم والعمل والاستثمار، وغالباً فإن الفردية بما تعنيه من خبرة وتوفر إمكانات واســـتـــعـــدادات عـالـيـة لـلـعـمـل والمــتــابــعــة، وحــشــد وتـنـظـيـم كل الـعـوامـل الإيجابية الـداعـمـة، تمثل أسـبـاب الـنـجـاح، وأغلبها عوامل لا تتوفر في مشاريع العمل الجماعي والمشترك عند الـــســـوريـــ ، خــصــوصــ لـجـهـة افــتــقــادهــم لــــروح وخـــبـــرات، بل وحتى فوائد العمل الجماعي والمشترك. إن الوقائع المحيطة بـوجـود السوريين ونشاطاتهم في بلدان الشتات، تكشف ضعفاً وتردياً، وصولاً إلى فشل المشاريع الجماعية والمشتركة، والأمــر في هـذا لا يصيب فـقـط المــشــاريــع ذات الــطــابــع الاقــتــصـــادي - الاســتــثـمــاري، بــل يشمل المـشـاريـع الثقافية والاجـتـمـاعـيـة، وصــــولاً إلـى المــشــاريــع الـسـيـاسـيـة، وقـــد نـشـط الــســوريــون فــي سـنـوات الـعـقـد المـاضـيـة فــي عــشــرات المـــبـــادرات فــي هـــذه المــجــالات، لكنها لم تحقق النجاح المأمول، وما حافظ على استمراره مـنـهـا مــصــاب بـــأمـــراض لا شــفــاء لــهــا، وأبـــــرز الأمــثــلــة في الجماعات السياسية، ينطبق على «الائـتـ ف الوطني»، القوة الرئيسية للمعارضة في الشتات، كما ينطبق على تنظيمات المجتمع المدني وتحالفاتها الحاضرة في أغلب تجمعات الشتات. وسط تعقيد في الأوضاع وتناقضمسارات ونتائج عمل السوريين في الشتات، تتأكد الحاجة إلى ضرورة التدقيق في المشاريع الجماعية والمشتركة، ودراسة سبل نجاحها، وتبديل سـيـاقـات العمل فيها، ليس لأن ذلــك ضـــرورة مـن أجــل خدمة السوريين وقضيتهم وبلدهم فقط، بل لأنه أيضاً السبيل من أجــل الإبـقـاء على النجاحات الـفـرديـة الـتـي تحققت، وضمان استمرارها وتصاعدها، وتعزيز حضور السوريين ومستقبل دورهم في المجتمعات التي باتوا جزءاً منها. فتحت تطورات الأحداث في السودان الـــبـــاب مـــجـــدداً أمـــــام الـــجـــدل الــقـــديــم حــول ضـــــرورات الـتـدخــل الـــدولـــي فــي الـــســـودان، وهــــو جــــدل يـتـصـاعـد أحــيــانــ وتـنـخـفـض وتـــيـــرتــه أحـــيــانـــ أخــــــرى، لـكـنـه لـــم يـخـتـفِ تماماً من المشهد السوداني. وقد ثار هذا الجدل مرة أخرى بسبب تــطــورات الــحــرب وانـعـكـاسـاتـهـا الكارثية عـلـى أوضــــاع الـسـودانـيـ ، خـصـوصـ مع مـحـاولات «قـــوات الـدعـم الـسـريـع» توسيع دائرة الحرب عبر استهداف مدينة الفاشر، العاصمة التاريخية لدارفور، ثم محاولة اسـتـهـداف مناطق سـنـار والـنـيـل الأبيض خـــ ل الأســبــوع المــاضــي. وتــعــدّ المدينتان مأوى لمئات الآلاف من النازحين من مناطق مختلفة، حيث نزح الناس إلى الفاشر من ولايــــات دارفـــــور المـخـتـلـفـة، وكــذلــك مدينة سنار التي لجأ إليها النازحون من مناطق الـجـزيـرة المختلفة بـعـد سـقـوط مـدنـي في يــد «الـــدعـــم الــســريــع». وقـــد فـاقــم الـحـصـار الــذي تفرضه «قــوات الدعم السريع» على المدينتين من تدهور الأوضــاع الإنسانية، ويزداد الوضع سوءاً مع عمليات القصف الأرضـــــي والـــجـــوي، ومـــحـــاولات الاقـتـحـام التي يروح ضحيتها المدنيون. وقـــــــد دفــــعــــت الأوضــــــــــــاع الإنـــســـانـــيـــة الصعبة في مدينة الفاشر، وما قد يترتب عـلـى سـقـوطـهـا مـــن كـــارثـــة غـيـر مـسـبـوقـة، مجلسَ الأمـــن الــدولــي لتخصيص جلسة لمناقشة أوضـاعـهـا وإصــــدار قـــرار يطالب بوقف القتال وانسحاب القوات العسكرية مــــن مــحــيــط المــــديــــنــــة، والــــســــمــــاح بـــدخـــول المـــســـاعـــدات الإنـــســـانـــيـــة. ورغـــــم أن الـقـتـال قــد خـفّـت وتـيـرتـه قـلـيـً بـعـد صــد الـقـوات المـشـتـركـة لـهـجـوم «الـــدعـــم الـــســـريـــع»، فـإن الــقــصــف الـــيـــومـــي لا يـــــزال مـــســـتـــمـــرّاً، وقــد خـــرجـــت المــــرافــــق الــصــحــيــة جـمـيـعـهـا عـن العمل، وتسقط في كل يوم مجموعات من الضحايا المدنيين. دعــــــوات الـــتـــدخـــل الــــدولــــي تــصــاعــدت أيضاً بسبب تصريحات المبعوث الأميركي لـلـسـودان تــوم بيريلو، الــذي كــان يتحدث في البداية عن تدخل دولـي للضغط على طرفَي الحرب؛ للوصول إلى اتفاق سلام، لكنه عـــاد قـبـل أيـــام وتــحــدّث عــن إمكانية التفكير في خطة بديلة ربما تشمل «قوات أفريقية أو دولية لحفظ السلام». فـــمـــا إمـــكـــانـــيـــة الـــتـــدخـــل الـــــدولـــــي فـي السودان...؟ نــــبــــدأ بــــالــــقــــول إن مــــســــألــــة الـــتـــدخـــل الـــدولـــي ليست عملية سهلة أو بسيطة، لكنها عملية صـعـبـة ومــعــقــدة، والـــذاكـــرة الـسـيـاسـيـة ربــمــا تـحـمـل بـعـض الـتـجـارب الناجحة نسبياً فـي تـواريـخ سابقة، لكن الــــذاكــــرة نـفـسـهـا مـحـمـلـة أيـــضـــ بـتـجـارب فــاشــلــة وخـــيـــبـــات مـــتـــعـــددة لـــم تــســهــم في تحقيق السلام، بل زادت الأوضاع تعقيداً، وهـــنـــاك دول أســهــمــت فـــي الـــتـــدخـــ ت في الصومال وأفغانستان والـعـراق وسوريا وغــيــرهــا، ولــيــس لـديـهـا اســتــعــداد لـتـكـرار التجربة. ومسألة التدخل الدولي بإرسال قــــــوات، أيــــ كـــانـــت، لإرغــــــام طـــرفَـــي الــحــرب عـلـى وقـفـهـا، واســتــخــدام الــقــوة ضـدهـمـا، أمـر مستحيل وغير قابل للحدوث بشكل مطلق، وليست هناك أي فرصة لأن يأتي هذا الأمر، وبهذا الشكل، عبر مجلس الأمن الدولي لأسباب معروفة. وفــــي الـــوقـــت نـفـسـه لا تـــوجـــد فـرصـة لــتــشــكــيــل قـــــــوات مــــن دول أخــــــــرى، ســــواء عبر حلف الناتو أو غـيـره، ولا حتى دول الاتحاد الأفريقي أو منظمة «الإيغاد»؛ لأن هـذا الأمــر سيعني توسيع دائـــرة الحرب، وربــــمــــا فـــتـــح الــــبــــاب لــــدخــــول مــجــمــوعــات مقاتلة من دول أخرى وبخلفيات مختلفة، دينية أو إثنية أو بمطامع إقليمية، وهذا يعني تحويل البلاد ساحة حرب دولية. كما أن دعوات فرض الوصاية المؤقتة لـيـس لـهـا سـنـد قـانـونـي دولـــي فــي الـوقـت الـــحـــالـــي، ولــــن تــجــد إجـــمـــاعـــ فـــي مجلس الأمـــن أيـضـ ولـ سـبـاب المـعـروفـة نفسها. وحـتـى دعــــوات الـتـدخـل الإنـسـانـي تـواجـه الصعوبات نفسها. مـــن الــــواضــــح أن الـــتـــدخـــل الــــدولــــي لا يـمـكـن لــه أن يــحــدث إلا عـبـر اتــفــاق لوقف إطلاق النار يكون سابقاً له، وهو سيكون هـنـا تــدخــً مــحــدوداً للفصل بــ الـقـوات وربــمــا حـمـايـة المـنـاطـق المــدنــيــة، ومـراقـبـة وقف إطلاق النار. ومن الضروري التمهيد لذلك بزيادة الضغوط على طرفَي الحرب، وعــلــى الـــــدول الــداعـــمـــة لاســـتـــمـــرار الــحــرب الـــتـــي تـــمـــد الـــطـــرفَـــ بـــالـــســـ ح والمــــعــــدات 15 والمــال. هـذه الحرب استمرت لأكثر من شهراً، وهي فترة طويلة كافية لاستهلاك كـل إمـكـانـات الـطـرفَـ وانــعــدام قدرتيهما على مواصلة الـقـتـال، لـولا تـواصُـل الدعم الخارجي، وهـذا جانب أساسي تستطيع الــقــوى الــدولــيــة الــراغــبــة فــي وقـــف الـحـرب أن تلعب فيه دوراً كبيراً، وتستخدم فيه المــصــالــح المــشــتــركــة والـــعـــ قـــات المـتـنـوعـة التي تجمعها مع الدول الداعمة. حجم البشاعة في هذه الحرب وصل حداً لا يمكن السكوت عنه، فقد أصبح قتل الأسرى والمدنيين وذبحهم وإلقاء جثثهم فــي الـبـحـر أو تـركـهـا فــي الـــعـــراء مـمـارسـة يومية يسجلها أبطالها على السوشيال مــــيــــديــــا، ويــــتــــلــــقــــون تـــعـــلـــيـــقـــات الإشــــــــادة والإعـجـاب، فلتتوقف الحرب التي تنهش كل يوم في إنسانيتنا وكرامتنا وأخلاقنا. OPINION الرأي 14 Issue 16650 - العدد Saturday - 2024/6/29 السبت السوريون في الشتات... نجاح فردي وضعفجماعي! ماركروته ومستقبل «الناتو» ما احتمالات التدخل الدولي في السودان؟ وكيل التوزيع وكيل الاشتراكات الوكيل الإعلاني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] المركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 المركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى الإمارات: شركة الامارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 المدينة المنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب الأولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية الموجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها المسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة لمحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي بالمعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com التدخل الدولي لن يحدث إلا عبر اتفاق لوقف إطلاق النار فايز سارة إميل أمين فيصل محمد صالح

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky