اختيار بازل السويسرية لاستضافة الدورة الـ69 من مسابقة «يوروفيجن»

مسابقة «يوروفيجن» (أ.ف.ب)
مسابقة «يوروفيجن» (أ.ف.ب)
TT

اختيار بازل السويسرية لاستضافة الدورة الـ69 من مسابقة «يوروفيجن»

مسابقة «يوروفيجن» (أ.ف.ب)
مسابقة «يوروفيجن» (أ.ف.ب)

اختيرت مدينة بازل السويسرية لاستضافة الدورة الـ69 من مسابقة الأغنية الأوروبية «يوروفيجن» التي تشكل أكبر مسابقة غنائية في العالم. وأعلن اتحاد البث الأوروبي، وهي الهيئة المشرفة على الحدث، أنّ «الحفلة النهائية لمسابقة الأغنية الأوروبية 2025 ستُقام في بازل بتاريخ 17 مايو (أيار) 2025».

واختيرت هذه المدينة الواقعة على ضفاف نهر راين على الحدود مع فرنسا وألمانيا على جنيف، لاستضافة «يوروفيجن»، التي فاز بنسختها عام 2024 المغني السويسري اللاثنائيّ جنسياً نيمو.

ويقضي التقليد بأن يستضيف البلد الفائز النسخة المقبلة من الحدث الموسيقي.

وستكون هذه المرة الثالثة التي تستضيف فيها الدولة الواقعة في جبال الألب مسابقة «يوروفيجن» التي تحظى بمتابعة عالمية.

وفي عام 2024، تابع حفلة نصف النهائي والحفلة النهائية اللتين بُثتا مباشرة على الهواء 163 مليون شخص، حسب أرقام اتحاد البث الأوروبي.

وهذا الحدث الموسيقي يتخطى الحدود الأوروبية ويستقطب اهتماماً عالمياً، فقد كان التصويت للمشتركين متأتياً من 156 دولة.

وعلق رئيس كانتون بازل، كونرادين كرامر، على القرار بالقول: «بوصفنا مدينة مفتوحة تقع في المثلث الحدودي بين ألمانيا وفرنسا وسويسرا، نتخطى حدوداً من مختلف الأنواع يومياً، وهو ما يتناسب تماماً مع إطار مسابقة الأغنية الأوروبية».

وتُعدّ مدينة بازل التي تضم نحو 190 ألف نسمة، مركزاً عالمياً للكيمياء والصيدلة؛ إذ تضم مقار رئيسية لعدد كبير من الشركات في هذين القطاعين.

وتشكل ثالث أكبر المدن السويسرية أيضاً مركزاً ثقافياً مهماً يضم عدداً كبيراً من المتاحف المشهورة عالمياً، ويجتمع الآلاف من محبي ومحترفي الفن المعاصر سنوياً لحضور معرض «آرت بازل» للفن المعاصر.

من ناحية أخرى، ليست معروفة المدينة الغنية بالتاريخ باستضافتها فعاليات موسيقية أو حفلات ضخمة. ففي مجال الموسيقى، تحتل الصدارة في سويسرا كل من زوريخ التي استقبلت حديثاً حفلة للنجمة الأميركية تايلور سويفت، والعاصمة الفيدرالية برن.

وقد استضافت سويسرا النسخة الأولى من مسابقة «يوروفيجن» عام 1956 في لوغانو، ثم في لوزان عام 1989 بعد فوز سيلين ديون التي مثّلت هذا البلد في العام السابق مع أغنية «نو بارتيه با سان موا».

وكان لهذا الفوز أهمية كبيرة في إطلاق نجومية المغنية الكندية.

وتُموَّل مسابقة الأغنية الأوروبية من خلال مساهمات الشركات الأعضاء في الاتحاد الأوروبي للإذاعة والتلفزيون الذي يرى أنه نظراً إلى الفوائد الاقتصادية، على المدينة المضيفة المشاركة في التمويل بما يصل إلى عشرات ملايين الفرنكات السويسرية أو اليورو.

وكما هي الحال في كثير من الأحيان، تكون مسألة التكلفة موضع نقاش، في ظل احتمال معارضة الأحزاب السياسية لها.

ففي هذه الديمقراطية شبه المباشرة، يمكن للمواطنين المطالبة بعملية تصويت للحصول على العدد المطلوب من التوقيعات، على المستوى المحلي والكانتوني والوطني.

وينتقد الاتحاد الديمقراطي الفيدرالي، وهو حزب صغير يدافع عن «القيم المسيحية الخالدة» تصفه وسائل الإعلام السويسرية بأنه محافظ جداً، مسابقة «يوروفيجن» معتبراً أنّها «تحتفي أو على الأقل تتسامح مع الشيطانية وعلوم الغيب»، على ما نقلت قناة «إس آر إف» الناطقة بالألمانية عن زعيمها السياسي سامويل كولمان.

وليست الخلافات بشأن تمويل الفعاليات جديدة في سويسرا؛ إذ يُفترض أن تستضيف البلاد بطولة أمم أوروبا للسيدات عام 2025، وقد أرادت الحكومة خفض تمويلها لهذا الحدث قبل أن يعارض البرلمان هذا القرار.

وفي بازل، يبدو أن البريق المحاط بالحدث يتفوق على المخاوف المتعلقة بالميزانية.

وصوّت مجلس بلدية بازل في يونيو (حزيران) لصالح ترشيح المدينة بأغلبية ثلاثة أرباع أعضائه، حتى إنّ الاتحاد الديمقراطي الفيدرالي انضمّ إلى هذا الفريق بعدما كان قد انتقد المسابقة في مدن مرشحة أخرى.



شربل روحانا والثلاثي جبران مع محمود درويش يعزفون على «أوتار بعلبك»

سمير روحانا خلال حفل بعلبك (المصدر منصة إكس)
سمير روحانا خلال حفل بعلبك (المصدر منصة إكس)
TT

شربل روحانا والثلاثي جبران مع محمود درويش يعزفون على «أوتار بعلبك»

سمير روحانا خلال حفل بعلبك (المصدر منصة إكس)
سمير روحانا خلال حفل بعلبك (المصدر منصة إكس)

ثلاث ساعات من المتعة الخالصة، تحاورت خلالها الآلات الموسيقية، في حفل «أوتار بعلبك»، لعبت على الأخيلة، ومدّت الجسور، وأثارت الشجن.

هي ليلة واحدة رمزية، لمهرجانات بعلبك بـ«مسرح الإيفوار» في بيروت، لكنها دسمة، بجرعات كثيفة وانخراط حار من جمهور جاء متعطشاً للفرح وللقاء كبار عازفي العود في العالم العربي، شربل روحانا وفرقته، والثلاثي جبران والعازفين المرافقين.

تحدثت رئيسة لجنة المهرجانات نايلة دو فريج بكلمة موجزة عن الأوضاع التي استوجبت نقل الحفل إلى بيروت. وشرحت أن إعداد برنامج الصيف كان قد بدأ باكراً، وتضمن تكريماً لنجم الباليه رودولف نورييف الذي رقص في بعلبك عام 1964، لكن الظروف حالت دون ذلك، «وأجّلنا الحفل الوحيد الذي قررناه بعد ذلك، إلى نهاية الصيف ريثما تهدأ الأمور، لكن إسرائيل واصلت هجماتها، ولم يعد لدينا من خيار سوى نقل الحفل إلى بيروت حفاظاً على أمن الفنانين والجمهور. فالصمت يعني الموت البطيء». وشكرت دو فريج عائلة كركلا التي استقبلت الحدث في مسرحها.

بدأ الحفل مع شربل روحانا، بطرافته ومهارته وحرفيته، عازفاً ومغنياً وملحناً ومؤلفاً للأغنيات. عزف مقطوعة «ميّاس» مع فرقته التي حضرت خماسية هذه المرة، وقد غاب عنها العازف السادس إيلي خوري، الذي كان يفترض أن يصل من فرنسا. شارك في العزف: نديم روحانا على الأكورديون، ومارك أبو نعوم وهو عازف بيانو، إضافة إلى مكرم أبو الحسن على الكونترباص، وزاد خليفة وإيلي يموني على الإيقاع.

حاول روحانا المسكون بإمتاع جمهوره، أن يرضي كل الأذواق. نوّع في المعزوفات، مزج بين مؤلفاته، ومقطوعات معروفة أعاد توزيعها. أدخل الأغنيات التي أدّاها بصوته. أسمعنا «الروزانا» الفولكورية على طريقته، وكذلك «تركني الليل وراح يرتاح، وأخذ نومي معه، وما بقي إلا أنت والوتر». وأغنية كتبها شقيقه بطرس روحانا بعنوان «سلامي معك».

أما الختام فبمثابة تحية لعبد الحليم كركلا الذي كان حاضراً الحفل، من خلال مقطوعة كان قد كتبها شربل روحانا لإحدى مسرحيات كركلا. بعنوان «كومون روتس»؛ أي «الجذور المشتركة». وقال روحانا: «إن التراث الإنساني، على الرغم من الحروب والقنابل النووية والجشع والحسد والطموح المدمر وكل أنواع الصراعات، خلق أشياء كثيرة رائعة كالطب والجراحة والفنون على أنواعها والموسيقى خصوصاً». وقال عن مقطوعة «جذور مشتركة» إنها «مزيج من موسيقى شرق أوسطية بالإضافة لمقطوعات خاصة كتبتها في تسعينات القرن الماضي ولا سيما مقطوعة (فلامنكو)، نختم بها هذه اللوحة، التي ألفتها يومها خصيصاً لفرقة عبد الحليم كركلا لعمله الرائع (الأندلس المجد الضائع)».

في القسم الثاني من الحفل، ومع إطلالة الثلاثي الفلسطيني جبران، صفق الجمهور طويلاً وبحرارة. وطلب كبير الأخوة سمير من الحضور الوقوف دقيقة صمت على أرواح الضحايا. وقبل البدء قال «أتيت من رام الله بالأمس وعائد غداً، جئت لألبي هذه الدعوة، وكنا نتمنى لو كان الحفل في بعلبك». وأضاف: «أتينا لنطمئن على لبنان، فوجدناهم يسألوننا: كيف فلسطين؟»

وتابع: «سنعزف هذه الليلة لنطمئن إلى أننا بشر، فلا تبحثوا داخلنا عن الضحية ولا عن البطل».

كما اعتاد الأخوة جبران، حضر معهم شاعر القضية الذي كان لهم معه رحلة طويلة. «هذه الليلة سنستمع كثيراً لمحمود درويش. الاسم الآخر لفلسطين، وصوت الوطن».

هكذا انطلقت المقطوعات التي تحاورت فيها أعواد الأخوة الثلاثة، الذين طارت شهرتهم في كل مكان، وجابوا بآلاتهم العالم. ها هم هنا في بيروت، لمرة جديدة، لكن الظروف تبدّلت كثيراً. «فلسطين في حال»، قال سمير: «ما أحد منا كان يتوقعه، ولا يتخيله».

الفرقة تحتفل هذه السنة بعيدها العشرين، وهي تزداد تألقاً واجتهاداً، وقد رافقها في حفل بيروت عازف إيقاع لافت، وعازف تشيللو، استطاعا مع الأعواد الثلاثة أن يحيلوا ليل الحاضرين أنساً يؤجج المشاعر، ويجنّح الأحاسيس. ويأتي صوت محمود درويش الذي رافقته الفرقة لسنوات طويلة عزفاً وهو يلقي قصائده، وكأنما شعره هو ما كان ينقص هذه المعزوفات البديعة ليجعلها شفيفة، صوفية، ترتفع بسامعها، وتذهب به أبعد مما كان يتوقع.

أجمل قصائد محمود درويش وأكثرها شهرة كانت تنبعث بين الحين والآخر، لينتهي هذا القسم من الحفل بمعزوفة صدح على خلفيتها صوت محمود درويش بنبرته التي نعرفها: «علَى هذه الأرْضِ مَا يَستَحِقُّ الحَياةْ: على هذه الأرضِ سيِّدَةُ الأُرْض، أُمُّ البدايَاتِ أُم النهَايَاتِ. كَانَت تُسَمَّى فِلسْطِين. صَارَتْ تُسَمَّى فلسْطِين. سَيدَتي: أَستحِق، لأنكِ سيِّدتِي، أَسْتحِقُّ الحَيَاةْ».

وكان الختام مسكاً مع شربل روحانا والثلاثي جبران، معاً في معزوفة للأخوة بعنوان «ليتنا» تلتها أغنية لروحانا كتبها خصيصاً لهذه المناسبة، ورداً على من عاتب لجنة المهرجانات بإقامة حفلها في بيروت. والأغنية طريفة وبهيجة، راقت الجمهور الذي رددها مصفقاً: «كنّا منتمنَّى نطلع عَ بعلبك، نعزف سوا، نغنّي سوا عَ دراج بعلبك. لكن صار، صار اللي صار، رجعنا نزلنا على بيروت، وبالقلب بعلبك».