​تحف نادرة تُعرَض في باريس... الفخامة حين تختبئ في الجيب

نفائس تعكس ذوق فرنسا دولة للنبلاء والنساء العاشقات للجمال

علبة للسعوط شاهدة على زمن كَمَن فيه الجمال في التفاصيل (الملف الصحافي للمعرض)
علبة للسعوط شاهدة على زمن كَمَن فيه الجمال في التفاصيل (الملف الصحافي للمعرض)
TT

​تحف نادرة تُعرَض في باريس... الفخامة حين تختبئ في الجيب

علبة للسعوط شاهدة على زمن كَمَن فيه الجمال في التفاصيل (الملف الصحافي للمعرض)
علبة للسعوط شاهدة على زمن كَمَن فيه الجمال في التفاصيل (الملف الصحافي للمعرض)

«هي أشياء لا تُشترى»، كما قال الشاعر المصري أمل دنقل، لكنها تتنقل من مالك إلى آخر، وتورث من جدّ إلى حفيد، وربما ينتهي بها المطاف في معارض التحف ودكاكين النوادر. وقد جمع متحف «كونياك جي» في باريس العشرات منها لتقديمها في معرض بعنوان «الفخامة في الجيب».

العطر يؤكّد التفوّق الفرنسي (الملف الصحافي للمعرض)

مجموعة استثنائية من التحف الصغيرة الثمينة ذات الصناعة المعقَّدة، كانت من القطع التي حرص المتأنقون والمتأنقات في القرون الماضية على حيازتها. وهي نتاج مخيّلات فنانة، وأنامل ماهرة غابت مع غياب صانعيها، لكن مصوغاتهم بقيت شواهد على زمن كَمَن فيه الجمال في أدوات الحياة اليومية. علب مذهَّبة للسجائر أو السعوط، وصناديق للملبّس، وأزرار تقطعت من قمصانها، وحافظات للأقراط أو للكشتبانات، وأقلام حبر وولّاعات منقوشة أو مطعَّمة بالأحجار الكريمة. كل هذه النفائس تعكس الذوق الذي ساد فرنسا حين كانت دولة للنبلاء وللنساء المُترفات العاشقات للجمال حتى في أصغر التفاصيل.

تحف ثمينة ذات الصناعة المعقَّدة (الملف الصحافي للمعرض)

يقدّم هذا المعرض صورة واقعية لليوميات الباذخة في زمن مضى، حين كانت المقتنيات دليلاً إلى ثراء أصحابها ورفعة مكانتهم. كما يؤكد تفوّق الفرنسيين وتعلّقهم بكل ما هو فخم وجميل. وهو ولع سرعان ما انتقل من فيرساي وباريس وفونتبلو إلى باقي الحواضر الأوروبية. راحت فيينا وفينيسيا وبطرسبورغ تنافس عاصمة النور في الإبداع.

علبة ملبّس تقدّم صورة واقعية لليوميات الباذخة (الملف الصحافي للمعرض)

تتنوّع استخدامات هذه القطع وتختلف الأغراض منها. أغلبها للزينة وبعضها لصالة الاستحمام أو للحقيبة أو للاستقرار على المكتب أو تحت الوسادة. هي ليست مجوهرات من نوع الخواتم والأساور والعقود، لكن يمكن ضمّها، بكل يسر، في خانة المجوهرات ما دام أنها من معادن نبيلة وصياغة ماهرة. نرى فيها الذهب والفضة والميناء وقشور الأصداف والبورسلين والقطيفة والجلود والزجاج المنفوخ.

لأناقة الرجل (الملف الصحافي للمعرض)

يهدف معرض «الفخامة في الجيب» إلى تجديد الطريقة التي ننظر بها إلى هذه الأشياء، وذلك من خلال رؤية شاملة تستدعي كلاً من تاريخ الفنّ، وأشكال الموضة، وتقنيات الصياغة، وتطوُّر المنظورَين الثقافي والأنثروبولوجي. والأهم هو كيف تركت تلك التحف العائدة للقرنين الـ18 والـ19 آثارها على ما نراه اليوم من تصاميم وقطع زينة، سواء في الأزياء أو الإكسسوارات أو الأثاث. كأن زوّار المعرض يستمعون إلى حوار بين الجمال الماضي والجمال بمفهومه الراهن.

نتاج مخيّلات فنانة وأنامل ماهرة (الملف الصحافي للمعرض)

جاءت فكرة المعرض ونقطة انطلاقه من المجموعة النفيسة للتاجر إرنست كونياك (1839 - 1928). وهو كان قد أسَّس مع زوجته ماري لويز جي متجر «الساماريتان» الشهير على ضفة نهر السين اليمنى في باريس. ومن التجارة انتقل إلى جمع التحف والأعمال الفنية وتقديم الدعم للمتاحف، حتى تأسيس المتحف الذي يحمل اسمه واسم زوجته. وبالإضافة إلى مجموعته من التحف، استعيرت عشرات القطع من «اللوفر»، ومتحف فنون التزيين في باريس، ومن مقتنيات قصر «فيرساي»، وقصر «غالييرا» للموضة، وكذلك من المجموعة الملكية لمتحف فكتوريا وألبرت في لندن.

مسدس يطلق عطراً (الملف الصحافي للمعرض)

صحن إيطالي (الملف الصحافي للمعرض)

ولمسك الختام، نقرأ في دليل المعرض هذا المقطع من مذكرات العاشق الأسطوري كازانوفا: «جالساً على مقعد صغير، تأمّلتُ منتشياً أناقتها. ولكي تكون في متناول نظري، جاءت ووقفت أمامي. زرتُ جيوبها ووجدت علبة سعوط ذهبية، وصندوق حلوى مطعّماً باللؤلؤ الفاخر، ونظارات رائعة، ومناديل من أنعم ما يكون، مضمخة بروح العطر. وأخيراً وجدت مسدساً... وكان ولاعة إنجليزية من أجمل الصياغات».


مقالات ذات صلة

بينالي أبو ظبي... التوقيع بالفن على المساحات العامة

يوميات الشرق عمل الفنانة عزة القبيسي (بينالي أبوظبي للفن عام 2025 - 2024 © لانس جربر)

بينالي أبو ظبي... التوقيع بالفن على المساحات العامة

أطلقت أبوظبي النسخة الافتتاحية من بينالي أبوظبي للفن العام، وتستمر حتى 30 أبريل (نيسان) المقبل.

عبير مشخص (أبوظبي)
يوميات الشرق مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

يطمح الفنان المصري هشام نوّار إلى إعادة تشكيل الجسد بصرياً عبر معرضه «الجميلات النائمات» متشبعاً بالعديد من الثيمات الأيقونية في الفن والأدب والتاريخ الإنساني.

محمد الكفراوي (القاهرة )
شمال افريقيا الكاتب الجزائري بوعلام صنصال يتحدث في مؤتمر صحافي خلال الدورة الثانية والستين لمهرجان برلين السينمائي الدولي 9 فبراير 2012 (أ.ب)

الجزائر تواجه دعوات متزايدة للإفراج عن الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال

دعا سياسيون وكتاب وناشطون إلى الإفراج عن الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
يوميات الشرق الموزة الصفراء المثبتة على الحائط الأبيض بشريط لاصق فضي هي عمل بعنوان «كوميدي» للفنان الإيطالي ماوريتسيو كاتيلان (أ.ب)

سعرها 35 سنتاً... بائع فواكه في مانهاتن يتحسّر على «موزة» بيعت بملايين الدولارات

باع عامل مهاجر موزة أصبحت لاحقاً جزءاً من عمل فني عبثي بيع بمبلغ مذهل بلغ 6.2 مليون دولار في مزاد «سوذبيز».

يوميات الشرق ثيمات مسرحية وأغراض متنوعة في العمل التركيبي (الشرق الأوسط)

«مُستعد للرحيل»... سردية تشكيلية عن الهجرة ونوستالجيا القاهرة

تستقبل زائر معهد جوته الألماني بالقاهرة سيارة حمراء قديمة تحمل فوق سقفها أغراضاً ومتعلقات شخصية متراصة بصورة تدعوك للتوقف وتأملها.

منى أبو النصر (القاهرة )

«القاهرة للسينما الفرانكفونية» يراهن على أفلام عالمية تعالج الواقع

تكريم عدد من الفنانين خلال افتتاح المهرجان (إدارة المهرجان)
تكريم عدد من الفنانين خلال افتتاح المهرجان (إدارة المهرجان)
TT

«القاهرة للسينما الفرانكفونية» يراهن على أفلام عالمية تعالج الواقع

تكريم عدد من الفنانين خلال افتتاح المهرجان (إدارة المهرجان)
تكريم عدد من الفنانين خلال افتتاح المهرجان (إدارة المهرجان)

بالتضامن مع القضية الفلسطينية والاحتفاء بتكريم عدد من السينمائيين، انطلقت فعاليات النسخة الرابعة من مهرجان «القاهرة للسينما الفرانكفونية»، الخميس، وتستمر فعالياته حتى الثاني من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، بعرض 75 فيلماً من 30 دولة فرانكفونية.

وشهد حفل الافتتاح تقديم فيلم قصير منفذ بالذكاء الاصطناعي، للتأكيد على أهمية تطويع التكنولوجيا والاستفادة منها في إطار تحكم العقل البشري بها، بجانب عرض راقص يمزج بين ألحان الموسيقار الفرنسي شارل أزنافور احتفالاً بمئويته، وموسيقى فريد الأطرش في ذكرى مرور 50 عاماً على رحيله.

وكرّم المهرجان المخرج المصري أحمد نادر جلال، والإعلامية المصرية سلمى الشماع، إلى جانب الممثلة إلهام شاهين التي تطرقت في كلمتها للتطور الذي يشهده المهرجان عاماً بعد الآخر، مشيدة بالأفلام التي يعرضها المهرجان كل عام من الدول الفرانكفونية.

وأكد رئيس المهرجان ياسر محب «دعم المهرجان للشعب الفلسطيني في الدورة الجديدة»، مشيراً إلى أن السينما ليست بمعزل عما يحدث في العالم من أحداث مختلفة.

وأوضح أنهم حرصوا على تقديم أفلام تعبر عن التغيرات الموجودة في الواقع الذي نعيشه على كافة المستويات، لافتاً إلى أن من بين الأفلام المعروضة أفلاماً تناقش الواقع السياسي.

جانب من الحضور في حفل الافتتاح (حساب إلهام شاهين على «فيسبوك»)

وشهد حفل الافتتاح كلمة للمستشار الثقافي للسفارة الفلسطينية بالقاهرة ناجي الناجي، أكد فيها على دور الفن في دعم القضية الفلسطينية، مشيداً بدور الأعمال الفنية المتنوعة في التعبير عن القضية الفلسطينية وعرض 14 فيلماً عنها ضمن فعاليات الدورة الجديدة للمهرجان.

وتضمن حفل الافتتاح رسالة دعم ومساندة للشعب اللبناني من خلال عرض الفيلم التسجيلي «ثالث الرحبانية» عن حياة وإبداعات الموسيقار اللبناني إلياس الرحباني، وحظي بتفاعل كبير من الحضور.

وقال المنتج الفلسطيني حسين القلا الذي يترأس مسابقة الأفلام الروائية والتسجيلية القصيرة لـ«الشرق الأوسط» إن «السينما ليست مجرد مشاهدة للأفلام فحسب، ولكن ربط بين الثقافات والحضارات المختلفة»، مشيراً إلى طغيان ما يحدث في غزة على كافة الفعاليات السينمائية.

ويترأس القلا لجنة التحكيم التي تضم في عضويتها الفنانة التونسية عائشة عطية، والفنان المصري تامر فرج الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «المهرجان ليس منصة فقط لعرض الأفلام السينمائية للدول الفرانكفونية، ولكنه مساحة للتعبير عن المبادئ التي تجمع هذه الدول، والقائمة على المساواة والأخوة والسعي لتحقيق العدل، الأمر الذي ينعكس على اختيارات الأفلام».

وعدّ الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين، المهرجان «من الفعاليات السينمائية المهمة التي تهدف لتعزيز التبادل الثقافي مع 88 دولة حول العالم تنتمي للدول الفرانكفونية، الأمر الذي يعكس تنوعاً ثقافياً وسينمائياً كبيراً»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المهرجان يركز على استقطاب وعروض أفلام متنوعة وليس (الشو الدعائي) الذي تلجأ إليه بعض المهرجانات الأخرى».

وعبر عن تفاؤله بالدورة الجديدة من المهرجان مع أسماء الأفلام المتميزة، والحرص على عرضها ومناقشتها ضمن الفعاليات التي تستهدف جانباً ثقافياً بشكل بارز ضمن الفعاليات المختلفة.