ما سرُّ تحوُّل أكبر بحيرة في إنجلترا إلى اللون الأخضر؟

حلّ واحد يحميها إلى الأبد أو إنّ الحدث الكارثي سيقع

البحيرة باللون الأخضر (حملة «أنقذوا ويندرمير»)
البحيرة باللون الأخضر (حملة «أنقذوا ويندرمير»)
TT

ما سرُّ تحوُّل أكبر بحيرة في إنجلترا إلى اللون الأخضر؟

البحيرة باللون الأخضر (حملة «أنقذوا ويندرمير»)
البحيرة باللون الأخضر (حملة «أنقذوا ويندرمير»)

يقول باحثون إنّ أعداد الزائرين الكبيرة تُحوِّل إحدى البحيرات السياحية الخلّابة في بريطانيا إلى اللون الأخضر. ويشير تقرير مموَّل من «وكالة الفضاء البريطانية»، نقلته «بي بي سي» إلى الصلة بين ذروة الفترات السياحية وتكاثُر الطحالب بمنطقة البحيرات في ويندرمير. هذا التكاثُر في عدد الطحالب سببه درجات الحرارة الدافئة والعناصر المغذِّية؛ مما يؤدّي إلى جَعْل الماء أخضرَ وسامّاً. يربط الناشطون هذا الإزهار بتصريف مياه الصرف الصحّي، التي، وإنْ كانت تعالَج في معظمها، فإنها غنيّة بالمغذّيات. بدورها، تصرُّ شركة المياه المحلّية، «يونايتد يوتيليتيز»، على أنّ محطات مياه الصرف الصحّي لديها يمكنها التعامل مع ذروة الفترات السياحية. وتُعدّ ويندرمير أكبر بحيرة في إنجلترا، وواحدة من أكثر مناطق الجذب الطبيعية شعبيةً في البلاد. ولكن في السنوات الأخيرة، تحوّل الماء الصافي إلى اللون الأخضر بسبب تكاثُر الطحالب، خصوصاً خلال الصيف. والإزهار هو النمو السريع للطحالب، ويمكن أن يؤدي إلى انخفاض مستويات الأكسجين في الماء، وقتل الأسماك والحياة المائية. يقف ريتشارد فليمنغز، من شركة البيانات البيئية «ماب إمباكت»، وراء دراسة ما إذا كانت موجات الإزهار هذه مجرّد نتيجة حتمية لتغيُّر المناخ والصيف الأكثر حرارة وجفافاً، أو ما إذا كانت التصريفات البشرية تلعب دوراً أيضاً. يقول: «ثمة ارتباط كبير بين أعداد الزوّار ومحتوى الكلوروفيل»، وهو المركَّب الموجود في النباتات الذي يعطيها لونها الأخضر، مصدر تركيز الطحالب. يضيف: «عادةً يحدُث ارتفاع كبير في عدد الزوّار، ثم بعد 3 إلى 5 أيام، يحدُث ارتفاع في نسبة الكلوروفيل في البحيرة. ما نعرفه هو أن تكاثُر الطحالب ناتج جزئياً من زيادة النترات في الماء، وأحد العوامل المساهمة في ذلك هو الفوسفور الذي قد يأتي من الفضلات البشرية». وأجرت «وكالة البيئة» بحوثاً تشير إلى أنّ أكثر من نصف الفوسفور في بحيرة ويندرمير يأتي من مياه الصرف الصحّي. ففي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كانت 3 في المائة فقط من عيّنات المياه التي جُمِعت من شاطئ البحيرة قد استوفت المعايير الدنيا بموجب تشريعات بريطانيا. يعلّق مات ستانيك من حملة «أنقذوا ويندرمير»: «تتداول الصحافة أموراً حول مياه الصرف الصحّي غير المعالَجة، لكن بالنسبة إلى البحيرة والضرر البيئي الذي تتعرّض له، فإنّ مياه الصرف الصحّي المعالَجة تمثّل مشكلة كبيرة»، معتقداً أنه عندما يكثُر الزوّار، تسهم مياه الصرف الصحي المعالَجة أكثر في تكاثُر الطحالب، مشدّداً على ضرورة تحوُّل كل مياه الصرف الصحّي بعيداً عن البحيرة: «الدراسات جميعها تُظهر بالضبط القضايا عينها التي نواجهها مع ويندرمير. ثمة حلّ واحد يحمي البحيرة إلى الأبد، وهو التوقُّف عن ضخّ مياه الصرف الصحّي فيها». من جهته، يقول بارني كونليف، مدير فندق «ميشلان» الذي افتتح بالقرب من البحيرة وانضمّ إلى آخرين في صناعة الضيافة لجمع الأموال لحملة «إنقاذ ويندرمير»: «إذا لم يتغيَّر شيء، فقد يقع الحدث الكارثي؛ وهو ازدهار هائل للطحالب يقضي على البحيرة بشكل فعّال، ويوجّه ضربة قاصمة للسياحة والاقتصاد المحلّي»، مصرّاً على أنّ «الحلّ يكمن في معالجة أفضل لمياه الصرف الصحّي، وليس في تقليص عدد السياح».


مقالات ذات صلة

العبد القادر لـ«الشرق الأوسط»: «كوب 16» سيدعو إلى تبني استراتيجيات تكافح التصحر

الاقتصاد إحدى المناطق الخضراء في السعودية (الشرق الأوسط)

العبد القادر لـ«الشرق الأوسط»: «كوب 16» سيدعو إلى تبني استراتيجيات تكافح التصحر

أكد الرئيس التنفيذي للمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر السعودي، الدكتور خالد العبد القادر، أن مؤتمر «كوب 16» سيدعو إلى تبني استراتيجيات للتصحر.

آيات نور (الرياض)
يوميات الشرق أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

اختفى هذا النوع من الحشرات من غابة «نيو فورست» ببريطانيا، فبدأ «صندوق استعادة الأنواع» مشروعاً بقيمة 28 ألف جنيه إسترليني لإعادته.

«الشرق الأوسط» (لندن)
بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزيرة البيئة الأوكرانية تلقي كلمة في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (كوب 29) في أذربيجان 20 نوفمبر 2024 (رويترز)

أوكرانيا تُقدّر الضرر البيئي نتيجة الحرب بـ71 مليار دولار

قالت وزيرة البيئة الأوكرانية إن الضرر البيئي بسبب العمليات العسكرية جراء الغزو الروسي لأوكرانيا منذ فبراير 2022 يقدّر بـ71 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (كييف)
خاص قام أفراد المجتمع بزراعة أكثر من مليون شجيرة في متنزه ثادق السعودي لإصلاح الأراضي المتدهورة ومعالجة التصحر (برنامج الأمم المتحدة للبيئة)

خاص ثياو قبل «كوب 16»: العالم يحتاج 355 مليار دولار سنوياً لمكافحة التصحر

مع اقتراب انعقاد «كوب 16» يترقّب العالم خطوات حاسمة في معالجة أكبر التحديات البيئية التي تواجه كوكب الأرض.

آيات نور (الرياض)

«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

يطمح الفنان المصري هشام نوّار إلى إعادة تشكيل الجسد بصرياً عبر معرضه «الجميلات النائمات» متشبعاً بالعديد من الثيمات الأيقونية في الفن والأدب والتاريخ الإنساني، خصوصاً في التعامل مع الجسد الأنثوي، بما يحمله من دلالات متعددة وجماليات عابرة للزمان ومحيّدة للمكان.

يذكر أن المعرض، الذي يستضيفه «غاليري ضي» بالزمالك (وسط القاهرة) حتى 5 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، يضم ما يزيد على 50 لوحة تتنوع خاماتها بين استخدام الألوان الزيتية على القماش بمساحات كبيرة، وبين الرسم بالألوان في مساحات أقل.

ويعدّ الجسد بمفهومه الجمالي والفني هو محور المعرض، والجسد الأنثوي تحديداً هو الأكثر حضوراً، بينما تبقى الوضعية الرئيسية التي اختارها الفنان، وهي فكرة «تمثال الكتلة» المصري القديم، وتوظيفه على هيئة فتاة نائمة هي الأكثر تعبيراً عن الفكرة التي يسعى لتقديمها، واضعاً ثيمتي الجمال، ممثلاً في الجسد الأنثوي، والنوم ممثلاً في وضعية واحدة تجسد المرأة، وهي نائمة في وضع أشبه بالجلوس، في إطار مشبع بالدلالات.

اللونان الأصفر والأحمر كانا لافتين في معظم الأعمال (الشرق الأوسط)

وعن المعرض، يقول هشام نوار: «الفكرة تستلهم تمثال الكتلة المصري القديم، فمعظم الشخصيات التي رسمتها تعود لهذا التمثال الذي ظهر في الدولة المصرية القديمة الوسطى، واستمر مع الدولة الحديثة، ويمثل شخصاً جالساً يضع يديه على ركبته، وكأنه يرتدي عباءة تخبئ تفاصيل جسده، فلا يظهر منه سوى انحناءات خفيفة، ويكون من الأمام مسطحاً وعليه كتابات، وكان يصنع للمتوفى، ويكتب عليه صلوات وأدعية للمتوفى».

ويضيف نوار لـ«الشرق الأوسط»: «تم عمل هذا التمثال لمهندس الدير البحري في الدولة الحديثة، الذي كان مسؤولاً عن تربية وتثقيف ابنة حتشبسوت، فيظهر في هيئة تمثال الكتلة، فيما تظهر رأس البنت من طرف عباءته، ومحمود مختار هو أول من اكتشف جماليات تمثال الكتلة، وعمل منها نحو 3 تماثيل شهيرة، هي (كاتمة الأسرار) و(الحزن) و(القيلولة)».

حلول جمالية بالخطوط والألوان (الشرق الأوسط)

وقد أهدى الفنان معرضه للكاتب الياباني الشهير ياسوناري كاواباتا (1899 - 1972) الحائز على نوبل عام 1968، صاحب رواية «منزل الجميلات النائمات» التي تحكي عن عجوز يقضي الليل بجوار فتاة جميلة نائمة بشرط ألا يلمسها، كما أهداه أيضاً للمثال المصري محمود مختار (1891 – 1934) تقديراً لتعامله مع فكرة «تمثال الكتلة».

وحول انتماء أعماله لمدرسة فنية بعينها، يقول: «لا يشغلني التصنيف، ما يشغلني معالجة خطوط الجسد البشري، كيف أجد في كل مرة حلاً مختلفاً للوضع نفسه، فكل لوحة بالنسبة لي تمثل الحالة الخاصة بها».

الفنان هشام نوار في معرضه «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

ويشير نوّار إلى أنه لم يتوقع أن يرسم كل هذه اللوحات، وتابع: «الفكرة وراء الجميلات النائمات الممنوع لمسهن، لكن تظل المتعة في الرؤية والحلم الذي يمكن أن يحلمه الشخص، حتى إن ماركيز قال إنه كان يتمنى أن يكتب هذه الرواية».

«يؤثر التلوين والتظليل على الكتلة، ويجعلها رغم ثباتها الظاهر في حال من الطفو وكأنها تسبح في فضاء حر، هنا تبرز ألوان الأرض الحارة التي احتفى بها الفنان، وتطغى درجات الأصفر والأحمر على درجات الأخضر والأزرق الباردة»، وفق الكاتبة المصرية مي التلمساني في تصديرها للمعرض.

أفكار متنوعة قدّمها الفنان خلال معرض «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

وتعدّ مي أن هذا المعرض «يكشف أهمية مقاومة الموت من خلال صحوة الوعي، ومقاومة الذكورية القاتلة من خلال الحفاوة بالجسد الأنثوي، ومقاومة الاستسهال البصري من خلال التعمق الفكري والفلسفي؛ ليثبت قدرة الفن الصادق على تجاوز الحدود».

وقدّم الفنان هشام نوّار 12 معرضاً خاصاً في مصر وإيطاليا، كما شارك في العديد من المعارض الجماعية، وعمل في ترميم الآثار بمنطقة الأهرامات عام 1988، كما شارك مع الفنان آدم حنين في ترميم تمثال «أبو الهول».