الباليه الصيني يفتتح «مهرجان أبوظبي» انتصاراً للإنسان خارج الفروقات

هدى الخميس لـ«الشرق الأوسط»: الحركة الثقافية ترسم النهضة بالانفتاح

العرض محاكاة لتنوّع الحضارة الصينية وثرائها (مهرجان أبوظبي)
العرض محاكاة لتنوّع الحضارة الصينية وثرائها (مهرجان أبوظبي)
TT

الباليه الصيني يفتتح «مهرجان أبوظبي» انتصاراً للإنسان خارج الفروقات

العرض محاكاة لتنوّع الحضارة الصينية وثرائها (مهرجان أبوظبي)
العرض محاكاة لتنوّع الحضارة الصينية وثرائها (مهرجان أبوظبي)

نقلت «فرقة الباليه الوطني الصيني» متابعي عرضَيْها لليلتين ضمن افتتاح «مهرجان أبوظبي 2024» إلى جوّ مبهج من الألوان والرموز. راقصات تمايلن بالأبيض، على خلفية من المآثر والطقوس الشعبية.

بدا عرض رائعة الباليه «كسارة البندق»؛ أحد أعمال المؤلّف الموسيقي الروسي ورائد تطوّر الموسيقى الروسية الحديثة بيتر إليتش تشايكوفسكي، الأكثر شهرة، مؤثراً وعميقاً. تصل صور وفيديوهات تُخبر عن ليلة فنية راقية. احتفاء المهرجان بالصين ضيفة شرف لمرور 40 عاماً على العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات، تعمَّد إظهار عرض «السنة الصينية الجديدة» بصورة ساحرة.

العرض تكريس لجسور التواصل والحوار الحضاري (مهرجان أبوظبي)

ترى مؤسِّسة «مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون»؛ والمؤسِّسة والمديرة الفنية للمهرجان هدى إبراهيم الخميس، في العرض، «محاكاة لتنوّع الحضارة الصينية وثرائها، بقيمها الثقافية وموروثها المعرفي العريق». ذلك بعضُ رسالة المهرجان المُرتكِزة على «توفير منصّة لالتقاء الثقافات على أرض الإمارات». وهو بجمعه بين روعة التقاليد الصينية وأناقة الباليه المعاصر، يجسّد بناء جسور التواصل والحوار الحضاري.

تُخبر «الشرق الأوسط» أنّ استضافة الصين «تؤكد التزامنا بتعزيز جهود الدبلوماسية الثقافية، من خلال عالمية لغة الفنون. فللموسيقى دور في التعبير عن الخصوصية الثقافية للشعوب في إطار إنسانيتها المشتركة».

الفنون منصّة لالتقاء الثقافات (مهرجان أبوظبي)

تؤمن بدور الفنانين سفراء لثقافاتهم وموروثهم وموسيقى شعوبهم، وتشجّع من خلال أعمال التكليف الحصري والإنتاجات المشتركة، كلَّ تواصل بين الدول على ترسيخ قيم السلام والتعايش، واحتضان الأمل، والانتصار للإنسان خارج فروقات الجغرافيا والثقافة واللغة. تتابع: «الحركة الثقافية هي حركة الشعوب التي ترسم نهضة الأمم بسواعد أبنائها والانفتاح على الآخر. يعدُّ اللقاء بين ثقافتينا من خلال الأمسية الاستثنائية مع الباليه الوطني الصيني لعمل (السنة الصينية الجديدة)، إضافة خلّاقة تكاملت ببرنامج إرشاد وتدريب إبداعي أشركنا فيه طلاب (كلية الشارقة للفنون الأدائية)، وفتيات من (استوديو تيرننغ بوينت)، والسفارة الصينية، على المسرح مع أعضاء (فرقة الباليه الوطني الصيني)؛ لإيماننا بأنّ النهضة تنبثق من أهلها، من الداخل، بالفكر المتجدّد، وحوار الثقافات والانفتاح».

بدأ العرض بمشهد مزيّن بالألوان النابضة في معرض ببكين، حيث يستعدّ الناس للاحتفال بالعام الجديد. زخر المسرح بالأقنعة والفوانيس الورقية، وقدّم احتفالية استثنائية. توثّق مقاطع الفيديو والصور اصطحاب الجمهور في رحلة إلى مجموعة من الأراضي الخيالية؛ بما فيها مملكتا «الكركي» و«الخزف»، لتسرد القصة مسارات تجسُّد الوحوش، والنمور الصغيرة، على وَقْع الرقصات الفردية والجماعية، لتُسلّم النهاية نفسها إلى مفرقعات نارية تؤكد الإبهار.

جوّ مبهج من الألوان والرموز (مهرجان أبوظبي)

تتطلّع المديرة الفنية لـ«فرقة الباليه الوطني الصيني»، فينغ ينغ، إلى تعميق الصين تعاونها الفني مع العالم العربي. تقول لـ«الشرق الأوسط»: «نبذل جهدنا في التبادلات الثقافية لنقل رسالة بلدنا المتمثّلة في التضامن والتقارب الإنساني من خلال حوار الثقافات، وتجاوز اللغة والعرق والدين». شكّل المهرجان فرصة لفنّاني بلادها لنقل هذه الرسالة بإخلاص إلى العالم. 40 عاماً عُمر العلاقة الدبلوماسية بين الصين والإمارات، تمنحها مزيداً من الخصوصية.

تشكر المهرجان لإعلانه الصين ضيفة شرف نسخته الحادية والعشرين، من خلال عرض «السنة الصينية الجديدة»، النسخة المبتكرة من تحفة تشايكوفسكي «كسارة البندق». تتحدّث عن قصةٍ مسرحُها عائلات ترحّب بالعام الجديد، وسط مهرجان الربيع الصيني، والعناصر الثقافية الحية في تصميم الرقصات والأزياء والمناظر الطبيعية.

يستوقفها تصميم الرقص الخاص بإظهار الصداقة الصينية مع الإمارات. وما تكلّمت عنه هدى إبراهيم الخميس، تشاء استعادته: «بمساعدة مجموعة (أبوظبي للثقافة والفنون)، دعونا 13 طفلاً بين 4 و6 سنوات في أبو ظبي، وطالباً من (أكاديمية الشارقة للفنون الأدائية) لرقص الباليه مع الفرقة على المسرح. ذلك للقول إنّ الثقافات لا بدّ من أن تلتقي، وإن ما يجمع يُذلّل ما يُفرِّق. الفنون لغات عالمية، ويمكن للأشخاص من خلفياتهم الثقافية الفريدة أن يشاركوا ويستمتعوا ويساهموا بشكل متبادل في التراث الثقافي والفني العالمي».

روعة التقاليد الصينية وأناقة الباليه المعاصر (مهرجان أبوظبي)

تتيح الرقصات المبهجة والألحان السعيدة شعوراً بالمحبة والوئام، فيعلّق سفير جمهورية الصين الشعبية لدى الإمارات تشانغ ييمينغ بالقول: «إنها ليست المرة الأولى التي يزور فيها (فريق الباليه الوطني الصيني) دولة الإمارات العربية المتحدة فحسب؛ بل المرة الأولى التي تُقدّم فيها فنون الباليه الصينية في منطقة الشرق الأوسط. إنهم يروون قصصنا الصينية للعالم من خلال خشبة مسرح (مهرجان أبوظبي)».

كان 1959 عام تأسيس هذه الفرقة العريقة، وقد قدّمت عرضاً يكرّس مواهب أفرادها وهويتهم المتجذّرة في التقاليد.


مقالات ذات صلة

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

يوميات الشرق عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

قال الفنان المصري عمرو سعد إن غيابه عن السينما في السنوات الأخيرة جاء لحرصه على تقديم أعمال قوية بإمكانات مادية وفنية مناسبة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)

«سلمى» يرصد معاناة السوريين... ويطالب بـ«الكرامة»

تدور أحداث الفيلم السوري «سلمى» الذي جاء عرضه العالمي الأول ضمن مسابقة «آفاق عربية» بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ45، وتلعب بطولته الفنانة سلاف فواخرجي.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق بوستر مهرجان الفيوم السينمائي الدولي للبيئة والفنون المعاصرة (إدارة المهرجان)

4 أفلام سعودية للعرض في مهرجان الفيوم السينمائي

تشارك 4 أفلام سعودية في الدورة الأولى لمهرجان الفيوم السينمائي الدولي لأفلام البيئة والفنون المعاصرة الذي يقام خلال الفترة ما بين 25 و30 نوفمبر.

محمد الكفراوي (القاهرة )

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
TT

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)

قال الفنان المصري عمرو سعد إن غيابه عن السينما في السنوات الأخيرة جاء لحرصه على تقديم أعمال قوية بإمكانات مادية وفنية مناسبة، وأكد أنه يعود للسينما بأحدث أفلامه «الغربان» الذي قام بتصويره على مدى 4 سنوات بميزانية تقدر بنصف مليار جنيه (الدولار يساوي 49.73 جنيه)، وأن الفيلم تجري حالياً ترجمته إلى 12 لغة لعرضه عالمياً.

وأضاف سعد خلال جلسة حوارية بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الخميس، أنه يظهر ضيف شرف لأول مرة من خلال فيلم «الست» الذي يروي سيرة سيدة الغناء العربي أم كلثوم، وتقوم ببطولته منى زكي وإخراج مروان حامد، ومن إنتاج صندوق «بيج تايم» السعودي و«الشركة المتحدة» و«سينرجي» و«فيلم سكوير».

وعرض سعد لقطات من فيلم «الغربان» الذي يترقب عرضه خلال 2025، وتدور أحداثه في إطار من الحركة والتشويق فترة أربعينات القرن الماضي أثناء معركة «العلمين» خلال الحرب العالمية الثانية، ويضم الفيلم عدداً كبيراً من الممثلين من بينهم، مي عمر، وماجد المصري، وأسماء أبو اليزيد، وهو من تأليف وإخراج ياسين حسن الذي يخوض من خلاله تجربته الطويلة الأولى، وقد عدّه سعد مخرجاً عالمياً يمتلك موهبة كبيرة، والفيلم من إنتاج سيف عريبي.

وتطرق سعد إلى ظهوره ضيف شرف لأول مرة في فيلم «الست» أمام منى زكي، موضحاً: «تحمست كثيراً بعدما عرض علي المخرج مروان حامد ذلك، فأنا أتشرف بالعمل معه حتى لو كان مشهداً واحداً، وأجسد شخصية الرئيس جمال عبد الناصر، ووجدت السيناريو الذي كتبه الروائي أحمد مراد شديد التميز، وأتمنى التوفيق للفنانة منى زكي والنجاح للفيلم».

وتطرق الناقد رامي عبد الرازق الذي أدار الحوار إلى بدايات عمرو سعد، وقال الأخير إن أسرته اعتادت اصطحابه للسينما لمشاهدة الأفلام، فتعلق بها منذ طفولته، مضيفاً: «مشوار البدايات لم يكن سهلاً، وقد خضت رحلة مريرة حتى أحقق حلمي، لكنني لا أريد أن أسرد تفاصيلها حتى لا يبكي الحضور، كما لا أرغب في الحديث عن نفسي، وإنما قد أكون مُلهماً لشباب في خطواتهم الأولى».

عمرو سعد في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (إدارة المهرجان)

وأرجع سعد نجاحه إلي «الإصرار والثقة»، ضارباً المثل بزملاء له بالمسرح الجامعي كانوا يفوقونه موهبة، لكن لم يكملوا مشوارهم بالتمثيل لعدم وجود هذا الإصرار لديهم، ناصحاً شباب الممثلين بالتمسك والإصرار على ما يطمحون إليه بشرط التسلح بالموهبة والثقافة، مشيراً إلى أنه كان يحضر جلسات كبار الأدباء والمثقفين، ومن بينهم الأديب العالمي نجيب محفوظ، كما استفاد من تجارب كبار الفنانين.

وعاد سعد ليؤكد أنه لم يراوده الشك في قدرته على تحقيق أحلامه حسبما يروي: «كنت كثيراً ما أتطلع لأفيشات الأفلام بـ(سينما كايرو)، وأنا أمر من أمامها، وأتصور نفسي متصدراً أحد الملصقات، والمثير أن أول ملصق حمل صورتي كان على هذه السينما».

ولفت الفنان المصري خلال حديثه إلى «أهمية مساندة صناعة السينما، وتخفيض رسوم التصوير في الشوارع والأماكن الأثرية؛ لأنها تمثل ترويجا مهماً وغير مباشر لمصر»، مؤكداً أن الفنان المصري يمثل قوة خشنة وليست ناعمة لقوة تأثيره، وأن مصر تضم قامات فنية كبيرة لا تقل عن المواهب العالمية، وقد أسهمت بفنونها وثقافتها على مدى أجيال في نشر اللهجة المصرية.

وبدأ عمرو سعد (47) عاماً مسيرته الفنية خلال فترة التسعينات عبر دور صغير بفيلم «الآخر» للمخرج يوسف شاهين، ثم فيلم «المدينة» ليسري نصر الله، وقدمه خالد يوسف في أفلام عدة، بدءاً من «خيانة مشروعة» و«حين ميسرة» و«دكان شحاتة» وصولاً إلى «كارما»، وقد حقق نجاحاً كبيراً في فيلم «مولانا» للمخرج مجدي أحمد علي، وترشح الفيلم لتمثيل مصر في منافسات الأوسكار 2018، كما لعب بطولة عدد كبير من المسلسلات التلفزيونية من بينها «يونس ولد فضة»، و«ملوك الجدعنة»، و«الأجهر»، بينما يستعد لتصوير مسلسل «سيد الناس» أمام إلهام شاهين وريم مصطفى الذي سيُعْرَض خلال الموسم الرمضاني المقبل.