«الناشرون العرب» و«هيئة الشارقة» يقاطعان معرض فرانكفورت «المنحاز وغير العادل»

إلغاء تكريم روائية فلسطينية «يقضّ دور الحوار الذي تشجعه الثقافة»

الأمن ينتشر في فرانكفورت التي أعلنت دعمها الكامل لإسرائيل في حربها على غزة (أ.ف.ب)
الأمن ينتشر في فرانكفورت التي أعلنت دعمها الكامل لإسرائيل في حربها على غزة (أ.ف.ب)
TT

«الناشرون العرب» و«هيئة الشارقة» يقاطعان معرض فرانكفورت «المنحاز وغير العادل»

الأمن ينتشر في فرانكفورت التي أعلنت دعمها الكامل لإسرائيل في حربها على غزة (أ.ف.ب)
الأمن ينتشر في فرانكفورت التي أعلنت دعمها الكامل لإسرائيل في حربها على غزة (أ.ف.ب)

تُرخي الحرب الإسرائيلية - الفلسطينية ظلالاً ثقيلة على مواقف العالم، حتى فيما يتعلّق منها بالشأن الثقافي. وبعدما كان مقرّراً أن يكرّم معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، الروائية الفلسطينية عدنية شبلي ومنحها جائزة، صدر قرار بإلغاء التكريم بذريعة إيجاد «الوقت المناسب»، مع إعلان المعرض الثقافي الكبير دعمه لإسرائيل إزاء المعارك المشتعلة مع غزة.

العلم الإسرائيلي بجانب العلم الألماني في فرانكفورت (أ.ف.ب)

ورداً على هذا الموقف، أعلن «اتحاد الناشرين العرب» انسحابه من المشاركة في الدورة المقبلة لمعرض فرانكفورت بسبب ما وصفه بأنه «موقفه المنحاز وغير العادل» تجاه الحرب الدائرة في منطقة الشرق الأوسط.

وفي رسالة موجَّهة من رئيس «اتحاد الناشرين العرب» محمد رشاد، إلى الرئيس التنفيذي لمعرض فرانكفورت للكتاب يورغن بوس، قال إنّ الاتحاد «يعرب عن أسفه العميق لموقف المعرض المنحاز وغير العادل تجاه الأحداث المأساوية التي تشهدها المنطقة».

أضاف: «يعيش الشعب الفلسطيني تحت أطول احتلال في التاريخ الحديث، وهو الاحتلال الذي تحوّل إلى نظام فصل عنصري يمارس أقصى الضغوط ويجعل من غزة سجناً مفتوحاً لأكثر من 2.2 مليون شخص».

وأدان «الناشرون العرب»، في بيان السبت، أي اعتداء على المدنيين، «لكن النظر إلى القضية من زاوية واحدة والقبول بهذا الظلم الذي يتعرّض له الشعب الفلسطيني منذ عقود هما خطأ كبير».

وأكد الاتحاد أنّ تعليقات الرئيس التنفيذي للمعرض «لا تعكس على الإطلاق العلاقات العربية الاستثنائية التي تطوّرت على مرّ السنوات بين إدارات معرض فرانكفورت للكتاب والناشرين العرب»، مضيفاً في بيانه: «في ضوء هذا الموقف، قرّر (اتحاد الناشرين العرب) سحب مشاركته في معرض فرانكفورت للكتاب 2023».

انتشار للشرطة في فرانكفورت خشية أي تحرّك يتعلق بالحرب في الشرق الأوسط (وكالة حماية البيئة)

بدورها، أعلنت «هيئة الشارقة للكتاب» في الإمارات انسحابها من معرض فرانكفورت بسبب إعلانه دعم إسرائيل.

وذكرت، في بيان عبر حسابها على منصة «إكس»، أنّ قرارها جاء أيضاً بعد إلغاء تكريم كان مقرراً على برنامج المعرض لكاتبة فلسطينية، وهو ما عدَّته «تحيزاً سياسياً وإلغاءً لدور الحوار الذي تشجعه الثقافة».

وكانت وكالة الأنباء الألمانية أفادت بأنّ الروائية الفلسطينية عدنية شبلي لن تُكرَّم في معرض فرانكفورت للكتاب كما كان مخططاً له، إذ كان من المفترض أن تحصل الكاتبة على جائزة «ليبراتور» عن روايتها «تفصيل ثانوي» المقدَّمة من جمعية «ليتبروم» التي تُمنح لأعمال الكاتبات من دول جنوب العالم، في 20 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.

وحظيت الرواية بإشادة نقدية كبيرة، لكنّ البعض انتقدها للزعم باستخدامها العبارات المعادية للسامية، وفق وكالة الأنباء الألمانية.

وأبدى الرئيس التنفيذي للمعرض دعمه لسياسات إسرائيل في تصريحات خلال الأسبوع الماضي. ووفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز»، فقد علَّق المعرض ندوة لتكريم الكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي بدعوى أن «التوقيت غير ملائم».

الروائية الفلسطينية عدنية شبلي التي كان من المقرّر تكريمها في فرانكفورت (فيسبوك)

وقال يورغن بوس: «يتم اختيار الفائز من لجنة تحكيم مستقلة. جمعية (ليتبروم) هي المنظَّمة المنفّذة والمسؤولة مسؤولية كاملة عن محتوى حفل توزيع الجوائز»، مشيراً إلى أنه إثر الأحداث الجارية «ستبحث (ليتبروم) عن مكان مناسب لتلك الفعالية في وقت ما بعد معرض الكتاب»، مشدداً في الوقت عينه على أنّ المعرض يقف «إلى جانب إسرائيل بتضامن كامل»، وأنه يعتزم «جعل الأصوات اليهودية والإسرائيلية مرئية بشكل خاص في معرض الكتاب».

وفي هذا السياق، يستضيف «حفل الأدب»، السبت، الكاتبة والناشطة ليزي دورون المقيمة في تل أبيب وبرلين، لتتحدّث عن الحرب الدائرة بين إسرائيل وفلسطين.

من ناحيتها، أعلنت «‏دار سعاد الصباح للثقافة» عن إلغاء مشاركتها السنوية وانسحابها من الدورة 75 للمعرض. وقالت إن هذا الانسحاب جاء «على أثر ما أعلنه يورجن بوس، مدير المعرض في بيان له، من دعمه الصريح للاعتداء الصهيوني على أهلنا في غزة؛ حيث قرر معرض فرانكفورت تخصيص جانب من الفعاليات لدعم الأصوات اليهودية والإسرائيلية، واستضافة ممثلي الجالية اليهودية في ألمانيا، لتبرير الاعتداء الإسرائيلي في الوقت الذي أعلن فيه المعرض سحب جائزة الكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي وإلغاء تكريمها المقرر سلفاً للمعرض».

وأضافت: «تعرب دار سعاد الصباح عن أسفها على هذا التوجه الخطير الذي ينحو بالثقافة والجهد الثقافي نحو عمل غير إنساني يعارض الهدف الأخلاقي الذي تسعى إليه الآداب الإنسانية، ‏كما تستنكر الدار هذا الموقف المنحاز لمحتل ومعتد حوّل غزة إلى مقبرة جماعية، وإلى سجن مفتوح لأكثر من مليونين ونصف من البشر الذين يستحقون الحياة الكريمة، كما تؤكد الدار تأييدها للحق الفلسطيني كاملاً وعودة القدس عاصمة أبدية لفلسطين الحرة».


مقالات ذات صلة

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

يوميات الشرق عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت «الأوركسترا السعودية» أجمل الألحان الموسيقية في ليلة ختامية كان الإبداع عنوانها على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية بمشاركة 100 موسيقي ومؤدٍ.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)

الرياض وطوكيو نحو تعاون أعمق في مختلف المجالات الفنية والثقافية

تهدف «مذكرة التفاهم» إلى تعزيز التعاون والتبادل الثقافي بين الرياض وطوكيو واليابان في مختلف القطاعات الثقافية.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
المشرق العربي مبنى مقر «اليونيسكو» في باريس (رويترز)

«اليونيسكو» تعزز مستوى حماية 34 موقعاً تراثياً في لبنان

أعلنت «اليونيسكو» أنها منحت عشرات المواقع التراثية المهددة بالغارات الإسرائيلية في لبنان «حماية مؤقتة معززة»، لتوفر لها بذلك مستوى أعلى من الحماية القانونية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية أعربت القنصلية الفرنسية في القدس في بيان عن «غضب» باريس من عمليات الهدم الإسرائيلية مشيرة إلى أنها دعمت المركز الثقافي المدمر (مقر جمعية البستان) «بأكثر من نصف مليون يورو» منذ عام 2019 (وفا)

فرنسا تطلب «تفسيراً» من السلطات الإسرائيلية بعد هدم مركز ثقافي في القدس

أكدت الخارجية الفرنسية، الجمعة، أن باريس طلبت «تفسيراً من السلطات الإسرائيلية»، بعد هدم مقر جمعية البستان الذي موّلته فرنسا في حي سلوان بالقدس الشرقية المحتلة.

«الشرق الأوسط» (باريس)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».