هل «الصيد الجائر» هو السبب الوحيد وراء ظهور القرش عند الشواطئ المصرية؟

السماح بالنزول إلى المياه بعد انتهاء عمليات التقييم

أعاد ظهور سمكة قرش عند أحد شواطئ مدينة دهب المصرية (جنوب سيناء) التساؤلات (أ.ب)
أعاد ظهور سمكة قرش عند أحد شواطئ مدينة دهب المصرية (جنوب سيناء) التساؤلات (أ.ب)
TT

هل «الصيد الجائر» هو السبب الوحيد وراء ظهور القرش عند الشواطئ المصرية؟

أعاد ظهور سمكة قرش عند أحد شواطئ مدينة دهب المصرية (جنوب سيناء) التساؤلات (أ.ب)
أعاد ظهور سمكة قرش عند أحد شواطئ مدينة دهب المصرية (جنوب سيناء) التساؤلات (أ.ب)

أعاد ظهور سمكة قرش بأحد شواطئ مدينة دهب المصرية (جنوب سيناء) التساؤلات بشأن الأسباب التي تقف وراء هذا الزحف من جانب أسماك القرش على الشواطئ المصرية، بما يواكبه مع كثير من الشعور بالتهديد والخوف بين المُصطافين ومرتادي الشواطئ.

وانضم مقطع فيديو يرصد ظهور سمكة قرش بالقرب من شاطئ مدينة دهب (محافظة جنوب سيناء)، مساء الثلاثاء، إلى مقاطع مصوّرة أخرى عبر «السوشيال ميديا» لحالة الفزع بين رواد الشواطئ بعد ظهور أسماك قرش، تسببت في مقتل سائح شاب روسي في يونيو (حزيران) الماضي عند أحد شواطئ مدينة الغردقة، إحدى أشهر المدن الواقعة على شاطئ البحر الأحمر.

وعادة ما تقترن بتلك الحوادث قرارات رسمية بإغلاق المنطقة التي ظهر فيها القرش، ومنع ممارسة كل الأنشطة البحرية كإجراء وقائي تتخذه وزارة البيئة المصرية، التي أعلنت تفعيل قرار منع الأنشطة المائية كإجراء احترازي تزامنا مع رصد ظهور أسماك قرش من الأنواع غير الشرسة بالقرب من منطقة «لايت هاوس» على ممشى دهب السياحي، وسرعان ما أعادت فتح الشواطئ «الخميس» بعد إثبات عدم وجود خطر في هذا الموقع.

«الصيد الجائر»

ورجحت تقارير أن أبرز أسباب اقتراب أسماك القرش من حيز المصطافين هو «الصيد الجائر» كما كشف تقرير صدر عقب حادث مقتل الشاب الروسي في الغردقة. فقد أفاد التقرير الذي أعدته اللجنة العلمية المشكلة من خبراء علوم البحار من محميات البحر الأحمر ومعهد علوم البحار والمصايد بالغردقة، أن الهجوم تم بهدف الحصول على التغذية بسبب الصيد الجائر ونقص المخزون السمكي في البحر الأحمر.

وانتهى التقرير، الذي قُدّم لنيابة الغردقة في يونيو الماضي، إلى أن «عمليات التشريح لسمكة القرش تبين أن عملية الهجوم تمت بغرض التغذية المباشرة على الضحية وأنها تعتبر من الحوادث المتوقعة في البحر الأحمر التي زادت في الفترة الأخيرة نتيجة تعرض المخزون السمكي بالبحر الأحمر للنقص الحاد بسبب أعمال الصيد الجائر وغير المنظم»، حسبما جاء في التقرير.

لكن مسألة التعلل بالصيد الجائر كسبب مباشر لتكرر هجوم أسماك القرش على المصطافين هو سبب «نظري وليس واقعيا» كما تقول الدكتورة عزة الجنايني، رئيس قسم المصايد بمعهد علوم البحار في مصر. وتقول إن «الأسباب النظرية لا يمكن إثباتها، نحن نحاول ربط الحقائق العلمية حول القروش بالأحداث التي تستجد، كما حدث بالتعلل بفترة تبويض سمكة القرش واقترابها من منطقة ضحلة، كما أثير في حادث الغردقة على سبيل المثال».

.

رجحت تقارير فنية أن أبرز أسباب اقتراب أسماك القرش من حيز المصطافين هو «الصيد الجائر» (وزارة السياحة والآثار)

وتضيف الجنايني لـ«الشرق الأوسط»: «تلك الحوادث تقع على مستوى العالم، لا توجد ثوابت وأسباب نستطيع الارتكان لها كأن نقول إن الصيد الجائر هو السبب، فقد يكون سببا لكنه ليس السبب الوحيد، فالبحر هو البيئة الطبيعية للقروش، وهي سمكة متحركة في النهاية، فوجود صيد جائر في منطقة لا يمنع وجود ثروة سمكية في مكان آخر».

هجوم شرم الشيخ

وتشير الجنايني لهجمات القروش في شرم الشيخ عام 2010، وتقول «كنت ضمن أفراد الفريق العلمي الذي يبحث عن الأسباب والحلول، وأجرينا تجارب كبيرة ومحاكاة للقروش، ودراسات للماء والقاع، وكانت هناك تساؤلات كبيرة حول قدرة القرش على الدخول وافتراس ضحاياه على عمق بسيط وفي منطقة شعاب مرجانية أي منطقة ليست عميقة ولا بعيدة».

تضيف: «العلم لم يصل حتى الآن إلى تنظيم العلاقة بين الإنسان وسمك القرش، وسيجري المعهد دراسة كبيرة ومتشعبة للتعرف على أنواع القروش في البحرين الأبيض والمتوسط، وأماكن وجودها، ونمط سلوكها».

ويرى الدكتور محمود معاطي، مدرس الأحياء البحرية في المعهد القومي لعلوم البحار بالغردقة، أنه عادة ما تكون هناك اتجاهات بتهدئة أو تقليل الذعر لدى الرأي العام بعد تلك الحوادث، بما في ذلك إلقاء اللوم على سبب واحد أو مباشر مثل «الصيد الجائر» كسبب وراء حادث الغردقة الأخير، وهو ما يعتبره معاطي «سبباً غير منطقي، خصوصاً أن الفترة التي وقع فيها الحادث بالتحديد كان الصيد موقوفاً فيها بتعليمات من جهاز تنمية البحيرات والثروة السمكية، ما يعني أن البحر في تلك الفترة كان ممتلئاً بالأسماك».

ويضيف معاطي لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا 28 نوعاً من أسماك القرش في البحر الأحمر، و21 نوعاً في البحر الأبيض المتوسط، وهناك علمياً أكثر من سبب للمواجهات الموسمية بين القروش والإنسان، التي لا يمكن منعها، وإن كان من الممكن تقليلها».

طرق وقائية

ويوضح: «من بين تلك الطرق منع صيد الأعماق برمي سنارة الصيد في العمق، ومنع رمي مأكولات في البيئة البحرية لأنها تُغير السلوك الغذائي لسمك القرش، وضرورة عودة المُنقذ ومراقب الشاطئ، خصوصاً أن القروش عندما تظهر لا تهاجم مباشرة لكنها تبدأ بالحوم في المنطقة، ويمكن عندها على الأقل تحذير مرتادي الشاطئ».

ويضيف «هناك تحذيرات مكتوبة على مدار العام عبر لافتات واضحة على الشواطئ الأميركية والأسترالية بوجود أسماك قرش فيها، وهو أمر يجب أن نتبعه حتى لو كنا في ذروة موسم السياحة الصيفي».


مقالات ذات صلة

«خديعة» لردع أسماك القرش عن مهاجمة ركّاب الأمواج

يوميات الشرق أمكن لعشّاق الموج «الاطمئنان» (شاترستوك)

«خديعة» لردع أسماك القرش عن مهاجمة ركّاب الأمواج

الخوف من أسماك القرش البيضاء قائم منذ فترة طويلة، وأحد أسبابه هو عدم فهمنا لهذه الحيوانات بشكل جيد...

«الشرق الأوسط» (سيدني)
بيئة السمكة الشبح (المعهد الوطني للمياه والغلاف الجوي في نيوزيلندا)

باحثون يكتشفون سمكة قرش جديدة ومذهلة في نيوزيلندا

تم اكتشاف نوع جديد من أسماك القرش الشبح في أعماق المياه بنيوزيلندا.

«الشرق الأوسط» (ويلينغتون)
يوميات الشرق السمكة الصغيرة تتميز بمظهرها الشرس وأنيابها الكبيرة (الباحث فيكتور نونيس بينيمان)

اكتشاف نوع جديد من «الأسماك الغاضبة» في البحر الأحمر

اكتشف فريق من الباحثين في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) بالسعودية، وجامعة واشنطن نوعاً جديداً من الأسماك يظهر بمظهر غاضب دائماً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الصيّادة التونسية سارة السويسي في قاربها (أ.ف.ب)

صيّادات تونسيات «عالقات في شباك» السيطرة الذكورية والتغيّر المناخي

تزاول تونسيات مهنة صيد السمك رغم السيطرة الذكورية على القطاع وتحدّيات يفرضها التغيّر المناخي.

«الشرق الأوسط» (تونس)
يوميات الشرق التلوّث مُسمِّم للأسماك (تعبيرية - أ.ف.ب)

أجسام الأسماك مُخترَقة بالبلاستيك وإطارات السيارات

تخترق المواد البلاستيكية الدقيقة المُنتشرة في مختلف جوانب البيئة أعماق أجسام الأسماك، وهي موجودة بكثافة في الشرائح التي يأكلها المستهلكون.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)

مصر تحتفي باللغة القبطية وتوثيق الحضارة الفرعونية 

الاحتفال بمرور 70 عاماً على تأسيس معهد الدراسات القبطية (وزارة السياحة والآثار)
الاحتفال بمرور 70 عاماً على تأسيس معهد الدراسات القبطية (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر تحتفي باللغة القبطية وتوثيق الحضارة الفرعونية 

الاحتفال بمرور 70 عاماً على تأسيس معهد الدراسات القبطية (وزارة السياحة والآثار)
الاحتفال بمرور 70 عاماً على تأسيس معهد الدراسات القبطية (وزارة السياحة والآثار)

احتفت مصر باللغة القبطية التي يجري تدريسها في المعهد العالي للدراسات القبطية التابع للكنيسة الأرثوذكسية المصري، وذلك بمناسبة مرور 70 عاماً على إنشاء المعهد، بحضور البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ووزيري الثقافة والسياحة والآثار وشخصيات عامة، وتم إلقاء الضوء على ما قدمه من دراسات وبحوث أسهمت في حفظ الحضارة المصرية بكل مكوناتها الفرعونية واليونانية والرومانية والقبطية والإسلامية.

وخلال الاحتفالية التي شهدتها الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، الخميس، أكد البابا تواضروس الثاني أن «معهد الدراسات القبطية منذ تأسيسه يؤدي دوراً رئيساً في توثيق تاريخ الحضارة القبطية ونشر تراثها العريق عبر الأجيال».

وأشاد البابا بإصدار العملات التذكارية الخاصة بالمعهد، التي وافق عليها رئيس مجلس الوزراء، مؤكداً أنها تعكس تقدير الدولة لدور المعهد، وتسهم في ترسيخ قيمته التاريخية والثقافية لدى الجميع.

مؤكداً على «الثراء الحضاري الذي تمتلكه مصر، فالحضارة بها لا تقتصر على حضارة واحدة إنما هي طبقات من الحضارات المختلفة منها الفرعونية والقبطية والإسلامية والعربية والأفريقية والمتوسطية واليونانية الرومانية».

بينما لفت وزير الثقافة المصري، الدكتور أحمد فؤاد هنو، إلى الدور الريادي لمعهد الدراسات القبطية، وجهوده المثمرة في تقديم قيم ثقافية وإنسانية رفيعة. وفق بيان لوزارة الثقافة المصرية.

معهد الدراسات القبطية في مصر (صفحة المعهد على فيسبوك)

وتحدث وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي عن «التنوع الكبير في التخصصات والدراسات بالمعهد، وكونه لا يقتصر على الدارسات الدينية وما يتعلق بها فقط، حيث يضم 13 قسماً مختلفاً منهم القانون والثقافة والفن والتراث والمعمار والتوثيق الموسيقي وغيرها».

ولفت إلى التعاون بين الوزارة والمعهد في مجال التوثيق والتسجيل للتراث المادي وغير المادي، كما أن هناك تعاوناً مشتركاً في ملف الترميم والتوثيق الأثري لبعض المواقع الأثرية في مصر.

وأشار فتحي إلى مشروع تطوير مسار رحلة العائلة المقدسة في مصر، موضحاً أن «هناك مواقع بهذا المسار جاهزة حالياً لاستقبال الزائرين والسائحين، وأعرب عن إعجابه بالعملات التذكارية التي يمكن الاستفادة منها في الترويج لمسار رحلة العائلة المقدسة في مصر، خصوصاً في الأحداث والمعارض الدولية».

وعدّ الدكتور كمال فريد إسحق، أحد مدرسي معهد الدراسات القبطية في عقد الثمانينات «الاحتفال بمرور 70 سنة على معهد الدراسات القبطية يؤكد أهمية هذا المعهد في حفظ التراث القبطي عبر أقسامه المختلفة».

ويوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا المعهد الذي درست فيه خلال ستينات القرن الماضي يضم فروعاً عدة من بينها فرع للغة القبطية وقسم للتاريخ وآخر للألحان والموسيقى وقسم للاهوت، وكل شخص يستطيع أن يدرس في الفرع الذي يهتم به».

وأضاف: «بعد أن درست الطب انجذبت لدراسة اللغة القبطية، وحصلت على دراسات في كلية الآداب بقسم اليوناني واللاتيني؛ لأن من يريد دراسة اللغة القبطية يجب أن يدرس اللغة اليونانية، لأن كثيراً من المخطوطات القبطية تمت ترجمتها عن اليونانية، ثم دخلت كلية الآثار قسم المصريات، لكن كانت البداية هي شغفي باللغة القبطية ومعرفة التاريخ القديم، وقمت بالتدريس في المعهد في الثمانينات»، ويرى إسحق أن «المعهد يحفظ التراث القبطي بوصفه جزءاً أصيلاً من التراث المصري والتاريخ المصري القديم، ويعد امتداداً طبيعياً للحضارة المصرية القديمة».

وأنشئ معهد الدراسات القبطية عام 1954، ويضم 3 أقسام رئيسية هي العلوم الإنسانية والتراث القبطي والعلوم الكنسية، تندرج تحت كل منها أفرع متنوعة.