دار «شوبارد» تعبّر عن حبها للسينما بالذهب الخالص والمستدام

السعفة الذهبية لعام 2024... تصميم يقدّر قيمة النجوم

السعفة الذهبية لعام 2024 بعد أن انتهي من صُنعها حرفيو دار «شوبارد»
السعفة الذهبية لعام 2024 بعد أن انتهي من صُنعها حرفيو دار «شوبارد»
TT

دار «شوبارد» تعبّر عن حبها للسينما بالذهب الخالص والمستدام

السعفة الذهبية لعام 2024 بعد أن انتهي من صُنعها حرفيو دار «شوبارد»
السعفة الذهبية لعام 2024 بعد أن انتهي من صُنعها حرفيو دار «شوبارد»

منذ عام 1988، ودار «شوبارد» هي الشريك الرسمي لمهرجان «كان» السينمائي. هذه الشراكة تمنحها الحق في صنع جميع الجوائز التي يحصل عليها النجوم في المهرجان، بما في ذلك جائزة السعفة الذهبية. ولأنها أرفع جائزة في المهرجان على الإطلاق؛ أرادتها كارولين شوفوليه، الرئيس المشارك والمدير الإبداعي لدار «شوبارد»، أن تكون أكثر جائزة قيّمة ومرغوبة في عالم السينما. أرادتها كذلك أن تعكس قيمة العمل الفائز من جهة، ومهارة حرفيي مشاغلها، إضافة إلى مبادئها المعروفة بتبني الاستدامة في مجوهراتها من جهة ثانية.

كارولين شوفولييه ترسم بنفسها التصميم الجديد للسعفة (آلان بيريه)

من هذا المنطلق، تُصنع جائزة السعفة الذهبية بالكامل من الذهب الأخلاقي المصادق عليه بشهادة التعدين العادل؛ وهو ما يميّز هذه الجائزة عن غيرها من الجوائز السينمائية. وتشير دار «شوبارد» إلى أن الأمر يُعبّر عن التزامها الراسخ بأن الترف يمكن أن يكون مستداماً يتزاوج فيه الفن مع الأخلاق والجمال بشكل وثيق.

وهذا ما أكدته المخرجة جوستين تريت وهي تتلقى جائزة السعفة الذهبية عن فيلم «تشريح سقوط» (Anatomy of a Fall) في مهرجان «كان» السينمائي لعام 2023، بتصريحها أن السينما وسيلة أو بالأحرى مرآة يمكن للمرء استكشاف الطبيعة البشرية المعقدة من خلالها، وأيضاً الجوانب الإنسانية والتطورات الاجتماعية. من بين هذه التطورات، كما تُلمّح كارولين شوفليه، تمكين المرأة وحصولها على بعض حقوقها بقوة ناعمة قائمة على العطاء والتميز.

المخرجة جاستين تريت تحتفل مع طاقم فيلمها بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان «كان» عام 2023 (رويترز)

ليس أدل على هذا أن فوز جوستين تريت كان حدثاً لافتاً، خصوصاً وأنها قدّمت في هذا الفيلم شخصية نسائية رائعة تُجسّد امرأة قوية لا تكتفي بالمطالبة بحقها، بل تنتزعه انتزاعاً. تجدر الإشارة إلى أن هذه المرة الثانية في غضون ثلاث سنوات تحصل فيها امرأة على جائزة السعفة الذهبية. في عام 2021، فازت بها جوليا دوكورنو عن فيلم «تايتان» (Titane)، بينما كانت آخر مرة من نصيب امرأة في عام 1993 عندما فازت بها جين كامبون عن فيلم «The Piano Lesson».

لم تكن الجائزة جوهرة نفيسة، أي بالقيمة الحالية نفسها. والفضل يعود إلى كارولين شوفوليه، التي حرصت على أن تصوغها من الذهب الخالص لتعكس قيمة العمل الفائز.

السعفة الذهبية لعام 2024 بعد أن انتهي من صُنعها حرفيو دار «شوبارد»

علاقة الحب بين «شوبارد» والسينما بدأت في عام 1997، عندما التقت كارولين شوفوليه بيير فيوت، رئيس مهرجان «كان» السابق. فاجأها بأن طلب منها إعادة تصميم السعفة. لم تتردد وحملت النموذج القديم في حقيبة يدها، وتوجهت إلى جنيف لتعيد تصميم جميع القياسات والتفاصيل الجمالية. في شكلها الجديد، تفرّعت وريقاتها الـ19 بشكل أنعم، وانتهى جذعها المائل على شكل قلب لتبقى وفيّة لرمز من أهم رموز «شوبارد». حرصت أيضاً على أن تجعلها أخف وزناً وأكثر عُمقاً. كانت تُدرك أنها بهذا التعاون مع مهرجان «كان» السينمائي، لن تُعلن شغفها بالفن السابع للعالم فحسب، بل أيضاً مهارتها الإبداعية وحرفية العاملين معها.

السعفة الذهبية لعام 2024 على شكل نبتة تحيط بها أوراق من ذهب (باتريك ساجكو)

الآن، وبعد سبعة وعشرين عاماً، أُعيد إصدار السعفة الشهيرة بشكلها الأصلي ووضعت على قاعدة من الكريستال الصخري تتميز بشوائب تجعل كل واحدة منها قطعة فريدة، لا تشبه أخرى.

سيناريو صناعة السعفة

بعد صبّ الشمع وصهر المعدن في فرن تبلغ درجة حرارته 900 درجة تبدأ عملية تنظيفه وتشذيبه (شوبارد)

كما يُبنى السيناريو على سلسلة من المشاهد والأحداث التي تسلّط الضوء على نواحٍ مختلفة ووجهات نظر محتملة، فإن صناعة السعفة الذهبية هي الأخرى كانت بمثابة رقصة باليه اعتمدت على خطوات متعددة نُفّذت وفق نسق متسق من المراحل. تطلب إبداع كل سعفة ذهبية ما لا يقل عن 70 ساعة من العمل في ورشات الدار. تولى الإشراف على كل واحدة منها صائغ رئيسي حتى يضمن اتساق سير العمل طوال العملية الإبداعية التي يشارك فيها ستة حرفيين. تبدأ هذه الرحلة الإبداعية الجماعية بـ118 جراماً من الذهب الأخلاقي المعتمد بشهادة التعدين العادل؛ لضمان المعايير الأخلاقية على الصعيدين الاجتماعي والبيئي. بعدها تبدأ المرحلة الأساسية بصبّ الشمع لإعداد القالب قبل أن تصل إلى مرحلة صهر المعدن في فرن تبلغ درجة حرارته 900 درجة. بعد التشذيب والتنظيف والتلميع تظهر السعفة الذهبية في حلّتها النهائية في انتظار إبداع يستحقها.


مقالات ذات صلة

7 فائزين بجوائز «فاشن تراست آرابيا» ومراكش ثامنهم

لمسات الموضة الأميرة المغربية لالة حسناء تتوسط الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فاريس والفائزين بجوائز 2024 (خاص)

7 فائزين بجوائز «فاشن تراست آرابيا» ومراكش ثامنهم

على الرغم من عدم فوز أي مغربي أو مغربية بأي جائزة هذا العام، فإن مراكش كانت على رأس الفائزين.

جميلة حلفيشي (مراكش)
لمسات الموضة ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)

كيف ألهمت أنابيب نقل الغاز «بولغري»؟

احتفلت «بولغري» مؤخراً بطرح نسخ جديدة من مجموعة «توبوغاس» عادت فيها إلى البدايات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة النجمة المصرية نيللي كريم كما ظهرت في عرض هنيدة الصيرفي (هيئة الأزياء)

الرياض... لقاء الثقافة والأناقة

غالبية العروض في الدورة الثانية من أسبوع الرياض منحتنا درساً ممتعاً في كيف يمكن أن تتمازج الثقافة والهوية بروح الشباب التواقة للاختلاف وفرض الذات.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة كانت هذه أول مجموعة جديدة تطرحها الدار منذ 25 عاماً وبالتالي كان من الطبيعي أن يتوق الكل لمعرفة أي تفاصيل تُخبر عنها (باتيك فيليب)

«باتيك فيليب» تكشف عن إصدارها الجديد منذ 25 عاماً

ردود الفعل «المتسرعة» التي أثارتها المجموعة بعد الكشف عنها مباشرة، لا تترك أدنى شك في أن سببها يعود إلى عنصر المفاجأة بشكلها المربع لا أقل ولا أكثر.

جميلة حلفيشي (ميونيخ)
لمسات الموضة هنيدة الصيرفي مع العارضة العالمية حليمة بتصميم من مجموعة «كوزمو»... (خاص)

سعودية تنسج التاريخ بخيوط التراث

هناك نقاط تحول في مسيرة كل مصمم... نقاط تسلط الضوء على مكامن قوته، ومن ثم تأخذه إلى مرحلة جديدة من مراحل التطور والانتشار. بالنسبة إلى المصممة السعودية، هنيدة…

أسماء الغابري (جدة)

كيف ألهمت أنابيب نقل الغاز «بولغري»؟

ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
TT

كيف ألهمت أنابيب نقل الغاز «بولغري»؟

ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)

في منتصف القرن الماضي، كان فن الـ«آرت ديكو» والقطع المصنعة من البلاتين تُهيمن على مشهد المجوهرات الفاخرة. في خضم هذه الموجة التي اكتسحت الساحة، ظلت دار «بولغري» وفيّة لأسلوبها المتميز بالجرأة، واستعمال الذهب الأصفر والأحجار الكريمة المتوهجة بالألوان.

رغم أن عقداً واحداً يكفي فإن استعمال أكثر لا يؤثر بقدر ما يزيد من الفخامة (بولغري)

في هذه الفترة أيضاً ابتكرت تقنية خاصة بها، أصبحت تعرف بـ«توبوغاس»، وتستمد اسمها من الأنابيب التي كانت تستخدم لنقل الغاز المضغوط في عشرينات القرن الماضي. ففي تلك الحقبة أيضاً بدأ انتشار التصميم الصناعي في أوروبا، ليشمل الأزياء والديكور والمجوهرات والفنون المعمارية وغيرها.

ظهر هذا التصميم أول مرة في سوار ساعة «سيربنتي» الأيقونية (بولغري)

في عام 1948، وُلدت أساور بتصميم انسيابي يتشابك دون استخدام اللحام، تجسَّد في سوار أول ساعة من مجموعتها الأيقونية «سيربنتي». أدى نجاحها إلى توسعها لمجموعات أخرى، مثل «مونيتي» و«بارينتيسي» و«بولغري بولغري».

في مجموعتها الجديدة تلوّنت الأشكال الانسيابية المتموجة والأجسام المتحركة بدرجات دافئة من البرتقالي، جسَّدها المصور والمخرج جوليان فالون في فيلم سلط الضوء على انسيابية شبكات الذهب الأصفر ومرونتها، واستعان فيه براقصين محترفين عبّروا عن سلاستها وانسيابيتها بحركات تعكس اللفات اللولبية اللامتناهية لـ«توبوغاس».

بيد أن هذه التقنية لم تصبح كياناً مهماً لدى «بولغري» حتى السبعينات. فترة أخذت فيها هذه التقنية أشكالاً متعددة، ظهرت أيضاً في منتجات من الذهب الأصفر تُعبر عن الحرفية والفنية الإيطالية.

ظهرت تقنية «توبوغاس» في مجوهرات شملت أساور وساعات وعقوداً (بولغري)

لكن لم يكن هذا كافياً لتدخل المنافسة الفنية التي كانت على أشدّها في تلك الحقبة. استعملتها أيضاً في مجوهرات أخرى مثل «بارينتيسي»، الرمز الهندسي المستوحى من الأرصفة الرومانية. رصَّعتها بالأحجار الكريمة والألماس، وهو ما ظهر في عقد استخدمت فيه «التنزانيت» و«الروبيت» و«التورمالين الأخضر» مُحاطة بإطار من الأحجار الكريمة الصلبة بأشكال هندسية.

بعدها ظهرت هذه التقنية في ساعة «بولغري توبوغاس»، تتميز بسوار توبوغاس الأنبوبي المرن، ونقش الشعار المزدوج على علبة الساعة المصنوعة من الذهب الأصفر والمستوحى من النقوش الدائرية على النقود الرومانية القديمة. تمازُج الذهب الأصفر والأبيض والوردي، أضفى بريقه على الميناء المطلي باللكر الأسود ومؤشرات الساعة المصنوعة من الألماس.

من تقنية حصرية إلى أيقونة

تزينت بمجوهرات الدار نجمات عالميات فكل ما تقدمه يُعدّ من الأيقونات اللافتة (بولغري)

«بولغري» كشفت عن مجموعتها الجديدة ضمن مشروع «استوديو بولغري»، المنصة متعددة الأغراض التي تستضيف فيها مبدعين معاصرين لتقديم تصوراتهم لأيقوناتها، مثل «بي زيرو1» و«بولغري بولغري» و«بولغري توبوغاس». انطلق هذا المشروع لأول مرة في سيول في مارس (آذار) الماضي، ثم انتقل حديثاً إلى نيويورك؛ حيث تستكشف الرحلة الإرث الإبداعي الذي جسدته هذه المجموعة من خلال سلسلة من أعمال التعاون من وجهات نظر فنية متنوعة.

قوة هذه التقنية تكمن في تحويل المعدن النفيس إلى أسلاك لينة (بولغري)

بين الحداثة والتراث

قدّم الفنان متعدد المواهب، أنتوني توديسكو، الذي انضم إلى المنصة منذ محطتها الأولى ترجمته للأناقة الكلاسيكية بأسلوب امتزج فيه السريالي بالفن الرقمي، الأمر الذي خلق رؤية سردية بصرية تجسد التفاعل بين الحداثة والتراث. منح الخطوط المنسابة بُعداً ميتافيزيقياً، عززته التقنيات التي تتميز بها المجموعة وتحول فيه المعدن النفيس إلى أسلاك لينة.

تطورت هذه التقنية لتشمل قطعاً كثيرة من مجموعات أخرى (بولغري)

ساعده على إبراز فنيته وجمالية التصاميم، الفنان والمصمم الضوئي كريستوفر بودر، الذي حوَّل الحركة اللامتناهية وتدفق اللوالب الذهبية في «بولغري توبوغاس» إلى تجربة بصرية أطلق عليها تسمية «ذا ويف» أو الموجة، وهي عبارة عن منحوتة ضوئية حركية تتألف من 252 ضوءاً يتحرك على شكل أمواج لا نهاية لها، تتكسر وتتراجع في رقصة مستمرة للضوء والظل، لكنها كلها تصبُّ في نتيجة واحدة، وهي تلك المرونة والجمالية الانسيابية التي تتمتع بها المجموعة، وتعكس الثقافة الرومانية التي تشرَّبتها عبر السنين.