حالة الموضة لعام 2024... تشجيع على الرأسمالية وتنديد بالفكر الاستعماري

مؤتمر «Bof Voices» لعام 2023 يفتح ملفات صعبة بحثا عن حلول مستدامة

كيف يمكن أن تبنى الموضة عالماً مستداماً وإنسانياً من المواضيع التي ركز عليها المؤتمر (بي أو إف)
كيف يمكن أن تبنى الموضة عالماً مستداماً وإنسانياً من المواضيع التي ركز عليها المؤتمر (بي أو إف)
TT

حالة الموضة لعام 2024... تشجيع على الرأسمالية وتنديد بالفكر الاستعماري

كيف يمكن أن تبنى الموضة عالماً مستداماً وإنسانياً من المواضيع التي ركز عليها المؤتمر (بي أو إف)
كيف يمكن أن تبنى الموضة عالماً مستداماً وإنسانياً من المواضيع التي ركز عليها المؤتمر (بي أو إف)

هل الإبداع في أزمة؟ وهل مفهوم الاستدامة يعاني من فكر استعماري هو المسؤول عن عرقلة تنفيذه بشكل جيد؟ وهل يُشكِل الذكاء الاصطناعي خطراً على الحرفية واليد العاملة؟ وكيف يمكن تحويل الشدائد إلى انتصارات، والسلبيات إلى إيجابيات؟ هذه ومواضيع أخرى كثيرة كانت جزءاً من نقاشات ملهمة جرت مع مُبدعين ومؤثرين في مجالاتهم خلال مؤتمر «بي أو إف فويسز 2023» BoF VOICES 2023. ثلاثة أيام و40 شخصية من كل أنحاء العالم، اجتمعوا كعادتهم كل سنة في «سوهو هاوس» بأكسفوردشاير لشحذ طاقتهم الإبداعية والبحث عن حلول لمشاكل العالم.

عمران أميد يفتتح حصة عن حالة الموضة حالياً ومستقبلاً (بي أو إف)

ما تجدر الإشارة إليه أن المؤتمر ليس عن الموضة كأزياء وإكسسوارات فحسب، بل يشمل كل جوانب الحياة، لأن الموضة بحسب المؤسس عمران أميد لا تعيش في بُرج عاجي بعيد عن الأحداث العالمية، بل هي جزء منها ومرآة تعكس كل جوانبها. وهذا تحديداً ما يجذب صناع الموضة وأصحاب قرارات، من رؤساء تنفيذيين ومصممين وعلماء ونشطاء سياسيين واجتماعيين من كل صوب وحدب.

من ضمن ضيوف هذا العام، نذكر برونيلو كوتيشينيللي وماثيو بلايزي، مصمم دار «بوتيغا فينيتا» والمصمم جوناثان أندرسون ودايان فون فورتنسبورع والفنانة ريتا أورا وبيلي بورتر والمصور ميسان هاريمان ولينا ناير الرئيس التنفيذي لدار «شانيل» وريتشارد ديكسون، رئيس مجموعة «غاب» التنفيذي، إضافة إلى نشطاء في مجالات البيئة وخبراء في الذكاء الاصطناعي أدلوا بدلوهم في تحليل الأسباب والبحث عن حلول. كلهم يُمسكون بأياديهم خيوط التغيير الإيجابي ويريدون أن ينسجوا منها مستقبلاً أفضل.

عمران أميد ولقطة طريفة تجمعه ببرونيللو كوتشينيللي (بي أو إف)

في اليوم الأول تحدَث المخضرم برونيللو كوتشينيللي، عن الحرفية والمبادئ الإنسانية التي يتبعها وكانت وراء نجاحه التجاري، الذي تحسده عليه العديد من الشركات. فرغم اجتياح مفهوم الربح معظم بيوت الأزياء العالمية، ظل في المقابل وفياً لاستراتيجيات إنسانية عضوية. في حديثه مع عمران أميد، مؤسس موقع BOF، أشار كوتشينيللي أنه لا يمكن أن يستغني عن الحرفية كقيمة إنسانية وفنية، كما لا يمكن أن يُنكر أنه كأي دار أزياء، يحتاج إلى تحقيق نتائج سنوية مهمة حتى يستمر. أطلق على مفهومه هذا «الرأسمالية الجديدة»، وهي رأسمالية قائمة وفق قوله «على تحقيق التوازن بين الربح ورد المعروف للمجتمع. فهذا من شأنه أن يرفع المعنويات ويعيد الأمور إلى نصابها». وحتى يضمن استمرار هذه الثقافة التي أرساها، كشف أنه وضع ملكية شركته في صندوق ائتمان عائلي، وعيَن مديرين تنفيذيين لدعم أعماله «حتى تستمر شركتي لمائة عام أخرى، في يد أشخاص يؤمنون بهذا النوع من الرأسمالية المعاصرة».

وعما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيؤثر على الحرفية اليدوية وحياة الحرفيين وسبل عيشهم، ردّ كوتشينيللي بكل ثقة أنه لا مفر من استعمال التكنولوجيا «فهي ضرورية ومفيدة. والمطمئن في الذكاء الاصطناعي تحديداً أنه ولحد الآن يفتقد للعواطف، وهذا بحد ذاته أمر سيساعد على إعادة اكتشاف قيمة البشر وقيمة الحرفية اليدوية وبالتالي بحثنا عن عقول بشرية خلاقة تتمتع بفكر ومشاعر».

محرر الموضة تيم بلانكس في حديثه مع ماثيو بلايزي، مصمم دار «بوتيغا فينيتا» (بي أو إف)

مصمم دار «بوتيغا فينيتا» ماثيو بلايزي، كانت له أيضاً حصة مشوقة تحدث فيها عن تجربته في دار تحترم الحرف اليدوية ورغبته في الدفع بالماكينة الإبداعية إلى الأمام، بدمج تقنيات جديدة في تصاميمه. لا يختلف اثنان على أن بلايزي، ورغم أنه لم تمر سوى سنتين فقط على التحاقه بالدار الإيطالية مديراً فنياً، نجح في وضع لمساته عليها من دون إلغاء ماضيها، أو بالأحرى ما أرساه مصمموها من قبله. وصفة نجاحه بسيطة لكن فعالة، أخذ فيها قطعاً أساسية وعادية مثل الجينز والقميص الكلاسيكي وأدخل عليها خامات جديدة نقلتها إلى مرحلة غير مسبوقة من الأناقة والابتكار. استدل على هذا بقميص «أوكسفورد» الكلاسيكي، وكيف صنعه من الجلد الناعم الأمر الذي ارتقى بها إلى مستوى راق. يعترف للصحافي تيم بلانكس أنه مهووس بفكرة تحويل قطع عادية، وربما مملة، إلى مترفة ومرغوب فيها بتوظيف تقنيات جديدة وإضافة التفاصيل قائلاً: «عندما تضيف طبقات متعددة، فإنك تُضيف مفردات تساهم في التعبير عن قصص مشوقة وعواطف تُلهب الخيال».

ريتشارد ديكسون وحديث عن مسيرته المهنية كرئيس تنفيذي واستراتيجيته لإنعاش «غاب» (غيتي لـ«بي أو إف»)

وفيما تحدَثت المصممة البلجيكية الأصل دايان فورنتسبورغ عن البدايات وكيف حوَلت السلبيات إلى إيجابيات والشدائد إلى إنجازات، تحدّث الرئيس التنفيذي لشركة «غاب» الأميركية، ريتشارد ديكسون عن استراتيجيته لإعادة المجموعة إلى الصدارة. كان للحديث معه نكهة مختلفة. شرح فيه كيف ينوي إنعاش صورة اسم «غاب»، الذي فقد بريقه وشريحة كبيرة من زبائنه في السنوات الأخيرة، بالعودة إلى الجذور عندما كانت الشركة الوجهة المفضلة لبنطلونات الجينز. كانت مفعمة بالديناميكية وروح الشباب، وهو ما تشهد عليه حملاتها الإعلانية في التسعينات. الخطأ الذي وقعت فيها أنها استكانت إلى نجاحها ولم تتجدد أو تواكب التغيرات الثقافية، مما جعلها تفقد نصيبها ومكانتها في السوق. الأمر لا يبدو صعباً على ريتشارد ديكسون، لأنه له سوابق في مجال إنعاش الماركات الخاملة. فهو الذي نفض الغبار عن صورة «باربي» مثلاً بعد أن فقدت أهميتها الثقافية بسبب حملات الـ«مي-تو» وغيرها.

بعد أن نفض الغبار عن «باربي» يشرح ريتشارد ديكسون رئيس «غاب» التنفيذي كيف ينوي إعادة البريق إليها (بي أو إف)

يقول ديكسون: «ليس من الضروري أن نلبي أذواق الجميع لكن ما نحتاجه كأي علامة تجارية أن تكون لنا هوية قوية ووجهة نظر فنية واضحة». الأمر بالنسبة لديكسون لا يزال في أوله. فهو لم يتسلم زمام الأمور سوى من مدة قصيرة، لكن كان واضحاً أن خلق جدل ثقافي وفكري في حملات الشركة لاستقطاب شريحة الشباب من أولوياته.

جلسة عن التأثيرات السياسية على صناعة الأزياء المستدامة ومدى تأثيرها على بلدان العالم الثالث تحديداً (بي أو إف)

ولأن المؤتمر ليس عن صناعة الأزياء والإكسسوارات وحدها، ويشمل أيضاً المشاكل التي تنتج عن هذه الصناعة سواء كانت على البيئة أو العاملين فيها، لم يكن غريباً أن تتطرق النقاشات لمفهوم الاستدامة. الجديد في هذه النقاشات أنها تطرقت إليها أنها من وجهات نظر جريئة وغير تقليدية، منها تسليط الضوء على التأثيرات السياسية، ودورها في تعطيل أي خطوات عملية وجادة في هذا المجال. ذهب البعض من المشاركين إلى القول إن «العامل الاستعماري لا يزال المُحرِك في إدارة هذه الصناعة، ومن ثم عرقلة عملية تطبيق قوانين تنص على الحد من أضرارها بشكل فعلي».

وهذا ما أشارت إليه عائشة بارنبلات، الرئيس التنفيذي لمنظمة ريميك للدفاع عن سلسلة التوريد قائلة إن أغلب القوانين تأتي من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وليس من المنبع. أي من دون أخذ رأي أصحاب الشأن من المصنعين والعمال في الدول الفقيرة التي يتم فيها إنتاج الموضة. فهؤلاء المصنعون المحليون أكثر من يفهم هذه المشاكل، حسب قول سامي أوتانغ من غانا، الذي استدل على رأيه بمشكلة النفايات أو فائض الملابس التي يتم التخلص منها في البلدان الفقيرة مثل غانا، الأمر الذي يُؤدي إلى اختناق المجاري والسواحل.

أنكا مارولا من مجموعة «إل في إم إتش» تتكلم عن الذكاء الاصطناعي وكيف يمكن توظيفه لتسهيل عمليات الإنتاج (بي أو إف)

لحسن الحظ، أنه ليس كل ما تطرق إليه المؤتمر يستدعي القلق، فهناك ما كان يمنح الأمل ويعد بمستقبل أفضل. الذكاء الاصطناعي مثلاً، رغم كل ما يثيره من استياء ومخاوف لدى العاملين في مجالات الإبداع، يمكن توظيفه لتسهيل عمليات الإنتاج من دون أن يتضارب مع الحرفية والأعمال اليدوية حسب قول أنكا مارولا، التي تعمل في «إل في إم إتش» أكبر مجموعة عالمية. تقول إن حقيبة من «فندي» تتطلب قص وربط عشرات الأجزاء لتنفيذها بشكل دقيق، وبالتالي قد تستنفد الكثير من الجهد والوقت من حرفي أولى به أن يُركِز على الجانب الإبداعي والحرفي. تقرير «ماكنزي» السنوي لعام 2024 هو الآخر مُطمئن من ناحية توصله إلى أن وعي المستهلك وسلوكياته الشرائية تجلى بشكل إيجابي في الشطر الثاني من عام 2023 وسيزيد في العام المقبل، إذ يتوقع أن تنخفض مصاريف مشترياته بنسبة 16في المائة في العام المقبل. أما بالنسبة لصناع الموضة، فإن التقرير يُطمئنهم أن انتعاش السفر يصُب في صالحهم، لأن شهية الشراء تكون مفتوحة خلال السفر، وكذلك الرغبة في التعرف على ماركات جديدة.


مقالات ذات صلة

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

لمسات الموضة حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق في عقدها الثامن اختار إريك جدّته «مانيكان» تعرض تصاميمه (حساب المُصمّم على إنستغرام)

إريك ماتيو ريتر وجدّته هدى زيادة... جيلان يلتقيان على أجنحة الموضة

معاً؛ زوّدا عالم الأزياء بلمسة سبّاقة لم يشهدها العالم العربي من قبل. التناغُم بينهما لوّن عالم الموضة في لبنان بنفحة الأصالة والشباب.

فيفيان حداد (بيروت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
الاقتصاد صورة تُظهر واجهة متجر دار الأزياء الإيطالية «فالنتينو» في وسط روما (أ.ف.ب)

للمرة الأولى منذ الركود العظيم... توقعات بانخفاض مبيعات السلع الفاخرة عالمياً

من المتوقع أن تنخفض مبيعات السلع الفاخرة الشخصية عالمياً في عام 2025 لأول مرة منذ الركود العظيم، وفقاً لدراسة استشارية من شركة «بين».

«الشرق الأوسط» (روما)
لمسات الموضة في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

قامت ميلانيا بالخطوة الأولى بدبلوماسية ناعمة بإعلانها أنها امرأة مستقلة ولها آراء خاصة قد تتعارض مع سياسات زوجها مثل رأيها في حق المرأة في الإجهاض وغير ذلك

جميلة حلفيشي (لندن)

الرياض تشهد عناق النجوم ببريق الترتر واللؤلؤ

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
TT

الرياض تشهد عناق النجوم ببريق الترتر واللؤلؤ

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)

بعد عام تقريباً من التحضيرات، حلت ليلة 13 نوفمبر (تشرين الثاني). ليلة وعد إيلي صعب أن تكون استثنائية ووفى بالوعد. كانت ليلة التقى فيها الإبداع بكل وفنونه، وتنافس فيها بريق النجوم من أمثال مونيكا بيلوتشي، وسيلين ديون، وجينفر لوبيز، وهالي بيري ويسرا، وغيرهن مع لمعان الترتر والخرز واللؤلؤ. 300 قطعة مطرزة أو مرصعة بالأحجار، يبدو أن المصمم تعمد اختيارها ليرسل رسالة إلى عالم الموضة أن ما بدأه منذ 45 عاماً وكان صادماً لهم، أصبح مدرسة ومنهجاً يقلدونه لينالوا رضا النساء في الشرق الأوسط.

من عرض إيلي صعب في الرياض (رويترز)

لقاء الموضة بالموسيقى

كان من المتوقع أن تكون ليلة خاصة بالموضة، فهذه أولاً وأخيراً ليلة خاصة بإيلي صعب، لكنها تعدت ذلك بكثير، أبهجت الأرواح وغذَّت الحواس وأشبعت الفضول، حيث تخللتها عروض فنية ووصلات موسيقية راقصة لسيلين ديون، وجينفر لوبيز، ونانسي عجرم، وعمرو دياب وكاميلا كابيلو. غنت لوبيز ورقصت وكأنها شابة في العشرينات، ثم نانسي عجرم وعمرو دياب، واختتمت سيلين ديون الفعالية بثلاث أغنيات من أشهر أغانيها وهي تتفاعل مع الحضور بحماس. لم تقف وعكتها الصحية التي لا تزال آثارها ظاهرة عليها مبرراً لعدم المشاركة في الاحتفال بمصمم تُكنّ له كل الحب والاحترام. فإيلي صعب صديق قبل أن يكون مصمم أزياء تتعامل معه، كما قالت. يؤكد إيلي الأمر في لقاء جانبي، قائلاً: «إنها علاقة عمرها 25 عاماً».

وهذا ما جعل الحفل أشبه بأغنية حب.

هالي بيري وهي تلبس فستان الأوسكار الأيقوني نفسه الذي ارتدته عام 2002 (خاص)

هالي بيري التي ظهرت في أول العرض بالفستان الأيقوني الذي ظهرت به في عام 2002 وهي تتسلم جائزة الأوسكار بوصفها أول ممثلة سمراء، دمعت عيناها قبل العرض، وهي تعترف بأن هذه أول مرة لها في الرياض وأول مرة تقابل فيها المصمم، رغم أنها تتعامل معه منذ عقود. وأضافت أنه لم يكن من الممكن ألا تحضر المناسبة؛ نظراً للعلاقة التي تربطهما ببعض ولو عن بُعد.

يؤكد إيلي عمق هذه العلاقة الإنسانية قائلاً: «علاقتي بهالي بيري لم تبدأ في عام 2002، بل في عام 1994، حين كانت ممثلة صاعدة لا يعرفها المصممون». وأضاف ضاحكاً: «لا أنكر أن ظهورها بذلك الفستان شكَّل نقلة مهمة في مسيرتي. ويمكنني القول إنه كان فستاناً جلب الحظ لنا نحن الاثنين. فيما يخصني، فإن ظهورها به وسَّع قاعدة جمهوري لتشمل الإنسان العادي؛ إذ إنها أدخلتني ثقافة الشارع بعد أن كنت معروفاً بين النخبة أكثر». غني عن القول أن كل النجمات المشاركات من سيلين وجينفر لوبيز إلى نانسي عجرم من زبوناته المخلصات. 80 في المائة من الأزياء التي كانت تظهر بها سيلين ديون مثلاً في حفلات لاس فيغاس من تصميمه.

عرض مطرَّز بالحب والترتر

بدأ عرض الأزياء بدخول هالي بيري وهي تلبس فستان الأوسكار الأيقوني نفسه. لم يتغير تأثيره. لا يزال أنيقاً ومبتكراً وكأنه من الموسم الحالي. تلته مجموعة تقدر بـ300 قطعة، أكثر من 70 في المائة منها جديدة لخريف وشتاء 2025 ونسبة أخرى من الأرشيف، لكنها كلها كانت تلمع تطريزاً وترصيعاً إما بالترتر والخرز أو اللؤلؤ. فالتطريز لغة أتقنها جيداً وباعها للعالم. استهجنها المصممون في البداية، وهو ما كان يمكن أن يُحبط أي مصمم صاعد يحلم بأن يحفر لنفسه مكانة بين الكبار، إلا أنه ظل صامداً ومتحدياً. هذا التحدي كان واضحاً في اختياراته لليلته «1001 موسم من إيلي صعب» أيضاً بالنظر إلى كمية البريق فيها.

ساهمت في تنسيق العرض كارين روتفيلد، رئيسة تحرير مجلة «فوغ» النسخة الفرنسية سابقاً، والمعروفة بنظرتها الفنية الجريئة. كان واضحاً أنها تُقدّر أهمية ما كان مطلوباً منها. فهذه احتفالية يجب أن تعكس نجاحات مسيرة عمرها 45 عاماً لمصمم وضع صناعة الموضة العربية على الخريطة العالمية. اختير لها عنوان «1001 موسم من إيلي صعب» لتستعرض قوة المصمم الإبداعية والسردية. قال إنه استوحى تفاصيلها من عالم ألف ليلة وليلة. لكن حرص أن تكون اندماجاً بين التراث العربي والابتكار العصري. فكل تصميم كانت له قصة أو يسجل لمرحلة كان لها أثر على مسيرته، وبالتالي فإن تقسيم العرض إلى مجموعات متنوعة لم يكن لمجرد إعطاء كل نجمة مساحة للغناء والأداء. كل واحدة منهم عبَّرت عن امرأة تصورها إيلي في مرحلة من المراحل.

جينفر لوبيز أضفت الشباب والحيوية على العرض (خاص)

جينفر لوبيز التي ظهرت بمجموعة من أزيائه وهي ترقص وتقفز وكأنها شابة في العشرينات، كانت تمثل اهتمامه بمنح المرأة حرية الحركة، بينما كانت نانسي عجرم بفستانها الكلاسيكي المرصع بالكامل، تعبّر عن جذور المصمم اللبناني وفهمه لذوق المرأة العربية ككل، ورغبتها في أزياء مبهرة.

أما المغنية كاميلا كابيلو فجسدت شابة في مقتبل العمر ونجح في استقطابها بتقديمه أزياء مطعَّمة ببعض الجرأة تعكس ذوق بنات جيلها من دون أن تخرج عن النص الذي كتبه لوالدتها. كانت سيلين ديون، مسك الختام، وجسَّدت الأيقونة التي تمثل جانبه الإبداعي وتلك الأزياء التي لا تعترف بزمان أو مكان.

حب للرياض

بعد انتهاء العرض، وركض الضيوف إلى الكواليس لتقديم التحية والتبريكات، تتوقع أن يبدو منهكاً، لكنه كان عكس ذلك تماماً. يوزع الابتسامات على الجميع، يكرر لكل من يسأله أن أكثر ما أسعده، إلى جانب ما شعر به من حب الحضور والنجوم له، أنه أثبت للعالم «أن المنطقة العربية قادرة على التميز والإبداع، وأن ما تم تقديمه كان في المستوى الذي نحلم به جميعاً ونستحقه».

وأضاف: «أنا ممتن لهذه الفرصة التي أتاحت لي أن أبرهن للعالم أن منطقتنا خصبة ومعطاءة، وفي الوقت ذاته أن أعبّر عن حبي للرياض. فأنا لم أنس أبداً فضل زبونات السعودية عليّ عندما كنت مصمماً مبتدئاً لا يعرفني أحد. كان إمكانهن التعامل مع أي مصمم عالمي، لكن ثقتهن في كانت دافعاً قوياً لاستمراري».

سيلين ديون أداء مبهر وأناقة متألقة (خاص)

أسأله إن كان يخطر بباله وهو في البدايات، في عام 1982، أن يصبح هو نفسه أيقونة وقدوة، أو يحلم بأنه سيدخل كتب الموضة بوصفه أول مصمم من المنطقة يضع صناعة الموضة العربية على خريطة الموضة العالمية؟ لا يجيب بالكلام، لكن نظرة السعادة التي كانت تزغرد في عيونه كانت أبلغ من أي جواب، وعندما أقول له إنه مصمم محظوظ بالنظر إلى حب الناس له، يضحك ويقول من دون تردد نعم أشعر فعلاً أني محظوظ.