أسبوع الموضة لربيع وصيف 2024... يستهل أيامه الأولى بالرقص والموسيقى

الاشتياق يحفز مصممي لندن على الابتكار في الأزياء وأساليب التقديم

ورود وورود في عرض ريتشارد كوين (أ.ف.ب)
ورود وورود في عرض ريتشارد كوين (أ.ف.ب)
TT

أسبوع الموضة لربيع وصيف 2024... يستهل أيامه الأولى بالرقص والموسيقى

ورود وورود في عرض ريتشارد كوين (أ.ف.ب)
ورود وورود في عرض ريتشارد كوين (أ.ف.ب)

حتى قبل أن ينتهي أسبوع نيويورك لربيع وصيف 2024، شهدت لندن حركة غير مسبوقة من الفعاليات والاحتفالات تأهباً لانطلاق أسبوعها يوم الجمعة الماضي. لا يختلف اثنان أن أسبوع نيويورك مرّ هادئاً. راهن على موضة تتوخى أناقة خالية من أي بهارات مثيرة فجاء عادياً. في المقابل راهنت لندن مرة أخرى على طاقات شبابها وروحهم الجامحة للابتكار لجذب الانتباه من جهة، وخلق ديناميكية هي في أمسّ الحاجة إليها من جهة ثانية، وحققت الهدف إلى الآن؛ إذ من المقرر أن يشارك نحو 80 مصمماً في الأسبوع من خلال نحو 50 عرض أزياء ومجموعة من العروض الجانبية.

منذ اليوم الأول تلمس إصرار المصممين على التحدي بالرغم من التذبذبات التي يمر بها الاقتصاد البريطاني والأزمات الناتجة عن الخروج من الاتحاد الأوروبي وتبعات الجائحة، والتضخم الذي لا يزال معدله الأعلى في دول «مجموعة السبع» (6.8 خلال يوليو/ تموز).

من عرض جي دبليو أندرسون (أ.ف.ب)

تشكيلاتهم جاءت تختزن في فوضاها وفنونها المجنونة، قوتهم الإبداعية وتوقهم لفرض أنفسهم في سوق عالمية تشهد تقلبات كثيرة. والمقصود هنا التغيرات التي تشهدها المجموعات الضخمة مثل «كيرينغ» التي لم تتوقف على البحث عن مصممين جُدد يحقنون بيوتاً عريقة مثل «بوتيغا فينيتا» و«غوتشي» وغيرهما بدماء جديدة، وكان آخرها خروج سارة بيرتون مصممة دار «ألكسندر ماكوين» بعد أكثر من عقد من التألق والنجاحات. وهنا لا يمكننا تجاهل أن التاريخ المعاصر يشهد على أن نصيب البريطانيين كبير في السوق العالمية، الأمر الذي يمنح الأمل للعديد من الشباب.

ورود وورود في عرض ريتشارد كوين (أ.ف.ب)

ما يُحسب للأسبوع اللندني أيضاً، أنه من كثرة ما تعرض له على مدى عقوده الثلاثة من أزمات وتقلبات، بات يعرف كيف يتعايش مع المفاجآت، سواء الإيجابية أو السلبية. يتعثر في موسم، ثم يقوم سريعاً في الموسم التالي وهو أكثر إصراراً وقوة. ومع ذلك لا بد من التذكير بأن السنوات الثلاث الأخيرة كانت الأكثر صعوبة؛ ففي 2020 مثلاً تعرض مثل غيره من أسابيع الموضة العالمية لنكسة كبيرة بسبب جائحة «كوفيد» زاد من حدتها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بكل ما ترتب على ذلك من مشكلات التأشيرات للعاملين في مجال الموضة من الأجانب، ولوجيستيات الشحن والاستيراد والتصدير وغيرها، ثم حلّ عام 2022 وبدأ العالم يتنفس من دون كمامات. هنا أيضاً لم تكتمل الفرحة؛ فقد غيّب الموت الملكة إليزابيث الثانية، الأمر الذي استلزم حداداً شاملاً في كل البلاد، أدى إلى إلغاء أغلب العروض، أو على الأقل تقديمها من دون بهارات أو احتفاليات. هذا الغياب الطويل هو ما أثار الاشتياق وحفَز مصممي لندن على تبني كل أشكال الابتكار هذا الأسبوع، ومنح أسبوع لندن نكهته المثيرة، إضافة إلى عوامل أخرى خارجية ساعدت على تعزيز الديناميكية والحيوية التي سادت أجواءه.

أنا وينتور والمخرج باز لورمان وإدوارد إيننفول رئيس «فوغ» النسخة البريطانية في حفل «فوغ وورلد» (رويترز)

فمنذ بداية الأسبوع الماضي والعاصمة البريطانية محط أنظار المبدعين من كل أنحاء العالم. الفضل يعود إلى كل من دار «شانيل» الفرنسية، وأنا وينتور عرابة الموضة المشرفة على كل مجلات «فوغ». الأولى أقامت حفلاً ضخماً احتفالاً بافتتاح معرض في متحف فيكتوريا وألبرت بعنوان «فاشن مانيفستو» يتناول مسيرة كوكو شانيل المهنية على مدى 60 عاماً، مُسلطاً الضوء على أهم المحطات في حياتها وما أحدثته من ثورة في عالم الموضة. والثانية أقامت حفلاً بعنوان «فوغ وورلد» مساء الخميس الماضي في مسرح «دروري لاين» هدفه دعم الفن والفنانين. وهي فعالية يطمح الكثيرون إلى أن تكون البذرة لمبادرة تشبه حفل متحف الميتروبوليتان بنيويورك في المستقبل.

الأميرة بياتريس وزوجها إدواردو مابيلي موزي في حفل «فوغ وورلد» (رويترز)

المهم أن الحفلين استقطبا نجوماً وشخصيات عالمية، نذكر منها الممثل هيو غرانت وزوجته آنا إيبرشتاين في سابقة غير معهودة لندرة ظهورهما معاً، والأميرة البريطانية بياتريس وستورمزي وآني لينوكس والعارضات السوبر ليندا إيفانجليستا وسيندي كروفورد وناعومي كامبل وكايت موس.

مصممو لندن بدورهم اتفق العديد منهم على أن العروض لم تعد مجرد وسيلة لتقديم الأزياء في أجمل حلة بهدف بيعها، وبالتالي لا يجب أن تمر مرور الكرام من دون فرقعات أو ترفيه فكري وفني. مثلاً اعتمد كل من المصمم الأميركي الأصل هاريس ريد، والبريطاني باتريك ماكدويل، على الموسيقى والرقص لإبراز إبداعاتهما. ريد قدم تشكيلته قبل انطلاق الأسبوع بأيام من خلال جلسة تصويرية بطلاتها عارضات مثل آشلي غراهام وغيرها، كانت فيها فساتين باللونين الأبيض والأسود تتراقص على أنغام موسيقى كوسيما. شرح المصمم أنه حرص فيها على أن تُؤدي كل عارضة حركات بمساعدة مصمم الرقص سايمون دونيلون، من دون أن يفرض عليهن رؤيته. كان المطلوب من كل واحدة منهن أن تُفكر في شخصية تُمثلها وتُعبر عنها بشكل شخصي وهي تتحرك خلال التصوير. من جانبه، تعاون ماكدويل مع بينوا سوان بوفير، المدير الفني لشركة الرقص «رامبيرت». طلب منه تصميم حركات الراقصين والعارضات على حد سواء، لكنه لم يُعقد الأمور على العارضات؛ إذ اقتصر دورهن على السير بطريقة مبتكرة، في حين كان الرقص الأدائي من واجب الراقصين والراقصات المحترفين. ووضح باتريك أن سبب اعتماده على بينوا سوان بوفير ليس فقط خلق صورة ترفيهية، بل لأنه استوحى المجموعة من رقصة باليه لفريدريك أشتون تعود إلى عام 1926 بعنوان «مأساة الموضة»، ثم أضاف أن دور عروض الأزياء تغير بشكل كبير؛ «فهي لم تعد مجرد وسيلة بيع مباشرة. هي الآن تتعدى ذلك وتتطلب خلق نوع من الاستعراض الفني».

من عرض ريتشارد كوين (أ.ف.ب)

من بين هذه العروض الصاخبة بالأفكار الجامحة، كانت هناك عروض توخت الكلاسيكية المعاصرة مثل ما قدمه المصمم الآيرلندي المخضرم بول كوستيلو. فهذا الأخير افتتح الأسبوع صباح الجمعة الماضي كعادته منذ سنوات، لتكون المفاجأة يوم الثلاثاء، بعروض سعودية. فلأول مرة تشارك أسماء سعودية في البرنامج الرسمي من خلال «أتولييه حكايات» و«آرام» للمصممة أروى العماري.


مقالات ذات صلة

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

لمسات الموضة حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق في عقدها الثامن اختار إريك جدّته «مانيكان» تعرض تصاميمه (حساب المُصمّم على إنستغرام)

إريك ماتيو ريتر وجدّته هدى زيادة... جيلان يلتقيان على أجنحة الموضة

معاً؛ زوّدا عالم الأزياء بلمسة سبّاقة لم يشهدها العالم العربي من قبل. التناغُم بينهما لوّن عالم الموضة في لبنان بنفحة الأصالة والشباب.

فيفيان حداد (بيروت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
الاقتصاد صورة تُظهر واجهة متجر دار الأزياء الإيطالية «فالنتينو» في وسط روما (أ.ف.ب)

للمرة الأولى منذ الركود العظيم... توقعات بانخفاض مبيعات السلع الفاخرة عالمياً

من المتوقع أن تنخفض مبيعات السلع الفاخرة الشخصية عالمياً في عام 2025 لأول مرة منذ الركود العظيم، وفقاً لدراسة استشارية من شركة «بين».

«الشرق الأوسط» (روما)
لمسات الموضة في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

قامت ميلانيا بالخطوة الأولى بدبلوماسية ناعمة بإعلانها أنها امرأة مستقلة ولها آراء خاصة قد تتعارض مع سياسات زوجها مثل رأيها في حق المرأة في الإجهاض وغير ذلك

جميلة حلفيشي (لندن)

4 فنانات يحتفلن بميلاد حقيبة «أوريغامي»

سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
TT

4 فنانات يحتفلن بميلاد حقيبة «أوريغامي»

سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)

عشر سنوات فقط مرت على إطلاق علامة «بيوريفيكايشن غارسيا» حقيبتها الأيقونية «أوريغامي». بتصميمها الهندسي وشكلها ثلاثي الأبعاد لفتت الأنظار منذ أول ظهور لها. واحتفالاً بمكانتها وسنواتها العشر، تعاونت العلامة الإسبانية مؤخرا، مع أربع مُبدعات في الفنون البلاستيكية لترجمتها حسب رؤيتهن الفنية وأسلوبهن، لكن بلغة تعكس قِيم الدار الجوهرية. هذه القيم تتلخص في الألوان اللافتة والخطوط البسيطة التي لا تفتقر إلى الابتكار، أو تبتعد عن فن قديم لا يزال يُلهم المصممين في شتى المجالات، قائم على طيّ الورق من دون استخدام المقص أو الغراء، ألا وهو «الأوريغامي». فن ياباني تكون فيه البداية دائماً قاعدة مربّعة أو مكعّبة.

المكعّب يُشكّل نقطة البداية في تصميم الحقيبة إلى جانب جلد النابا الناعم والمرن (بيوريفكايشن غارسيا)

ولأن يوم 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، صادف اليوم العالمي لفن «الأوريغامي»، فإنه كان فرصة ذهبية لتسليط الضوء على حقيبة وُلدت من رحم هذا الفن ولا تزال تتنفس منه تفاصيلها.

فالمكعّب يُشكّل نقطة البداية في تصميمها؛ إذ تبدأ العملية باختيار جلد النابا تحديداً لنعومته، وبالتالي سهولة طيّه ومرونته في الحفاظ على شكله. بعد تمديد الجلد، يتم تحديد النمط وإضافة دعامات مثلثة للحفاظ على هيكله، لتُضاف بعد ذلك المُسنّنات يدوياً لخلق حركة انسيابية على الجلد.

للاحتفال بميلاد الحقيبة العاشر وفن «الأوريغامي» في الوقت ذاته، منحت «Purificacion Garcia» أربع مُبدعات، وهن: ألبا غالوتشا وكلارا سيبريان وصوفي أغويو وسارة أوريارتي، حرية ترجمتها حسب رؤية كل واحدة منهن، مع الحفاظ على أساسياتها.

ألبا غالوتشا، وهي ممثلة وعارضة أزياء وفنانة، تعتمد على الأنسجة والخزف كوسيلة للتعبير عن نفسها، وتستقي إلهامها من الحياة اليومية، والاحتفال بتضاريس الجسد. استوحَت الحقيبة التي ابتكرتها من عشقها للأنماط والهياكل والبناء. تقول: «حرصت على الجمع بين ما يُعجبني في شكل هذه الحقيبة وما يستهويني في جسم الإنسان، لأبتكر تصميماً فريداً يعكس هذَين المفهومَين بشكلٍ أنا راضية عنه تماماً».

حرصت ألبا على الجمع بين تضاريس الجسد وأنماط وهياكل البناء (بيوريفكايشن غارسيا)

أما كلارا سيبريان، فرسّامة تحبّ العمل على مواضيع مستوحاة من جوانب الحياة اليومية ويمكن للجميع فهمها والتماسها. تقول عن تجربتها: «أنا وفيّة لأكسسواراتي، فأنا أحمل الحقيبة نفسها منذ 5 سنوات. وعندما طُلب مني ابتكار نسختي الخاصة من هذه الحقيبة، تبادرت فكرة إلى ذهني على الفور، وهي إضفاء لمستي الشخصية على حقيبة (Origami) لتحاكي الحقيبة التي أحملها عادةً بتصميمٍ بسيطٍ تتخلّله نقشة مزيّنة بمربّعات».

من جهتها، تستمد سارة أوريارتي، وهي فنانة متخصصة في تنسيق الأزهار والمديرة الإبداعية في «Cordero Atelier»، إلهامها من الطبيعة، ولهذا كان من الطبيعي أن تُجسّد في نسختها من حقيبة «أوريغامي»، السلام والهدوء والجمال. تشرح: «لقد ركّزت على تقنية (الأوريغامي) التي أقدّرها وأحترمها. فكل طيّة لها هدف ودور، وهو ما يعكس أسلوبي في العمل؛ إذ كل خطوة لها أهميتها لتحقيق النتيجة المرجوة. لذلك، يُعتبر الانضباط والصبر ركيزتَين أساسيتَين في هذَين العملَين. وأنا أسعى إلى إيجاد التوازن المثالي بين الجانب التقني والجانب الإبداعي، وهذا ما يلهمني لمواصلة استكشاف الجمال الكامن في البساطة».

كلارا رسّامة... لهذا عبّرت نسختها عن رؤيتها الفنية البسيطة التي أضافت إليها نقشة مزيّنة بمربّعات (بيوريفكايشن غارسيا)

وأخيراً وليس آخراً، كانت نسخة صوفي أغويو، وهي مستكشفة أشكال ومؤسِّسة «Clandestine Ceramique»، التي تشيد فيها كما تقول بـ«تصميم يتداخل فيه العملي بجمال الطبيعة، وبالتالي حرصت على أن تعكس التناغم بين جوهر دار (بيوريفكايشن غارسيا) القائمة على الأشكال الهندسية وأسلوبي الخاص الذي أعتمد فيه على المكوّنات العضوية. بالنتيجة، جاءت الحقيبة بحلّة جديدة وكأنّها تمثال منحوت بأعلى درجات الدقة والعناية».