أوغان وعلامة استفهام... لقب «صانع الرؤساء»

لا ضمانات إزاء اتجاه أصوات أوغان

سنان أوغان (إ.ب.أ)
سنان أوغان (إ.ب.أ)
TT

أوغان وعلامة استفهام... لقب «صانع الرؤساء»

سنان أوغان (إ.ب.أ)
سنان أوغان (إ.ب.أ)

> مع ظهور قوة التيار القومي في انتخابات 14 مايو، اتجهت الأنظار إلى المرشح الثالث في الانتخابات الرئاسية، سنان أوغان، على اعتبار أنه سيكون مفتاح ترجيح أيٍّ من المرشحين المتنافسين في جولة الإعادة، التي حسم خياره قبل أيام من إجرائها بإعلان تأييده لإردوغان.

وبدأت التساؤلات عن مصير الأصوات التي فاقت مليونين و800 ألف التي حصل عليها في الجولة الأولى الأكاديمي أوغان، البالغ من العمر 55 سنة، والذي ينحدر من أصول أذربيجانية، وهو معادٍ بشدة للمهاجرين واللاجئين السوريين بالذات، وكان قد تعهد بترحيلهم بالقوة إذا لزم الأمر.

خاض أوغان، يحمل دكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة موسكو الحكومية في روسيا، ويجيد اللغتين الإنجليزية والروسية، الانتخابات الرئاسية مرشحاً لتحالف «أتا» (الأجداد) المؤلف من 4 أحزاب يمينية قومية، أبرزها حزب «النصر» برئاسة أوميت أوزداغ الأكاديمي اليميني المتعصّب ضد المهاجرين واللاجئين السوريين.

بدأ أوغان مسيرته السياسية عام 2011 حين تمكن من حجز مقعد له في البرلمان عن مسقط رأسه، ولاية إغدير، بأقصى شرق تركيا على الحدود مع أذربيجان، ضمن حزب «الحركة القومية» اليميني الذي يشكَّل حالياً جزءاً من تحالف «الشعب» بقيادة حزب «العدالة والتنمية» الحاكم. ويومها لم يركّز في برنامجه الانتخابي إلا على قضية الهجرة واللجوء.

ولكن في عام 2015، وقعت خلافات شديدة بينه وبين دولت بهشلي، رئيس «الحركة القومية»، بسبب دعم الأخير لإردوغان في التحول إلى النظام الرئاسي، فاستُبعد من قوائم الحزب للانتخابات البرلمانية. وتصاعد الخلاف الذي انتهى بطرده من الحزب بموجب قرار حزبي داخلي.

مع هذا، كسب أوغان دعوى قضائية ضد قرار طرده من الحزب، وعاد إلى صفوفه... قبل طرده مجدداً مع آخرين عام 2017 وإعلانه انتهاء علاقته بالحزب.

وبعد الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة والانتقال إلى الإعادة، قال أوغان: «لن يكون أي من حزبي (الشعوب الديمقراطية)، مؤيداً لكليتشدار أوغلو أو (هدى بار) المؤيد لإردوغان، مفتاح في هذه الانتخابات»، مضيفاً: «سأفعل كل ما يلزم كي لا تدخل البلاد في اضطراب... سأتصرف بوصفي رجل دولة مسؤولاً».

وبالفعل، قبل الانتخابات الأخيرة بعدما عُرف حزب «الشعوب الديمقراطية» بأنه «صانع الرؤساء»، منحت الجولة غير الحاسمة للانتخابات الرئاسية اللقب لأوغان، الوجه الجديد... الذي جاء من بعيد ليعقّد الحسابات.

اختلف أوغان مع إردوغان في ملف اللاجئين، فموقف «العدالة والتنمية» كان مع العمل على إعادة اللاجئين السوريين طوعاً إلى بلادهم بعد توافر الظروف الملائمة، ولذا كان سعيه للقائه وإعلان تأييده له في جولة الإعادة مثار تساؤلات، وتردد أن الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف تدخّل لاتخاذه هذا القرار.

لكنّ قرار أوغان قوبل باستهجان كبير من جانب قيادات التيار القومي الذين دعموه في الحصول على تواقيع 100 ألف مواطن مكّنته من خوض الانتخابات، ورأوا أن القرار «انتحار سياسي»، وأن أطماع أوغان في الحصول على منصب من إردوغان أو تولي رئاسة حزب «الحركة القومية» -الذي طُرد منه سابقاً خلفاً لرئيسه الحالي العجوز دولت بهشلي- ستُنهي مشواره السياسي، وقد لا ينجح مستقبلاً حتى أن يكون نائباً بالبرلمان.

> يرى مراد كاران، مدير الأبحاث في مركز «آريا» التركي لاستطلاعات الرأي، كتلة ناخبي سنان أوغان «شريحة قومية وكمالية، معظمها دون الـ40 سنة، تعيش في المدن وتستخدم وسائل التواصل الاجتماعي أكثر... وأفرادها صوّتوا لأوغان لأنهم لم يُعجبوا بأي من المرشحين الرئيسيين. لكن أبرز السمات المميزة لهؤلاء الناخبين هو الشعور المناهض لإردوغان». ويضيف: «هذا هو الشعور السائد، ولقد أثار إحجام أوغان عن إخطار حتى زملائه المقربين منه، في أثناء إعلانه دعمه لتحالف (الشعب)، رد فعل كبيراً». وهو يتوقع أن يصل معدل التصويت لكليتشدار أوغلو الذي كان نحو 45 في المائة، إلى 48 في المائة في جولة الإعادة. وسيكون الفارق في الأصوات بين المرشحين في هذه الجولة ضئيلاً.

أما المحلل السياسي والكاتب، ياووز سليم دميراغ، فيرى أن من بين النسب التي حصل عليها أوغان، هناك 2.4 في المائة من الأصوات تعود إلى أوميت أوزداغ، رئيس حزب «النصر». وهناك كتلة لا ترضى عن وجود حزب «الحركة القومية» بسبب انضمامه إلى تحالف «الشعب» مع حزب «العدالة والتنمية»، و1 في المائة من ناخبي حزب «الجيد» برئاسة ميرال أكشينار، لرفضهم انضمام الحزب إلى تحالف «الأمة» المعارض بقيادة «الشعب الجمهوري». وهكذا، يتبقى من كتلة أصوات أوغان في الجولة الأولى نحو 0.5 في المائة قد لا يستطيع أوغان إقناعهم بالتصويت لإردوغان.


مقالات ذات صلة

موسكو تترقّب إدارة ترمب... وتركيزها على سوريا والعلاقة مع إيران

حصاد الأسبوع لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)

موسكو تترقّب إدارة ترمب... وتركيزها على سوريا والعلاقة مع إيران

لم تُخفِ موسكو ارتياحها للهزيمة القاسية التي مُنيت بها الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة. إذ في عهد الرئيس جو بايدن تدهورت العلاقات بين البلدين إلى أسوأ

رائد جبر (موسكو)
حصاد الأسبوع يأتي انتخاب «عرّو» في وقت حرج لإقليم أرض الصومال لا سيما مع تحديات استمرار رفض مقديشو توقيع الإقليم مذكرة تفاهم مع إثيوبيا

عبد الرحمن محمد عبد الله «عرّو»... دبلوماسي يقود «أرض الصومال» في «توقيت مصيري»

حياة مغلفة بـ«هم الاستقلال»، سواءً عن المستعمر القديم في السنوات الأولى، أو تشكيل «الدولة المستقلة» طوال فترتَي الشباب والشيخوخة، لم تثنِ عبد الرحمن محمد عبد

محمد الريس (القاهرة)
حصاد الأسبوع لقطة جوية لمدينة هرجيسا (من منصة أكس)

«أرض الصومال»... إقليم «استراتيجي» يبحث عن هدف صعب

بين ليلة وضحاها، غزا إقليم «أرض الصومال» - «الصومال البريطاني» سابقاً - عناوين الأخبار، ودقّ ذاكرة المتابعين، إثر إعلان توقيعه مذكرة تفاهم تمنح إثيوبيا منفذاً

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
حصاد الأسبوع الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

عقدت أخيراً في الرياض الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية الصينية، وترأس الجانب السعودي نائب وزير الخارجية وليد

وارف قميحة (بيروت)
حصاد الأسبوع صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)

ألمانيا تتأهّب لانتخابات تعِد اليمين باستعادة الحكم

عوضاً عن بدء ألمانيا استعداداتها للتعامل مع ولاية جديدة للرئيس الأميركي «العائد» دونالد ترمب والتحديات التي ستفرضها عليها إدارته الثانية، فإنها دخلت أخيراً في

راغدة بهنام (برلين)

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
TT

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)

عقدت أخيراً في الرياض الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية الصينية، وترأس الجانب السعودي نائب وزير الخارجية وليد الخريجي، وترأس الجانب الصيني نظيره نائب الوزير دنغ لي. وبحث الجانبان تطوير العلاقات الثنائية، مع مناقشة المستجدات التي تهم الرياض وبكين. يذكر أن العلاقات السعودية الصينية شهدت تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، إذ تعززت الشراكة بين البلدين على مختلف الأصعدة الاقتصادية والسياسية والثقافية. وتعود العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية إلى عام 1990، عندما افتتحت سفارتا البلدين رسمياً في العاصمتين بكين والرياض. مع أن علاقات التعاون والتبادل التجاري بين البلدين بدأت قبل عقود. وعام 1979، وقّع أول اتفاق تجاري بينهما، واضعاً الأساس لعلاقات قوية مستمرة حتى يومنا هذا.

 

تُعدّ الصين اليوم الشريك التجاري الأكبر للمملكة العربية السعودية، وانعكست العلاقات المتنامية بين البلدين بشكل كبير على التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما؛ إذ أسهمت في وصول حجم التبادل التجاري إلى أكثر من 100 مليار دولار أميركي في عام 2023. تستورد الصين النفط الخام من السعودية بشكل رئيسي، وتعدّ المملكة أكبر مورد للنفط إلى الصين، إذ تصدر ما يقرب من 1.7 مليون برميل يومياً. ولقد تجاوزت الاستثمارات الصينية في المملكة حاجز الـ55 مليار دولار. وبحسب تقرير لـ«edgemiddleeast»، ضخّت الصين 16.8 مليار دولار في المملكة في 2023 مقابل 1.5 مليار دولار ضختها خلال عام 2022، استناداً إلى بيانات بنك الإمارات دبي الوطني، وهي تغطي مشاريع في البنية التحتية والطاقة والصناعات البتروكيماوية. وفي المقابل، استثمرت المملكة في عدد من المشاريع داخل الصين، منها الاستثمارات في قطاعات التكنولوجيا والنقل. واستضافت الرياض أيضاً في شهر يونيو (حزيران) من هذا العام «مؤتمر الأعمال العربي الصيني» الذي استقطب أكثر من 3600 مشارك. وبعد أسبوعين فقط، أرسلت السعودية وفداً كبيراً بقيادة وزير الاقتصاد السعودي إلى مؤتمر «دافوس الصيفي» في الصين. وبالإضافة إلى هذا الزخم الحاصل، دعت الصين المملكة العربية السعودية كضيف شرف إلى «معرض لانتشو الصيني للاستثمار والتجارة» الذي أقيم من 7 إلى 10 يوليو (تموز) من هذا العام. وكانت وزارة الاستثمار السعودية حثّت الشركات على المشاركة بفاعلية في المعرض، والجناح السعودي المعنون «استثمر في السعودية». كذلك وقّعت السعودية والصين اتفاقيات متعددة لتعزيز التعاون في قطاع الطاقة، بما في ذلك مشاريع الطاقة المتجددة. وتسعى المملكة لتحقيق «رؤية 2030» التي تهدف إلى تقليص الاعتماد على النفط وتعزيز استخدام الطاقة المتجددة، في حين تسعى الصين إلى تأمين إمدادات الطاقة اللازمة لتنميتها الاقتصادية. وبالفعل، جرى أخيراً توقيع اتفاقية بين شركة «تي سي إل تشونغ هوان» لتكنولوجيا الطاقة المتجددة الصينية، وشركة توطين للطاقة المتجددة، وشركة «رؤية للصناعة» السعوديتين، لتأسيس شركة باستثمار مشترك، من شأنها دفع توطين إنتاج الرقائق الكهروضوئية في المملكة العربية السعودية. ووفقاً للاتفاقية، يبلغ إجمالي حجم الاستثمار في المشروع المشترك نحو 2.08 مليار دولار. التعاون السياسي والدبلوماسي تتعاون المملكة والصين على مستوى عالٍ في القضايا الدولية والإقليمية. وتستند العلاقات السياسية بين البلدين إلى احترام السيادة الوطنية والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية. كذلك تتبادل الدولتان الدعم في المحافل الدولية، مثل الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، ولقد لعبت الصين دوراً محوَرياً في الوساطة بين السعودية وإيران، ما أدى إلى تحقيق نوع من التوافق بين البلدين، أسهم في توطيد الاستقرار، وقلّل من حدة التوترات، وعزّز من الأمن الإقليمي. الزيارات الرسمية والقمم المعروف أنه في مارس (آذار) 2017، قام الملك سلمان بن عبد العزيز بزيارة رسمية للصين حيث التقى الرئيس الصيني شي جينبينغ. وخلال الزيارة، وُقّعت 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم، تضمنت التعاون في مجالات الطاقة والاستثمارات والعلوم والتكنولوجيا. وفي وقت سابق، كان خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز قد زار الصين رسمياً عام 2006، كانت تلك الزيارة بمثابة نقطة تحوّل في تعزيز العلاقات الثنائية، وشملت مباحثات مع القيادة الصينية وشهدت توقيع اتفاقيات عدة في مجالات الطاقة والتجارة والاستثمار. كما زار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الصين في فبراير (شباط) 2019 كجزء من جولته الآسيوية. خلال هذه الزيارة، وقّعت 35 اتفاقية تعاون بين البلدين بقيمة تجاوزت 28 مليار دولار، وشملت مجالات النفط والطاقة المتجددة والبتروكيماويات والنقل. بعدها، في ديسمبر (كانون الأول) 2022، قام الرئيس الصيني شي جينبينغ بزيارة تاريخية إلى الرياض، حيث شارك في «قمة الرياض»، التي جمعت قادة دول مجلس التعاون الخليجي والصين. وتركّزت هذه القمة على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والأمنية بين الجانبين، وخلالها وقّع العديد من الاتفاقيات في مجالات الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا. من الزيارات البارزة الأخرى، زيارة وزير الخارجية الصيني إلى السعودية في مارس (آذار) 2021، حيث نوقش التعاون في مكافحة جائحة «كوفيد 19» وتعزيز العلاقات الاقتصادية،