الكهرباء... دواء للآلام المزمنة

علاجات مفيدة في حالات التهاب المفاصل والاعتلال العصبي

الكهرباء... دواء للآلام المزمنة
TT

الكهرباء... دواء للآلام المزمنة

الكهرباء... دواء للآلام المزمنة

ربما تكون مستعداً لتجربة أي شيء لتخفيف الألم المزمن، حتى بالتعرض لصدمات كهربائية صغيرة.

بدأ هذا المفهوم في الظهور قبل أن يُجري بن فرانكلين تجاربه الشهيرة على الكهربائية باستخدام طائرة ورقية ومفتاح. إذ على سبيل المثال، استخدم الإغريق القدماء الإطلاقات (التفريغات) الكهربائية الطبيعية من سمك الطوربيد torpedo fish (سمك الرّعاد) لتخفيف الصداع والنقرس. وفي النهاية، عندما اكتشف العلماء ما هي الكهرباء وكيفية استخدامها بأمان، طبّقوها على الطب.

علاجات كهربائية

واليوم، هناك كثير من أنواع العلاجات «الكهربائية» المتاحة لعلاج الألم. تحظى ثلاثة منها باهتمامنا.

• العلاج بالتحفيز الكهربائي للأعصاب عبر الجلد. في هذا النوع من العلاج transcutaneous electrical nerve stimulation (TENS)، يُرسل جهاز نبضات من الكهرباء غير المؤلمة منخفضة الشدة إلى الأقطاب الكهربائية الموضوعة على الجلد. تبقى شدة التيار ومعدل النبضات (العدد في الثانية) متسقة (ثابتة) طوال جلسة مدتها 20 دقيقة.

كيف يعمل التحفيز الكهربائي للأعصاب عبر الجلد على تخفيف الألم؟ يقوم التحفيز الكهربائي بإغلاق «البوابة» التي تسمح لإشارات الألم بالوصول إلى الدماغ.

إنه تماماً مثل شعورك بوخزة خفيفة عندما كنت طفلاً. من الممكن أن والدتك قد طلبت منك فركها لتجعلك تشعر بتحسن. وكان ذلك كافياً لإغلاق البوابة، كما أوضح د.فيتالي نابادو، مدير مركز «سكوت شوين»، ونانسي آدامز، للاكتشاف والتعافي من الألم المزمن في مستشفى «سبولدينغ» لإعادة التأهيل التابع لجامعة «هارفارد».

يمكنك الذهاب إلى أحد الأطباء الممارسين (مثل إخصائي العلاج الطبيعي) للحصول على علاج بالتحفيز الكهربائي للأعصاب عبر الجلد، أو شراء وحدة التحفيز الكهربائي للأعصاب عبر الجلد في المنزل (بتكلفة نحو 25 دولاراً فما فوق)، في بعض الأحيان يغطي برنامج «ميدي - كير» للتأمين الطبي الأميركي تلك التكاليف.

اعتراض وتشويش الإشارات العصبية

• الوخز بالإبر الكهربية Electroacupuncture: مثل العلاج بالتحفيز الكهربائي للأعصاب عبر الجلد (TENS)، يعترض الوخز بالإبر الكهربائية إشارات الألم عن طريق تقديم تردد ثابت من الهزات بقوة معينة. بدلاً من أن يتم توصيله عبر لاصقات القطب الكهربائي على الجلد، يتم توصيله بالوخز بالإبر -إبر رفيعة للغاية تدخل في أماكن محددة في الجسم. ثم تُثبت الأقطاب الكهربائية على الإبر ثم تُشحن بالكهرباء.

يقول د.نابادو: «تسمح الإبر للتيار الكهربائي باختراق الأعماق تحت الجلد وصولاً إلى العضلات والأوتار والأعصاب العميقة». وأضاف أن هذا العلاج له فائدة إضافية تتمثل في الوخز بالإبر الذي يُعتقد بتأثيره على قنوات الطاقة كما في الطب الصيني التقليدي. وقد وجد الطب الحديث أن الوخز بالإبر يمكن أن يضبط جزيئات الإشارات في الجهاز العصبي.

لا يتوفر الوخز بالإبر الكهربائية إلا لدى الطبيب الممارس أو في عيادة خاصة. تُكلف الجلسات نحو 100 دولار في الساعة، والتي غالباً ما تغطَّى جزئياً من برنامج «ميدي - كير» أو التأمين الخاص.

• العلاج بالتشويش Scrambler therapy: يعد العلاج بالتشويش أحدث علاج يعمل بإرسال التيارات الكهربائية منخفضة الشدة إلى الأقطاب الكهربائية الموضوعة على الجلد. ولكن تردد النبضات ليس ثابتاً، فهو يتغير باستمرار، بهدف تشويش إشارات الألم -وليس تثبيطها– باستبدال رسائل وإشارات غير مسببة للألم بها. وهكذا يُنظر إلى المعلومات المستلمة على أنها إحساس لطيف، أو وخز، أو حكة.

يوجد العلاج بالتشويش في المستشفيات أو العيادات، ولكنه غير متوفر على نطاق واسع. أغلب شركات التأمين لا تغطي التكاليف، والتي يمكن أن تبلغ مئات الدولارات للجلسة الواحدة.

فاعلية العلاجات

هل هذه العلاجات فعالة؟ يناقش الخبراء ما إذا كانت المعالجة بالكهرباء يمكنها القضاء على الألم المزمن. ويعد العلاج بالتحفيز الكهربائي للأعصاب عبر الجلد، والوخز بالإبر الكهربائية أمرين راسخين، وبعض الناس يشددون على فاعليتهما في الإراحة من الألم. لكنها علاجات قد لا تنجح مع الجميع، وقد أسفرت الأبحاث عن نتائج متباينة.

يقول د.نابادو: «لقد فقد العلاج بالتحفيز الكهربائي للأعصاب عبر الجلد بعض التأييد لأنه يُعتقد أن تأثيره ليس طويل الأمد. لكني أعتقد أن الكثير من ذلك يتعلق بالمتغيرات المستخدَمة في التحفيز. عند الترددات المنخفضة، قد تتمكن من الحصول على نتائج أطول أمداً. وقد أظهر بعض الأدلة أن الوخز بالإبر الكهربائية يمكن أن يستمر لعدة أشهر بعد العلاج. ولكن لا يمكنك فعل ذلك بمفردك في المنزل، كما هو الحال مع التحفيز الكهربائي للأعصاب عبر الجلد».

ماذا عن العلاج بالتشويش؟ وجدت مراجعة للدراسات الأولية الصغيرة نُشرت في 13 يوليو (تموز) 2023 في مجلة «نيو إنغلاند» الطبية أن العلاج بالتشويش قلَّل من الألم المزمن لدى 80 في المائة إلى 90 في المائة من المشاركين في الدراسة، وأنه قد تكون له آثار طويلة الأمد (أشهر أو سنوات)، وأنه قد يكون أكثر فاعلية من علاج التحفيز الكهربائي للأعصاب عبر الجلد. لكننا سوف نحتاج إلى مزيد من الأبحاث لتأكيد النتائج.

ما العلاج المناسب؟

هل هو مناسب لك؟ ابتعد عن المعالجة بالكهرباء إذا كان لديك أي نوع من أجهزة التحفيز المزروعة، مثل جهاز تنظيم ضربات القلب أو جهاز تحفيز المثانة.

المرشحون الجيدون للعلاج بالكهرباء هم الأشخاص الذين يعانون ألماً مزمناً، مثل التهاب المفاصل، أو الاعتلال العصبي (الوخز المزمن أو ألم الأطراف)، أو آلام الرقبة أو الظهر، أو الألم الناجم عن علاج السرطان. تشمل الآثار الجانبية المحتملة تهيج الجلد من اللاصقات القطبية، وبعض الحروق (التي نادراً ما تحدث) من الأقطاب الكهربائية، والنزيف من إبر الوخز بالإبر، والدوخة، والصداع، والغثيان، أو تفاقم الألم. يقول د.نابادو: «نعم، هناك مخاطر، ولكنها بصفة عامة أقل من احتمال الآثار الجانبية لكثير من الأدوية المسكنة للألم».

احصل على موافقة طبيبك قبل طلب العلاج، لا سيما إذا كنت مُصاباً بحالة قلبية مثل ضربات القلب غير الطبيعية. وتأكد من أن إخصائي العلاج بالكهرباء هو إخصائي صحي يحمل الترخيص ومدرب على توفير العلاج.

* رسالة «هارفارد» الصحية، خدمات «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

السلطان هيثم وإردوغان يبحثان العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية

الخليج الرئيس التركي مستقبلاً سلطان عُمان بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)

السلطان هيثم وإردوغان يبحثان العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية

اتفقت تركيا وسلطنة عمان على تعزيز علاقات الصداقة والتعاون فيما بينهما وأكدتا دعمهما لأي مبادرات لوقف إطلاق النار في غزة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
صحتك ضرب الكرة بالرأس خلال لعب كرة القدم قد يسبب تلفاً في الدماغ أكبر مما كان يُعتقد (أ.ف.ب)

لعبة شائعة في كرة القدم قد تسبب تلفاً بالدماغ

وفقاً لدراسة جديدة، فإن ضرب الكرة بالرأس خلال لعب كرة القدم قد يسبب تلفاً في الدماغ أكبر مما كان يُعتقد.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك يشكل النوم أهمية مركزية للصحة العامة ومستوى رفاهية الإنسان (جامعة ولاية أوريغون)

تغيير وقت الذهاب إلى الفراش كل ليلة يؤثر على صحتك

أشارت دراسة جديدة إلى وجود صلة قوية بين عدم الذهاب إلى الفراش في الوقت نفسه كل ليلة وخطر الإصابة بأمراض القلب أو السكتة الدماغية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ارتفاع ضغط الدم يشكّل تحدياً للصحة (رويترز)

6 أشياء يقول أطباء السكتة الدماغية إنه لا يجب عليك فعلها أبداً

تعدّ السكتات الدماغية أحد الأسباب الرئيسة للوفاة، والسبب الرئيس للإعاقة في أميركا، وفقاً لـ«جمعية السكتات الدماغية الأميركية»، وهو ما يدعو للقلق، خصوصاً أن…

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك تزداد في هذه الفترة من العام فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا (د.ب.أ)

3 أطعمة عليك تناولها عند إصابتك بنزلة برد أو إنفلونزا

تزداد في هذه الفترة من العام فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا وغيرهما من الفيروسات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تغيير وقت الذهاب إلى الفراش كل ليلة يؤثر على صحتك

يشكل النوم أهمية مركزية للصحة العامة ومستوى رفاهية الإنسان (جامعة ولاية أوريغون)
يشكل النوم أهمية مركزية للصحة العامة ومستوى رفاهية الإنسان (جامعة ولاية أوريغون)
TT

تغيير وقت الذهاب إلى الفراش كل ليلة يؤثر على صحتك

يشكل النوم أهمية مركزية للصحة العامة ومستوى رفاهية الإنسان (جامعة ولاية أوريغون)
يشكل النوم أهمية مركزية للصحة العامة ومستوى رفاهية الإنسان (جامعة ولاية أوريغون)

من المتعارف عليه أن النوم كل ليلة في ساعات غير منتظمة ليس جيداً للصحة العامة، ولكن دراسة جديدة تشير إلى أنه قد يكون مميتاً.

وتشير الأبحاث الجديدة إلى أن اتباع روتين نوم غير منتظم يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب أو السكتة الدماغية، حتى لو كنت تحصل على 7 أو 9 ساعات من النوم الموصي بها في الليلة.

وركزت الدراسات السابقة في الغالب على النتائج الصحية لمدى النوم بدلاً من تأثير وجود دورة نوم واستيقاظ مستقرة، لذا فإن هذه النتائج مهمة، وفقاً لما ذكرته صحيفة «نيويورك بوست» الأميركية في تقرير لها.

قال فريق البحث في الدراسة: «تشير نتائجنا إلى أن انتظام النوم قد يكون أكثر أهمية من مدة النوم الكافية في تعديل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية الرئيسية».

وفي الدراسة، ارتدى 72 ألفاً و269 شخصاً تتراوح أعمارهم بين 40 و79 عاماً جهازاً لتتبع النشاط لمدة أسبوع لتقييم أنماط نومهم. ولم يكن لدى أي من المشاركين تاريخ من أمراض القلب أو السكتة الدماغية.

وتم بعد ذلك جمع البيانات لحساب درجة مؤشر انتظام النوم لكل مشارك. وعُدّ أولئك الذين حصلوا على درجة أعلى من 87 أن لديهم نمط نوم منتظماً، وتم تحديد أولئك الذين حصلوا على درجات أقل من 72 أن لديهم نمط نوم غير منتظم. تم تصنيف أولئك الذين كانوا في المنتصف على أنهم «منتظمون إلى حد ما».

ثم جمع فريق البحث البيانات حول حوادث السكتة الدماغية، وفشل القلب، والنوبات القلبية على مدى السنوات الثماني التالية، ووجد أن الأشخاص الذين ينامون بشكل غير منتظم كانوا أكثر عرضة بنسبة 26 في المائة لتجربة حدث قلبي وعائي رئيسي من أولئك الذين ذهبوا إلى الفراش في الوقت نفسه تقريباً كل ليلة.

كان المشاركون الذين كان جدول نومهم منتظماً إلى حد ما أقل عرضة بنسبة 8 في المائة للإصابة بهذا النوع من الأعراض المهددة للحياة.

وأظهرت الدراسة أيضاً أن الأشخاص الذين لديهم جدول نوم منتظم كانوا أكثر عرضة لتحقيق ساعات النوم الموصى بها في الليلة، التي تعد من 7 إلى 8 ساعات لمن تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ومن 7 إلى 9 ساعات لمن تتراوح أعمارهم بين 18 و64 عاماً.

وعلاوة على ذلك، وجدوا أن محاولة تعويض النوم المفقود لم تعوض عن مخاطر القلب والأوعية الدموية لدى الأشخاص الذين ينامون بشكل غير منتظم.

نُشرت هذه النتائج، الثلاثاء، في مجلة «علم الأوبئة والصحة المجتمعية».

ويشير هذا البحث الجديد إلى وجود صلة قوية بين عدم الذهاب إلى الفراش في الوقت نفسه كل ليلة وخطر الإصابة بأمراض القلب أو السكتة الدماغية.

وقال مؤلفو الدراسة: «تشير النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة إلى ضرورة إيلاء المزيد من الاهتمام لانتظام النوم في إرشادات الصحة العامة والممارسة السريرية بسبب دوره المحتمل في صحة القلب والأوعية الدموية».