صدمة في حكومة إسرائيل ومعارضتها من مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت (رويترز)
TT

صدمة في حكومة إسرائيل ومعارضتها من مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت (رويترز)

وقفت القيادات الإسرائيلية، في الائتلاف الحاكم والمعارضة على السواء، ضد قرار المحكمة الجنائية الدولية، الخميس، إصدار مذكرتَي اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بشبهة المسؤولية الإدارية والشخصية عن ارتكاب «جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبها الجيش الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة».

وفي إفادات مختلفة ندَّد مسؤولون وقادة أحزاب بالقرار وعدّوه «ظلماً وتجنياً ويقدم هدية للإرهاب».

وأعرب خبراء الشؤون الدولية عن مخاوفهم من تدحرج القرار مثل كرة الثلج، بقرارات في محاكم محلية، بشكل يمنع دخولهما غالبية دول العالم، باستثناء الولايات المتحدة.

120 دولة

وأوضح خبراء القانون الدولي أن قرار إصدار مذكرات الاعتقال ضد نتنياهو وغالانت سيمنعهما من زيارة 120 دولة موقِّعة على اتفاقية روما، التي يُستمد منها اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.

وتترتب على هذه المذكرات تداعيات قانونية تهدد باعتقالهما واعتقال غيرهما من المسؤولين الإسرائيليين عند دخولهم هذه الدول.

وكشفت مصادر سياسية في تل أبيب أن القرار جاء «مفاجئاً وصادماً للمؤسسات الحاكمة في إسرائيل»، إذ إنه يأتي رغم حملة سرية مكثفة شنَّتها إسرائيل والولايات المتحدة ودول غربية أخرى للتأثير في المحكمة، وبدا أنها يمكن أن تُكلَّل بالنجاح، خصوصاً بعد انتخاب دونالد ترمب لرئاسة الولايات المتحدة.

لكنَّ صدور القرار في هذا الوقت بالذات، فاجأ تل أبيب وبدا أنه تحدٍّ ليس فقط لإسرائيل بل أيضاً للولايات المتحدة.

قرار متوقَّع

في المقابل، رأت جمعيات حقوقية إسرائيلية أن القرار كان متوقَّعاً جداً. وقالت جمعية حقوق المواطن: «لقد منحت المحكمة فرصاً كثيرة للحكومة الإسرائيلية حتى تتراجع عن ممارساتها في قطاع غزة، التي كانت سبباً في توجيه الاتهامات، مثل معدلات القتل الكبيرة يومياً والتجويع والتعطيش ومنع وصول المساعدات الغذائية والماء والأدوية... لكنَّ إسرائيل استخفَّت بكل القرارات وواصلت سياستها ووسَّعت نطاقها لتصل إلى الضفة الغربية ثم إلى لبنان».

المعارضة

وقد ندَّد رئيس المعارضة الإسرائيلية، يائير لبيد، بقرار المحكمة الجنائية الدولية، معتبراً أن «إسرائيل تدافع عن حياتها في مواجهة منظمات الإرهاب التي هاجمت وقتلت واغتصبت مواطنينا».

وأضاف لبيد: «أوامر الاعتقال هذه هي جائزة للإرهاب».

ووصف رئيس «المعسكر الرسمي»، بيني غانتس، الذي كان قد انضمّ إلى الحكومة بعد بدء الحرب قبل أن ينسحب منها معترضاً على إدارتها، قرار المحكمة بأنه «عمى أخلاقي وعارٌ تاريخي لن يُنسى أبداً».

وقال رئيس الوزراء الأسبق، نفتالي بنيت، الذي يعد أقوى المنافسين لنتنياهو: «هذا قرار عار، يسجِّل فيه القضاة سابقة في التاريخ بفرض عقوبات لأول مرة على رئيس حكومة في دولة ديمقراطية. هذه ازدواجية معايير لا سابق لها في الأمم المتحدة. وعلينا ألا نتراجع. لن نعتذر على دفاعنا عن النفس في مواجهة هجوم دموي علينا».

وقال رئيس حزب اليسار، يائير غولان، إن «القرار مخزٍ ويحاول تقويض حقنا في الدفاع عن النفس».

وقال أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب اليهود الروس، إن «المحكمة برهنت مرة أخرى على التلون وازدواج المعايير».

بن غفير

كما هاجم الوزير إيتمار بن غفير، الذي يدعو جهاراً لقتل الفلسطينيين وينتقد الجيش لأنه لا يعمل بشكل كافٍ، قرار محكمة لاهاي وقال: «هذه محكمة معادية للسامية واليهود من أولها لآخرها، وقرارها عارٌ عليها وليس علينا».

وقال بن غفير إنه يشد أزر نتنياهو ويطالبه بأن يدعو الحكومة للاجتماع واتخاذ قرارات حازمة للرد عليها وذلك بفرض السيادة الإسرائيلية على جميع أنحاء الضفة الغربية وإطلاق مشاريع الاستيطان وقطع أي علاقة مع السلطة الفلسطينية (التي يسميها سلطة الإرهاب) واتخاذ إجراءات عقابية ضدها».


مقالات ذات صلة

إردوغان بعد مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالانت: «قرار شجاع»

شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أ.ف.ب)

إردوغان بعد مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالانت: «قرار شجاع»

رحّب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتَي توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

ما يجب أن نعرفه عن النطاق القانوني للمحكمة الجنائية الدولية، حيث تسعى إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز) play-circle 01:41

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

انتزع ترمب الفوز من منافسته الديمقراطية، معتمداً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية.

رنا أبتر (واشنطن)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

مسؤول إسرائيلي يوضّح كيف تسبب نتنياهو في قرار «الجنائية الدولية»

قال مسؤول إسرائيلي كبير إن قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار أمرَيْ اعتقال ضد نتنياهو وغالانت كان من الممكن تجنبه لو سمح نتنياهو بأمر واحد.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)

وسط دعوات لإقالة بن غفير... إسرائيل إلى أزمة دستورية

تسببت عريضة قدمتها مجموعة من المنظمات غير الحكومية للمحكمة العليا بإسرائيل مطالبة فيها بإصدار أمر إقالة لوزير الأمن الوطني المنتمي لليمين المتطرف إيتمار بن غفير

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
TT

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)

قدم رئيس «الشعب الجمهوري» المرشح السابق لرئاسة تركيا كمال كليتشدار أوغلو دفاعه في قضية «إهانة رئيس الجمهورية» المرفوعة من الرئيس رجب طيب إردوغان. ومثل كليتشدار أوغلو (75 عاماً) أمام القاضي في الجلسة الأولى من القضية التي يواجه فيها حكماً بالسجن 11 سنة و8 أشهر، وحظر نشاطه السياسي لمدة 5 سنوات.

وقرأ كيليتشدار أوغلو، دفاعه المكون من 25 صفحة، أمام قاضي الدائرة 57 للمحكمة الجنائية الابتدائية في أنقرة، واستهله قائلاً: «لم آتِ للدفاع عن نفسي بسبب جريمة، ولكن لتسجيل الجرائم المرتكبة وللمطالبة بالمحاسبة، ولتسجيل ملاحظة في التاريخ».

كليتشدار أوغلو وإلى جانبه رئيس «الشعب الجمهوري» ورئيس بلدية أنقرة وعدد من الشخصيات الذين جاءوا لمساندته في قاعة المحكمة (حزب الشعب الجمهوري)

وأضاف: «من حسن حظي أنه لم يجرِ تقديمي أمامكم بجريمة سرقة واختلاس حقوق الأيتام، ومرة أخرى، أنا محظوظ لأنني لم أمثُل أمامكم بتهمة الخيانة». وحيا كل الأبطال الوطنيين الذين ضحوا بحياتهم من أجل بقاء الدولة وسيادة الوطن، وللملازمين الشباب الذين طردوا من الخدمة عقب تخرجهم مباشرة بسبب أداء قسم الولاء لمؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك في حفل تخرجهم في أغسطس (آب) الماضي».

دعم واسع

تَجَمَّعَ مئات من أنصار كليتشدار أوغلو و«الشعب الجمهوري» وأحزاب المعارضة أمام المحكمة مطالبين بالعدالة، حيث نمكن من الوصول إلى قاعة المحكمة بصعوبة بالغة.

وحضر رئيس «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزلل، ورئيس بلدية أنقرة منصور يافاش، ورئيس حزب «البلد» محرم إينجه، ورئيس حزب «النصر» أوميت أوزداغ، وعائلة كليتشدار أوغلو، وعائشة أتيش زوجة رئيس منظمة «الذئاب الرمادية» سنان أتيش، الذي اغتيل في أنقرة قبل عامين، فضلاً عن ممثلي أحزاب معارضة ورؤساء بلديات من أنحاء تركيا، بينما غاب رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، بسبب حضوره مؤتمراً في ألمانيا.

تجمع حاشد حول كليتشدار أوغلو أثناء دخوله المحكمة (حزب الشعب الجمهوري)

وقال كليتشدار أوغلو إنه حضر إلى المحكمة ليقول مجدداً للص إنه لص، وليعيد التذكير بقضية الـ128 مليار دولار التي أهدرها إردوغان من احتياطي البنك المركزي لصالح «عصابة المقاولين الخمسة». وأضاف: «إذا كان الرجل الذي قال ليس لديَّ سوى خاتم واحد، إذا أصبحت غنياً، فاعلموا أنني سرقت، (في إشارة إلى إردوغان)، أصبح ثرياً، فإنني أقولها مرة أخرى هو لص».

وطلب من القاضي أن يسمح له بالابتعاد عن موضوع القضية، مشيراً إلى أن إردوغان زج بتركيا في مشروع الشرق الأوسط الكبير من أجل تأسيس حكم الرجل الواحد في تركيا، الذي جُعلت كل السلطات في يده، كما يواصل الآن سياسته من أجل البقاء عبر تقديم تنازلات في قبرص وبحر إيجه. وأضاف: «لقد كانت هذه هي الحال دائماً في التاريخ الحديث، فنظام ضعف اقتصاده أو حتى انهار، ولا يستطيع حماية حدوده، حيث نظام العدالة مرتبط برجل واحد، وحيث جرى تدمير آلية الرقابة، وحيث لا توجد شفافية ومحاسبة، وحيث التعيين في مناصب الدولة وليس على أساس الجدارة والكفاءة، لن يدوم».

وتطرق كليتشدار أوغلو إلى مسيرته المهنية حيث كان مسؤولاً عن مؤسسة التأمين الاجتماعي، قائلاً إنه كان يدير أموال آلاف المواطنين، ولم يأخذ قرشاً واحداً من أموال الدولة إلى بيته، ولم يصبح من الأثرياء، ولا يملك سوى البيت الذي يعيش فيه أنقرة، مع أنه ظل أيضاً رئيسا لـ«الشعب الجمهوري» 13 عاماً.

كمال كليتشدار أوغلو (من حسابه في إكس)

ولفت إلى أنه تعرض للطعن في الظهر في الانتخابات الرئاسية، العام الماضي، من جانب من كانوا يقولون: «إننا وطنيون قوميون، وسنكتبك في وصية عائلتنا»، في إشارة إلى الرئيسة السابقة لحزب «الجيد»، ميرال أكشنار، لنكتشف لاحقاً أنهم كانوا يتعاونون مع إردوغان من أجل إدامة نظام الرجل الواحد الذي تَسَبَّبَ في معاناة البلاد بسبب الفساد والرشوة وتدهور الاقتصاد.

جدل واتهامات

وعُقدت الجلسة الأولى من محاكمة كليتشدار أوغلو وسط جدل واسع وتراشق مع وزير العدل الذي أدلى بتصريحات، الخميس عشية الجلسة، قال فيها إن هناك حالياً 9 قضايا و5 تحقيقات جارية تتعلق بالزعيم السابق لـ«الشعب الجمهوري»، وجرى فتح تحقيق بسبب تصريحاته. وأضاف تونتش: «أقول للسياسيين من (الشعب الجمهوري) إنهم إذا استمروا على السياسة ذلتها فسينتهي بهم الأمر مثل رئيسهم السابق».

كليتشدار أوغلو خلال أحد التجمعات قبل الانتخابات الرئاسية عام 2023 (من حسابه في إكس)

ورد كليتشدار أوغلو على تونتش في كلمة مصورة عبر حسابه في «إكس»، قائلاً: «إذا كانت لديك الشجاعة، فتعال إلى المحكمة غداً، واستمع إلى ما سأقوله لسيدك، ربما تتعلم درساً». واستنكرت قيادات «الشعب الجمهوري» تصريحات وزير العدل مؤكدين أنها جاءت قبل المحاكمة بيوم واحد، توجيهاً أو «أمراً» للقاضي لإدانة كليتشدار أوغلو، وحظر نشاطه السياسي.