مدير «الذرية الدولية» يحذر من «عدم شفافية» إيران بشأن برنامجها النووي

غروسي يتحدث أمام «قمة الحكومات العالمية» في دبي (إ.ب.أ)
غروسي يتحدث أمام «قمة الحكومات العالمية» في دبي (إ.ب.أ)
TT

مدير «الذرية الدولية» يحذر من «عدم شفافية» إيران بشأن برنامجها النووي

غروسي يتحدث أمام «قمة الحكومات العالمية» في دبي (إ.ب.أ)
غروسي يتحدث أمام «قمة الحكومات العالمية» في دبي (إ.ب.أ)

حذر رئيس «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، رافاييل غروسي، الثلاثاء، بأن إيران «ليست شفافة تماماً» فيما يتعلق ببرنامجها النووي، لا سيما بعدما قال علي أكبر صالحي، الرئيس السابق للمنظمة الذرية الإيرانية، إن بلاده تمتلك كل قطع السلاح وأكد أنها «بين أيدينا».

وعلق مدير الوكالة التابعة للأمم المتحدة، في كلمته أمام «قمة الحكومات العالمية» في دبي، على التصريحات التي أدلى بها في نهاية هذا الأسبوع علي أكبر صالحي.

وأشار غروسي إلى «تراكم التعقيدات» في الشرق الأوسط الكبير في خضم حرب إسرائيل ضد «حماس» في قطاع غزة، وفق ما أوردته وكالة «أسوشيتد برس».

وتقوم إيران بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، وهي أقل قليلاً من مستويات الأسلحة النووية، منذ أبريل (نيسان) 2021، وذلك بموازاة المفاوضات التي بدأت بين إدارة جو بايدن وإيران بشكل غير مباشر، بهدف إحياء الاتفاق النووي المنهار، قبل أن يتعثر مسار المفاوضات في بداية الحرب الروسية - الأوكرانية.

وقد جمعت طهران ما يكفي من اليورانيوم المخصب لصناعة كثير من الأسلحة؛ إذا ما أرادت ذلك. ومع ذلك، تقدر وكالات الاستخبارات الأميركية وغيرها أن إيران لم تبدأ بعد برنامج الأسلحة.

وقال غروسي إن إيران «تقدم وجهاً لا يتسم بالشفافية الكاملة عندما يتعلق الأمر بأنشطتها النووية. وبالطبع؛ فإن ذلك يزيد من المخاطر». وأضاف أن هناك «كلاماً فضفاضاً حول الأسلحة النووية أكثر فأكثر؛ بما في ذلك في إيران مؤخراً. فقد صرح مسؤول رفيع المستوى قائلاً: (في الواقع؛ لدينا كل شيء... إنه مفكك). حسناً؛ من فضلك دعني أعرف ما لديك».

ولم يكشف غروسي عن هوية المسؤول. ولكن في وقت متأخر من مساء الأحد، ظهر صالحي في برنامج تلفزيوني إيراني، وقال إن البلاد لديها كل ما تحتاجه لصنع سلاح.

وأضاف صالحي: «لدينا كل (قطع) العلوم والتكنولوجيا النووية. دعوني أضرب مثالاً: ماذا تحتاج السيارة؟ تحتاج إلى هيكل، تحتاج إلى محرك، تحتاج إلى عجلة قيادة، تحتاج إلى علبة تروس. هل صنعت علبة التروس؟ أقول نعم. محرك؟ ولكن كل عنصر موجه لغرضه الخاص».

وكان صالحي قد أدلى بتعليق مماثل يوم السبت؛ إذ قال إن «الأمر بين أيدينا».

منذ عام 2022، تحدث المسؤولون الإيرانيون علناً عن شيء تنفيه طهران منذ فترة طويلة، وهي تقوم بتخصيب اليورانيوم في أقرب مستويات له على الإطلاق إلى المواد التي يمكن استخدامها في صنع الأسلحة النووية: إيران مستعدة لبناء سلاح نووي متى شاءت.

ويشمل ذلك كمال خرازي، مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي، الذي قال إن طهران لديها القدرة على صنع أسلحة نووية، ولكنها لا تنوي القيام بذلك.

في وقت سابق من هذا الشهر، حذر «معهد العلوم والأمن الدولي» في واشنطن من بلوغ أنشطة طهران مرحلة «الخطر الشديد» بسبب الوضع المتقلب في المنطقة.

وقال خبراء «المعهد»، الذي يراقب أنشطة إيران من كثب، إن «الوضع المتقلب في المنطقة يوفر لإيران فرصة فريدة ومبررات داخلية جمة لبناء أسلحة نووية»، في حين تراجعت قدرة الولايات المتحدة وإسرائيل على رصد إيران وردعها عن التقدم في برنامجها النووي و«باتت محدودة».

ووفق تقييم المعهد؛ فإنه بدءاً من نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بمقدور إيران امتلاك ما يكفي من اليورانيوم المطلوب لصناعة 6 قنابل نووية في غضون شهر، وبعد 5 أشهر يمكنها إنتاج اليورانيوم المطلوب لتطوير 12 قنبلة نووية.

ويقول الخبراء إنه بإمكان إيران إنتاج رؤوس حربية للصواريخ الباليستية في غضون 6 أشهر، وقد يستغرق بناء رأس حربي نووي لصاروخ باليستي فترة أطول من 6 أشهر.

وتمثل تعليقات صالحي تصعيداً آخر. وهو قد شغل منصب رئيس «منظمة الطاقة الذرية المدنية» في إيران في عهد الرئيس السابق حسن روحاني، وهو معتدل نسبياً داخل نظام الدولة الدينية في إيران التي توصلت إلى اتفاق عام 2015 مع القوى العالمية.


مقالات ذات صلة

إيران تُصعّد بـ6 آلاف طارد مركزي

شؤون إقليمية مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة في منشأة «نطنز» في 8 أغسطس (أ.ب)

إيران تُصعّد بـ6 آلاف طارد مركزي

أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنَّ طهران «تنوي بالفعل نصب أجهزة طرد مركزي جديدة».

راغدة بهنام (برلين) «الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية صورة نشرتها «الذرية» الإيرانية لشباب يقفون أمام نماذج لأجهزة الطرد المركزي في يونيو 2023 play-circle 01:37

«طاردات» إيران... الطريق الطويل نحو القنبلة النووية

وصول إيران إلى القنبلة النووية يمر بطريق طويل، عبر نصب الآلاف من أجهزة الطرد المركزي، بمعدل يفوق الحد المسموح في اتفاق حظر الانتشار النووي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة بمنشأة «نطنز» في أغسطس 2005 (أ.ب)

خاص لقاء جنيف... الخلاف يتسع بين أوروبا وإيران

اعترف دبلوماسي أوروبي رفيع لـ«الشرق الأوسط» بأن «مدى الخلافات» مع إيران يتسع، وذلك بعد لقاءات أوروبية - إيرانية عقدت في جنيف لمناقشة مسائل خلافية.

راغدة بهنام (برلين)
شؤون إقليمية خلال عملية إطلاق صاروخ «باليستي» إيراني في مكان غير معلن في إيران... صورة منشورة في 25 مايو 2023 (رويترز)

رئيسا المخابرات الفرنسية والبريطانية: «النووي» الإيراني هو «التهديد العالمي الأكثر خطورة»

قال رئيسا المخابرات الفرنسية والبريطانية، اليوم (الجمعة)، إن تعزيز النشاط النووي الإيراني هو «التهديد العالمي الأكثر خطورة» في الوقت الراهن.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

وكالة الطاقة الذرية تؤكد نية إيران نصب آلاف أجهزة الطرد المركزي الجديدة

أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية المكلفة مراقبة البرنامج النووي الإيراني، نية طهران نصب 6 آلاف جهاز طرد مركزي جديد لتخصيب اليورانيوم بمستويات منخفضة

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«طاردات» إيران... الطريق الطويل نحو القنبلة النووية

TT

«طاردات» إيران... الطريق الطويل نحو القنبلة النووية

صورة نشرتها «الذرية» الإيرانية لشباب يقفون أمام نماذج لأجهزة الطرد المركزي في يونيو 2023
صورة نشرتها «الذرية» الإيرانية لشباب يقفون أمام نماذج لأجهزة الطرد المركزي في يونيو 2023

في خطوة لجأت إليها إيران في مناسبات مختلفة منذ سنوات، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن طهران «تنوي بالفعل نصب أجهزة طرد مركزي جديدة».

وقالت «وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة، إنها اطلعت على تقرير «طي السرية» للوكالة الدولية يؤكد أن إيران تنوي نصب 6 آلاف جهاز طرد مركزي، لتخصيب اليورانيوم بمستويات مختلفة.

وجاء في التقرير أن «إيران أبلغت الوكالة» بنيتها وضع هذه الآلات في الخدمة في موقعَي «فوردو» و«نطنز» بمعدل تخصيب يصل إلى 5 في المائة؛ أي ما يزيد قليلاً على النسبة المسموح بها بموجب الاتفاق الدولي لعام 2015 والتي تبلغ 3.67 في المائة.

واتُّخذ هذا الإجراء رداً على اعتماد الوكالة في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) قراراً منتقداً لطهران بمبادرة من الغرب.

ويوم الخميس، هددت إيران بالمضي نحو امتلاك أسلحة نووية في حال استمرار الضغوط الغربية عليها.

وأفاد وزير الخارجية عباس عراقجي، في تصريح صحافي، بأن «استمرار التهديد الغربي بإعادة فرض العقوبات قد يدفع النقاش داخل إيران نحو امتلاك أسلحة نووية».

ما «الطرد المركزي»؟

هي أجهزة دقيقة تضم أسطوانات تدور بسرعة تفوق كثيراً سرعة الصوت، لجمع ذرات اليورانيوم المخصب بعد عمليات مكررة لمرات عدة.

ولشرح أسلوب عمل «الطرد المركزي»، فإن أسطوانات الدوران تشبه إلى حد كبير أجهزة المختبرات الطبية التي تُستخدم لفحص الدم؛ إذ ينتج عن دوران الأسطوانة فصل مكونات الدم عن بعضها.

وبالنسبة لليورانيوم، ينتج عن دوران أسطوانات جهاز الطرد المركزي فصل الذرات الخفيفة لليورانيوم عن الثقيلة، ليسهل استخدامها في إنتاج الطاقة المهمة لصناعة القنبلة النووية.

ويحتاج إنتاج 20 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بدرجة نقاء 90 في المائة لصنع رأس نووي واحد بقوة تفجيرية محدودة، إلى نحو 1500 جهاز طرد مركزي من الأجيال المتقدمة؛ الخامس والسادس، على أن تستمر العمليات الفنية فيها عدة أشهر دون توقف.

وتمتلك إيران 1044 جهاز طرد مركزي في مفاعل «فوردو» وحده، طبقاً لتصريحات الرئيس مسعود بزشكيان الذي طلب في وقت سابق هذا الشهر من منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن تبدأ ضخ الغاز في هذه الأجهزة.

وتؤكد الخارجية الأميركية أن أنشطة تخصيب اليورانيوم في إيران «خطوة كبيرة في الاتجاه الخطأ»، وأنها «يمكن في نهاية المطاف أن تساعدها على امتلاك سلاح نووي في حال قررت ذلك».

وبحسب تقارير لـ«رويترز» و«وكالة الصحافة الفرنسية»، فإن عمليات التخصيب تسبق مرحلة دوران اليورانيوم في جهاز الطرد المركزي.

ويحول التخصيب الخام الطبيعي إلى عناصر قابلة للاستخدام في إنتاج الطاقة، سواء للأغراض السلمية أو لصناعة رأس نووي لسلاح فتاك.

مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة في منشأة «نطنز» في 8 أغسطس (أ.ب)

الخلاف

تلزم معاهدة حظر الانتشار النووي، الموقعة عام 2015 بين طهران ودول غربية، بتشغيل أجهزة الطرد المركزي المتطورة لتجميع اليورانيوم حتى يناير (كانون الثاني) 2027.

والفرق بين الجيل الأول لأجهزة الطرد المركزي والأجيال الأخرى، وصولاً إلى السادس، هو سرعة الأخيرة الفائقة، والتي تساعد حتماً على إنتاج الطاقة اللازمة، فرضياً، لصناعة قنبلة نووية.

وقبل إبرام الاتفاق، وفي ذروة برنامجها النووي، كانت إيران تشغل 10204 أجهزة طرد مركزي من الجيل الأول (بسرعة محدودة) في «نطنز» و«فوردو»، وقد سمحت لها المعاهدة بتشغيل نحو نصف هذا العدد.

محطات بارزة في طريق «النووي»

لكن تشغيل الأجهزة مر بمحطات متباينة ما بين التصعيد والتهدئة، وفقاً لطبيعة المفاوضات أو الخلافات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ورغم أن ما نصبته إيران من «الطاردات المركزية» قبل اتفاق حظر الانتشار النووي عام 2015 كان من الجيل الأول، فإن ما تلاها بلغ مراحل مقلقة للغرب بسبب استخدام طاردات من أجيال حديثة. وهذه أبرز محطات هذه الأجهزة في إيران:

* مايو (أيار) 2008: ركبت إيران عدة أجهزة طرد مركزي متضمنة نماذج أكثر حداثة.

* مارس (آذار) 2012: وسائل إعلام إيرانية تعلن عن 3 آلاف جهاز طرد مركزي في منشأة «نطنز» النووية لتخصيب اليورانيوم.

* أغسطس (آب) 2012: الوكالة الدولية للطاقة الذرية أعلنت أن إيران ثبتت أجزاء كبيرة من أجهزة الطرد المركزي في منشأة «فوردو»، تحت الأرض.

* نوفمبر 2012: تقرير للوكالة الدولية أكد أن جميع أجهزة الطرد المركزي المتقدمة قد تم تركيبها في موقع «فوردو»، على الرغم من وجود 4 أجهزة طرد مركزي عاملة فقط، و4 أخرى مجهزة تجهيزاً كاملاً، وقد أُجري عليها اختبار الفراغ، وهي جاهزة لبدء التشغيل.

* فبراير (شباط) 2013: الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقول إن إيران شغّلت 12.699 جهاز طرد مركزي من نوع «آي آر-1» في موقع «نطنز».

* يونيو (حزيران) 2018: أمر المرشد الإيراني علي خامنئي منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بالوصول إلى 190 ألف «وحدة فصل» التي تطلق على حركة أجهزة الطرد المركزي. وكان الرقم الذي دعا إليه خامنئي يعادل 30 ضعفاً من القدرات التي ينص عليها الاتفاق النووي.

* سبتمبر (أيلول) 2019: ركبت إيران 22 جهازاً من نوع «آي آر-4»، وجهازاً واحداً من نوع «آي آر-5»، و30 جهازاً «آي آر-6»، وثلاثة أجهزة «آي آر-6» للاختبار، خارج نطاق حدود المعاهدة.

* سبتمبر 2019: أعلنت إيران أنها بدأت في تشغيل أجهزة طرد مركزي متقدمة وسريعة لتخصيب اليورانيوم.

* نوفمبر 2024: وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يعلن أن بلاده ستقوم بتشغيل عدة آلاف من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة.

* نوفمبر 2024: نقل التلفزيون الرسمي الإيراني عن محمد إسلامي، رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، إعلانه بدء ضخ الغاز لـ«الآلاف» من أجهزة الطرد المركزي.