هل تُخفي صفقة تبادل السجناء بين واشنطن وطهران اتفاقاً أوسع؟

رجل يمر قرب جدارية للمحتجَزين الأميركيين في الخارج بضاحية جورج تاون بواشنطن العاصمة وفيها (من اليسار) سياماك نمازي المحتجز في إيران و(من اليمين) خوسيه أنجيل بيريرا المسجون في فنزويلا (أ.ب)
رجل يمر قرب جدارية للمحتجَزين الأميركيين في الخارج بضاحية جورج تاون بواشنطن العاصمة وفيها (من اليسار) سياماك نمازي المحتجز في إيران و(من اليمين) خوسيه أنجيل بيريرا المسجون في فنزويلا (أ.ب)
TT

هل تُخفي صفقة تبادل السجناء بين واشنطن وطهران اتفاقاً أوسع؟

رجل يمر قرب جدارية للمحتجَزين الأميركيين في الخارج بضاحية جورج تاون بواشنطن العاصمة وفيها (من اليسار) سياماك نمازي المحتجز في إيران و(من اليمين) خوسيه أنجيل بيريرا المسجون في فنزويلا (أ.ب)
رجل يمر قرب جدارية للمحتجَزين الأميركيين في الخارج بضاحية جورج تاون بواشنطن العاصمة وفيها (من اليسار) سياماك نمازي المحتجز في إيران و(من اليمين) خوسيه أنجيل بيريرا المسجون في فنزويلا (أ.ب)

مع اقتراب تنفيذ صفقة تبادل السجناء، بين الولايات المتحدة وإيران، وفق الإعلانات الأميركية والإيرانية، يرى كثير من المعلقين والمختصين في الشأن الإيراني، أن الصفقة ربما تعكس اتفاقاً أوسع نطاقاً، يتعلق ببرنامج إيران النووي، قد لا يعلن عنه بشكل واضح، على الرغم من الكشف عن خطوطه العريضة.

ورغم مضي البيت الأبيض قدماً في صفقة التبادل بقيمة 6 مليارات دولار، والتي تتيح لطهران الوصول إلى المليارات من عائدات النفط الإيراني، التي كانت محظورة سابقاً بسبب العقوبات الأميركية، فإنه لم يمنع المسؤولين الأميركيين والإيرانيين، من تبادل التحذيرات والتصريحات المتناقضة، حول شروط تطبيق الصفقة وكيفية استخدام تلك الأموال.

وكرر الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، في مقابلة مع محطة «إم إس إن بي سي» الأميركية، مساء الثلاثاء، التأكيد على أن إيران يمكنها استخدام تلك الأموال «كيفما تريد»، في ترداد لموقف المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، الذي قال، الاثنين، إن إيران «ستتمكن من شراء أي سلعة غير خاضعة للعقوبات، وليس فقط أدوية ومواد غذائية».

في المقابل، رد جون كيربي، منسق مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، على رئيسي، قائلاً في مقابلة مع المحطة نفسها: «لا، هذا ليس صحيحاً... لقد تم إنشاء النظام بحيث لا يمكن صرف هذه الأموال إلا للأغراض الإنسانية أو الأدوية والأغذية أو بناء المرافق الطبية أو حتى للأغراض التعليمية». وكرر كيربي تحذيره في مؤتمر صحافي، الأربعاء، قائلاً: «إذا حاولت إيران تحويل مسار الأموال المودعة في كوريا الجنوبية فسنتحرك ونمنعها مجدداً من الوصول إليها». وأضاف: «لن تحصل إيران على أي تخفيف للعقوبات».

وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، قد وجه الثلاثاء، أيضاً، تحذيراً بأن الولايات المتحدة قد تعيد تجميد الأصول الإيرانية في حال استخدمتها طهران لغير الغايات الإنسانية. وقال ميلر للصحافيين: «سنبقى على يقظة ونراقب إنفاق هذه الأصول، ولدينا القدرة على تجميدها مجدداً إذا دعت الحاجة». وشدد على أنه سيكون لوزارة الخزانة الأميركية «إشراف صارم» على الأصول المنقولة من كوريا الجنوبية إلى قطر. وأوضح قائلاً: «لدينا اطلاع على كيفية إنفاقها، وقدرة على ضبط استخدامها».

حتى الآن لا يمكن التكهن بالمسار الذي سيتخذه تطبيق اتفاق تبادل السجناء بين الطرفين. لكن عندما يتعلق الأمر بإيران، يجد الرئيس الأميركي جو بايدن نفسه في موقف لا يحسَد عليه، في ظل رفض الحزبين الديمقراطي والجمهوري، تمرير أي صفقة، تعيد إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، الذي وصفه بايدن مراراً بأنه «أصبح ميتاً».

في البداية تحدث عن إبرام اتفاق «أطول وأقوى» مع طهران قبل أن يكتفي بإجراء «محادثات غير مباشرة» متقطعة، بإصرار من الإيرانيين. حاول إغراء إيران من خلال تقديم تنازلات تجارية، متجاهلاً أسئلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول أنشطة تخصيب اليورانيوم المشبوهة، مثلما فعل الرئيس السابق باراك أوباما، عام 2015 للحصول على الاتفاق النووي الأصلي.

وحسب صحيفة «فورين أفيرز» ينبغي على الرئيس بايدن ألا يفاجأ من رد طهران، بالطريقة نفسها التي ردّت بها على أوباما: توسيع أجهزة الطرد المركزية النووية بشكل كبير. وفي عهد بايدن، زادت إيران مستويات تخصيب اليورانيوم إلى 60 في المائة، وهو المستوى اللازم لصنع سلاح نووي خام. وفي يناير (كانون الثاني)، اكتشفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مستوى تخصيب يتجاوز 80 في المائة.

التهرب من الكونغرس

يقول ريتشارد غولدبيرغ، مدير برنامج إيران في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، المحسوبة على الجمهوريين، إن اتفاق تبادل السجناء، هو ببساطة وسيلة للتهرب من مراجعة الكونغرس للاتفاق النووي الأكبر. ويضيف في حديث مع «الشرق الأوسط» أنه من خلال ربط تخفيف العقوبات بصفقة الرهائن بدلاً من الصفقة النووية، تحاول إدارة بايدن، عبر تجنبها إخطار الكونغرس، صدور قرار محتمل من الحزبين برفضه.

ويرى غولدبيرغ أن دفع 6 مليارات دولار لخمسة مواطنين أميركيين، «ليس بالأمر الجيد من الناحية السياسية، وهذا بالتأكيد ليس مفيداً للرئيس، في موسم انتخابي». لكنّ المعركة في الكونغرس حول صفقة نووية سيئة ستكون أسوأ.

عندما انخرطت إدارة الرئيس السابق أوباما في المفاوضات التي أدت في نهاية المطاف إلى توقيع الاتفاق النووي عام 2015، كان الرهان على أن تؤدي الاستثمارات الغربية في إيران، إلى تحويلها دولة أقل تهديداً وأقل آيديولوجية، في تكرار للرهان نفسه الذي طبّق مع الصين وروسيا. وحسب أليكس فاتنكا، مدير برنامج إيران في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، فإن الاتفاق على صفقة تبادل السجناء، يعكس في الواقع اتفاقاً أوسع غير معلن بين واشنطن وطهران. وقال فاتنكا لـ«الشرق الأوسط»، إن إدارة بايدن، ورغم أنها ترغب في إنهاء الأزمة الإنسانية الناجمة عن احتجاز الأميركيين بسبب ضغوط عائلاتهم، فإنها تسعى أيضاً إلى تقديم «تنازل» مقبول، يسهم في تخفيف الصعوبات التي تواجه إعادة إحياء الاتفاق النووي مع طهران. وقال إن الاتفاق «لا يزال قائماً عملياً»، في تكرارٍ لرهان أوباما السابق، رغم كل الخروقات التي تعرَّض لها، خصوصاً تخصيب إيران لليورانيوم بنسبة 60 في المائة، بما يتجاوز النسبة المسموح بها وفقاً لاتفاق 2015.

حرب أوكرانيا ليست عقبة

كان الاعتقاد سائداً بأن حرب أوكرانيا وتورط إيران في تقديم الأسلحة لروسيا، سيُنهي جهود إحياء الاتفاق النووي، لكنّ ريتشارد غولدبيرغ، يقول: «دعونا نتذكر أن واشنطن كانت على استعداد لعقد صفقة أكبر في الصيف الماضي، بينما أظهرت تقارير الاستخبارات بالفعل أن إيران تستعد لإرسال طائرات من دون طيار إلى روسيا». وأضاف: «حرب أوكرانيا لم تكن عائقاً على الإطلاق. كانت القضية الصعبة سياسياً بالنسبة لبايدن وإدارته هي ثورة النساء. لقد انتظروا حتى الوقت الذي يعتقدون فيه أن الناس لا يعيرون نفس القدر من الاهتمام. ولكن رغم ذلك، انظر كيف لجأوا إلى التفاهم السرّي في الغرفة الخلفية بدلاً من الاعتراف بالصفقة وإرسالها إلى الكونغرس».

في المقابل، يعتقد فاتنكا أن الديمقراطيين، لا يريدون خلق أزمة جديدة في المنطقة، في ظل التطورات العالمية الناجمة عن حرب أوكرانيا، على الرغم من تورط طهران فيها، والتنافس مع الصين، وجهود واشنطن لتعزيز شراكاتها الدولية. ويضيف أن الأهم من كل ذلك، هو أن إحياء الاتفاق الكامل مع إيران، وتطبيع العلاقة بين واشنطن وطهران، مرهون بقبول الطرفين المساومة على الموقف من إسرائيل. وهو ما ليس متاحاً لا من إيران ولا من أميركا. فإدارة بايدن الديمقراطية، لا تستطيع تجاوز الاعتراضات العلنية من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، كما أنها مثل الجمهوريين، «لا تستطيع رمي إسرائيل تحت العجلات».

في المقابل، لا تستطيع طهران ولا ترغب الآن في تقديم تنازل في موقفها من إسرائيل، ما يفسِّر خطاب المرشد الإيراني علي خامنئي الأخير، الذي كرر لهجته المتشددة الموجهة نحو الداخل، في ظل سعي الطرفين إلى «التفاهم من تحت الطاولة».

دور صيني مهم في المنطقة

وفي حين أن المفاوضات جارية على قدم وساق بين واشنطن وطهران، لتطبيع علاقاتهما، يقول ريتشارد غولدبيرغ إن «القبول الفاتر» الذي واجهت به إدارة بايدن مساعي «تطبيع» العلاقات مع إيران من دول المنطقة، سببه الدور الذي لعبته الصين بشكل رئيسي. ويضيف قائلاً: «لكن في الحقيقة كان التطبيع سياسة أميركية في عهد بايدن».

وتقول مجلة «فورين أفيرز» إن الصين بدأت بالفعل في استخدام دورها، حيث تريد الاستقرار في منطقة الخليج الغنية بالنفط، خصوصاً بعد استثماراتها الاقتصادية الواسعة فيها، رغم أن إيران كانت تسعى لتعطيل تدفق النفط عبر هجماتها على الناقلات والمنشآت النفطية.


مقالات ذات صلة

«الطاقة الذرية الإيرانية»: لم نتفق على ألا يتجاوز التخصيب 60%

شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

«الطاقة الذرية الإيرانية»: لم نتفق على ألا يتجاوز التخصيب 60%

نقلت وكالة «تسنيم» الإيرانية عن المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي، قوله (السبت) إن بلاده لم تتفق على ألا يتجاوز تخصيب اليورانيوم 60%.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران تصعّد مواجهتها مع «وكالة الطاقة الذرية»

صعّدت إيران مواجهتَها ضد «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، إذ أعلنت أمس أنَّها ستضع في الخدمة مجموعة من أجهزة الطرد المركزي «الجديدة والمتطورة»، وذلك رداً على

«الشرق الأوسط» (لندن – طهران)
شؤون إقليمية 
صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الفصلي في فيينا

الغرب يطالب إيران بتدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

دعت بريطانيا وألمانيا وفرنسا، أمس (الخميس)، إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 60 في المائة «فوراً».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران ستستخدم أجهزة طرد مركزي متقدمة رداً على قرار «الطاقة الذرية» ضدها

قالت إيران إنها ستتخذ إجراءات عدة من بينها استخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة، رداً على القرار الذي اتخذته «الوكالة الدولية للطاقة» الذرية مساء الخميس ضدها.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

اعتمد مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
TT

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)

تقدم أوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية هذا الأسبوع بحق زعماء إسرائيل و«حماس»، بسبب الجرائم التي تتهمهم بارتكابها في غزة، رؤى مهمة حول مدى اختصاص المحكمة وحدود سلطتها.

وقدم تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» ما يجب أن نعرفه عن النطاق القانوني للمحكمة، حيث تسعى إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت؛ ورئيس الجناح العسكري لـ«حماس» محمد الضيف، الذي قد يكون ما زال على قيد الحياة.

لماذا تدعي المحكمة الاختصاص في هذه القضية؟

لقد انضمت أكثر من 120 دولة إلى معاهدة دولية، وهي نظام روما الأساسي، وهي أعضاء في المحكمة. تأسست المحكمة، التي يقع مقرها في لاهاي في هولندا، منذ أكثر من عقدين من الزمان لمقاضاة الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة الجماعية وجريمة العدوان.

واتهمت المحكمة نتنياهو وغالانت باستخدام التجويع كسلاح حرب، من بين تهم أخرى، في الصراع مع «حماس» في غزة.

واتهمت المحكمة محمد الضيف، أحد المخططين الرئيسيين لهجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على إسرائيل، بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك القتل والتعذيب والعنف الجنسي واحتجاز الرهائن.

لا تعترف الدول القوية، بما في ذلك روسيا والولايات المتحدة والصين، بسلطة المحكمة. ولم تصادق على نظام روما الأساسي، ولا تحترم المذكرات الدولية الصادرة عن المحكمة ولن تسلم مواطنيها للمحاكمة.

لا إسرائيل ولا فلسطين عضوان في المحكمة. ولكن في حين لا تعترف العديد من الدول بدولة فلسطين، فقد فعلت المحكمة ذلك منذ عام 2015، عندما وقع قادة السلطة الفلسطينية، التي تسيطر على جزء كبير من الضفة الغربية.

وعلى الرغم من سيطرة «حماس» على غزة منذ عام 2007 ولا تعترف الجماعة المسلحة بخضوعها لدولة فلسطينية، فقد قضت المحكمة بأن لها ولاية قضائية على الأراضي الفلسطينية في غزة والضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية.

وقال ديفيد شيفر، السفير الأميركي السابق والمفاوض الرئيسي في النظام الأساسي الذي أنشأ المحكمة: «أود أن أزعم أن هذا يجعل تصرفات (حماس) أكثر عرضة للمحكمة الجنائية الدولية. إن السلطة القضائية للمحكمة الجنائية الدولية لا تقتصر على (حماس) فقط، بل إن (حماس) أثبتت دورها كسلطة حاكمة لذلك الجزء من دولة فلسطين، وبالتالي فإن هذه السلطة تحمل المسؤولية، بما في ذلك ارتكاب جرائم فظيعة».

ومن الأهمية بمكان بالنسبة لسلطة المحكمة أن اختصاصها يمكن أن يمتد إلى ما هو أبعد من الدول الأعضاء. ويمنح نظام روما الأساسي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بموجب ميثاق الأمم المتحدة، سلطة إحالة جرائم الفظائع المرتكبة في أي دولة -عضو في المحكمة الدولية أم لا- إلى الهيئة القانونية للتحقيق.

وقد أحال مجلس الأمن السودان إلى المحكمة في عام 2005 بشأن الوضع الإنساني في دارفور، وأحال ليبيا في عام 2011 رغم أن كلتا الدولتين ليست عضواً في المحكمة.

وقال الخبراء إنه نظراً للتوترات الحالية بين الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس (بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة)، فمن غير المرجح أن يحيل المجلس بالإجماع فرداً إلى المحكمة للمحاكمة في أي وقت قريب.

وأشار شفير إلى أنه «نظراً للطبيعة غير الوظيفية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في السنوات الأخيرة، فمن غير المرجح أن تنجو أي إحالة مقترحة لأي حالة معينة في العالم من الفيتو».

هل سعت المحكمة إلى محاكمة زعماء من دول غير أعضاء؟

بالفعل، سعت المحكمة إلى محاكمة زعماء من دول غير أعضاء، فروسيا ليست عضواً في المحكمة، ولكن في عام 2023 أصدرت مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بشأن غزو موسكو الكامل لأوكرانيا، التي لم تصبح عضواً بعد ولكنها منحت المحكمة الاختصاص ودعتها للتحقيق.

كما أصدرت المحكمة مذكرات اعتقال بحق عمر حسن البشير، الرئيس السابق للسودان، والعقيد معمر القذافي، الزعيم السابق لليبيا. ولا تتمتع أي من الدولتين بعضوية المحكمة.

في عام 2017، بدأ المدعي العام للمحكمة التحقيق في مزاعم جرائم الحرب في أفغانستان، بما في ذلك أي جرائم ربما ارتكبها الأميركيون. ورداً على ذلك، فرضت واشنطن عقوبات على فاتو بنسودا، المدعية العامة للمحكمة في ذلك الوقت، وألغت تأشيرة دخولها. وأسقطت المحكمة تحقيقاتها في وقت لاحق.

هل يمكن للمحكمة إنفاذ أوامر الاعتقال؟

في حين أن نطاق المحكمة قد يكون عالمياً تقريباً من الناحية النظرية، فإن قوتها في نهاية المطاف في أيدي أعضائها.

لا يمكن للمحكمة محاكمة المتهمين بارتكاب جرائم غيابياً وليس لديها آلية لمحاكمة المتهمين. إنها تعتمد على الدول الأعضاء للعمل كجهات منفذة واحتجاز المشتبه بهم قبل أن يتمكنوا من المثول للمحاكمة في لاهاي. ومع ذلك، لا تلتزم جميع الدول الأعضاء بالاتفاق.

قال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الجمعة، إنه دعا نتنياهو لزيارة بلاده، وهي عضو في المحكمة، وأنه سيتجاهل التزامه الرسمي بالتصرف بناءً على مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة.

في سبتمبر (أيلول)، زار بوتين منغوليا، وهي عضو آخر، من دون أن يتم القبض عليه.

وزار البشير جنوب أفريقيا، وهي أيضاً عضو، لحضور قمة الاتحاد الأفريقي لعام 2015.