المسيّرات الإيرانية تربك العلاقات بين بوليفيا والأرجنتين

لاباز دافعت عن اتفاقها مع طهران

وزير الدفاع البوليفي إدموندو نوفيلو ونظيره الإيراني محمد رضا آشتياني يوقّعان اتفاقاً في طهران الأسبوع الماضي (تسنيم)
وزير الدفاع البوليفي إدموندو نوفيلو ونظيره الإيراني محمد رضا آشتياني يوقّعان اتفاقاً في طهران الأسبوع الماضي (تسنيم)
TT

المسيّرات الإيرانية تربك العلاقات بين بوليفيا والأرجنتين

وزير الدفاع البوليفي إدموندو نوفيلو ونظيره الإيراني محمد رضا آشتياني يوقّعان اتفاقاً في طهران الأسبوع الماضي (تسنيم)
وزير الدفاع البوليفي إدموندو نوفيلو ونظيره الإيراني محمد رضا آشتياني يوقّعان اتفاقاً في طهران الأسبوع الماضي (تسنيم)

تهدد صفقة إيرانية لتزويد بوليفيا بالمسيرات علاقة الأخيرة مع جارتها الجنوبية الأرجنتين التي طالبت بتفسيرات عن الاتفاق المبرم الأسبوع الماضي، وأثار مخاوف أمنية في المنطقة، وأكد وزير الدفاع البوليفي إدموندو نوفيلو اهتمام بلاده بالحصول على تكنولوجيا المسيّرات الإيرانية لحماية حدودها ومكافحة تهريب المخدرات.

وجاءت تصريحات الوزير البوليفي للصحافيين غداة إرسال وزير الخارجية الأرجنتيني مذكرة إلى السفارة البوليفية في بوينس آيرس يطلب فيها معلومات عن «نطاق المناقشات وأي اتفاقيات محتملة تم التوصل إليها» خلال زيارة نوفيلو إلى إيران خلال الأسبوع الماضي.

كذلك، قدّم مشرّعون من المعارضة البوليفية طلباً لمعلومات بعدما اكتشفوا من خلال وسائل الإعلام توقيع مذكرة تفاهم مزعومة خاصة بالدفاع والأمن بين نوفيلو ونظيره الإيراني محمد رضا آشتياني، في 20 يوليو (تموز).

وذكرت وكالة «أسوشييتد برس» أن نوفيلو قلل من أهمية مخاوف بوينس آيرس، واصفاً إياها بـ«مبالَغ فيها»، قائلاً: إنها تأتي من مشرّع أرجنتيني «أفهم أن لديه أصولاً إسرائيلية»، دون أن يذكر اسمه.

كما تحدث الوزير عن «عرض سياسي» مرجحاً وجود علاقة بينها وبين الانتخابات المقبلة في الأرجنتين، وبأن «بعض القطاعات في تيار اليمين بالبلاد تحاول استخدام هذه المسألة لأغراض سياسية».

ومن المقرر أن تجري الأرجنتين انتخابات تمهيدية خلال الشهر المقبل قبيل الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في أكتوبر (تشرين الأول).

وزير الدفاع البوليفي إدموندو نوفيلو أغيلار يعقد مؤتمراً صحافياً في لاباز أمس (أ.ب)

رفض وزير الخارجية الأرجنتيني التعليق على المؤتمر الصحافي لنوفيلو، وكذلك نفى الوزير البوليفي توقيع مذكرة تفاهم مع إيران، حيث قال إنه وقّع فقط «وثيقة» مع نظيره في طهران من أجل تحديد النقاط ذات الاهتمام المشترك.

وكانت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) قد نشرت خبر مذكرة التفاهم، لكن لم تعلن أي من الدولتين عن أمر الوثيقة رسمياً. وقال الوزير الإيراني: إن «دول أميركا اللاتينية تتمتع بأهمية خاصة في السياسة الخارجية وسياسة الدفاع الخاصة بإيران؛ نظراً لأهمية منطقة أميركا الجنوبية الحسّاسة للغاية».

ورداً على المذكرة الأرجنتينية، أفصح نوفيلو عن اهتمام بوليفيا بالطائرات المسيّرة الإيرانية المتطورة القادرة على مراقبة المناطق الجبلية وتزويد القوات المسلحة بصور في وقت وقوع الأحداث، مشيراً إلى أن تلك التكنولوجيا قد تعزز جهود الدولة لتأمين الحدود.

مع ذلك لم يذكر ما إذا كانت بوليفيا سوف تشتري الطائرات المسيّرة أم أنها ستأخذها كتبرع، لكن ذكر معهد دراسة الحرب، الذي يوجد مقرّه في واشنطن، خلال الأسبوع الماضي أن «إيران سعت إلى زيادة عدد الدول التي تشتري الطائرات المسيّرة الإيرانية خلال السنوات القليلة الماضية».

جاءت المذكرة المقدّمة من المقرّ الدبلوماسي الأرجنتيني في اليوم نفسه الذي قدّم فيه أعضاء المعارضة في بوليفيا طلباً كتابياً إلى الحكومة بتقديم معلومات بشأن نطاق الاتفاقية التي تم إبرامها في 20 يوليو.

صرّح غوستافو ألياغا، مشرّع في المعارضة البوليفية وأمين لجنة الدفاع والقوات المسلّحة في مجلس النواب، لوكالة «أسوشييتد برس» قائلاً «على وزير الدفاع توضيح وتفسير الاتفاقية، وسبب توقيعها مع دولة لديها تعقيدات على الساحة الدولية في وقت ينبغي على بوليفيا أن تكون فيه دولة مسالمة بحسب دستورها». وأضاف: «كل ما أعرفه هو ما تنشره الصحف».

تباين في برلمان بوليفيا

وقال المشرّع عضو المعارضة في بوليفيا «إنهم يقولون إن (إيران) سوف تقدم لنا طائرات مسيّرة، في حين يقول آخرون إنهم سوف يقدمون لنا صواريخ. يبدو كل هذا غريباً، وما يزيده غرابة هو انخراط إيران في الأمر. لا أستطيع أن أفهم السبب الذي يدفع بوليفيا إلى الانخراط في مثل هذه العلاقة المعقّدة الصعبة».

على الجانب الآخر، امتدح السيناتور ليوناردو لوزا، المنحاز لحزب «الحركة نحو الاشتراكية» الحاكم، الاتفاقية. وأوضح لوزا، أمين لجنة الأمن في مجلس الشيوخ، قائلاً: «لدى هذا البلد الحق في توقيع مثل هذه الاتفاقيات. الولايات المتحدة هي الدولة الأخطر، ولدى بوليفيا الحق في توقيع اتفاقيات مع دول أخرى».

وكانت فنزويلا قد صرحت في السابق بأنها كانت تصنّع طائرات مسيّرة بمساعدة إيران، بحسب أنيكا غانزيفيلد، محللة للشأن الإيراني في مشروع التهديدات الخطرة في معهد المشروع الأميركي، وهو مؤسسة شريكة لمعهد دراسة الحرب.

وزير الدفاع الإيراني آشتياني يتوسط قادة الجيش على هامش معرض لمسيّرات الجيش (تسنيم)

وجاء الاتفاق البوليفي - الإيراني بعد نحو شهرين من جولة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في أميركا الجنوبية وشملت فنزويلا ونيكاراغوا وكوبا.

وقالت غانزيفيلد: «لقد أبدى الرئيس الإيراني اهتماماً كبيراً بتنمية العلاقات مع دول أميركا الجنوبية مقارنة بسلفه. تشير عودة تركيز إيران على أميركا اللاتينية إلى محاولتها ترسيخ أقدامها في هذه المنطقة، خاصة من خلال تعزيز العلاقات والمعاملات الاقتصادية وربما من خلال استئناف عقد صفقات السلاح».

شبح تفجير «آميا»

لقد أثار ذلك الاتفاق المذكور مخاوف خاصة في الأرجنتين، حيث يقول ممثلو الادعاء العام بها منذ وقت طويل باستغلال مسؤولين إيرانيين لتنظيم «حزب الله» اللبناني المسلّح في تنفيذ تفجير مركز الجالية اليهودية في بوينس آيرس «آميا» عام 1994، والذي أسفر عن مقتل 85 شخصاً، لكن نفت إيران تورطها بأي شكل في ذلك الهجوم.

لطالما ربطت بوليفيا بإيران علاقات وطيدة خلال فترة حكم الرئيس إيفو موراليس (2006-2019)، حيث زار محمود أحمدي نجاد، الرئيس الإيراني آنذاك، بوليفيا ثلاث مرات. وقد أدى هذا التحالف إلى مشاحنات دبلوماسية مع الأرجنتين، كانت أبرزها في 2011 عندما طردت بوليفيا أحمد وحيدي، وزير الدفاع الإيراني آنذاك؛ بناءً على طلب بوينس آيرس، حيث عدّ ممثلو الادعاء العام في الأرجنتين وحيدي وهو القائد السابق لـ«فيلق القدس» الموكل العمليات الخارجية في «الحرس الثوري» من بين العقول المدبرة لهجوم «آميا».

وقال نوفيلو: إنه لا ينبغي النظر إلى زيارته إلى طهران على أنها «تهديد»، مؤكداً أن بوليفيا «دولة مسالمة».

وكتب خورخي فوري، وزير خارجية أرجنتيني سابق، في تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي يوم الاثنين: «على الأرجنتينيين التيقظ وتوخي الحذر، ومراقبة وجود عملاء إيرانيين في بوليفيا، والذين سوف ينخرطون، تحت ذريعة التعاون في مكافحة تهريب المخدرات، في أنشطة استخباراتية ربما تؤثر سلباً على الأرجنتين».


مقالات ذات صلة

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

شؤون إقليمية رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

توقع مسؤول إيراني بارز تغيّر المعادلة في الشرق الأوسط بعد رسالة المرشد علي خامنئي الأخيرة إلى لبنان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران ستستخدم أجهزة طرد مركزي متقدمة رداً على قرار «الطاقة الذرية» ضدها

قالت إيران إنها ستتخذ إجراءات عدة من بينها استخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة، رداً على القرار الذي اتخذته «الوكالة الدولية للطاقة» الذرية مساء الخميس ضدها.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

اعتمد مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الربع السنوي في فيينا play-circle 01:24

دول غربية تدعو إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

دعت دول غربية إيران إلى «تدمير اليورانيوم 60 % فوراً»، فيما رجحت تقارير أن يصوت مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على قرار ضد إيران غداً الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية مسيرات انتحارية من طراز «شاهد 136» خلال العرض العسكري السنوي للجيش الإيراني بطهران (تسنيم)

تقرير: إيران تخفي برامج الصواريخ والمسيرات تحت ستار أنشطة تجارية

قالت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية إن إيران لجأت إلى قطاعها التجاري لإخفاء تطويرها للصواريخ الباليستية، في خطوة للالتفاف على العقوبات الدولية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«الطاقة الذرية الإيرانية»: لم نتفق على ألا يتجاوز التخصيب 60%

عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)
عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)
TT

«الطاقة الذرية الإيرانية»: لم نتفق على ألا يتجاوز التخصيب 60%

عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)
عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

نقلت وكالة «تسنيم» الإيرانية عن المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي، قوله اليوم (السبت) إن بلاده لم تتفق على ألا يتجاوز تخصيب اليورانيوم نسبة 60 في المائة، وأضاف: «بل لدينا أوامر بزيادة السرعة، والعمل جارٍ على ذلك تدريجياً».

وتابع: «لم نوقف التخصيب بنسبة 60 في المائة، المفتشون كان من المفترض أن يأتوا بعد انتهاء اجتماع مجلس المحافظين لتقييم القدرات. هذه القدرات كانت ستبقى ثابتة لمدة شهر دون توقف التخصيب، مع تحويل المواد المخصبة إلى مستوى أقل».

وشدد كمالوندي على أن إيران أبلغت الوكالة الدولية للطاقة النووية أنها ستقوم بتشغيل آلاف أجهزة الطرد المركزي في «حال المواجهة» معها، وأكد أن الضغوط والتهديدات الغربية بشأن البرنامج النووي لبلاده لن تؤدي إلى أي نتيجة.

من جهتها، ذكرت وكالة «تسنيم» الإيرانية للأنباء أن كيومرث حيدري، قائد القوة البرية للجيش، أعلن خلال مؤتمر صحافي إدخال غواصات جديدة للخدمة قريباً.

وقال حيدري: «نحن في طور بناء غواصات جديدة ستنضم قريباً».

كما أعلن حيدري تصنيع سفن حربية أكثر ثقلاً من طراز «موج»، قائلاً: «نعمل حالياً على بناء اثنتين من هذه السفن، وسيتم الإعلان عنها في الوقت المناسب».

وأضاف: «إن حماية مصالح البلاد في المياه الساحلية والدولية، وضمان أمن خطوط الملاحة البحرية في السلم والحرب، تتطلب قوة بحرية على مستوى إقليمي ودولي».

ويأتي تصريح القائد العسكري الإيراني وسط توترات متزايدة بين إيران وإسرائيل؛ إذ قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مؤخراً إن بلاده تعتبر الهجوم الأخير الذي شنته إسرائيل على أراضيها بمثابة «هجوم جديد ويستحق رداً من جانبنا».