رواية أميركية بطلها «أخطبوط مشاكس» تكسب قلوب الملايين

عادت إلى قائمة الكتب الأكثر مبيعاً بعد عام ونصف العام من صدورها

رواية أميركية بطلها «أخطبوط مشاكس» تكسب قلوب الملايين
TT

رواية أميركية بطلها «أخطبوط مشاكس» تكسب قلوب الملايين

رواية أميركية بطلها «أخطبوط مشاكس» تكسب قلوب الملايين

في العام قبل الماضي، أثناء ذروة عروض خصومات موسم العطلات، بدأت بيث سيوفر باس تتلقى طلبات غير عادية من العملاء في «Bookmarks» وهي مكتبة مستقلة، كارولاينا الشمالية، الولايات المتحدة. تقول باس: «لقد كان سؤال القراء هو دائماً: هل لديك ذلك الكتاب الخاص بالأخطبوط؟».

وكانت باس تعرف بالضبط أي كتاب يقصدونه، إذ كانوا يقصدون رواية «مخلوقات مشرقة بشكل ملحوظ» لشيلبي فان بيلت، وهي رواية تتحدث عن أخطبوط غريب الأطوار.

لم تكن الزيادة في حجم الطلب على الرواية متوقعة، وذلك لأنها كانت قد صدرت في ربيع عام 2022، والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن المبيعات استمرت في الزيادة بشكل كبير بعد انتهاء موسم العطلات من ذلك العام أيضاً، وحتى شتاء وربيع عام 2023. ولم تتراجع أبداً منذ ذلك الحين. وكانت هذه الرواية هي الأكثر مبيعاً على موقع مكتبة «Bookmarks» لعام 2023، وقد زادت طلبات الحصول عليها مرة أخرى في موسم العطلات الحالي أيضاً.

تقول باس، التي قدمت الرواية لاثنتين من قريباتها في عيد الميلاد: «لا أعتقد أن مبيعات هذه الرواية ستنخفض، لأن كل من يقرأها يريد أن يقرأها أشخاص آخرون أيضاً، وبغض النظر عن مزاجك أو ما تمر به، يمكنني أن أضع هذا الكتاب بين يديك».

وفي بيئة البيع بالتجزئة التي لا يمكن التنبؤ بها، والتي غالباً ما يتم تصنيف الكتب الأكثر مبيعاً فيها من خلال منشورات تطبيق وسائل التواصل الاجتماعي «تيك توك» التي تنتشر بشكل كبير، تعد رواية «مخلوقات مشرقة بشكل ملحوظ» واحدة من قصص النجاح النادرة، فهي تعكس اتجاهاً أدبياً غريباً يجري لأول مرة بدعم محبي القراءة وتوصيات القراء.

وحتى ديسمبر (كانون الأول) الماضي بيعت 1.4 مليون نسخة من الرواية، وهو إنجاز مثير للإعجاب لرواية يكون الراوي فيها لأول مرة أخطبوطاً مشاكساً، كما تجاوزت المبيعات في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي أيضاً مبيعات موسم عطلات العام الذي سبقه، وعادت الرواية إلى الظهور مؤخراً في قائمة صحيفة «نيويورك تايمز» للكتب الأكثر مبيعاً.

وفي حين أن العديد من العوامل التي تدفع زيادة الطلب على رواية «مخلوقات مشرقة بشكل ملحوظ» تبدو فريدة من نوعها، فإن هذا المسار الجديد يعكس أيضاً تحولاً مستمراً في تجارة الكتب، مع تجاوز مبيعات الكتب القديمة لتلك الجديدة، فمن بين أكثر 50 رواية مبيعاً للبالغين لعام 2023، تم نشر 16 رواية فقط في 2023، بينما كانت البقية روايات قديمة، وفقاً لشركة «Circana BookScan»، التي تتتبع مبيعات المطبوعات.

وكانت بعض الروايات الأدبية الأكثر مبيعاً العام الماضي، بما في ذلك رواية غابرييل زيفين «غداً وغداً وغداً» و«دروس في الكيمياء» لبوني غارموس، قد ظلت خارج القائمة منذ عام ونصف العام تقريباً، لكنها حققت مبيعات أعلى في 2023 من العام السابق.

وقد فاجأ الاستمرار غير العادي للطلب على رواية «مخلوقات مشرقة بشكل ملحوظ» ناشرها «إيكو»، إذ إنه عادة ما تكون مبيعات الكتب أقوى في الأسابيع الأولى التي تلي النشر مباشرة، عندما تكون هناك موجة من الاهتمام الإعلامي والتقييمات ثم تتضاءل المبيعات شيئاً فشيئاً، ولكن بعد فترة هدوء قصيرة في صيف عام 2022، انتعشت مبيعات الرواية ثم ازدادت بشكل كبير مع الوقت، مما أعادها إلى قوائم الكتب الأكثر مبيعاً في 2023، وحتى الآن، طلبت «إيكو» 28 نسخة مطبوعة منها.

تقول كريستين ماكلين، العاملة في شركة «Circana BookScan»: «يبدو أن الأمر يتضمن جميع السمات المميزة للشكل الطبيعي للترويج للروايات، إذ إننا عدنا إلى التوصيات الشفهية القديمة من بائعي الكتب، أو الأصدقاء».

وكانت قد خطرت لفان بيلت، وهي مستشارة مالية سابقة، الفكرة التي تحولت إلى هذه الرواية لأول مرة عام 2013، عندما شاركت في ورشة عمل حول الكتابة الخيالية في جامعة إيموري في أتلانتا، وكانت إحدى المهام هي كتابة قصة قصيرة من منظور غير عادي، وتوصلت حينها إلى شخصية أخطبوط لاذع يشعر بالملل والإحباط بسبب حبسه في حوض للسمك، وحينها سحبها معلمها جانباً واقترح عليها بناء شيء أكبر حول هذه الشخصية، وبالفعل بدأت في كتابة مقالات قصيرة عن هذا الأخطبوط.

وفي البداية، لم تقلق بيلت كثيراً من أنها كانت تخوض مخاطرة إبداعية من خلال كون الراوي والبطل أخطبوطاً ذكياً للغاية، لأنها لم تعتقد أن عملها سيتم نشره على الإطلاق، إذ تقول: «لم أكن أفكر كثيراً في الأمر، وكنت أتساءل: هل ما أكتبه يمكن بيعه؟ وذلك لأنني لم أعتقد قط أن أحداً سيقرأ ما أكتبه».

وواصلت بيلت اللعب بالشخصية ورأت في النهاية إمكانية كتابة رواية، لكنها أدركت أنه سيكون من الصعب كتابة كتاب كامل من منظور الأخطبوط وحده، وحينها توصلت إلى شخصية توفا، وهي أرملة تبلغ من العمر 70 عاماً ولها ماض مؤلم وتعمل عاملة نظافة في مركز ترفيهي لأحواض السمك، وتدور أحداث القصة في مدينة خيالية في شمال غربي المحيط الهادي؛ حيث نشأت فان بيلت، أما شخصية توفا فهي مستوحاة من جدتها السويدية.

وفي الرواية تطور توفا علاقة ودية مع مارسيلوس، وهو أخطبوط المحيط الهادي العملاق المقيم في حوض سمك داخل المركز الذي تعمل فيه. وضمن تطور الأحداث تبدأ توفا تثق بمارسيلوس، وتبدأ تشكو له ماضيها، حيث تشعر بالألم بسبب اختفاء ابنها منذ عقود، كما تشعر بالقلق بشأن مستقبلها الغامض كامرأة مسنة تعيش بمفردها، ومع نمو علاقتهما، تساعد مارسيلوس في العثور على بعض الحرية، حيث يهرب من مكان إقامته كل ليلة للتجول في أحواض السمك والاستمتاع بوقته مع الكائنات البحرية الأخرى في المركز الترفيهي.

أمضت فان بيلت عدة سنوات في إعادة كتابة الفصول القليلة الأولى، حتى توصلت هي وشريكتها في الكتابة إلى اتفاق لإنهاء كتابهما، وكتبت الجزء الأكبر من العمل عام 2020 في ذروة وباء فيروس «كورونا المستجد»، عندما كانت في المنزل مع طفليها، اللذين كانا يبلغان من العمر حينها 4 و6 سنوات.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، راسلت العديد من الوكلاء بشأن الرواية، وردت إحداهن، كريستين نيلسون، على الفور، وتتذكر نيلسون قائلة: «تواصل معي مساعدي حينها وقال: خطر لي هذا السؤال اليوم: إنه إما عمل رائع أو مجنون، فهو يدور حول أخطبوط ناطق».

ودفعت الرواية للنشر بعد وقت قصير من إصدار الفيلم الوثائقي الذي نال استحسان النقاد «معلم الأخطبوط الخاص بي»، والذي ركز على العلاقة غير العادية التي تنشأ بين رجل وأخطبوط، وتقول فان بيلت: «لم يكن بإمكاني التخطيط للأمر بشكل أفضل».

وعندما سمعت هيلين أتسما، ناشرة «إيكو» فكرة الكتاب، انبهرت بها، ولكنها كانت متشككة بعض الشيء، إذ إنها كانت قد شاهدت فيلم «معلم الأخطبوط الخاص بي»، وكان لديها فضول لرؤية تمثيل خيالي لما يدور بعقل الأخطبوط، لكنها تساءلت عما إذا كان الأمر سينجح، قائلة: «كنت أرى أن الأمر سيكون صعباً، وأتذكر أنني كنت أحدث نفسي قائلة إن الأمر إما سيكون جيداً حقاً، أو أنه لن ينجح على الإطلاق». وقد اشترت «إيكو» الرواية في مزاد بمبلغ مكون من ستة أرقام، ووضعتها كواحدة من أهم إصداراتها الأولى عام 2022.

وكانت للرواية بداية قوية في شهر مايو (أيار) من ذلك العام، مع طلبات كثيرة من متاجر مستقلة مثل «Target» و«Barnes».

*خدمة» نيويرك تايمز» كتبت شيلبي فان بيلت الجزء الأكبر من العمل عام 2020 في ذروة وباء «كورونا» عندما لازمت المنزل مع طفليها



«العودة إلى متوشالح... معالجة مُستقبليّة لأسفار موسى الخمسة» بالعربية

«العودة إلى متوشالح... معالجة مُستقبليّة لأسفار موسى الخمسة» بالعربية
TT

«العودة إلى متوشالح... معالجة مُستقبليّة لأسفار موسى الخمسة» بالعربية

«العودة إلى متوشالح... معالجة مُستقبليّة لأسفار موسى الخمسة» بالعربية

صدر حديثاً عن «محترف أوكسجين للنشر» في أونتاريو كتابٌ جديد بعنوان: «العودة إلى متوشالح - معالجة مُستقبليّة لأسفار موسى الخمسة» للكاتب المسرحي الآيرلندي جورج برنارد شو، وقد نقله إلى العربية المترجم السوري أسامة منزلجي. ويأتي الكتاب ضمن سلسلة «أوكلاسيك»، (أوكسجين + كلاسيك = أوكلاسيك) التي يسعى من خلالها المحترف إلى «تقديم الكلاسيكيات بنهج جديد ومغاير عماده الاكتشاف وإعادة الاكتشاف»، وجاء الكتاب في 352 صفحة.

من التقديم:

«نحن هنا أمام كتابٍ يتخذ فيه برنارد شو من المسرحية والحوار والنقد السياسي طريقاً نحو البشرية وهي تعيش إحدى لحظاتها التاريخية الأكثر دماراً، ولنَكُن بعد قراءة الاستهلال حيالَ نظرياتٍ فلسفية وسياسية وأدبية تدفعنا للتفكير في طريقة تفاعلنا مع العالم وقد أمسى نموذج الحضارة على المحك، اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى، فلا محيد عن الكوارث التي يُلحقها الإنسان بنفسه وبالطبيعة. فما الذي يحتاج إليه ليصبح أكثر نضجاً وحكمةً؟ يفترض شو أن ثلاثة قرون أو أكثر من عمر الإنسان كفيلة بأن تجعله يبلغ كماله العقلي في مسار تطوّرهِ وتحقيقه غايات وجوده السامية، فهل الامتداد الأفقي للزمن يحقق ذلك؟ من أين نبدأ؟ وأين ننتهي؟ هذا ما يقدمه لنا كتاب (العودة إلى متوشالح) كونه كتاباً يتحدّى الفناء! منطلقُه الأزل ومنتهاه الأبد. يبدأ من آدم وحواء في جنة عدن، وينتهي في عام 31920 ميلادي وقد أمسى بمقدور الإنسان العيش لما يتجاوز الثلاثمائة عام، وصولاً إلى ولادته من بيضة! إنه كتاب عصيٌّ على التصنيف، له أن يجسد تماماً ماهية (الخيال العلمي)، بوصف الخيال مع جورج برنارد شو (1856 - 1950)، يستدعي العلم والفلسفة والفكر بحق، مقدّماً هجائية كبرى لداروين والانتقاء الظرفي، مفضلاً تسميته الانتقاء التصادفي، فإذا استطعنا أن نُثبت أنَّ الكون بأكمله خُلِقَ عبر ذلك الانتقاء، فلن يطيق عيش الحياة إلّا الأغبياء والأوغاد.

يتخذ الكتاب معبره إلى الخيال من حقيقة أن البشر لا يعيشون مدةً كافية، وعندما يموتون يكونون مجرد أطفال، واجداً في لامارك والنشوء الخلّاق سنده، لنكون حيال عملٍ خالدٍ، لا هو مسرحية ولا رواية، بل مزيج بينهما، مسرحية تُقرأ ولا تُجسّد، ورواية يتسيّدها الحوار...

حملت المسرحيات الخمس العناوين التالية: (في البدء)، و(مزمور الأخوان بارناباس)، و(الأمر يحدث)، و(مأساة رجل عجوز)، و(أقصى حدود الفكرة)، وعبر حوارات عميقة حول مكانة العلم والتطور والفن والإبداع يسافر بنا برنارد شو عبر الأزمنة ليناقش الأفكار التي يطرحها أبطاله منذ آدم وحواء مروراً بالزمن الحاضر، ومضيّاً نحو المستقبل البعيد وقد وصلت البشرية إلى ذروتها، وتخلَّص الناس من الحب والجنس والعاطفة، وأصبحوا كائنات منطقية خالصة! لكن عبقرية برنارد شو في هذا الكتاب تكمن في تعامله مع فكرة الخلود، بحيوية وسخرية، مستكشفاً العواقب النفسية لطبيعة العقل البشري الذي يحتاج إليه الإنسان ليعيش ألف عام ويحكم نفسه بنفسه، ويتخلّص من الصراع والحروب والآفات التي تبدأ به وتنتهي بإفنائه»

جورج برنارد شو، كم هو معروف، كاتب مسرحي وروائي ومفكّر وناشط سياسي آيرلندي، وُلد في دبلن عام 1856 وتوفي عام 1950. عُرف بآرائه الساخرة المثيرة للجدل، ونزوعه التقدمي والرؤيوي، واشتراكيته الفابية. ألّف 5 روايات، و60 مسرحية، ضمّنها أفكاره ومقارباته السياسية والتاريخية والفلسفية، عدا عن مئات المقالات والمقدمات الفكرية لأعماله. من مسرحياته: «السلاح والإنسان»، 1894، و«الإنسان والسوبرمان»، 1903، و«بجماليون»، 1913. حين فاز بجائزة نوبل للآداب عام 1925 رفضها، قائلاً: «أستطيع أن أسامح نوبل على اختراعه الديناميت، لكنْ وحده شيطان بهيئة إنسان من كان بمقدوره اختراع جائزة نوبل»، لكنه عاد وقبل الجائزة بشرط ألا يتلقى قيمتها المالية.

أما أسامة منزلجي فهو مترجم سوري له كثير من الترجمات مثل رواية «ربيع أسود»، 1980، و«مدار السرطان» و«مدار الجدي» وثلاثية «الصلب الوردي»، لهنري ميللر، و«أهالي دبلن» لجيمس جويس، و«غاتسبي العظيم» و«الليل رقيق» و«هذا الجانب من الجنة» لسكوت فيتزجيرالد، ومسرحيات وروايات لتينسي وليامز وبول أوستر وفيليب روث وتيري إيغلتون وآلي سميث وإريكا يونغ.