صراع «فيسبوك» والناشرين يُجدد المخاوف بشأن انتشار «الأخبار الزائفة»

«الذكاء الاصطناعي» يهدد بمفاقمة المشكلة

مهران كيالي (حسابه على منصة إكس)
مهران كيالي (حسابه على منصة إكس)
TT

صراع «فيسبوك» والناشرين يُجدد المخاوف بشأن انتشار «الأخبار الزائفة»

مهران كيالي (حسابه على منصة إكس)
مهران كيالي (حسابه على منصة إكس)

تجدّدت المخاوف من انتشار «الأخبار الزائفة» و«المعلومات المضلّلة» على منصة «فيسبوك» بعد تراجع دور الأخبار موثوقة المصدر على المنصة منذ منتصف العام الماضي، أمام خلفية عزوف «ميتا» - الشركة المالكة لـ«فيسبوك» - عن دعم الناشرين، بحجة أن الأخبار لا تشغل إلا حيزاً محدوداً من اهتمام المستخدمين، الأمر الذي عدّه خبراء فرصةً أفسحت المجال لحسابات تُدار من قبل أفراد يتبنون نشر «أخبار زائفة» بهدف تحقيق أرباح.

تقرير أعدّته صحيفة «النيويورك تايمز» الأميركية في يونيو (حزيران) الحالي، كان قد تناول مسار أحد أكثر حسابات الأخبار الزائفة في الولايات المتحدة الأميركية شعبية. وأثار تساؤلات حول دور «فيسبوك» في التصدي للأخبار الزائفة في ظل غياب الدعم للمؤسسات الإعلامية الكبرى. وكشفت الصحيفة عن أن الحساب السالف الذكر، الذي يديره مُدوّن يُدعى كريستوفر بلير، يحقق مكاسب شهرية تُقدّر بنحو 15 ألف دولار من أخبار زائفة تصل إلى ملايين الأشخاص رغم ادعاء «فيسبوك» ملاحقتها «المعلومات المضللة».

ووفق ما ذكرته الصحيفة، فإن منصة «فيسبوك» كانت قد أقدمت على تعديل خوارزميتها بعد أحداث الهجوم على «مبنى الكابيتول» في واشنطن مطلع 2021، وتردد حينذاك أن المنصة كانت على دراية بدور حسابات الأخبار الزائفة في إثارة التوتر في الشارع الأميركي. وحسب كلام المدوّن بلير «توارى دور حسابه إلى حد الانهيار؛ بسبب ملاحقة فيسبوك وتصدّيها للأخبار الكاذبة بعد أحداث مبنى الكابيتول بالفعل». غير أن التصدي هذا لم ينجح في الصمود أمام «حسابات الأخبار الكاذبة» لأكثر من 6 أشهر. إذ ذكر بلير أن «منشوراته» عادت إلى الازدهار منذ بداية العام الحالي، وباتت تحظى بتفاعل مضاعف مقارنة حتى بالسنوات القريبة الماضية. ووفق الصحيفة الأميركية ارتفعت التفاعلات إلى 7.2 مليون تفاعل مقارنة بمليون تفاعل في عام 2021 بأكمله.

البروفسورة جنيفر ستورمر-غالي (جامعة سيراكيوز)

مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا»، قال في لقاء مع «الشرق الأوسط» إن انتشار الأخبار الزائفة تبرّره «ميتا» بذريعة سعيها لإرساء الحق في التعبير عن وجهات نظر مختلفة. وأضاف أن «ميتا» أكدت غير مرة أن المنشورات التي تعدّها أخباراً مزيفة «يجري تخفيض رتبتها في موجز الأخبار». واستدرك، فقال: «لكن الواقع يقول إنه يستحيل على شركة ميتا مراقبة ملايين المنشورات يومياً، حتى مع تطور الأدوات الآلية ونظم التصفية الدقيقة». وأرجع كيالي الأمر أيضاً إلى اتجاه «ميتا» خلال السنوات الأخيرة إلى تسريح عديد من الموظفين، موضحاً أنه «كان على رأسهم الموظفون الذين يعملون في أقسام تدقيق المحتوى». وعن سماح «فيسبوك» بتحقيق أرباح من الأخبار المزيفة، قال: «إن التربح من الأخبار المزيفة على فيسبوك يأتي بأشكال عدة، منها المالي المباشر وفقاً للزيارات، أو التسويق إلى مواقع إلكترونية خارجية... ولدى ميتا ضوابط عديدة لتحقيق الربح على فيسبوك، ليس من ضمنها صحة الخبر».

من جهة ثانية، في حين عدّ كيالي أن تراجع «فيسبوك» عن دعم الناشرين لا يُعد سبباً مباشراً لانتشار الأخبار المزيفة، فإنه وضع علاقة «فيسبوك» بالناشرين ضمن سبل الحد من «المعلومات المضلِّلة» على المنصة. وقال: «بشكل عام يجب أن تكون شركة ميتا أقرب إلى هذه السوق (السوقي الإعلامية)، وأن تعمل جنباً إلى جنب مع الناشرين لضمان نشر معلومات أكثر دقة تلتزم بمعايير مهنة الإعلام... وهنا يجب التأكيد على دور الناشرين في حماية صحة ودقة المعلومات وأهمية مراعاة هذه المعايير». وطالب في المقابل شركة «ميتا» بـ«أن تقدم أدوات وتقنيات للناشرين لتمكينهم من اكتشاف أو تقييم الأخبار، بالإضافة إلى توثيق معيّن للصفحات يتيح للمتابعين معرفة أن هذه الصفحة لديها محتوى موثوق من فيسبوك».

دور «الذكاء الاصطناعي» في أزمة التضليل

بالتوازي، يشير خبراء ومتابعون إلى تفاقم أزمة التضليل على «فيسبوك» مع تطوّر أدوات «الذكاء الاصطناعي»، إذ رأت البروفسورة جنيفر سترومر-غالي، أستاذة الإعلام الرقمي بجامعة سيراكيوز بالولايات المتحدة الأميركية، في تقرير نشرته وكالة «أسوشييتد برس» نهاية العام الماضي، أن «ظهور برامج الذكاء الاصطناعي المتطورة يعني أن التزييف من خلال إنشاء ملفات صوتية وفيديوهات ملفقة بات أكثر سهولة... وغدا أداة متاحة للعامة وليس المختصين فقط». وتابعت الأكاديمية الأميركية القول إنها لا تعوّل حتى الآن على دور المنصات، إذ «لا تزال المنصات لا تأخذ دورها في المجال العام على محمل الجد».

وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، قالت الدكتورة رضوى عبد اللطيف، مديرة العلاقات الأكاديمية بـ«مؤسسة صحافة الذكاء الاصطناعي للبحث والاستشراف» في دبي وخبيرة ومدربة الإعلام الرقمي وصحافة الذكاء الاصطناعي، إن فشل «فيسبوك» في ملاحقة المعلومات الزائفة والمضللة عائد إلى «انعدام الدقة في المعايير الموضوعة من قبل المنصة».

وأضافت عبد اللطيف: «أمكن رصد انحياز سافر من قبل المنصة، لا سيما في تناول الأزمات مثل الحرب الروسية – الأوكرانية، ثم أحداث غزة... ويعود ذلك إلى أن المجموعات البشرية المسؤولة عن تنقيح المنشورات هي نفسها منحازة لسياسات بعينها». وعدّت أن «تراجع فيسبوك عن دعم الأخبار يعد جزءاً من أزمة انتشار المعلومات الزائفة». وأردفت: «خوارزميات فيسبوك ذهبت لدعم الأفراد على حساب المؤسسات الإعلامية الموثوقة. وهذا خلل أسهم في نشر المعلومات المضللة لأن المؤسسات، حتى وإن وقعت في هذا الخطأ بشكل محدود، تلتزم في أغلب الأحيان بمعايير المصداقية والدقة».

واختتمت عبد اللطيف كلامها بالتركيز على أهمية عودة «فيسبوك» والناشرين إلى طاولة التفاوض، وقالت: «عودة العلاقة بين فيسبوك والناشرين مرهونة باعتراف الطرفين بأحقية كل منهما في تحقيق مكاسب، كما يجب وضع قوانين مُنظِّمة لنشر الأخبار على منصات التواصل الاجتماعي تضمن وصول المحتوى الدقيق بالشكل الذي يتناسب مع أهميته».



انطلاق المنتدى السعودي للإعلام 19 فبراير المقبل

المنتدى يُشكِّل فرصةً للشركات والأفراد للاطلاع على أحدث تطورات الإعلام (تصوير: بشير صالح)
المنتدى يُشكِّل فرصةً للشركات والأفراد للاطلاع على أحدث تطورات الإعلام (تصوير: بشير صالح)
TT

انطلاق المنتدى السعودي للإعلام 19 فبراير المقبل

المنتدى يُشكِّل فرصةً للشركات والأفراد للاطلاع على أحدث تطورات الإعلام (تصوير: بشير صالح)
المنتدى يُشكِّل فرصةً للشركات والأفراد للاطلاع على أحدث تطورات الإعلام (تصوير: بشير صالح)

تنطلق النسخة المقبلة من «المنتدى السعودي للإعلام» في الرياض بتاريخ 19 وتستمر حتى 21 فبراير (شباط) 2025، حسبما أعلن رئيسه محمد الحارثي خلال لقاء استضافه معرض «ميبكوم» العالمي بمدينة كان الفرنسية، بحضور مسؤولي كبرى شركات الإنتاج الدولية، والمتخصصين.

وعدّ الحارثي البُعد الدولي للمنتدى أحد أهم مسببات إعلانه في «مبيكوم»، بجانب المشاركة في معرض «IBC» للإنتاج الإعلامي والبث الرقمي، بمدينة أمستردام الهولندية، مشيراً إلى أن اللجنة المنظمة «تبذل جهوداً مضاعفة هذا العام لتقديم نسخة أفضل مما سبق، باعتبار كل نجاح تحدياً لنجاح أكبر».

وأكد أهمية تعزيز وصول المنتدى ومعرضه المصاحب «مستقبل الإعلام» (فومكس) لأكبر قدر من الجماهير مع جذب الشركات الدولية، لافتاً إلى أن المعرض الذي يعد الأكبر من نوعه في المنطقة، يجمع نحو 200 شركة من 30 دولة، ليكون منصة تفاعلية تستعرض أحدث التقنيات والابتكارات بالمجال.

وأضاف أن السعودية تشهد حراكاً مستمراً على الأصعدة كافة وبمختلف المجالات ضمن «رؤية 2030»، و«هو ما يعطي فرصاً أكبر للنمو الإعلامي، ونمو السوق الاستثماري في جوانب التقنية الإعلامية التي يركز عليها الحدث»، لافتاً إلى أن المنتدى يُشكِّل فرصة للشركات والأفراد لتطوير إمكاناتهم، والاطلاع على أحدث التطورات، والوجود بسوق نشط «يعدّ القلب النابض للمنطقة».

وأشار الحارثي إلى أن المنتدى سيشهد مبادرات يتم خلالها تفعيل الشراكات المحلية والدولية عبر مسارات عدة، منها «تمويلي» للمشاريع الناشئة، وأخرى وظيفية وتطويرية للمواهب الشابة والعاملين بالمجال الإعلامي؛ انطلاقاً من أدواره في دعم رأس المال البشري وتمكينه، منوّهاً بأهمية التعاون مع الشركاء الفاعلين لتحقيق الأهداف المشتركة.

وأبان أن «جائزة المنتدى» تهدف إلى تحفيز الكفاءات من الأفراد والشركات لتقديم أعمال متميزة تسهم في تعزيز صورة السعودية كمنصة إعلامية عالمية، مضيفاً أنها تتضمن 15 مساراً تخدم تعزيز روح المنافسة بين صناع المحتوى والمؤسسات للارتقاء بالقطاع، وتكريم المميزين.

وكشف أن الجائزة تتضمن هذا العام مساراً جديداً للتسامح بالتعاون مع مركز الحوار العالمي (كايسيد)؛ لدعم القيم الإنسانية، وتعزيز التفاهم والانفتاح على الثقافات المختلفة.

وأوضح الحارثي أن مراحل التطوير التي يشهدها المنتدى وفعالياته المصاحبة تأتي مع «عام التحول الإعلامي»، والحراك الذي يشهده القطاع، ليكون عبر مؤسساته ومخرجاته كافة مواكباً لمسار التنمية الوطنية، ورؤية المملكة الطموحة.