الخدمات الإخبارية على «فيسبوك»... بين التراجع والتوافق مع الناشرين

شعار «فيسبوك»
شعار «فيسبوك»
TT

الخدمات الإخبارية على «فيسبوك»... بين التراجع والتوافق مع الناشرين

شعار «فيسبوك»
شعار «فيسبوك»

أثارت الأزمة الأخيرة بين شركة «ميتا»، مالكة منصَتي «فيسبوك» و«إنستغرام»، والناشرين من مؤسسات صحافية عالمية، تساؤلات حول مستقبل الخدمات الإخبارية على «فيسبوك» بسبب قرار «ميتا» وقف ضخ الأخبار عبر المنصتين داخل كندا، وذلك وسط محاولات لتنظيم العلاقة بين المنصات وناشري الأخبار.

يأتي هذا التطور مع توقع خبراء مزيداً من الاتجاه نحو تقليص الخدمات الإخبارية على منصات التواصل الاجتماعي. علماً بأن «ميتا» دافعت عن قرارها بالقول: إن «الأخبار، لا سيما على منصة (إنستغرام)، لا تحقق دخلاً مالياً، كما أن مستخدميها لا يبحثون عن الأخبار».

يذكر أن هذا الاتجاه برز في أعقاب إصدار قانون جديد في كندا يُلزم منصات التواصل بالدفع لناشري الأخبار. فقد اتجهت كندا إلى صياغة قواعد قانونية جديدة من شأنها تحديد العلاقة بين الناشرين ومنصات التواصل الاجتماعي. وحسب وكالة «رويترز»، جاء هذا القرار على خلفية التعثرات المتتالية التي تواجهها الكيانات الصحافية والإعلامية، متهمة فيها «منصات التواصل وشركات الإنترنت الضخمة بإخراج الكيانات الإخبارية من سوق الإعلانات الرقمية».

ويفرض قانون الأخبار عبر الإنترنت، الذي مرّره البرلمان الكندي نهاية يونيو (حزيران) الحالي، على منصات مثل «ميتا» و«ألفابيت» - الشركة الأم لـ«غوغل» و«يوتيوب» - التفاوض على الصفقات التجارية والدفع لناشري الأخبار مقابل محتواهم. غير أن منصة «فيسبوك» ترى أن روابط المقالات الإخبارية تُشكل أقل من 3 في المائة من المحتوى التفاعلي على المنصة. وأشارت إلى أن الصحافيين يستفيدون من نشر أعمالهم على منصات التواصل الاجتماعي.

القرار الكندي جاء في أعقاب قوانين كانت قد سنّتها دول أخرى مثل أستراليا تستهدف هي الأخرى «تنظيم العلاقة بين المنصات وناشري الأخبار»، غير أن القانون الكندي أثار «حفيظة» شركات «الإنترنت» لأنه أقرّ أسعاراً محددة مُلزمة لها مقابل نشر الأخبار.

الدكتور عبد الكريم الزياني، أستاذ الصحافة الرقمية بجامعة أم القيوين في دولة الإمارات العربية المتحدة، عدّ في تعليق لـ«الشرق الأوسط» أن «تقليص الخدمات الإخبارية على منصات التواصل على شاكلة (فيسبوك) ليس قراراً أوحد يحق للمنصة اتخاذه، بينما الأمر برمته يقع على عاتق ناشري الأخبار». وأضاف «ضغط المؤسسات الصحافية باعتبارها مصدر الأخبار هو المحرك الرئيس، لا سيما وأن ما يهم (فيسبوك) وأي منصة للتواصل الاجتماعي، هو الربح وسياسة توزيعه مع المصدر».

الزياني يتوقع «مزيداً من الاتجاه نحو تقليص الخدمات الإخبارية على منصات التواصل الاجتماعي». ويقول: إن «(فيسبوك) اتجهت أولاً لتقليص الإعلانات، ثم طال الأمر الخدمات الإخبارية، وذلك على خلفية (إشكالية قانونية) كانت قد تفجّرت في أستراليا منذ سنتين، وما زالت تشهد تطورات».

ويعدّ الزياني أن «فيسبوك» أمام «خسارة مرتقبة... فصحيح أن (فيسبوك) منصة للتواصل الاجتماعي، لكنها على مدار سنوات حقّقت تفاعلاً وشعبية بفضل الخدمات الإخبارية؛ بل يعدّها المستخدمون مصدراً للأخبار ووسيلة لتداول المعلومات. ومن ثم، فإنني أتوقع أن يكون للتخلي عن هذا الدور عظيم الأثر على مستقبل المنصة».

من جهة ثانية، يصف الزياني رغبة المؤسسات الصحافية وناشري الأخبار في الحصول على مقابل مادي من قِبل منصات التواصل بـ«المشروعة»، موضحاً «أنهم مصدر الأخبار، بينما منصات التواصل هي خدمة للعرض فقط. ومن ثم، فإصرار (فيسبوك) على الانسحاب ووقف الخدمات الإخبارية عبر حساباتها يعني خسارة أكيدة، تتمثل في تراجع عدد المستخدمين، وكذلك تقلص مستوى التفاعل». أما بالنسبة للمؤسسات الإخبارية، فيتوقع الزياني أن «تتجه إلى منصات أخرى أكثر مرونة من تلك التابعة لشركة (ميتا)...». كذلك، فإنه يتوقع أن «تتجه دول أخرى قريباً لسنّ قوانين مشابهة لتلك التي اعتمدتها كندا؛ ذلك أن مطالب المؤسسات الإعلامية بحق الدفع مقابل الخدمة الإخبارية سيضيّق الخناق على منصات التواصل الاجتماعي... فإما تستجيب لهذه المطالب أو تخسر المزيد من المتابعين».

إمكانية التوافق

ثمة سبل تحقق التوافق بين المنصات وناشري الأخبار، كما يعتقد الدكتور الزياني، في مقدمتها تقاسم الأرباح... إذ إن المؤسسات الصحافية تعاني اقتصادياً بسبب تراجع الإيرادات والإعلانات، وعليه، فالعوائد الرقمية ذات أهمية بالنسبة لها». إلا أنه في المقابل، يعدّ أن «العوائد التي حققتها الصحف من قبل منصات التواصل، لم ترتقِ إلى مرتبة البديل المُرضي للإعلانات الورقية»، ويوضح أن «(فيسبوك) تهيمن على النصيب الأكبر من أرباح الأخبار، بينما المؤسسات وهي منتجة المحتوى تحقق عوائد محدودة، وبالتالي، فمطالبتها بأرباح إضافية يفيد المؤسسات اقتصادياً».

كما سبقت الإشارة، كانت أستراليا أول دولة سنّت قوانين بهذا الشأن في عام 2021، غير أن شركتي «غوغل» و«فيسبوك» هدّدتا بـ«تقليص خدماتهما الإخبارية». ثم شهدت الأزمة انفراجة بعد إبرام صفقات مع شركات إعلامية أسترالية مقابل إجراء تعديلات على التشريع.

وراهناً، يتجه المشرّعون في ولاية كاليفورنيا الأميركية، حيث مقر شركة «ميتا»، إلى فرض قواعد مماثلة لتلك التي اعتمدت في أستراليا ثم كندا. ثم أن الولايات المتحدة الأميركية شهدت بالفعل ضغطاً داخل الكونغرس بشأن تغيير توزيع ربح الخدمات الإخبارية بين الناشرين والمنصات؛ ما يشكل تهديداً لشركة «ميتا» التي تحقق 40 في المائة من إيراداتها التي بلغت 117 مليار دولار العام الماضي في الولايات المتحدة، وإن كانت كل من أستراليا وكندا ضمن أهم أسواقها، حسب بيانات نشرتها صحيفة الـ«نيويورك تايمز» نهاية يونيو الحالي.

هذا، ويبدو أن كندا لن تكون الدولة الأخيرة في السلسلة؛ إذ إن حكومة نيوزيلندا أشارت في عام 2022 إلى أنها تتجه لـ«إصدار قانون يطالب الشركات الرقمية على الإنترنت بالدفع لشركات الإعلام النيوزيلندية مقابل المحتوى الإخباري المحلي الذي يظهر على حساباتها»، لكن لم يُبت في الأمر بعد.

من جانب آخر، يرى أحمد البرماوي، رئيس تحرير منصة «FollowICT» للاقتصاد الرقمي، أن «مستقبل الخدمات الإخبارية يتوقف على الدول وليس منصات التواصل». ويقول لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومات «تسعى راهناً إلى حماية المؤسسات الإعلامية لتحقيق التوازن بين استمرار الخدمات الإخبارية وتحقيق معدلات ربحية تضمن استمرارها، بدلاً من الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر للدخل... الأمر الذي قد يُرغم (فيسبوك) على تغيير نموذج التعامل مع المؤسسات الإعلامية والصحافية».

ولا يدحض البرماوي فكرة خسارة منصات التواصل الاجتماعي حال تقليص خدماتها الإخبارية، إلا أنه عدّ أن المؤسسات الصحافية ربما تخرج خاسرة. إذ يشرح أن «وسائل التواصل الاجتماعي تسمح للصحف الوصول إلى قاعدة جماهيرية ضخمة... ومن ثم، فهي وسيلة لا يستهان بها لجذب قراء جُدد؛ ولذلك على ناشري الأخبار التريث قبل احتدام أزمة نشر الأخبار».

البرماوي يرى وسائل التواصل في الأساس «منصات للترفيه لا الأخبار». ويقول: إن مستخدمي «فيسبوك» أساساً «يتفاعلون بحثاً عن التواصل والترفيه، بينما الخدمات الإخبارية بالنسبة لهم هدف ثانوي». وحول المستقبل، فإنه يرى أن التوافق بين الطرفين لن يتحقق قريباً؛ لأن «الطرفين يبحثان عن ضمانات لعوائد اقتصادية مستدامة؛ ما يشير إلى امتداد الصراع... غير أن منصات التواصل الاجتماعي حتى الآن هي الأقوى، أما القارئ فهو الرابح في كل الأحوال، لا سيما أن لديه الفرصة للحصول على الخدمات الإخبارية من المصدر الأسهل».



انطلاق المنتدى السعودي للإعلام 19 فبراير المقبل

المنتدى يُشكِّل فرصةً للشركات والأفراد للاطلاع على أحدث تطورات الإعلام (تصوير: بشير صالح)
المنتدى يُشكِّل فرصةً للشركات والأفراد للاطلاع على أحدث تطورات الإعلام (تصوير: بشير صالح)
TT

انطلاق المنتدى السعودي للإعلام 19 فبراير المقبل

المنتدى يُشكِّل فرصةً للشركات والأفراد للاطلاع على أحدث تطورات الإعلام (تصوير: بشير صالح)
المنتدى يُشكِّل فرصةً للشركات والأفراد للاطلاع على أحدث تطورات الإعلام (تصوير: بشير صالح)

تنطلق النسخة المقبلة من «المنتدى السعودي للإعلام» في الرياض بتاريخ 19 وتستمر حتى 21 فبراير (شباط) 2025، حسبما أعلن رئيسه محمد الحارثي خلال لقاء استضافه معرض «ميبكوم» العالمي بمدينة كان الفرنسية، بحضور مسؤولي كبرى شركات الإنتاج الدولية، والمتخصصين.

وعدّ الحارثي البُعد الدولي للمنتدى أحد أهم مسببات إعلانه في «مبيكوم»، بجانب المشاركة في معرض «IBC» للإنتاج الإعلامي والبث الرقمي، بمدينة أمستردام الهولندية، مشيراً إلى أن اللجنة المنظمة «تبذل جهوداً مضاعفة هذا العام لتقديم نسخة أفضل مما سبق، باعتبار كل نجاح تحدياً لنجاح أكبر».

وأكد أهمية تعزيز وصول المنتدى ومعرضه المصاحب «مستقبل الإعلام» (فومكس) لأكبر قدر من الجماهير مع جذب الشركات الدولية، لافتاً إلى أن المعرض الذي يعد الأكبر من نوعه في المنطقة، يجمع نحو 200 شركة من 30 دولة، ليكون منصة تفاعلية تستعرض أحدث التقنيات والابتكارات بالمجال.

وأضاف أن السعودية تشهد حراكاً مستمراً على الأصعدة كافة وبمختلف المجالات ضمن «رؤية 2030»، و«هو ما يعطي فرصاً أكبر للنمو الإعلامي، ونمو السوق الاستثماري في جوانب التقنية الإعلامية التي يركز عليها الحدث»، لافتاً إلى أن المنتدى يُشكِّل فرصة للشركات والأفراد لتطوير إمكاناتهم، والاطلاع على أحدث التطورات، والوجود بسوق نشط «يعدّ القلب النابض للمنطقة».

وأشار الحارثي إلى أن المنتدى سيشهد مبادرات يتم خلالها تفعيل الشراكات المحلية والدولية عبر مسارات عدة، منها «تمويلي» للمشاريع الناشئة، وأخرى وظيفية وتطويرية للمواهب الشابة والعاملين بالمجال الإعلامي؛ انطلاقاً من أدواره في دعم رأس المال البشري وتمكينه، منوّهاً بأهمية التعاون مع الشركاء الفاعلين لتحقيق الأهداف المشتركة.

وأبان أن «جائزة المنتدى» تهدف إلى تحفيز الكفاءات من الأفراد والشركات لتقديم أعمال متميزة تسهم في تعزيز صورة السعودية كمنصة إعلامية عالمية، مضيفاً أنها تتضمن 15 مساراً تخدم تعزيز روح المنافسة بين صناع المحتوى والمؤسسات للارتقاء بالقطاع، وتكريم المميزين.

وكشف أن الجائزة تتضمن هذا العام مساراً جديداً للتسامح بالتعاون مع مركز الحوار العالمي (كايسيد)؛ لدعم القيم الإنسانية، وتعزيز التفاهم والانفتاح على الثقافات المختلفة.

وأوضح الحارثي أن مراحل التطوير التي يشهدها المنتدى وفعالياته المصاحبة تأتي مع «عام التحول الإعلامي»، والحراك الذي يشهده القطاع، ليكون عبر مؤسساته ومخرجاته كافة مواكباً لمسار التنمية الوطنية، ورؤية المملكة الطموحة.