هل سيتفوق الذكاء الاصطناعي على الأطباء في تشخيص مشاكل العيون؟

دراسة جديدة لباحثين من جامعة «كامبريدج»

أظهر نموذج (GPT - 4) أداءً متفوقاً على الأطباء المبتدئين في تشخيص وتحديد العلاج للمشاكل المتعلقة بالعيون (شاترستوك)
أظهر نموذج (GPT - 4) أداءً متفوقاً على الأطباء المبتدئين في تشخيص وتحديد العلاج للمشاكل المتعلقة بالعيون (شاترستوك)
TT

هل سيتفوق الذكاء الاصطناعي على الأطباء في تشخيص مشاكل العيون؟

أظهر نموذج (GPT - 4) أداءً متفوقاً على الأطباء المبتدئين في تشخيص وتحديد العلاج للمشاكل المتعلقة بالعيون (شاترستوك)
أظهر نموذج (GPT - 4) أداءً متفوقاً على الأطباء المبتدئين في تشخيص وتحديد العلاج للمشاكل المتعلقة بالعيون (شاترستوك)

تكشف دراسة رائدة كيف بدأ الذكاء الاصطناعي (AI)، وتحديداً نموذج (OpenAI) الأكثر تقدماً، (GPT - 4)، في مطابقة بل وتجاوز المهارات التشخيصية للأطباء البشر في مجالات محددة من الرعاية الصحية. يمكن أن يؤثر هذا التطور بشكل كبير على الممارسات الطبية المستقبلية، خاصة في التخصصات التي قد يفتقر فيها الممارسون العامون إلى الخبرة العملية المتكررة.

دوافع الدراسة وتنفيذها

استكشفت الدراسة، التي أجراها باحثون في جامعة كامبريدج، ونشرت في «PLOS Digital Health» إمكانات نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) - أنظمة الذكاء الاصطناعي القادرة على فهم وتوليد نص يشبه الإنسان - للمساعدة في تشخيص حالات العين. تقليدياً، يتلقى طلاب الطب تدريباً واسع النطاق في مختلف التخصصات، بما في ذلك طب العيون، خلال دوراتهم. ومع ذلك، بمجرد تأهلهم بوصفهم أطباء عامين، قد لا يمارسون التفاصيل الدقيقة لهذه التخصصات بانتظام، مما قد يؤدي إلى ثغرات في قدراتهم التشخيصية بمرور الوقت.

ولمعالجة هذه المشكلة، اختبر الباحثون كفاءة الذكاء الاصطناعي من خلال تقديم 87 سيناريو مختلفاً للمريض تتضمن مشاكل متعلقة بالعين. تم تكليف (GPT - 4) باختيار أفضل خيار للتشخيص أو العلاج من بين مجموعة من أربعة اختيارات. تم إجراء الاختبار نفسه على مجموعة من أطباء العيون الخبراء، والمتدربين في طب العيون، والأطباء المبتدئين غير المتخصصين - وكان مستوى معرفة هؤلاء مشابهاً لمستوى الممارسين العامين.

يقترح البحث إمكانية دمج نماذج اللغة الكبيرة مثل (GPT - 4) في الإعدادات السريرية لدعم المهام التشخيصية المتخصصة (شاترستوك)

نتائج باهرة

حققت الدراسة نتائج مذهلة، حيث أظهر (GPT - 4) نسبة نجاح بلغت 69 في المائة في اختيار التشخيص أو العلاج الصحيح، متفوقاً بشكل كبير على الأطباء المبتدئين الذين سجلوا متوسطاً قدره 43 في المائة. وتفوق الذكاء الاصطناعي أيضاً على أطباء العيون المتدربين، الذين حصلوا على نقاط 59 في المائة، واقترب بشكل وثيق من مستوى خبرة أطباء العيون المتمرسين، الذين حصلوا على متوسط ​​درجات 76 في المائة.

آرون ثيرونافوكاراسو، المؤلف الرئيسي للدراسة سلّط الضوء على أهمية هذه النتائج لصحيفة «فاينانشيال تايمز» قائلا إن «ما يظهره هذا العمل هو أن القدرة على التفكير لهذه النماذج اللغوية الكبيرة في سياق صحة العين أصبح الآن لا يمكن تمييزها تقريباً عن الخبراء».

مستقبل الذكاء الاصطناعي في الممارسة السريرية

يتصور فريق جامعة كامبريدج مستقبلاً يصبح فيه الذكاء الاصطناعي مثل (GPT - 4) جزءاً لا يتجزأ من سير العمل السريري . من الناحية العملية، هذا يعني أن الطبيب العام غير المتأكد من التشخيص أو العلاج يمكنه استشارة نظام الذكاء الاصطناعي للحصول على رأي ثانٍ موثوق، خاصة في المواقف التي لا تتوفر فيها المشورة المتخصصة بسهولة. كما يمكن أن تكون هذه الأداة ذات قيمة لا تقدر بثمن في تحسين دقة العلاجات الأولية التي يقدمها الأطباء العامون، مما قد يؤدي إلى تسريع رعاية المرضى وتقليل العبء على المتخصصين. ومع ذلك، يؤكد ثيرونافوكاراسو على أهمية استقلالية المريض في هذه الحدود الرقمية الجديدة. ويعد أن «الشيء الأكثر أهمية هو تمكين المرضى من اتخاذ القرار بشأن ما إذا كانوا يريدون مشاركة أنظمة الكومبيوتر أم لا. وسيكون هذا قراراً فردياً يجب على كل مريض اتخاذه».

تشير الدراسة إلى الدور الداعم للذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية لتعزيز سير العمل السريري (شاترستوك)

خطوة نحو رعاية صحية معززة بالذكاء الاصطناعي

ومع استمرار تقدم الذكاء الاصطناعي، فإن دمجه في الرعاية الصحية لا يعد بتعزيز قدرات التشخيص والعلاج فحسب، بل أيضاً بإحداث ثورة في طريقة تقديم الرعاية الطبية. في حين أن فكرة حلول الذكاء الاصطناعي محل الأطباء بعيدة المنال وليست الهدف المقصود، فإن دوره بوصفه أداة داعمة يكتسب زخماً لا يمكن إنكاره. ومن خلال التنظيم المناسب والتدريب والمبادئ التوجيهية الأخلاقية، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد بشكل كبير في سد الفجوة بين الممارسة العامة والمعرفة المتخصصة، مما يؤدي إلى نتائج أفضل للمرضى ونظام طبي أكثر كفاءة. وبينما نمضي قدماً، سيكون المفتاح هو إيجاد توازن يحترم قدرات الذكاء الاصطناعي، وتفضيلات المرضى واحتياجاتهم.


مقالات ذات صلة

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
تكنولوجيا غالبية القُرَّاء يرون أن الذكاء الاصطناعي يكتب قصائد شعر أفضل من البشر (رويترز)

دراسة: الذكاء الاصطناعي يكتب قصائد أفضل من البشر

أكدت دراسة جديدة أن قصائد الشعر التي تكتب بواسطة أنظمة الذكاء الاصطناعي أفضل من تلك التي يكتبها البشر.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك استخدام الذكاء الاصطناعي للقيام بالكشف الأولي على المريض يمكن أن يؤدي للكشف عن كسور بالعظام قد يغفل عنها الإنسان (أ.ف.ب)

4 طرق لتحسين الرعاية الصحية بواسطة الذكاء الاصطناعي

يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة على تحقيق ثورة في الرعاية الصحية العالمية، خصوصاً مع وجود 4.5 مليار شخص لا يستطيعون الحصول على خدمات الرعاية الصحية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «الشورت» يحسّن كفاءة المشي في الهواء لدى كبار السنّ (نيتشر)

«شورت» ذكي لتحسين حركة المرضى وكبار السنّ

أعلن باحثون في «جامعة ميونيخ التقنية» عن تطوير «شورت» ذكي يساعد الأشخاص على المشي بسهولة مع تقليل ملحوظ في استهلاك الطاقة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
تكنولوجيا تمكنك «دورا» من تصميم مواقع ثلاثية الأبعاد مذهلة بسهولة تامة باستخدام الذكاء الاصطناعي دون الحاجة لأي معرفة برمجية (دورا)

صمم موقعك ثلاثي الأبعاد بخطوات بسيطة ودون «كود»

تتيح «دورا» للمستخدمين إنشاء مواقع مخصصة باستخدام الذكاء الاصطناعي عبر إدخال وصف نصي بسيط.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)

مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» يكشف عن أبرز نزعات الذكاء الاصطناعي المقبلة

يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة
يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة
TT

مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» يكشف عن أبرز نزعات الذكاء الاصطناعي المقبلة

يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة
يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة

تنتهي اليوم فعاليات مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» (Microsoft Ignite) السنوي في مدينة شيكاغو الأميركية، بحضور تجاوز 14 ألف زائر، الذي استعرضت «مايكروسوفت» خلال أيامه الثلاثة أكثر من 80 خدمة ومنتجاً وميزة مرتبطة بالذكاء الاصطناعي.

الذكاء الاصطناعي بخدمة الموظفين

طوّرت الشركة خدمة «مايكروسوفت 365 كوبايلوت» (Microsoft 365 Copilot) الخاصة بالشركات، مقدمة «أفعال كوبايلوت» (Copilot Actions) التي تسمح بأتمتة المهام اليومية في مجال العمل بأوامر بسيطة، مثل الحصول على ملخص اجتماعات «تيمز» (Teams) في ذلك اليوم أو إعداد التقارير الأسبوعية أو تلخيص ما الذي يجب القيام به حسب الرسائل الواردة إلى بريد المستخدم والاجتماعات التي حدثت قبل عودته من إجازته السنوية، وغيرها.

 

 

«عملاء مايكروسوفت»

كشفت الشركة كذلك ميزة «عملاء مايكروسوفت» (Microsoft Agents) التي تسمح بالبحث في ملفات الشركة وتحليلها والإجابة على أسئلة الموظفين أو العملاء بكل خصوصية، وتلخيص النتائج بهدف تسريع اتخاذ قرارات العمل. وتعمل هذه الميزة في خدمة «شيربوينت» (SharePoint) لكل شركة.

 

 

 

المترجم الفوري

ويمكن لعميل ذكاء اصطناعي اسمه «المترجم الفوري» (Interpreter) ترجمة محادثات الاجتماعات المرئية في «تيمز» بهدف كسر الحواجز اللغوية والتركيز على جوهر الاجتماع، مع القدرة على محاكاة صوت المستخدم بلغة الطرف الثاني. ويمكن لعميل ذكي آخر اسمه «المُيَسِّر» (Facilitator) تلخيص اجتماعات «تيمز» وأتمتة إدارة المشاريع عبر جميع مراحلها. كما يستطيع بعض عملاء الذكاء الاصطناعي مساعدة الموظفين على حلّ مشاكلهم التقنية دون الحاجة للعودة إلى قسم الدعم الفني، والإجابة على أسئلتهم المتعلقة بسياسات الشركة والموارد البشرية والمشتريات، وغيرها.

الذكاء الاصطناعي رفيق المبرمجين

ولتسهيل تضمين تقنيات الذكاء الاصطناعي في برامج الشركات والأفراد، تقدم «مايكروسوفت» ما تسميه بـ«مسبك آجور للذكاء الاصطناعي» (Azure AI Foundry) الذي يوفر مجموعة برمجية للذكاء الاصطناعي وبوابة لتطوير عملاء الذكاء الاصطناعي.

وتوفر هذه المجموعة البرمجية أكثر من 25 قالباً مسبق الإعداد (Template) للذكاء الاصطناعي تسمح بتطوير تطبيقات مدعومة بهذه التقنية وتبسيط عملية البرمجة ونشرها عبر منصات «غيتهاب» (Github) و«فيجوال ستوديو» (Visual Studio) و«كوبايلوت ستوديو» (Copilot Studio). وتسمح البوابة للمبرمجين اكتشاف خدمات وأدوات ونماذج ذكاء اصطناعي تناسب احتياجاتهم واحتياجات الشركات التي يعملون لديها.

حماية المستخدمين

حذّرت «مايكروسوفت» أن عدد الهجمات الإلكترونية التي تستهدف سرقة كلمات السرّ قد ارتفع خلال آخر 3 أعوام من 579 إلى أكثر من 7000 هجمة في كل ثانية، مع مضاعفة العدد في آخر سنة، ما يضع سبل الحماية التقليدية في موضع لا يسمح لها اللحاق بتقدم القراصنة.

مبادرة المستقبل الآمن

هذا الأمر يتطلب إعادة تطوير عملية حماية المستخدمين، ما دفع الشركة إلى إطلاق «مبادرة المستقبل الآمن» (Secure Future Initiative) التي طلبت من 34000 مهندس العمل على أكبر مشروع للأمن الرقمي بتاريخ البشرية وتطوير مقاومة البرامج ونظم التشغيل وأجهزة المستخدمين لطوفان الهجمات الرقمية الذي تتسارع وتيرته في كل يوم.

وكشفت كذلك عن عملها على تطوير «مايكروسوفت سيكيوريتي إكسبوجر مانجمنت» (Microsoft Security Exposure Management) الذي يقوم بتحليل آلية تواصل الأجهزة المختلفة والبيانات والهوية الرقمية والشبكات، بعضها مع بعض، داخل بيئة العمل واكتشاف العلاقات بينها وعرض مسار الاختراقات الممكنة لأي قرصان إلكتروني، وذلك لاكتشاف نقطة الضعف في البيئة المعقدة التي يمكن للقراصنة الدخول منها، وتوقع هدفهم وتتبع المسار المفترض لهم عبر الأجهزة المختلفة للوصول إلى الهوية الرقمية أو البيانات الحساسة، ومن ثم حماية ذلك المسار بشكل استباقي على صعيد سدّ الثغرات في الأجهزة أو البرامج أو نظام التشغيل أو الشبكة، وغيرها من العوامل الأخرى. كما يستطيع هذا المشروع التأكد من سلامة الاحتياطات الأمنية للفريق التقني داخل الشركة.

وأطلقت الشركة نظام «مايكروسوفت سيكيوريتي كوبايلوت» (Microsoft Security Copilot) المدعوم بالذكاء الاصطناعي للقيام بالوظائف الأمنية باستخدام الذكاء الاصطناعي بكل سلاسة وسهولة، حيث أظهرت الدراسات انخفاض معدل مدة حلّ المشاكل الأمنية لدى استخدام هذا النظام بنحو 30 في المائة.

أجهزة الذكاء الاصطناعي

واستعرضت الشركة أول جهاز من فئته، مصنوع خصيصاً للاتصال بأمان مع خدمة «ويندوز 365» السحابية، اسمه «ويندوز 365 لينك» (Windows 365 Link).

الجهاز بسيط وآمن، وسيتم إطلاقه في أبريل (نيسان) 2025 المقبل، بسعر 349 دولاراً أميركياً، ويسمح للمستخدمين بالعمل بأمان مع نظام التشغيل «ويندوز» السحابي بكل سرعة وموثوقية.

ولا يقوم الجهاز بتخزين أي بيانات داخله، ولا يقوم بتثبيت أي برامج فيه، مع تقديم وحدة معالجة للذكاء الاصطناعي مدمجة فيه لتسريع التفاعل مع البيانات والحصول على النتائج بكل سلاسة.

 

تحليل علوم الأرض

وعلى الصعيد نفسه، تعاونت وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» مع «مايكروسوفت» لتطوير أداة مدعومة بالذكاء الاصطناعي اسمها «كوبايلوت الأرض» (Earth Copilot) تهدف إلى تبسيط عملية تحليل البيانات المرتبطة بعلوم الأرض التي تجمعها الأقمار الاصطناعية الخاصة بـ«ناسا». وسيتم نشر هذه البيانات المعقدة للجميع بهدف مشاركة المعلومات المهمة مع العلماء والباحثين والطلاب والمدرسين وصناع السياسات وعموم الناس.

وستستخدم الوكالة خدمة «آجور أوبين إيه آي» (Azure OpenAI Service) لتذليل العقبات التقنية وتمكين المجموعات المختلفة للمستخدمين من التفاعل مع البيانات العلمية لكوكب الأرض، ما يدل على الأبواب التي يفتحها الذكاء الاصطناعي لتسهيل وتبسيط عملية التعليم والبحث وتحليل مجموعات البيانات الضخمة في المجالات العلمية وسنّ السياسات، وفي مجالات الزراعة والتخطيط الحضري والاستجابة في حالات الكوارث، وغيرها.

ويمكن زيارة الموقع من هذا الرابط: www.earthdata.nasa.gov/dashboard