البنتاغون: الصين تبني ترسانتها النووية بوتيرة تفوق التوقعات السابقة

مركبات عسكرية صينية تحمل صواريخ باليستية عابرة للقارات من طراز DF-5B تمر عبر ميدان تيانانمن خلال العرض العسكري بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية في يومها الوطني في بكين بالصين 1 أكتوبر 2019 (رويترز)
مركبات عسكرية صينية تحمل صواريخ باليستية عابرة للقارات من طراز DF-5B تمر عبر ميدان تيانانمن خلال العرض العسكري بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية في يومها الوطني في بكين بالصين 1 أكتوبر 2019 (رويترز)
TT

البنتاغون: الصين تبني ترسانتها النووية بوتيرة تفوق التوقعات السابقة

مركبات عسكرية صينية تحمل صواريخ باليستية عابرة للقارات من طراز DF-5B تمر عبر ميدان تيانانمن خلال العرض العسكري بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية في يومها الوطني في بكين بالصين 1 أكتوبر 2019 (رويترز)
مركبات عسكرية صينية تحمل صواريخ باليستية عابرة للقارات من طراز DF-5B تمر عبر ميدان تيانانمن خلال العرض العسكري بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية في يومها الوطني في بكين بالصين 1 أكتوبر 2019 (رويترز)

أفاد التقرير السنوي الذي تعدّه وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) حول القوة العسكرية للصين، بأن بكين تتجاوز التوقعات السابقة بشأن مدى سرعة بناء ترسانتها من الأسلحة النووية، حسبما أفادت وكالة «أسوشييتد برس».

ويحذر التقرير الذي صدر يوم الخميس، من أن الصين ربما تسعى إلى تطوير نظام صاروخي جديد عابر للقارات باستخدام الأسلحة التقليدية، الذي، إذا تم نشره، فسيسمح لبكين «بالتهديد بضربات تقليدية ضد أهداف في الولايات المتحدة القارية وهاواي وألاسكا».

ويأتي هذا التقرير قبل شهر من اجتماع متوقع بين الزعيم الصيني شي جينبينغ والرئيس الأميركي جو بايدن على هامش قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي الشهر المقبل في سان فرانسيسكو.

ويُعد تقرير البنتاغون السنوي، الذي يطلبه الكونغرس الأميركي، من الطرق التي يقيس بها البنتاغون القدرات العسكرية المتنامية للصين، التي تعدها الحكومة الأميركية تهديداً رئيسياً لها في المنطقة والتحدي الأمني الأساسي طويل المدى لأميركا.

يعتمد تقرير البنتاغون على تحذير الجيش العام الماضي من أن الصين تعمل على توسيع قوتها النووية بشكل أسرع بكثير مما توقعه المسؤولون الأميركيون، ما يسلط الضوء على تراكم واسع النطاق ومتسارع ﻟ«العضلات العسكرية» المصممة لتمكين بكين من مجاراة القوة العالمية الأميركية أو تجاوزها بحلول منتصف القرن، حسب «أسوشييتد برس».

وحذر تقرير العام الماضي من أن بكين تعمل بسرعة على تحديث قوتها النووية وأنها في طريقها لزيادة عدد الرؤوس الحربية التي تمتلكها إلى أربعة أضعاف تقريباً ليصل إلى 1500 بحلول عام 2035، وتمتلك الولايات المتحدة 3750 رأساً نووياً نشطاً.

ويخلص تقرير 2023 إلى أن بكين تسير على قدم وساق لنشر أكثر من 1000 رأس حربي نووي بحلول عام 2030، لتواصل التحديث السريع الذي يهدف إلى تحقيق هدف الرئيس الصيني شي المتمثل في امتلاك جيش «من الطراز العالمي» بحلول عام 2049.

وقال التقرير إن الصين تكثف الضغوط العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية ليس فقط على تايوان، ولكن أيضاً تجاه جميع جيرانها الإقليميين للرد على ما تعده جهوداً أميركية لاحتواء صعودها. وتشمل الضغوط المفروضة على تايبيه تحليق الصواريخ الباليستية الصينية في سماء المنطقة، وزيادة غارات الطائرات الحربية الصينية في منطقة الدفاع الدولية، ومناورات عسكرية واسعة النطاق في أغسطس (آب) الماضي طوقت تايوان.

مركبات عسكرية صينية تحمل صواريخ باليستية من طراز DF-26 تمر عبر ساحة تيانانمن خلال عرض عسكري لإحياء الذكرى السبعين لنهاية الحرب العالمية الثانية في العاصمة الصينية بكين الخميس 3 سبتمبر 2015 (رويترز)

وخصصت بكين أيضاً المليارات لجيشها. ووفقاً لأرقام ميزانيتها العامة، ارتفع الإنفاق العسكري الصيني لعام 2023 بنسبة 7.2 في المائة ليصل إلى 1.58 تريليون يوان، أو بقيمة 216 مليار دولار أميركي، متجاوزا نموها الاقتصادي. ويقول مسؤولون أميركيون إن رقم الإنفاق العسكري الصيني الفعلي قد يكون أعلى من ذلك بكثير. وتقول بكين إنها تنفذ سياسة عسكرية دفاعية لحماية مصالح البلاد.

وأشار تقرير البنتاغون أيضاً إلى أن الصين زادت من مضايقاتها للطائرات الحربية الأميركية التي تحلق في المجال الجوي الدولي في المنطقة، وسجلت أكثر من 180 حالة اعترضت فيها الطائرات الصينية بقوة، المسار الجوي للطائرات العسكرية الأميركية.

ترسانة فاقت 500 رأس نووي

وأشار التقرير السنوي الصادر الخميس، إلى أن الصين تمتلك الآن أكثر من 500 رأس حربي نووي جاهز للاستخدام في ترسانتها، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

وعلى الرغم من العدد المتزايد من الأسلحة النووية لدى الصين، فإنه لا يزال أقل بكثير مما تمتلكه روسيا والولايات المتحدة.

ويبلغ مخزون الولايات المتحدة نحو 3700 رأس حربي نووي، وتم نشر نحو 1419 رأسا نوويا استراتيجيا منها. وتمتلك روسيا نحو 1550 سلاحا نوويا منتشرا، ويقول اتحاد العلماء الأميركيين إن مخزون روسيا يبلغ 4489 رأساً نووياً.

وفي تقرير سابق، قدر البنتاغون ما تمتلكه بكين بأكثر من 400 رأس نووي جاهز للاستخدام في عام 2021. وقال مسؤول أميركي كبير للصحافيين في مؤتمر صحافي حول التقرير «نرى أن جمهورية الصين الشعبية تواصل تحديث وتنويع وتوسيع قواتها النووية بسرعة كبيرة».

وأضاف التقرير أن البحرية الصينية لديها أكثر من 370 سفينة وغواصة، مقارنة بـ340 سفينة في العام الماضي، وفق «رويترز».

وتُعد القوة البحرية المتوسعة عنصرا أساسيا في محاولة الرئيس الصيني شي جين بينغ لجعل الصين القوة العسكرية البارزة في المنطقة، وتمتلك بكين بالفعل أكبر قوة بحرية في العالم.

وتعاني العلاقات بين الصين والولايات المتحدة التوتر، مع وجود خلافات بين أكبر اقتصادين في العالم في العديد من القضايا بداية من تايوان، وسجل بكين في مجال حقوق الإنسان، لا سيما الاتهامات الغربية الموجهة إليها بقمع أقلية الأويغور المسلمة في إقليم شينجيانغ شمال غربي الصين، إلى نشاط بكين العسكري في بحر الصين الجنوبي.

وقال البنتاغون الأسبوع الماضي إنه قبل دعوة لحضور المنتدى الأمني ​​السنوي الأكبر في الصين في أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، في أحدث علامة على احتمال تحسن العلاقات بين الجيشين الأميركي والصيني.

غواصة صواريخ باليستية من طراز 094A Jin تعمل بالطاقة النووية تابعة لبحرية جيش التحرير الشعبي الصيني خلال عرض عسكري في بحر الصين الجنوبي في 12 أبريل 2018 (رويترز)

دوافع جيوسياسية في وجه الغرب

على مدار العقود القليلة الماضية، لم يكن لدى الصين سوى نحو عشرين صاروخاً باليستياً عابراً للقارات. لكن الأدلة التي قدمها خبراء أميركيون مستقلون، وفق ما أفاد به تقرير لمعهد كارنيغي للدراسات الاستراتيجية (ومركزه واشنطن)، رجّح منذ عام 2021 أن تقوم الصين ببناء أكثر من 200 صومعة صواريخ جديدة، وأنه مذاك التاريخ بدا واضحاً أن برنامج الصين الحالي لتحديث أسلحتها النووية يتحرك بسرعة وحجم غير مسبوقين.

ففي ظل قيادة الصين الحالية برئاسة شي جينبينغ، يقترن صعود الصين المستمر بالنزاعات المتزايدة مع الدول الغربية حول قضايا مثل حقوق الإنسان، والقيم الديمقراطية، وسيادة القانون، والأعراف الدولية، حسب تقرير «كارنيغي». وقد دفعت هذه التطورات القيادة الصينية إلى استنتاج يرى أن بكين تواجه واقعاً جيوسياسياً جديداً حيث تعمل فيه الدول الغربية على احتواء الصين، خوفاً من أن يؤدي صعود بكين إلى تحدي «هيمنة الغرب» على النظام الدولي. وتعتقد الصين أن «العداء الغربي» لها، وفق «كارنيغي»، نتيجة لتغيرات هيكلية أكبر في النظام الدولي، لذلك تشعر أن الحل الوحيد هو تعزيز قوتها بشكل أكبر حتى تعترف الدول الغربية بالواقع الجديد، وهو أن نجاح الصين وقوتها باتا أمراً واقعاً.

وأشار معهد كارنيغي، إلى أنه خوفاً من أن يؤدي أي ضعف صيني إلى زعزعة استقرار الصين وتهديد أمن نظامها، يؤكد قادة الفكر الصيني، على أنه من الأهمية بمكان بالنسبة لبكين، أن تبني بسرعة ترسانة نووية أكبر، إذ ترى بكين أن وجود ترسانة نووية أكبر من شأنه أن يجعل منافسيها يحترمونها ويمارسون المزيد من ضبط النفس عند التعامل معها.


مقالات ذات صلة

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

العالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

تسعى روسيا إلى تصعيد التهديد النووي، في محاولة لتثبيط الدعم الغربي لأوكرانيا بانتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض، آملة التوصل إلى اتفاق سلام بشروطها.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تحليل إخباري «أتاكمز» صاروخ موجَّه بعيد المدى يبلغ مداه نحو 300 كيلومتر (رويترز)

تحليل إخباري تحليل: صواريخ أتاكمز التي تطلقها أوكرانيا على روسيا ستنفجر في وجه أميركا

دخلت الحرب الروسية الأوكرانية مرحلة بالغة الخطورة من بعد استخدام كييف للصواريخ بعيدة المدى التي حصلت عليها من أميركا وبريطانيا لضرب أهداف في العمق الروسي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا أعمال تنفيذ محطة الضبعة النووية (هيئة المحطات النووية المصرية)

مصر وروسيا لتسريع العمل بمحطة «الضبعة» النووية

بحث مسؤولون من مصر وروسيا، الثلاثاء، في القاهرة، سبل تسريع إجراءات تنفيذ مشروع محطة «الضبعة» النووية، الذي تقيمه الحكومة المصرية بالتعاون مع روسيا.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شؤون إقليمية صورة عامة لمفاعل بوشهر النووي في إيران، على بعد 1200 كيلومتر جنوب طهران، 21 أغسطس 2010 (رويترز)

عرض إيراني مشروط لعدم التوسع في إنتاج اليورانيوم المخصب

أعلنت الأمم المتحدة أن إيران زادت مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى ما يقترب من مستويات تصلح للاستخدام في صنع الأسلحة.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
العالم جانب من إطلاق كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً عابراً للقارات من طراز «هواسونغ 18» في 18 ديسمبر 2023 (رويترز)

خبراء: تجربة كوريا الشمالية الباليستية تشير إلى احتمال القدرة على استهداف البر الأميركي

يدل إطلاق كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً عابراً للقارات، اليوم (الخميس)، على تقدم محتمل في قدرتها على إطلاق هجمات نووية يمكن أن تصل إلى البر الأميركي.

«الشرق الأوسط» (سيول)

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».