ألقى تقرير استخباراتي أميركي حول أصول جائحة «كوفيد - 19»، رُفعت السرية عنه في ساعة متأخرة من يوم الجمعة، ظلالاً من الشك على النظريات القائلة إن التفشي، الذي أودى بحياة الملايين حول العالم، بدأ في مختبر أبحاث في ووهان، في الصين.
وأكد مكتب مديرية الاستخبارات الوطنية أن «لا دليل لديه» يشير إلى أن «كوفيد - 19» صُنع في مختبر للبحوث تابع للحكومة الصينية. وقال إنه ليس لديه ما يؤكّد المعلومات التي انتشرت أخيراً، التي تفيد بأن 3 علماء في المختبر كانوا من أوائل المصابين بـ«كوفيد - 19» وربما كانوا هم مَن صنعوا الفيروس.
مع ذلك، أضاف التقرير، أن علماء من المختبر أجروا عمليات تلاعب جينية على فيروسات تاجية مماثلة لـ«كوفيد - 19»، كما أن الولايات المتحدة «ليست لديها معلومات»، تفيد بأنهم قاموا بذلك تحديداً على فيروس «سارس - كوف - 2» المسبب لـ«كوفيد - 19»، أو على سلالة قريبة جداً منه.
ويأتي هذا التقرير بعد 3 أشهر من توقيع الرئيس الأميركي جو بايدن على تشريع، يأمر الوكالات بنزع السرية عن أكبر قدر ممكن من المعلومات حول أصول الوباء؛ تلبيةً لطلب الكونغرس في الحصول على معلومات إضافية حول ما تعرفه الاستخبارات الأميركية عن منشأ «كوفيد - 19» الذي ظهر في الصين نهاية عام 2019.
وفي بيان صدر في وقت متأخر من يوم الجمعة، أشاد النائبان الجمهوريان، مايك تورنر، رئيس لجنة المخابرات بمجلس النواب، وبراد وينستروب، رئيس اللجنة الفرعية المعنية بوباء فيروس «كورونا»، بالتقرير، قائلين إن «الحزب الشيوعي الصيني وجيش التحرير الشعبي الصيني لديهما بعض التفسيرات الجادة للقيام بها». وقال النائبان: «يستحق الجميع معرفة الحقيقة، ورفع السرية عن هذا التقرير هو خطوة واعدة نحو الشفافية الكاملة». وأضافا في تشكيك بنيات الصين: «بناء على المعلومات السرية التي تلقيناها، اشتبهنا على الفور في أن فيروس كورونا لم يكن ظاهرة طبيعية... لقد كنا نضغط منذ سنوات لإتاحة هذه المعلومات ليراها الجميع».
وفي مارس (آذار) الماضي لاحظ كبار مسؤولي المخابرات الأميركية أن جمع معلومات إضافية عن فيروس «كوفيد - 19»، كان «صعباً، ويرجع ذلك جزئياً إلى رفض الصين التعاون».
ودافع مسؤولو الصحة الصينيون مراراً وتكراراً عن طريقة تعاملهم مع تفشي الوباء، وانتقدوا أي اقتراحات بضرورة مشاركة مزيد من المعلومات في وقت قريب باعتبارها «مسيئة وغير محترمة».
ومنذ أن أعلنت منظمة الصحة العالمية حالة طوارئ صحية عالمية للمرة الأولى في يناير (كانون الثاني) 2020، قتل «كوفيد - 19» ما يقرب من 7 ملايين شخص في جميع أنحاء العالم. وأشار بعض المسؤولين إلى أن العدد الحقيقي للوفيات قد يصل إلى 20 مليوناً.
لكن المعلومات التي تم رفع السرية عنها، تعكس في بعض النواحي، تغييرات قليلة من التقييمات الاستخبارية الأولية التي تمت مشاركتها في عام 2020، عندما قالت الوكالات الأميركية إن معلوماتها تدعم «الإجماع العلمي الواسع على أن فيروس (كوفيد - 19)، لم يكن من صنع الإنسان، أو معدّلاً وراثياً»، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من العمل لتحديد كيفية حدوث الانتقال الأولي للفيروس.
وعلى الرغم من أن مكتب مديرية الاستخبارات الوطنية استبعد نظرية «الهندسة الوراثية»، فقد أكد أن وكالات الاستخبارات الأميركية المختلفة منقسمة بين نظريتين، هما ظهور طبيعي للجائحة من خلال انتقال الفيروس عبر حيوان على سبيل المثال، وتسرب عرضي من المختبر.
وأشار التقرير إلى أن فيروسات «كورونا»، التي تمت دراستها في مختبر ووهان مع الجيش الصيني «كانت مختلفة جداً (في تكوينها الجيني) لتكون قد أدت إلى نشوء (سارس - كوف – 2)»، رافضاً فرضية تصنيع الفيروس لاستخدامه سلاحاً بيولوجياً.
وانتقد التقرير الموجز أيضاً، النظرية القائلة إن 3 من العلماء الذين يعملون على فيروسات «كورونا» في هذا المختبر أُصيبوا بـ«كوفيد - 19» قبيل ظهوره. وأوضح أن عدداً قليلاً من الباحثين مرضوا خريف 2019، بعضهم ظهرت عليه أعراض «كوفيد - 19» بينما لم تكن الحال كذلك بالنسبة إلى البعض الآخر. وأضاف أن وكالات الاستخبارات «ما زالت تعتقد بأن هذه المعلومات لا تؤكد ولا تنفي أي فرضيات حول منشأ الجائحة؛ لأن أعراض الباحثين قد تكون ناجمة عن أمراض عديدة» أخرى. وتميل غالبية المجتمع العلمي إلى فرضية انتقال الفيروس عن طريق حيوان بري.