ماكرون يثير غضب اليسار... واليمين المتطرف يؤكد احترامه التزامات فرنسا الدولية

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه في باريس 19 يونيو 2024 (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه في باريس 19 يونيو 2024 (رويترز)
TT

ماكرون يثير غضب اليسار... واليمين المتطرف يؤكد احترامه التزامات فرنسا الدولية

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه في باريس 19 يونيو 2024 (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه في باريس 19 يونيو 2024 (رويترز)

واجه الرئيس إيمانويل ماكرون اتهامات برهاب مغايري الهوية الجنسانية، الأربعاء، بعد انتقاده بياناً انتخابياً، بينما أصر زعيم «التجمع الوطني» اليميني المتطرف على أنه لن يشكك في التزامات فرنسا الدولية، بما في ذلك في إطار حلف شمال الأطلسي (الناتو)، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

ومع بقاء أقل من أسبوعين على الدورة الأولى من التصويت في الانتخابات المبكرة التي دعا إليها ماكرون رداً على هزيمة حزبه أمام اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية، يواجه الرئيس صعوبات في اللحاق بالركب.

فاستطلاعات الرأي تتوقع أن يحتل تحالفه الحاكم المركز الثالث في الانتخابات التشريعية المقررة في 30 يونيو (حزيران) و7 يوليو (تموز)، خلف «التجمع الوطني» والتحالف اليساري الجديد.

وهذا الأمر قد يضع زعيم «التجمع الوطني» جوردان بارديلا في وضع يسمح له بأن يصبح رئيساً للوزراء في «تعايش» محرج مع ماكرون، رغم أن الشاب البالغ 28 عاماً أعلن أنه لن يقبل بذلك إلا إذا حصل حزبه وحلفاؤه على الغالبية المطلقة في الجمعية الوطنية.

وخلال زيارته معرضاً دفاعياً في إحدى ضواحي باريس، أصر بارديلا على أنه «لا يعتزم التشكيك في التزامات فرنسا على الساحة الدولية» فيما يتعلق بالدفاع إذا تولى السلطة.

وأضاف أن فرنسا ستواصل تزويد أوكرانيا بالأسلحة في ظل حكومة يهيمن عليها «التجمع الوطني»، لكن سيتم استثناء الصواريخ بعيدة المدى والأسلحة الأخرى التي يمكن أن تصل إلى الأراضي الروسية «لتجنب خطر التصعيد».

وقال في معرض يوروساتوري لتجارة الأسلحة: «صدقيتنا تجاه شركائنا الأوروبيين وحلفائنا في حلف شمال الأطلسي على المحك»، في تصريح يخفف حدة العداء التاريخي لليمين المتطرف تجاه «الناتو».

ودائماً ما يثير المعارضون مسألة القرض الضخم الذي حصل عليه «التجمع الوطني» من مصرف روسي عام 2014 والعلاقة الدافئة الماضية بين زعيمته مارين لوبان والكرملين.

«أسوأ بأربع مرات»

وكان ظهور الجبهة الشعبية الجديدة التي تضم مجموعات يسارية من الاشتراكيين إلى الشيوعيين، تطوراً غير سار بالنسبة إلى ماكرون منذ دعا إلى انتخابات مبكرة على أمل حشد المعتدلين من مختلف الأطياف.

لكن ماكرون قال، الثلاثاء، خلال زيارة لغرب فرنسا إنه «يثق بالفرنسيين» بعدم اختيار أي من المتطرفين، سواء كانوا من اليسار أو اليمين.

من جهته، حاول بارديلا إظهار صدقية اقتصادية عبر تقديم وعود مكلفة تشمل خفض ضريبة القيمة المضافة على الطاقة والوقود.

وعاد الدين العام الفرنسي البالغ 110 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، أكثر من 3 تريليونات يورو، إلى دائرة الضوء، الأربعاء، مع قيام المفوضية الأوروبية بفتح إجراءات ضد باريس بسبب العجز المفرط في الموازنة.

وكان ماكرون قد انتقد، الثلاثاء، الجبهة الشعبية الجديدة قائلاً إنه «مع اليسار المتطرف، فإن الوضع أسوأ بأربع مرات» مما هو مع اليمين المتطرف.

وأضاف: «لم تعد هناك علمانية، سيعودون عن قانون الهجرة، وهناك أشياء هزلية مثل تغيير جنسكم في مبنى البلدية».

ويشمل برنامج الائتلاف اليساري اقتراحاً يسمح بتغيير الوضع المدني.

ورفضت المجموعات المناهضة للتمييز تعليقات ماكرون واتهمت منظمة SOS Homophobie الرئيس بأن لديه «رهاب مغايري الهوية الجنسانية».

وتساءل رئيس الحزب الاشتراكي أوليفييه فور، في حديث لإذاعة «أر تي إل»: «كيف يمكن أن يكون هذا الرجل الذي انتُخب وأُعيد انتخابه لمواجهة اليمين المتطرف يكرر في الواقع خطاب اليمين المتطرف؟».

«آفة معاداة السامية»

على صعيد آخر، أثار اغتصاب جماعي لفتاة تبلغ 12 عاماً، مصحوباً بأعمال عنف معادية للسامية، صدمة في فرنسا وأشعل حملة الانتخابات التشريعية بعدما استنكر اليمين المتطرف «وصم اليهود» من قبل «اليسار المتطرف».

ومساء الثلاثاء، تم توجيه الاتهام إلى فتيين يبلغان 13 عاماً وأُودعا السجن بتهمة الاغتصاب الجماعي والتهديد بالقتل والشتائم والعنف المعادي للسامية، ما أثار صدمة في أوساط الجالية اليهودية على خلفية تزايد الأعمال المعادية للسامية.

وبحسب النيابة العامة في نانتير (غرب العاصمة)، وجّهت إلى مشتبه به ثالث وهو قاصر أيضاً، تهمة توجيه إهانات معادية للسامية والعنف والتهديد بالقتل لكن ليس الاغتصاب.

وقال ماكرون إن «آفة معاداة السامية» تهدد المدارس الفرنسية، ودعا إلى «الحوار» حول العنصرية وكراهية اليهود في المدارس لمنع «خطاب الكراهية الذي ستكون له عواقب وخيمة في حال تسلل» إلى المدارس.

وشهدت فرنسا تصاعداً في الأعمال المعادية للسامية بعد الهجوم الذي شنته «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) على جنوب إسرائيل وبدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

من جهتها، قالت مارين لوبان، زعيمة نواب كتلة التجمع الوطني، على منصة «إكس»، إن «الهجوم المعادي للسامية واغتصاب طفلة تبلغ 12 عاماً في أو دو سين يثيران غضبنا». وانتقدت «التعرض لليهود منذ أشهر من قِبل اليسار المتطرف من خلال استغلال النزاع الإسرائيلي الفلسطيني».

وكتب المرشح الرئاسي اليساري المتشدد السابق جان - لوك ميلانشون، المؤيد للفلسطينيين والمتهم بانتظام بمعاداة السامية من جانب المعارضين بمَن فيهم ماكرون، أنه «رُوّع» بالهجوم.


مقالات ذات صلة

ماكرون يدعو إلى الوقف «الفوري» لأي أعمال «تنتهك» وقف إطلاق النار في لبنان

المشرق العربي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يدلي بتصريحاته على هامش قمة «مجموعة العشرين» في مدينة ريو دي جانيرو (أ.ف.ب) play-circle 01:22

ماكرون يدعو إلى الوقف «الفوري» لأي أعمال «تنتهك» وقف إطلاق النار في لبنان

دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الوقف «الفوري» لكل «الأعمال التي تنتهك» وقف إطلاق النار الساري في لبنان منذ الأربعاء، على ما أعلن قصر الإليزيه الجمعة.

المشرق العربي صورة أرشيفية لرئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أثناء حضورهما مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 26» في غلاسغو - أسكوتلندا 1 نوفمبر 2021 (رويترز)

ميقاتي يؤكد لماكرون ضرورة الضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها لاتفاق الهدنة

قال مجلس الوزراء اللبناني إن رئيس الوزراء نجيب ميقاتي أكد لماكرون، في اتصال هاتفي، ضرورة الضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها لاتفاق وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أوروبا يحتفل النازحون بعودتهم إلى قراهم بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» الذي دخل حيز التنفيذ (أ.ب)

مع وقف إطلاق النار في لبنان... ماكرون يحقق إنجازاً دبلوماسياً نادراً

منح وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» في لبنان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نصراً دبلوماسياً غير معهود في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي بايدن مستقبِلاً ترمب في البيت الأبيض (د.ب.أ)

لماذا يشكل الحفاظ على الهدنة بين إسرائيل و«حزب الله» تحدياً كبيراً لبايدن وترمب؟

وصف موقع «أكسيوس» الأميركي وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» بالإنجاز الدبلوماسي صعب المنال، لكنه قال إن منع انهياره قد يكون أكثر صعوبة في النهاية

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

بايدن: اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» سيدخل حيز التنفيذ صباح الغد

أكّد الرئيس الأميركي جو بايدن اليوم (الثلاثاء) على أن التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» في لبنان «نبأ سار وبداية جديدة للبنان».

علي بردى (واشنطن)

المخابرات البريطانية: روسيا تنفّذ حملة تخريب «متهورة» في أوروبا

مدير جهاز الاستخبارات البريطاني ريتشارد مور (رويترز - أرشيفية)
مدير جهاز الاستخبارات البريطاني ريتشارد مور (رويترز - أرشيفية)
TT

المخابرات البريطانية: روسيا تنفّذ حملة تخريب «متهورة» في أوروبا

مدير جهاز الاستخبارات البريطاني ريتشارد مور (رويترز - أرشيفية)
مدير جهاز الاستخبارات البريطاني ريتشارد مور (رويترز - أرشيفية)

اتهم رئيس جهاز المخابرات الخارجية البريطاني (إم آي 6) روسيا، الجمعة، بإطلاق «حملة متهورة للغاية» للتخريب في أوروبا بالإضافة إلى تكثيف تهديداتها النووية لتخويف دول أخرى، وثنيها عن دعم أوكرانيا.

وقال ريتشارد مور رئيس الجهاز إن أي تراخٍ في دعم أوكرانيا أمام الغزو الروسي الشامل الذي بدأ منذ 2022 سيمنح الجرأة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحلفائه، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وذكر مور أن أوروبا وشركاءها على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي لا بد أن يصمدوا في مواجهة ما قال إنه عدوان متزايد، وذلك فيما يبدو أنها رسالة إلى إدارة الرئيس الأميركي المقبل دونالد ترمب وبعض الحلفاء الأوروبيين الذين يشككون في الدعم المتواصل لأوكرانيا في الحرب الضارية.

زيادة الضغط على الغرب

قال مور في خطاب في باريس: «كشفنا في الآونة الأخيرة حملة متهورة للغاية للتخريب الروسي في أوروبا، حتى مع لجوء بوتين ومساعديه إلى التهديد النووي لنشر الخوف من تبعات مساعدة أوكرانيا».

وأضاف: «تكلفة دعم أوكرانيا معلومة جيداً، لكن تكلفة عدم دعمها ستكون أعلى بشكل أكبر بكثير. إذا نجح بوتين، فستقيّم الصين التداعيات، وستكتسب كوريا الشمالية الجرأة، وستصبح إيران أخطر».

وقال مور في سبتمبر (أيلول) إن أجهزة المخابرات الروسية أصبحت «جامحة بعض الشيء» في أحدث تحذير من حلف شمال الأطلسي ومن رؤساء آخرين لأجهزة مخابرات غربية مما يصفونها بأنها أفعال روسية عدائية تتنوع من هجمات متكررة عبر الإنترنت إلى إحراق ممتلكات عمداً.

وتنفي موسكو مسؤوليتها عن جميع الحوادث على هذا النحو. ولم ترد السفارة الروسية في لندن بعد على طلب من وكالة «رويترز» للتعليق على تصريحات مور.

وقال رئيس جهاز المخابرات الداخلية (إم آي 5) في بريطانيا، الشهر الماضي، إن جهاز المخابرات العسكرية الروسي يسعى إلى إحداث «فوضى». وقالت مصادر مطلعة على معلومات مخابراتية أميركية لـ«رويترز» إن موسكو على الأرجح ستكثف حملتها على أهداف أوروبية لزيادة الضغط على الغرب بسبب دعمه كييف.

انتظار رئاسة ترمب

ركز مور في معظم حديثه على أهمية تضامن الغرب، قائلاً إن القوة الجماعية لحلفاء بريطانيا ستفوق بوتين الذي ذكر مور أن ديونه للصين وكوريا الشمالية وإيران تزداد.

وعبّر ترمب وجمهوريون آخرون في الولايات المتحدة عن تحفظاتهم بشأن دعم واشنطن الاستراتيجي القوي وإمداداتها بالأسلحة الثقيلة لكييف. وتعهد ترمب بإنهاء الحرب في أوكرانيا سريعاً، إلا أنه لم يوضح الكيفية.

وقال مور: «إذا سُمح لبوتين بالنجاح في تحويل أوكرانيا إلى دولة تابعة لها، فلن يتوقف عند ذلك. سيتعرض أمننا للخطر في بريطانيا وفرنسا وأوروبا والجانب الآخر من المحيط الأطلسي».

وأضاف مور أن العالم يشهد بصورة عامة أخطر أوضاعه خلال 37 عاماً من عمله في المخابرات، إذ يعود تنظيم «داعش» إلى الظهور، وتظل طموحات إيران النووية تهديداً متواصلاً، بالإضافة إلى عدم التيقن بشكل تام حتى الآن من الأثر المترتب على هجمات حركة «حماس» الفلسطينية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) على إسرائيل على صعيد النزعة للتطرف.

وقال نيكولا ليرنر رئيس المخابرات الخارجية الفرنسية إن أجهزة المخابرات الفرنسية والبريطانية تعمل جنباً إلى جنب «لمواجهة ما يمثل دون شك أحد أكثر التهديدات خطورة، ما لم يكن الأخطر على الإطلاق، في الشهور المقبلة وهو الانتشار النووي الإيراني المحتمل». ودأبت طهران على نفي سعيها إلى تصنيع أسلحة نووية.